ملخص: أظهرت البحوث حول حاجة الموظفين للأدوات الرقمية أن الشركات تعتمد تكنولوجيات جديدة بشكل أسرع مما يمكن للموظفين تعلم كيفية استخدامها. والتكاليف المعرفية للتبديل بين الأدوات مرتفعة. للحد من هذه المشكلات، ينبغي للشركات تصميم حزمتها التكنولوجية كمنتج واحد، وإجراء اختبارات A/B باستخدام الموظفين، وتصميم أدوات للموظفين مع مراعاة أن لديهم مستويات مختلفة من المعرفة التقنية.
أدت هجمة التحديات الجديدة الناجمة عن الجائحة إلى قيام الشركات بما تسميه شركة "ماكنزي" (McKinsey) "قفزة كبيرة" نحو الرقمنة. وفي استقصاء نُشر في أكتوبر/تشرين الأول عام 2020، وجدت الشركة الاستشارية أن الشركات اعتمدت الكثير من التكنولوجيات الجديدة على مدار الأشهر العديدة الماضية بقدر التكنولوجيات التي اعتمدتها على مدار السنوات العديدة الماضية. في الواقع، "ازدادت نسبة المنتجات الرقمية أو الممكّنة رقمياً في محافظها الاستثمارية بوتيرة متسارعة تعادل 7 سنوات، وهو أمر صادم".
معرفة حاجة الموظفين للأدوات الرقمية
لا شك في أن اعتماد التكنولوجيات الجديدة ساعد العديد من الشركات على الصمود، بل وفي بعض الحالات الازدهار، فمع عمل الموظفين من المنزل حدثت ثورة في سلاسل التوريد وتغيرت عادات المستهلكين. ولكن العدد الكبير من الأدوات الجديدة يمكن أن يتسبب أيضاً في إحداث فوضى للعاملين.
فقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة "كورنيل" ومركز "كاتالوغ" (Qatalog) أن "التكنولوجيا توغلت بسرعة في المكتب الرقمي" وأن العاملين "في حالة صدمة". فقد قال أكثر من 4 من كل 10 عاملين (43%) إنهم يقضون الكثير من الوقت في التبديل بين أدوات مختلفة لإنجاز وظائفهم، "ما يزيد من التنقل بين السياقات ويعوق قدرتنا على الإبداع". فخلال اليوم العادي، يقضي العاملون ساعة في البحث في أدوات مختلفة عن المعلومات التي يحتاجون إليها.
أرى هذه المشكلات في عملي الذي ينطوي على مساعدة فِرق المبيعات في مجموعة كبيرة من الشركات. يتعين على الموظفين أحياناً اتخاذ عشرات الخطوات قبل الوصول إلى عميل محتمل. قد يعني هذا البحث عن معلومات (على سبيل المثال، معلومات تتعلق بخلفية العميل المحتمل أو مجال تركيزه) في أحد التطبيقات لنسخ هذه المعلومات إلى تطبيق آخر. ولن يتمكن مندوب المبيعات من إرسال أول "رسالة بريد إلكتروني باردة" إلا بعد استخدام سلسلة من الأدوات. وعند تلك المرحلة، يكون لديه القليل من الوقت والطاقة والتركيز لإعداد خطاب ترويجي مبتكَر. وبالتالي ينتهي به الأمر بإرسال المزيد من الرسائل غير الموجهة لشخص محدد التي يتم نسخ محتواها ولصقه في كل رسالة، وفي النهاية تصل في "الرسائل غير المرغوب فيها".
عندما أتحدث مع الشركات حول حل هذه المشكلة، أقدم 3 نصائح:
صمم الحزمة التكنولوجية على أنها منتج واحد
في حين أن الأجزاء الفردية من البرامج قد يبدو أنها تقدم مزايا كبيرة، فإن المؤسسات غالباً ما تفكر فيها في المطلق، دون التفكير كثيراً في الكيفية التي تتلاءم بها كل أداة جديدة مع سير العمل المعتمد للغاية على التكنولوجيا بالفعل. بدلاً من ذلك، ينبغي للمؤسسات النظر إلى حزمتها التكنولوجية على أنها مشابهة لتطبيق واحد وليس هاتفاً مليئاً بالتطبيقات.
عندما تبدأ الشركات في النظر إلى كل أداة جديدة في ضوء جميع التكنولوجيات الأخرى التي يجب على الموظفين تعلمها واستخدامها، ستدرك أنها تكسر قاعدة أساسية في تصميم التكنولوجيات: لا تضف الكثير من الخطوات للمستخدم النهائي. وهو درس تعلمه العديد من مؤسسي الشركات الناشئة بالطريقة الصعبة. وكما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز"، "عندما تفشل شركة ما، غالباً ما يُذكر أن الخلافات الشديدة هي السبب في ذلك".
أي عنصر جديد يتم إدراجه في الحزمة التكنولوجية يجب أن يعمل بسلاسة، ومن الناحية المثالية بتلقائية أيضاً، مع جميع الأدوات الأخرى، ما يتطلب أن يبذل المستخدم القليل من الجهد الإضافي أو عدم بذل أي جهد إضافي. ويجب أيضاً أن يبسط العملية، ويقلل الوقت الذي يحتاج إليه الموظف لإكمال أي مهمة. أما إذا كان هذا العنصر يضيف المزيد من الوقت، فاحرص على حساب هذا الوقت كجزء من "تكلفة" التكنولوجيا المستخدمة، وأعد النظر فيما إذا كانت تستحق ذلك.
أجرِ اختبارات A/B
قبل اتخاذ قرار بإطلاق أداة رقمية جديدة ليستخدمها جميع الموظفين، يتعين على بعض الشركات أن تجعل الموظفين يجربونها لتعلُّم خصائصها. وغالباً ما ينطوي ذلك على قضاء بعض الوقت في استخدام هذا الجزء من البرنامج فقط في بيئة محاكاة. ثم يُطلب من الموظفين الإفادة بانطباعاتهم الأولية حول ما إذا كان هذا الجزء مفيداً أم لا.
لا يوجد لدى العديد من المؤسسات مجموعة كبيرة من الموظفين الذين يستخدمون البرنامج في عملهم اليومي بالفعل ليتمكنوا من اختباره. ويتتبع عدد أقل من الشركات الاختلافات بين الموظفين الذين يستخدمون التكنولوجيا الجديدة في عملهم والذين لا يستخدمونها. كما يوضح جاكوب مورغان في كتابه "ميزة تجربة الموظف" (The Employee Experience Advantage): "على الرغم من أن المؤسسات في كثير من الأحيان تجري اختبارات A/B للمبادرات التي تنطوي على تعامل مباشر مع العملاء، فإن هذا النوع من النُهج نادراً ما يُطبَّق داخل المؤسسات".
مثلما يتم استخدام اختبارات A/B لتحسين تجربة العميل مع الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إلى موقع الويب أو التطبيق الخاص بالشركة، ينبغي للشركات استخدامها لتحسين تجربة الموظف أيضاً.
ضع مستوى المعرفة الرقمية في اعتبارك
في العديد من المؤسسات، يمتلك الموظفون مستويات مختلفة من المعرفة الرقمية. ولكن في حين أن الشركات تستثمر في برامج التدريب للمساعدة في رفع مستوى المهارات الرقمية، لا يزال هناك العديد من العاملين الذين يرون أن التكنولوجيات الجديدة مربكة ومخيفة.
نظراً إلى أن الموظفين الذين يشرفون على الحزمة التكنولوجية يكونون خبراء بالتكنولوجيا عموماً، فمن المهم ألا يعتبروا أنهم مقياس لمدى سهولة استخدام أي أداة جديدة. عند التفكير في استخدام أداة ما، اسأل الشركة التي صممتها عن مستوى المهارات الرقمية الذي تتطلبه. واقرأ المراجعات التي تتحدث عن هذه الأداة، واسأل معارفك في الشركات الأخرى التي تستخدم هذه التكنولوجيا في عملها. وتأكد أيضاً من أن اختبارات A/B التي ستجريها تتضمن أشخاصاً يمتلكون مستويات مختلفة من المهارات. وأخيراً، يجب أن تكون أي أداة تعتمدها سهلة الاستخدام بالنسبة إلى أكبر عدد ممكن من موظفيك. (أنا شخصياً، أستخدم أمي كمقياس، حتى عند تقديم توصية بأي أداة جديدة. فإذا رأيت أنها قد لا تستطيع استخدامها على نحو جيد، لا أقضي وقتاً حتى في التفكير فيها).
لا تُظهر وتيرة الرقمنة داخل الشركات أي إشارة على حدوث تباطؤ في السنوات القادمة. ويتوقع الخبراء الذين أجرى "مركز بيو للأبحاث" (Pew Research) مقابلات معهم أن "الوضع الطبيعي الجديد" في عام 2025 سيكون مدفوعاً بالتكنولوجيا أكثر مما هو عليه الآن. فالأمر متروك للشركات للتأكد من حاجة الموظفين للأدوات الرقمية وأن كل هذه التكنولوجيات الجديدة تسرّع العمليات ولا تثقل كاهل العاملين بمهمات أكثر من ذي قبل.