تكون المخاطر كبيرة عندما يتولى قائد جديد زمام الأمور. وعلى الرغم من خبرات القادة الجدد والتدريب الذي يخضعون له فيما يتعلق بموضوع التمهل في اتخاذ القرارات، يقول 74% منهم إنهم غير مستعدين للدور الجديد، ويجد قرابة نصفهم نفسه بعد 18 شهراً محكوماً بخيبة الأمل أو الفشل الذريع. وفي حالات كثيرة، يلقي القادة الجدد أحكاماً أسرع مما ينبغي، ويتخذون قرارات سريعة يثبت فيما بعد أنها رعناء. أو يبقون في حالة انتظار لا منتهية من أجل "جمع حقائق أكثر"، فتفوتهم اللحظة المناسبة.
3 استراتيجيات تساعد القادة الجدد في اتخاذ القرارات
فيما يلي 3 استراتيجيات يمكن للقائد اتباعها من أجل اتخاذ القرارات بفعالية أكبر إذا كان جديداً في المؤسسة.
أولاً: التحكم بالرغبة في "اتخاذ خطوة" على الفور
سترغب في إثبات أن قرار تعيينك كان قراراً صائباً، خصوصاً بعد أن تم التودد إليك والثناء عليك. ولكن من الضروري أن تتعلم أولاً، ثم تتحرك. في إحدى الشركات التي قدمت الاستشارات فيها، بدأت قائدة تنفيذية جديدة اشتهرت بعبقريتها في التسويق بإجراء تغييرات كبيرة منذ الشهر الأول، كانت لديها أفكار عظيمة، ولكنها أصرت على الاستعجال بتنفيذ أحد جداول العمل قبل التعرف على زملائها وعلى ثقافة المؤسسة. فانتهى الأمر بإقالتها بعيد عام واحد فقط.
قد يشعر القادة ذوو الخبرة بثقة ويقين بأنهم يعرفون ما يجب عليهم فعله تماماً، ولكن يجب عليهم الاستماع والمراقبة أولاً وإرجاء الأحكام. وهذا أمر صعب جداً لأن الآخرين حولهم يتوقعون منهم اتخاذ خطوات سريعة. عملت ذات مرة مع رئيس تنفيذي للشؤون المالية، وتمكن من كبح رغبته في إجراء تغييرات فورية عن طريق تسجيل ملاحظات حول ما تعلمه خلال أيام عمله الأولى في منصبه الجديد، وتسجيل بعض الاستنتاجات الأولية. وعندما تمعن في ملاحظاته لاحقاً، تمكن من رؤية أنه كان يحمل افتراضاً خاطئاً بشأن زملائه، وثبت أن اكتشاف هذه البقعة العمياء لديه كان حاسماً في قدرته على قيادة تغيير محوري لاحقاً.
اقرأ أيضاً: كيفية الحفاظ على الهدوء لاتخاذ أفضل القرارات خلال الأزمات
ثانياً: الحرص على التحدث إلى مجموعة واسعة من المصادر
عندما لا تعرف المصادر الموثوقة للمعلومات، يسهل أن تتأثر كثيراً بتفسير شخص أو مجموعة ما للأحداث. ولا شك أن هناك بعض الأشخاص الذين يتوقون لطرح آرائهم على القائد الجديد وإقناعه بها، وغالباً ما تكون لديهم خطة معينة.
على سبيل المثال، قدمت مرة استشارات لشركة مطاعم من مجموعة "فورتشن 500"، وكان رئيس جديد فيها قد أمضى الجزء الأول من فترة عمله في السفر والتحدث إلى الموظفين في كافة المستويات ومعرفة ما فعلوه وما يحتاجون إليه من موارد. وزار عدداً من المواقع وتجول في أنحاء المطاعم والمطابخ. وأبدى فضولاً بشأن طريقة العمل وحتى أنه حاول القيام بعدد من الأعمال بنفسه. والأهم أنه لم يستجوب الموظفين ولم يجر مقابلات معهم أو يشعرهم بأنه يجري تقييماً لهم. فارتفعت مصداقيته بينهم كثيراً نتيجة لذلك. وأصبح الموظفون أقل حذراً وأكثر رغبة في مشاركة خبراتهم وأفكارهم معه. ونجحت الشركة بقيادته نجاحاً كبيراً حطم الأرقام القياسية، وكان ذلك تحديداً بسبب اكتسابه تلك الرؤية المعمقة حول العمليات والموظفين والثقافة.
ثالثاً: اختيار مجال حيوي واحد للتركيز على مدى العام
إن التحرك السريع في المنصب الجديد أمر خطير، ولكن الأخطر هو أن تبدو وكأنك لا تقوم بأي تغييرات على الإطلاق. ولذلك، يساعد اختيار مجال تركيز واحد الموظفين في توجيه جهودهم نحوه وتقييم التقدم. ويمكن للقائد في أثناء فترة التعلم الأولى أن يرى مسار الشركة المحتمل من دون إجراء تغييرات كبيرة والتعرف على ما سيحقق أثراً كبيراً فيها.
اقرأ أيضاً: 4 خطوات لمساعدة الفرق الإدارية العليا على تحديد أولويات القرارات
وفي وضع معاكس، يمكن أن تحتاج إلى اتخاذ قرارات صعبة بسرعة. وعلى الأغلب، يكون حشد الدعم لمجال تركيز أساسي أسهل عندما يكون هناك خطر محدق. ولكن قد يكون حشد فريقك أصعب بكثير إذا بدت الشركة مزدهرة، لأن النجاح يولد التساهل. على سبيل المثال، وجد أحد القادة التنفيذيين الذين عملت معهم سبباً للقلق أثناء عملية استحواذ كبيرة، على الرغم من نجاح الشركة المستحوذ عليها على نطاق واسع، إذ وجد أدلة على أن تركيزها على الزبائن كان متراجعاً. فحدد هذا المجال على أنه مجال التركيز الأساسي، لأنه كان يدرك أن التراجع في رضا الزبائن سيؤدي في النهاية إلى نسف المبيعات. وبناء على ذلك، غيّر مقاييس الأداء وسارع في إقالة كبار المدراء الذين أعلنوا عدم موافقتهم على ضرورة إجراء التحسينات. فكانت نتائج الشركة أفضل بنسبة 30% مما كان متوقعاً قبل عملية الاستحواذ.
تولد تحركات القادة في أيامهم الأولى انطباعاً يصعب تغييره لاحقاً، وعن طريق التحكم برغبتك في اتخاذ خطوة مبكرة، وجمع المعلومات من جميع أجزاء المؤسسة، وتحديد مجال تركيزك الرئيس، والتمهل في اتخاذ القرارات، ستتمكن من بناء المعرفة ورأس المال السياسي اللذين تحتاج إليهما من أجل النجاح في منصبك الجديد.
اقرأ أيضاً: