ملخص: أثرت أحداث عام 2020 بدرجة كبيرة على الحياة المهنية للمرأة. ومع اقتراب موسم تقييم الأداء الوظيفي (مراجعة الأداء)، يجب تزويد المدراء بالأدوات اللازمة لتجنب التحيزات الخاصة بالأزمات. فمن شأن اتباع خطوات "مراقبة المعايير" الثلاثة المساعدة في إزالة الغموض من عملية المراجعة، وتحقيق الاتساق والتوافق بين متخذي القرار، ومساعدة المدراء في محاسبة بعضهم البعض فيما يخص الإنصاف في تقييم الأداء. يمكن للشركات التي تطبق هذه الخطوات أن تساعد في منع وقوع مزيد من الضرر على الحياة المهنية للمرأة، مع الاستمرار في تحقيق الأهداف التنظيمية في نفس الوقت.
تؤثر أزمات عام 2020 المستمرة على الحياة المهنية للمرأة، ومع دخولنا موسم مراجعة الأداء، يحمل المدراء على عاتقهم مسؤولية الحرص على ألا تزداد أضرار التحيز ضد النساء. إذا كنت ترغب في الاحتفاظ بمجموعة المواهب المهمة هذه وتجنب تأثر التنوع في مكان العمل بعواقب دائمة، فستساعدك هذه الخطوات على إعادة النظر في طريقة تعامل مؤسستك مع مراجعات الأداء.
يواجه المدراء قرارات صعبة جداً حالياً. إذ يجب عليهم معرفة الطريقة المناسبة لمكافأة الموظفين الذين يتميزون بجهودهم في هذه الأزمات من دون معاقبة من اضطروا للابتعاد قليلاً. لكن التعاطف مع الموظفين لا يكفي، على الرغم من أهميته، ويجب على الشركات تزويد المدراء بالأدوات التي يحتاجون إليها من أجل تعديل توقعات الأداء ضمن فرقهم على نحو منصف وفعّال.
جائحة "كوفيد-19" تزيد التحيز
تصعب معرفة الطريقة المناسبة لتقييم الموظفين ومكافأتهم بإنصاف، حتى في أفضل الأوقات. وفي هذه الأزمة، يواجه المدراء 3 ظروف تزيد من صعوبة هذه المهمة، لأنها قد تؤدي إلى زيادة التحيز.
أولاً، في أي أزمة، يقلّ احتمال اتباع المدراء نهج "التفكير البطيء"، ويزداد احتمال إصدارهم للأحكام السريعة التي تتأثر غالباً بالصور النمطية، ما يجعلها أحكاماً معيبة.
ثانياً، قد يؤدي الغموض في طريقة إجراء التقييمات إلى مزيد من التحيز. فنحن نواجه اليوم الكثير من الغموض في شؤون العمل، بدءاً من التنبؤ بأثر جائحة "كوفيد-19" على الأعمال مروراً بتجديد قدرتنا على تقييم الأداء في ظروف العمل عن بعد، وصولاً إلى فهم الحدّ الذي يزداد تشوشاً بين الحياة والعمل. يقول أحد المدراء: "يحتاج المدير إلى تحقيق توازن بين الحاجة إلى المرونة المصممة وفقاً لاحتياجات الفرد والداعمة لها، والحاجة إلى التعامل بإنصاف مع الآخرين بطريقة ما".
وأخيراً، قد تؤدي قاعدة الموظف المثالي، أو التفضيل الضمني الغالب للموظفين الذي يستطيعون عادة ترك مشاغل العائلة في المنزل والتركيز على العمل فقط، إلى التحيز حتى في حالة إعادة النظر في بنية مكان العمل. يمكن أن يشكل هذا عبئاً إضافياً على الأمهات العاملات، اللاتي يواجهن افتراضات غير صحيحة بأن حاجتهن إلى المرونة تتعارض مع التزامهن بالعمل. ولنقارن ذلك مع الآباء الذين لا يواجهون عادة نفس القدر من التدقيق في متطلبات الأبوة نتيجة للاعتقاد التاريخي بأنهم موظفون مثاليون ويضعون العمل على رأس أولوياتهم. وبالتالي، قد يقدم المدراء عن غير قصد علاوات للموظفين الرجال، الذين يرعون أطفالاً يدرسون في المنازل أو يعتنون بأفراد عائلاتهم، أكثر من التي يقدمونها للموظفات الأمهات اللاتي يقمن بالشيء ذاته.
مراقبة المعايير هي حاجة ملحة
يحتاج المدراء إلى عمليات جيدة تساعدهم على منع التحيز في تقييماتهم. على سبيل المثال، لا تكون تقييمات المدراء متحيزة إذا أجابوا عن مجموعة أسئلة قبل الحكم على الأداء أو استخدموا قائمة مراجعة أو نموذجاً إرشادياً لتعزيز الاتساق. تتضمن واحدة من هذه العمليات، وهي التي نسميها مراقبة المعايير، 3 خطوات يمكن لأي مدير تعلمها وممارستها للتخلص من التحيز في اتخاذ القرار سواء كان يقوم به بمفرده أو مع فريقه. لقد طورنا هذه الخطوات من خلال شراكة بحثية، حيث عملنا على إنشاء عملية تقييم أكثر إنصافاً. انتقل المدراء في الشركة خطوة تلو الأخرى في عملية توضيح المعايير، ثم اتبعوا طرقاً مرتجلة كي يراقب بعضهم بعضاً من أجل ضمان الاتساق. يمكن أن تقلل هذه الخطوات من التأثير السلبي للتحيز في أثناء الجائحة وبعدها.
الخطوة الأولى: تحديد معايير فعالة قبل اتخاذ قرارات حاسمة بشأن الموظفين
يؤدي الغموض في المعايير المستخدمة لتقييم الموظفين إلى نتائج متحيزة، في حين يمكن أن تساعد المعايير الموضوعة بعناية والمحددة بوضوح في تحقيق تكافؤ الفرص.
ابدأ بالتفكير فيما هو مهم للدور الوظيفي. ثم حدد عوامل النجاح هذه على نحو ملموس وقابل للقياس قدر الإمكان. مثلاً، جملة "كن مبتكراً" ليست قابلة للقياس، على عكس جملة "اجمع موظفين يحملون وجهات نظر متنوعة ويشغلون وظائف مختلفة في ندوات تشجعهم على مشاركة الأفكار وحل المشكلات".
ثم ابحث عن النتائج غير المقصودة أو التفضيلات الضمنية في المعايير التي اخترتها. على سبيل المثال، ينطوي معيار "التميّز بالجهود" على تفضيل غير خاضع للتمحيص بالنسبة "للموظفين المثاليين" الذين ذكرناهم آنفاً. خذ مثلاً منصة "سيسكو" (Cisco)، وهي واحدة من المنصات التي تساعد ملايين الأشخاص الذين يعملون من المنزل نتيجة للجائحة على التواصل عبر الإنترنت. عمل العديد من موظفي "سيسكو" على مدار الساعة لتلبية الزيادة في الطلب على منتجهم. وحتى إن نجح المدراء في دعم الموظفين الذين يحتاجون إلى مزيد من الحرية للتعامل مع القضايا العائلية أو الشخصية خلال هذه الفترة، فقد يمر ذلك دون أن يلاحظه أحد إذا ركزت التقييمات على نتائج "التميّز بالجهود" فقط. تتمتع القدرة على رعاية الموظفين مع تلبية طلبات العملاء المتزايدة في نفس الوقت بقيمة كبيرة بالنسبة للصحة العامة في المؤسسة، ويجب الاعتراف بها على أنها كذلك.
يمكن أن يكون "الظهور"، الذي يعتبر معياراً إشكالياً في الأوقات العادية، عامل تراجع خطيراً في عصر الاجتماعات عبر اتصال الفيديو. فعلى سبيل المثال، قد لا يكون بإمكان الأم العاملة المشاركة في كل اجتماع يعقد عبر اتصال الفيديو، وبالتالي سيكون ظهورها أقل، لكن بالمقابل قد تكون لها مساهمات مهمة أخرى. ومن أجل تخفيف أثر جائحة "كوفيد-19" على عمل الموظفين الذين يعانون بالفعل من أعباء كبيرة، يجب على المؤسسات التفكير ملياً بما تثمنه حقاً وترغب في مكافأة موظفيها عليه في ظل الظروف الحالية، بدلاً من الاكتفاء بالمعايير القديمة التي استخدمتها في دورة تقييم العام الماضي.
الخطوة الثانية: احرص على التوافق بين جميع متخذي القرار
غالباً ما يتم اتخاذ القرارات في سياق مشترك. لكن لا يكفي توضيح سياسات الشركة حول معايير التقييم، بل من الضروري أن يؤدي الجميع عمليات التقييم باستخدام نفس المعايير وأن يفهموا تعريف هذه المعايير ويتبنوه جميعاً. اجمع المدراء معاً من أجل تحقيق التوافق بينهم حول أهم المعايير وتوضيح طريقة قياسها بدقة واتساق. انتبه على وجه الخصوص للسلوكيات والمهارات التي تم التغاضي عنها والتي أصبحت مهمة في السياق الجديد، مثل إدارة البنية التحتية للفريق عن طريق إرسال السجلات المكتوبة للاجتماعات والاطمئنان على الزملاء. قد يدرك أحد المدراء أهمية هذه المساهمات، في حين لا يدركها مدير آخر. لذا، عندما يتفق المدراء على معاييرهم المشتركة قبل العمل على اتخاذ القرارات، تقل احتمالات عمل الأفراد وفقاً لتحيزاتهم.
الخطوة الثالثة: احرص على مشاركة الآخرين في العمل على نحو متسق ومنصف
نطلق على هذه الخطوة الأخيرة اسم "المراقبة". شجع المدراء على أن يراقب بعضهم بعضاً عند مناقشة الأداء. وإذا لاحظ أحدهم أن نظيراً له يسيء استخدام المعايير أو يقدم تقييمات غامضة، فعليه أن يستفسر منه عن الأمر. على سبيل المثال، يمكنه أن يسأل: "ما المعيار الذي استخدمته للوصول إلى هذا التقييم؟" أو "لماذا لم تُدرج سلوكيات بناء البنية التحتية في تقييمك؟" إذا كان النظير يحط من مستوى أداء موظف ما بسبب عدم حضوره اجتماعاً مرتجلاً بسبب المشاركة في تظاهرة مثلاً، فيمكن للمدير أن يطرح عليه السؤال التالي: "ألم نتفق على أننا لن نحط من مستوى أداء أي موظف إذا شارك في تظاهرة أو أنشطة مماثلة؟ كيف تصف أداءه العام بعيداً عن ذلك؟ " تذكر أن التحيز غالباً ما يكون لا إرادياً. لذا، فإن احتمال تمكن أفراد الفريق من رصده بصورة جماعية أكبر من احتمال رصده بصورة إفرادية.
قد يقول البعض إن المدراء منهكون بالفعل، وإنه ليس من العدل إضافة مزيد من المهمات إلى قوائم أعمالهم. ومع ذلك، بعد عملنا مع المدراء الأكثر تشكيكاً، وتوضيح المعايير التي يتبعونها في التقييم وتبسيطها، تمكن هؤلاء المدراء في نهاية المطاف من رؤية العملية على أنها فائدة صافية. وضح أحد المدراء ذلك بقوله: "لربما استغرقت نفس الوقت لإنهاء عملية مراجعة الأداء"، ولم أوفر أي وقت. وأضاف: "لكن العملية الجديدة أتاحت لي تحقيق الهدف المتمثل في تقييم موظفيّ". وكانت الفائدة الحقيقية من العملية هي الاتساق والإنصاف: "أجريت مقارنات منطقية، وشعرت بثقة في تقييماتي أكبر من الثقة التي كنت أشعر بها في السابق".
تنتظرنا قرارات كبيرة. ونحن نعلم أن المعايير وحدها غير قادرة على محو الآثار واسعة النطاق التي قد توقعها أحداث عام 2020 الجارية على الموظفين وأماكن العمل، ولكنها ستعدّ المدراء لإنشاء قواعد جديدة تثمن رفاهة الموظفين، ولإلزام أنفسهم والآخرين بمعايير العدالة والمساواة. ومن خلال تزويد المدراء بهذه الاستراتيجيات لتقييم الأداء الوظيفي، ستتمكن الشركات من تحقيق الأهداف التنظيمية التي تسعى لتحقيقها في الأوقات التي يسودها الاضطراب.