القيادة المشتركة هي توزيع مسؤوليات الدور التنفيذي أو مسؤوليات إدارة القسم أو إدارة الفريق على شخصين أو أكثر، ومن الممكن أن تنتج عنها حلول إبداعية واستراتيجية للمشاكل وقرارات أكثر حكمة، لكنها يمكن أن تؤدي أيضاً إلى ممارسات غير صحية نتيجة سعي القادة المشاركين إلى الهيمنة والحصول على منصب أفضل في المستقبل، ما يقوّض التوافق التنظيمي ويخلق حالة من الجمود في المؤسسة ويربك أفرادها. لكن بإمكانك تجنب هذه السلبيات؛ احذر من أن تتحول إلى شخصية سياسية شرسة تسعى باستمرار إلى التفوق على شريكك في القيادة، بل احرص على أداء هذا الدور بنزاهة وحنكة وإيجابية، مع إدراك احتمال شعورك بعدم الارتياح في بعض الأحيان. إليك 7 استراتيجيات تساعدك على تعزيز فرص نجاح القيادة المشتركة.
نحن نربط مفهوم القيادة غالباً بشخص واحد، لكن في بعض الأحيان تكون المناصب العليا مشتركة بين شخصين أو أكثر يتقاسمون واجباتها وقراراتها ويتحملون مسؤوليتها معاً. حظيت تجارب القيادة المشتركة للرؤساء التنفيذيين المشاركين والمؤسسين المشاركين البارزين بكثير من التركيز والاهتمام في شركات مثل سيلز فورس (Salesforce) ونتفليكس (Netflix) وجولدمان ساكس (Goldman Sachs) وأوراكل (Oracle) وإس أيه بي (SAP) وواربي باركر (Warby Parker). بالإضافة إلى ذلك، تُمارس القيادة المشتركة أيضاً على مستوى وحدات الأعمال والأقسام والمشاريع، ولا سيما بعد عمليات الاستحواذ حين تظهر حاجة واضحة لتمثيل الأطراف جميعها.
يتباين تأثير هذا النهج في الواقع، تشير الأبحاث الحديثة إلى أن الشركات العامة التي يقودها عدة رؤساء تنفيذيين مشاركين تفوقت في أدائها بحسب مؤشر سوق الأسهم ذي الصلة، على الرغم من أن العيّنة المستخدمة كانت صغيرة (87 شركة خلال 25 عاماً).
يمكن أن يؤدي الجمع بين المهارات ووجهات النظر والممارسات والطاقات المتكاملة والمتميزة إلى تحقيق أداء أفضل، ولا سيما عند التعامل مع المواقف والمسائل المعقدة. ويأتي ذلك من خلال حل المشاكل بطرق استراتيجية إبداعية واتخاذ قرارات أكثر حكمة. بالإضافة إلى ذلك يُسهم هذا النهج في تعزيز المرونة الشخصية والقدرة على التحمل والرفاهة، ما يقلل من خطر الإصابة بالاحتراق الوظيفي.
لكن يمكن أن تؤدي القيادة المشتركة إلى ممارسات غير صحية نتيجة سعي القادة المشاركين إلى الهيمنة والحصول على منصب أفضل في المستقبل. تُظهر الأبحاث أن هذا يؤدي إلى تقويض التوافق التنظيمي ويخلق حالة من الجمود في المؤسسة ويربك أفرادها.
لكن بإمكانك تجنب هذه السلبيات؛ احذر من أن تتحول إلى شخصية سياسية شرسة تسعى باستمرار إلى التفوق على شريكك في القيادة، فبناءً على تجربتي يندر أن يؤدي هذا النهج إلى نتائج إيجابية لأي منكما. كما أن رؤساءك ونظراءك وزملاءك وحتى عملاءك يلاحظون هذا السلوك الذي يقلقهم ويخيب آمالهم، وفي نهاية المطاف ستكتشف أنك لم تخصص وقتاً كافياً لتحقيق النتائج التي تتحمل مسؤوليتها.
لذلك احرص على أداء هذا الدور بنزاهة وحنكة وإيجابية، مع إدراك احتمال شعورك بعدم الارتياح في بعض الأحيان. إليك 7 استراتيجيات تساعدك على تعزيز فرص نجاح القيادة المشتركة.
شارك بعض المعلومات عن نفسك.
احرص على بناء الثقة من خلال إظهار المزيد من جوانب شخصيتك الحقيقية لشريكك في القيادة، وهذا يعني مساعدته على فهم رغباتك وطريقة تفكيرك ومشاعرك بطريقة أفضل.
قد تتردد في مشاركة بعض جوانب شخصيتك، ولا سيما عندما لا تكون متأكداً بعد بشأن دوافعه ونواياه. قال لي مسؤول في أحد المناصب التنفيذية العليا خلال إحدى جلسات التدريب: "ماذا لو استغل شريكي ما أشاركه معه لكشف إحدى نقاط ضعفي؟" أجبته: "هذا احتمال وارد، لكن تخيل حجم الوقت الذي سيُهدر والقرارات الخاطئة التي ستُتخذ والأخطاء التي ستُرتكب إذا لم توضح له حقيقتك".
ثمة طرق كثيرة لتكشف بعض جوانب شخصيتك الحقيقية؛ قد يقترح البعض الخروج معاً لتناول وجبة أو الذهاب في نزهة لتسهيل هذه المحادثة خارج نطاق العمل، لكني أرى في ذلك مبالغة في المراحل الأولى من العلاقة بالنسبة لبعض الأشخاص. بدلاً من ذلك، ابحث عن فرصة استراتيجية مناسبة في العمل لمشاركة جانب من خبراتك المهنية، أو نجاحاتك وإخفاقاتك، أو خلفيتك العائلية. تعني كلمة "استراتيجية" في هذا السياق الإدلاء بمعلومات شخصية بطريقة مدروسة بناءً على الأسئلة الآتية: ما الأفكار التي أحاول توصيلها؟ ما أفضل وقت لمشاركة هذه المعلومات؟ ما أفضل طريقة لتوصيلها؟
يمكنك القول:
"يجب أن نراعي الأثر الإيجابي الذي نتوقع تحقيقه من خلال هذا القرار المهم الذي نفكر فيه، لطالما كان هذا الموضوع محط اهتمامي منذ كنت طفلاً، إذ كانت والدتي معلمة في المدرسة وكانت تقول دائماً إن هدفها لا يقتصر على توفير تجربة جيدة للطلاب بل تطمح إلى تعزيز ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم على النجاح عندما يصبحون بالغين".
اطلب النصيحة من شريكك.
عندما تواجه قراراً معقداً وصعباً تتحمل مسؤوليته وحدك، لا تتردد في طلب النصيحة من شريكك في القيادة. لا يعني ذلك التهرّب من مسؤوليتك، بل يُثبت شجاعتك في إظهار ضعفك الإنساني واستعدادك للاستماع إلى وجهات النظر المختلفة وثقتك في الطرف الآخر (الذي يدرك مثلك أنه يستطيع مشاركة تفاصيل هذه المحادثة مع أشخاص آخرين، إذا أراد ذلك).
قد يمتلك الطرف الآخر رؤية ثاقبة تساعدك على اتخاذ القرار الأمثل، وستمنحك استشارة شريكك في القيادة أيضاً فرصة لفهم طريقة تفكيره في المواضيع التي تهمك ويُظهر له تقديرك لرأيه. قد يدفعه الشعور بأنه شارك في القرار إلى تأييده والدفاع عنه أمام فريقه.
يمكنك القول:
"أواجه قراراً مهماً يخص العمل، ويثير عدة مسائل معقدة، وأريد التأكد من أنني سأتخذ القرار الصحيح، لذلك، أرغب في طرح أفكاري حول هذا القرار إذا سمحت لي بذلك؛ فأنا حريص على سماع رأيك حول أي جوانب مهمة ربما أكون قد أغفلتُها، وأرغب في فهم نقاط الضعف في الحجج والدلائل التي أستخدمها لدعم هذا القرار".
جرّب أحد القادة المشتركين الذين عملت معهم هذا النهج، لكنه كان يشعر ببعض القلق؛ فوجئ شريكه في القيادة بهذا الطلب في البداية ولم يكن متأكداً من كيفية الرد، لكن عندما تذكّر هذا الموقف شعر بأن هذا الطلب أسس علاقة جديدة وقوية بينهما، ما ساعدهما على التغلب على بعض التحديات الصعبة في الأشهر التالية.
ضع هدفاً مشتركاً.
ابدأ محادثة حول الرؤية المستقبلية للمؤسسة أو المشروع أو الفريق وما ترغب في تحقيقه، فالحديث عن هذه المواضيع أكثر فعالية من الحديث عن الطموحات الشخصية، ولا سيما إن لم تبنِ الثقة الكافية بشريكك في القيادة بعد.
يمكنك القول:
"هل يمكننا التحدث عن الفرص والإمكانات المتاحة لنا؟ أود معرفة أي منها يثير اهتمامك أكثر، ما الذي يمكننا تحقيقه في أفضل حالاتنا وما العقبات التي يجب علينا التغلب عليها؟ كيف تصف رؤيتك لنجاحنا في القيادة؟".
لخص هذا النقاش في صفحة واحدة توضح طموحكما المشترك من خلال أجوبة هذه الأسئلة. وإذا تردد شريكك في مشاركة وجهة نظره (ولا سيما إذا كانت مختلفة عن وجهة نظرك)، فمن الضروري أن تستمر بهذه المحادثة حتى لو لم تتوصل إلى الأجوبة التي ترجوها؛ من الممكن أن تشعر برغبة في الاحتفاظ بأفكارك لنفسك نتيجة لتردد شريكك في التعبير عن رأيه، وبذلك ستصبح عرضة لخطر المعاملة بالمثل فتصاب العلاقة بينكما بالجمود وينعدم فيها الطموح الواضح الذي يمكنه تحفيز الفريق.
شارك هذا الملخص مع أعضاء فريقك والقادة غير الرسميين المؤثرين في المؤسسة للاستفادة من حكمتهم ورؤيتهم ولإظهار جهودك في بناء إجماع في الآراء؛ حتى في المؤسسات الأكثر تقدماً يبحث الموظفون عن الخلافات أو التناقضات المحتملة في وجهات النظر بين الشركاء في القيادة.
حدد المسؤوليات غير الواضحة.
من المهم مناقشة مسؤوليات كل فرد في إنجاز المهام وتحديد المواعيد النهائية لإنجاز كل مهمة بناءً على المعلومات الواردة في الموجز الذي قُدم لكما. قسّم هذا إلى:
- المواضيع: مثل كيفية تحسين ولاء العملاء.
- الوظائف: مثل المبيعات والمنتج والتكنولوجيا والثقافة والعمليات.
- المواقف: مثلاً، من يترأس الاجتماعات؟
- القرارات: مثلاً، أي القرارات يجب اتخاذها بصورة مشتركة (الاستراتيجية العامة، الاستثمارات الكبيرة) وأي القرارات تُتخذ فردياً (الشروط التجارية، ترقيات الموظفين).
ناقِشا مجموعة من السيناريوهات المختلفة، مثل القرارات التجارية أو المشاكل التي تتعلق بالموظفين أو اجتماعات مجلس الإدارة ذات الأهمية، وحددا من يتولى المسؤولية في كل مهمة. حدد المواقف التي تفتقر إلى الوضوح فيما يتعلق بتوزيع المسؤوليات أو المجالات التي تتضمن مصالح مشتركة أو متضاربة.
لا يمكنك توقع كل الاحتمالات، ولكن يمكنك تقليل المفاجآت غير السارة من خلال الكشف عن النقاط الغامضة ومواطن الخلاف المحتملة. عندما يحدث ذلك، فكر في الأمور التي تحتاج أنت وشريكك في القيادة إلى توضيحها للمضي قدماً، ثم شاركها مع الآخرين في فريقك.
حدد خطة أو عملية لمعالجة المشاكل أو الخلافات.
اتّخذ خطوات استباقية للتعامل مع اختلافات الرأي من خلال مناقشة كيفية حلّها، ولا سيما في المواقف التي تتقاسم فيها مع شريكك مسؤولية اتخاذ القرارات (وحتى في الحالات التي لا تتحملان فيها مسؤولية مشتركة ولكن تختلف آراؤكما فيها).
يجب أن تتضمن المناقشة المبادئ الأساسية التي توجهكما، مثل إظهار الاهتمام والاحترام المتبادلَين فيما بينكما والتركيز على مصالح المؤسسة في المقام الأول، وتجنب الخلافات أمام الآخرين قدر الإمكان.
تتضمن العملية البسيطة ما يلي:
- الاستماع لوجهة نظر الطرف الآخر. قاوم رغبتك في مقاطعة حديثه، ولا سيما عندما تكون لديك آراء قوية حول الموضوع وترغب في طرح وجهة نظرك.
- اطرح أسئلة توضيحية للتأكد من فهمك الكامل لوجهة نظر شريكك، يمكنك القول مثلاً: "أود معرفة مزيد من المعلومات حول هذا الموضوع، أريد أن أفهم ما تقصده".
- اذكر الجوانب التي تعجبك وتتفق معها في وجهات نظر الطرف الآخر. يمكنك القول مثلاً: "أفهم وجهة نظرك".
- وضّح النقاط التي لا تتفق معها واذكر الأسباب. يمكنك القول مثلاً: "أتساءل عمّا إذا كانت ثمة طريقة أخرى للتفكير في هذا الموضوع".
- اقترح بديلاً يمكن أن يقرّب وجهات النظر بينكما إذا كان ذلك ممكناً. يمكنك القول مثلاً: "ما رأيك في تجربة طريقة مختلفة تماماً؟".
تجنب استخدام العمليات المفصّلة التي تبدو مرهِقة وبيروقراطية؛ إذ يؤدي ذلك إلى نقاشات مطوّلة ومملة أو إلى الصمت تجنباً للخلافات، ما يسبب تراكم المشاكل وتفاقمها.
في حال عدم تحقيق نتائج إيجابية، خذ استراحة قصيرة ولو لبضع دقائق قليلة في المواقف المحكومة بمهلة زمنية قصيرة وتتطلب اتخاذ إجراءات سريعة (إلا أن أخذ فترات استراحة أطول سيكون أفضل عند الإمكان). يتيح لك الحصول على استراحة قصيرة فرصة للتفكير فيما سمعته والإصغاء إلى مشاعرك وفهمها واستكشاف خيارات جديدة.
على الرغم من ذلك، لا تتوقع أن ينجح ذلك في كل مرة. أدركت إحدى شريكاتي في القيادة هذه الحقيقة يوماً، قالت لي: "أحياناً، كنت أقرر التراجع عندما نصل إلى طريق مسدودة، لأنني لم أكن أرغب في أن يُنظر إليّ على أنني سبب في الجمود وتعطيل العمل، وكانت لدي أمور أهم تستحق التركيز والاهتمام".
اعتمد على أشخاص موثوقين للحصول على المشورة.
خلال مدة توليك القيادة، ابحث عن الأشخاص الذين يمكنك التحدث إليهم للحصول على توجيهات حول كيفية تعزيز العلاقة والتعامل مع المواقف الصعبة. يُفضّل أن يكون هؤلاء الأشخاص خارج نطاق إشرافك المباشر وألا تكون لديهم مصلحة مباشرة في عملك؛ وإلا، سيقل احتمال تقديمهم لنصائح محايدة.
يمكن لهؤلاء المرشدين الحكماء، ولربما كانوا في مرتبة أدنى منك، أن يقدموا وجهة نظر قيّمة حول كيفية ظهورك وجودة أدائك (سواء على المستوى الفردي أو الجماعي)، وما يقوله الآخرون عنك. وعندما يُعرف هؤلاء المرشدون بوصفهم أشخاصاً مقربين منك وتثق بهم، فمن الممكن أن يصبحوا جهات تنسيق واتصال بينك وبين الآخرين الذين يمكنهم اللجوء إليهم والتماس نصائحهم وملاحظاتهم.
يمكنك أن تطرح عليهم السؤال الآتي:
- هل قراراتي صائبة وتفيد المؤسسة (أو وحدة العمل أو الفريق وما إلى ذلك)؟
- هل ألتزم بقيمي ونقاط قوتي؟
- كيف يُنظَر إلى علاقتي مع شريكي في القيادة داخل المؤسسة وخارجها؟
- ما الذي يجب أن نتوقف عن فعله أو تغييره في طريقة عملنا أنا وشريكي في القيادة؟
بادر إلى دعم شريكك في القيادة.
كن داعماً لشريكك في القيادة عندما يطرح قضية جوهرية أو يتخذ قراراً مهماً. في بعض الأحيان، قد يختار شريكك في القيادة مساراً مختلفاً عن المسار الذي ستختاره لنفسك. لكنّ الاختبار الحقيقي يكمن في التأكد من أن هذا الاختلاف سيسهم في تعزيز فرصكما المشتركة لتحقيق أهدافكما وطموحاتكما العامة.
تحدث في الاجتماعات التي تحضرانها معاً لمشاركة وجهة نظرك وتأكيد موافقتك على ما يطرحه شريكك في القيادة، فذلك يؤدي إلى بناء الثقة بينكما ويُظهر للآخرين أنكما تعملان بوصفكما وحدة متماسكة. يمكن أن يكون لهذا النهج تأثير كبير، ولا سيما في المواقف التي يواجه فيها شريكك في القيادة ضغوطاً، وبالتالي سيكون ممتناً للغاية لدعمك له في هذه الظروف.
بغض النظر عن السيناريو الذي تواجهه، احرص على أن يكون دعمك صادقاً وموضوعياً؛ إذ يمكن أن يلاحظ الآخرون الإيجابية المصطنعة بسهولة من خلال لغة جسدك، ولن يرحبوا بالتشجيع والدعم المبالغ به، وبالتالي، سيؤدي ذلك إلى إضعاف تأثيرك وسمعتك.
عندما لا يكون شريكك في القيادة حاضراً، تجنب المشاركة في انتقاده تماشياً مع من يعارضه وينتقد أداءه؛ إذ يؤدي ذلك إلى تشويه سمعتك ومن المحتمل أن يصل كلامك إلى شريكك بغض النظر عن مدى دقته.
ليس من السهل التعامل مع أدوار القيادة المشتركة؛ إذ تتطلب التعاون وتقاسم المسؤوليات على الرغم من تفضيل كثير منا للعمل الفردي، لكن من الممكن المشاركة في هذا الدور بنزاهة ومهارة، ما يؤدي إلى تعزيز قدرات القادة وتحقيقهم نجاحاً أكبر.