تحويل المسار المهني لا يجب أن يؤثر على تحقيق أهدافك طويلة الأجل

4 دقائق
تحويل المسار المهني
يورغ غرويل/غيتي إميدجيز

ملخص: قد تقتضي بعض الظروف قصيرة الأجل إجراء تحويل المسار المهني الخاص بك؛ فإذا فقدت وظيفتك، ستحتاج إلى مصدر دخل بديل. وإذا لم يكن التعليم وجهاً لوجه متاحاً، يتعين على شخص ما البقاء في المنزل مع الأطفال والإشراف على تعليمهم عن بُعد. وإذا كنت مقدم الرعاية الرئيسي لأحد أفراد الأسرة، فأنت بحاجة إلى التأكد من أنك تتمتع بالمرونة اللازمة لتحمُّل المسؤوليات في المنزل.

 

قد يكون من الضروري إعطاء الأولوية لهذه الشواغل الملحة وليس للأهداف المهنية الأطول أجلاً، على الرغم من أنه أمر صعب ومؤلم. لكن الابتعاد المؤقت عن أهدافك المهنية لا يعني أنك خسرت كل شيء. إذ لا يزال بإمكانك السيطرة على حياتك المهنية باستخدام 4 استراتيجيات. أولاً، أعد تقييم الوضع؛ فحتى إذا كنت لا تتطور في عملك، فأنت لا تزال تتطور في جوانب أخرى في حياتك الأسرية. ثانياً، ابحث عن فرص للتعلم لاكتساب مهارات جديدة في دورك الوظيفي الحالي. ثالثاً، ارفض الخيارات المعتادة. وأخيراً، استغل القليل من وقتك لتحقيق أهدافك، حتى إن كان 3 دقائق فقط في كل مرة.

هناك أوقات تنحرف فيها الحياة المهنية لكل موظف تقريباً عن المسار المأمول، على سبيل المثال بسبب عمليات التسريح أو تغيير المهام أو نقل مكان العمل أو الحاجة إلى أخذ إجازة نظراً إلى المعاناة من مشكلات صحية أو تقديم الرعاية لأحد أفراد الأسرة. وقد أدت الجائحة بالطبع إلى تفاقم الوضع، خاصة بالنسبة إلى الآباء والأمهات العاملين الذين قد يتعرضون لضغوط متعددة في وقت واحد.

الوضع واضح على المدى القصير؛ ما يعني أنه إذا فقد أحد الزوجين وظيفته فهو بحاجة إلى مصدر دخل بديل. وإذا لم يكن التعليم وجهاً لوجه متاحاً، يتعين على شخص ما البقاء في المنزل مع الأطفال والإشراف على تعليمهم عن بُعد. وإذا كنت مقدم الرعاية الرئيسي للأطفال أو أفراد آخرين من الأسرة، فأنت بحاجة إلى التأكد من أنك تتمتع بالمرونة اللازمة للتعامل مع أي وضع يواجهك في المنزل.

من المؤسف أن تلبية هذه الاحتياجات الملحة تعني أحياناً تنحية الأهداف الأطول أجلاً جانباً. فبعد مرور عام على جائحة "كوفيد-19" وجد العديد من العاملين أنهم مضطرون إلى رفض الترقيات التي كانوا يسعون إلى الحصول عليها من أجل الحفاظ على إمكانية العمل وفق ساعات مرنة، أو قبول وظائف في مجالات يريدون تركها، أو الموافقة على وظائف دون مستويات مؤهلاتهم أو ليسوا متحمسين لها أو سعداء بها فقط لأنهم بحاجة إلى المال.

في حين أن هذه القرارات صعبة ومؤلمة، إلا أنها قد تكون ضرورية على المدى القصير. لكن الابتعاد المؤقت عن أهدافك المهنية لا يعني أنك خسرت كل شيء. فمن الضروري، حتى في يوم العمل المزدحم، الاستمرار في التركيز على مسارك المهني طويل الأجل، حتى تتمكن من التعافي بسرعة والعودة إلى المسار الذي تشعر أنه يناسبك.

إعادة السيطرة على الحياة المهنية

في أثناء تأليف كتابي الذي سيصدر قريباً بعنوان "اللعبة الطويلة: كيف تفكر في المدى الطويل في عالم قصير المدى" (The Long Game: How to Be a Long-Term Thinker in a Short-Term World)، اكتشفت مجموعة متنوعة من الطرق التي يمكن بها للعاملين الذين يتعرضون لهذه المفاضلات البدء في استعادة السيطرة على حياتهم المهنية. فيما يلي 4 استراتيجيات يمكنك استخدامها.

أعد تقييم الوضع

لا أحد يستمتع بشعور أنه متعثر أو أنه "يتحرك إلى الوراء" في مساره المهني. في الواقع، يشير بحث أجرته تيريزا آمابيل الأستاذة بكلية هارفارد للأعمال إلى أن أحد أقوى المؤشرات الدالة على الحالة المزاجية للموظفين ورضاهم هو الشعور أنهم يحرزون تقدماً نحو تحقيق هدف ذي معنى. إذا نظرت إلى القرارات المتعلقة بحياتك المهنية على أنها جزء من فترة تدهور وانحدار، فمن شبه المؤكد أنك ستشعر بالإحباط أو الغضب أو الخزي. بدلاً من ذلك، وسِّع نطاق رؤيتك؛ فوظيفتك ليست العنصر الوحيد في حياتك، وحتى إذا كنت تحرز تقدماً أقل بشكل مؤقت في هذا الجانب من حياتك، فأنت تعمل على تحقيق أهداف أخرى سبق لك تحديدها بوصفها أكثر أهمية أو على القدر نفسه من الأهمية، مثل تلبية احتياجات أسرتك من الناحية الاقتصادية أو قضاء المزيد من الوقت معهم.

ابحث عن فرص للتعلم

إذا لم تكن وظيفتك هي الوظيفة التي كنت تبحث عنها، فمن السهل اعتبارها من الأمور التي تقوم بها "من أجل المال فقط". ولكن حتى في الظروف غير المثالية يمكن أن تجد فرصاً قوية لتطوير مهاراتك إذا نظرت إليها على أنها فرصة للتعلم. على سبيل المثال، هناك قائدة أعرفها، وهي مترددة في ترك وظيفتها في خضم عدم الاستقرار الاقتصادي، تتقبل علاقتها المتوترة بزميل دائم الشكوى وتحاول عن قصد تحسين قدرتها على التعامل مع الأشخاص صعبي المراس. وبالمثل، قد تكتشف فرصاً خفية لتطوير جوانب جديدة في وظيفتك تتوافق على نحو أفضل مع اهتماماتك (على سبيل المثال، البحث عن تكنولوجيات جديدة) أو تتيح لك بناء شبكة علاقات.

ارفض الخيارات المعتادة

قد يبدو الاختيار صعباً؛ فأنت تختار بين السعي إلى تحقيق أحلامك والاستسلام بحكم الضرورة. ولكن إذا فكرنا بطريقة إبداعية، فغالباً ما يكون هناك العديد من الاحتمالات أكثر مما قد نتخيله (وبالتأكيد أكثر مما كان متاحاً لنا في البداية). على سبيل المثال، أحد العملاء الذين أعمل معهم هو رائد أعمال ناشئ تضررت شركته الجديدة بشدة بسبب الجائحة. وفي ظل الاحتياجات المالية الملحة، ورغبة صديق له في تعيينه في شركته، كان يفكر في التخلي عن شركته وقبول وظيفة في شركة مماثلة للوظيفة التي تركها قبل عام. وبعد نقاشنا معاً أدرك أن هذين الخيارين ليسا الوحيدين المتاحين أمامه. وهو يجري الآن محادثات مع صديقه حول إمكانية تحويل عرض العمل إلى عقد استشاري، ما سيمنحه الأمان الذي يحتاج إليه في أثناء بناء شركته الجديدة، وسيتيح له تحقيق رؤيته في ريادة الأعمال. تذكر أنه يوجد دائماً أكثر من خيارين، وأن معظم العروض قابلة للتفاوض.

أخيراً، استغل القليل من وقتك لتحقيق أهدافك

أدت الضغوط الناجمة عن الجائحة إلى شعور الجميع تقريباً أنهم منهكون ويتحملون ما يفوق طاقتهم. وفي ظل هذه الظروف، قد يبدو أن تخصيص بعض الوقت لتطوير القدرات المهنية على المدى الطويل أمر أشبه بالحلم الذي يستحيل تحقيقه. ولكن حتى هذا المقدار الضئيل من الوقت يمكن أن يكون ذا قيمة إذا استخدمناه بشكل صحيح.

على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي الاستماع إلى مدونة صوتية أو كتاب صوتي حول التطوير المهني بدلاً من الموسيقى في أثناء ممارسة التمارين الرياضية أو القيام ببعض الأعمال إلى "قراءة" عشرات الكتب على مدار العام. أحد الأساليب المجدية التي اشتهر آدم غرانت الأستاذ في "كلية وارتن" باتباعها هو استغلال الدقائق المعدودة التي تتوفر بين الاجتماعات، والتي غالباً ما تضيع في الثرثرة أو متابعة وسائل التواصل الاجتماعي، لإحراز تقدم في الأهداف الصغيرة التي تساعد في نهاية المطاف على تحقيق الأهداف الكبيرة. قد يبدو أنه ليس من المهم استغلال 3 دقائق من وقت فراغنا لإرسال رسالة بريد إلكتروني بهدف بناء شبكة علاقاتنا أو تنزيل بعض المقالات حول موضوع نبحث فيه، ولكن كما يوضح بحث تيريزا آمابيل المذكور أعلاه حول "مبدأ إحراز التقدم"، حتى هذه الخطوات الصغيرة يمكن أن تشعرنا بالحماس، وهو أمر ضروري لكي نظل إيجابيين خلال فترة عملنا في وظيفة لا نحبها.

كان العام الماضي عصيباً على الجميع. من السهل أن تنتقد ذاتك عندما لا تسير الأمور وفقاً للخطة. ولكن باتباع هذه الاستراتيجيات الأربعة، وإقرانها بجرعة من المرونة والتعاطف الذاتي، يمكنك القيام بما ينبغي فعله في الوقت الحالي وإعداد نفسك لتحويل المسار المهني وللمستقبل الذي تصورته.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي