كيف تُحدّث علامتك التجارية الشخصية؟ 4 خطوات عملية

5 دقيقة
العلامة التجارية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يتطلب التميّز ومواكبة التطورات في عالم سريع التغير وضع استراتيجية ملائمة وخطة تنفيذ مُحكمة، وبما أن التغيرات في اهتماماتك المهنية وتطلعاتك وأهدافك النهائية باتت أسرع من أي وقت مضى فليس من الضروري أن تعكس علامتك التجارية الشخصية العامة أفكارك ومعتقداتك. في الواقع، ثمة فجوة بين نظرتنا عن أنفسنا ونظرة الآخرين عنا غالباً، وبالتالي يجب أن نركز بوعي على تقليص هذه الفجوة لبلوغ السمعة أو العلامة التجارية التي نصبو إليها، ويقدم المؤلفان 4 خطوات رئيسية تضمن حصولك على الفرص الملائمة والاستفادة من مواهبك بالكامل.

تتمثل فائدة العلامات التجارية الأساسية في مساعدة الناس على اختيار المنتجات التي يشترونها أو الأدوات التي يستخدمونها، أو حتى الأشخاص الذين يتعاملون معهم، وعندما يتعلق الأمر بالعلامات التجارية الشخصية، فقد تتضمن هذه الاختيارات قرارات مهنية ذات مخاطر عالية، مثل قرارات التوظيف أو الترقية أو التعاون لتقديم التدريب المهني أو الخدمات، وهلمّ جرّاً. ولهذا السبب، قد تواجه تحدياً صعباً عندما تصبح علامتك التجارية الشخصية قديمة.

لنأخذ أسماء مثلاً: فهي خبيرة تسويق رقمي تتمتع بأكثر من 10 سنوات من الخبرة في إدارة فرق إبداعية في الشركات العالمية والشركات الناشئة، وأداؤها متميّز في منصبها، لكنها لم تعد تجد العمل ملهماً ومحفزاً لها فتقدمت لمجموعة متنوعة من الوظائف التي تتماشى مع طموحاتها الحالية، غير أنها لم تتلقَّ أي رد وأدركت متأخرة أن ذلك بسبب إهمالها ملفها التعريفي على منصة لينكد إن الذي بات قديماً يعرض مهارات وخبرات فقدت أهميتها ولم تعد تتوافق مع احتياجات سوق العمل الحالية، ولا يبرز القدرات التي تستخدمها يومياً.

في الواقع، لا يقتصر جعل علامتك التجارية الشخصية متوافقة مع احتياجات السوق على مجرد تحديث ملفاتك التعريفية على وسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ يمتلك الآخرون نظرة ثابتة عنك في عقولهم بغض النظر عن حضورك الرقمي، وقد تكون نظرتهم هذه قديمة أيضاً ولا سيما إذا بذلت جهداً لتعلّم مجموعة جديدة من المهارات.

ندرك تماماً أهمية تحديث العلامة التجارية عند إجراء تغيير مدروس على المسار المهني، وهو موضوع كتبت عنه المؤلفة المشاركة لهذا المقال، دوري، في كتابها "أعد ابتكار نفسك" (Reinventing You). ونعتقد أنه من الضروري أن يولي أي موظف اهتماماً بعلامته التجارية الشخصية، حتى عندما يواصل العمل في الوظيفة أو المسار المهني نفسه لئلا يركن إلى إنجازاته السابقة وينسى تحديث علامته التجارية أو تطويرها في ظل تغير العالم وتغير متطلبات المهن على حد سواء. يساعدك كل من الطموح والعزيمة على النجاح، لكن النجاح يولد القناعة بالوضع الراهن وعندما تصل إلى مرحلة من الاستقرار والانشغال في العمل قد تفترض أن إنجازاتك كافية لإبراز قدراتك.

لكن الوقوع في هذا الموقف محفوف بالمخاطر، لأن عصر الذكاء الاصطناعي يزعزع الوظائف والقطاعات جميعها، ولا سيما الخبرات البشرية، ما يشير إلى أن الوقت حان بالفعل لتحديث طريقة سرد قصتك الشخصية وإقناع الآخرين بقدرتك على إضافة قيمة. نعتقد من خلال خبرتنا (دوري متحدثة رئيسية وخبيرة استراتيجية، وتوماس مدرب تنفيذي ومتحدث وباحث غزير الإنتاج في علم النجاح الوظيفي) أن هناك 4 خطوات رئيسية لضمان حصولك على الفرص المناسبة التي تتيح لك الاستفادة من مواهبك بالكامل.

حدد رؤيتك بوضوح

ما الانطباع الذي تريد أن تتركه لدى الآخرين؟ فكّر في أهدافك المهنية الحالية وحدد ما يجعل علامتك التجارية الشخصية قوية في هذا السياق. على سبيل المثال، كيف سينظر الآخرون إليك إذا كنت قائداً في المناصب التنفيذية العليا أو مرشحاً رئيسياً لمثل هذا المنصب؟ إذا لم تكن متيقناً من نظرة الآخرين عنك فحاول الاستفسار عن آرائهم حول الأشخاص القدوة في ذلك المجال أو المنصب. ما الكلمات التي ترغب في أن يستخدمها الآخرون لوصفك؟ حدد التفاصيل التي تفضّل أن يراها الآخرون فيك، مثل "القدرة على التفكير الاستراتيجي" و"التعاون"، فذلك يساعدك على وضع خطة عمل مناسبة لتحقيق تلك الأهداف لاحقاً. من المهم ألا تجعل رؤيتك مقتصرة على تصورك الحالي لذاتك فحسب، بل أن تراعي تصورك المستقبلي المحتمل لها أيضاً.

حدّد الفجوات بين تصورك عن ذاتك وتصورات الآخرين عنك

قد تظن أن تصورات الآخرين عنك غير دقيقة، لكن فكّر ملياً. ما السلبيات التي يرونها فيك أو الإيجابيات التي لا يرونها فيك وترغب في تصحيحها في نظرتهم إليك؟ هل ثمة حالات أو عبارات محددة أبدى فيها الآخرون عدم فهمهم الكامل لك، أو وجدت أن تصوراتهم عنك ما زالت قديمة؟ والأهم من ذلك، كيف تعرف أنهم مخطئون وأنك محق، وليس العكس؟ من المُجدي هنا التحدث إلى الأصدقاء والزملاء الموثوق بهم للحصول على وجهات نظرهم، والبحث في الإنترنت عن معلومات تتعلق بك. اسأل نفسك: ما الذي قد يستخلصه شخص لا يعرف شيئاً عني من هذه المعلومات؟ في الواقع، يمكنك حتى محاولة طرح هذه الأسئلة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (مثل تشات جي بي تي أو بيربليكسيتي)، فهذه النماذج اللغوية الضخمة ستقدم لك تقديراً جيداً نسبياً حول تصورات الآخرين عنك عند تزويدها بأوامر نصية مناسبة تضم معلومات محددة. أشار توماس في كتابه الأخير بعنوان: "نحن البشر: الذكاء الاصطناعي والأتمتة والسعي إلى استعادة ما يميزنا" (I, Human: AI, Automation, and the Quest to Reclaim What Makes Us Unique)، إلى إمكانية استخدام الذكاء الاصطناعي موجهاً بديلاً عن البشر. عندما تفهم الفجوة بين تقييمك الذاتي لنفسك ونظرة الآخرين عنك (أن يعتبرك الآخرون شخصاً "فاعلاً" بدلاً من مخطط استراتيجي مثلاً، أو يفترضون أنك لن تكون الشخص الذي سيقدم العرض التقديمي)، فيمكنك حينها وضع خطة لتغيير نظرتهم.

ضع خطة عمل تفصيلية

لا يمكنك تغيير علامتك التجارية الشخصية بالترويج لها، بل عليك أن تُظهر للآخرين التغييرات في سلوكك وأفعالك مرة تلو الأخرى على مدى فترة زمنية طويلة. لست مضطراً إلى اتخاذ أي خطوة لخلق هوية جديدة، فأنت تمتلك هوية بالفعل، كل ما عليك فعله هو التركيز على أن يلاحظها الآخرون. فكّر في الأفكار المغلوطة لدى الآخرين عنك وفعل ما يلزم لتغييرها؛ إذا عززت مهاراتك في مخاطبة الجمهور مثلاً فتطوع لإلقاء خطابات ترويجية أكثر، وبادر إلى التحدث في الاجتماعات لتُبرز قدراتك الجديدة، وإذا كان الآخرون يعتبرونك شخصاً يتمتع بقدرة على تنفيذ المهام بصورة عملية، وساعدت في تطوير الاستراتيجية مثلاً، فلا تخشَ من نسب الفضل (المبرر) لنفسك؛ وفي الوقت نفسه احذر من المسارعة إلى التطوع لتنفيذ المهام.

تحلَّ بالصبر الاستراتيجي

نتمنى جميعاً أن تحدث التغييرات في حياتنا بسرعة وأن نحظى بالتقدير الذي ننتظره من الآخرين، لكن تقول دوري في كتابها الذي يحمل عنوان "اللعبة الطويلة: كيف تصبح مفكراً خالداً في عالم فانٍ" (The Long Game: How to Be a Long-Term Thinker in a Short-Term World)، إن علينا التحلي بـ "الصبر الاستراتيجي"؛ لا تقصد بذلك أن الصبر بحد ذاته يتمتع بالقيمة -إذا كان بإمكانك تحقيق هدفك بسرعة فلا تتردد- ولكن توجد أهداف كثيرة يستغرق تحقيقها وقتاً طويلاً، مثل الفوز بترقية في العمل أو استقطاب عميل جديد إلى الشركة أو حتى كسب سمعة الخبير المتخصص، ومن النادر أن تكون نصائح تحسين الحياة فعالة في هذه السياقات، على الرغم من كثرة الطلب عليها.

الجانب المفاجئ الآخر الذي قد يتطلب التحلي بالصبر أيضاً هو إدراك أن قبول الآخرين لتصورك الجديد عن ذاتك يستغرق وقتاً طويلاً؛ فأي تغيير في ظروفك (الزواج مثلاً) يؤثر أيضاً في أصدقائك وأفراد عائلتك المقربين الذين يحملون انطباعاً محدداً عنك، وقد يشعرون بالانزعاج ويحتاجون إلى بعض الوقت لتقبّل التغيير.

يتطلب كل من التميّز ومواكبة التطورات في عالم سريع التغير وضع استراتيجية ملائمة وخطة تنفيذ مُحكمة. وبما أن التغيرات في اهتماماتك المهنية وتطلعاتك وأهدافك النهائية باتت أسرع من أي وقت مضى فليس من الضروري أن تعكس علامتك التجارية الشخصية العامة أفكارك ومعتقداتك. في الواقع، ثمة فجوة بين نظرتنا عن أنفسنا ونظرة الآخرين عنا غالباً، وبالتالي يجب أن نركز بوعي على تقليص هذه الفجوة لبلوغ السمعة أو العلامة التجارية التي نصبو إليها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .