الدروس المستفادة من 1,000 تجربة في مجال التسعير الإلكتروني

7 دقيقة
استراتيجيات التسعير
كيمالباس/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: بالنسبة لغالبية شركات التجزئة الصغيرة والمتوسطة الحجم في مجال التجارة الإلكترونية، عادة ما تُحدد الأسعار وتُحدّث بطريقة عشوائية وغير منظمة دون وجود جهة واحدة مسؤولة وواضحة. تبدأ العملية غالباً باستخدام هامش الربح الإجمالي المستهدف، يليها إجراء مقارنة مع أسعار المنافسين، ثم إجراء بعض التعديلات. يعلم كثير من شركات التجزئة هذه أن استراتيجية التسعير هذه ليست مثالية وأنها على الأرجح تخسر أرباحاً محتملة، وهذا صحيح في كثير من الأحيان، فقد أثبتت تجربة المؤلفين مع اختبار الأسعار أن قدراً كبيراً من الأرباح يضيع عندما تُتبع استراتيجية تسعير دون المستوى الأمثل.

يعد تحديد السعر الأمثل للسلع أو الخدمات أحد أهم القرارات بالنسبة لشركات التجزئة وأصحابها، وتؤدي المغالاة في الأسعار إلى انخفاض الطلب والحصة السوقية، بينما يؤدي تحديد أسعار منخفضة جداً إلى التضحية بهامش الربح وربما الإضرار بسمعة العلامة التجارية على المدى الطويل.

لحسن الحظ، يوفر اختبار أ/ب على الأسعار (المعروف أيضاً باسم تجربة الأسعار) نهجاً مباشراً لتحديد فرص تحسين قرارات التسعير، إذ يمكن أن يسفر اختبار الأسعار بطريقة منهجية وصارمة عن نتائج موثوقة أكثر مقارنة بالاعتماد على الحدس البشري وحده، كما يوفر رؤى أفضل حول استعداد المستهلكين لدفع ثمن منتج أو خدمة معينة وطريقة لرصد اتجاهات السوق واكتشافها بسرعة.

تقدم شركتنا، إنتيليجيمز (Intelligems)، حلاً يساعد شركات التجزئة عبر الإنترنت على إجراء تجارب الأسعار لتقييم استراتيجيات التسعير ومراقبتها وتحسينها. تُعد تجارة التجزئة الإلكترونية قطاعاً مناسباً لاختبار الأسعار، إذ تجذب المتاجر الإلكترونية مليارات الزائرين شهرياً، ويمكن تعديل "واجهات المحال" الرقمية هذه بسهولة من خلال الأدوات البرمجية المساعدة (plug-ins) لتسهيل اختبارات أ/ب. أجرينا حتى الآن أكثر من ألف اختبار للأسعار (تحديداً، 1,117 اختباراً) لدى أكثر من 300 شركة تجزئة عبر الإنترنت، وقد شملت اختبارات الأسعار هذه معاملات تزيد قيمتها على 500 مليون دولار من 100 مليون متسوق عبر الإنترنت. يغطي هذا المقال بعضاً من أهم الدروس والفوائد الإجمالية لاختبار الأسعار لدى شركات التجزئة عبر الإنترنت.

من المهم ملاحظة أن "التسعير" في التجارة الإلكترونية يشمل عدة جوانب في الواقع، منها بالطبع السعر المقرر، أو سعر التجزئة الموصى به من الشركة المصنِّعة (MSRP) الذي يراه الزبون، ولكن بائع التجزئة يتخذ العديد من القرارات الأخرى التي تؤثر في السعر النهائي ورغبة الزبون في الشراء. على سبيل المثال، هل سيحصل الزبون على ميزة الشحن المجاني؟ هل يحتاج إلى الوصول إلى حد إنفاق معين للحصول على هذه الميزة؟ هل سيتلقى حسماً على السعر أو رمزاً ترويجياً؟ هل يتوفر قسم للتصفية أو التخفيضات؟ هل تتوفر عروض باقات أو حزم متعددة تمنح حسماً على السعر مقابل مشتريات أكبر؟ هل يتوفر حسم مخصص للاشتراكات؟ هذه كلها اعتبارات مهمة نعتقد أنه يجب اختبارها معاً، مع ذلك سنركز في هذا المقال على نوعين محددين من تجارب التسعير: الأسعار المقررة ورسوم الشحن.

استراتيجية التسعير الراهنة: ليست فعالة

بالنسبة لمعظم شركات تجارة التجزئة الإلكترونية الصغيرة والمتوسطة الحجم (التي تحقق إيرادات سنوية أقل من 75 مليون دولار)، عادة ما تُحدد الأسعار وتُحدّث بطريقة عشوائية وغير منظمة دون وجود جهة واحدة مسؤولة وواضحة. تبدأ العملية غالباً باستخدام هامش الربح الإجمالي المستهدف (المعروف أيضاً بالتسعير على أساس التكلفة المضافة)، يليها إجراء مقارنة مع أسعار المنافسين ثم إجراء بعض التعديلات، مثل التقريب إلى أقرب 9 دولارات.

يعلم كثير من شركات التجزئة هذه أن استراتيجية التسعير هذه ليست مثالية وأنها على الأرجح تخسر أرباحاً محتملة، وهذا صحيح في كثير من الأحيان، فقد أثبتت تجربتنا مع اختبار الأسعار أن هناك قدراً كبيراً من الأرباح يضيع عندما تُتبع استراتيجية تسعير دون المستوى الأمثل. شهدت العلامة التجارية المتوسطة التي تعاونا معها لتنفيذ استراتيجية اختبار الأسعار زيادة بنسبة 6% في إجمالي أرباحها، واكتشفنا أنه من 811 اختباراً للأسعار على مدار العامين الماضيين بالتعاون مع أكثر 300 شركة تجزئة أن ثمة سعراً "أفضل" في 54% من الاختبارات.

يتضمن الاختبار النموذجي مجموعة التحكم (يُستخدم فيها السعر المعتاد الذي يحدده بائع التجزئة) ومجموعة تجريبية أو أكثر يُعدّل السعر فيها إلى قيمة جديدة. ثم نجري بعد ذلك اختبار أ/ب حيث نعرض في الوقت نفسه أسعاراً مختلفة للمنتج نفسه وفي موقع التجارة الإلكترونية نفسه لمستخدمين مختلفين، ثم نتتبع أثر ذلك في الإيرادات والأرباح.

وبالمثل، عملنا بالتعاون مع أكثر من 180 شركة تجزئة في العامين الماضيين على 306 اختبارات على شروط الشحن، مثل الشحن المجاني مقابل الشحن المأجور، أو تطبيق أسعار شحن مختلفة؛ وزعنا الزوار الجدد خلال هذه الاختبارات عشوائياً على مجموعات تجريبية مختلفة (على سبيل المثال، مجموعة تتلقى شحناً مجانياً على الطلبات جميعها ومجموعة تتلقى شحناً مجانياً على الطلبات التي تزيد قيمتها على 100 دولار)، وأعلنا عن شرط الشحن المخصص للزبائن على الموقع الإلكتروني، ثم طبقناه على طلباتهم عند إتمام عملية الشراء، لضمان اختبار واضح ومضبوط طوال تجربة التسوق التي خاضها الزبون، فأظهرت 60% من اختبارات الشحن أن خيارات الشحن الجديدة أعلى فعالية من الطريقة المعتادة (الوضع الراهن).

كانت النتائج كالتالي:

الأسعار مرتفعة جداً غالباً!

في 54% من اختبارات الأسعار التي تفوّق فيها السعر التجريبي على السعر الأصلي (سعر التحكم)، لاحظنا أن 59% من نقاط السعر الناجحة أقل من السعر الأصلي، يشير ذلك إلى أن شركات تجارة التجزئة الإلكترونية عادة ما تبالغ في أسعار منتجاتها، ما يؤدي بالتالي إلى ضياع بعض فرص الطلب المربح. كما أظهرت 52% من الاختبارات التي نجحت فيها الأسعار الجديدة (التجريبية) أن الفرق بين السعر الناجح والسعر الأصلي (سعر التحكم) وصل إلى نحو 10% على الأقل (ووصل أحياناً إلى 30%)، ما يدل على أن استراتيجيات التسعير الحالية لدى كثير من شركات التجزئة ليست مثالية على الإطلاق غالباً.

من المثير للاهتمام أن القصة كانت معكوسة بالنسبة لاختبارات أسعار الشحن؛ على وجه التحديد، من بين 57% من اختبارات أسعار الشحن التي كان فيها السعر الناجح مختلفاً عن سعر التحكم (الحالي)، وجدنا أن 60% من هذه الأسعار الناجحة كانت في الواقع أعلى من سعر التحكم. هناك عدة تفسيرات محتملة لهذه النتيجة، أحدها هو أن شركات تجارة التجزئة الإلكترونية في الولايات المتحدة تشعر بضرورة منافسة عرض الشحن المجاني الذي تقدمه شركة أمازون لمشتركي خدمة برايم (Prime)، فعند اختبار عتبة الشحن المجاني، أي إجمالي المشتريات التي يحصل العملاء عند تجاوزها على شحن مجاني، وجدت 70% من الشركات أن العتبة الحالية أو عتبة أعلى كانت الخيار الأفضل، وفي 30% فقط من الحالات كان توفير شحن مجاني بسهولة أكبر خياراً مربحاً. وبالمثل، في الاختبارات التي تضمنت خيار الشحن المجاني للعملاء كافة (دون اشتراط حد أدنى لحجم المشتريات)، لم يتفوق خيار الشحن المجاني إلا في أقل من نصف الحالات.

باختصار، وجدنا أن شركات التجزئة تميل إلى المبالغة في الأسعار المقررة للمنتجات بينما تقلل أجور الشحن على نحو غير مناسب.

_360).

وجدنا أن 96% من شركات تجارة التجزئة الإلكترونية التي أجرت 3 اختبارات للسعر على الأقل وجدت سعراً أفضل، بمتوسط تحسن بنسبة 3.2% في تباين سعر الشراء (PPV)، علماً أن هذه الاختبارات استغرقت 3 أسابيع في المتوسط وتوصلنا من خلالها إلى تقييم سريع لأداء استراتيجيات التسعير المختلفة. وحتى شركات التجزئة التي أجرت اختبار سعر واحداً فقط اكتشفت سعراً أفضل في 72% من الحالات، ولوحظ اتجاه مماثل بالنسبة لاختبارات الشحن، ففي 78% من شركات التجزئة التي أجرت اختبارين على الأقل لشروط الشحن تفوقت شروط الشحن التجريبية على شروط التحكم (ترتفع هذه النسبة إلى 96% بالنسبة للشركات التي أجرت 3 اختبارات على الأقل). في هذه الحالة، أدت سياسة الشحن الناجحة إلى تحسن قدره 4.5% في متوسط تباين سعر الشراء.

نتائج ملموسة لتجربتين على الأسعار

لتقديم مثال أكثر واقعية حول فائدة اختبارات الأسعار، سنستعرض اختبارين للتسعير أجريناهما مع العلامة التجارية شيتس آند غيغلز (Sheets & Giggles) التي تبيع منتجاتها مباشرة إلى المستهلكين. تقدم العلامة التجارية منتجات الفراش المستدامة المصنوعة من ألياف الأوكالبتوس، وهي تشمل ملاءات الأسرّة وأغطية الوسائد والبطانيات واللحف.

كان أول اختبار للأسعار بالتعاون مع الشركة يهدف إلى اختبار أسعار منتجات الملاءات الأساسية جميعها على نطاق واسع لتقييم استجابة العملاء للأسعار على المستوى الكلي، وشمل الاختبار ألوان أطقم الملاءات ومقاساتها وأنواعها كافة. اختبرت الأسعار الحالية في مقابل أسعار أقل وأعلى بنسبة 15%، ومن خلال تضمين أشكال المنتجات كلها في الاختبار، تمكنت شيتس آند غيغلز من جمع البيانات بسرعة أكبر لأن غالبية الطلبات من المتجر كانت تتضمن منتجاً خاضعاً للاختبار. تمثلت المشكلة في أن هذا الاختبار قدم نتائج عالية المستوى وإنما من دون رؤى متعمقة في المنتجات الفردية، لكننا عالجنا هذه المشكلة في اختبارات لاحقة.

طُبقت استراتيجيات التسعير الثلاث عشوائياً على كل جلسة تسوق على مدى شهر واحد، وشارك أكثر من 58 ألف متسوق محتمل في الاختبار. كانت النتائج قوية ومخالفة لاعتقاد الرئيس التنفيذي لشركة شيتس آند غيغلز بضرورة رفع الأسعار؛ عندما كانت الأسعار أقل بنسبة 15% ارتفع معدل التحويل بنسبة 40%، تعني هذه الزيادة غير المتناسبة في الطلب أنه على الرغم من انخفاض هامش الربح للوحدة، كان إجمالي الربح الذي تحققه العلامة التجارية أكبر بكثير عموماً.

كما كان أداء مجموعة العملاء الذين عُرضت عليهم أسعار أعلى بنسبة 15% أفضل مقارنة بالمجموعة التي عُرض عليها السعر الحالي (استراتيجية التسعير الحالية)، ولكن بفارق ضئيل، ولم يكن هناك انخفاض يُذكر في معدل التحويل عندما كانت الأسعار أعلى. يعتقد فريق شيتس آند غيغلز أن هذه النتائج غير المتوقعة كانت بسبب العمل في سوق تنافسي جداً، وأن أسعار منتجاتهم الحالية كانت عالقة إلى حد ما في منطقة وسطى غير مميزة بين المنافسين في سوق البضائع الفخمة وسوق البضائع الرخيصة.

حين اتضح أن أسعار سوق البضائع الأرخص قليلاً كانت مثالية، أصبح بمقدور شيتس آند غيغلز المضي قدماً في تحديث استراتيجيات التوريد (هل يمكنها خفض التكاليف) واستراتيجية التخفيضات (هل يمكنها اعتماد نهج "أسعارٍ منخفضة دائماً" بدلاً من العروض الترويجية التقليدية)، وغيرها.

كان الغرض من تجربة الأسعار الثانية اختبار تأثير "التسعير النفسي" (charm pricing)؛ مثل العديد من شركات التجزئة، كانت شيتس آند غيغلز تستخدم أسعاراً تنتهي ب 95 سنتاً، وهي استراتيجية تُدعى "التسعير النفسي" وتهدف إلى جعل المنتجات تبدو أرخص مما هي عليه في الواقع،

لتقييم فعالية استراتيجية التسعير هذه، أجرينا اختباراً للسعر على الملاءات ذات الحجم الكبير (المنتج الأكثر مبيعاً)، وتحديداً قارنا السعر الحالي للمنتج البالغ 149.95 دولاراً بسعر أعلى قليلاً وهو 150 دولاراً. لم يتطلب هذا الاختبار سوى يوم واحد فقط للحصول على نتيجة ذات دلالة إحصائية، حيث أظهر أن معدل التحويل للملاءات ذات الحجم الكبير انخفض بأكثر من 10% عندما سُعّرت بـ 150 دولاراً، وتبين أن أحد أقدم خدع التسويق لا يزال فعالاً إلى حد ما.

على الرغم من فائدة اختبارات الأسعار فهي ليست حلاً للمشاكل كلها، إذ تتطلب جهداً ودقة وإعداداً تقنياً، ومع ذلك فهي لا تحدد السعر الأمثل بدقة. يجب أن تقترن هذه الاختبارات بالتفكير الاستراتيجي الشامل الذي يتضمن المشهد التنافسي وتخفيض الأسعار وسياسات الشحن والإرجاع وقنوات الإعلان وغيرها من العوامل.

ومع ذلك فهي من أسرع الطرق التي تتيح لشركة التجزئة جمع البيانات حول التسعير. فبمجرد بدء الاختبار، سيبدأ بتوليد بيانات ورؤى قيمة لم تكن متاحة بالأمس حول المرونة السعرية لمنتجاتك، ولن تكون هذه الاختبارات مناسبة لكل شركة تجزئة، لكنها من أسرع الطرق وأكثرها فعالية لجمع البيانات واستخدامها لتحسين استراتيجيات التسعير. ومثلما رأينا، ثمة سعر أفضل يمكن الوصول إليه دائماً.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .