بنية شبكة معارفك أهم من حجمها

3 دقائق
شبكة المعارف

وجدت دراسة أجرتها شركة "شليسنغر أسوشييتس" (Schlesinger Associates) لصالح شركة "أوغور" (Ugur)، أن 75% من المسوقين يرون أن إيجاد المؤثرين المناسبين هو الطابع الأكثر تحدياً في خطة التسويق بالمؤثرين. قد يعود السبب في ذلك إلى مقاربة خاطئة يعد وفقها حجم شبكة المعارف والاتباع لشخص ما المعيار الأساس لمدى تأثيره. وقد أظهر بحث آخر أنك لست بحاجة إلا إلى بضعة مؤثرين، لإعطاء انطباع بأن الجميع يتحدثون عن علامتك التجارية.

فقد كشف الباحثون في "جامعة جنوب كاليفورنيا" (University of Southern California)، عن "وَهم الأغلبية"، وهي مفارقة ضمن الشبكات الاجتماعية تجعل بعض الأفكار أو السلوكات أو الصفات تبدو كأنها شديدة الرواج، حتى إن لم تكن كذلك. وحيث أننا لا نستطيع أن نبقى على اطلاع بما يفعله الناس في العالم كله، نقتصر على متابعة ما تخبرنا به شبكتنا الاجتماعية وتفعله. وأحياناً يشوش بعض أعضاء شبكتنا ذوي الاتصال الجيد إدراكنا لمدى الشيوع الفعلي لفكرة أو سلوك معين. وعندما تبدو إحدى الأفكار أو الأعمال أكثر رواجاً بكثير مما هي عليه، تتعاظم أرجحية تبنّيها من قبل الآخرين أيضاً. لذا، قد يكون وهم الأغلبية هو القوة الحقيقية الدافعة للرواج لأمر أو فكرة ما.

مع ذلك، وفي إطار الاستخدامات الخبيثة، قد يؤدي وهم الأغلبية بالناس إلى تبني معتقدات خاطئة، أو حتى وجهات نظر متطرفة، دون إدراك أن تلك المعتقدات، أو وجهات النظر، نادرة، مما يسهم في تفسير كيفية نمو الجماعات السياسية والأيديولوجية المتطرفة.

وما وراء تفسير سبب ظهور المعتقدات غير الشائعة على نحو أكثر رواجاً بكثير مما هي عليه، يفسر وهم الأغلبية أيضاً شيئاً نعرفه من قبل: يعتمد التأثير إلى حد كبير على امتلاك الاتصالات المناسبة. إلى جانب أن يكون الفرد متصلاً جيداً، يؤدي موقعه ضمن شبكة المعارف الاجتماعية دوراً في قدرته المحتملة على إنشاء وهم الأغلبية.

إن اتصالنا الجيد، أو موقعنا الاستراتيجي في شبكة المعارف الاجتماعية، قد يؤثر على قدرتنا على التأثير في الآخرين أكثر من عدد متابعينا. ولكن، لا يعني ذلك أن عدد المتابعين غير مهم، فالأفراد أصحاب الشبكات الاجتماعية الكبرى يميلون إلى أن يكونوا أقوى تأثيراً. وما يهم كذلك بنية تلك الاتصالات، لذا يتعين على المسوقين التركيز على عاملين آخرين يقيسان درجة التأثير في الشبكة الاجتماعية، وهما: "المركزية البينية"، والقُرب.

تمثل "المركزية البينية" موقع الشخص بين الأقسام المختلفة لشبكة اجتماعية، ويعتبر ارتفاعها مؤشراً على امتلاك صاحبها موقعاً استراتيجياً. خذ، على سبيل المثال، مديراً تنفيذياً له اتصالات في صناعات متعددة، وقارنه بقائد تقتصر اتصالاته الجيدة على صناعته.

أما القُرب، فهو متوسط عدد الدرجات بين فرد ما وأعضاء آخرين في الشبكة. من المرجح أن يمارس شخص بدرجة واحدة من الانفصال، أو مقرب أكثر، تأثيراً أكبر (فكر في مدى سهولة الحصول على خدمة من صديق، مقابل الحصول عليها من ابنة خالة أم صديق الصديق).

والمؤثرون أصحاب المركزية البَينية العالية مثاليون للتوصل إلى جمهور كبير، في حين أن المؤثرين ضمن مجموعة في قطاع معين شديد الترابط هم الأفضل لتحقيق الأهداف العملية. هل تريد إذاعة خبر عن منتج جديد بسرعة؟ ابحث عن بضعة مؤثرين من ذوي المركزية البينية العالية، ودعهم يتحدثون عن ذلك المنتج. والانتشار المحتمل هو الأكبر بالنسبة إلى المؤثرين أصحاب الموقع الاستراتيجي، نظراً إلى أن اتصالاتهم عبر الشبكات المختلفة تساعدهم في نشر المعلومات بفاعلية.

هل تريد من الناس أن يعملوا على أداء شيء، مثل تسجيل أسمائهم لتجربة مجانية أو مشاركة فيديو؟ وجد الباحثون أن وهم الأغلبية يرجَّح حدوثه حين يميل أعضاء فريق من ذوي الاتصالات المحدودة، إلى الاتصال بأفراد ذوي اتصالات كثيرة. وفي الشبكات الاجتماعية التي لا تكثر اتصالات أعضائها، التعرض لأفكار وآراء خارجية أمر محدود، ما يسهل التأثير في أولئك الأعضاء. والأعضاء أصحاب الاتصالات الأكثر في هذه الشبكات شديدة الترابط – والذين سنسميهم قادة القطاع – لهم تأثير عظيم داخل شبكتهم، ما يجعلهم شركاء مثاليين لأداء المهمات التحويلية.

وكما قال مالكولم غلادويل في كتابه "نقطة التحول" (The Tipping Point): "هناك أشخاص استثنائيون في العالم قادرون على التأثير في الملايين، وكل ما عليك فعله هو العثور عليهم". لحسن الحظ، لست بحاجة إلى وضع نموذج بياني للشبكة لتحديد أماكن المؤثرين أصحاب الإمكانات الكبرى، لإحداث وهم الأغلبية. وللعثور على مؤثرين يتمتعون بمركزية بينية عالية، ابحث عن الأشخاص الذين يتابعهم مؤثرون آخرون، لديهم أيضاً متابعون عبر أعمدة عديدة. وسيساعدك التداخل الطبيعي لقطاعهم مع قطاعات أخرى (مثل صحفي متنقل بين بلد وآخر يتابعه مختصون في الأعمال في مجموعة متنوعة من الصناعات). وللعثور على قادة القطاعات، ابحث عن الأشخاص ذوي الاهتمامات محدودة التركيز، والذين يشبههم متابعوهم، ذوو العدد الأكبر من المتابعين.

وأخيراً، يعد التوقيت عاملاً رئيسياً في إنشاء وهم الأغلبية. نسِّق مع بضعة مؤثرين من شبكة المعارف الخاصة بك بنفس التوقيت لنشر رسالتك أو منتجك أو محتواك، وهذا سيعطي الانطباع بأن "الجميع" يتحدثون عن علامتك التجارية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي