هل أنت قلق من أن يكرهك زملاؤك الجدد في العمل؟

6 دقائق
بناء النفوذ في مكان العمل الجديد
ألبيرتو بيزولي/غيتي إيميدجيز

ملخص: لن يصبح الجميع معجبين بك عندما تنضم إلى شركة جديدة، وقد يسعى البعض إلى إحباطك على الرغم من الجهود التي تبذلها للتكيف والاندماج. ولكن هناك استراتيجيات يمكنك اتباعها لبناء النفوذ في مكان العمل الجديد حينما يكون ذلك ضرورياً وإفساح المجال ببطء أمام الرافضين والمعارضين للإيمان بك وتقبُّلك. ولمنع حدوث الخطأ المتمثل في تحطيم المعايير وأساليب العمل المقبولة في المؤسسة قبل أن تتمكن من تطوير مكانتك بها، ابدأ في تشكيل مجلس إدارة شخصي للحصول على رؤى ونصائح صادقة. اطلب من بعض الأشخاص الأكثر صعوبة في الإرضاء من حولك أن يقدموا لك ملاحظات وتعليقات مستمرة، ليس فقط لإظهار رغبتك في تطوير نفسك ولكن أيضاً لحماية نفسك من أي تدمير محتمل. وحاول التواصل مع زميل لا يتجاوب معك أو حتى يحبطك وابدأ معه محادثة من القلب إلى القلب. وضع في اعتبارك أنهم لا يكرهونك لشخصك بل يكرهون ما تمثله. لذلك إذا اكتشفت أن بعض الزملاء يسيئون إليك من وراء ظهرك أو يجعلون تعاونك معهم صعباً في بداية فترة انضمامك إلى العمل، فمن العدل أن تقول لهم إنهم لم يكن لديهم الكثير من الوقت للتعرف عليك، إذ قد تكون هناك عوامل أدت إلى ذلك قبل وصولك.

 

في الأشهر القليلة الأولى من الانضمام إلى شركة جديدة، قد تشعر بالحماس تجاه المغامرة الجديدة والخوف مما إذا كان المكان الجديد مناسباً لك. ولذلك قد يكون من المربك والمزعج ملاحظة أن بعض الزملاء لا يرحبون بك، بل وقد يسعون أيضاً إلى إحباطك. ولن يؤدي سلوكهم إلى إلهائك عن تقديم أفضل ما لديك فحسب، ولكن نظرتهم هذه يمكن أن تضر بمكانتك وسمعتك، خاصة إذا كانوا من ذوي النفوذ في الشركة.

تعد معضلة التكيف مع الزملاء الجدد مشكلة شائعة ومنتشرة. إذ يفشل نصف عدد المعينين الجدد في مناصب رفيعة المستوى في غضون الـ 18 شهراً الأولى، ويرجع ذلك بصورة رئيسية إلى عدم قدرتهم على التأقلم مع ثقافة الشركة، وغالباً ما يكون ذلك نتيجة لعدم إعداد الموظفين الجدد للعمل بطريقة جيدة. وبالنسبة إلى القائد المعين حديثاً، فإن الانسجام مع زملاء العمل أمر منشود للغاية لدرجة أن ما يصل إلى 58% من الرجال و74% من النساء قد يرفضون وظيفة ذات راتب مرتفع إذا كان ذلك يعني أنهم لن يكونوا على وفاق مع زملائهم.

طرق لبناء النفوذ في مكان العمل الجديد

هناك الكثير من المتغيرات التي قد تجعل زملاءك يتسببون في إحباطك أو فشلك في الفترة الأولى من انضمامك إلى الشركة، والعديد منها خارج نطاق سيطرتك. ولكن فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكنك اتباعها لضمان ألا تتسبب انطباعاتهم في تقويض حماسك أو عرقلة نجاحك.

ضع في اعتبارك أنهم لا يكرهونك لشخصك بل يكرهون ما تمثله

إذا اكتشفت أن بعض الزملاء يسيئون إليك من وراء ظهرك أو يجعلون تعاونك معهم صعباً في بداية فترة انضمامك إلى العمل، فمن العدل أن تقول لهم إنهم لم يكن لديهم الكثير من الوقت للتعرف عليك، إذ قد تكون هناك عوامل أدت إلى ذلك قبل وصولك.

على سبيل المثال، ذكرت نائبة أولى للرئيس معينة حديثاً وقد قدمتُ لها تدريباً إرشادياً أن الكثير من الأعضاء في فريقها الذي تولت قيادته تصرفوا بطرق سلبية وعدوانية، فقد أخبروها بما تود سماعه في الوقت الذي لم يستجيبوا فيه للإجراءات المتفق عليها. وفي محادثة مع مديرها، وجدت أن ما يقرب من نصف أعضاء الفريق كانوا قد تقدموا بطلب للحصول على وظيفتها. وبذلك لم يكن زملاؤها منزعجين من اختيارها لهذا المنصب فحسب ولكنهم أيضاً كانوا مستائين من فكرة تعيين شخص من خارج الشركة بدلاً من ترقية شخص من داخلها. وللأسف أصبحت هذه النائبة تمثل دون قصد الشكوى التي طال أمدها لموظفي هذا القسم.

في بعض الحالات، قد تجد أيضاً أن زملاءك ينفرون منك بسبب الطريقة التي كان يتم بها التحدث عن انضمامك الوشيك إلى الشركة. درّبتُ مديرة تسويق في شركة عالمية مرموقة مدرجة ضمن قائمة "فورتشن 100" وقد غادرتها لتولي منصب نائب رئيس في شركة إقليمية أصغر حجماً. وعلى الرغم من تصرفها بتواضع وود، فقد وجدت أن العديد من زملائها عازفين عن التعامل معها.

وبعد بضعة أشهر شرحت لها زميلة على وفاق معها أن مديرها، وهو أحد النواب القليلين للرئيس في الشركة، بالَغ في الحديث عن تاريخها وخبراتها قبل انضمامها إلى الشركة لدرجة دفعت الموظفين إلى البدء في تكوين آراء حولها على الفور. فقد كان النائب الأول لرئيس الشركة فخوراً للغاية لأنه كان الشخص الذي "استقطب" موظفاً من علامة تجارية عالمية، ومن المفترض أن بوسع هذا الموظف أن يملي شروطه ويتصرف وفقاً لحاجاته ورغباته، ولكن رغبة النائب الأول لرئيس الشركة في أن يتلقى الثناء على قنص موظف نجم جعلت الموظف الجديد ينضم إلى الشركة في أجواء عدائية.

شكّل المجلس الاستشاري الخاص بك

بوصفك موظفاً جديداً من خارج الشركة، قد تكون متردداً في التوجه إلى مديرك أو زملائك لعرض أسئلتك أو شواغلك حول الاندماج مع ثقافة الشركة، في حال كان هناك انطباع بأنك غير كفؤ. لكن الغالبية العظمى من الشركات تقوم بعملية إعداد الموظفين الجدد بشكل سيئ، كما أن ما يصل إلى 20% من الموظفين الجدد يغادرون الشركة في الـ 45 يوماً الأولى من انضمامهم إليها. لذلك ستقدم لنفسك وللشركة معروفاً إذا كنت استباقياً ومبادراً في تعلُّم كيفية تجنُّب "الألغام" والعثرات المحتملة في أثناء تعرُّفك على ثقافة الشركة.

لمنع حدوث الخطأ المتمثل في تحطيم المعايير وأساليب العمل المقبولة في مؤسستك قبل أن تتمكن من تطوير مكانتك، شكّل مجلس إدارة شخصي للحصول على رؤى ونصائح صادقة. اطلب من بعض الأشخاص الأكثر صعوبة في الإرضاء من حولك أن يقدموا لك ملاحظات وتعليقات مستمرة، ليس فقط لإظهار رغبتك في تطوير نفسك ولكن أيضاً لحماية نفسك من أي تدمير محتمل.

مديرك هو أفضل مدافع عنك في البداية، بعد أن راهن على تعيينك، لذا حاول أن تجري معه الكثير من اللقاءات الفردية في أثناء مرحلة إعداد الموظفين الجدد. إذ يمكنه مساعدتك في المواءمة بين توقعات سير العمل ومعرفة أصحاب المصلحة الرئيسيين الذين تحتاج إلى التأثير فيهم لتحقيق النجاح. ثم استعن ببعض الأقران المرؤوسين لدى مديرك أيضاً وبمرؤوسيك المباشرين وزملائك في الأقسام الأخرى للحصول على المشورة بشكل مستمر. تتلخص الفكرة في قضاء الكثير من الوقت في تعلُّم "كيفية" إنجاز العمل بنجاح في الشركة ومعرفة "المهام" التي ينبغي لك القيام بها في دورك الوظيفي.

استَمِل أعداءك

سيحاول بعض الزملاء المستائين إحباطك، سواء عن طريق إخفاء المعلومات أو تأجيل التعاون أو مهاجمة أفكارك علناً. وفي كل حالة، من الضروري الحفاظ على نيتك الإيجابية في القيام بعمل جيد يعود بالنفع على مكانتك القيادية وأداء الشركة.

من المحتمل ألا يكون لسلوكهم علاقة بك بقدر ما هو متعلق بمخاوفهم، لذا انظر إليهم على أنهم "أعداء" ينبغي بناء علاقة معهم، لأنهم قد يصبحون حلفاء مفيدين في المستقبل. على سبيل المثال، يمكن أن تفاجئ زميلاً ينتقدك من وراء ظهرك بأن تطلب منه مساعدتك بنصائحه وخبراته في حل مشكلة ما في العمل. ويمكنك أيضاً الثناء عليهم علناً، ما سيُظهر أنك لا تخشى إعلاء شأنهم ومشاركتهم الأضواء. فهذه المبادرات لا تجعلهم يتقبلونك فحسب ولكنها أيضاً تشجعهم على معاملتك بالمثل بمرور الوقت.

اقرأ أيضاً: السرعة في إنجاز العمل

قد يكون من الصعب توليد الشعور بحسن النية تجاه أكثر المهاجمين والمنتقدين خطورة. ولكن بغض النظر عن مدى إغاظتهم لك، تذكّر هذه الحقيقة حول الطبيعة البشرية: حُب الناس بإخلاص يجعلهم يحبونك.

تظهر البحوث أنك عندما تتوقع أن يتقبلك شخص ما، فإنك تميل إلى التعامل معه بود ولطف، ما يجعله يتقبلك في نهاية المطاف. والعكس صحيح أيضاً: عندما تتوقع أن يرفضك زميل لك، فمن المرجح أن تتعامل معه ببرود يدفعه إلى رفضك. ليس عليك أن تصبح من معجبيهم، لكن لو تخيلت حتى أقل شيء يمكن أن يدفعك إلى حبهم والإعجاب بهم وتوقعت أنهم سيغيرون رأيهم فيك في نهاية المطاف، فسوف يتغير سلوكك غير اللفظي تجاههم. وهذا التغير في سلوكك يزعزع توقعاتهم السلبية بأنك لا تتقبلهم، ما سيجعلهم ينحازون إليك ببطء.

اعرف دورك في مفاقمة المشكلة

في حين أن استياء زملاء العمل منك في بداية انضمامك إلى العمل غالباً ما يكون ناتجاً عن عوامل متعلقة بمخاوفهم وبالديناميات المؤسسية التي سبقتك، إلا أنه من الحكمة التفكير في أفعالك التي يمكن أن تساهم في هذا التفكير السلبي أو تفاقمه.

يمكنك أن تحاول التواصل مع زميل لا يتجاوب معك أو حتى يحبطك وابدأ معه محادثة من القلب إلى القلب. ويمكن أن تكون النتيجة رائعة للغاية. يمكن أن تقول له: "أعلم أن هناك الكثير من الأشخاص غير المتحمسين للغاية تجاه وجودي هنا، وأتفهم ذلك. فبعض مخاوفهم متجذرة في أشياء خارج نطاق سيطرتي، ولكني لا أريد أن أختلق الأعذار إذا كان لي دور في أن يكون العمل معهم صعباً. لذا أحتاج إلى نصيحتك للنجاح في هذه الشركة. هل يمكنك أن تخبرني بما أفعله بشكل خاطئ وتقدم لي بعض الأفكار حول كيفية التكيف معهم على نحو أفضل؟".

بالإضافة إلى طلب الآراء، قم بعمل تقييم صادق لنهجك من خلال التأمل. على سبيل المثال، انضم أحد عملائي، وهو نائب لرئيس قسم تقنية المعلومات، إلى شركة جديدة وهي ثالث شركة ينضم إليها في العقد الماضي. وبعد عدة تجارب من عدم التكيف جيداً في شركات أخرى، أدرك أنه كان يعطي انطباعاً بأنه متعجرف وسلطوي للغاية، فغالباً ما كان زملاؤه ينظرون إليه على أنه يحاول بوقاحة الحصول على أكبر قدر من القوة والسلطة لمصلحته الشخصية من خلال زيادة عدد مرؤوسيه. ولذلك، عند انضمامه إلى هذه الشركة الجديدة، قرر أن يكون أكثر تواضعاً وأقل سيطرة في أثناء التعاملات. ولكن بعد بضعة أشهر، صُدم عندما وجد أنهم يتجنبونه لأنهم رأوا أنه متردد للغاية وأن نواياه لا تكون واضحة في الاجتماعات وأنه يطرح الكثير من الأسئلة لدرجة أنهم شعروا أنه يتعين عليهم القيام بعمله نيابة عنه. فقد بدا أن جهوده الرامية إلى عدم إغضاب أي شخص أو مضايقته قد أتت بثمارها!

ولذلك كان عليه إيجاد التوازن المناسب بين ما اعتاد أن يكون عليه وما يعتقد أنه ينبغي أن يكون عليه، بدون توجيه مباشر من أي شخص. ولكن من خلال ملاحظة استجابتهم له ووعيه بذاته، تعلم دروساً حول ثقافة الشركة وسرعة صناعة القرارات والكيفية التي تدفقت بها المعلومات في الشركات التي عمل فيها سابقاً. وكلما عمل على تكييف نهجه من خلال التجربة والتعديل وفقاً لاستجابة الآخرين، حسّن فرصه في النجاح حتى في حالة عدم تلقيه ملاحظات مباشرة.

لن يصبح الجميع معجبين بك عندما تنضم إلى شركة جديدة، وقد يسعى البعض إلى إحباطك على الرغم من الجهود التي تبذلها للتكيف والاندماج. ولكن باتباع هذه الاستراتيجيات، ستتمكن من بناء نفوذك حينما يكون ذلك ضرورياً وإفساح المجال ببطء أمام الرافضين والمعارضين للإيمان بك وتقبُّلك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي