ملخص: هل تؤدي برامج الولاء في الشركات إلى زيادة ولاء الزبائن؟ في دراسة حديثة، حلل الباحثون بيانات الشراء التي جُمعت على مدى عامين من أكثر من 10,000 زبون لدى شركة تجارة تجزئة أميركية كبرى لاستكشاف تأثير انضمام الزبائن إلى برامج الولاء على تغيير معدلات الإنفاق (أو عدم تغييرها). وتوصلوا إلى أن برامج الولاء تزيد الربحية بالفعل، ولكن لبعض الزبائن فقط وليسوا من قد تفكر فيهم. وعلى وجه التحديد، في حين كانت متاجر التجزئة تعمل على توجيه عروض برامج الولاء نحو الزبائن الذين بلغ إنفاقهم مستويات عالية سابقاً، توصل الباحثون إلى أن انضمام هؤلاء الزبائن إلى البرنامج لم يؤثر على إنفاقهم. من ناحية أخرى، أدت مشاركة الزبائن ذوي درجات الضعف الكبيرة تجاه المنافسين في برنامج الولاء إلى زيادة إنفاقهم بنسبة تقرب من 50%. استخدم الباحثون نموذج التعلم الآلي لتحديد هؤلاء العملاء بدقة، ولاحظوا أن أفضل مؤشر للتغيرات في الإنفاق يتمثل فعلياً في مواقع الزبائن من متاجر التجزئة والمتاجر المنافسة. وبناء على هذه النتيجة المفاجئة، يقول المؤلفان إن خبراء التسويق لا ينبغي أن يوجهوا عروضهم بناءً على تاريخ إنفاق الزبون بل بناء على موقعه، ويتعين عليهم التفكير في الاستثمار في أدوات تعلم الآلة البسيطة التي يمكنها مساعدتهم على تحديد السمات غير الواضحة التي قد ترتبط بالربحية في قطاعاتهم وأسواقهم على اختلافها.
تقدم 90% من شركات الترفيه والضيافة (وأكثر من 60% من جميع الشركات) نوعاً من برامج الولاء، ومع ذلك، فإن مدى نجاح هذه البرامج ليس واضحاً على الإطلاق. توصل أحد التقارير إلى أن المستهلك العادي ينتمي إلى أكثر من 14 برنامج ولاء مع عدة شركات متنافسة غالباً، ما يشير إلى أن هذه البرامج لا تؤدي إلى زيادة تذكر في ولاء الزبائن.
علاوة على ذلك، غالباً ما تستهدف متاجر التجزئة بعروض الولاء زبائنها أصحاب معدلات الإنفاق الأعلى، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية خطرة لأن هؤلاء الزبائن سينفقون أموالهم على أي حال، بدلاً من استهداف الزبائن الذين قد تقنعهم عروض التخفيضات بإنفاق مزيد من المال. أعرب أحد المسؤولين التنفيذيين في قطاع الضيافة عن أسفه قائلاً: "كما تعلمون، نحن نقدم برنامج مكافأة الزبائن، وهو مكلف نوعاً ما، وأنا أشعر بضرورة تقديم برنامج من هذا النوع لأن الجميع يقدمونه، لكني بصراحة لا أعرف بماذا سيفيدني". في كثير من الحالات، لا يبدو أن العائد على استثمار هذه البرامج يجدي نفعاً.
وفي نفس الوقت توصلت الدراسات إلى أن برامج الولاء تتمتع بقدرة على تقديم فوائد كبيرة للشركات الاستهلاكية، مثل متاجر التجزئة ومحلات البقالة والمطاعم والصالات الرياضية والصيدليات والمنتجعات الصحية والمقاهي وغيرها. يطور الزبائن غالباً ارتباطاً نفسياً أقوى بالعلامات التجارية التي تقدم برامج الولاء التي يشاركون فيها، ويمكن لهذه البرامج أن تزيد معدلات إنفاق الأعضاء والاحتفاظ بهم بدرجة كبيرة إذا تم تصميمها على النحو الصحيح.
تحسين برامج الولاء في الشركات
لمعرفة كيف يمكن لشركات تجارة التجزئة جني فوائد برامج الولاء بفعالية أكبر، أجرينا دراسة واسعة النطاق بالشراكة مع شركة تجارة تجزئة أميركية كبرى. حللنا بيانات الشراء التي جُمعت على مدى عامين من أكثر من 10,000 زبون فردي وما يبلغ مجموعه 2.4 مليون عملية شراء، ودرسنا أنماط الإنفاق، مثل عدد زيارات الزبون للمتجر ومقدار ما أنفقه فيها والسلع التي اشتراها قبل الانضمام إلى برنامج ولاء الشركة وبعده (تم جمع كافة البيانات قبل الجائحة ودرسنا عمليات البيع الشخصية فقط بعيداً عن عمليات البيع عبر الإنترنت). وبناء على مجموعة البيانات الشاملة هذه لاحظنا بعض التوجهات المثيرة للاهتمام.
أولاً، لاحظنا أن الاشتراك في برنامج الولاء لم يكن له تأثير ملحوظ على سلوك مجموعة كبيرة من الزبائن، إذ بدؤوا بجمع عروض التخفيضات (التي كانوا سعداء بها بالتأكيد) لكن تواتر زياراتهم وكمية إنفاقهم لم يشهدا أي تغيير.
ومع ذلك، أظهرت البيانات شريحتين من الزبائن أدت برامج الولاء إلى تغيير كبير في سلوكهما، هما الدامجون، أو الزبائن الذين بدؤوا بشراء منتجات إضافية من متجر التجزئة (وهي على الأرجح المنتجات التي كانوا يشترونها سابقاً من المتاجر المنافسة)، والمحسّنون، أو الزبائن الذين لم يزيدوا عدد زياراتهم إلى المتجر أو المنتجات التي يشترونها ولكنهم بدؤوا بشراء نسخ أفضل وأغلى ثمناً من نفس المنتجات التي كانوا يشترونها سابقاً من المتجر. بالنسبة لهذين النوعين من الزبائن، كان برنامج الولاء مربحاً للغاية إذ أدى إلى زيادة الإنفاق بنسبة 50% تقريباً، ولذلك نما لدينا اهتمام بمعرفة المزيد حول الطرق التي تساعد شركة تجارة التجزئة على تمييز تلك الشرائح واستهدافها بتسويق برنامج الولاء على نحو استباقي.
كانت شركة البيع بالتجزئة هذه مثل كثير من الشركات تعتمد إلى حد كبير على تحليل الأنماط في تاريخ الإنفاق من أجل تحديد الزبائن الذين يتمتعون بقيمة عالية، لكننا لاحظنا أن موقع الزبون هو فعلياً المقياس الذي حقق فائدة أكبر من فائدة التركيز على إنفاقه السابق. كانت مواقع الزبائن من متجر التجزئة والمتاجر المنافسة الرئيسية هي ما يحدد درجة "ضعفهم" تجاه المنافسة، وكلما ازداد ضعف العميل ازداد التأثير الإيجابي لبرنامج الولاء. ينطوي هذا الأمر على بعض العناصر، أولاً، أدى القرب من متجر التجزئة إلى زيادة هامشية في تأثير برنامج الولاء، في حين أدى القرب من المنافسين إلى زيادة تأثيره بدرجة كبيرة. وهذا منطقي؛ فمن المرجح أن تكون القدرة على استمالة الزبائن لزيارة متجر قريب منهم أكبر، وإذا لم يكن من السهل عليهم الوصول إلى المتاجر المنافسة فلن يكون لديهم مشتريات يدمجونها في المقام الأول، وبالتي يكون احتمال أن يصبحوا من الزبائن "الدامجين" ضئيلاً.
ومع ذلك، كشف تحليل أدق عن فروق دقيقة مهمة يصعب تحديدها حول تأثير المواقع المحددة للزبون ومتجر التجزئة والمتاجر المنافسة. مثلاً، يمكن للطريق الذي يسلكه الزبون للوصول إلى المتجر أن يحدث فرقاً كبيراً؛ إذا مر الزبون أمام متاجر منافسة في طريقه إلى المتجر، فمن المحتمل أن يكون أكثر ضعفاً وبالتالي سيكون مرشحاً ذا قيمة أعلى لبرنامج الولاء. وبالمثل، إذا كانت المتاجر المنافسة في مواقع جغرافية متباعدة، فقد يكون الزبائن أقل ضعفاً مما لو كانت مجتمعة في مواقع قريبة، لا سيما إذا كانت في الاتجاه المعاكس للمتجر الذي ينضم الزبون إلى برنامج الولاء فيه.
بالنظر إلى هذا التعقيد، يمكن أن يكون تحديد هذه التوجهات يدوياً مستحيلاً، ولكن أساليب التعلم الآلي الحديثة مناسبة تماماً لتحديد الأنماط في البيانات المعقدة، على عكس التحليل البشري. لقّمنا نموذجاً بسيطاً لتعلم الآلة بيانات شاملة حول إنفاق الزبائن ومواقعهم ومواقع متاجر التجزئة والمتاجر المنافسة، وتمكّن النموذج من التنبؤ بدقة بالزبائن الأضعف المناسبين للتسجيل في برنامج الولاء، والأهم من ذلك، أن النموذج توصل إلى أن الفروقات الصغيرة في المواقع توقع أثراً كبيراً على العائد على الاستثمار، ما يبرز قدرة الأدوات الآلية على تقسيم الزبائن إلى شرائح بطرق قد لا تبدو بديهية لكنها تؤثر بشدة على صافي المبيعات.
ماذا يعني ذلك بالنسبة لخبراء التسويق؟
نلاحظ فائدتين. أولاً، بدلاً من محاولة تحويل الزبائن أصحاب معدلات الإنفاق الأعلى، يجب على خبراء التسويق تحديد الزبائن الأضعف تجاه المنافسين واستهدافهم؛ يتمتع هؤلاء الزبائن الأضعف بقيمة التحويل الأعلى، وبالتالي سيؤدي استهدافهم بعروض برنامج الولاء إلى تحقيق أعلى عائد على الاستثمار.
والأهم في موضوع برامج الولاء في الشركات هو احتمال أن يكون من الضروري إعادة النظر في بعض المقاييس المتبعة. مثلاً، لاحظت شركة تجارة التجزئة التي عملنا معها أنه عند توجيه عروض برنامج الولاء إلى الزبائن أصحاب أعلى مستويات الإنفاق، أدت رسالة إلكترونية واحدة إلى زيادة احتمالات اشتراك هؤلاء الزبائن في البرنامج بنسبة 6.1%، وهو معدل تحويل يبدو مثيراً للإعجاب! ولكن عندما تعمقنا أكثر قليلاً لاحظنا أن أداء هذه الاستراتيجية كان في الواقع أسوأ قليلاً من الاستهداف العشوائي فيما يتعلق بتحديد الزبائن الذين سيؤدي اشتراكهم في برنامج الولاء إلى زيادة الربحية بالفعل، وكانت فعاليتها أقل بكثير من فعالية استراتيجية الاستهداف التي تشمل درجة ضعف الزبائن بناء على بيانات الموقع. وتحديداً، لم يظهر أصحاب الإنفاق العالي (أي الزبائن الذين استهدفتهم الحملات الأصلية) أي تغيير يذكر في الإنفاق بعد الانضمام إلى برنامج الولاء، في حين ازداد إنفاق العملاء الذين تم استهدافهم بناءً على ضعفهم تجاه المنافسين بنسبة 45%.
إضافة إلى قدرة هذا الأسلوب على زيادة العائد على الاستثمار، من الممكن أن يكون عملياً أكثر بكثير من التحليل التقليدي القائم على الإنفاق. تكون بيانات تاريخ المبيعات غالباً غير متاحة أو باهظة الثمن أو يصعب ربطها بمعلومات الزبائن الأخرى، في حين تكاد بيانات الموقع تكون متاحة بسهولة دائماً. مثلاً، لنفترض أنك تفتتح فرعاً جديداً أو تتوسع إلى سوق منتجات جديدة، من المحتمل أن تستهدف الزبائن الذين لا تتوفر لديك بيانات إنفاقهم التاريخية، ولكن يمكنك عن طريق بحث بسيط على خرائط "جوجل" الحصول على المعلومات التي تحتاج إليها لتحديد الموقع الذي سيكون تأثير برنامج الولاء فيه أكبر.
الفائدة الرئيسية الثانية هي أن ما فعلناه لم يكن صعباً. ليس عليك توظيف فريق من خبراء تعلم الآلة أو تحليل البيانات من أجل تنفيذ نموذج بسيط يساعدك على استخراج رؤى لم تكن ستحصل عليها لولاه من البيانات التي تملكها بالفعل. على الرغم من أن دراستنا وضّحت أهمية بيانات الموقع بالنسبة للعائد على الاستثمار في برنامج الولاء، لا بد من وجود مقاييس أخرى مرتبطة بالربحية في البرامج التي تقدمها القطاعات الأخرى، ويمكن أن يكون تعلم الآلة أداة قوية تساعدك في تحديد هذه الأنماط والاستفادة منها.
وفي ختام الحديث عن موضوع برامج الولاء في الشركات حول العالم، يتعلق الأمر كله بإعادة النظر في الطريقة التي تتبعها لاستهداف الزبائن، وبدلاً من التركيز على العملاء أصحاب الإنفاق العالي بالفعل، يجب أن يستفيد خبراء التسويق من الأدوات الآلية لتحديد العروض الترويجية وتركيزها بصورة مدروسة على الزبائن الذين سيتمتع ولاؤهم بقيمة أكبر والذين سيحقق تحويلهم أكبر عائد.