اهتم بزبائنك، لا منافسيك

4 دقائق
الاهتمام بالزبائن

تنطلق معظم عمليات التحليل المتصلة بالمنافسة من السؤال التالي: من هم منافسوك؟ وليس من فكرة الاهتمام بالزبائن. والسبب في ذلك هو أن معظم الشركات تنظر إلى منافسيها على أنهم علامات تجارية أو منتجات أو خدمات أخرى، إلا أن على القادة والمؤسسات الذكية النظر إلى ما وراء هذا المنظور.

ويجب عليك هنا ألا تسأل "من" منافسيك، بل "ما" هم؟ حيث تكمن الإجابة في أنهم أي عقبة أو مشكلة تواجه العملاء خلال رحلتهم الحياتية ويستخدمون خدماتك أو منتجاتك لحلها.

عندما ترأست قسم التسويق في "ماي فيتنس بال" (MyFitnessPal) وسُئلت عمن يكونون منافسينا، توقع الموظفون مني البدء في سرد قائمة من تطبيقات تتبع النشاط وبرامج فقدان الوزن.

لكن إجابتي كانت بأننا نعمل على أن يعيش عملاؤنا حياة صحية. بالتالي يكون منافسونا هم أي شيء يصعّب على عملائنا عيش هذه الحياة. حيث يشمل ذلك علم الأحياء (المذاق الجيد للدهون، والطعم الرائع للسكر، وبرمجة دماغنا التي تتوق للمزيد منهما)، والأكل من دون انتباه، وميزانيات الإعلانات والتسويق البالغة مليار دولار للشركات التي تقدم وجبات سريعة ومواد غذائية غير صحية أو مصنّعة. وفي كثير من الحالات كان منافسونا الفعليون حقيقة من لديهم تكلفة الغذاء الصحي أكبر من الغذاء غير الصحي وأقل ملاءمة منه.

لو كنا نظرنا إلى برامج تتبع خسارة الوزن على أنها منافسنا الوحيد، لربما قضينا الكثير من الوقت في محاولة القيام بما يفعلونه، إنما مع بعض التحسينات الإضافية. ولربما كنا جمعنا أموالاً أكثر لجذب المزيد من المشاهير للتحدث باسم الشركة، أو أطلقنا نظاماً جديداً لحساب نقاط التقدم لمستخدمي البرنامج أو غير ذلك.

ويجب بكل تأكيد وجود موظف في شركتك يفهم السوق ويعرف من هم منافسوك، وما هي المنتجات الأُخرى المتوفرة وكيفية أدائها مقارنة بما تقدمه وإلى ما ذلك. لكن سيتعارض إيلاء اهتمامك كله لما تقوم به الشركات الأُخرى وما تفعله مع قدرة فريقك على الانخراط ضمن عالم المستهلك. إذ يؤدي التركيز على منتجات الشركات الأخرى وخدماتها إلى ما ندعوه "وأنا أيضاً" والذي يمثل مجموعة الخدمات والمنتجات التي تقدمها فقط لأن باقي الشركات تقدمها (ولا يكون العملاء معجبين بها في المقام الأول).

في دراسة أخيرة قمت بها وشملت أكثر من ألفي مستهلك، قال أكثر من 50% إنهم يستخدمون المنتجات والمحتويات الرقمية والحقيقية 3 مرات على الأقل أسبوعياً في محاولتهم لتحقيق أهدافهم خلال حياة أكثر صحة وغنى وحكمة. إذ حصلت العلامات التجارية التي أزالت العقبات أمامهم وشجعتهم على التقدم طوال الرحلة على زيارات أكثر ومشتريات أكبر وتوصية بها أمام من يعرفونها.

خطوات الاهتمام بالزبائن

بعد إعادة تعريف منافسيك على أنهم العقبات التي تواجه عملائك، يصبح من السهل نسبياً التوقف عن الترويج لحرب مع منتج أو شركة أُخرى. فتوقف عن تحديد أهدافك بالرجوع إلى شركات أُخرى، وقلل من أوقات الاجتماعات المخصصة للحديث عن الشركات والمنتجات المنافسة. وقلل أيضاً من عمليات تصميم المنتجات في شركتك التي تركز على تقييم أو تكرار ما هو موجود بالفعل لدى البقية. وعليك بدلاً من ذلك إعادة استثمار وقت وجهد فريقك للتركيز على الأفكار والطرق التالية:

أولاً، أعد التفكير فيما تبيع

تعتقد معظم الشركات أنها تبيع منتجاً. لكن من أجل أن تتجاوز الشركة فكرة التعامل لمرة واحدة مع زبون، عليها التفكير بالعملية على أنها عملية تحويلية: القيام برحلة من وضع يعاني فيه العميل من مشكلة، إلى مستويات وإمكانيات جديدة تساعده فيها على تحقيق التغيير السلوكي الذي ينشده.

في غضون ذلك، يساعد محرك بحث خاص بالعقارات على جعل عملية "البيع" التي يقوم بها المستخدم أكثر حكمة عبر تسهيل القيام بعمليات البيع خلاله، في حين "تبيع" سلسلة متاجر "سي في إس هيلث" (CVS Health) المنتجات الصحية.

بعد ذلك، أعد التفكير في زبائنك

ليس العملاء من اشتروا منتجك أو تابعوك على فيسبوك، بل هم كل من يعاني من المشكلة التي تحاول شركتك العمل على حلها.

عليك الآن التركيز على مشاكلهم

انخرط في الأبحاث المتصلة بالعملاء، خلال الإنترنت أو خارجها لفهم وتوثيق رحلاتهم. لا أقصد هنا دورة حياة العملاء مع علامتك التجارية. وخطط لرحلة عملائك معك (أي أعد تعريفها) من لحظة وجود مشكلة لديهم يريدون العمل على حلها إلى اللحظة التي ينتهون فيها من حل هذه المشكلة. وربما تكون هذه الرحلة هي الانتقال من حياة غير صحية إلى حياة صحية، أو من كونهم مفلسين إلى الحصول على حياة مالية جيدة.

إحد أهم الأمور الواجب عليك تتبعها في أبحاثك التي ستجريها على العملاء هو امتلاك فهم أعمق للعوائق والحواجز والمشاكل والعقبات التي يواجهها العملاء، خلال رحلتهم لتحقيق ما سبق. وانظر إلى بيانات المستخدم، والدراسات الاستقصائية، والبحوث الإثنوغرافية، واستمع إلى ما يقولونه على الإنترنت وتحدث مع خبراء، واستفد من بيانات جهات أخرى لاكتشاف ذلك. ثم استخدم هذه المعلومات لإجراء "تحليل تنافسي" مستمر:

  • افهم العقبات التي يواجهها العملاء
  • تعلم أين وكيف يعاني الناس من مشكلات
  • حلل هذه المشكلات
  • تعرّف كيف يمكن للناس التغلب على العقبات والتحرر من المشكلات
  • افهم ما يمنع الآخرين من تحقيق هذا النجاح
  • اعمل على حل هذه المشاكل
  • وما إلى ذلك

مفهوم المنافسة في شركة "ماي فيتنس بال"

فيما يلي الفكرة العامة لمفهوم "المنافسة" الذي نعمل انطلاقاً منه في "ماي فيتنس بال":

المنافسة هي:

كل ما يصعّب على الناس عيش حياة صحية بدلاً من الحياة غير الصحية.

بشكل أكثر تحديداً:

علم الأحياء والطعام الجاهز وتكلفة الغذاء الصحي ورائحة وطعم الأطعمة غير الصحية وكل ما يصعّب من بناء عادات صحية مثل تتبع الأغذية والطبخ المنزلي.

الابتكارات الناشئة من رويتنا وتحديدنا لتلك العقبات:

  • وضع ماسح رموز في التطبيق لتسهيل تتبع الأطعمة المعلبة.
  • وضع قاعدة بيانات ضخمة للمواد الغذائية بحيث لا يضطر المستخدمون إلى إدخال البيانات الغذائية يدوياً.
  • إدراج ميزات ومنافسات اجتماعية للدعم والمحاسبة والمنافسة.
  • تقديم ميزات تسجيل المقادير وطريقة الطهي من أجل الوجبات المنزلية.
  • إطلاق حملات تسويقية وحملات إعلامية تعرض قصص نجاح لمستخدمين استفادوا من هذا التطبيق في تغيير حياتهم، وتقديم المشورة حول صنع وكسر العادات، ووصفات طهي ذات تكلفة قليلة ودروس طبخ ورسائل أخرى مصممة خصيصاً لإزالة الصعوبات التي تواجه عادة الناس لدى انتقالهم من رحلة غير صحية إلى رحلة صحية.

وتمكنا من تحقيق النجاح باستخدام ما سبق، إذ يفقد الأشخاص المشتركون في خدمة "ماي فيتنس بال" ممن لديهم صديق واحد على الأقل ضعف الوزن مقارنة بمن لا يستخدمون الميزات الاجتماعية في التطبيق. أما بالنسبة لمستخدمي التطبيق الذين يُدرجون فيه وصفات الوجبات المنزلية فيفقدون 40% وزناً أكثر من أولئك الذين لا يضيفون أي شيء. كما يذكر المستخدمون على الدوام ماسح الرموز وقاعدة بيانات المواد الغذائية أمام الآخرين خصوصاً من نجحوا في التخلص من الوزن الزائد (مع فشلهم في ذلك بأنماط حمية أُخرى سابقاً). ويستخدم حالياً أكثر من 120 مليون شخص حول أنحاء العالم الآن منصتنا.

قال الرئيس التنفيذي لشركة "أمازون" جيف بيزوس ذات مرة بحديثه عن أهمية الاهتمام بالزبائن: "إذا تمكنا من الحفاظ على تركيز منافسينا علينا في الوقت الذي نركز فيه نحن على عملائنا، فسنحقق النجاح". وقررت بدوري إعادة صياغة التعريف قليلاً ليكون: "إذا تمكنت من الاستمرار في تركيزك للقضاء على العقبات التي يصادفها عملائك، فسينتهي المطاف بشركتك إلى النجاح".

اقرأ أيضاً: لماذا تهتم الشركات التقنية بالزبائن أكثر من غيرها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي