ملخص: من المتوقّع أن يستمر إجراء المقابلات الشخصية عن بُعد إلى الأبد بسبب استمرار جائحة فيروس كورونا وسلالاته المتحوّرة التي تظهر واحدة تلو الأخرى، وبسبب موجة الاستقالة الكبرى وما نجم عنها من إعادة تشكيل مكان العمل المعاصر. ولا يتطلع الباحثون عن فرص عمل اليوم إلى زيادة رواتبهم فحسب، بل يسعون أيضاً إلى المرونة والرفاهة وثقافة مكان العمل التي تتوافق مع قيمهم وميولهم. ويمكن للمقابلات الشخصية التي تتعمّق في هذه الموضوعات أن تُمد كلا الطرفين بمعلومات قيمة حول ما إذا كان الموظف المحتمل سيشعر بالرضا والاندماج في مؤسسة معينة. ويمكننا بالتأكيد إجراء هذه المحادثات "وجهاً لوجه"، حتى إن لم نكن في الغرفة نفسها وبين جدرانها الأربعة ذاتها. وتُقدّم كاتبة المقالة 8 نصائح لأصحاب العمل الذين يسعون لإتقان أساليب التواصل من أجل انتقاء أفضل المواهب عن بُعد.
في حين تهرول الشركات لشغل عدد قياسي من فرص العمل الشاغرة عن بُعد، يعج الإنترنت بالنصائح المُقدَّمة للمرشحين الذين يسعون إلى تمييز أنفسهم بين جحافل المتقدمين لشغل هذه الوظائف على شاشات منصة "زووم" التي قد تحرمهم من إظهار قدراتهم الحقيقية.
ولكن ماذا عن أصحاب العمل على الطرف الآخر من المعادلة؟ يُعتبر "فك شفرة" إجراء المقابلات الشخصية عن بُعد بالنسبة لهم أمراً بالغ الأهمية. إذ تؤدي قرارات التوظيف غير السليمة إلى تكبُّدهم الكثير من الخسائر المالية وقتل المعنويات. ويحتاج أصحاب العمل إلى تطوير استراتيجيات جديدة للتعرّف على ما إذا كان الشخص مناسباً أم لا في ظل غياب الكثير من البيانات التي لا تتاح إلا في حالة إجراء المقابلات الشخصية حضورياً، كاستشعار المصافحة بالأيدي والطريقة التي تتغير بها الطاقة في الغرفة عندما يدخلها المرشح لشغل الوظيفة.
إدارة المقابلات الشخصية عن بُعد
من المتوقّع أن يستمر إجراء المقابلات الشخصية عن بُعد إلى الأبد بسبب استمرار جائحة فيروس كورونا وسلالاته المتحوّرة التي تظهر واحدة تلو الأخرى، وبسبب موجة الاستقالة الكبرى وما نجم عنها من إعادة تشكيل مكان العمل المعاصر. وإليك بعض النصائح لأصحاب العمل الذين يسعون لإتقان وسائل التواصل من أجل انتقاء أفضل المواهب عن بُعد.
ركّز على الذكاء العاطفي
غالباً ما نبني قرارات تعيين الموظفين الجدد على المهارات والذكاء العقلي، أو تصورنا لمعدل الذكاء العقلي لدى المرشح. لكن الذكاء العاطفي غالباً ما يكون أكثر أهمية للنجاح في مكان العمل. ويمكن القول إن الذكاء العاطفي بات الآن أهم من أي وقت مضى، في ظل هذه الحالة المشوبة بقدر كبير من القلق التي تشهد إعلان المؤسسات عن خطط العودة إلى العمل ذات يوم ثم لا تلبث أن تتراجع عنها فجأة في اليوم التالي. حيث يحدد الذكاء العاطفي قدرة الشخص على التواصل مع الآخرين والتغلب على المِحَن وتجاوز المواقف الصعبة بهدوء وحُسن "قراءة الموقف" (وهو أمر صعب للغاية عندما تلتقي الآخرين في غرفة "زووم").
وعند إجراء مقابلة افتراضية، قد يكون من المغري التخلي عن عنصر الذكاء العاطفي لأنك قد تتصور أنه من الأفضل تقييم جودتها حضورياً. ولكن هذا يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات سيئة. وعند تحضير أسئلة المقابلة الشخصية، احرص على مراعاة دلالات كل سؤال على الذكاء العاطفي لدى الشخص الذي تجري معه المقابلة. وإليك بعض الأسئلة المفضلة لديَّ:
- إذا كنت ستنشئ شركة غداً، فما أهم 3 قيم ستحرص على تبنيها؟
- أخبرني عن خلاف في مكان العمل كنت متورطاً فيه، إما مع زملائك أو مع شخص آخر في الشركة. كيف تمكنت من إدارة هذا الخلاف، وهل تمكنت من حله؟
- إذا كنت قد عملتَ سابقاً تحت رئاسة عدة مشرفين في الوقت نفسه، فكيف تعرفتَ على تفضيلات كلٍّ منهم وكيف تدبّرت أمر تضارب الأولويات؟
- أخبرني عن موقف تلقيت فيه ملاحظات سلبية على أدائك ولم ترُق لك هذه الملاحظات. كيف تعاملت مع هذا الموقف؟
- ما مصدرك إلهامك؟
استفد من حميمية الشاشة
كثيراً ما يتم التهويل في سلبيات التواصل عن بُعد والمبالغة في الأشياء التي تفوتنا عندما تتوسط الشاشات تفاعلاتنا، في حين أن الشاشات يمكن أن تسهم في خلق نوع من العلاقة الحميمية. ففي أثناء إجراء مقابلة شخصية عن بُعد، يجلس الطرفان على بُعد بوصات من وجه كل منهما للآخر. وتخلق الشاشة إحساساً بالأمان النفسي الذي قد يسمح للطرفين بالانفتاح كل منهما على الآخر بصورة تتجاوز ما قد يحدث عند إجراء المقابلة حضورياً. ويمكن لأصحاب العمل الاستفادة من هذه الظاهرة لاستنطاق المرشحين بسرعة أكبر. فقد أخبرني أحد العملاء، وهو مدير مدرسة مستقلة معروفة، بأنه "يذهب في بداية المقابلات الشخصية عن بُعد على الفور إلى قصة الشخص الذي تتم مقابلته، مثل مكان نشأته ومحيطه الأُسري وميوله".
كن واقعياً بشأن تحديات الجائحة
ثمة سؤال كلاسيكي يُطرَح في المقابلات الشخصية: "ما أسوأ عيوبك؟" وتأتي إجابته الكلاسيكية على النحو التالي: "أسوأ عيوبي أنني أبالغ في العمل بجد!" ويتيح المأزق الحالي فرصة مثالية لتجاوز هذه المواقف المألوفة. فقد واجهنا جميعاً عدداً هائلاً من التحديات على مدار العام ونصف العام الماضيين، ويمكن معرفة الكثير عن الشخص الذي نجري معه المقابلة من خلال استكشاف كيفية تجاوزه للاضطرابات الناجمة عن الجائحة. اطرح سؤالاً مثل: "ما أكبر تحدٍّ واجهته خلال أزمة كورونا، وكيف تغلبت عليه؟". ثم ابحث عن الدلائل التي تشير إلى صحة الإجابة التي تحصل عليها: هل يتوقف المرشح مؤقتاً للتفكير في السؤال، ويتمهّل لحظة للتفكير فيه؟ وهل تتفق تعبيرات وجهه مع نبرة صوته؟
لاحظ ردود الفعل على مُشتِّتات الانتباه أثناء المقابلات الشخصية عن بُعد
قد يتعرض أيٌّ منا لأحد المواقف التالية: كأن يرن جرس الباب أو ينبح كلب أو يصرخ طفل صغير أو تأتي مكالمة هاتفية طارئة في أثناء مقابلة شخصية عن بُعد. إذا حدث هذا، فاعتبره فرصة مواتية للتعرّف على جانب آخر من شخصية المرشح لشغل الوظيفة. هل أُصيب بالارتباك وفقد تركيزه؟ هل تعامل مع الموقف المُربِك بهدوء على النحو الذي تريده أن يتعامل به مع العملاء أو زملاء العمل؟ وإذا لم يظهر مثل هذا التشتيت في أثناء المقابلة، ففكر في طرح السؤال التالي: "في أثناء العمل عن بُعد، هل يمكنك تذكر موقف حدث فيه شيء غير متوقع أو مشتت للانتباه؟ ما هذا الموقف، وكيف تعاملت معه؟" أو تحدث بصراحة أكثر، وقُل: "أخبرني عن أسوأ كوابيسك في التعامل مع برنامج "زووم". ماذا حدث، وكيف تعاملت مع الموقف؟"
تخلَّص من تلاحم المقابلات
قد تستطيع من الناحية النظرية إجراء مقابلات شخصية متتالية دون أن تبرح مقعدك. وتنصح إحدى عميلاتي بتحاشي هذا السلوك قدر الإمكان، علماً بأن هذه العميلة شريكة رئيسية في شركة محاماة للتوظيف وسبق لها أن أجرت الكثير من المقابلات الشخصية، إذ تقول: "يحتاج المرء إلى 10 دقائق أو نحو ذلك بين كل مقابلة شخصية وأخرى من أجل النهوض والتحرك قليلاً واستجماع الأفكار والانطباعات. وليس من السهل أن تنشّط ذاكرتك في مقابلات الفيديو، لذا احرص على كتابة ملاحظاتك وانطباعاتك أولاً بأول".
احرص على توسيع شبكة مرشحي الوظائف (وأضف بعض المكوّنات الأخرى إلى المزيج)
يسهم إجراء المقابلات الشخصية عن بُعد في الحد من مخاطر انتهائها بنتائج سيئة. فلماذا لا تستغل هذه الوسيلة لإضافة بعض المرشحين غير التقليديين إلى المزيج؟ فقد يكون لدى طالب الحصول على فرصة عمل مواهب في مجال مختلف تماماً، ويفتقر إلى المتطلبات الأساسية التقليدية، ولكنه أرسل خطاباً تعريفياً ينضح بالحيوية. وقد يكون مرشحاً يمتلك إمكانات ممتازة، لكنه يعيش في منطقة أو دولة أخرى. وقد يكون مرشحاً عثرت عليه من خلال السير الذاتية على "تيك توك".
ضع مرشحيك على درب النجاح
نجحت إحدى عميلاتي مؤخراً في إنهاء عملية البحث عن عمل تُوجت بتلقيها عدداً من العروض. ووقع اختيارها على شركة تميزت عن غيرها في عدد من الأوجه، منها عملية إجراء المقابلات الشخصية. فكلما أجرت مقابلة شخصية مع أحدهم، كانت تتلقى جدولاً مفصلاً يحتوي على روابط لسيرته الذاتية. وقالت لي: "أكثر ما أثار إعجابي في هذه الشركة أنهم أرسلوا لي قبل المقابلة ورقة حول ’كيفية التحضير للمقابلة الشخصية الافتراضية‘. تضمنت هذه الورقة إرشادات حول تغيير خلفية منصة "زووم" وكيفية استكشاف الأخطاء وإصلاحها. لقد أعطتني هذه الخطوة إحساساً بأنهم يريدون مني أن أبلي بلاءً حسناً وأنهم يريدون إظهار دعمهم لي. الآن بعد أن انضممت إلى الشركة، عرفتُ أنهم يرسلون هذه الورقة إلى كل مرشح على حدة من أجل اتباع عملية أكثر إنصافاً ومنح الجميع فرصة عادلة".
لا تنسَ أنك تجري مقابلة شخصية أنت أيضاً
نستشف من القصة المشار إليها أعلاه أن أبرز المرشحين مؤهلون لتلقي عروض متعددة هذه الأيام. وستتحدد نظرة الموظفين المحتملين لمؤسستك من خلال الطريقة التي تظهر بها بصفتك المُحاور المسؤول عن إجراء المقابلة الشخصية، مثل طريقة ارتدائك للملابس وما يظهر في خلفية الصورة من ورائك ونبرة صوتك وطريقة اختيارك لأسئلة المقابلة الشخصية. لذلك، فإن نصائح إجراء المقابلات الشخصية عبر الإنترنت التي تناولناها هنا قد تستهدف الرقم القياسي من الباحثين عن فرص عمل، وعلى الرغم من ذلك فإنها تخاطب أيضاً المؤسسات التي تنشر إعلانات الوظائف الشاغرة.
وفي نهاية الحديث عن موضوع المقابلات الشخصية عن بُعد بشكل خاص، لا يتطلع الباحثون عن فرص عمل اليوم إلى زيادة رواتبهم فحسب، بل يسعون أيضاً إلى المرونة والرفاهة وثقافة مكان العمل التي تتوافق مع قيمهم وميولهم. ويمكن للمقابلات الشخصية التي تتعمّق في هذه الموضوعات أن تُمد كلا الطرفين بمعلومات قيمة حول ما إذا كان الموظف المحتمل سيشعر بالرضا والاندماج في مؤسسة معينة. ويمكننا بالتأكيد إجراء هذه المحادثات "وجهاً لوجه"، حتى إن لم نكن في الغرفة نفسها وبين جدرانها الأربعة ذاتها.