اختطاف اللوزة الدماغية Amygdala Hijack

2 دقائق

ما هو اختطاف اللوزة الدماغية؟

اختطاف اللوزة الدماغية (Amygdala Hijack): مصطلح ابتكره دانيال غولمان في كتابه الشهير "الذكاء العاطفي" عام 1995 للتعبير عن الشعور الغريزي العميق الذي ينتج عن إفراز هرمونات التوتر؛ مثل الأدرنالين والكورتيزول في مختلف أنحاء الجسم لتُهيئنا فوراً للقتال أو الفرار، وذلك أثناء المواقف التي تثير أعصابنا سواء كانت مواقف مزعجة أو مخيفة أو حتى عدائية. 

يمتلك الإنسان لوزتين دماغيتين، تقع كلّ واحدة منهما على أحد جانبي الدماغ، خلف العينين والعصبين البصريين، ويصف الدكتور "بازيل فان دير كولك" في أحد كتبه هاتين اللوزتين بأنهما بمثابة "جهاز كشف الحريق" في الدماغ؛ لكنّ هذا الجهاز مسؤول عن كشف حالة الخوف، وتهيئة الجسد للاستجابة للحالة الطارئة، فعندما نستشعر وجود خطر معيّن بحدوث نزاعٍ ما مثلاً، فإنّ اللوزة الدماغية تطلق إشارة تحذير، مفرزة مجموعة من المواد الكيماوية في الجسم. 

أعراض اختطاف اللوزة الدماغية

في الأدبيات الشائعة في علم الفيزيولوجيا نقول بأننا "قد شعرنا بالتحفّز"، فنحن نلحظ حدوث تغيّرات فورية مثل زيادة معدلات ضربات القلب، أو حصول تعرّق في باطن الكفين، كما أنّ تنفّسنا يصبح أكثر سطحية وسريعاً، حيث أننا نحاول تنشّق كمية أكبر من الأكسجين، مهيئين أنفسنا للفرار السريع إذا اضطررنا إلى ذلك.

يخلق هذا التدفّق لهرمونات التوتّر إحساسات أخرى مثل الرجفان في ضفيرتنا الشمسية أو أطرافنا أو صوتنا، وقد نلاحظ بأن وجنتانا تحمرّان وترتفع حرارتهما، أو بأن حلقنا ينقبض، أو أن رقبتنا تتشنّج وفكّنا يصطك؛ وهكذا نجد أنفسنا في قبضة مجموعة من الاستجابات الفيزيولوجية الجسدية الكفوءة ولكن البدائية والتي تنتمي إلى عصور ما قبل التاريخ، فهذه الإحساسات ليست لطيفة، وهي لا تهدف إلى جعلنا نسترخي، بل هي مصمّمة لكي تدفعنا للتصرّف واتّخاذ الإجراء المناسب.

كما أنّ اللوزة الدماغية النشطة تغلق فوراً المسار العصبي المؤدي إلى القشرة الأمامية من الدماغ لذلك يمكن أن نشعر بحالة من فقدان الاتجاه خلال خوضنا لنقاش حامي الوطيس؛ كما تختفي قدرتنا على اتخاذ القرارات المعقّدة، ونصبح عير قادرين على الموازنة بين عدّة آراء مختلفة؛ وعندما يصبح انتباهنا ضيّقاً جدّاً، نجد أنفسنا عالقين في فخ الرأي الذي يجعلنا نشعر بأكبر قدر من الأمان: "أنا على صواب وأنت على خطأ"، حتّى وإن كنّا في الأحوال نرى المزيد من الآراء.

العرض الآخر لهذه الظاهرة هو فقدان مصداقية ذاكرتنا، فهل سبق لك أن دخلت في نزاع مع أحد والديك أو أصدقائك ووجدت نفسك فعلياً غير قادر على تذكّر أمر إيجابي واحد يخصّه؟ يبدو الأمر وكأنّ دماغنا يتخلّى عن وظيفة الذاكرة بالكامل في مسعى منه للنجاة من التهديد الذي يحيط به؛ وعندما تتعرّض ذاكرتنا إلى هذا النوع من الاضطراب، فإننا نصبح غير قادرين على تذكّر أشياء من الماضي يمكن أن تهدّئ من روعنا. لا بل يمكن القول بأننا نصبح غير قادرين على تذكّر أي شيء، ونجد أنفسنا ببساطة وقد طوّقنا الإنذار الذي أطلقته لوزتنا الدماغية والذي يقول: "أنت في خطر، تصرّف. أنت في خطر، احم نفسك. أنت في خطر، هاجم".

وفي خضمّ سيطرة اللوزة الدماغية علينا واختطافها لنا، ليس بوسعنا أن نختار كيف نتصرّف، لأن آلية الحماية الفطرية في جهازنا العصبي هي من يختار نيابة عنا، حتى قبل أن تُتاح لنا الفرصة لكي نتأمّل ما إذا كان هناك خيار أصلاً. 

من بين الممارسات التي يوصي بها الخبراء للتعامل مع هذه الظاهرة الفيزيولوجية هي التنفس العميق، وممارسة اليقظة الذهنية والاسترخاء، والتركيز على الصورة الأكبر بدلاً من التفكير كثيراً في المحفّز (أو السبب) الذي أدى إلى الوضعية الحالة. 

اقرأ أيضاً:

المحتوى محمي