القوة‭ ‬المدهشة‭ ‬للأسئلة‬‬‬‬

16 دقيقة
يقضي أيّ تنفيذيّ جلّ نهار عمله طالباً من الآخرين تقديم المعلومات له. فقد يطلب من أحد مدراء الفرق مثلاً تزويده بآخر المستجدّات عن وضع العمل، أو قد يطرح الأسئلة على أحد نظرائه خلال مفاوضات حامية الوطيس. ومع ذلك، وخلافاً لأصحاب المهن الفكرية الأخرى مثل المحامين والصحافيين والأطباء، والذين يتعلّمون طرح الأسئلة كجزء أساسي من التدريب الذي يتلقونه، فإنّ قلّة فقط من التنفيذيين ينظرون إلى عملية طرح الأسئلة بوصفها مهارة بحاجة إلى صقل، أو يأخذون بالحسبان كيف يمكن لإجاباتهم التي يقدّمونها عن الأسئلة المطروحة عليهم أن تجعل المحادثات أكثر إنتاجية.
هذه فرصة ضائعة. فعملية طرح الأسئلة هي أداة قوية وفريدة لتحصيل أكبر قدر من القيمة في أيّ مؤسسة، لأنها تحفّز على التعلّم وتبادل الأفكار، وهي تسهم في تأجيج الابتكار، وتحسين الأداء، وبناء العلاقات القوية، وتعزيز الثقة بين أعضاء الفريق. وهي يمكن أن تخفّف من المخاطر التجارية من خلال كشفها للنقاب عن الأفخاخ والأخطار المحدقة وغير المرئية.

يُعتبرُ طرح الأسئلة أمراً سهلاً بالنسبة لبعض الناس، فحسّهم الاستقصائي، وذكاؤهم العاطفي، وقدرتهم على الوصول إلى الناس، تضع السؤال المثالي على رؤوس ألسنتهم. لكن غالبيتنا لا يطرح ما يكفي من الأسئلة، ناهيك عن أننا لا نقدّم استفساراتنا بطريقة مثالية أصلاً.

الجيد في الأمر أنّ طرح الأسئلة يساعدنا على تحسين ذكائنا العاطفي، وهذا بطبيعة الحال يحوّلنا بدوره إلى أشخاص يجيدون طرح الأسئلة بطريقة أفضل، فهذه العملية عبارة عن حلقة مفرغة. في هذه المقالة، نستخلص العبر من أبحاث العلوم السلوكية بهدف استكشاف تأثير طريقة صياغتنا للأسئلة والكيفية التي نختار بها الإجابة عن الأسئلة التي يطرحها نظراؤنا على النتائج التي نتوصّل إليها بعد كل محادثة. كما نقترح أيضاً بعض النصائح بخصوص كيفية اختيار النمط والنبرة والتتابع والصياغة الأفضل لطرح الأسئلة، وكيف نقرّر نوعية المعلومات التي نريد تقاسمها مع الآخرين، وكمية هذه المعلومات، بهدف تحقيق أكبر قدر ممكن من الفائدة من تفاعلاتنا معهم، ليس لنا فقط وإنما لمؤسساتنا أيضاً.

إذا لم تسأل عن المطلوب، فلن تحصل عليه

"كن شخصاً يجيد الإصغاء". هذا ما نصح به ديل كارنيغي في كتابه الصادر عام 1936 "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثّر في الناس". "اطرح الأسئلة التي سيستمتع الطرف الآخر بالإجابة عنها". وبعد مرور أكثر من 80 عاماً، لا يزال معظم الناس يخفقون في الأخذ بنصيحة كارنيغي. فعندما قامت إحدى كاتبات هذه المقالة (أليسون) بدراسة محادثات تمت بين طلاب كلية هارفارد للأعمال قبل بضع سنوات، سرعان ما توصّلت إلى استنتاج أساسي: الناس لا يطرحون ما يكفي من الأسئلة. في الحقيقة، من بين أكثر الشكاوى التي تبدر عن الناس بعد محادثة معيّنة، مثل مقابلة عمل، أو موعد عاطفي أول، أو اجتماع عمل هي: "أتمنّى لو أنّ الطرف الآخر كان قد طرح عليّ المزيد من الأسئلة" و"لا أصدّق أنّها لم تطرح عليّ أيّ سؤال".

فكرة المقالة باختصار

المشكلة

يتلقى بعض أصحاب المهن الفكرية كالمحامين والصحافيين والأطبّاء تدريبات أثناء دراستهم تعلّهم كيفية طرح الأسئلة. لكنّ قلّة فقط من التنفيذيين تنظر إلى مهارة طرح الأسئلة بوصفها من المهارات التي تحتاج إلى صقل. وهذه فرصة ضائعة.

الفرصة

تعتبر عملية طرح الأسئلة أداة قوية لتحصيل القيمة في الشركات: فهي تحفّز على التعلّم وتبادل الأفكار، وهي تؤجّج الابتكار، وتحسّن الأداء، وتبني الثقة ما بين أعضاء الفريق. وهي يمكن أن تخفّف من المخاطر التجارية من خلال كشفها للنقاب عن الفخاخ والأخطار المحدقة غير المرئية.

المقاربة

ثمّة تقنيات عديدة يمكن أن تعزّز من قوّة الاستفسارات وكفاءتها: كن ميّالاً إلى طرح أسئلة المتابعة؛ واعلم متى تطرح الأسئلة ذات النهايات المفتوحة؛ واسأل أسئلتك بالتتابع الصحيح؛ واستعمل النبرة الصحيحة؛ وانتبه إلى الآليات التي تحكم عمل المجموعات.

فلماذا يُحجمُ الكثيرون منّا عن طرح الأسئلة؟ هنالك عدّة أسباب لذلك. فقد يكون الناس من النوع الذي يتمتّع بأنا متضخّمة، ويتوق الشخص في هذه الحالة إلى إبهار الآخرين بأفكاره وقصصه (ولا يفكّر حتى في طرح الأسئلة). وقد يكونون ربما من النوع اللامبالي الذي لا يهتمّ بما يكفي لطرح الأسئلة، أو أنه قد يتوقع أن يضجر من سماع الإجابات التي سيتلقاها. وقد يكون من النوع المفرط في الثقة بمعارفه ومعلوماته ويعتقد بأنّه يمتلك أصلاً كل الإجابات (وقد يكون كذلك أحياناً، ولكن ليس عموماً). أو ربما قد يكونون من النوع الذي يخشى أن يطرح السؤال الخاطئ، وأن يُنظر إليه على أنه وقح أو غير كفء. لكنّ العامل المثبّط الأكبر، برأينا، هو أنّ معظم الناس لا يفهمون فحسب كم يمكن لطرح الأسئلة الجيدة أن يكون مفيداً. فلو فهموا ذلك، لكانوا قللوا عدد الجمل التي ينهونها بنقطة ولكانوا قد استبدلوا الكثير من هذه النقاط بإشارات استفهام عوضاً عن ذلك.

بالعودة إلى سبعينيات القرن الماضي، نجد أبحاثاً تشير إلى أنّ الناس يخوضون النقاشات لتحقيق مزيج ما من نوعين رئيسيين من الأهداف: تبادل المعلومات (التعلّم)، وتوجيه انطباعات الآخرين (الإعجاب). وتُظهرُ أبحاث حديثة بأنّ طرح الأسئلة يحقّق كلا الهدفين. فقد درست أليسون وزملاؤها في هارفارد كارين هوانغ، ومايكل يومانس، وجوليا مينسون، وفرانسيسكا جينو آلاف المحادثات الطبيعية بين المشاركين الذين كانوا يتعرّفون إلى بعضهم البعض، إمّا من خلال دردشات تجري عبر الإنترنت، أو من خلال المواعدة الشخصية السريعة. طلب الباحثون من بعض الناس طرح الكثير من الأسئلة (على الأقل 9 أسئلة في 15 دقيقة)، فيما طلبوا من أشخاص آخرين طرح عدد قليل من الأسئلة (ما لا يزيد على 4 أسئلة في 15 دقيقة). في دردشات الإنترنت، حظي الناس الذين كُلفوا عشوائياً بطرح أسئلة كثيرة بإعجاب أكبر من شركائهم في المحادثات، وتعرّفوا أكثر على اهتماماتهم. فعلى سبيل المثال، عندما سئل المشاركون عن الهوايات المفضّلة لشركائهم مثل المطالعة، والطبخ، وممارسة الرياضة، فإنّ من طرحوا أسئلة أكثر كانوا أكثر ميلاً إلى القدرة على تقديم إجابات صحيحة عن الأسئلة. وبين صفوف الأشخاص الذين انخرطوا في المواعدة السريعة، كان الناس أكثر ميلاً إلى قبول دعوة مواعدة ثانية من الشريك الذي طرح أسئلة أكثر. في الحقيقة، إنّ طرح سؤال إضافي واحد آخر فقط في كل موعد غرامي مكّن المشارك من إقناع شخص إضافي بالخروج معه في موعد جديد.

تُعتبرُ الأسئلة أدوات قويّة جدّاً إلى حدّ أنّه يمكنها أن تكون مفيدة تحديداً في الظروف التي يكون فيها طرح الأسئلة أمراً مخالفاً للأعراف الاجتماعية. فعلى سبيل المثال، تخبرنا الأعراف السائدة بأنّ المرشحين لشغل الوظائف يُنتظر منهم الإجابة عن الأسئلة خلال مقابلات العمل. لكن بحثاً لدان كيبل، في كلية لندن للأعمال، وفيرجينيا كاي، في جامعة نورث كارولينا، يشير إلى أنّ معظم الناس يميلون إلى الإفراط في الترويج لأنفسهم أثناء مقابلات العمل. وعندما يركّز من يخضعون للمقابلة على التسويق لأنفسهم، فإنّهم سينسون على الأرجح طرح الأسئلة – عن الشخص الذي يجري المقابلة، وعن المؤسسة وعن العمل – التي ستجعل من يجري المقابلة يشعر بقدر أكبر من التفاعل وأكثر ميلاً إلى النظر إلى المرشّح لشغل الوظيفة بطريقة إيجابية، ويمكن أن تساعد هذا المرشّح في التنبؤ بما إذا كانت الوظيفة ستؤمّن عملاً مرضياً أم لا. وبالنسبة لهؤلاء المرشّحين، يمكن لطرح أسئلة من قبيل "ما هي الأسئلة التي لم أسألها ويجب عليّ طرحها؟" أن يبعث بإشارة تدل على الكفاءة، وأن يبني حالة من الألفة، كما يمكن أن يكشف عن معلومات هامّة تخصّ المنصب المعني.

لا يستوعب معظم الناس الفكرة القائلة بأنّ طرح الكثير من الأسئلة يساعد في تعزيز التعلّم وتحسين الروابط الشخصية. ففي دراسات أليسون، على سبيل المثال، ورغم أنّ الناس كانوا يتذكّرون بدقّة عدد الأسئلة التي طُرحت خلال محادثاتهم، إلا أنّ حدسهم لم يقدهم إلى رؤية الرابط الموجود بين الأسئلة والإعجاب. ففي أربع دراسات انخرط فيها المشاركون في المحادثات بأنفسهم أو قرأوا النصوص المفرّغة لمحادثات دارت بين أشخاص آخرين، مال الناس إلى الإدراك بأنّ طرح الأسئلة سيؤثّر – أو كان قد أثّر – على مستوى الود بين أطراف الحديث.

لا يستوعب معظم الناس الفكرة القائلة بأنّ طرح الكثير من الأسئلة يساعد في تعزيز التعلّم وتحسين الروابط الشخصية.

المنهج السقراطي الجديد

الخطوة الأولى على درب أن تصبح شخصاً يطرح أسئلة أفضل هو أن تطرح المزيد من الأسئلة. وبطبيعة الحال، فإنّ مجرّد عدد الأسئلة بحدّ ذاته ليس العامل الوحيد الذي يؤثّر على جودة المحادثة. فالنمط، والنبرة، والتتابع والصياغة كلها عناصر مهمّة.

في معرض تدريسنا في كلية هارفارد للأعمال، نجري تمريناً نطلب فيه من كل اثنين من الطلاب إجراء محادثات فيما بينهما. يُطلب من بعض الطلاب طرح أقل عدد ممكن من الأسئلة، فيما يُطلب من البعض الآخر طرح أكبر عدد ممكن منها. في المجموعات الثنائية التي يطلب من طرفيها طرح الحد الأدنى الممكن من الأسئلة، يفيد المشاركون عادة أنهم يشعرون وكأنهم أطفال يلعبون لعباً متوازياً: فهم يتبادلون العبارات لكنهم يعانون من عدم التمكن في الشروع بحوار تفاعلي أو ممتع أو مفيد. أمّا في المجموعات الثنائية التي يطلب من طرفيها طرح الحد الأقصى الممكن من الأسئلة، فإن المشاركين يجدون بأنّ طرح قدر زائد من الأسئلة يمكن أن يخلق ديناميكية مفرطة في الرسمية. أمّا تجارب المشاركين في مجموعات مختلطة، فهي متفاوتة. في بعض الأحيان، يتعرّف السائل على الكثير من المعلومات عن شريكه، ويشعر المجيب بأنه قد لقي آذاناً صاغية، ويخرج الطرفان من التجربة وقد شعرا بألفة كبيرة فيما بينهما. وفي أحيان أخرى، قد يشعر أحد المشاركين بحالة من عدم الارتياح في دوره، أو يشعر بأنه غير واثق من حجم المعلومات التي يجب عليه أن يتشاركها مع الشخص الآخر، ويمكن للحديث أن يشبه التحقيق.

تقترح أبحاثنا عدداً من المقاربات التي يمكن أن تعزّز قوّة الأسئلة وكفاءتها. ويتوقّف اختيار المقاربة الفضلى في حالة معيّنة على أهداف الأشخاص المشاركين في الحديث – وتحديداً ما إذا كان النقاش تعاونياً (على سبيل المثال، ربما يحاول الثنائي بناء علاقة أو إنجاز مهمّة معيّنة معاً) أو تنافسياً (الطرفان يحاولان استخلاص معلومات حسّاسة من بعضهما البعض أو خدمة مصالحهما)، أو مزيجاً من الاثنين. (راجع الفقرة الجانبية التي تحمل عنوان: "لماذا تعتبر أهداف الحديث مهمّة؟"). وإليك بعض التكتيكات التي يمكنك أخذها بالاعتبار.

كن ميّالاً إلى طرح أسئلة المتابعة. ليست كل الأسئلة متساوية. فقد كشفت أبحاث أليسون، باستعمال الترميز البشري وتعلّم الآلة، عن أربع أنماط من الأسئلة: الأسئلة الافتتاحية ("كيف حالك؟")، والأسئلة المرآة ("أنا بخير. وأنت كيف حالك؟")، وأسئلة التغيير الكامل (التي تغيّر الموضوع تماماً)، وأسئلة المتابعة (وهي الأسئلة التي تحاول استدراج المزيد من المعلومات). ورغم أنّ كلّ نمط ينتشر بكثرة في الأحاديث الطبيعية، إلا أنّ أسئلة المتابعة تتمتّع على ما يبدو بقوّة خاصّة. فهي تبعث بإشارة إلى شريكك في الحديث بأنّك تصغي، وتهتم، وتريد معرفة المزيد. وعادة ما يميل الناس الذين يتفاعلون مع شريك يطرح الكثير من أسئلة المتابعة إلى الشعور بأنهم محترمون ويلقون آذاناً صاغية.

أحد المكاسب غير المتوقعة من أسئلة المتابعة هو أنها لا تحتاج إلى الكثير من التفكير أو التحضير – حتى أنها تأتي بشكل طبيعي بالنسبة للمتحدّثين الذين يتّسمون بالتلقائية. ففي دراسات أليسون، استعمل الناس الذين طُلب منهم طرح أسئلة أكثر، قدراً أكبر من أسئلة المتابعة مقارنة بالأنماط الأخرى من الأسئلة دون أن يُطلب منهم ذلك حتّى.

اعلم متى تطرح الأسئلة ذات النهايات المفتوحة. لا أحد يحب أن يشعر وكأنّه يخضع للتحقيق – وبعض أنماط الأسئلة يمكن أن تحشر المجيبين في خانة الإجابة بنعم أو لا. يمكن للأسئلة ذات النهايات المفتوحة أن تعاكس هذا التأثير. وبالتالي يمكن أن تكون مفيدة تحديداً في كشف النقاب عن معلومات جديدة أو تعلّم شيء جديد. وهي منابع للابتكار – والذي غالباً ما يكون نتيجة للعثور على الإجابة المخفية وغير المتوقعة التي لم تخطر في بال أحد من قبل.

أظهر كمّ هائل من الأبحاث المتعلقة بتصميم استطلاعات الرأي مخاطر تضييق الخيارات المتاحة أمام المجيبين عن الأسئلة. فعلى سبيل المثال، يمكن للأسئلة "المغلقة" أن تحرّض على التحيّز والتلاعب. ففي إحدى الدراسات، التي سئل فيها الأهل عن "أهم شيء بالنسبة لأطفالهم لمساعدتهم على التحضير لمواجهة الحياة"، اختار 60% منه تقريباً عبارة "أن يفكّروا نيابة عن أنفسهم" من قائمة من الإجابات المحتملة. ولكن عندما طُرح السؤال ذاته بصيغة مفتوحة، قدّم 5% فقط من الأهل إجابة عفوية مشابهة.

بطبيعة الحال، ليست الأسئلة ذات النهايات المفتوحة مثالية دوماً. فعلى سبيل المثال، إذا كنت مشاركاً في مفاوضات مشوبة بالتوتّر أو كنت تتعامل مع أناس ينزعون إلى عدم كشف أوراقهم، فإن الأسئلة ذات النهايات المفتوحة يمكن أن تفسح مجالاً كبيراً للتذبذب، مما يدعوهم إلى التملّص أو الكذب سهواً. في أمثال هذه الحالات، تعتبر الأسئلة ذات النهاية المغلقة أنفع، وخاصة إذا ما صيغت بالطريقة الصائبة. على سبيل المثال، كشفت دراسة قام بها كل من جوليا مينسون، وإيريك فان إيبس من جامعة يوتا، وجيرمي يب من جامعة جورجتاون، وموريس شفايتزر، من كلية وارتون إلى أنّ الناس أقل ميلاً إلى الكذب إذا كان السائلون يضعون افتراضات متشائمة ("هذه الشركة ستحتاج إلى بعض التجهيزات الجديدة، أليس كذلك؟") عوضاً عن الافتراضات الإيجابية ("التجهيزات في وضع جيّد، أليس كذلك؟").

في بعض الأحيان، ربما تكون المعلومات التي تريد الحصول عليها حسّاسة جدّاً بحيث لا تكون الأسئلة المباشرة مفيدة، بغضّ النظر عن درجة التأنّي في صياغتها. في مثل هذه الحالات، هناك تكتيك يمكن استخدامه في المسوح والاستطلاعات وهو قادر على المساعدة في الاكتشاف. ففي بحث أجرته ليزلي مع أليساندرو أكويستي وجورج لوفنشتاين من جامعة كارنيغي ميلون، وجدت بأنّ الناس كانوا أكثر صراحة عندما طُلبت منهم المعلومات الحساسة ضمن إطار مهمة أخرى – في حالة هذه الدراسة كان الموضوع هو تصنيف مدى أخلاقية السلوكيات غير الاجتماعية مثل الغش في ملء الإقرارات الضريبية أو السماح لصديق ثمل بقيادة سيارته في طريق العودة إلى المنزل. وقد طُلب من المشاركين في الدراسة تصنيف مدى أخلاقية كل فعل باستعمال مقياس واحد إذا كانوا قد انخرطوا في سلوك محدد، واستعمال مقياس آخر إذا لم يكونوا قد انخرطوا في ذلك السلوك – ممّا يكشف أي السلوكيات غير الاجتماعية التي كانوا قد انخرطوا فيها هم أنفسهم. ورغم أنّ هذا التكتيك قد يكون مفيداً أحياناً على مستوى المؤسسة – بوسعنا أن نتخيل بأنّ المدراء قادرون على استعمال طريقة الاستطلاع عوضاً عن طلب معلومات حسّاسة مباشرة من العمّال مثل توقعاتهم للرواتب – إلا أننا ندعوا إلى توخّي الانضباط عند استعمال هذه الطريقة. فإذا ما شعر الناس بأنّك تحاول استجرارهم إلى الكشف عن شيء ما، فإنهم قد يفقدون الثقة بك، مما يقلل من احتمال تقديم المعلومات في المستقبل وقد يؤدي ذلك إلى تدهور العلاقات في مكان العمل.

اسأل أسئلتك بالتتابع الصحيح. يتوقّف التتابع المثالي لأسئلتك على الظروف. فخلال اللقاءات العاصفة أو المشوبة بالتوتّر، يمكن لطرح الأسئلة الصعبة أولاً، حتى لو بدا ذلك الفعل غريباً من الناحية الاجتماعية، أن يجعل شريكك في المحادثة يُبدي قدراً أكبر من الانفتاح. وقد توصّلت ليزلي وشركاؤها من الباحثين إلى أنّ الناس أكثر ميلاً بكثير إلى الكشف عن المعلومات الحسّاسة عندما تطرح الأسئلة عليهم في تتابع متناقص من التطفّل والاقتحام. فعندما يبدأ السائل بسؤال شديد الحساسية – مثل "هل سبق أن خطرت لك فكرة جهنمية بإيذاء شخص معيّن؟" – فإن الأسئلة اللاحقة من قبيل "هل سبق لك أن اتصلت بمديرك في العمل مدّعياً المرض وأنت بأتمّ الصحّة؟"، تبدو وبالمقارنة مع السؤال الأول أقل تطفلاً، وبالتالي فإننا نميل إلى الحديث بصراحة أكبر. بطبيعة الحال، إذا كان السؤال الأول مفرطاً في حساسيته، فإنك معرّض لخطر إهانة الشخص الذي أمامك. ومن المؤكد بأن الأمر يتطلب المحافظة على التوازن الدقيق.

إذا كان الهدف هو بناء العلاقات، فإنّ المقاربة المعاكسة – أي الابتداء بأسئلة أقل حساسية ومن ثم التصعيد التدريجي – تبدو المقاربة الأكثر فعالية. ففي مجموعة كلاسيكية من الدراسات (والتي انتشرت نتائجها على نطاق واسع بعد مقال نشر عنها في عمود "الحب الحديث" في صحيفة نيويورك تايمز)، استعان عالم النفس آرثر آرون بأشخاص غرباء ليأتوا إلى المختبر، وقسّمهم إلى مجموعات مؤلفة من شخصين وأعطاهم قائمة بالأسئلة. وقد طُلب منهم طرح الأسئلة المدرجة في القائمة بادئين بالاستفسارات السطحية نسبياً، والمضي قدماً إلى الأسئلة الأكثر كشفاً، مثل "ما هو أكثر شيء تشعر بالندم تجاهه؟" أمّا الأشخاص الموجودون في مجموعات الضبط فقط طُلب منهم ببساطة أن يتفاعلوا مع بعضهم البعض. وقد تبيّن بأنّ الأشخاص الذين اتّبعوا الهيكلية المفروضة انسجموا مع بعضهم بعضاً أكثر من الأزواج الموجودين في مجموعات الضبط.

خلال اللقاءات العاصفة أو المشوبة بالتوتر، يمكن لطرح الأسئلة الصعبة أولاً أن يجعل الناس أكثر ميلاً إلى إبداء قدر أكبر من الانفتاح.

وكما أنّ المتحدّثين الجيّدين يفهمون أيضاً بأنّ الأسئلة المطروحة سابقاً في محادثة ما يمكن أن تؤثّر في الاستفسارات المستقبلية. فعلى سبيل المثال، وجد نوربرت شفارتز، من جامعة جنوب كاليفورنيا، وزملاؤه المؤلفون بأنّه عندما يُتبع السؤال: "ما مدى رضاك عن الحياة؟" بسؤال آخر "ما مدى رضاك عن زواجك؟" فإنّ الإجابتين كانتا شديدتي الارتباط: فالمشاركون الذين أفادوا عن رضاهم عن الحياة قالوا أيضاً بأنهم كانوا راضين عن زيجاتهم. وعندما سُئل الناس هذا السؤال بهذا التتابع، فإنّهم فسّروا ضمناً على أنّ الرضا عن الحياة "يجب أن يكون" مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً بالزواج. ولكن عندما طُرح هذان السؤالان بالترتيب المعاكس، فإن مدى الارتباط بين الإجابتين كان أقل.

استعمل النبرة الصحيحة. يكون الناس أكثر صراحة وانطلاقاً، عندما تسأل الأسئلة بطريقة عرضية وغير رسمية، عوضاً عن طرحها بطريقة مدروسة، ورسمية. في إحدى دراسات ليزلي، طُرح على المشاركين سلسلة من الأسئلة الحسّاسة في استطلاع جرى عبر الإنترنت. بالنسبة للمجموعة الأولى من المشاركين، بدت واجهة التخاطب مع المستخدم ممتعة وبراقة؛ وبالنسبة للمجموعة الثانية، بدا الموقع بحلّة رسمية. (أمّا مجموعة الضبط فقد عرض عليها موقع حيادي الشكل). وقد كان المشاركون أميل بمقدار الضعفين إلى الكشف عن معلومات حسّاسة في حالة الموقع ذي الشكل الممتع وغير الرسمي، مقارنة بالموقعين الآخرين.

قوّة الأسئلة في المبيعات

ليس هناك الكثير من السياقات في عالم الأعمال التي يعتبر طرح الأسئلة فيها أهم كما هو الحال في المبيعات. فقد كشفت دراسة لشركة التكنولوجيا (Gong.io) مؤخراً وشملت أكثر من 500 ألف محادثة مبيعات بين الشركات – سواء عبر الهاتف أو عبر منصات إلكترونية –  أنّ مندوبي المبيعات الأفضل أداءً يسألون الأسئلة بطريقة مختلفة عن أقرانهم.

وتظهر بيانات الدراسة التي تعتبر متّسقة مع الأبحاث الماضية وجود ارتباط قوي بين عدد الأسئلة التي يطرحها مندوب المبيعات وترتيب محادثة مبيعاته (من حيث ضمان الاجتماع التالي وفي نهاية المطاف إبرام الصفقة). ويصحّ هذا الأمر حتى بعد استبعاد تأثير جنس مندوب المبيعات وطريقة البيع (عرض إيضاحي، مقترح، تفاوض، وهكذا دواليك). ولكن هناك نقطة من الريع المتناقص. فترتيبات المحادثات تبدأ بالتناقص بعد ما يقارب 14 سؤالاً، حيث أنّ النطاق المثالي هو ما بين 11 و14 سؤالاً. 

تظهرُ البيانات أيضاً بأنّ مندوبي المبيعات المتفوّقين يميلون إلى توزيع الأسئلة طوال عملية البيع، ممّا يجعل الأمر يبدو أقرب إلى المحادثة منه إلى التحقيق. أمّا ذوو الأداء الضعيف من مندوبي المبيعات، في المقابل، فإنّهم يفرّغون ما في جعبتهم من أسئلة في النصف الأول من عملية البيع، كما لو أنهم يحاولون إنهاء المهام الموجودة على قائمة محدّدة سلفاً. 

وما يساوي ذلك في الأهمية هو أنّ مندوبي المبيعات المتفوقين يصغون أكثر ويتحدّثون أقل من نظرائهم بالمجمل. وإذا ما أخذنا بيانات شركة (Gong.io) بمجملها فهي تؤكّد ما يفهمه مندوبو المبيعات العظام بحدسهم: عندما يطرح البائعون الأسئلة عوضاً عن مجرّد ممارسة التسويق، فإنّهم يبرمون صفقات أكثر.

يميل الناس أيضاً إلى إبداء قدر أكبر من الصراحة عندما يُعطون "مخرجاً" للهروب في حديث ما. فعلى سبيل المثال، إذا قيل لهم أنّ بوسعهم تغيير إجاباتهم في أيّ وقت من الأوقات، فإنهم ينزعون إلى إظهار قدر أكبر من الانفتاح – حتى لو أنهم كانوا في نهاية المطاف نادراً ما يجرون أيّ تغييرات. وهذا ما قد يفسّر السبب الذي يجعل الفِرق والمجموعات تنظر إلى جلسات العصف الذهني على أنها ذات إنتاجية عالية. ففي السياق الذي يُستعمل فيه اللوح الأبيض، حيث يمكن محو أي شيء، وحيث يتوقّف الناس عن إطلاق الأحكام على بعضهم البعض، فإنّ الناس أميل إلى الإجابة عن الأسئلة بصراحة وقول الأشياء التي قد لا يقولونها في أوضاع أخرى. وبطبيعة الحال، ستكون هناك أوقات سيكون فيها استعمال المقاربة المرتجلة أو غير المدروسة سلفاً أمراً غير مناسب. ولكن بشكل عام، من المرجّح أن تسهم النبرة المفرطة في رسميتها في الحد من استعداد الناس لتقديم المعلومات.

انتبه إلى الآليات التي تحكم عمل المجموعات. يمكن لديناميكيات الحديث وآلياته أن تتغيّر تغيّراً عميقاً اعتماداً على ما إذا كنت تدردش وجهاً لوجه مع شخص ما، أو إذا ما كنت تتحدّث مع مجموعة. فالاستعداد للإجابة عن الأسئلة لا يتأثّر ببساطة بحضور الآخرين فحسب، لكنّ أعضاء المجموعة يميلون إلى السير على خطى بعضهم البعض. ففي إحدى مجموعات الدراسات، طرحت ليزلي وزملاؤها على المشاركين سلسلة من الأسئلة الحساسة، بما في ذلك أسئلة تخصّ الوضع المالي ("هل سبق لك أن حرّرت شيكاً مرتجعاً؟"). وقد أخبر المشاركون في الدراسة إمّا أنّ معظم الآخرين في الدراسة مستعدّون لتقديم إجابات تنطوي على مايمكن اعتباره وصمة عار لهم، أو أنهم غير مستعدّين لفعل ذلك. المشاركون الذين قيل لهم بأنّ الآخرين كانوا صريحين كانوا أميل بنسبة 27% إلى تقديم إجابات حسّاسة مقارنة بالأشخاص الذين قيل لهم بأنّ الآخرين كانوا متحفّظين. وفي اجتماع أو ضمن مجموعة لا يحتاج الأمر سوى بضعة أشخاص متحفّظين حتى تفقد الأسئلة قدرتها على السبر. والعكس صحيح تماماً. فحالما يبدي شخص ما قدراً كبيراً من الانفتاح، تسير بقية المجموعة على خطاه على الأرجح.

كما أنّ الديناميكيات السائدة ضمن المجموعات يمكن أن تؤثّر على الطريقة التي يُنظر بها إلى السائل. تكشف أبحاث أليسون بأنّ المشاركين في الحديث يستمتعون بتلقي الأسئلة ويميلون إلى الإعجاب بالناس الذين يطرحون الأسئلة أكثر من الناس الذين يجيبون عنها. لكن عندما يراقب طرف خارجي الحديث أثناء حصوله، فإنّه يفضّل الشخص الذي يجيب عن الأسئلة. وهذا منطقي: فالأشخاص الذين يسألون الأسئلة في معظم الأحيان يميلون إلى كشف القليل فقط عن أنفسهم أو عن أفكارهم. وبالنسبة لمن يصغون إلى الحديث، فإن السائلين قد يظهرون بمظهر الشخص المدافع أو المراوغ أو الخفي وغير المنظور، في حين أنّ من يجيب عنها يبدو أكثر حضوراً أو إثارة للإعجاب أو أكثر رسوخاً في الذاكرة.

الإجابة الفضلى

المحادثة مثل الرقصة التي تتطلب من الشريكين أن يكونا متناغمين، فهي عبارة عن شد وجذب يحصلان مع مرور الوقت. فتماماً كما أنّ الطريقة التي نطرح بها الأسئلة تعزّز الثقة وتسهّل تبادل المعلومات، فإن طريقة الإجابة أيضاً لها المفعول ذاته.

تحتاج الإجابة عن الأسئلة إلى اتخاذ قرار بخصوص الموقع الذي نريد احتلاله على خط مستقيم يمتد ما بين الخصوصية من جهة والشفافية من جهة أخرى. هل يجب علينا أن نجيب عن السؤال؟ وإذا أجبنا عنه، ما مقدار الصراحة التي يجب أن نتحلّى بها؟ ما الذي ينبغي علينا فعله إذا ما ووجهنا بسؤال وكانت الإجابة عنه بصراحة تقتضي أن نكشف عن أنفسنا حقيقة غير جميلة، أو إذا كانت هذه الإجابة تخل بموقفنا الاستراتيجي؟ كل طرف من أطراف الطيف – سواء الضبابي بالكامل أو الشفاف بالكامل – له حسناته وسيئاته. فالإبقاء على سرية المعلومات يمكن أن يشعرنا بحرّية التجريب والتعلّم. وفي المفاوضات، يمكن للاحتفاظ بالمعلومات الحسّاسة (مثل أن بدائلك ضعيفة) أن يساعدك في تحصيل نتائج أفضل. وفي الوقت ذاته، الشفافية هي جزء أساسي من إقامة روابط ذات معنى. وحتى في سياق المفاوضات، فإن الشفافية يمكن أن تقود إلى إبرام صفقات قيّمة؛ فقيام المشاركين بفعل التشارك بالمعلومات يمكن أن يساعد في تحديد العناصر التي تعتبر غير مهمّة نسبياً لأحد الأطراف لكنها مهمّة لطرف آخر – وهذا أساس التوصّل إلى نتائج تخرج فيها جميع الأطراف رابحة.

لكنّ الحفاظ على سرية المعلومات ليس بالأمر المجاني. يشير بحث لجولي لين ودانيال ويغنير من جامعة فيرجينيا إلى أنّ إخفاء الأسرار خلال العلاقات الاجتماعية يقود إلى التكرار المزعج للأفكار السرية، في حين أنّ أبحاث مايكل سلبيان وجينسيوك تشن وماليا ماسون تبيّن بأنّ الحفاظ على الأسرار – حتى خارج سياق العلاقات الاجتماعية – يستنزفنا فكرياً، ويشوّش قدرتنا على التركيز وتذكّر الأشياء، بل ويؤذي صحّتنا وسلامتنا على المدى البعيد.

وفي السياق المؤسسي، غالباً ما يخطئ الناس في التعامل مع مسألة الخصوصية، ويقللون من شأن المكاسب التي تتحقق من وراء الشفافية. فكم مرّة يحصل بأننا لا ندرك بأنّه كان بإمكاننا نسج علاقة حقيقية مع زميل إلا بعد أن يكون قد غادرنا إلى شركة جديدة؟ ولماذا لا يكشف النقاب غالباً عن الصفقات الأفضل إلا بعد أن يكون الحبر قد جف، والتوترات قد خفّت، والمفاوضون قد بدأوا يدردشون بحرّية؟

لتعظيم المكاسب من الإجابة عن الأسئلة – وتقليل المخاطر إلى الحدّ الأدنى – من المهم أن يقرّر المرء قبل بدء الحديث ما هي المعلومات التي يريد الإفصاح عنها، وما هي المعلومات التي يريد الاحتفاظ بها لنفسه.

قرّر ما الذي تريد الإفصاح عنه. ليس هناك قاعدة جاهزة بخصوص حجم المعلومات التي يجب عليك كشفها أو نمط هذه المعلومات. في الحقيقة، الشفافية هي عنصر قوي لنسج الروابط الوثيقة مع الناس إلى حدّ أنّه في بعض الأحيان لا يهم ماذا نكشف – فحتى المعلومات التي تنعكس سلباً علينا يمكن أن تقرّب منّا الأشخاص الذين نتحادث معهم. في بحث أجرته ليزلي مع متعاونين من كلية هارفارد للأعمال هما كيت باراسيز ومايكل نورتون، وجدت بأنّ معظم الناس يفترضون بأنّ الضرر سيكون أقل إذا ما امتنعوا عن الإجابة عن سؤال يكشف معلومات سلبية عنهم – من قبيل "هل سبق لك أن وُبّخْتَ في مكان العمل؟" – بالمقارنة مع ما لو أجابوا بطريقة إيجابية. لكنّ هذا الشعور الحدسي خاطئ. فعندما طلبوا من الناس تبنّي منظور شخص يسعى إلى توظيف موظفين والاختيار بين مرشحين اثنين (متكافئين في كل شيء باستثناء طريقة إجابتهما عن هذا السؤال)، 90% تقريباً فضّلوا المرشّح الذي أدّى ما عليه وأجاب عن السؤال. قبل أن يحصل الحديث، فكّر مليّاً ما إذا كان رفض الإجابة عن الأسئلة الصعبة سيضر أكثر ممّا سينفع.

قرّر ما هي المعلومات التي تريد الاحتفاظ بها لنفسك. بالطبع، في بعض الأحيان سيكون من الأفضل بالنسبة لك ولمؤسستك أن لا تكشفوا كلّ أوراقكم. ففي مواد المفاوضات التي ندرّسها، ندرّب الطلاب على استراتيجيات للتعامل مع الأسئلة الصعبة دون الكذب. فالتهرّب من الإجابة، أو الإجابة عن سؤال كنت "تتمنى" لو كان قد طرح عليك، يمكن أن يكون فعّالاً ليس فقط في مساعدتك على حماية المعلومات التي تفضّل الحفاظ على سرّيتها، وإنما كذلك في بناء حالة من الألفة الجيّدة مع شريكك في الحديث، وخاصّة إذا ما تحدّثت بطلاقة. ففي دراسة بقيادة تود روجرز من كلية كيندي في جامعة هارفارد، عُرِض على المشاركين مقاطع لمرشحين سياسيين يتجاوبون فيها مع أسئلة معيّنة إمّا عن طريق الإجابة عنها أو التهرّب منها. وقد حظي المتهرّبون البارعون بالإعجاب أكثر من الذين لم يبرعوا في إجاباتهم، ولكن فقط عندما مرّ تهرّبهم دون أن يكتشف. وثمّة استراتيجية ناجعة أخرى هي الرّد على السؤال الاستقصائي بسؤال أو بنكتة. ويمكن للمجيبين أن يستعملوا هذه المقاربة لتوجيه دفّة الحديث في اتجاه آخر.

"شكّك في كل شيء واطرح الأسئلة" هي مقولة شهيرة لألبرت آينشتاين. والإبداع الشخصي والابتكار المؤسسي يتوقّفان على مدى الاستعداد لطلب معلومات جديدة. وغالباً ما تعزّز الأسئلة والإجابات المدروسة حصول علاقات أسلس وأكثر فعالية مع الآخرين. وكل ذلك وثقناه في أبحاثنا. لكنّنا نؤمن بأنّ الأسئلة والإجابات تمتلك قوّة تتجاوز مسائل الأداء. فمنبع كل الأسئلة هو التعجّب والفضول والقدرة على الإسعاد. ونحن نقف ونجيب عن الاستفسارات مؤمنين بأنّ سحر الحديث سينتج كلاً هو أكبر من مجموع الأجزاء المكوّنة له. كما أنّ المحافظة على ديمومة التفاعل والحافز الشخصيين – سواء في حياتنا أو في عملنا – تستدعي منّا الانتباه الدائم إلى متعة طرح الأسئلة والإجابة عنها وخاصّة أن هذه المتعة هي من النوع الذي يدخل علينا التحوّلات بحيث لا نعود بعدها كما كنّا من قبل.

اقرأ أيضاً: نقاط القوة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي