العمل الجماعي أثناء العمل

17 دقيقة
العمل الجماعي في العمل
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

إذا كنت قد شاهدتَ الألعاب الأولمبية في بكين عام 2008، فمن المحتمل أنك انبهرتَ بروعة المكعّب المائيّ، ذلك الحيز ذا الهيكل الفولاذيّ المذهل الذي تبلغ مساحته 340,000 قدماً مربعاً، والمغطى بفقاعات زرقاء شبه شفافة ذات كفاءة إيكولوجية. استضاف مكعب الماء المدعو رسمياً مركز السباحة الوطني ببكين (Beijing National Aquatics Center) فعاليات سباحة وغطس، ويمكنه استيعاب 17,000 متفرّج، وحاز جوائز هندسية وتصميمية مرموقة، وكلّف قرابة 10.2 مليار يوان. وكان المبنى ثمرة جهود مشتركة بذلتها كل من شركتي التصميم والهندسة العالمية “آروب” (Arup)، و”بي تي دبليو أركيتيكتس” (PTW Architects)، وشركة “الصين الحكومية لهندسة الإنشاءات (سي إس سي إي سي)” (CSCEC)، و”مجموعة التصميم الإنشائي الدولية الصينية” (China Construction Design International)، وعشرات المقاولين والاستشاريين. كان الهدف واضحاً وهو التأكيد على العمل الجماعي في العمل، وتمثّل في تشييد مبنى رمزيّ ليعكس الثقافة الصينية، ويتماهى مع الموقع، ويُقلّل استهلاك الطاقة في الوقت المحدد وضمن حدود الميزانية المتاحة. لكن كانت طريقة القيام بهذا كله أقل وضوحاً.

في نهاية المطاف، حشدَ تريسترام كارفراي، مهندس الإنشاءات من شركة “آروب” الذي يتخذ من سيدني مقراً له، العشرات من الأشخاص من 20 تخصصاً وأربع دول ليكسب المنافسة ويُنفّذ المبنى. وتطلّب الأمر أكثر من مجرّد إدارة تقليدية للمشروع، إذ كان النجاح مرهوناً بتقارب الثقافات القومية والتنظيمية والمهنية المختلفة إلى حد كبير، للتعاون ضمن مجموعات مرنة نشأت وانحلّت لتلبية الاحتياجات التي جرى تحديدها مع تقدّم العمل.

اقرأ أيضاً: أسرار العمل الجماعي الناجح

مثّل المكعّب المائيّ محاولةً غير مألوفة، بيد أن الاستراتيجية المتّبعة لإنجازه، والتي أدعوها التعاضد، تُجسّد حقبة جديدة للأعمال التجارية. التعاضد هو العمل الجماعي أثناء العمل: وهو مماثلٌ للعبة كرة سلّة عفويّة عوضاً عن ألعاب يؤديها فريقٌ تلقّى تدريباً باعتباره وحدةً متكاملة على مدى سنوات. إنه وسيلة لجمع الخبراء ضمن مجموعات مؤقتة لحلّ المشاكل التي تواجههم للمرة الأولى والأخيرة على الأرجح. خُذ مثلاً الأطباء في غرفة الطوارئ الذين يجتمعون سريعاً لحلّ مشكلة محددة يعاني منها المريض، ويَمضون قدماً بعدئذ لمعالجة حالات أخرى مع زملاء مختلفين، بالمقارنة مع فريق جراحي يُنجز الإجراءات ذاتها في ظل ظروف خاضعة لرقابة شديدة يوماً تلو الآخر. لا تكون بنى الفِرق التقليدية عمليّة عندما تُريد الشركات إنجاز أمرٍ لم يتمّ من قبل، وقد لا يُنجَز مرة أخرى. ومن غير الممكن فحسب أن تُحدِّد المهارات والمعارف المناسبة مسبقاً وتثقَ أن الظروف لن تتغيّر. ويجب أن يتحوّل اهتمام القائد في ظل هذه الظروف من تشكيل الفِرق وإدارتها إلى إلهام التعاضد وتمكينه.

يمكن أن تشكّل الفرق الثابتة، المؤلفة من أشخاص تعلّموا بمضيّ الوقت العمل سوياً ببراعة، أدوات مؤثّرة. لكن نظراً إلى سرعة التغيير، وشدّة المنافسة في السوق، وعدم إمكانية التنبؤ باحتياجات الزبائن في يومنا هذا، لا يتوفر وقت كافٍ عادة لتشكيل ذلك النوع من الفِرق. بدلاً من ذلك، يجب ألّا تجمعَ المؤسسات بشكل متزايد موظفيها واسعي الانتشار من مختلف التخصصات والأقسام فحسب، بل الأخصائيين الخارجيين وأصحاب المصالح أيضاً، لتفرّقهم فحسب عندما يحققون الهدف المرجو منهم، أو عندما تظهر فرصٌ جديدة. يعمل حالياً عدد متزايد من الأشخاص في جميع القطاعات وأنواع الشركات تقريباً على عدة فِرق تتباين من ناحية مدتها، ولديها عضوية متغيرة باستمرار وتسعى لتحقيق أهداف متغيرة. ولا يُمثّل كل من تصميم المنتج، والرعاية بالمرضى، ووضع الاستراتيجيات، والبحوث الدوائية وعمليات الإنقاذ إلا عدداً قليلاً فحسب من المجالات التي يُعدّ فيها التعاضد أمراً لازماً.

بهدف بناء المكعب المائي للألعاب الأولمبية في بكين، تعاونَ عشرات الأشخاص من 20 تخصصاً وأربع بلدان ضمن مجموعات مرنة. 

يفرض هذا التطور للعمل الجماعي تحديات كبيرة، ويمكن أن يؤدي إلى الفوضى بالفعل. لكن يستطيع الموظفون والمؤسسات التي تتعلّم كيفية الانسجام بشكل جيد – من خلال اعتناق عدة مبادئ لإدارة المشاريع والقيادة – جنيَ فوائد ملموسة. إذ يساعد التعاضد الأشخاص على اكتساب معارف ومهارات وشبكات علاقات. كما يتيح للشركات التعجيل بتسليم المنتجات والخدمات الحالية، بينما تستجيب سريعاً للفرص الجديدة. ويُمثّل التعاضد طريقة لإنجاز العمل أثناء اكتشاف طريقة أدائه بشكل أفضل، وأثناء تنفيذه والتعلّم في الوقت ذاته.

التحوّل من تشكيل الفِرق إلى التعاضد

لا تزال فِرق المشاريع الثابتة التي نشأنا عليها تعمل بشكل رائع في سياقات متعددة. وتستطيع الشركات أن تحقق إنجازات عظيمة من خلال جمع الأشخاص المناسبين مع التوليفة المناسبة من المهارات والتدريب، وإتاحة الوقت لهم لتعزيز الثقة. ومن الأمثلة على ذلك، تحقيق الفِرق التقليدية في شركة “سيمونز بيدينغ” (Simmons Bedding) في مطلع الألفية الثانية تحوّلاً رئيساً من خلال إلغاء الهدر من العمليات، وتنشيط المبيعات، وتعزيز علاقات أقوى مع الموزعين. وكانت العضوية محددة بوضوح في تلك الفِرق، إذ أدركتْ كل مجموعة الجزء من العمليات التي كانت مسؤولة عنه، ولم يضطر أحد إلى أداء أنواع جديدة من الأعمال بصورة أساسية. خلّفت هذه الفرق الثابتة أثراً من المؤشرات الإيجابية، بما في ذلك وفورات في التكاليف التشغيلية دون حالات فصل من العمل بقيمة 21 مليون دولار أميركي في السنة الأولى وحدها، وزيادة في المبيعات ورضا الزبائن، ورفعت معنويات الموظفين بصورة ملحوظة. لكن تمتّعت شركة “سيمونز” بما تفتقر إليه العديد من الشركات حالياً كتفضيلات الزبائن المستقرة بدرجة معقولة، والعمليات المحلية البحتة، وعدم وجود عوائق جسيمة يتعيّن تجاوزها لإنجاز العمل.

خلافاً لذلك، تُعدّ المواقف التي تستدعي التعاضد معقدة وغير مؤكدة وزاخرة بالأحداث غير المتوقعة التي تتطلب تغييرات سريعة في السياق. وتختلف المشاريع عن بعضها البعض بالمطلق، لذا، يجب أن يطّلع الأشخاص سريعاً على الموضوعات الجديدة بالكامل مراراً وتكراراً. ولأن الحلول يمكن أن تأتي من أي مكان، فهذا ممكن أيضاً بالنسبة لأعضاء الفريق. وكنتيجة لهذا، يتطلّب التعاضد تخطّي الأشخاص للحدود، الأمر الذي قد يكون خطراً. وكثيراً ما يتصادم الخبراء من شتى التخصصات، ويعملون مستخدمين لغات اصطلاحية وقواعد ومعارف خاصة بهم. ويمكن أن يمتلك الأشخاص الذين لا ينتمون إلى القسم أو المؤسسة ذاتها قيماً وأولويات متضاربة. وغالباً ما تخبو الأصوات المعارضة بفعل هيكليات الإبلاغ وتسلسله الهرمي عندما يُجمَع صغار الموظفين وكبارهم من أقسام مختلفة. وفي الفِرق العالمية، يمكن أن تؤدي اختلافات المناطق الزمنية والمراسلات الإلكترونية إلى سوء التفاهم والغموض اللوجستي. ولأن علاقات العمل مؤقتة، ليس من الممكن استثمار الوقت للتعوّد على أساليب عمل الزملاء الجدد ومواطن قوّتهم وضعفهم.

كانت أوجه الخلاف كثيرة عند تصميم المكعب المائي، نظراً إلى الحاجة إلى التعاون المكثّف عبر الحدود. وفي مرحلة مبكرة، طوّرت الشركتان المعماريّتان، اللتان كانت إحداهما صينيّة والأخرى أسترالية، تصوّراً للتصميم تمثّل أحدهما في مبنى على شكل موجة، واتّخذ الآخر شكلاً مستطيلاً متناقصاً. وأشار أحد المشاركين إلى التوتر السائد بين ما بدا كأنه مجموعتان. وأضاف آخر “بدا الأمر وكأن عمليتيّ تصميم كانتا تحدُثان في الوقت ذاته، كان أحد الفريقين يعمل على فكرته بسريّة، وكان المهندسون المعماريون الآخرون يتصرفون من تلقاء أنفسهم”.

لننظر أيضاً في فريق تطوير منتجات مُوزّع جغرافياً درستُه في شركة متخصصة بالمعدات المتطورة. أوشك الفريق، الذي عمل على تطوير بوليمر مخصص حسب الطلب من أجل إطلاق منتج جديد لإحدى الشركات اليابانية المُصنّعة، على الانهيار بسبب المعايير الثقافية المتضاربة المتعلقة بعلاقات الزبائن. وأرادت إحدى أعضاء الفريق، وهي خبيرة في التسويق تعيش في الولايات المتحدة، أن تُقيِّم البيانات المتعلقة باستراتيجية التسويق التي تتبعها الشركة المُصنّعة للفرص طويلة الأمد المتاحة للبوليمر، وكانت محبطَةً للغاية نتيجة إخفاق إحدى أعضاء الفريق الياباني في تلبية طلبها. في المقابل، اعتقدَت المهندسة العضو في الفريق الياباني أن المسوّقة الأميركية كانت متطلّبة وغير داعمة. وعلمَت أن الزبون لم يكن قد وضع استراتيجية للمنتج بعد، وأن المطالبة بمزيد من المعلومات في هذه المرحلة حديثة العهد من العلاقة قد تتسبب في خسارة الزبون “لماء وجهه”.

اقرأ أيضاً: كيف يتحسّن العمل الجماعي عند مكافأة أفضل الموظفين؟

في الشركة نفسها، كان فريق آخر، مؤلف من سبعة خبراء، وموزّع عبر خمسة مرافق في ثلاث قارات، يحاول تطوير بوليمر مختلف وفقاً لجدول زمني ضيّق. وعلى الرغم من معارفه المشتركة، وصلت المجموعة إلى طريق مسدود في جهودها المبذولة للحصول على مركّب كيميائي خاص. وجد أحد الأعضاء في النهاية زميلاً من خارج الفريق الرسمي تمكّن من إنتاجه. وفي المشاريع المعقدة من الناحية الفنية والعلميّة المماثلة، لا يحدث التعاضد عبر الحدود التي صُمّمَ ليغطّيها فحسب، بل عبر الحدود بين المشاريع أيضاً عندما يُقدّم الزملاء الذين يتمتعون بالخبرات والنوايا الحسنة المساعدة.

مكونات التعاضد

كما يتضح من هذه الأمثلة، يشمل التعاضد تحديات فنية وتحديات مرتبطة بالعلاقات الشخصية على حد سواء. ولذا تقع على عاتق القادة مسؤولية الاستفادة من أفضل ممارسات إدارة المشاريع (من أجل التخطيط والتنفيذ ضمن ظروف معقدة ومتغيرة)، وقيادة الفريق (لتعزيز التعاون ضمن المجموعات المتغيرة التي ستكون معرضة للصراع بصورة طبيعية). ويُمثّل ما سبق مكونات التعاضد وآلياته، ولنتناول مكوناته أولاً.

المكوّنات

يتعيّن على القادة إدارة مشاكل استقصاء التحديات الفنيّة من أجل تسهيل التعاضد الفاعل، وتنظيم الحدود الفاصلة برفق، وتصنيف المهام من أجل تنفيذها. ويتمثل الخطأ التقليدي الذي يُرتكب في افتراض أن كل ما يقوم به الفريق يجب أن يكون تعاونياً. بدلاً من ذلك، يجب استخدام المدخلات والتفاعل وفقاً للحاجة، حتى لا تتحوّل جميع المهام إلى صدامات تستهلك الوقت بين أعضاء الفريق. أما الخطأ الآخر فهو ربطُ المبادرات التي تتسم بدرجة عالية من عدم اليقين بأدوات إدارة المشاريع التقليدية التي تواكبُ التعقيدات من خلال تقسيم العمل إلى مراحل مُتوقّعة مثل المبادرة والتخطيط والتنفيذ والإنجاز والمراقبة. وتُعدّل مكونات التعاضد هذه الأدوات لتمكين التنفيذ أثناء التعلّم والتخطيط وليس بعدهما.

تحديد النطاق

تتمثّل الخطوة الأولى في أي سيناريو للتعاضد في تحديد منحى ثابت في الرمال (المتحرّكة) من خلال الاستقصاء عن نطاق التحدي، وتحديد الخبرات اللازمة، والاستفادة من الجهات المتعاونة وتحديد الأدوار والمسؤوليات. على سبيل المثال، بدأ قادة مشروع المكعب المائي من خلال تحديد عدد قليل من الشركات الواقعة قرب المحيط الهادئ التي كانت قادرة على أداء أعمال هندسية وتصاميم متطورة وراغبة في العمل معاً. وقد يتضمن هذا النشاط الاستقصائي في المؤسسات الأخرى عمليات بحث أفقية وعمودية عبر التسلسل الهرمي لتحديد الأشخاص ذوي الخبرة في هذا المجال. عندما يُجمّع الفريق بالفعل، يشمل تحديد النطاق اكتشاف ماهية الموارد الإضافية اللازمة، كما حدث في حالة فريق البوليمر الثاني، أو أعضاء الفريق الذين يمكن أن يتفرّغوا بمضيّ الوقت لينضموا إلى مجموعات أخرى.

يوضّح تحديد النطاق الناجح أفضل تعريف حاليّ ممكن للعمل ويقرّ أن التعريف سيتطور بالتوازي مع المشروع.

التنظيم

تتمثّل الخطوة الثانية في توفير بعض التنظيم، كدعامة رمزية، لمساعدة الفريق على العمل بفاعلية. في عملية البناء، الدعامة هي هيكلٌ خفيف ومؤقّت يدعم عملية التشييد. وبالنسبة للعمل الارتجاليّ المترابط الذي تضطلع به مجموعة متغيرة من المشاركين، يمكن لبعض التنظيم أن يساعد المجموعة من خلال تهيئة الحدود والأهداف. ويمكن أن تشمل الدعامة في حالة التعاضد قائمة بأعضاء الفريق، تحتوي على معلومات مهنية وأخرى متعلقة بالسيرة الذاتية مفيدة، وترددات لاسلكية مشتركة أو غرفة دردشة أو شبكة إنترنت، وزيارات إلى منشآت الزملاء في الفريق، أو حيزاً مكتبياً مشتركاً مؤقتاً. ويمثّل استخدام “ارتداء القمصان” و”خلعها” لتمييز الطرفين في لعبة كرة سلة عفويّة نوعاً من أنواع الدعامة، وكذلك الإخطار السريع لدى إطلاق مهمة إنقاذ تُحدّد مثلاً مجموعة مؤلفة من أربعة أشخاص، يتمتع كل منهم بوظيفة مختلفة، ليمضوا إلى ثلاثة اتجاهات مختلفة. ويتمثّل هدف التنظيم في تسهيل التنسيق والتواصل على شركاء التعاضد، سواء تم ذلك بشكل مباشر أو افتراضياً.

تناولتُ وميليسا فالنتاين، المرشحة للحصول على درجة الدكتوراه في “جامعة هارفارد”، مؤخراً استخدام السقالات الرمزية في غرف الطوارئ، حيث يترتّب على التعاضد السريع تبعات تؤدي إلى الحياة أو الموت. في هذه الظروف، يعتمد الأطباء والممرضات والفنيون ذوي المواعيد المتقلّبة باستمرار على بعضهم البعض لاتخاذ قرارات سليمة للعناية بالمرضى وتنفيذها دون أخطاء في الوقت الفعلي. وفي الكثير من الأحيان، لا يتمتع الأشخاص الذين من المقرّر أن يعملوا في المناوبة ذاتها بعلاقات عمل طويلة الأمد وقد لا يعرفون أسماء بعضهم البعض حتى. وجدتُ وفالنتاين عدة مستشفيات كانت تختبر نظاماً يُسهل التعاون الظرفيّ من خلال تقسيم غرف الطوارئ إلى أقسام فرعية “حجيرات” تتضمن مجموعةً محددة سلفاً من الأدوار (مثل الطبيب المعالج وثلاث ممرضات وطبيب مقيم ومتدرب) يمرّ عليها الأطباء المعالجون عندما يأتون إلى العمل. وكنتيجة لذلك، يُحدّد تنسيق التعاضد لكل مناوبة في وقت مبكر، مما يُقلّل الوقت اللازم للتنسيق، ويُعزز المحاسبة، ويُحسّن الكفاءة التشغيلية ويقصّر فترات انتظار المريض.

وحدة الموقع المؤقتة تمثل أحد الأنماط الشائعة من الدعامات الخاصة بالمشاريع قصيرة الأجل ذات الأولوية القصوى في أماكن الشركة. إذ استخدمتها شركة “موتورولا” (Motorola) في عملية إطلاق هاتف “ريزر” (RAZR) المحمول، التي كانت واحدة من أنجح عمليات إطلاق المنتجات في التاريخ. عكَفت الشركة التي واجهت منافسة عالمية محتدمة عام 2003، على ابتكار أنحف هاتف على الإطلاق في زمن قياسي. وترأس مهندس الكهرباء روجر جيليكو المشروع الذي عمل فيه 20 مهندساً وغيرهم من الخبراء من مجموعات ومواقع مختلفة جنباً إلى جنب مؤقتاً في منشأة عادية أخرى تبعدُ ساعة عن مدينة شيكاغو. وحقّق المنتج النهائي الذي أُطلقَ عام 2004 نجاحاً باهراً في السوق، إذ بيعَ أكثر من 110 مليون هاتف محمول من طراز “ريزر” في السنوات الأربع الأولى.

التصنيف

تتمثل الخطوة الثالثة في الترتيب الواعي للمهام حسب الأولويات وفقاً لدرجة الاعتماد المتبادل بين الأفراد. وكما أشار جيمس طمسون، واضعُ النظريّات التنظيمية، قبل نصف قرن مضى، توجدُ المؤسسات لتعبئة جهود الأشخاص.

ويمكن أن يتّخذ التوحيد أو الاعتماد المتبادل ثلاثة أشكال هي: الشكل الجماعي، أو الشكل المتسلسل، أو الشكل المشترك. شكّل الاعتماد المتبادل الجماعيّ جوهر الحقبة الصناعية بتقسيم العمل إلى مهام صغيرة يمكن أداؤها ورصدها بشكل فردي دون الحاجة إلى المدخلات من قبل الآخرين. وبقدر ما توجدُ أعمال مماثلة في المشاريع القائمة، ثمّة مرونة في مكان إنجازها وموعدها. لكن تتطلب معظم المهام حالياً قدراً معيناً من التفاعل بين الأفراد أو المجموعات الفرعية.

يُميِّز الاعتماد المتبادل المتسلسل المهام التي تحتاج إلى مدخلات (مثل المعلومات أو المواد أو كليهما) من شخص آخر. ويُشكّل خط التجميع مثالاً تقليدياً على ذلك، إذ لا يمكنني الاضطلاع بدوري ما لم يؤدِ الشخص في المنبع دوره. وتزخرُ حالات التعاضد بهذه المهام، ويجب أن تُجدول بعناية لتفادي التأخيرات. يُبسّط التعاضد الفاعل عمليات التمرير بين المهام المتسلسلة بهدف تجنّب هدر الوقت وسوء التفاهم. ويُركّز الأشخاص غالباً على قسطهم من العمل ويفترضون أن ذلك سيكون كافياً لجودة الأداء لو فعل الآخرون المثل.

تكتسي إدارة المهام التي تتضمن الاعتماد المتبادل المشترك – مثل العمل الذي يتطلّب التواصل المتبادل وتعديلات متبادلة – أهمية بالغة لنجاح التعاضد. ونتيجة لصعوبة توصّل الأشخاص في المجموعات المرنة متعددة المهام إلى توافق، توشك هذه المهام أن تتحوّل إلى عقبات. ولهذا السبب يتعيّن إيلاؤها الأولوية. ومن الضروري أن يُحدّد القادة المراحل التي تستوجب اجتماع الأشخاص أو المجموعات الفرعية – فعلياً أو افتراضياً – لتنسيق الموارد والقرارات المقبلة أو لتحليل المشاكل وحلّها.

تُمثّل أحد العوامل التي ميّزت تصميم المكعب المائي وتشييده عن معظم مشاريع البناء واسعة النطاق التي تُجرى فيها مختلف المهام بالتسلسل وفقاً لتخصصات مختلفة في اجتماع الخبراء كافة سوياً في البداية، بغرض طرح الأفكار والنظر في الآثار المترتبة على مختلف الأفكار التصميمية. وحوّل هذا القرار المُتخذ بشأن الإجراءات بصورة متعمدة الأنشطة المتسلسلة عادةً إلى أنشطة مشتركة. وكانت النتيجة زيادة التعقيدات والحاجة لا إلى التنسيق فحسب، بل إلى تصميم أفضل، وهدر أقل، وإنجاز أسرع وتكلفة منخفضة. وتمثّلت إحدى النتائج في اتخاذ قرار متطرف باستخدام إيثيلين رباعي فلورو الإيثيلين (ETFE)، المادة التي استُحدثت لاستكشاف الفضاء ولكنها لم تُستخدم مطلقاً في المباني الرئيسة. ساهمتْ خصائصها الفريدة في حلّ عدة مشاكل في الصوت والبنية والإضاءة. وعلى الرغم من أن الخيار بدا محفوفاً بالمخاطر في بادئ الأمر، استخدمَ مهندسو شركة “آروب” أحدث برمجيات النمذجة الحاسوبية لتأكيد سلامة إيثيلين رباعي فلورو الإيثيلين لتحقيق أهدافهم ولإيصال أفكارهم إلى السلطات الصينية.

قد يبدو الصراع بين الجهات المتعاونة إخفاقاً، لكن تُمثل الاختلافات في وجهات النظر سبباً جوهرياً للعمل الجماعي في المقام الأول، ويهيئ حلّها بفاعلية الفرص.

لم تتطلب المهام كلها في مشروع المكعب المائي بالطبع اعتماداً متبادلاً مشتركاً، إذ تولّت الفِرق الفرعية الخبيرة العديد من المهام المستقلة، مثل تحليل السلامة من الحرائق ورسومات فنية معينة. لكن اضطرّت الفِرق إلى التنسيق بين ما دعته الشركة “حلقات التواصل” كي تعمل باعتماد متبادل. قسّم كارفري وزملاؤه المشروع برمّته إلى “أجزاء منفصلة” على أساس مجالات الاعتماد المتبادل، وكلّفوا فرقاً فرعية بتنفيذها. وعندما تطلّبت المشاكل التنسيق بين الأجزاء، عُقدت اجتماعات لتنسيق حلقات التواصل شملَت الأطراف المعنية فقط، بغية ضبط الحدود الهيكلية أو التنظيمية أو الإجرائية. وبهذه الطريقة، ألغى المشروع الأخطاء التي قد تطرأ بشكل آخر عند حدود مماثلة، موفّراً المواد والتكاليف والمشاكل.

الآليات

نادراً ما تعمل مكونات التعاضد بسلاسة ما لم تُدار آلياته بشكل مدروس أيضاً. (راجع الفقرة الجانبية “سلوكيات التعاضد الناجح”). ويتمثّل التحدي الذي يواجه أياً من أنواع العمل الجماعي في أن الأشخاص الذين يعملون سوياً أكثر عرضة للتأثيرات الناتجة عن القرارات التي يتخذها الآخرون وتصرفاتهم بالمقارنة مع الأشخاص الذين يعملون بشكل مستقل. وتتجاوز الفرق الثابتة هذا الأمر من خلال إتاحة الوقت للأعضاء ليتعرفوا على بعضهم البعض ويثقوا ببعضهم، مما يُسهل الكلام والإصغاء بعناية والتفاعل بشكل مرن. لكن تُضاعف العلاقات المتغيرة باستمرار التحديات. وتتطلّب آليات التعاضد من الأشخاص الشعور بالارتياح إزاء أسلوب عمل جديد بدلاً من مجموعة جديدة من الزملاء. ويقتضي أسلوب العمل الجديد هذا منهم التصرف كأنهم يثقون ببعضهم البعض، حتى لو لم يكونوا كذلك. وهم لا يثقون ببعضهم بالطبع، ولا يعرفون بعضهم بعد. وتتوافر لدى القادة أربع أدوات للآليات هي: التأكيد على الهدف، وتعزيز السلامة النفسية، وتقبّل الفشل وإنهاء الصراع من أجل العمل.

التأكيد على الهدف

يُمثّل توضيح ما هو على المحك أداة أساسية للقيادة التحفيزية في أي إطار تقريباً، لكنه هام بشكل خاص في الظروف التي تتطلّب التعاضد. ويتمحور الهدف بشكل رئيس حول القيم المشتركة، ويُجيب على السؤال المتعلق بسبب وجودنا (سواء كنا هذه الشركة أم هذا المشروع)، مما قد يُحفّز الفِرق الأكثر تنوعاً والأقل تنظيماً حتى. كما أن التأكيد على الهدف ضروري حتى عندما يكون واضحاً، كما جرى في عملية الإنقاذ التاريخية لـ 33 من عمال المناجم التشيليّين التي استمرّت 70 يوماً عام 2010. ذكّر أندريه سوغاريت، كبير المهندسين في شركة “كوديلكو” (Codelco) للتعدين الذي ترأس عملية الإنقاذ المعقدة، عشرات المهندسين وعلماء الجيولوجيا الذين تعاونوا معه باستمرار بالأرواح البشرية التي كانوا يحاولون إنقاذها. وساعد هذا الخبراء من تخصصات متباينة والشركات والدول على تسوية الخلافات سريعاً ودعم بعضهم البعض بدلاً من التنافس من أجل التوصل إلى الفكرة التي من شأنها أن تُنقذ الموقف. وركّز جيليكو وفريق “موتورولا ريزر” (Motorola RAZR) على صُنع منتج رائد من شأنه أن يكون جميلاً وعملياً في الوقت ذاته، بينما أُسندت إلى مطوّري البوليمر مهمة تلبية احتياجات زبائنهم بسرعة وفاعلية قدر استطاعتهم.

تعزيز السلامة النفسية

لا تُعدّ مشاركة الأشخاص للمعلومات ذات الصلة حول أفكارهم وخبراتهم على وجه السرعة أمراً سهلاً بالنسبة لهم عندما يعملون ضمن ظروف التعاضد ذات الوتيرة السريعة ومتعددة التخصصات والعابرة للحدود. إذ يقلق بعض الأشخاص إزاء ما سوف يفكر به الآخرون بشأنهم. ويخشى البعض أنهم سيصبحون أقل قيمة إذا أفشوا المعلومات التي يعرفونها. ويُحجم آخرون عن التباهي. وقد يكون اكتساب المعارف حتى صعباً إذا بدا الأمر كأنه اعتراف بالضعف.

ونظراً إلى أن هذه المقايضات الحيوية بين الأشخاص لا تحدث دوماً بشكل عفوي، يتعيّن على القادة تيسيرها من خلال تهيئة أجواء من السلامة النفسية من المتوقع فيها أن يُعرب الأشخاص عن آرائهم ويختلفوا. وتتمثّل إحدى الطرق الأساسية لتهيئة مناخ مماثل في نمذجة السلوكيات التي يعتمد عليها الفريق: مثل طرح أسئلة مدروسة، والإقرار بالجهل بموضوع أو أحد مجالات الخبرة، والإعراب عن دراية الشخص بقابليته لارتكاب الأخطاء. يُتيح القادة الذين يتصرفون بهذه الطريقة أماناً أكبر للبقية ليقوموا بالمثل. فبهدف توطيد بيئة آمنة نفسياً لعملية الإنقاذ في تشيلي، حجبَ سوغاريت جميع المشاركين عن وسائل الإعلام، وطرحَ الأسئلة وأصغى بانتباه إلى الأشخاص بصرف النظر عن رتبتهم، وأبدى اهتماماً عميقاً بالأفكار الجديدة المتعلقة بكيفية إنقاذ عمال المنجم. وأوجدَ كارفري في مشروع المكعب المائي ما أشار إليه أعضاء الفريق على أنه “بيئة تصميم آمنة” من خلال التأكيد على ضرورة تجربة أفكار جامحة.

اعتناق الفشل

يُفضي التعاضد إلى إخفاقات بالضرورة، حتى في المسار المُفضي إلى تحقيق نجاحات استثنائية. وتوفّر هذه الإخفاقات معلومات هامة تُرشدُ الخطوات التالية، مُوجدةً ضرورة ملحة للتعلّم منها.

في حالات التعاضد، يجب أن يضمن القادة تغلّبَ المشاركين جميعهم على رغبتهم الطبيعية المتمثلة في تجنّب الإحراج وخسارة الثقة المقترنة بارتكاب الأخطاء. واجه فريق “ريزر” الفشل عندما فوّت الموعد النهائي الطَّموح المُحدد له والمبيعات في الأعياد التي ارتبطت به على الرغم من ساعات عمله الطويلة. وأطلقَ الفريق المنتجَ بعد بضعة أشهر لاحقة، مدعوماً من الإدارة العليا بالكامل، وفاقت مبيعات الهاتف التوقعات على الرغم من ذلك. أجرى فريق البوليمر الأول المذكور أعلاه سلسلة من التجارب التي لم تؤدِ إلى نتيجة، واستقدموا في النهاية بعض المختصين، وهم على ثقة أن هؤلاء الزملاء لن يقلّلوا من شأنهم.

وتدعو الحاجة إلى التعاضد في هذه المواقف بالضبط، عندما لا يكون الأشخاص المسؤولون عن تنفيذ الحلول بالضرورة قادرين على التوصل إليها.

إنهاء الصراع من أجل العمل

تنتشر الصراعات التي تُعيق التطور عندما يحدث التعاضد عبر ثقافات أو أولويات أو قيم مختلفة، حتى عندما يجمع القادة الأشياء الصحيحة. وللمضي قدماً، يجب الحرص على رؤية جميع الأطراف للدرجة التي لا تعكس فيها وظائفهم الحقائق فحسب، بل القيم الشخصية وأوجه الانحياز أيضاً، لتفسير كيفية توصلّهم إلى وجهات نظرهم، وللإعراب عن الاهتمام في المسارات التحليلية لبعضهم البعض. بهذه الطريقة، يستطيع الأشخاص أن يُحسنوا استغلال الصراعات.

تتصف المؤسسات التي تنسجم بشكل جيد بالنباهة والابتكار، فهي تُنفّذ أثناء تعلّمها على عدة أصعدة.

وكما وردَ في مقال كتبه كريس أرغيريس في مجلة “هارفارد بزنس ريفيو” بعنوان “تعليم الناس الأذكياء كيف يتعلّمون” (Teaching Smart People How to Learn) (مايو/أيار 1991)، يُحتّم التعلّم من الصراع علينا أن نُحقق التوازن بين ميلنا الطبيعي نحو التعبئة (كالشرح والتواصل والتدريس)، وبين السلوكيات الأقل عفوية: مثل الاستفسار (الإعراب عن الفضول متبوعاً بالإصغاء الصادق). وتتمثّل إحدى التدريبات المفيدة بالنسبة للقادة في فرض أوقات للتأمل، وطرح السؤال التالي على أنفسهم وعلى الآخرين “هل هذه الطريقة الوحيدة لرؤية الموقف؟ ما الذي يمكن أن يكون قد فاتني؟. يعتبر هذا السّبر، حتى في حالة وجود مهل زمنية محددة، أساسياً للتعاضد الناجح. ولقد توصّلتُ في البحوث والاستشارات التي أجريتُها في الواقع إلى أن “تخصيص الوقت” للقيام بهذا يستغرق فعلياً وقتاً أقل بالمقارنة مع ترك الصراعات تتخذ مسارها الطبيعي.

قد يبدو الصراع إخفاقاً، وقد يكون عدم الاتفاق على وجهات النظر مع الجهات المتعاونة محبِطاً، لكن تُمثّل الاختلافات في وجهات النظر سبباً جوهرياً للعمل الجماعي في المقام الأول، ويتيح حلّها بفاعلية نشوء فرص جديدة. بدلاً من إنهاء العلاقات عندما اختلفوا بشأن تصميم مركز السباحة الأولمبي، ابتكرَ المصممون الأستراليون والصينيون مفهوماً جديداً بالكامل حمّس الطرفين. هل كانت إحدى أفكار تصميمهم الأساسية ستفوز بالمسابقة؟ لا يمكننا الإجابة على ذلك السؤال، لكن كان الحل الجديد المشترك، أي المكعب المائي، مذهلاً. يسّرَ قادة المشروع هذه النتيجة الناجحة من خلال توكيل هؤلاء الأخصائيين النادرين الذين تمتعوا بإلمام بالغ بالثقافتين: الصينية والغربية، لقضاء بعض الوقت في شركات بعضهم البعض والمساعدة على تسوية الخلافات في اللغة والقواعد والممارسات والتوقعات.

تُحقّق الصعوبات فوائد

بعد أن درستُ تطوّر العمل الجماعي لـ 20 عاماً، أعتقد أن التعاضد ليس مجرد أمر يتعيّن على الأفراد والشركات القيام به حالياً، لكنه أمر يجب أن يرغبوا في القيام به الآن لأنه يمثّل دافعاً هاماً للتطور الشخصي والمؤسسي.

لا يقتصر ما يمكن للتعاضد توليده على النتائج قصيرة الأجل فحسب عندما يُدار بفاعلية، كما توضّحَ بوساطة تجربة هاتف “ريزر” المحمول والمكعب المائي، بل يشمل أيضاً فوائد طويلة الأجل. (راجع فقرة “منافع التعاضد”). وتصبح المؤسسات التي تتعلّم كيفية التعاضد بشكل جيد أكثر نباهةً وابتكاراً. فهي قادرة على حل المشاكل المعقدة الشاملة لعدة تخصصات، ومواءمة الأقسام والموظفين من خلال تطوير ثقافات مؤسسية أكثر قوة ووحدة، وتقديم مجموعة متنوعة من المنتجات والخدمات، وإدارة الأحداث غير المتوقعة. ويساعد التعاضد الشركات على التنفيذ حتى أثناء تعلّمها على عدة أصعدة، مما يُفضي بدوره إلى الارتقاء بمستوى التنفيذ.

يستفيد الأشخاص أيضاً من التعاضد التسلسلي، ويطوّرون معارف أوسع، ومهارات تبادلية أفضل، وشبكة علاقات أكبر حجماً مؤلفة من الجهات المتعاونة المحتملة، وفهماً أفضل لشركتهم ومختلف الثقافات العاملة فيها. في دراسة لفِرق تطوير المنتجات، وجدتُ وزملائي أن الأشخاص الذين عملوا ضمن فِرق مُكلّفة بمهام أكثر إبداعاً وقدر أكبر من التعقيد في المنتجات، ومع زملاء أكثر تنوعاً، وزيادة في شمولية الحدود تعلّموا أكثر بالمقارنة مع أعضاء فِرق واجهت عدداً أقل من تلك التحديات.

تؤمن مجموعة “دانون” (Group Danone)، شركة الأغذية متعددة الجنسيات، بشدّة في قدرة التعاضد التي أضفت عليها الشركة الطابع المؤسسي بهيئة سلوك لبناء العلاقات، وهو برنامج استهلّه المديران التنفيذيان فرانك موغين وبينيديكت بينيناتي. يُشجّع البرنامج المشاريع الظرفيّة التي تشمل موظفين موزعين عبر مئات وحدات الأعمال التي عملَت في السابق بشكل مستقل، بوجود تناغم بسيط، أو دون وجوده على الإطلاق. باستخدام مجموعة من “أسواق المعارف” المباشرة والنقاشات عن طريق الوساطة الإلكترونية، يستطيع المدراء ذوي الاهتمام بمسألة معينة أو علامة تجارية أو مشكلة إيجاد شركاء يشاركون معهم الممارسات ويطلقون مبادرات جديدة. تتوقع الشركة بروز الفرق والمشاريع الجديدة من تقرير داخلي تضمّن قصصاً حول 33 ممارسةً انتقل عبر المواقع. ساعدت إحدى المبادرات التي تضمّنت حلوى “دانون برازيل” (Danone Brazil) انطلاق حلوى “دانون فرنسا” (Danone France) خلال أقل من ثلاثة أشهر رداً على خطوة قامت بها شركة منافسة، وتحولت إلى شركة بقيمة 20 مليون يورو. وتتمتع الشركة حالياً بأكثر من 60 “شبكة” جديدة، وهي عبارة عن مجتمعات يسهل اختراقها مؤلفة من زملاء التعاضد، موزعة في جميع أنحاء العالم. وصُمّم سلوك بناء العلاقات بهدف تحقيق نجاحات في الأعمال التجارية، وتمكّن من ذلك. لكن، وبالقدر ذاته من الأهمية، حوّل ثقافة صنع القرار المحصورة والتسلسلية إلى ثقافة ذات تعاون أفقي.

اقرأ أيضاً: ثلاث طرق لتشجيع الفريق على العمل الجماعي بطريقة أذكى

يُعدّ التعاضد أكثر فوضوية بالمقارنة مع العمل الجماعي التقليدي، لكنه سيبقى موجوداً. وتقتضي المشاريع بصورة متزايدة تطوّر المعلومات والإجراءات من ميادين عديدة. ويعتمد المدراء على شتى أنواع الخبراء لصنع القرارات وإنجاز العمل. ويتعيّن على الأشخاص العمل سوياً بطرق جديدة وغير متوقعة كي يتفوقوا في بيئة العمل المعقدة والغامضة. ولهذا السبب يبدأ التعاضد الناجح باعتناق المجهول والالتزام بالتعلّم الذي يُحفّز الموظفين على استيعاب المعارف الجديدة وابتكارها أحياناً أثناء تنفيذ عملهم.

سلوكيات التعاضد الناجح

  • إعلاء الصوت

التواصل الصريح والمباشر مع الآخرين من خلال طرح الأسئلة والاعتراف بالأخطاء وإثارة القضايا وتوضيح الأفكار.

  • الاختبار

اتباع نهج تكراري لاتخاذ إجراء يعترف بعناصر الإبداع وعدم اليقين المتأصلة في التفاعلات بين الأفراد وفي الإمكانات والخطط التي يطورونها.

  • التأمل:

مراقبة العمليات والمخرجات التي تؤثر على وتيرة العمل، مع مناقشتها وطرح الأسئلة حولها. ويجري ذلك بصورة منتظمة، يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً.

  • الإصغاء بعناية:

العمل بجد من أجل التوصل إلى فهم لمعارف الآخرين وخبراتهم وأفكارهم وآرائهم.

  • التكامل

تجميع مختلف الحقائق ووجهات النظر لإتاحة إمكانات جديدة.

منافع التعاضد

يمكن للسمات الأصعب للتعاضد أن تحقق أيضاً منافع كبيرة على مستوى المؤسسات والأفراد.

يجب أن تعمل العديد من الإدارات المختصة أو الأقسام معاً

الصعوبة

قد يحدث صراع بين أشخاص يمتلكون قيماً ومبادئ ومصطلحات وخبرات مختلفة.

الفوائد

  • المؤسسية: 
  1. الابتكار من خلال الجمع بين المهارات ووجهات النظر.
  2. القدرة على حل المشاكل الشاملة لعدة تخصصات.
  • الفردية:
  1. مهارات تتجاوز الحدود.
  2. فهم التخصصات الأخرى.
  3. منظور أشمل حول العمل.

يتوزع الأفراد جغرافياً

الصعوبة

تمثل اختلافات المناطق الزمنية والمراسلات الإلكترونية عقبات لوجستية.

الفوائد

  • المؤسسية:
  1. مواءمة أكبر بين الأقسام.
  2. نشر ثقافة الشركة بشكل أفضل.
  • الفردية:
  1. التعرف على أفراد في أماكن مختلفة.
  2. امتلاك فهم أعمق للثقافات المختلفة وعمليات المؤسسة.

العلاقات المؤقتة

الصعوبة

ربما لا يمتلك الأفراد وقتاً لبناء الثقة والفهم المشترك.

الفوائد

  • المؤسسية:
  1. تقاسم الخبرة بشكل أكبر بين الزملاء.
  2. صداقات أكبر على مستوى الشركة.
  • الفردية:
  1. مهارات تبادلية.
  2. شبكة علاقات أكبر حجماً.

تختلف المشاريع عن بعضها البعض تماماً

الصعوبة

يجب أن يطّلع الأشخاص سريعاً على الموضوعات الجديدة بالكامل مراراً وتكراراً.

الفوائد

  • المؤسسية:

القدرة على تلبية احتياجات الزبائن المتغيرة.

  • الفردية
  1. المرونة والرشاقة.
  2. القدرة على الاستعانة بالأفكار من بيئة معينة في بيئة أخرى.

يمكن أن يكون العمل غامضاً وفوضوياً

الصعوبة

تتطلب الأوضاع المتقلبة تواصلاً وتنسيقاً مستمرين.

الفوائد

  • المؤسسية:

القدرة على إدارة أحداث غير متوقعة بسبب معرفة فوائد العمل الجماعي في العمل.

  • الفردية:
  1. مهارات إدارة المشاريع.
  2. مهارات الاختبار.

اقرأ أيضاً: ترسيخ ثقافة العمل الجماعي في المؤسسة

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .