رغم أن معظم التنفيذيين يدركون أهمية تحطيم جدران الصوامع المنعزلة والربط بين الخبراء لمساعدة الموظفين على التعاون عبر الحدود، إلا أنهم يواجهون صعوبة في تحقيق هذا الهدف. وهذا أمر مفهوم، فهي مهمة شديدة الصعوبة جداً.
فكّروا في علاقاتكم في مكان العمل – وخذوا رؤساءكم أو مرؤوسيكم كبداية. الآن خذوا الموظفين الموجودين في وظائف أو وحدات عمل أو مناطق جغرافية أخرى ممّن تؤثر أعمالهم على عملكم بشكل من الأشكال. ما هي العلاقات التي تحظى بالأولوية في عملكم اليومي؟
طرحنا ذلك السؤال على مدراء، ومهندسين، ومندوبي مبيعات، واستشاريين في شركات في أنحاء العالم. والإجابة التي نحصل عليها هي ذاتها تقريباً على الدوام: العلاقات العمودية.
ولكن عندما نطرح السؤال التالي: "ما هي العلاقات الأهم لتحقيق القيمة للزبائن؟" فإن الإجابة تنعكس. فالغالبية العظمى من فرص الابتكار وتطوير الأعمال اليوم تكمن في حالات التقابل والالتقاء بين مختلف الوظائف أو المكاتب أو المؤسسات. باختصار، تحتاج الحلول المتكاملة التي يريدها معظم الزبائن – لكن الشركات تكابد في تطويرها – إلى تعاون أفقي.
ثمّة اعتراف واسع النطاق بقيمة العمل الجماعي الأفقي. فالموظفون القادرون على الخروج من صوامعهم المنعزلة لإيجاد زملاء ذوي خبرات مكمّلة يتعلمون أكثر، ويبيعون أكثر، ويكتسبون المهارات في وقت أسرع. لقد توصّلت هايدي غاردنر من هارفارد إلى أن الشركات التي تنطوي على قدر أكبر من التعاون العابر للحدود تكسب ولاء زبائنها بشكل أكبر وتحقق هوامش أرباح أعلى. وبما أنّ الابتكار يعتمد أكثر فأكثر على التعاون ما بين أصحاب الاختصاصات المختلفة، وبما أن التحول الرقمي يؤدّي إلى حصول تغيرات بوتيرة سريعة للغاية في الشركات، وبما أن العولمة باتت وبصورة متزايدة تتطلب من الموظفين العمل عبر الحدود الوطنية، فإن الطلب على التنفيذيين القادرين على قيادة المشاريع القائمة على حالات التقابل والالتقاء مع الآخرين مستمر في التنامي.
تؤكد أبحاثنا وأعمالنا الاستشارية مع مئات التنفيذيين والمدراء في عشرات المؤسسات على الحاجة إلى التعاون الأفقي، كما تثبت التحدي الذي ينطوي عليه هذا التعاون. فقد قال لنا أحد الشركاء في شركة محاسبة ما يلي: "لا شك في أننا يجب أن نركّز على المشاريع الكبيرة التي تستدعي التكامل بين مختلف الأقسام. فهذا هو المجال الذي تتطور من خلاله قيمتنا المميزة العظمى. لكنّ معظمنا يحصر نفسه في المشاريع الأصغر حجماً التي يستطيع التعامل معها ضمن قسمه الخاص. وهذا وضع محبط". أما الشريك الأول في شركة استشارية رائدة فقد عبّر عن الفكرة بطريقة مختلفة قليلاً حين قال: "يعلم المرء أنه مضطر إلى السباحة لمسافة أطول لكي يصطاد سمكة أكبر، لكن من الأسهل عليه أن يسبح في بركته الصغيرة وأن يلتقط مجموعة من الأسماك الصغيرة".
تتمثّل إحدى طرق تحطيم الصوامع المنعزلة في إعادة تصميم الهيكل التنظيمي الرسمي للمؤسسة. لكن هذه المقاربة تتصف بالمحدودية: فهي مكلفة، ومربكة، وبطيئة. والأسوأ من ذلك هو أن كل هيكلية جديدة تحل بعض المشاكل لكنها توجد مشاكل أخرى. هذا هو السبب الذي دفعنا للتركيز على تحديد الأنشطة التي تيسّر عملية عبور الحدود هذه. فقد وجدنا أن من الممكن تدريب الموظفين على رؤية أماكن تجمّع الخبرات في مؤسساتهم والتواصل معها والعمل بشكل أفضل مع الزملاء الذين يفكّرون بطريقة تختلف عن طريقة تفكيرهم هم. تعد التحديات الأساسية أمام العمل بكفاءة في حالات التقابل والالتقاء بسيطة، وتكمن في التعرّف على الناس الموجودين على الطرف المقابل والتآلف معهم. لكن بساطة الأمر لا تعني سهولته، فلطالما كان البشر يعانون في فهم من يختلف عنهم والتآلف معه.
يحتاج القادة إلى مساعدة الموظفين على تطوير القدرة على التغلّب على هذه التحديات على المستويين الفردي والمؤسسي على حد سواء. وهذا يعني توفير التدريب على أربع ممارسات تسهّل العمل بفاعلية في حالات التقابل والالتقاء، ودعم هذه الممارسات.
الموظفون القادرون على الخروج من صوامعهم المنعزلة لإيجاد زملاء ذوي خبرات مكمّلة يتعلمون أكثر، ويبيعون أكثر، ويكتسبون المهارات في وقت أسرع.
1- تطوير الوسطاء الثقافيين ونشرهم
لحسن الحظ، في معظم الشركات ثمّة موظفون بارعون في التعاون في الأعمال القائمة على التقابل والالتقاء مع الآخرين. فهم عادة يمتلكون الخبرات والعلاقات التي تمتد لتشمل عدّة قطاعات أو وظائف أو مجالات، وهم ينشئون روابط غير رسمية بينها. نحن نطلق على هؤلاء الموظفين اسم "الوسطاء الثقافيين". وفي إحدى الدراسات التي شملت أكثر من 2,000 فريق عالمي، وجدت إحدانا – وهي سوجين – أن الفرق المتنوعة التي تضم وسيطاً ثقافياً تفوقت في الأداء تفوقاً كبيراً على الفرق التي لا تضم هكذا وسيط. ويجب على الشركات أن تحدد هؤلاء الأفراد وأن تساعدهم على زيادة أثرهم.
يروّج الوسطاء الثقافيون للعمل العابر للحدود بواحدة من طريقتين: إما من خلال أداء دور "الجسر" أو "الصمغ اللاصق"، أي الذي يوثق علاقات التعاون.
الشخص الذي يؤدي دور الجسر يطرح نفسه كوسيط، سامحاً للموظفين الموجودين في وظائف أو مناطق جغرافية مختلفة أن يتعاونوا بما لا يزعزع روتين حياتهم اليومية إلا بالحد الأدنى. وتصل هذه الجسور إلى أقصى درجات فاعليتها عندما تتمتع بمعرفة هائلة بكلا الطرفين وتستطيع تحديد احتياجات كل منهما. هذا هو السبب الذي دفع إحدى شركات توزيع المشروبات في إسبانيا إلى الاستعانة بخبيرين في عالم المشروبات للمساعدة في تنسيق عمليات مجموعتي التسويق والمبيعات فيها، واللتين كانتا تمتلكان تاريخاً طويلاً من سوء التفاهم والنزاع بينهما. كان الخبيران متآلفين مع كلتا المجموعتين على قدم المساواة: فقد كانا قادرين على التحدّث إلى المسوقين حول المحتوى العاطفي للعلامات التجارية، مع تزويد مندوبي المبيعات البراغماتيين في الوقت نفسه بتفاصيل الخصائص المميزة للمنتجات التي كانوا بحاجة إليها لكسب ود أصحاب متاجر التجزئة. وبما أن خبيري المشروبات كانا قادرين على فهم كلا العالمَين، فقد تمكنا من توصيل السبب المنطقي لأسلوب عمل كل مجموعة إلى المجموعة الأخرى، الأمر الذي سمح لفريقي التسويق والمبيعات بالعمل بطريقة تقوم على تآزر أكبر حتى دون أن يكون بينهما تفاعل مباشر. ينطوي هذا النوع من الوساطة الثقافية على الكفاءة لأنه يسمح لطرفين متباينين بالتعاون رغم الاختلافات الموجودة فيما بينهما دون استثمار الوقت في التعرّف على رأي الطرف الآخر أو تغيير طريقته في العمل. وتعد هذه الطريقة ذات قيّمة خاصة في حالات التعاون لمرّة واحدة، أو عندما تكون الشركة معرضة لضغوط هائلة لتحقيق النتائج.
فكرة المقالة بإيجاز
التحدي
تتطلب مبادرات الابتكار، والعولمة، والتحول الرقمي وبصورة متزايدة تعاون الموظفين عبر مختلف الحدود الوظيفية والوطنية. لكن تحطيم الصوامع المنعزلة يظل مهمة صعبة ومحبطة جداً.
السبب
لا يعرف الموظفون كيف يحددون الخبرات الواقعة خارج نطاق مجالات عملهم، ويجدون صعوبة في فهم آراء زملائهم الذين يفكرون بطريقة مختلفة تماماً عن طريقة تفكيرهم.
الحل
بوسع القادة مساعدة الموظفين على التواصل مع زملائهم، والتآلف معهم عبر الحواجز المؤسسية من خلال فعل أربعة أشياء: تطوير "الوسطاء الثقافيين" ونشرهم بوصفهم قادرين على مساعدة المجموعات على التغلب على الاختلافات، وتشجيع العاملين وتدريبهم على طرح الأسئلة الصحيحة، وحث الموظفين على رؤية الأمور من خلال عيون الآخرين، وتوسيع رؤية الجميع لتشمل شبكات الخبرة داخل الشركة وخارجها.
أما من يؤدون دور "الصمغ اللاصق"، في المقابل، فيجلبون الناس معاً، ويساعدون في تكوين فهم مشترك وعلاقات تتصف بالديمومة. خذوا على سبيل المثال أحد المدراء الذين تحدثنا إليهم في "ناشيونال إنسترومنتس" (National Instruments)، وهي شركة عالمية متخصصة في إنتاج أجهزة الاختبارات المؤتمتة. كان المدير يتواصل بصورة متكررة مع زملاء له من مختلف المناطق والوظائف. قال لنا هذا المدير واصفاً الأمر: "أنظر إليه كما لو أنه بناء للعلاقات فيما بينهم. فإذا كان زميل ما يحتاج إلى العمل مع شخص آخر في مكتب آخر أو وظيفة أخرى، أقول له: "حسناً، هذا هو الشخص الذي يجب أن تتصل به". ثم آخذ وقتي وأقول: "دعني أخبرك قليلاً عن طريقة عمل هؤلاء الشباب". الأشخاص الذين يتصرّفون وكأنهم صمغ لاصق ييسّرون التعاون من خلال كفالة الآخرين ومساعدتهم على فك شيفرة لغات بعضهم البعض. وخلافاً للجسور، فإن من يتصرّفون كصمغ لاصق يطورون قدرة الآخرين على العمل عبر الحدود في المستقبل دون مساعدتهم.
بوسع قادة الشركات بناء القدرات على مد الجسور وأداء دور الصمغ اللاصق في مؤسساتهم من خلال الاستعانة بالموظفين الذين يمتلكون خلفيات في وظائف متعددة أو ثقافات متعددة ويمتلكون مهارات قوية في التواصل الشخصي المطلوب لبناء حالة من الألفة مع أطراف متعددة. وبما أن العمل مع أشخاص مختلفين ثقافياً يحتاج إلى مرونة، فإن الشركات يجب أن تبحث أيضاً عن ذهنية النمو – أي الرغبة في التعلم وقبول التحديات وفرص التطوير والنمو.
إضافة إلى ذلك، بوسع القادة تطوير المزيد من الوسطاء من خلال منح الفرصة إلى الموظفين الموجودين على جميع المستويات للانتقال إلى المناصب والأدوار التي تعرّفهم على أماكن متعددة في الشركة. يعد ذلك، بالمناسبة، تدريباً جيداً للمدراء العامين، وهو ما تسعى العديد من برامج تطوير القيادة القائمة على المداورة إلى تحقيقه. تؤمن كلودين وولف، رئيسة قسم المواهب والتطوير في شركة التأمين العالمية "تشاب" (Chubb) أن قدرة الشركة على خدمة زبائنها في أنحاء العالم تتوقف على منح الفرص لأصحاب الأداء الرفيع فيها لكي يعملوا في مناطق جغرافية مختلفة ولكي يتبنّوا ذهنية عالمية في العمل ويرسّخوها في رؤوسهم. تقول كلودين: "نمنح الموظفين خبرات التطوير الأساسية وهم منغمسون في الوظيفة وفي أي منطقة أثناء عملهم. كما يحصلون على الإرشاد والتوجيه فيما يخص المعايير الثقافية واللغة، لكنهم بعد ذلك يعيشون الحالة وتصبح جزءاً منهم. يذهبون إلى متجر البقالة المحلي ويراقبون البضائع الموجودة على الرفوف، ويتجاذبون أطراف الحديث مع البائع، ويتعرّفون على أرض الواقع على معنى العيش في تلك البيئة".
ويمكن للهياكل التنظيمية القائمة على مبدأ المصفوفة، التي يترأس الموظفين فيها مسؤولون ضمن مجموعتين (أو أكثر)، أن تساعد أيضاً في تطوير الوسطاء الثقافيين. وعلى الرغم من التحدّيات المتأصّلة في المصفوفات (حيث قد يكون من الصعب والمزعج جداً شق الطريق ضمنها دون قيادة قوية ومساءلة)، إلا أنها تساعد الناس على الاعتياد على العمل في المهام التي تقوم على التقابل والالتقاء مع الآخرين.
نحن لا نقول إن الجميع في مؤسستكم بحاجة إلى أن يكون وسيطاً ثقافياً بالمعنى الكامل للكلمة. لكن السعي بطريقة واعية إلى توسيع حضور الوسطاء ونشرهم في أرجاء المؤسسة حتى يمضي التعاون بسلاسة يمكن أن يسهما في التقدم للأمام.
2- تشجيع الموظفين على طرح الأسئلة الصحيحة
من شبه المستحيل تقريباً العمل عبر الحدود دون طرح الكثير من الأسئلة. والاستفسارات هي أمر أساسي لأن ما نراه ونعتبره من المسلمات على أحد جانبي العلاقة القائمة على الالتقاء والتقابل ليس هو ذات الشيء الذي يختبره الموظفون على الجانب الآخر.
في الحقيقة، تسلّط دراسة شملت أكثر من 1,000 مدير إدارة وسطى في بنك كبير أجرتها تيزيانا مع بيل ماكيفلي وإيفلين يانغ من جامعة تورنتو وفرانشيسكا جينو من كلية هارفارد للأعمال الضوء على قيمة الروح الاستقصائية في العمل العابر للحدود. فقد أظهرت أن المدراء الذين يتمتعون بمستويات عالية من الفضول كانوا أكثر ميلاً إلى بناء شبكات امتدّت على مدار المواقع غير المترابطة في الشركة.
لكننا جميعاً معرّضون لنسيان الممارسة الأساسية المتمثلة في طرح الأسئلة كلما ارتقينا السلم. وغالباً ما يخفق الأشخاص ذوو الأداء الرفيع في التساؤل عما يراه الآخرون. لا بل الأسوأ من ذلك هو أننا عندما ندرك أننا لا نعرف شيئاً، فإننا قد نتجنّب طرح السؤال خشية خوف (لا مبرّر له) من أن يجعلنا ذلك نبدو بمظهر من يفتقر إلى الكفاءة أو يتسم بالضعف. أخبرتنا نورما كراي، الشريكة الإدارية في قسم المواهب في شركة ديلويت كندا (Deloitte Canada) بما يلي: "يرغب الاستشاريون الخبراء في تقديم حلول، فهذا ما حصلوا على التدريب من أجل القيام به، ومن هنا فإن عدم طرح الأسئلة هو خطأ كبير يرتكبه الكثير من أصحاب المهن الفكرية ولا يساعد هؤلاء الخبراء على تقديم الحلول".
بوسع القادة التشجيع على الاستقصاء والاستفسار بطريقتين مهمتين – وفي معرض هذه العملية بوسعهم أن يساعدوا في إنشاء مؤسسة يشعر فيها الموظفون بالأمان النفسي لفكرة طرح الأسئلة.
ضرب مثال يُحتذى. عندما يُظهر القادة اهتمامهم بما يراه الآخرون ويفكّرون فيه من خلال طرح الأسئلة، فإن لذلك أثراً مذهلاً: فهو يدفع الموظفين في مؤسساتهم إلى فعل الشيء ذاته.
كما أن طرح الأسئلة يبعث بإشارة على التواضع الذي تشير أعداد متزايدة من قادة قطاع الأعمال والباحثين إليه بوصفه عنصراً حيوياً لتحقيق النجاح. فوفقاً للنائب الأول السابق لرئيس شؤون عمليات الموظفين في شركة جوجل، لازلو بوك، فإن الأشخاص المتواضعين يلمون شمل الآخرين معاً لحل المشاكل الصعبة. وفي بيئة عمل تشهد تغيراً سريعاً، فإن التواضع – وليس التواضع الزائف – هو ببساطة نقطة قوة. وتنبع قوّة التواضع من الواقعية (مصداقاً لمقولة "يحيط بنا عالم معقد ومفعم بالتحديات بحق، إذا لم نعمل معاً، فإن الحظ لن يحالفنا).
تقول جينو إن إحدى الطرق التي يمكن للقائد أن يستعملها لجعل الموظفين يشعرون بالارتياح لفكرة طرح الأسئلة هي من خلال الإقرار علناً أنه لا يعرف الإجابة عن سؤال معيّن، إذا كان لا يعرفها. وهناك طريقة أخرى برأيها وهي من خلال تخصيص أيام محددة يُشجع فيها الموظفون صراحة على طرح أسئلة من قبيل "لماذا؟" و"ماذا لو..؟" و"كيف لنا أن....؟" (راجع مقالاً بعنوان: "دراسة جدوى الفضول في العمل").
تعليم الموظفين فن طرح الاستفسارات. يمكن للتدريب أن يساعد في توسيع نطاق الأسئلة التي يطرحها الموظفون ووتيرة هذه الأسئلة، وبحسب هال غريغرسن من مركز القيادة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي) فإنه يمكن أن يقوّي حس الفضول لديهم. لكن بعض الأسئلة أفضل من غيرها. (راجع الفقرة الجانبية بعنوان "كيف تطرحون أسئلة وجيهة؟") فإذا ما طلبت من الموظفين ببساطة أن يطرحوا المزيد من الأسئلة، فإنك بذلك قد تطلق العنان لتكتيكات الاستنطاق والاستجواب التي تثبط تكوين منظورات جديدة عوضاً عن التشجيع عليه. وكما يفسّر إدغار شاين (إد) من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كتابه "الاستقصاء بتواضع" (Humble Inquiry)، فإن الأسئلة هي سر علاقات العمل المثمرة – لكنها يجب أن تكون مدفوعة باهتمام حقيقي بفهم آراء الشخص الآخر.
من المهم أيضاً تعلّم كيفية طلب المعلومات بأقل قدر ممكن من التحيّز. هذا يعني طرح أسئلة ذات نهايات مفتوحة تقلل من التصورات المسبقة إلى الحد الأدنى، عوضاً عن طرح الأسئلة التي تكون إجاباتها بنعم ولا. على سبيل المثال، سؤال من قبيل "ما هي الفرصة الأساسية التي تراها في هذا المجال برأيك؟" سيقود إلى حوار أغنى من سؤال آخر مثل "هل تعتقد أن هذه هي الفرصة المناسبة التي يجب العمل عليها؟".
مع مضي التعاون قدماً، من المفيد أن يلجأ قادة الفرق أو مدراء المشاريع إلى طرح الأسئلة التي تشجّع الآخرين على التعمّق بشكل أكبر في قضايا محددة والتعبير عن الأفكار أو التجارب ذات الصلة. "ما هو رأيك بالموضوع الفلاني؟" و"هلا شرحت لي كيف يجب إنجاز هذه العملية؟" هما مثالان جيّدان على ذلك. تعد هذه الأسئلة مركّزة لكنها لا تحدّ من الإجابات ولا تدعوا إلى خطابات تشطّ كثيراً عن القضية المطروحة.
كما أن الطريقة التي تعالج بها الإجابات تعد مهمة أيضاً. فمن الطبيعي مع مضي المحادثات قدماً الافتراض أنك تفهم ما يُقال. لكن ما يسمعه الموظفون يتعرّض للتحيّز بحسب تجاربهم وخبراتهم. لذلك من المهم تدريب الموظفين على تفقّد ما إذا كانوا يفهمون بحق المعاني التي يقصدها زملاؤهم، من خلال استعمال لغة من قبيل: "هذا ما اسمعه منك، فهل فاتني شيء؟" أو "هلا ساعدتني في سد الفجوات؟" أو "أعتقد أن ما قلته يعني أن المشروع يسير على المسار المرسوم. فهل هذا صحيح؟"
أخيراً، هناك حاجة إلى إجراء تفقد دوري للعملية التعاونية نفسها. الطريقة الوحيدة لمعرفة حقيقة شعور الآخرين تجاه مشروع معيّن أو علاقة ما هي طرح أسئلة من قبيل: "كيف ترى سير المشروع برأيك؟" و"ما الذي بوسعنا فعله لكي نعمل معاً بقدر أكبر من الفاعلية؟".
3- جعل الموظفين يرون العالم عبر عيون الآخرين
لا يجب على القادة أن يشجعّوا الموظفين على التمتع بالفضول تجاه المجموعات المختلفة وطرح الأسئلة حول تفكيرهم وممارساتهم فقط، وإنما يجب أن يحثوا موظفيهم أيضاً على أخذ وجهات نظر الآخرين بفاعلية ضمن حسبانهم. لا ينظر الموظفون الذين ينتمون إلى مجموعات مختلفة في المؤسسة إلى الأمور بالطريقة ذاتها. ولطالما كشفت الدراسات (بما في ذلك البحث المتعلق بالحواجز التي تعيق ابتكار المنتجات بنجاح والذي أجرته أستاذة الإدارة ديبرا دوغيرتي في كلية وارتون) وبشكل متسق أن ذلك يقود إلى حالات من سوء التفاهم في الأعمال القائمة على التقابل والالتقاء. لذلك من الحيوي بمكان مساعدة الموظفين على تعلّم كيفية أخذ آراء الآخرين بالحسبان. أجرت واحدة منا هي آمي بحثاً أظهر أن مشاريع الابتكار العابرة لعدة قطاعات تنجح عندما يكتشف مشاركون متنوعون كيف يفعلون ذلك. من الأمثلة المفيدة على هذه الحالة مشروع "نيو سونغدو" (New Songdo) الهادف إلى بناء مدينة من الصفر في كوريا الجنوبية، علماً أن المشروع كان قد أطلق قبل عقد من الزمن. في مرحلة مبكرة من عمر المشروع، عمل قادته على جمع ثلة من المعماريين والمهندسين والمخططين والخبراء البيئيين معاً، وساعدوهم في دمج خبرتهم في إطار عملية تعلّم مصمّمة بعناية لتحطيم الحواجز القائمة بين مختلف هذه الفروع والمجالات. اليوم، وفي تناقض مذهل مع مشاريع المدن "الذكية" الأخرى، اكتمل بناء "نيو سونغدو" بنسبة 50% ويقطنها 30 ألف شخص، وهي توفر 33 ألف وظيفة، كما أن الانبعاثات الصادرة عنها أقل بنسبة 70% مقارنة مع المشاريع الأخرى المشابهة لهذا المشروع من حيث الحجم.
في دراسة شملت فرق موسيقى الجاز وعمليات الإنتاج الفني في شارع برودواي في مدينة نيويورك الأميركية، وجد براين أوزي من جامعة نورث وسترن أن قادة الفرق الناجحة كانوا يتمتعون بقدرة غير معهودة على تبنّي آراء الأشخاص الآخرين. كان هؤلاء القادة يتقنون "اللغات" المتعددة التي يتحدثها أفراد فرقهم. وأظهر بحث آخر أنه عندما يأخذ أعضاء فريق متنوع آراء الأعضاء الآخرين بشكل فاعل، فإن ذلك يعزز الأثر الإيجابي لعملية التشارك بالمعلومات ويزيد من إبداع الفريق.
تقع مسؤولية إيجاد ثقافة تعزز هذا النوع من السلوك على عاتق القيادة العليا. وتشير الأبحاث النفسية إلى أنه على الرغم من قدرة معظم الناس على الأخذ بآراء الآخرين، إلا أنهم نادراً ما يمتلكون الدافع لفعل ذلك. بوسع القادة تقديم بعض الحوافز من خلال التشديد أمام فرقهم على مدى قدرة التكامل بين مختلف الخبرات على تحسين عملية تحقيق القيمة الجديدة. لكن ثمّة تكتيكان آخران مفيدان أيضاً هما:
تنظيم حوارات عابرة لحدود الصوامع المنعزلة. عوضاً عن عقد جلسات إيصال معلومات أحادية الاتجاه، يجب على القادة تنظيم نقاشات عابرة لحدود الصوامع المنعزلة لمساعدة الموظفين على رؤية العالم من خلال عيون الزبائن أو الزملاء الموجودين في المواقع الأخرى من الشركة. يكمن الهدف في دفع الجميع إلى التشارك بالمعرفة، والعمل على الدمج بين هذه الآراء المتنوّعة لتتحول إلى حلول جديدة. يحصل ذلك في أبهى حالاته في الاجتماعات المباشرة وجهاً لوجه التي تُرتب بشكل متأنٍ لإعطاء الموظفين الوقت الكافي للإصغاء إلى أفكار بعضهم البعض. في بعض الأحيان، تشمل هذه العملية الزبائن، فقد بدأت إحدى الشركات الاستشارية التي نعرفها باستبدال الاجتماعات التقليدية، التي كانت الشركة تستفيد منها لإيصال المعلومات إلى العملاء، بلقاءات تأخذ شكل ورش العمل ومصمّمة لاستكشاف الأسئلة ووضع الحلول بالتعاون معهم. يعطي هذا الشكل الجديد الفرصة للعملاء والاستشاريين على حد سواء لكي يتعلموا من بعضهم البعض.
أحد الاستعمالات الأكثر إبداعاً للحوار العابر لحدود الصوامع المنعزلة هو ما يسمّى "التحليل المركّز للحدث" والمطبّق في مستشفى مينيسوتا للأطفال بالولايات المتحدة. ففي "التحليل المركّز للحدث" يجتمع أشخاص من المجموعات الطبية والتشغيلية المختلفة ضمن النظام الصحي معاً بعد حالة فشل معينة، مثل تقديم الدواء الخاطئ إلى مريض. يقدّم كل مشارك في الاجتماع رأيه بخصوص ما حصل واحداً تلو الآخر، ويتمثل الهدف في التوثيق المتأني للآراء المتعددة قبل محاولة تحديد السبب. غالباً ما يُفاجأ المشاركون عندما يطّلعون على آراء الأشخاص الموجودين في المجموعات الأخرى وكيف رأوا الحادثة التي حصلت. يقوم "التحليل المركّز للحدث" على افتراض ضمني يقول إن معظم حالات الفشل ليس لها سبب جذري واحد بل عدة أسباب. بعد أن يكوّن الأشخاص المعنيون صورة واضحة متعددة الأوجه عن العوامل التي أسهمت في حصول الحادثة، بوسعهم تعديل الإجراءات والأنظمة للحيلولة دون حصول حالات فشل مشابهة.
توظيف الأشخاص الذين يتمتعون بالفضول والقدرة على التعاطف. بوسعكم تعزيز قدرة شركتكم على رؤية العالم من منظورات مختلفة من خلال الاستعانة بأشخاص يفهمون مشاعر الآخرين، وأفكارهم، ومواقفهم ويتعاطفون معها. تختار شركة الطيران الأميركية "ساوث ويست أيرلاينز" (Southwest Airlines)، التي تعيّن أقل من 2% من جميع المتقدمين للعمل فيها، موظفيها بناءً على قدرتهم على التعاطف وحماستهم لخدمة الزبائن، حيث أنها تقوّمهم عبر مقابلات سلوكية ("أخبرني عن مرة حصل فيها كذا...") ومقابلات جماعية يخضع فيها المرشحون للملاحظة أثناء تفاعلهم.
4- توسيع رؤية الموظفين
ليس بمقدوركم أن تتولوا موقع القيادة في حالات التقابل والالتقاء مع الآخرين إذا لم تعلموا أين هي. ومع ذلك، فإن العديد من المؤسسات وبكل حسن نيّة تشجع الموظفين على عدم النظر إلى ما هو خارج بيئتهم المباشرة مثل وظيفتهم أو وحدة عملهم، ونتيجة لذلك فإنها تفوّت العديد من الآراء والاستنتاجات والخلاصات المحتملة التي يمكن للموظفين أن يحصلوا عليها فيما لو أجروا تدقيقاً لشبكات علاقاتهم الأبعد. وفيما يلي بعض الطرق التي تسمح للقادة بإيجاد الفرص للموظفين لكي يوسعوا آفاقهم داخل الشركة وخارجها:
جمع موظفين من مجموعات متنوعة ليعملوا معاً على المبادرات. كقاعدة عامة، تشكّل الفرص العابرة للوظائف مناسبة للموظفين الذين ينتمون إلى صوامع منعزلة متعددة لتحديد مختلف أنواع التجارب الموجودة ضمن المؤسسة، ورسم خارطة تحدد مدى ارتباطهم بالآخرين ومدى انفصالهم عنهم، وإيجاد السبيل للربط بين عناصر شبكة المعرفة الداخلية لتمكين حصول تعاون قيّم وبنّاء.
في إحدى شركات الاستشارة العالمية، اعتادت رئيسة قسم الرعاية الصحية الرقمية السماح للاستشاريين لديها بالحديث إلى مدراء الاستثمار ومدراء العمليات لدى العملاء. لكنها أدركت أن ذلك "حد بشكل غير ضروري من قدرة القسم على تحديد الفرص التي يمكن تقديمها لخدمة العملاء بما يتجاوز موضوع تكنولوجيا المعلومات"، كما تقول. لذلك، بدأت بإقامة جلسات بحضور فريق الإدارة التنفيذية العليا بأكمله في مكاتب العملاء، واستعانت باستشاريين من مختلف أقسام الرعاية الصحية في شركتها – بما في ذلك أقسام إعادة تصميم النظم، والتميز في العمليات، والاستراتيجية، والتمويل – لضمان وجود نظرة أكثر تكاملاً لخبرة الشركة في الابتكار في مجال الرعاية الصحية.
سمحت هذه الاجتماعات للاستشاريين باكتشاف الروابط الموجودة بين مختلف الأقسام في وحدة الرعاية الصحية، وتحديد الأشخاص الأقدر على جسر الهوّة بين مختلف الأقسام، والبحث عن طرق جديدة ومبتكرة للجمع بين مختلف أنواع الخبرات التي تمتلكها الشركة لتلبية احتياجات الزبائن. ساعد ذلك الاستشاريين في العثور على فرص لتحقيق القيمة من خلال الخدمات المشتركة بين مختلف الأقسام. كانت المقاربة الجديدة ناجحة جداً إلى حد أن رئيسة القسم هذه طُلِبَ منها ترؤس إحدى الممارسات الجديدة التي تمثل حلقة وصل بين كل الممارسات الأخرى في قسم تقنية المعلومات بحيث يكون بمقدورها تكرار نجاحها في المواقع الأخرى في الشركة.
حث الموظفين على استكشاف الشبكات البعيدة. يحتاج الموظفون أيضاً إلى من يحثّهم على الاستفادة من الخبرات الموجودة خارج حدود الشركة بل وحتى خارج حدود القطاع. تمتد مجالات المعرفة البشرية لتشمل العلوم، والتكنولوجيا، والأعمال، والجغرافيا، والسياسة، والتاريخ، والفنون، والعلوم الإنسانية، وغيرها، وأي حلقة وصل بينها يمكن أن ينطوي على فرص تجارية جديدة. لنأخذ على سبيل المثال عمل شركة الاستشارات المتخصصة بالابتكار "آيديو" (IDEO) التي تمكّنت من خلال الاستعانة بتقنيات التصميم القادمة من التكنولوجيا والعلوم والفنون وإدخالها إلى عالم الأعمال، من صياغة منتجات ذات طبيعة ثورية مثل أول فأرة (ماوس) من شركة آبل (التي طوّرتها من نموذج أولي لشركة "زيروكس بارك" (Xerox PARC) لتتحوّل بعد ذلك إلى منتج تجاري)، ومساعدة شركات في قطاعات عديدة على تبنّي التفكير التصميمي كاستراتيجية للابتكار.
ليس بمقدوركم أن تتولوا موقع القيادة في حالات التقابل والالتقاء مع الآخرين إذا لم تعلموا أين هي. مع ذلك، فإن العديد من المؤسسات وبكل حسن نيّة تشجع الموظفين على عدم النظر إلى ما هو خارج بيئتهم المباشرة.
يتمثّل الجزء الإشكالي في إيجاد المجالات التي تعد ذات أكبر قدر من الصلة بالأهداف التجارية الرئيسة. فعلى الرغم من أن العديد من الابتكارات كانت قد نشأت ممّا اسماه أبراهام فليكسنر، المدير المؤسس لمعهد الدراسات المتقدمة في برينستون "فائدة المعرفة التي لا فائدة منها"، إلا أنه ليس بوسع الشركات الاتكال على البحث الاستكشافي المفتوح النهاية بمفرده. ولتجنّب هذا المصير، بوسع القادة تبنّي مقاربة من اثنتين:
"مقاربة العمل من القمة إلى القاعدة" وهي المقاربة التي تنجح عندما تكون المجالات المعرفية التي تنطوي على إمكانية عالية لتحقيق القيمة قد حُدّدت أصلاً. فعلى سبيل المثال، قد يدعو الشريك في شركة محاسبة الذي يرى في تعلّم الآلة عنصراً أساسياً في مستقبل المهنة استشارياً أو محللاً مهتماً في قسمه إلى المشاركة في دورات عبر الإنترنت أو حضور مؤتمرات متخصصة في التكنولوجيا، ويطلب من ذلك الشخص العودة بأفكار حول تطبيقاتها. وقد ينظّم الشريك ورش عمل يطرح فيها هذا الموظف الأحدث عهداً استنتاجاته من تجارب التعلّم ويمارس العصف الذهني مع زملاء حول التطبيقات المحتملة لتعلم الآلة في الشركة.
مقاربة العمل من القاعدة إلى القمة هي المقاربة الأفضل عندما يجد القادة صعوبة في تحديد المجالات الخارجية التي يجب على المؤسسة أن تكون على صلة بها – وهو تحد يتنامى نظراً للسرعة التي تتكون بها المعارف الجديدة. فالقادة مضطرون بصورة متزايدة إلى الاتكال على الموظفين لتحديد الصلات مع المجالات البعيدة وإقامة هذه الصلات. تتمثّل إحدى المقاربات في حشد الأفكار الخاصة بحالات التقابل والالتقاء الواعدة، ويكون ذلك، على سبيل المثال، من خلال دعوة الموظفين لاقتراح مؤتمرات يودون حضورها في قطاعات أخرى، أو دورات حول مجموعات جديدة من المهارات يرغبون في حضورها، أو خبراء في المجال يرغبون في دعوتهم لعقد ورش عمل. ومن الأمور ذات الأهمية البالغة أيضاً إعطاء الموظفين الوقت والموارد لتفحّص المجالات الخارجية وبناء روابط معها.
تحطيم جدران الصوامع المنعزلة
في اقتصاد اليوم يعرف الجميع أن العثور على طرق جديدة لدمج المعارف المتنوعة في أي مؤسسة هو استراتيجية رابحة لتحقيق قيمة دائمة. لكن ذلك لا يحصل ما لم تكن الفرصة والأدوات متاحة للموظفين للعمل معاً بطريقة منتجة ومثمرة عبر الصوامع المنعزلة. وإذا ما أراد القادة إطلاق العنان للقدرات الكامنة للتعاون الأفقي، يجب عليهم تهيئة الموظفين لكي يتعلّموا ويتواصلوا مع بعضهم البعض عبر الحواجز الثقافية واللوجستية. ويمكن لوجهات النظر الأربع التي ناقشناها أن تساعد في ذلك.
ليست كل واحدة من هذه الممارسات مفيدة بحدّ ذاتها لمواجهة التحديات المميزة التي ينطوي عليها العمل القائم على التقابل والالتقاء مع الآخرين فحسب، لكنها عندما تطبّق معاً يمكن أن تعزز بعضها البعض: فتطبيق ممارسة منها يعزز الكفاءة في ممارسة أخرى. فنشر الوسطاء الثقافيين القادرين على بناء الروابط بين المجموعات المختلفة يدفع الناس إلى طرح الأسئلة ومعرفة ما يفكر به الموظفون في المجموعات الأخرى. وعندما يبدأ الناس بطرح أسئلة أفضل، فإنهم يصبحون تلقائياً في موقع أفضل يسمح لهم بفهم آراء الآخرين والتحديات التي يواجهونها. ورؤية الأمور من منظار الآخرين، بدورها، تسهّل كشف المزيد من جيوب المعرفة. ويسهم تفقد الشبكات في إلقاء الضوء على حالات التقابل والالتقاء مع الآخرين التي يمكن للوسطاء الثقافيين أن يكونوا قادرين على مساعدة المجموعات على التعاون بفاعلية من خلالها.
مع مرور الوقت، تؤدي ممارسات الربط بين الخبراء– التي لا يحتاج أي منها إلى شهادات متقدمة أو معارف تقنية عميقة – إلى تحطم الحواجز التي تصعّب العمل العابر للحدود. وعندما يهيئ القادة الظروف التي تشجع هذه الممارسات وتدعمها، فإن التعاون في الحالات القائمة على التقابل والالتقاء مع الآخرين سيتحوّل في نهاية المطاف إلى أمر بديهي.