الجمال بالنسبة للنساء اللواتي يعملن في قطاع الأعمال له ثمن

6 دقائق
ما هي حالة النساء الجميلات في العمل؟
لجأت ليا شيبرد الأستاذة المساعدة في جامعة "واشنطن ستيت يونيفرسيتي"، وستيفاني جونسون، الأستاذة المساعدة في جامعة "يونيفرستي أوف كولورادو بولدر"، إلى اختلاق مجموعة مقالات تتحدث عن عمليات تسريح للعمال اضطلعت بها شركات معيّنة، وتضمنت هذه المقالات صوراً لتنفيذيين وتنفيذيات يعلنون عن عمليات التسريح هذه. ثم طلبتا من المشاركين في دراستهما قراءة المقالات وتحديد مدى صدق القادة بناء على صورهم الواردة في هذه المقالات، وتقرير ما إذا كان يجب أن يُطردوا من مناصبهم أم لا. عندما كان التنفيذي الذي تظهر صورته هو امرأة، اعتبرها الناس أقل مصداقية وتستحق الطرد أكثر إذا ما كانت جذابة جداً. وخلاصة النساء الجميلات في العمل هي:
الجمال بالنسبة للنساء اللواتي يعملن في قطاع الأعمال، له ثمن.

أستاذة شيبرد، دافعي عن بحثك العلمي

شيبرد: تضمنت المقالات التي ألّفناها لنستعملها في تجاربنا اقتباسات لقائد شركة يشرح فيها كيف أن عمليات تسريح العمال كانت مرتبطة بالأوضاع الاقتصادية وليس نتيجة لفشل داخل الشركة ذاتها. كان المشاركون في دراستنا من الرجال والنساء وقد اخترناهم من الولايات المتحدة الأميركية عبر منصة إلكترونية هي "ميكانيكال تورك" (Mechanical Turk) التي تضم أناساً يمتلكون عادة تعليماً أفضل بالمقارنة مع عامة الناس. قسّمنا المشاركين ضمن أربع مجموعات، وعرضنا على كل مجموعة صورة مختلفة لمتحدث باسم شركة يعلن فيها عن عمليات الخفض. شاهد بعضهم امرأة شديدة الجاذبية، فيما رأى غيرهم امرأة أقل جاذبية، وشاهد البعض رجلاً شديد الوسامة، فيما رأى غيرهم رجلاً أقل وسامة. وكنّا سابقاً قد طلبنا من أشخاص آخرين ترتيب التنفيذيين الذين يظهرون في الصور بحسب مدى جاذبيتهم، ولضمان الاتساق، كان جميعهم من ذوي البشرة البيضاء ويرتدون ملابس تدل على الاحترافية. كما استعملنا صوراً لرجلين مختلفين وامرأتين مختلفتين في كل فئة من فئتي الجاذبية – لضمان ألا يكون هناك شيء آخر يتعلق بالشخص الظاهر في الصورة أو بالصورة بحد ذاتها هو ما يتسبب بالأثر – وإن كان كل مشارك في الدراسة قد شاهد شخصاً واحداً فقط.

طرحنا بعد ذلك بضعة أسئلة على المشاركين في دراستنا: إلى أي مدى وثقوا في التفسير الذي قدّمه الشخص؟ هل بدا صادقاً؟ وفي دراسة لاحقة، كنا قد اخترنا لها مشاركين من مجموعة من طلاب الجامعات الأميركية وركزت على تنفيذيات فقط، سألنا ما إذا كان يجب طرد هؤلاء المديرات من مناصبهن لدورهن في عمليات التسريح.

وجدنا أن النساء الجميلات كان يُنظر إليهن على أنهن يتمتعن بقدر أقل من الصدق والموثوقية، وأنهن يستحققنّ الطرد أكثر بالمقارنة مع نظيراتهن ذوات الشكل العادي.

ماذا عن الرجال؟ لم نعثر على فرق يُذكر تقريباً في ردود أفعال الناس تجاه المتحدثين الوسيمين والأقل وسامة الذين أصدروا تصريحات بخصوص تسريح العمال. وفي بعض الحالات، نُظِرَ إلى الرجال الوسيمين على أنهم أكثر مصداقية من الرجال ذوي الوسامة العادية.

بالنسبة لي كامرأة، هذا أمر يدعو إلى الغضب الشديد! ليست الأخبار بهذا السوء الشديد بالنسبة للنساء. فالسيدات الأقل جاذبية اعتبُرن أكثر صدقاً وموثوقية بالمقارنة مع كلا النوعين من الرجال في دراستنا.

هل هناك أي مكاسب من أن تكون المرأة جميلة في مكان العمل؟ في دراسة منفصلة طلبنا من المشاركين تصنيف الأشخاص الظاهرين في الصورة بحسب كفاءتهم المتصورة ووجدنا أنه بغض النظر عن جنس القادة ذوي الجاذبية الشديدة، فإنهم اعتبروا أكثر كفاءة. وبالتالي حتى لو كانت النساء الجميلات يُنظر إليهن على أنهن يتمتعن بصدقية أقل، إلا أنهن يتمتعن بخصال إيجابية أخرى في عيون المتلقين. وقد تكون هناك أيضاً بعض المناصب التي يكون النظر فيها إلى شاغليها على أنهم أقل اندفاعاً أمراً إيجابياً، على الأقل في عيون المؤسسة، كما هو الحال في المبيعات، على سبيل المثال. وإذا ما نظرنا إلى الأمر من زاوية أعم، فإننا نعلم من الأبحاث الحالية أن الناس الجذابين يعيشون حياة أفضل وأكثر راحة: فهم يحظون باهتمام أكبر من أساتذتهم في المدرسة، ولديهم خيارات رومانسية أكثر، ويتقاضون أجوراً أعلى.

ما السبب الذي قد يكون وراء حالة عدم الثقة هذه بالنساء الجميلات؟ نشك أن السبب يكمن في نظرة البعض المجازية إلى المرأة بوصفها الغاوية الشريرة، وهي عبارة عن حالة من القلق الموجود في اللاوعي لدى بعض الناس من كلا الجنسين من أن النساء الجميلات سيستعملن شكلهن للتلاعب بالناس، ولاسيما الرجال على الأغلب. قد يكون لهذا الأمر جذوره المرتبطة بتطور البشر فلطالما كانت الجاذبية أداة استعملتها النساء للمنافسة في الحصول على الرجال، ومن خلالهم، على القدرة على التحرك اقتصادياً. وحتى اليوم، ما تزال الأبحاث تُظهرُ أن الرجال يظلون يولون قيمة أكبر للسمات الجسدية للشريك بالمقارنة مع النساء، رغم أنهم ينظرون إلى النساء الأجمل على أنهن أقل جدارة بالثقة.

هل يمكن أن يكون ذلك مجرّد رد فعل مرتبطاً بالطريقة التي يعلن بها التنفيذيون الأخبار السيئة؟ في تجربة أخرى، طلبنا من الناس تصنيف المتحدثين الرسميين بأسماء الشركات الذين كانوا يزفّون أخباراً إيجابية – مثل الإعلان عن وظائف جديدة – ووجدنا أن النساء ظللن يدفعن ضريبة جمالهن. كما أظهرنا النساء في أنواع مختلفة من المناصب. فقد كانت أبحاث سابقة قد أشارت إلى أن الناس يتفاعلون بسلبية أكبر مع النساء اللواتي يشغلن وظائف يُنظر إليها على أنها ذات طابع أكثر ذكورية، مثل المناصب التنفيذية العليا، مقارنة بالأدوار والمناصب التي تهيمن عليها النساء عادة بشكل أكبر، مثل مسؤولات الموارد البشرية. لكن المشاركين في دراستنا ساورتهم الشكوك حيال مدى موثوقية النساء الجميلات حتى في الحالة الثانية.

هل يمكن أن يكون هناك دور ما للعِرق؟ لم ندرس مدى تأثير أعراق الأشخاص المشاركين في الدراسة على خياراتهم. لكن هذه نقطة مثيرة للاهتمام ربما يمكن للأبحاث المستقبلية أن تركّز عليها، لأننا نعلم أن تأثيرات الصور النمطية للنوع الاجتماعي تختلف بين حالة النساء البيضاوات والسمراوات، من جهة، والرجال البيض والسمر من جهة أخرى. على سبيل المثال، تواجه النساء السمراوات والرجال البيض ردود أفعال سلبية أقل على سلوكهم الحازم مقارنة بالنساء البيضاوات والرجال السود.

هل هناك أي شيء بوسعنا فعله لمواجهة هذه التحيّزات؟ نعم. عندما شجّعنا المشاركين على الشعور بشيء من الأمان الرومانسي قبل أن نعرض عليهم المقالات المزيفة، تلاشت الغرامة المرتبطة بالجمال الأنثوي. فالمتحدثات الجذابات نُظرَ إليهن على أنهن يتمتعن بذات القدر من الصدق والموثوقية والحق في الاحتفاظ بوظائفهن الموجود لدى السيّدات الأقل جاذبية.

بطبيعة الحال، ليس من السهل التعامل مع هذا الأمر في سياق قطاع الأعمال. فنحن نميل إلى الافتراض أننا عندما نذهب إلى العمل فإننا نقمع غريزتنا الجنسية. لكن هناك الكثير من تأثيرات العدوى التي لا نستطيع السيطرة عليها بالضرورة أو قد لا ندركها حتى. فالتدريب الذي نحصل عليه ويهدف إلى توعيتنا بالتحيّزات الموجودة لدينا يتطرق عادة إلى التمييز المستند إلى النوع الاجتماعي، والعرق، والتوجهات الفكرية، وأحياناً الدين. لكنه لا يميل عادة إلى شمول التحيّز إما ضد الأشخاص الجذابين جداً أو الأشخاص الذين قد يُنظر إليهم على أنهم غير جذابين أو من أصحاب الوزن الزائد. قد ندرك وجود هذه التحيزات، بيد أن ثمة تكتماً بخصوص مناقشة هذه الأشياء أو تصويبها.

ماذا عن عملية التوظيف؟ يجب أن تتمتع عملية التوظيف بأكبر قدر من الإغفال لأسماء الأشخاص الذين يخضعون للتوظيف ولأطول فترة ممكنة. فعلى سبيل المثال، يمكن تكليف طرف ثالث بإيكال أرقام معينة للسير الذاتية أو طلبات التوظيف بحيث لا تعطي أسماء الأشخاص أي إشارات إلى جنسهم أو عرقهم. كما يقلل ذلك من احتمال لجوء شخص معني بالتعيين إلى محرك جوجل للبحث عن أسماء المرشحين والعثور على صور لهم تظهر جنسهم، وعرقهم، ومستوى جاذبيتهم، وغير ذلك من المعلومات الشخصية. وفي مرحلة المقابلة، يجب على المؤسسات أن تضمن تفاعل الكثير من الناس مع كل واحد من المرشحين للموازنة بين التحيزات والخصائص الفردية المُميّزة.

لا أرى نفسي سيدة شديدة الجاذبية، لكنني أبذل جهداً لكي أتأنق في ملبسي واستعمل مساحيق التجميل عندما أذهب إلى العمل. هل يجب عليّ أن أتوقف عن فعل ذلك؟ ليس بالضرورة، ما لم تكن هذه الأنشطة تجعلك تشعرين بعدم الارتياح. ورغم أن المكاتب باتت تسودها أجواء ذات طابع أقل رسمية، إلا أن معظم هذه المكاتب ما تزال تعمل بمعايير تشجع على بذل الجهد للظهور بمظهر حسن. كما أنني أمقت فكرة تقديم نصح للنساء بخصوص كيفية "إصلاح" ذلك، لأن الطلب إليهن التخفيف من إبراز جمالهن – من خلال ربط شعرهن بطريقة معينة أو ارتداء نظارات – يمكن أن يجعلهن يشعرن بالخجل أو الإحراج. عوضاً عن ذلك، قد أنصحهن بالانخراط في المزيد من السلوكيات التي نعلم أنها تبني الثقة – مثل إبداء اللطف والعناية والشفافية. لكن حتى هذا الأمر إشكالي لأنه يلقي المسؤولية على كاهل النساء لكي يتغيّرن علماً أن ذلك في واقع الأمر هو جزء من قضية أوسع.

ما هي الأشياء الإضافية التي ترغبين بدراستها في هذا المجال؟ أود أن أعرف إذا ما كان هذا التأثير سيتلاشى عندما يتعرف الناس على امرأة جميلة أم ما إذا كان هذا التأثير يميل إلى الاستمرار لأنه يغيّر طريقة تفاعلنا معها، الأمر الذي يغيّر وقتها كيف تتجاوب معنا بطريقة تؤكد شكوكنا الأولية. كما ينتابني الفضول أيضاً لمعرفة كيف سيتجلى هذا الأمر في عالم السياسة. نحن نصوت لقادة لا نتعرف عليهم شخصياً، لأننا لا نعرف إلا ما نراه على التلفزيون ونقرر ما إذا كنا نثق بهم أم لا بناء على ذلك. هل نحن منحازون ضد المرشحات الأكثر جاذبية؟

ما الذي دفعك إلى الاهتمام بموضوع النساء الجميلات في العمل؟ لا يرتبط اهتمامي بأي تجارب شخصية محددة واجهتها أنا، وإنما لاحظت أن الجاذبية عموماً هي أمر ليس من السهل على النساء التعامل معه: فلا شك أن هناك مكاسب واضحة بالنسبة للمرأة الجميلة، لكنها تواجه الكثير من الانتقادات من الرجال والنساء على حد سواء إذا نُظِرَ إليها على أنها تتباهى بجمالها. وتواجه المرأة التي تشغل موقعاً قيادياً مشكلة مضاعفة في الكثير من الحالات. هذا موضوع آخر. هذا أمر مؤسف، لكنه واقعي.

اقرأ أيضاً: 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي