التواصل الناجح يتطلب التدرب على استخدام اللغة المناسبة

3 دقائق
التواصل الناجح

لنتخيل مواطناً يتهرب من دفع الضريبة وقد تسلم الرسالتين التاليتين عبر البريد:

الرسالة الأولى: نحيطكم علماً بأننا لم نتسلم منكم بعد الضريبة المستحقة عليكم وقيمتها 5,000 دولار. لذلك يتعين عليكم لزاماً الاتصال بنا.

الرسالة الثانية: نحيطكم علماً بأننا لم نتسلم منكم الضريبة المستحقة عليكم وقيمتها 5,000 دولار. لقد سدد 90% من سكان مدينتكم ضرائبهم حتى الآن. لذلك يتعين عليكم لزاماً الاتصال بنا.

لقد ظلت هيئة الضرائب الملكية البريطانية لسنوات طويلة ترسل خطابات شبيهة بالرسالة الأولى، ولم تترك أثراً كبيراً بالضرورة على مستلميها، حتى أن موظفي الهيئة لم يولوها في الحقيقة كثيراً من الاهتمام. فهي في نهاية الأمر مجرد خطاب في إطار إجراء إداري يتعين عليهم تنفيذه.

اقرأ أيضاً: أخطاء شائعة في التواصل.

ولكن في العام 2010، قرر فريق من علماء السلوكيات في حكومة المملكة المتحدة يُعرف باسم "فريق المفاهيم السلوكية" (Behavioural Insights Team) اختبار مدى فاعلية وتأثير هذه الرسالة. ففي حين كانت هيئة الضرائب ترى فيها إجراء إدارياً مزعجاً، رأى الفريق فيها فرصة: لجمع الضرائب المتأخرة من خلال توظيف وتضمين المفاهيم والنظريات المتصلة باقتصاديات السلوك وعلم النفس الاجتماعي في الرسالة الضريبية.

أجرى فريق المفاهيم السلوكية تجربة حول التواصل الناجح أرسل خلالها رسالتين - واحدة شبيهة بالرسالة الأولى إلى مجموعة اختيرت عشوائياً من المتخلفين عن تسديد الضرائب، ورسالة شبيهة بالرسالة الثانية تتضمن مفهوماً يسميه علماء النفس "الأعراف الاجتماعية". ومثلما تبين، كانت الرسالة الأولى تكلف المملكة المتحدة عشرات الملايين من الجنيهات الاسترلينية سنوياً لأنها أقل فعالية من الرسالة الثانية. واستجابة مع الرسالة الثانية، حسَّن دافعو الضرائب المتخلفين عن الدفع سلوكهم، وبدأوا بتسديد الضرائب المتوجبة عليهم.

اقرأ أيضاً: إلى متى سيبقى التواصل الداخلي تحدياً يواجه المؤسسات؟.

يمكننا أن نستخلص عبرتين من خطاب الضريبة هذا: الأولى هي أن لدينا جميعنا حدساً بشأن الأمور الأكثر تأثيراً، أو أي رسالة هي الأمثل، ومقدار الفرق الذي تُحدثه. ولكن خيرة المدراء يتحلون بالتواضع بشأن حدسهم الذي لا يوظفونه مثلما ينبغي. ولهذا السبب، تؤدي المنهجيات التجريبية دوراً مهماً في السيرورات الإدارية كونها تنبئنا بما ينجح وما لا ينجح.

الثانية، هي أننا كثيراً ما نصادف حالات مماثلة لما حدث مع رسالة هيئة الضريبة البريطانية، حيث كان الأمر نفسه يتكرر على امتداد سنوات من دون أن يقف أحد ليسأل إن كان مجدياً. وهنا يتعين على المدراء أن يتعرفوا على هذه الأوضاع والحالات، ويعرفوا ما هي عليه تحديداً: إنها مجازفات لا طائل منها. لماذا التكهن عندما يكون بوسعك أن تجري تجربة لترى ما الذي يمكن أن ينجح؟ يكفي أن تمعن النظر داخل شركتك أو مؤسستك وستجد الكثير من الفرص.

لنأخذ على سبيل المثال هذه التجربة المتصلة بعملية التواصل بين الإدارة والموظفين:

لقد أعد لوكا بالاشتراك مع دنكان غيلكريست وديباك مالهوترا رسالة بحثية تظهر أن تأثير زيادة الأجور يتوقف عند النقطة المرجعية التي ينطلق منها الموظف - والنقاط المرجعية تُبنى في كثير من الأحيان من خلال التواصل. وبصورة، أعم فإن رسائل العلاوات هي فرصة عظيمة، ولكن قلما يُستفاد منها في أغلب الوقت للتواصل مع الموظفين. على سبيل المثال، هل ينبغي أن تكتب "هذه العلاوة هي تعبير عن تقديرنا للعمل المثابر الذي تقدمه لهذه الشركة"، أم "هذه العلاوة هي تعبير عن تقديرنا للعمل المثابر الذي تقدمه لزملائك"؟ إن تقرير أي من هاتين العبارتين هي أكثر فعالية في تشجيع الموظف على العطاء في المستقبل، يتوقف على الدافع الذي يشعر به موظف تجاه وظيفة محددة، ويمكن اختبار ذلك بسهولة من خلال تجربة عشوائية مراقَبة.

اقرأ أيضاً: 6 أخطاء ترتكبها شركات العلاقات العامة وأقسام التواصل المؤسسي في المنطقة العربية.

تستخدم الشركات بصورة روتينية خطابات نصية لتعزيز التواصل الناجح مع العملاء، ولكن كثيراً من هذه الشركات لا تبادر للاستفادة من إجراء تجربة لمعرفة أي من هذه النصوص يعطي نتيجة. لننظر إلى مثال على صلة بانتخابات حكومية: في العام 2011، وجد نيل مالهوترا (مع ميليسا مايكلسن وتود روجرز وعلي آدم فالينزويلا) أنه حتى استخدام نص بسيط اختير بعناية - أي رسالة أرسلت إلى أشخاص لم يطلبوا التواصل معهم نصياً - ساهم في زيادة مشاركة الناس في انتخابات كاليفورنيا. قد لا تكفي تجربة واحدة في مثل هذه الحالة. وفي حين خلفت الرسائل النصية تأثيراً واسعاً، قد يتوقع المرء أن يكون التأثير أقل حجماً اليوم مع انتشار الرسائل النصية على نطاق واسع.

يمكن للتجارب كذلك أن تكشف متى يكون الحدس خاطئ. لقد عملنا مع شركات ومؤسسات كانت واثقة من فعالية رسائلها الترويجية، لكن التجربة البحثية بينت لها أنها لم تكن ذات أي تأثير يُذكر.

تظهر كل عام طرق جديدة لتفعيل التواصل الناجح مع العملاء والموظفين، سواء عبر الرسائل أو البريد الإلكتروني أو النصوص، أو الرسائل الآنية، أو تطبيقات الدردشة. كل هذه الطرائق تمثل فرصاً تتيح للشركات والمؤسسات التواصل بفعالية من أجل تحقيق أهدافها التجارية. تمكنكم التجارب البحثية من إدخال تحسينات بصورة منهجية على طرائق التواصل مع عملائكم واعتماد أو بدء تطبيق التغييرات التي ثبُت نجاحها. وعندما تُجرى التجارب بنجاح فإنها يمكن أن تضع الشركة على طريق النجاح وأن تعزز ثقافة التعلم والابتكار.

اقرأ أيضاً: بحث: علاقات المدراء الوثيقة بالموظفين تأتي بنتائج عكسية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي