هل يتعين أن نكون أكثر تفاؤلاً إزاء مكافحة التغير المناخي؟

10 دقائق
فعالية مكافحة التغير المناخي

توجد قصتان عن فعالية مكافحة التغير المناخي حول العالم. الأولى هي القصة التي تسمعها غالباً، وهي أننا إذا لم نقم بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة بشكل كبير في العقد التالي، فستكون ثمة عواقب وخيمة على صحتنا ونمط حياتنا. والقصة الثانية تحكي عن التفاؤل. وهي عن كيف تساعدنا الابتكارات الكبيرة والصغيرة في تخفيف هذه المخاطر وتحويل اقتصادنا وحياتنا.

اقرأ أيضاً: هل يغير المناخ المدمر الذي نراه اليوم الشركات كما فعل إعصار كاترينا؟

القصتان صحيحتان. ولكن قلّما تُحكى القصة الثانية. وهذا هو السبب أيضاً في اعتقادنا أنّ بالإمكان كبح جماح التغير المناخي. كأطباء ورواد أعمال، فقد شاهدنا القدرة الهائلة التي يمتلكها الناس لمجابهة التحديات والتمسك بالأمل في أحلك الظروف. "أليس" هي المديرة التنفيذية السابقة لمؤسسة أطباء من أجل أميركا (Doctors for America)، وقد زاولت الطب في كاليفورنيا وواشنطن العاصمة. وشارك "فيفيك" في تأسيس شركة لتحسين التجارب السريرية ومؤسستين ركزتا على تحسين الخدمات الصحية في الهند، قبل عمله في منصب كبير جراحي الولايات المتحدة التاسع عشر. من ميدان الرعاية الصحية، شهدنا التكلفة الكارثية للتغير المناخي، ورأينا استجابة القطاعين العام والخاص على مستويات مختلفة. وهذا هو سبب قلقنا المتزايد، وتفاؤلنا المتزايد. ولماذا نريد أن تكون أنت كذلك.

تشخيص: التغير المناخي

عندما نفكر في أبرز التحديات الصحية التي تواجه العالم، فإننا نميل إلى التفكير بشأن المرض العقلي، والعنف، وسوء التغذية، والأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والرئة. وما يثير الدهشة لدى الكثيرين معرفة أنّ التغير المناخي هو أحد أكبر التحديات على الصحة العامة التي تواجهها المجتمعات حول العالم. لكن حيثما توجد المخاطر، توجد أيضاً الفرص. تقدّر شركة نيلسن (Nielsen) المتخصصة في مجال الأبحاث التسويقية أنّ ربع إجمالي مبيعات المتاجر في الولايات المتحدة بحلول عام 2021 (150 مليار دولار) ستكون منتجات مستدامة. وعلاوة على ذلك، فيتوقع أن تتفوق هذه المنتجات على أداء المنتجات التقليدية. هذا مما يثلج صدورنا، ولكنه لا يدهشنا تماماً. كأطباء، فنحن نعلم أنّ المرضى الذين اهتممنا بهم على مدار السنوات يُحتمل أن يكونوا متأثرين إلى حد كبير بالتغير المناخي. كما نعلم أيضاً أنّ هؤلاء الأشخاص ليسوا مرضى لدينا فقط، بل إنهم أيضاً موظفون وزملاء وزبائن لديك، وقد تكون أنت أو أسرتك من بينهم. الخيارات التي تتخذها اليوم، الخيارات الكبيرة إزاء تطبيق الحياد الكربوني والخيارات الصغيرة مثل نوع اللمبة التي تستخدمها لإضاءة مكتبك، ستؤثر على حياتهم في المستقبل.

إنّ أثر التغير المناخي يطال منازلنا. ما زالت عائلاتنا في ولاية كاليفورنيا ومديني ميامي التي ترعرعنا فيها، تعيش في أحياء تعاني من تزايد وتيرة حرائق الغابات والجفاف والبراكين وارتفاع مستوى سطح البحر. من الصعب أن يفهمن ابننا وابنتنا الصغيران ذلك، ولكنهما سيعيشان مع تبعات ما نقوم به اليوم لحماية عالمهم. وهذا ما أصبح واضحاً للغاية بالنسبة لنا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018 عندما غطى دخان أسود سام سماء شمال كاليفورنيا.

كانت نيران أكبر حريق غالبات في تاريخ كاليفورنيا، والتي أُطلق عليها اسم "كامب فاير"، تستعر على بعد مائتي ميل شمال سان فرانسيسكو. وقد غطى الدخان رؤوس الناس في منطقة خليج سان فرانسيسكو التي يقطنها 7 ملايين شخص. لم يستطع الأطفال الخروج أثناء العطلة، وأغلقت الكثير من المدارس أبوابها بالكامل. كان الناس يضعون الأقنعة كلما خرجوا من بيوتهم. وامتلأت غرف الطوارئ ومكاتب الأطباء بأشخاص وجدوا صعوبة في التنفس. وهرب الكثير من الناس الذي يوجد من بين أفراد أسرهم فئات هشة على نحو خاص، من الأطفال والعجزة والمصابين بالربو وآخرين يعانون من أمراض مزمنة، من بيوتهم مؤقتاً. وبحلول الوقت الذي تمت فيه السيطرة على الحرائق، كانت هذه الحرائق قد استنزفت مساحة أرض أكبر من مدينة شيكاغو، ودمّرت 500 شركة تجارية. في شركة شيكو (Chico) لتجارة الملابس التي لا تبعد كثيراً عن ذلك المكان، خسر 10% من العاملين هناك منازلهم. ولم يستطع كثيرون منهم إيجاد مأوى جديد يمكنهم تحمل تكاليفه، لذا انتقلوا من هناك، ما فرض ضغوطاً أكبر على سوق العمالة المحدودة أصلاً.

اقرأ أيضاً: هنالك طريقة حاسمة ولكنها ليست سهلة لإقناع الناس بالتصدي للتغير المناخي

وجد تقرير صادر عن مجموعة ميونخ ري (Munich RE) العالمية للتأمين أنّ حريق "كامب فاير" شكّل الكارثة الطبيعية ذات التكلفة الأكبر على مستوى العالم في عام 2018 بخسارة 16.5 مليار دولار. وأعلنت شركة باسيفيك للغاز والكهرباء (بي جي آند إي) (PG&E)، أكبر شركة كهرباء في كاليفورنيا، مسؤوليتها عن حرائق بلغت خسائرها 30 مليار دولار في حرائق عامي 2017 و2018 عندما قدمت الشركة طلباً بإشهار إفلاسها في بدايات عام 2019. وكانت تلك بمثابة سادس أكبر حالة إفلاس لشركة على الإطلاق. سيرى زبائنهم البالغ عددهم 16 مليون شخص زيادة في الأسعار لدفع ثمن أعمال الوقاية من الحرائق وفقاً لأمر المحكمة، بما في ذلك إبعاد خطوط الطاقة عن أغصان نحو 120 مليون شجرة. تصبح المنازل والأعمال الواقعة عند نقطة التقاء المدينة والمساحات الطبيعية، وهي بعض أكثر المجتمعات استهدافاً، غير قابلة للتأمين على نحو متزايد.

والأمر لا يقتصر على الحرائق فحسب، كما أنه لا يقتصر على كاليفورنيا أيضاً. وفقاً لدراسة استقصائية صدرت في ديسمبر/ كانون الأول 2018، فإنّ قرابة نصف الأميركيين (46%) قالوا إنهم شعروا شخصياً بآثار التغير المناخي. ومن شبه المؤكد أنّ عدد الأشخاص الذين شعروا بذلك فعلاً يفوق ذلك بكثير. المحيطات الأكثر دفئاً تعني حدوث أعاصير شديدة بوتيرة أكبر تغمر المدن بالفيضانات، ما يسبب انقطاعاً للكهرباء لفترات طويلة، ويوقف الأعمال التجارية بما فيها المستشفيات والعيادات، ويؤدي إلى ضغوط على المدى القصير والبعيد لدى جميع الموجودين في المسار المحتمل للإعصار. عندما توجه سكان فلوريدا إلى الإنترنت لشراء بعض الإمدادات قبل إعصار "إيرما"، وجدوا أنّ فترة الشحن التي تبلغ يومين مُدِّدت إلى 13 يوم، بعد انتهاء الإعصار. وزادت نسبة التجارة الإلكترونية إلى 14.3% من جمالي مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة في 2018، ما جعل الظروف الجوية القاسية تهديداً لقطاع متنام من الأعمال والاقتصاد.

وبخلاف الأثر الاقتصادي الفوري، تزيد هذه الظروف الجوية القاسية المخاطر والتكاليف المرتبطة بالموظفين الذين يعملون في الخارج، في مجالات الإنشاءات أو إيصال البريد والطرود أو صيانة المرافق أو الزراعة أو حفظ النظام، مثلاً. لا يتعرض هؤلاء العمال بقدر أكبر إلى أشد الكوارث فحسب، بل إلى مواسم انتشار حبوب اللقاح التي تزيد حالات الحساسية والربو سوءاً لدى الناس، كما يواجهون خطر الإصابة بأمراض اللايم وحمى الضنك وفيروس زيكا مع توسع المناطق التي تنتشر فيها الأمراض المنقولة بواسطة البعوض والقُراد.

جرعة تفاؤل حول فعالية مكافحة التغير المناخي

من السهل أن يغمرك شعور بعظم أزمة التغير المناخي. ولكن ذلك قد لا يمثل خطراً فحسب، بل يتجاهل التقدم الذي أحرزناه خلال العقود الخمسة منذ قيام العلماء بدق ناقوس الخطر حول التغير المناخي. والآن، للمرة الأولى، فقد أصبحت الطاقة المتجددة أرخص من الفحم الموجود في الولايات المتحدة. ويختار المستهلكون منتجات مستدامة بأسعار أعلى في كل عام. تستجيب شركة رويال داتش شل (Royal Dutch Shell)، أكبر شركة نفط في العالم، إلى ضغط المساهمين عبر التوجه إلى المصادر المتجددة وكفاءة الطاقة في قطاع النقل. وتلتزم السويد بالتوقف عن استخدام الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء بحلول عام 2040، وهي تتحدى جميع البلدان الأخرى في منافستها على الوصول إلى نسبة 100%. وتفوقت مصادر الطاقة المتجددة على الفحم في ألمانيا، حيث أنتجت مصادر الطاقة المتجددة في يوم إثنين الفصح الماضي الذي شهد أجواء عاصفة ومشمسة ما نسبتها 77% من احتياجات الدولة من الكهرباء. وهذه هي القصة الثانية للتغير المناخي. وهي قصة يتعين أن تعطينا الأمل وتدفعنا لاتخاذ خطوات إضافية ملموسة.

عام 2017، أطلقت سلسلة متاجر وول مارت مشروع جيجاتون (Project Gigaton) الذي يمثل مبادرة تهدف لتقليص انبعاثات غاز الدفيئة من سلسلة القيمة العالمية. وشارك أكثر من 200 مورّد للمنتجات التي تشكل جزءاً من حياتنا اليومية في تلك الجهود، ما حقق الاستدامة في أكوام غسيلنا وثلاجاتنا واستحمامنا، سواء أدركنا ذلك أم لا. على سبيل المثال، قامت علامة تايد (Tide) بإعادة تركيب منظف الغسيل للحصول على أداء أفضل في التنظيف في المياه الباردة، وأطلقت حملة جديدة لتحدي المستهلكين للتحول إلى استخدام المياه الباردة نظراً لأنّ 90% من استخدام طاقة الغسالات موجّه نحو المياه الساخنة. كما قامت إحدى شركات المشروبات ببناء مزرعة رياح هائلة في ولاية أوكلاهوما، بحيث تقوم بتوفير ما يكفي من الكهرباء لتبريد مشروباتها المصنوعة في الولايات المتحدة. ووضعت شركة كيلوغز للتغذية (Kellogg) هدف تدريب نصف مليون مزارع أميركي على تقنيات تقلل انبعاثات غازات الدفيئة، ووصلت شركة يونيليفر 50% تقريباً من عملية تغليف المواد المعاد تدويرها بعد الاستهلاك بعبوات بلاستيكية.

وللمزيد من الأدلة حول التقدم على هذا الصعيد، ننظر إلى شركة إنديغو أيه جي (Indigo Ag) ومقرها في بوسطن، ومبادرتها تيراتون (Terraton Initiative)، وهي عبارة عن سوق كربون خاصة ستدفع للمزارعين مقابل تثبيت احتباس الكربون في التربة من خلال التحول إلى ممارسات الزراعة التجديدية، بما فيها الزراعة دون حراثة، وتدوير المحصول ومحاصيل التغطية ورعي الماشية. وتقدر الشركة أنّ نقل جميع الأراضي الزراعية في العالم إلى هذه الممارسات الأكثر استدامة يمكن أن يزيل تيراتون (تريليون طن) من ثاني أكسيد الكربون من الجو، وهو يعادل تقريباً ما وضعناه في الجو منذ بدء الثورة الصناعية.

تتماشى الوعود في القطاع الخاص مع ما يحدث في القطاع العام. في الولايات المتحدة، التزمت أكثر من 100 مدينة و8 ولايات إلى جانب مقاطعة كولومبيا باستخدام الطاقة المتجددة بنسبة 100%. وتتفوق الصين على بقية العالم في تركيب نظم الطاقة الشمسية. وقد قامت اسكتلندا بتسخير قدر هائل من طاقة الرياح في النصف الأول من عام 2019 حتى كان بوسعها إمداد جميع المنازل هناك بالكهرباء لمرتين في العام. وتحصل كينيا على نصف إمداداتها من الطاقة من مصادر الحرارة الجوفية التي تأتي من أعماق صدع شرق أفريقيا. وتبني المغرب أكبر محطة للطاقة الشمسية المركزة في العالم.

وفي كاليفورنيا، لا ينتظر قادة الأعمال والقادة السياسيون الحرائق والجفاف الناتج عن التغير المناخي كي تنال من خامس أكبر اقتصاد في العالم. ففي عام 2018، التزمت الولاية باستخدام موارد طاقة خالية من الانبعاثات الكربونية بالكامل بحلول عام 2045. وفي نفس العام، أصبح الطراز الثالث من سيارات تيسلا الكهربائية هو الأكثر مبيعاً من سيارات المسافرين في الولاية. وفي شهر يوليو/ تموز الماضي، اصطفت أربعة من أكبر شركات تصنيع السيارات في العالم، وهي فورد وبي إم دبليو وهوندا وفولكس فاغن، إلى جانب كاليفورنيا في صفقة مفاجئة لإنتاج سيارات تتميز بكفاءة أكبر في استخدام الوقود، في رفض لجهود إدارة ترامب الرامية إلى التراجع عن المعايير التي وُضعت في عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما.

جميع هذه الأمثلة تقربنا خطوة واحدة إلى كفالة استقرار المناخ. وتقربنا أكثر من إدارة الضغط والدمار والخسائر التي تتسبب في كوارث طبيعية متكررة ومتزايدة. كما تقربنا أكثر من حماية أنفسنا والفئات الأكثر هشاشة، من مسنين وأطفال وأشخاص يعانون من أمراض مزمنة مثل فشل القلب الاحتقاني، من موجات الحرارة الشديدة والآخذة في الانتشار.

ما الوجهة التي يجب أن نتخذها معاً؟

اعتمدت جميع دول العالم اتفاقية باريس لعام 2015، بما فيها سوريا التي مزقتها النزاعات، والتي كانت آخر من انضمت إلى الجهود العالمية المبذولة على صعيد المناخ. وفي الوقت الذي أعلنت فيه إدارة ترامب نيتها التي تقضي بانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاقية، إلا أنه ليس بوسعها القيام بذلك من ناحية قانونية حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2020. يتعين علينا أن نطالب الحكومات بأداء دور قيادي شجاع ومطلوب في هذه الآونة. وفي غضون ذلك، ترتقي أطياف واسعة من الموظفين في القطاع الخاص وحكومات الولايات والحكومات المحلية إلى مستوى التحدي عبر حملة "ما زلنا مستمرين" (We Are Still In campaign). ويعترف هؤلاء بأنّ كل واحد منا يجب عليه أن يبني على النجاحات التي تحققت حتى الآن وأن يعمل بسرعة على تحويل طريقة عيشنا وممارستنا للأعمال التجارية، حيث لا يوجد سوى فرصة ضئيلة لنا، وثمة ما يجب علينا جميعاً فعله.

تأمّل في كيف أنّ لتغيير لمبة واحدة أن يُحدث فارقاً. غيّر توماس إديسون العالم عندما اخترع المصباح المتوهّج في عام 1895 من خلال زيادة عدد الساعات التي يمكن فيها العمل والقراءة وإقامة العلاقات الاجتماعية. ولكن أحد العيوب الرئيسة في ذلك المصباح كان أنه يحول 10% فقط من الطاقة التي يستخدمها إلى ضوء. ويتم فقدان باقي الطاقة على شكل حرارة. حاولت شركة جنرال إلكتريك بعد أزمة النفط في عام 1973 أن تنشر مصابيح الفلوريسنت التي كانت أكثر كفاءة بالنسبة للطاقة. ولكن الضوء المتقطع المائل إلى الزرقة بدا مقلقاً، واتجهت أكثر العائلات للبقاء معتمدين على مصباح أديسون. وأخيراً، في عام 2011، طُرحت أول لمبات ليد لاستبدال اللمبات العادية. وكان لها نفس الدفء والإضاءة المستمرة كما المصابيح المتوهجة ولكنها استخدمت طاقة أقل بنحو 90% منها واستمرت بالعمل لـ 25 ضعفاً.

اقرأ أيضاً: إدارة التغير المناخي: دروس من البحرية الأميركية 

في بداية الأمر شعر معظمنا بدهشة بالغة من أنّ سعر اللمبة قد يكلف 50 دولاراً. ولكن عدداً كافياً منا اختار تجربتها، وهم بالملايين، حتى انخفضت الأسعار بسرعة. وبحلول عام 2017، انخفضت تكلفة اللمبة الواحدة إلى أقل من دولارين، وأصبحت المبيعات من لمبات الليد لأول مرة أعلى من مصابيح الإضاءة المنزلية البديلة في أرجاء الولايات المتحدة. تقدِّر وكالة حماية البيئة في الولايات المتحدة الآن أنه إذا تحول كل منزل في أميركا إلى استخدام لمبات الليد المعتمدة في أكثر تجهيزاتهم استخداماً من ناحية الإضاءة، فسنوفر ما يكفي من الطاقة لإضاءة 33 مليون منزل لمدة عام، وسنوفر نحو 5 مليارات دولار سنوياً من تكاليف الطاقة، ونمنع ما يعادل عوادم 6 ملايين سيارة تقريباً من انبعاثات غازات الدفيئة. يمثل هذا فرصة ذهبية للشركات والمدن، التي تقوم على نحو متزايد بتركيب لمبات الليد في المكاتب والمصانع وأعمدة إنارة الشوارع والإشارات الضوئية. وتتراكم هنا النجاحات: فهي توفر تكاليف الطاقة، والإنتاجية، حيث تقضي وقتاً أقل في تغيير المصابيح التالفة والمصابيح الفلورية الأنبوبية المتهالكة.

تبدو هذه قصة جيدة بحد ذاتها، ولكن ثمة جانب آخر للقصة عندما يتعلق الأمر بالإضاءة. تعد مصابيح الليد التي تعمل بالطاقة الشمسية بانخفاض هائل في احتياجاتنا من الطاقة التقليدية مع زيادة الوصول إلى الإضاءة لأكثر من مليار شخص لا يتمتعون بخدمات الكهرباء. والآن، مرة أخرى، نرى التقاء مسارات الصحة العامة والتغير المناخي والابتكار. قبل الليدات، كانت مصابيح الكيروسين مساهماً رئيساً في تلوث الهواء داخل الأماكن المغلقة في الكثير من المناطق حول العالم، حيث تسببت بأمراض التنفس وأمراض العيون، ناهيك عن خطر الاحتراق واندلاع النيران. مصابيح الليد التي تعمل بالطاقة الشمسية، وغيرها من مصادر الطاقة المتجددة الشمسية والمحلية، تعني أنّ الناس حول العالم يمكنهم إطالة أعمارهم من خلال العيش في ظروف صحية أكثر، ولكنها أيضاً مثال ساطع على الإمكانات المستقبلية حيث نبتكر ونفتح أسواقاً جديدة مثل ألواح الطاقة الشمسية والبطاريات وتقارب الليدات.

في شهر سبتمبر/ أيلول، اجتمعت الدول في قمة التغير المناخي التابعة للأمم المتحدة في نيويورك لمشاركة التقدم والالتزام ولتحدي بعضها البعض لتكون أكثر شجاعة وسرعة في خضم السباق العالمي للتفوق على التغير المناخي. قبل عام، أصدر الفريق الحكومي الدولي للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ تقريراً خاصاً أظهر أنّ علينا تقليص انبعاثات الكربون إلى النصف خلال 11 عاماً، بحلول عام 2030، في طريقنا إلى القضاء على الانبعاثات بالكامل بحلول عام 2050 وتطبيق انبعاثات سلبية بعد ذلك لتفادي تغيرات كارثية لا يمكن إصلاحها. يتعلق هذا بتحقيق النتائج والإنتاجية. ولكنه يتعلق أيضاً بصحتنا. لا يستطيع أحد منا انتظار أكبر الجهات الفاعلة وأقواها ليقوم بإجراءات ملموسة على هذا الصعيد.

تخبرنا أبحاثنا وخبرتنا حول فعالية مكافحة التغير المناخي أنّ هذه هي اللحظة للبدء في التغيير. في نهاية الأمر، النجاح في مكافحة التغير المناخي سيعني أننا سنعمل جميعاً معاً بأقصى قدر ممكن من السرعة والتفكير. على كل واحد منا إيجاد طرق للتأثير، سواء كان ذلك بإطلاق مبادرات شجاعة للحد من انبعاثات الكربون في شركتك، أو التواصل مع نقابتك التجارية لبناء قوة من ناحية الأداء المالي، أو حتى تغيير المصباح الموجود على مكتبك. حان الوقت لتبني حلول ناجحة بسرعة والتحسين تبعاً لذلك. ليس لدينا وقت للحديث كثيراً عن سبب عجزنا عن النجاح. علينا أن نركز على ما نستطيع فعله، وعلينا أن ننجح.

اقرأ أيضاً: الشباب يتولون زمام قضية التغيّر المناخي وعلى الشركات توخي الحذر

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي