نبدأ كلنا السعي وراء أهدافنا الجديدة بكل حماس وحيوية من أجل معرفة كيفية التخلص من العادات السيئة التي نملكها، ونعمل بجد لإجراء التغييرات المناسبة واتخاذ الخطوات الجديدة الكفيلة بالاقتراب أكثر من حلمنا. نفعل كل هذا وأكثر في الأسابيع الأولى. لكن تمضي الأيام ويبدأ حماسنا في التلاشي وتنطفئ شعلة نشاطنا، ثم في النهاية نفقد التركيز على هدفنا ونعود إلى نفس الوضع الذي كنا عليه في البداية.
كيفية التخلص من العادات السيئة
مهما كان تطور الاستراتيجيات التي تتبعها لتخليص نفسك من العادات السيئة وخلق أخرى جديدة، ستقل احتمالات نجاحك فيها ما لم تتابع وتستعرض تقدمك المحرز بشكل متكرر. يعود السبب في ذلك إلى أن ملاحظتك لتحسنك المستمر يومياً سيشجعك أكثر على الاستمرار. في في الوقت نفسه، يؤدي تحديد أمكنة القصور لديك إلى ملاحظتك أسبابها وإجراء التعديلات المناسبة بشأنها. بالتالي لن تشعر بأنك عالق في عادات تشعر أنها غير طبيعية أو لا تؤدي إلى التغيير المنتظر.
اقرأ أيضاً: 3 عادات بسيطة لتحسين تفكيرك الناقد
لنتأمل على سبيل المثال أيمن، الذي يعمل مدير مكتب لرئيس تنفيذي لشركة تكنولوجيا. يظن زملاء أيمن أنه مستمع سيئ ومدير يتدخل في أدق التفاصيل ولا يحترم وقت الآخرين. أراد منه رئيسه أن يسعى إلى مراعاة مشاعر الآخرين أكثر ومساعدتهم. تعهّد أيمن بأن يكون قائداً أفضل بعد تلقيه بعض الانتقادات اللاذعة من زميل له والتي أكدت فكرة رئيسه. قمنا نحن بالعمل معه على وضع خطة لمساعدته في تحقيق أهدافه.
قرر أيمن تحديد 3 أهداف، واحدة لكل مجال تلقى بسببه ملاحظات سلبية. كان يريد تحسين استماعه والحد من إدارته للتفاصيل، وتقدير وقت الآخرين. صحيح أن هذه الأهداف كانت طموحة وجيدة، إلا أنها لم تكن قابلة للقياس. كان علينا تحديد سبل للتحسّن يمكنه رصدها وتتبعها، حيث قررنا صياغتها على النحو التالي:
• الإنصات بشكل أفضل. حضور اجتماع واحد في اليوم من دون أجهزة.
• إدارة أقل للتفاصيل. استخدام تقنية "التفويض" خلال اللقاءات الفردية مع موظفيه لتخفيف سيطرته، وتمكينهم من تحمل مسؤوليات جديدة.
• تقدير قيمة وقت الآخرين. الحد من رسائله الفورية المرسلة إلى كل زملائه إلى اثنتين يومياً.
لاحظ كيف اختار مهمة صغيرة من أجل كل هدف من تلك الأهداف، وذلك نظراً لأن اختيار أهداف كبيرة أو أهداف أكثر مما يجب سيؤدي إلى الإرباك. ستكون أكثر عرضة لمتابعة تقدمك إذا كانت المهمة صغيرة. حالما تنجح، يمكنك عندها تجربة مهمة جديدة أو زيادة تعقيد المهمة الأصلية. على سبيل المثال، إذا كان على أيمن ترك أجهزته في مكتبه في كل اجتماع من أجل أن يكون مستمعاً أفضل، فإن ذلك إجراء يصعُب عليه القيام به. بدلاً من ذلك، بدأنا مع اجتماع واحد في اليوم لا يصطحب معه أجهزته إليه، حيث يمكنه لاحقاً اتخاذ قرار يتعلق بزيادة عدد اجتماعات التي لا يحمل فيها أي أجهزة، أو التفكير في نشاط آخر يمكن أن يساعده في أن يكون مستمعاً أفضل.
كان من السهل على أيمن، بمجرد تحديد مهامه، المضي قدماً في عمله اليومي مع خطته لتنفيذ كل مهمة من المهام التي حددها. من المرجح أن أيمن كان سيبدأ بشكل متحمس وقوي، ثم ما يلبث هذا الحماس أن يتلاشى وينهمك أيمن بأعماله اليومية لينسى المهمات الجديدة ويعود إلى عاداته القديمة. بالتالي، كان على أيمن تتبع تقدمه اليومي بشكل استباقي عبر استخدام مخطط لهذا الغرض.
اقرأ أيضاً: تعرّفوا على العادات اليومية للعباقرة
أوصي هنا باستخدام تتبع مخطط بسيط يسمى "قائمة نعم" (Yes List)، لمساعدتك على معرفة الأمكنة التي تحقق فيها تقدماً نحو التغيير، وأماكن تقصيرك. حتى لو كنت ممن يكرهون فكرة أداء تمارين يومية، لن يستغرق منك هذا سوى دقيقتين.
قم ببساطة بتتبع فيما إذا كنت قد أنجزت كل عادة يومياً ضمن قائمة تحقق مستخدماً "ن" من أجل الإجابة بـ"نعم" و"ل" من أجل الإجابة بـ "لا". على سبيل المثال، انظر قائمة أيمن أدناه.
ضع "قائمة نعم" الخاصة بك على سطح مكتب الكمبيوتر الخاصب بك أو اطبعها وضعها في مكان تراها فيه طوال الوقت، أنشئ تذكيراً يومياً حتى تتذكر تعبئتة القائمة في نهاية اليوم. يسمح لك تتبع نتائجك برؤية التقدم المُحرز بشكل سريع، حيث يحصل معظم الناس على شعور بالإنجاز عندما يراجعون تلك القائمة في نهاية اليوم.
بعد عدة أسابيع من تتبع عاداتك، قم بتقييم ما إذا كانت هناك أنماط بحاجة إلى تعديل. يتيح لك إجراء ذلك معرفة نجاحاتك، وعثراتك، ويساعدك على تحديد العقبات المحتملة التي يمكن أن تكون.
على سبيل المثال، عندما استعرضت أنا وأيمن أنماط تصرفاته، وجدنا أنه يفشل في تفويض المهام بشكل مناسب أيام الإثنين. أدرك أيمن أن سبب ذلك كان مقابلته لموظف متدني الأداء كل يوم إثنين، وكان يخشى أن يفوض هذا الموظف لخوفه من تلقي عمل سيئ في المقابل. حالما أدرك هذا، أجرى معه محادثة فردية مختلفة جذرياً، حيث أعطاه ملاحظات مباشرة بدلاً من التحدث عن عمل الأخير بشكل غير مباشر. لو لم يلحظ النمط، لما عالج السبب الحقيقي وراء عدم قيامه بالتفويض ذلك اليوم.
أتاحت مراجعة أيمن لأنماطه إدراك أنه مستعد لإدراج عادة أخرى من شأنها أن تساعده في تحقيق هدفه. بعد عدم اصطحابه لأجهزته لاجتماع واحد في اليوم، قرر أيمن زيادة عدد الاجتماعات التي لا يصطحب خلالها أجهزته تدريجياً حتى وصل إلى مرحلة التوقف التام عن جلب أي أجهزة إلى أي اجتماع بعد 4 أشهر. أدى ذلك إلى توقفه عن تتبع المحور الخاص بحضور الاجتماعات دون أجهزة نظراً لأنه أتقن العادة بنجاح، حيث باتت لديه الطاقة والتركيز على معالجة عادة جديدة. استبدل أيمن على رسمه البياني العادة القديمة التي تخلى عنها بأخرى جديدة يريد التخلص منها تجاه طريقه لأن يكون مستمعاً أفضل (والتي كانت إعادة صياغة ما سمعه مرة واحدة على الأقل يومياً). كرر أيمن العملية مع إزالة العادات التي تخلى عنها وإدراج تلك التي يريد التخلص منها حتى تمكن تماماً خلال عام من أن يقدم نفسه أمام موظفيه كمستمع أقوى ومتعاون ومدير يعطي الصلاحيات للموظفين.
اقرأ أيضاً: الطريقة المثلى لاكتساب عادات جديدة
وفي نهاية الحديث عن كيفية التخلص من العادات السيئة بشكل صحيح، يمكنك وضع أهداف لتحقيق أحلامك أو تحسين سلوكك، لكن من دون وسائل للتنفيذ ووسيلة لقياس التقدم المحرز، ستقع مرة أخرى ضحية العادات السيئة القديمة. خذ بعض الوقت لتحديد كيف تحقق أهدافك. ابدأ بخطوات صغيرة، ثم لاحظ تحسنك، حيث ستكتشف قريباً جداً فيما إذا كنت قد طورت عادات العمل الإيجابية الجديدة.
اقرأ أيضاً: بناء منتج يتيح للناس التمسك بعاداتهم