الإدارة المتدنية هي الوجه الآخر للإدارة التفصيلية وتمثل مشكلة

3 دقائق
الإدارة المتدنية

تحظى الإدارة التفصيلية بجلّ الانتباه، ولكن قد تكون هناك مشكلة أخرى مساوية لها في أهميتها، وهي "الإدارة المتدنية". أطلقت هذا المصطلح، أي الإدارة المتدنية، على مجموعة سلوكيات تكون مجتمعة غالباً، رأيتها خلال 24 عاماً قضيتها في الإدارة. وهي تشمل الأداء الضعيف في الإدارة، والميل لتجنب النزاعات مع الموظفين والمساءلة الضئيلة عموماً. وكما يشير الاسم، لا يتم تنفيذ العمل الإداري كما يجب، وعادة ما يؤدي ذلك إلى عواقب سلبية. ولكن غالباً ما نغفل عن الإدارة المتدنية لأنه ليس بالضرورة أن يكون المدراء الذين لديهم هذه الصفات عديمي الكفاءة، بل على العكس، غالباً ما يكونون محبوبين ومتعاونين ويعرفون شركاتهم حق المعرفة.

تحدثت مرة مع المسؤولة التنفيذية عن قسم الموارد البشرية في إحدى الشركات، وهي قدّرت أن 10 إلى 25% من مدراء شركتها كانوا من ذوي القدرات الإدارية المتدنية. وأتذكر جيداً أحد نواب الرئيس للموارد البشرية في شركتي يتعجب غاضباً: "المشكلة مع مدرائنا هي أنهم لا يعملون في الإدارة أغلب الأوقات!". خذ جمال، على سبيل المثال، وهو أحد مدراء تطوير المنتجات (هذا مثال تقريبي لكثيرين من المدراء الذين عرفتهم). كان يعرف التفاصيل التقنية لمنتجات فريقه جيداً وكان متفاهماً مع رؤساء الأقسام الأخرى في دائرته. وكان يجيد التواصل مع الآخرين على عكس العديد من مدراء تطوير المنتجات الآخرين الذين كانت قوتهم في الناحية التقنية أكبر من قدراتهم في التعامل مع الناس. وكان فريقه يحب العمل لديه، إذ سجل أفراده نسباً مرتفعة في المعنويات على عكس العديد من الفرق الأخرى في الشركة.

ولكن كان هذا الفريق يصارع من أجل تحقيق النتائج. مثلاً، كانوا يعانون من مشكلة دائمة في تسليم المشاريع الكبيرة في الوقت المحدد. وعندما يطرح مدير جمال ونظراؤه هذه المشكلة في اجتماعات إدارة الفرق كان على الدوام يصرّ على أن فريقه يبذل أقصى جهد لديه، على الرغم من أن المدراء الآخرين لم يوافقوه دائماً على ذلك. وعندما كان مديره أو نظراؤه يصرون على احتمال أن يكون أحد أفراد فريقه ضعيفاً كان جمال يدافع عنه بشدة ويقول: "ليس هناك ضعفاء في فريقي". كان جمال يعمل من مستوى أفراد الفريق وليس من مستوى الإدارة الأعلى.

هناك عدة أسباب متداخلة لهذه الظاهرة، فالرغبة الشديدة بأن يحظى المدير بمحبة الآخرين قد تؤدي إلى إعاقة إنتاجية إدارته بصورة كاملة لأنها ستجعله يتردد في القيام بما يجب. وتفادي النزاعات هو عنصر فعال في المعادلة، فالنزاعات بطبيعتها تسبب التوتر والضيق، ومن السهل التفكير بأن تفاديها هو الطريقة الفضلى لسير الأمور جيداً.

في الحقيقة، لن يكسبك الضغط على الموظفين وتحميلهم مسؤولية تحقيق الأداء القوي شعبية كبيرة، وهو يتطلب درجة معينة من الهدوء في التعامل مع النزاعات. وعلى الرغم من أن الحفاظ على علاقة جيدة مع أفراد فريقك أمر جيد، فإن أولويتك على المدى الطويل هي تحقيق النتائج المطلوبة.

إن كنت تظن أن إدارتك متدنية، فهنالك 3 خطوات فعلية يمكنك اتخاذها. والخبر الجيد هنا هو أنه من الممكن تحسين أداء المرء في هذه النواحي. وعلى الرغم من أن الأمر يحتاج إلى التدريب، فإن هذه المشاكل متعلقة أساساً بالإرادة لا القدرة. إذاً، يجب عليك الالتزام بها قبل كل شيء.

لا تتفادى النزاعات. فلنبدأ بالتعامل مع النزاعات. كنت محظوظاً في بداية عملي في الإدارة، إذ كان لدي مرشد أخبرني بصراحة أنه علي أن أصبح أكثر فعالية في التعامل مع النزاعات كي أنجح في الإدارة. ما زلت أذكر كلماته بدقة حين مدح قدراتي (معرفتي بشركتنا والتزامي بأخلاقيات العمل)، ثم أضاف: "بصراحة، لست أدري إن كنت راغباً بالتعامل مع النزاعات وهل لديك الشجاعة لذلك". أدركت حينها أن هذه مشكلة لدي وعليّ حلها إن رغبت بالنجاح في الإدارة.

وهذا ما عملت عليه جاهداً. وأصبحت شديد الوعي بالنزاعات ولم أعد أتهرب منها. والحق يقال، ما زلت لا أحب التعامل مع النزاعات (مثل معظم الناس)، ولكنني أدركت أنها جزء حيوي من دور الإدارة، ومع الوقت أصبحت أتعامل معها براحة وكفاءة أكبر.

اعتبر تحديد الهدف أمراً حيوياً للرسالة. إن لم تكن تحقق النتائج المطلوبة، وهذه هي الخطورة الأساسية في الإدارة المتدنية، احرص أولاً على أن تكون الأهداف التي يجب على موظفيك إنجازها مصممة جيداً وواضحة بما يكفي. فمعظم المدراء لا يخصصون الوقت الكافي لتحديد الأهداف، إذ يعتبرون ذلك عملاً مكتبياً رتيباً ومستفزاً (لماذا يعذبني قسم الموارد البشرية بهذا الشكل، يجبرني على ملء هذه الاستمارات التي لا تنتهي؟). ولكن يمكن للأهداف المدروسة التي يتفق عليها الموظفون أن تكون أفضل عنوان للصداقة مع المدير لأنه سيتمكن من إدارة العمل بكفاءة بموجبها، وستشكل خريطة طريق ترشده في عمله مع فريقه على مدار العام.

"هل هذا العمل هو أفضل ما يمكنك فعله على الإطلاق؟". هذا سؤال بسيط ولكنه قوي في نفس الوقت، وقد تعلمته من صديق وزميل عرفته منذ زمن طويل، وهو عقيد متقاعد من الجيش الأميركي، وهو بدوره تعلمه من أحد ضباطه. عندما تطرحه على أحد موظفيك عند تسليم مهمة ما سيجعله يشعر أنه خاضع للمساءلة. (كما أنه سؤال جيد تطرحه على نفسك إن كنت تشك بأن إدارتك متدنية من باب التدريب على محاسبة الذات. هل هذا أفضل ما يمكنك فعله على الإطلاق؟ هل تبذل قصارى جهدك لتحديد الأهداف المناسبة ومساءلة الموظفين عليها وتحقيق النتائج المطلوبة منك؟).

وفي نهاية المطاف، إن التغلب على الإدارة المتدنية هو وضع "مربح لجميع الأطراف" كما يقال، فهو أفضل لك ولمؤسستك ولمسيرتك المهنية أيضاً.

اقرا أيضاً:

 

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي