يرى العديد من الرؤساء التنفيذيين والرؤساء التنفيذيين للموارد البشرية أن "تغيير الثقافة" إحدى الأولويات القصوى، فهم يعرفون أنه يتعين على مؤسساتهم أن تصبح أكثر رشاقة وقدرةً على التكيف مع التغيرات السريعة، ويريدون حل مشكلة افتقار المدراء للاندماج الوظيفي وأن يصبحوا أكثر قدرة على اتخاذ القرارات الجيدة وتنفيذها بسرعة. علاوة على ذلك يريدون جذب أفضل الموظفين والحفاظ عليهم. يُعتبر بناء ثقافة مؤسسية جيدة والحفاظ عليها مفتاح تحقيق جميع هذه الطموحات. ورغم ذلك يتجاهل العديد من الرؤساء التنفيذيين ورؤساء أقسام الموارد البشرية أكثر العوامل أهمية في بناء الثقافة التي يريدونها، ألا وهي المدراء.
في كثير من الأحيان يشعر المدراء أنفسهم، والذين تعتمد عليهم المؤسسات في بناء ثقافة أفضل، بعدم السعادة وغياب الحافز تجاه العمل. في الحقيقة، لا يمكن اعتبار الإدارة تجربة رائعة مع معظم المدراء، إذ يشكون من شعورهم بالكثير من التوتر والإنهاك واختلال التوازن بين الحياتين الشخصية والعملية، واعتلال صحتهم الجسدية مقارنة بأفراد الفرق التي يتولون قيادتها. يفتقر ثلثا المدراء تقريباً إلى الاندماج الوظيفي، أو يفتقرون إليه بشدة في العمل ومكان العمل. ويبدي أقل من 30% من المدراء موافقتهم على أن شخصاً ما في العمل يُشجع تطورهم. وبحسب ما جاء على لسان الموظفين الذين يتلقون تدريبات التطوير الإداري، فإن البرامج الموضوعة لا تؤدي الدور المطلوب منها بفاعلية.
حل مشكلة افتقار المدراء للاندماج الوظيفي
من شأن تغيير الطريقة التي تُدرب بها شركتك مدرائها وتدعمهم، إلى جانب اعتبارهم مدربين، مساعدة المدراء على تغيير الثقافة. إن التحول من الإدارة إلى التدريب يعني أنه يُنتظَر من المدراء القيام بما يتجاوز إلقاء الأوامر وتفويض المهام، إذ سيصبح دورهم الأساسي هو تنمية مهارات الموظفين الواعدين، عن طريق وضع الأهداف بشكل تعاوني، والتدريب الذي يُركز على المستقبل، والمحاسبة على أساس الإنجاز. لن يؤدي نقل مدرائك من الإدارة للتدريب إلى زيادة إدماج الموظَفين وتحسين أداء موظفيك فحسب، بل إنه أمر لا بد منه من أجل تغيير ثقافتك لكي تتوافق مع القوى العاملة المتغيرة، تلك القوى التي لم تعد تريد الأنظمة التقليدية لإلقاء الأوامر من القمة إلى القاعدة والإدارة الهرمية، ولا تتجاوب معها.
تقديم تجربة مناسبة للمدراء
تبدأ تجربة الموظف مع الانطباع الأول عن مؤسستك – كيف يرى ثقافتك وعلامتك التجارية – ثم مدى تأكيد تلك الانطباعات من خلال رحلته الوظيفية، بداية من الإعداد، ومروراً بالتطوير، وانتهاءً بالمغادرة. يجب على كبار المسؤولين التنفيذيين التوافق مع أهداف المؤسسة وعلامتها التجارية، والاتساق معهما، والالتزام بهما. هذه هي نقطة البداية لتوحيد الفرق حول هدف مشترك، ولتحقيق الانسجام بينها، ولاتخاذ قرارات فاعلة.
اقرأ أيضاً: استخدام مكبرات الصوت الذكية للاندماج مع الزبائن
ثانياً، يجب فحص جميع البرامج وعمليات التواصل، بما في ذلك منهجيات إدارة الثروة البشرية والأداء والقيم والطقوس والهياكل التنظيمية للفرق، لتتفق هذه المنهجيات مع هدف مؤسستك وعلامتها التجارية. اكتشفت مؤسسة "غالوب" (Gallup) أن هذه قد تكون عملية سريعة. ونحن نوصي بإجراء هذا الفحص بشكل سنوي.
وفي النهاية، يجب على المدراء والمشرفين في الخطوط الأمامية، شأنهم شأن الموظفين، الحصول على وظائف يشعرون فيها بأنهم يُحرزون تقدماً مستمراً. ويجب على المدراء وقادة الفرق إجراء محادثات تدريبية مع مدرائهم مثلما ننتظر منهم فعل ذلك مع موظفيهم. لا يُمكن اعتبار برامج التعلم المتميزة تجميعاً "للأحداث" العشوائية، بل هي تلك التي تضطلع بمهمة تعليم أساسيات التدريب، كالتعرف على نقاط القوة والعناصر اللازمة للحصول على اندماج الموظَفين وتوجيه أدائهم.
ومن شأن البرامج المتميزة أن تساعد المدراء على التطور في سياق هويتهم الطبيعية. وبمقدور المدراء جميعاً أن يصبحوا مدربين جيدين عن طريق تطوير قدراتهم التدريبية، مثل القدرة على بناء العلاقات، وتطوير الموظفين، وقيادة التغيير، وتحفيز الآخرين، والتفكير النقدي، والمحاسبة، والتواصل الواضح، إذا كانوا يستخدمون نقاط قوتهم في كل قدرة.
اقرأ أيضاً: تخفيف الضغط النفسي وزيادة الاندماج لدى موظفيك في العمل
يمكن أن يساهم استخدام أساليب متنوعة للتعلم، بما في ذلك تجارب التعلم المستمر التي تساعد على تطوير مفاهيم التدريب، في الوصول إلى مدرائك بغض النظر عن جوانب قوتهم الفريدة. على سبيل المثال، يجب أن ترتكز الحلول التكنولوجية على أساس متين في الطبيعة الإنسانية، ولا يجب أن تنتظر المؤسسة من الطبيعة الإنسانية أن تتكيف مع التكنولوجيا من تلقاء نفسها. هذا أحد الشروط الأساسية التي يجب أن يتسم بها أي نظام لإدارة الثروة البشرية، ويجب أن يركز هذا النظام على تحقيق التقدم، ويكون جديراً بالثقة، ويسهل التعامل معه واستخدامه وتعديله بما يتناسب مع احتياجات كل فرد. رغم تزايد تكنولوجيات "الترغيب" (أو النكز) التي تُذكر المدراء وتحفزهم على القيام بالأشياء الصحيحة، إلا أنه من المهم ألا تتحول إلى تكنولوجيا "إزعاج"، سرعان ما تتعرض للتجاهل أو يُنظر إليها كمصدر للضيق.
تتمثل التكنولوجيات المناسبة لـ "ترغيب" المدراء في تلك التي تُعزز الميول الفطرية لدى كل مدير، وبما يؤدي إلى أفعال لا تبدو مخادعة أو مبرمجة مسبقاً. ويعدل المدراء المتميزون أسلوبهم بما يتناسب مع الاختلافات الفردية للموظفين الذين يديرونهم. على سبيل المثال، تختلف احتياجات الموظف الذي يتمتع بقدرة عالية على التركيز عن الموظف الذي يتمتع بقدرة عالية على التأقلم. وسوف يستجيب الموظف الذي يتمتع بقدرة عالية على التحليل بشكل مختلف، ويتطلب احتياجات مختلفة عن الموظف الذي يتمتع بقدرة عالية على التعاطف. لا يمكن دعم هذه الفروق الدقيقة إلا عن طريق التدريب الجيد، أو التكنولوجيا التي ترتكز على جوانب القوة الطبيعية لدى كل شخص، ثم تقدم الملاحظات أو عناصر الترغيب التي تنفذ سريعاً من خلال تلك الميول الطبيعية.
كيف تعرف ما إذا كان برنامجك الحالي للتطوير الإداري يلبي الاحتياجات الفردية لكل مدير على حدة أم لا؟ سلهم. يجب أن يُبدي المدراء موافقتهم الصريحة على أن كل أداة تثير حماسهم، وتُغير أساليب قيادتهم، وتُحسن أداءهم، ويمكن تطبيقها بسهولة.
الموظفون الاستثنائيون يأتون إليك عن طريق المدراء الاستثنائيين
لا يُمكنك تغيير ثقافة ما دون مدراء متميزين يحصلون هم أيضاً على تجربة وظيفية استثنائية. هذا يعني ضرورة حصولهم على تجارب مثيرة للتحدي في المجالات التي يشعرون فيها بالاندماج في المؤسسة، وأن يطوروا جوانب قوتهم. ويجب أن يحصلوا على التدريب إلى أن يصبحوا هم أنفسهم مدربين أكثر فاعلية.
يحتاج المدراء في المستويات الوظيفية كلها – سواء كانوا قادة فرق أو مدراء لمدراء آخرين أو قادة تنفيذيين – إلى مهام وأهداف محددة وواضحة، يستطيع أن يربطوها بالأعمال التي يؤدونها كل يوم. ويحتاجون إلى توقعات واضحة، يتم تعديلها باستمرار بما يتناسب مع الاستراتيجية المؤسسية القائمة التي تتعرض للتغير بشكل متكرر. ويحتاجون إلى التدريب المستمر والمحاسبة، حتى يستطيعوا رؤية مستوى تقدمهم وقدراتهم.
اقرأ أيضاً: استخدام مكبرات الصوت الذكية للاندماج مع
وفي نهاية الحديث عن موضوع افتقار المدراء للاندماج الوظيفي تحديداً، غالباً ما ينقل المدراء الصورة الكبيرة إلى موظفيهم، ويلهمونهم التعاون عبر الفرق عندما يكونون هم أنفسهم مندمجين في العمل. هل تضم الفرق التي يشاركون فيها مدراء آخرين يفكرون بالطريقة نفسها أم لا؟ هل يرون المدراء الآخرين كحلفاء أم أعداء؟ سوف يحدد مدى تواصل فرق مدرائك كمجموعة ما إذا كانت الفرق التي يديرونها ستدعم الفرق الأخرى أم لا.
اقرأ أيضاً: السيكولوجيا العكسية