تتنافس الشركات فيما بينها على كسب المزيد من العملاء، لكن في ظل العالم الرقمي بات التنافس في قطاع الأعمال يتمحور حول الهيمنة الرقمية، وأسهمت الأزمات، مثل جائحة كوفيد-19، في تسريع التحول الرقمي في الشركات، لكن حتى قبل الجائحة، يعتقد 92% من قادة الشركات الذين شملهم استطلاع أجرته شركة ماكنزي آند كومباني، أن نموذج أعمالهم لن يظل قابلاً للتطبيق بمعدلات الرقمنة ذاتها. يستدعي هذا الواقع الجديد حدوث تحولاً في كيفية إدارة الأعمال وأهمية إضفاء الطابع الإنساني على عملياتها التجارية. في هذه المقالة، سنناقش أهمية إضفاء الطابع الإنساني على العمليات التجارية في عالم الهيمنة الرقمية، وكيف يمكن أن يساعد ذلك في تعزيز علاقات أفضل مع العملاء وتحقيق المزيد من النمو.
ما المقصود بإضفاء الطابع الإنساني على الأعمال ؟
أصبح إضفاء الطابع الإنساني على الأعمال في عالم تهيمن عليه التكنولوجيا الرقمية أمراً مهماً لنجاحها، ويُقصد بذلك، جعل الأعمال أكثر شخصية وارتباطاً بالأشخاص الذين يتفاعلون معها، ومعاملتهم كأشخاص وليس فقط كجزء من قاعدة العملاء أو القوى العاملة في الشركة، وتلبية احتياجاتهم وجعلهم يشعرون بالتقدير إلى أقصى حد.
يمكن أن يساعد إضفاء الطابع الإنساني في تعزيز الأرباح النهائية للشركة. فمن المرجح أن يكون العملاء الذين يشعرون بالارتباط العاطفي بعلامة تجارية مخلصين ويقومون بعمليات شراء متكررة، وبحسب دراسة بعنوان: "استكشاف قيمة المشاركة التي تحركها العاطفة" (Exploring The Value of Emotion-Driven Engagement)، أجرتها شركة ديلويت عام 2019، أفاد 76% من المستهلكين الذي يعتبرون أنفسهم "موالين" للعلامة التجارية، استخدموا العلامة التجارية المعنية لأكثر من أربع سنوات بسبب ثقتهم بها.
كما يُعد الموظفون الذين يشعرون بالتقدير والاحترام أكثر إنتاجية وانخراطاً في عملهم، إذ وجدت دراسة حديثة أن الموظفين الذين كان مدراؤهم بارعين في تقديم الثناء لهم كانوا أكثر تفاعلاً بنسبة 40% من أولئك الذين فشل مدراؤهم في تقديرهم، وكانوا بالإضافة إلى ذلك أكثر ثقة بأنفسهم وشعروا أنهم أكثر اطلاعاً.
كيف يمكن للقادة والمدراء إضفاء الطابع الإنساني؟
في عالم قائم على الاتصال الرقمي تتنافس فيه الشركات لتقديم تجربة عملاء فريدة؛ فإن شركتك ستحتاج إلى إيجاد طرائق لإضفاء الطابع الإنساني على وجودها الرقمي، منها:
- استخدم أسماء العملاء: أضف لمسة شخصية باستخدام الأسماء الأولى لعملائك كلما أمكن ذلك لتعزيز شعرورهم بالتقدير والتشجيع. واستخدم وسائل التواصل الاجتماعي للرد على التعليقات والأسئلة، ومشاركة المحتوى ذي الصلة والمثيرة للاهتمام.
- استخدم الاتصال بدلاً من البريد الإلكتروني: التقط الهاتف عندما يكون ذلك ممكناً، واتصل بعملائك بدلاً من إرسال بريد إلكتروني إليهم، سيساعدك ذلك في بناء علاقة أقوى معهم. وإذا كنت تعتمد على حملات البريد الإلكتروني، ركز على تجربة العميل بدلاً من بيع منتج أو خدمة، وأضف لمسات شخصية مثل الصور أو مقاطع الفيديو، واجعل من السهل على المستلمين إلغاء الاشتراك إذا لم يكونوا مهتمين.
- كن متجاوباً: قم بالرد على استفسارات العملاء على الفور بلباقة وأسلوب لطيف. فهذا يدل على أنك تهتم باحتياجاتهم وأنك على استعداد لبذل جهد إضافي لمساعدتهم.
- أرسل ملاحظات مكتوبة بخط اليد: لا شيء يقول "أنا أُقدر عملك" مثل ملاحظة مكتوبة بخط اليد من المدير، فهذه الإيماءة الصغيرة يمكن أن تقطع شوطاً طويلاً في بناء ولاء الموظفين.
- اهتم بأعضاء فريقك: تعرف إليهم على المستوى الشخصي واهتم بحياتهم خارج العمل. هذا سيجعلهم يشعرون بأنهم أكثر من مجرد موارد لتحقيق أهداف الشركة.
- طوّر موقعك الإلكتروني: تأكد من أن موقع الإلكتروني لشركتك سهل التنقل وسهل الاستخدام. قم بتضمين عبارات واضحة ومعلومات مفيدة حتى يتمكن الزوار من العثور بسهولة على ما يبحثون عنه. وانتبه إلى التصميم العام للموقع والمواد التسويقية، واستخدم الألوان والخطوط والصور التي تعكس شخصية علامتك التجارية من أجل إنشاء مظهر وأسلوب متسقين عبر جميع الأنظمة الأساسية.
أمثلة على شركات نجحت في إضفاء الطابع الإنساني على أعمالها
تتضمن بعض الأمثلة على الشركات التي نجحت في إضفاء الطابع الإنساني على وجودها الرقمي ما يلي:
- أمازون: واحدة من أكبر تجار التجزئة عبر الإنترنت في العالم، والتزمت بإضفاء الطابع الإنساني على وجودها الرقمي من خلال عرض مراجعات العملاء وشهاداتهم على موقعها الإلكتروني، وتوفير دعم خدمة العملاء عبر الهاتف والبريد الإلكتروني والدردشة الحية، على سبيل المثال، شكلت خدمة أمازون برايم (Amazon Prime) معياراً ذهبياً للتسويق المباشر للعملاء وعلى نطاق واسع، كما أن المساعد الرقمي الشخصي، أليكسا (Alexa) لا يُسهل تجربة التسوق وحسب؛ بل يعمل أيضاً كوسيلة أخرى لجمع البيانات وإنشاء حلقة لا متناهية لتبادل التعليقات والآراء المتعلقة بخدمة العملاء.
- آبل: من الشركات التكنولوجية الكبرى التي اهتمت بإضفاء الطابع الإنساني على وجودها الرقمي، إذ عملت على بناء قاعدة عملاء مخلصين من خلال توفير تجربة مستخدم استثنائية سواء عبر الإنترنت أو في المتاجر، بالإضافة إلى توفير محتوى جذاب على الموقع الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، والاعتماد على البساطة في صراع البقاء بين المنتجات والأفكار على السواء.
- ستاربكس: قدمت سلسلة المقاهي الشهيرة مثالاً جيداً في إضفاء الطابع الإنساني على وجودها الرقمي، إذ حرصت على بناء علاقة قوية مع عملائها من خلال تدوين اسم العميل على الطلب، كما تعزز التجربة الشخصية عبر الإنترنت أيضاً عبر تقديم خيارات مريحة للطلب والدفع عبر الهاتف المحمول، واستخدام التطبيق لتوفير توصيات مُخصصة للعملاء بناءً على عمليات الشراء السابقة.
في عالم الهيمنة الرقمية، يجب أن تسعى الشركات جاهدة إلى مواصلة إضفاء الطابع الإنساني في جميع عملياتها، وعليها التفكير في الاستثمار في التكنولوجيا والحلول القائمة على البيانات التي يمكن أن تساعدها على فهم اتجاهات العملاء وتفضيلاتهم على نحوٍ أفضل، حتى يتمكنوا من صياغة تجارب فعّالة مخصصة لكل عميل على حدة.