إليك هذا المقال الذي يتحدث عن إدارة مهام التكليفات الخارجية تحديداً. يعد إرسال الموظفين الموهوبين إلى الخارج وسيلة واعدة للاستفادة من مزايا الاقتصاد العالمي. ولكن ووفقاً لبعض الإحصاءات، نرى أن مهام الإيفاد مكلفة للغاية بحيث تصل كلفة إيفاد الموظف الواحد إلى ثلاثة أضعاف تكلفة مرتبه السنوي المعتاد. وعلى الرغم من الاستثمارات المَبذولة في هذا المجال، لا تزال العديد من المؤسسات تفتقر إلى الخبرة اللازمة التي تمكنها من الاستفادة القصوى من المكاسب المحتملة من الإيفاد، ما يجعلها تشعر بخيبة الأمل أمام النتائج المُحَصّلة. غير أن الحقيقة المؤسفة تكمن في أنه حتى الشركات التي تقدم برامج الانتقالات المتقنة التصميم (والتي تتضمن جميع برامج التدريب الثقافية المهمة)، قد لا تمتلك الآليات المناسبة لإدارة المواهب التي تتيح الاستفادة القصوى من المهارات القيّمة التي يكتسبها الموظفون الموفدون خلال فترة تكليفهم.
إدارة مهام التكليفات الخارجية
لقد تحدثنا مع سبعة تنفيذيين واستشاريين ذوي خبرة عميقة في إدارة عملية الإيفاد، وسألناهم عما تعلموه طوال سنوات عملهم عن كيفية تحقيق أكبر قيمة ممكنة من مهام التكليف الحساسة. وبذلك اكتشفنا خمس نصائح تساعدك على زيادة عوائد الاستثمار من التكليف الخارجي.
يجب أن يكون لديك الحاجة الملحة والشخص المناسب
من الأهمية بمكان وقبل أن ترسل أي شخص إلى الخارج، أن تعمل على إعداد دراسة جدوى لهذا التكليف، تماماً كما تفعل مع أي استثمار أو أي قرار مهم. يجب أن يكون هناك حاجة تنظيمية واضحة وسبب مقنع لعدم إمكانية تلبية هذه الحاجة من خلال التوظيف المحلي. كذلك أكد كل ممن تحدثنا معهم على أهمية اختيار الأشخاص المناسبين، وذلك لأسباب وجيهة. والتي تتضمن الأمور الثلاثة التالية: اختيار الشخص المنفتح الذهن والملتزم بما يكفي ليتمكن من التَكَيّف مع الثقافة المحلية للبلد المستضيف، والتفكير في المهارات المحددة التي يمكن أن يطورها هذا الشخص نتيجة لتكليفه، بالإضافة لتحديد كيفية وإمكانية استفادة المؤسسة من هذه المهارات الجديدة في نهاية المطاف.
تَعتَبر بعض الشركات، على سبيل المثال، الخبرة الدولية شرطاً للحصول على الترقية والعمل في المناصب القيادية. وفي حالات أخرى، قد تكون هناك حاجة معينة في مكتب الشركة الخارجي لا يمكن أن يلبيها إلا شخص لديه مجموعة خاصة من المهارات. إن لم تتمكن من تحديد الطرق المُجدية التي من خلالها يمكن للتكليف أن يساعد الموظف والشركة على التقدم، إذا فمن المرجح أنه عليك أن تعيد التفكير في جدوى هذه المهمة.
تعيين كبار الكفلاء محلياً وفي البلدان المستضيفة
نظراً لانشغال كلا الطرفين، الذين كلّفوا بأدوارهم الجديدة في الخارج، والشركات في سد الثغرات التي خلفها الموظفون الغائبون، سيصبح من السهل أن تفقد الشركات الاتصال بالأشخاص الذين يرسلونهم إلى الخارج. وكما هو الحال مع الموظفين عن بعد أو الموظفين الافتراضيين، يجد الموظفون الموفدون أن مواكبة رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم ليست بالضرورة بنفس الأهمية التي كانت عليها خلال وجودهم الفعلي في مكاتبهم، وهذا قد يلعب دوراً بتذكير هؤلاء الموظفين بمدى اختلاف حياتهم السابقة عما هي عليه الآن. وللحيلولة دون شعور العاملين بالعزلة، عليك تعيين الكفلاء بحيث تكون مهمتهم الإشراف على تجربة المُكلف في كلا الجهتين، في المقر المحلي وفي البلد المستضيف. سيعمل هؤلاء الأفراد كموجهين ومرشدين لضمان ملاءمة مهمة التكليف من منظور الشركة، ومن منظور المُكلف، وبذلك تكون مهمة هؤلاء الكفلاء هي المشاركة في إدارة العملية بأكملها. باختصار، إن الكفلاء هم الأشخاص الذي يمكن أن يلجأ إليهم المُكلف عند مواجهة المشاكل.
وأفضل الكفلاء هم عادةً الأشخاص الذين عاشوا تجربة الإيفاد بأنفسهم فهم يتعاطفون ويفهمون حقيقة هذه التجربة، ليس لأنهم على دراية تامة بكل ما تتطلبه هذه المهمة أو لإحاطتهم بكل مكاسبها فقط، ولكن أيضاً لإدراكهم مدى صعوبة السفر إلى الخارج والعودة. كما يجب أن يتمتع هؤلاء الكفلاء أيضاً بالخبرة الكافية في مجال التنظيم حتى يتمكنوا من توجيه المُكلف فيما يتعلق بكيفية المناورة حول العقبات المحتملة وذلك لتحقيق الاستفادة القصوى من المهمة.
ابق على تواصل دائم طوال فترة مهمة التكليف
لقد كان هناك نصيحة واحدة حازت على إجماع تام، ألا وهي الأهمية الجوهرية للتواصل المفتوح والدائم طوال فترة التكليف. على الرغم من حاجة المُكلف لأسبقية التواصل مع كفيله المحلي، إلا أنه يجب على الكفيل ترتيب الأولويات لصالح الموظفين أصحاب العودة القريبة، كما عليه أن يحدد كيف يمكن للشركة الاستفادة مما يتعلمه هؤلاء الموظفون، وكيف يمكن للموظف أن يتطور ضمن الشركة بناء على خبرته المكتسبة في الخارج، حيث يجب أن يسير هذا التواصل وفق عملية منظمة للغاية. على سبيل المثال، تعتمد إحدى الشركات التي تحدثنا معها لقاءات المراجعة الشهرية. بحيث يمكن للمُكلف أن يُطلع الكفيل المحلي والمستضيف، إضافة لأصحاب المصلحة المعنيين، على كيفية سير المهمة، علاوة على ذلك سيتمكن من إطلاعهم على أي معلومة مهمة كان قد اكتسبها ويرى ضرورة استخدامها الفوري في المؤسسة، كالمعلومات التي تُبيّن كيف يمكن لحملات التسويق أن تكون أكثر فعالية في البلد المستضيف.
إعداد خطة إعادة الاندماج
يجب أن يشتمل التواصل أيضاً على المحادثات التي تهدف لمناقشة عملية إعادة الاندماج بحيث يجب أن تبدأ هذه المحادثات قبل ستة أشهر من انتهاء التكليف. يعتبر هذا التوقيت الأنسب ليعمل الموظف على تقديم ملخص عن أفضل المهارات والمؤهلات والرؤى المكتسبة خلال مهمة التكليف، وللتعبير عن الطريقة التي يراها مناسبة لدمج تلك المكتسبات في المقر المحلي للشركة (أو في المهمة التالية كما في بعض الحالات). في المقابل، يجب على الكفيل توضيح تصوُّره الخاص لكيفية استفادة الموظف من هذه التجربة، وأن يكون صريحاً حول أنواع الفرص التي قد تكون في طور الإعداد. قد لا يتاح في الشركة ذلك المنصب المثالي الذي يعزز من موهبة الموظف ويناسب احتياجات الشركة. ولكن، ووفقاً لرأي خبرائنا، هذه هي الغاية تماماً من التواصل المستمر طوال فترة مهمة التكليف حتى نهايتها. إن توقع هذه الاحتمالات يتيح إمكانية امتلاك توقعات واقعية وخطط مستقبلية لكل من المؤسسة والموظف.
فبمجرد وضع الخطوات التالية، يمكنك إفساح بعض الوقت لعملية إعادة الاندماج لحين عودة الموظف إلى الوطن. الذي سيتطلب على الأرجح فترة انتقالية للتعرف من جديد على ثقافة الشركة ولصقل خبرته بما يتوافق مع عمل الشركة. وقد تمتد هذه الفترة إلى أقل من بضعة أيام ويمكن أن تدوم لأسبوع أو أكثر. فعلى الرغم من إمكانية اختلاف الإطار الزمني لهذه العملية، إلا أنه من الأهمية بمكان تَبَنّي عملية انتقال منظمة بحيث تتضمن مزيجاً من لقاءات المراجعة وفترات التوقف عن العمل، وبذلك نكون قد اتخذنا التدابير اللازمة التي تضمن سلاسة سير عملية إعادة التأقلم.
تطوير طرق تبادل المعرفة المكتسبة من تجربة المُكلف
أخيراً، ولكي تحصل الشركات على أقصى استفادة ممكنة من مهمة المُكلف، يتعين على المؤسسة أن تكون سباقة في مساعدة الموظفين على توثيق ونشر كل ما تعلموه خلال هذه التجربة. وهناك عدة طرق للقيام بذلك. فإحدى المؤسسات التي تحدثنا معها تطلب من المُكلفين أن ينشئوا المدونات للكتابة عن تجاربهم، أثناء مهمة التكليف وبعدها. بحيث تتم مشاركة هذه المنشورات عبر وسائل التواصل الاجتماعي الداخلية للشركة مع السماح لجميع موظفي الشركة بالتعليق على هذه المنشورات. كما يستخدم آخرون البيانات التعريفية في ملفات الموظفين الشخصية لتسليط الضوء على المهارات المكتسبة خلال مهمة التكليف، وهذا لا يعزز مصداقية المُوفدين العائدين فحسب بل يتيح إمكانية الوصول إلى هؤلاء الموفدين لأي شخص في المؤسسة يبحث عن خبراتهم الخاصة. يمكن أن تعمل الشركات أيضاً على استضافة جلسات خاصة أو أن تقيم لقاءات عمل غير رسمية على الغداء لمناقشة إدارة العمل على نطاق عالمي والتواصل بين الثقافات، بحيث تتضمن تلك الفعاليات استضافة المُوفدين العائدين إلى جانب المُحاضِرين الضيوف من خارج الشركة بالإضافة لحلقات النقاش.
وكيفما أُنجزت هذه المهمة، يبقى الهدف الرئيس إيجاد السُبل التي تسمح للجميع بتبادل الخبرات والدروس المستفادة لإتاحة المجال لصقل هذه التجربة، وتعزيز أهمية مهام التكليف على نطاق عالمي داخل المؤسسة، إلا أن الأهمية كل الأهمية تكمن في نقل تلك المعارف المكتسبة الثمينة إلى الشركة، وبالتالي التحكم في إدارة مهام التكليفات الخارجية بنجاح.
اقرأ أيضاً: