3 أنواع من الاحتراق الوظيفي وطرق التعافي منها

5 دقائق
أنواع من الاحتراق الوظيفي
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/غيتي إميدجيز

ملخصبينت الأبحاث أن طرق الإصابة بالاحتراق الوظيفي وأسبابها تختلف من موظف إلى آخر، لذلك من الضروري أن تميّز نوع الاحتراق الوظيفي الذي يحتمل أن تصاب به، وانتبه إلى احتمال أن تصاب بمزيج من نوعين معاً. يصف مؤلف هذا المقال 3 أنواع من الاحتراق الوظيفي، وهي عبء العمل الزائد وتدني مستوى التحدي والعجز، ويوضح للقراء علامات ينبغي التنبه لها ويقدم لهم نصائح للتعافي من كل نوع على حدة.

 

فكر للحظة وتخيل شخصاً مصاباً بالاحتراق الوظيفي، ستتخيل على الأرجح شخصاً شديد الانشغال بجدول عمل مكتظ جداً وغارقاً في تلبية عدة مطالب وأولويات متزاحمة؛ ولكن الاحتراق الوظيفي مختلف جداً عن الانشغال والتعب ببساطة. على مدى أعوام، ساد اعتقاد بأن الجميع يبدون رد الفعل نفسه على الضغط المزمن في مكان العمل، ولكن الأبحاث بينت أن الاحتراق الوظيفي يظهر بطرائق مختلفة بناء على بيئة عمل كل شخص وموارده الداخلية التي تشمل تفانيه في عمله وآليات تكيفه مع الضغط. فلنتمعن أكثر في أنواع الاحتراق الوظيفي الثلاثة وطرائق التعافي من كل نوع على حدة.

الاحتراق الوظيفي الناجم عن عبء العمل الزائد

يحدث الاحتراق الوظيفي الناجم عن عبء العمل الزائد حين تبذل جهداً أكبر من الطبيعي وتستميت في عملك كي تحقق النجاح، ويكون ذلك غالباً على حساب صحتك وحياتك الشخصية. هذا النوع مألوف لدى غالبية الموظفين وهو الأكثر شيوعاً، وهو يؤثر عادة في الموظفين الشديدي التفاني الذين يشعرون أنهم ملزَمون بالعمل بوتيرة محمومة لا يمكن أن تستمر طويلاً، وبالنتيجة يودون بأنفسهم إلى الإعياء النفسي. يعمل المهنيون المصابون بهذا النوع من الاحتراق الوظيفي على التكيف مع الضغط بالتنفيس عن عواطفهم للآخرين (التذمر من التعب والضغط الشديد)، كما يميلون إلى الانتقال السريع إلى عقلية حلّ المشكلات، ما يزيد أشغالهم ومسؤولياتهم وبالتالي يزيد الضغط عليهم.

العلامات التي يجب الانتباه إليها:

  • تغفل عن احتياجاتك الخاصة أو حياتك الشخصية في سعيك لتلبية متطلبات العمل.
  • يتجاوز ما تبذله للوفاء بالتزاماتك تجاه عملك أو طموحاتك المهنية الحد الصحي المقبول.
  • تعرّض رفاهتك للخطر في سبيل تحقيق أهدافك.

العلاج:

يشير الباحثون إلى أن علاج الاحتراق الوظيفي الناجم عن عبء العمل الزائد يتألف من شقين: أولاً، من الضروري أن تطور مهارات أقوى في إدارة العواطف، مثل القدرة على تسمية عواطفك وفهمها وإعادة صياغة حديثك السلبي مع نفسك. مثلاً، يمكن أن تعيد صياغة اعتقادك بأن نجاحك يستدعي العمل طوال الوقت ليصبح إيماناً بأن الاستمتاع بحياتك يساعدك على تحقيق النجاح، وأن الاستراحة أساساً ليست مكافأة على النجاح بل هي شرط للأداء العالي. ثانياً، من الضروري أن تفصل تقديرك لذاتك عن عملك، كتب الباحثان، خيسوس مونتيرو مارين وخافيير غارسيا كامبايو: "بالتالي، عندما يتعلّم الإنسان أن يحافظ على مسافة معينة من العمل فسيتمكن من تفادي بذل جهد مبالغ فيه ووقاية نفسه من الاحتراق الوظيفي". احرص على تنويع جوانب شخصيتك كي تحقق تعقيد الذات من خلال الاستثمار في مجالات مختلفة من حياتك بعيداً عن العمل، إذ يمكن أن تخصص وقتاً لدورك في حياتك الشخصية سواء كنت زوجاً أو والداً أو صديقاً. في أثناء الجائحة، استعاد أحد عملائي جانباً من شخصيته القديمة حين جدد رخصة الطيران، وتبين له أن التطوع في المؤسسة غير الربحية، سيفيل إير باترول (Civil Air Patrol)، هو عمل صحي يرغمه على الابتعاد عن جهاز الكمبيوتر ويسهم في تعزيز إحساسه برفاهته في الوقت نفسه.

الاحتراق الوظيفي الناجم عن تدني مستوى التحدي

قد تفاجئك معرفة أنه من الممكن الإصابة بالاحتراق الوظيفي بسبب ضآلة حجم العمل، ويمكن القول إن الاحتراق الوظيفي الناجم عن تدني مستوى التحدي هو المعاكس للنوع الأول الناجم عن عبء العمل الزائد. يحدث هذا النوع حين تشعر بالملل ولا تجد ما يحفزك في عملك، ما يؤدي إلى انعدام دافعيتك، قد يرى المصاب به أنه لا يحظى بالتقدير الكافي ويشعر بالإحباط لأن وظيفته تفتقر إلى فرص التعلم أو لا تتيح له مجالاً للنمو أو لا توفر له علاقات بنّاءة مع زملائه وقادته. إذا شعر الموظف بأن مهامه رتيبة وغير مرضية فسيفقد شغفه ويصبح متهكماً وخاملاً، ويتمثل تعامله مع الضغط الناتج عن تدني مستوى التحدي في تفاديه، فيبدو مشتت الانتباه أو منفصلاً ذهنياً أو يحاول كبت شعوره (كأن يجبر نفسه على عدم التفكير في الأمر).

العلامات التي يجب الانتباه إليها:

  • رغبتك في العمل على مهام تمثل تحدياً أكبر.
  • شعورك بأن وظيفتك لا تتيح لك الفرص لتطوير قدراتك.
  • شعورك بأن دورك الحالي يعوق قدرتك على التقدم وتطوير موهبتك.

العلاج:

قد يصعب عليك الاهتمام بأي شيء إذا كانت معنوياتك محبطة، ويمكنك معالجة ذلك ببساطة عن طريق استكشاف ما يثير فضولك. حدد هدفاً متمثلاً في تعلم مهارة جديدة في الشهر التالي كي تجدد حماسك، وابدأ بأهداف صغيرة لا ترهقك. من الممكن أن تبدأ بتعلم كتابة الرموز البرمجية لساعة أو اثنتين أسبوعياً، أو بتخصيص 20 دقيقة يومياً لتعلّم لغة جديدة. سيشكّل إحراز تقدم تدريجي في أمر تستمتع به وتستفيد منه قوة دافعة تخرجك من كآبتك، وستلاحظ على الأرجح أن طاقتك الإيجابية تزداد لتجدد شغفك في عملك حتى وإن لم تكن المهارة التي تتعلمها مرتبطة به مباشرة، أو أنها تحفزك على الانتقال إلى مسار مهني جديد، ومن الممكن أيضاً أن تلجأ إلى إعادة تصميم وظيفتك لتصبح كما تحب. ومجدداً، يكمن سر النجاح في اتخاذ خطوات صغيرة، فالتركيز على إحداث تغييرات تدريجية يؤدي إلى نتائج كبيرة. خذ مثلاً قائدة فريق إدارة المنتج، إيمان، وهي واحدة من عملائي. مع انتشار الجائحة عانت شعوراً متزايداً بتدني مستوى التحدي في عملها الذي يكاد يقتصر على إدارة أداء الفريق، فكلفتها بمهمة أخرى؛ وهي العمل لمدة أسبوعين على تحري المهام التي تساعدها على الانغماس في العمل بحماس وتدخلها في أعلى مستويات التدفق النفسي (psychological flow)، فلاحظَت نمطاً واضحاً تمثل في شعورها بالبهجة عند التحدث إلى العملاء وحل المشكلات الصعبة التي تعترض سير العمل. شعر مدير إيمان بسعادة غامرة حين اقترحَت مشروع بحث جديد يدمج هذه المهارات من أجل ابتكار منتج الشركة الأساسي.

الاحتراق الوظيفي الناجم عن العجز

النوع الأخير من الاحتراق الوظيفي هو الذي ينجم عن الإجهاد المعنوي الناجم عن شعور المرء بالعجز في مواجهة التحديات. يحدث هذا النوع من الاحتراق الوظيفي حين لا تحصل على ما يكفي من الدعم الهيكلي والإرشاد والتوجيه في العمل فتجد صعوبة في مواكبة متطلبات العمل أو تشعر بالعجز عن تلبية التوقعات، ومع مرور الوقت يتولّد لديك شعور بأنك معدوم الكفاءة، وبالتالي تصاب بالإحباط والقلق. تتمثل استجابة الموظف المُجهَد لهذا الضغط في شعوره بالعجز المكتسب الذي يولّده عجزه عن التوصل إلى حلول للمواقف الصعبة حتى لو كانت متوفرة بالفعل. بعبارة أخرى، يشعر الإنسان الذي يعاني العجز المكتسب أنه غير قادر على إحداث أي تغيير إيجابي في ظروفه، أي أنه حين يعجز عن تحقيق النتائج المطلوبة يتحول إلى شخص سلبي ويتوقف عن المحاولة.

العلامات التي يجب الانتباه إليها:

  • تتوقف عن المحاولة حين لا يسير العمل كما هو مخطط له.
  • تفقد الأمل نتيجة للعقبات أو العثرات التي تواجهها في العمل.
  • تنهض في الصباح بمعنويات محبطة ورغبة معدومة في مواجهة يوم آخر في العمل.

العلاج:

ابحث عن طرق لاستعادة الشعور بالقوة والسيطرة على وظيفتك، وأنشئ لنفسك قائمة بما يجب ألا تفعله. ما الذي يمكنك شطبه من جدول أعمالك عن طريق التعاقد مع مزود خدمة خارجي أو تفويض العمل إلى أحد موظفيك أو تأجيله؟ ابحث عن الالتزامات التي يجب أن ترفضها بمجملها وتعلّم أن تضع حدوداً صارمة أكثر. من المفيد أن تبدأ بتحديد المواقف التي تشعر فيها بالاستياء الشديد، فاستياؤك هو الشعور الذي يدل على ضرورة وضع حدود صحية والتزامها. ويمكنك أيضاً التحدث إلى مديرك بشأن عبء العمل؛ وضح له المهام التي تمضي عليها وقتك واسأله: "هل تتوافق أولوياتي مع أولوياتك؟ ما الذي ترى أن عليّ تغييره؟" أو اسأله: "إن أمكنك حذف المشروع الفلاني من مهامي، فسأتمكن من التركيز على أولويات فريقنا الاستراتيجية وتحقيق الأهداف الرئيسة التي نستند إليها في قياس الأداء"، سيسعد مديرك بذلك على الأرجح لأنك تفكر في الصورة الأكبر وتبادر في اقتراح الحلول. والأهم هو أن تركز على ما يمكنك السيطرة عليه، واحرص خارج أوقات العمل على التزام العناية بنفسك، وأنشئ عادات روتينية وطقوساً تساعدك على الشعور بالاستقرار مثل المشي اليومي أو كتابة اليوميات؛ إذا شعرت بالعجز عن مواجهة الاضطرابات في العمل، فمن الضروري أن تكون بعض الجوانب الأخرى من حياتك مستقرة وقابلة للتوقع.

بما أن طرق الإصابة بالاحتراق الوظيفي وأسبابه تختلف من شخص إلى آخر، فمن الضروري أن تميّز النوع الذي يحتمل أن تصاب به، وانتبه إلى احتمال أن تصاب بمزيج من نوعين معاً. فتحديد ما تعانيه بدقة يساعدك على التوصل إلى حلول مدروسة لمعالجة التحديات التي تواجهها.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي