إن كنت تنوي تقديم استقالتك، فعليك التفكير أولاً في هذه العوامل الخمسة

5 دقائق
أسباب عدم الاستقالة من العمل

ملخص: يمكن القول بأننا نشهد اليوم موجة "الاستقالة الكبرى"، لكن قبل أن تكتب مسودة رسالة استقالتك من المهم التحقق من أسباب عدم الاستقالة من العمل وأن مغادرة وظيفتك هي أفضل طريقة لتحقيق أهدافك المهنية على المدى الطويل. يجب أن تفكر في 5 عوامل: 1) هل لديك من يقدم لك الرعاية في الشركة؟ إذا كان لديك راعٍ بالفعل، فقد يكون من المجدي أن تضاعف جهدك وتعمل بجد وتثبت له التزامك بنجاح المؤسسة. 2) قد تتوفر في شركتك فرص غير متوقعة. قد تؤدي مغادرة زملائك إلى إتاحة فرصة لك لتولي مسؤوليات جديدة وبناء علاقات جديدة والظهور بصورة جديدة أمام الإدارة. 3) أنت تضر بأهدافك. إذا كنت تحقق قيمة كبيرة لفريقك ومؤسستك وتولد حلولاً ابتكارية لمشكلات تبدو عصيّة على الحلّ وتكتسب سمعة متميزة بفضل جهودك، فلم تغادر الآن؟ 4) لست مستعداً. يمكن أن يكون التغيير مرهقاً، ويجب أن تحرص على أن يكون الوقت مناسباً لك ولعائلتك التي تعتمد عليك لإجراء تغيير كبير. 5) الوقت مناسب جداً للتفاوض. يتمتع الموظفون بموقف قوة غير مسبوق في هذه الفترة يتيح لهم خوض نقاش معقول حول قضايا الأجور وشروط العمل وفرص النمو ومرونة مكان العمل والتطوير المهني.

هل مرّ الموظفون بوقت أفضل من اليوم للاستقالة من وظائفهم؟

نشهد اليوم ما يمكن تسميته "هزة العمل العظيمة" أو "الاستقالة الكبرى" أو "إعادة الانطلاق الاقتصادي الكبير"، إذ يفكر نحو 41% من الموظفين في تغيير وظائفهم ولديهم الكثير من الأسباب؛ فسوق العمل القوي يرفع الأجور والمزايا، والشركات تقدم امتيازات إضافية لجذب أصحاب المواهب الجديدة، وقد يكون بعض الموظفين قد سئموا من الثقافة السامة أو غير المقدرة للموظفين في شركاتهم أو ترتيبات العمل غير المرنة أو عدم المساواة في الأجور، وقد يعاني البعض من الاحتراق الوظيفي أو حالة انعدام الرضا عن الحياة والعمل عموماً، وقد يغادر البعض وظائفهم ببساطة لأنهم قادرون على تحمل تكاليف ذلك، إذ ارتفع الادخار الشخصي في الولايات المتحدة إلى مستوى قياسي يصل إلى 33% هذا العام، أضف إلى ذلك الفرص المتاحة "للعمل من أي مكان". بإمكانك الآن فهم سبب استقالة الموظفين بأعداد قياسية في عام 2021.

لكن قبل أن تكتب مسودة رسالة استقالتك تحقق من أن مغادرة وظيفتك هي أفضل طريقة لتحقيق أهدافك المهنية على المدى الطويل. بعد عملي لأكثر من 20 عاماً مسؤولة تنفيذية في إحدى شركات مجموعة "فورتشن غلوبال 50" ومدربة لمسؤولي المناصب الإدارية العليا، أعلم أن التغييرات التي نشهدها والمتمثلة في الاستقالات الجماعية وإعادة ترتيب المخطط التنظيمي تعني إتاحة فرص بمستويات غير مسبوقة أمام الموظفين على اختلاف مستوياتهم.

أسباب عدم الاستقالة من العمل

إذن، كيف يمكنك التحقق من أن بقاءك في الشركة التي تعمل فيها حالياً هو القرار الأفضل لك؟ إليك 5 عوامل أساسية يجب أن تأخذها في حسبانك:

1. لديك من يقدم لك الرعاية في الشركة

كُتبت مؤلفات كثيرة عن قيمة التوجيه، لكن الخبراء يعرفون أن القيمة الحقيقية تكمن في الرعاية. الراعي هو شخص يعرفك ويعرف عملك وسيشهد لصالحك، وهو شخص يتمتع بالسلطة والنفوذ وله تأثير كبير في المؤسسة وسيناصرك عندما يحين وقت الترقيات وتحديد التعويضات.

إذا كنت محظوظاً بما يكفي لوجود من يقدم لك الرعاية في هذه الفترة، فقد يكون من المجدي أن تضاعف جهدك وتعمل بجد وتثبت له التزامك بنجاح المؤسسة، لأنه سيقترح اسمك على الأرجح في فترات التغيير عندما تتحرك عجلة الدوران الوظيفي وتتاح الفرص.

هذا ما حدث معي في مرحلة سابقة من حياتي المهنية عندما كنت مديرة إدارية في قسم الموارد البشرية. أخبرني الرئيس التنفيذي لشؤون الموارد البشرية حينها أنه سيغادر الشركة من دون أن يقدم أي توضيح سوى أن "قسم الموارد البشرية لن يكون المكان المناسب له في العام المقبل" (تبين أن الشركة ستقلص حجمها وستسرح أعداداً كبيرة من الموظفين في ذاك العام، لكنه بالطبع لم يستطع إخباري بذلك). ذهلت عندما اقترح أن أغادر قسم الموارد البشرية وأنتقل إلى قسم الشؤون القانونية، لكني بذلك بدأت عملاً دام 10 أعوام في قسم الآداب المهنية والامتثال. كانت تلك واحدة من أفضل الخطوات المهنية التي اقترحت عليّ، وهي فرصة موجهة مهدت الطريق لتقدمي نحو المناصب التنفيذية العليا.

2. قد تتوفر في شركتك فرص غير متوقعة

عندما يغادر الموظفون الأساسيون الشركة فهم يحفزون تغييراً تنظيمياً، وقد تؤدي مغادرة زملائك إلى إتاحة فرصة لك لتولي مسؤوليات جديدة وبناء علاقات جديدة والظهور بصورة جديدة أمام الإدارة.

وإذا بنيت علاقات مع الأشخاص المناسبين، فستتمكن من الاستفادة من هذه اللحظة لتطوير مجموعة مهاراتك وإضافة القيمة للمؤسسة في آن معاً. يمكن أن ينتهي بك المطاف في دور جديد، أو تحقيق نقلة أفقية مهمة أو الحصول على ترقية، أو أن تحصل على فرصة لقيادة مبادرة استراتيجية أو المشاركة فيها فتزيد ظهورك أمام الإدارة.

دفعت الجائحة شركات كثيرة لإعادة النظر في أهدافها الاستراتيجية ومبادراتها، وقد يكون من الأفضل أن تحتفظ بأوراقك إلى أن ترى أوراق الآخرين وتتخذ قرارك حول المستقبل بناء على المعلومات التي تحصل عليها.

3. أنت تضرّ بأهدافك

إذا كنت تحقق قيمة كبيرة لفريقك ومؤسستك وتولد حلولاً ابتكارية لمشكلات تبدو عصيّة على الحلّ وتكتسب سمعة متميزة بفضل جهودك، فلم تغادر الآن؟

مثلاً، واحدة من عملائي هي مسؤولة تنفيذية في قطاع التصنيع، وكانت تواجه مشكلات كبيرة جداً في سلسلة التوريد، وكان من المستحيل تلبية طلبات العملاء بسبب نقص المنتجات. كان الضغط لتحقيق الأهداف شديداً وتضررت علاقات شركتها مع العملاء ولم يملك أحد أي حلّ، باستثنائها. كانت مهاراتها في التعامل الدبلوماسي وثقة العملاء التي بنتها مع مرور الوقت سبباً في استبقاء عملائها بنسبة 100% وبقاء جميع مرؤوسيها المباشرين في وظائفهم مع نسبة دوران وظيفي تساوي الصفر، وأصبحت قدوة ملهمة لبقية المسؤولين في الشركة حين شاركت استراتيجياتها في بناء العلاقات واستعرضتها.

على مدى الشهرين الماضيين، رفضت عدة عروض مغرية لمغادرة شركتها، لأنها ترغب في بناء سجل إنجازات سيساعدها على تحقيق قفزة أكبر عندما يكون الوقت مناسباً لنقلتها التالية، وسيكون بإمكان الشركة التي ستعمل لديها تالياً بعد ذلك رؤية قدرتها على تحقيق النتائج النهائية ونموها المهني المستمر على مدى فترة من الزمن. ما هي أفضل مكافأة لها على تفكيرها بعيد المدى؟ حصلت على ترقية في شركتها على الرغم من أنها كانت تعتقد أن ذلك لن يحدث.

4. لست مستعداً

الانتقال إلى شركة جديدة أمر مثير للحماس قادر على زعزعة عالمك بأكمله وهو تحديداً ما يحتاج إليه الكثيرون لأجل تطورهم المهني، لكن يجب عليك الاستعداد له. يتطلب نجاحك في الدور الجديد بعض العناصر الحاسمة، منها تبني عقلية النمو والانفتاح تجاه التعلم والاستماع والموقف الإيجابي. وإذا كنت ستبدأ عملاً عن بعد أو في بيئة هجينة، فعلى الأرجح أنك ستضطر إلى التعامل على نحو استباقي مع مسألة تأقلمك مع فريقك الجديد. يمكن أن يكون التغيير مرهقاً، ويجب أن تحرص على أن يكون الوقت مناسباً لك ولعائلتك التي تعتمد عليك لإجراء تغيير كبير.

5. الوقت مناسب جداً للتفاوض

أتشعر بعدم الرضا عن وضعك الحالي؟ يتمتع الموظفون بموقف قوة غير مسبوق في هذه الفترة يتيح لهم خوض نقاش معقول حول مسائل الأجور وشروط العمل وفرص النمو ومرونة مكان العمل ومزايا التطوير المهني كتعليم المهارات التنفيذية ودعم الموجهين. اغتنم هذه اللحظة للتحدث إلى مديرك وخوض حوار مهني صريح حول الاحتمالات المتاحة وما سيساعدك على القيام بعملك على نحو أفضل، احرص على أن يبقى هذا الحوار ودوداً ومتبادلاً، وتسلح بالبيانات المتعلقة بأدائك كي تجعل مساعدته لك سهلة عليه. تركز الشركات الذكية على استبقاء موظفيها وتعي تماماً الخطورة والتكلفة اللتين تنطوي عليهما خسارة الموظفين المهمين مثلك.

إذا كنت تعمل على تقييم وضع عملك ولست واثقاً تماماً مما إذا كان عليك البقاء أو المغادرة، ففكر في الأسئلة الآتية:

  • ما درجة شعوري بالرضا في وظيفتي؟ فكر في كل شيء، الأجور المنصفة والعمل الهادف وشروط العمل المقبولة والمزايا واستقرار العمل وثقافة مكان العمل الصحية وفرص النمو المستمر.
  • ما الذي يمكن أن يتغير (إيجاباً وسلباً على حد سواء) في شركتي في الفترة ما بين 6 أشهر إلى 12 شهراً المقبلة؟ كيف يمكن أن تفيدني هذه التغييرات في رحلتي المهنية؟ تذكر احتمال أن تكون الظروف في الوضع السيئ مواتية لإتاحة فرص للنمو.
  • ما الإجراءات التي يمكنني اتخاذها لأزيد احتمالات انتقالي إلى دور مرضٍ أكثر ضمن شركتي؟ لا تتردد في طرح هذه الأسئلة على مديرك وغيره من المستشارين المُؤتَمَنين.

وفي نهاية الحديث عن أسباب عدم الاستقالة من العمل تحديداً، إذا كنت ترى أنك تملك ما يلزم لتحقيق أقصى استفادة من بقائك، فتحدث إلى مديرك ومن يقدم لك الرعاية ومسؤول الموارد البشرية وغيرهم ممن يدعمونك، واستعن بإثبات قوي للقيمة التي تحققها للشركة وعبّر عن التزامك بالمرونة وبتحقيق أهداف الشركة النهائية، وابق على اتصال مع الآخرين وأنشئ شبكات معارف غير رسمية ولا تتوقف عن بناء العلاقات ضمن قطاعك، واحرص على معرفة أهداف مؤسستك ومديرك وتطوع على نحو استراتيجي للمساهمة حيث يمكنك إحداث أثر إيجابي. إن البقاء في وظيفتك ومضاعفة جهدك هو غالباً الاستراتيجية الأكثر فعالية كي تصل إلى الدور وحياة العمل اللذين تحلم بهما.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

المحتوى محمي