يُعتبر كبار القادة في وادي السيليكون من بين أفضل المدراء التنفيذيين الذين يمكن أن تقابلهم سواء من حيث التعليم أو التطور أو الدهاء. ومع ذلك، رأيت عدداً كبيراً من كبار قادة التكنولوجيا الفائقة يرتكبون أخطاء جسيمة عند تعيينهم في المناصب الجديدة على مدى السنوات الأربع عشرة الماضية، إذ تلقي هذه الأخطاء بظلالها على عملية مغادرتهم أرباب عملهم السابقين. وتتراوح العواقب من الشعور بالكراهية إلى حدوث كوارث فظيعة: كجرح المشاعر، والاستياء الدائم من الزملاء السابقين، وتوجيه اللوم بسبب الإضرار بالشركة، والأسوأ من ذلك كله، ارتباط صفة الطيش وعدم الاكتراث بسمعة الشخص، ما يمكن أن يدمر مسيرته المهنية بالكامل. ومن المؤلم مشاهدة حدوث أمر كهذا. الأمر الذي يطرح السؤال التالي: إذا لم يتمكن أشخاص واعون كهؤلاء من القيام بالأمر على الوجه الصحيح، فمن يستطيع؟
بخلاف تقديم إخطار بالاستقالة بطريقة دبلوماسية، لم تتوفر حتى الآن سوى نصائح تفصيلية ضئيلة حول الكيفية المناسبة لترك المرء لشركته الحالية بالطريقة الصحيحة. أما البحوث التي تدور حول المغادرة الصحيحة بشكل شامل للشركة فهي أقل عدداً. ولسد هذه الفجوة، أجرت شركتي دراسة استقصائية على مستوى وطني شملت أكثر من 700 مدير من كبار المسؤولين التنفيذيين وموظفي الموارد البشرية. ولم يُفد إلا 16 في المئة فقط من كبار المسؤولين التنفيذيين أنهم راضون عن الطريقة التي غادروا فيها شركتهم السابقة بشكل طوعي. إليك في ما يلي الأخطاء الثلاثة الأخطر على سلم الندم لديهم وما يمكنك القيام به لتجنب هذه الأخطاء:
عدم الاستعداد للطرد الفوري من الشركة
يستحيل عليك معرفة مدى الاستياء الذي تثيره مغادرتك، أو مدى قسوة الاستجابة المحتملة. ففي أسوأ السيناريوهات، يمكن أن يتم طردك من الشركة فوراً وجعل موظفي أمن الشركة يرافقونك إلى خارج المبنى على الفور. وعليك أن تتوقع إذا كنت تترك الشركة لتنضم إلى شركة منافسة بشكل خاص أن تتحول استقالتك إلى طرد. إذ أفاد أغلب أفراد العينة التي تمثل كبار المسؤولين التنفيذيين وكبار موظفي الموارد البشرية الذين قابلناهم لاستكمال المسح لدينا، أنه يجب إنهاء عقد أي شخص على الفور إذا كان يريد مغادرة الشركة لينضم إلى شركة منافسة.
ومع ذلك، إذا كانت لديك هذه النية، صرح عن ذلك. فلن تؤدي عدم صراحتك في هذا الشأن إلا إلى مضاعفة حجم الاستياء عندما يتم اكتشاف الأمر بالتأكيد ووصم سمعتك بصفة المراوغة. إلى جانب ذلك، أخبر الشركة الحالية بأنك ملتزم بشكل واضح وضوح الشمس بواجباتك تجاهها، وبأنك تحدثت بالفعل عن التزامك بهذه الواجبات مع شركتك الجديدة.
واتخذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب الشك في أنك قد تأخذ معك بيانات قيمة، أو معلومات تقنية، أو معلومات تتعلق بالعملاء. وهذا يعني مقاومتك للميل الطبيعي لتنقل أو تحذف من حاسوبك الملفات التي تعتبرها شخصية أو غير ذات جدوى للأعمال التجارية. أما إذا رغبت بنقل بعض هذه الملفات، افعل ذلك أمام شخص من الموارد البشرية. وإياك أن تمحو ملفات الشركة، لأنه سيبدو أمراً مثيراً للريبة عندما يُكتشف بواسطة الفحص الشرعي (إذا وصل الأمر إلى هذا الحد).
إهمال التدريب
أما الأمر الثاني على سلم أكثر الأشياء التي أحصيناها إثارة للأسف، فقد كان الإخفاق في التدريب المسبق على شرح أسباب المغادرة مع مستشار محل ثقة. فلا يقتصر الأمر على الشعور بأنك معقود اللسان. إذ تؤدي عدم القدرة على التفسير الواضح والمعقول لأسباب مغادرتك الشركة إلى جرح المشاعر وسوء الفهم من قبل رئيسك أو زميلك، ما يفتح الباب أمام محاولات طويلة ومؤلمة لإقناعك بالبقاء بينما تكون اتخذت قرارك فعلاً.
قبل أن ترفع قرارك إلى رئيسك، اجلس مع مستشار محل ثقة للحصول على التدريب اللازم وعلى وجهة نظر أخرى للموضوع. ستمنحك هذه المحادثة الأولية الحساسة فرصة للتحدث بالتفصيل عن أسبابك الشخصية والمهنية للمغادرة وعن الكيفية التي تخطط من خلالها التخفيف من آثار هذا الأمر على الزملاء والشركة بالعموم. كما أنها ستمنحك أيضاً ردة فعل أولية على قرارك. ربما يلفت مستشارك نظرك إلى النقاط التي لم تأخذها بعين الاعتبار كقضية التوقيت أو ردة فعل أحد الزملاء الهامين. كما يمكن لمستشارك أن يقترح عليك أفضل طريقة لمقاربة هذه الأخبار مع رئيسك.
عدم وجود خطة لمعالجة التداعيات
تنتقل موجة آثار استقالتك من رئيسك إلى زملائك ثم إلى الشركة ككل. ربما يشكل التنبؤ بكل هذه الآثار تحدياً كبيراً، لذلك، ليس من المستغرب أن يشكل قصر النظر في هذا الصدد الأسف الثالث الأكثر تكراراً في استطلاعنا.
عند إمعان النظر في بياناتنا، وجدنا أنه عندما يتعلق الأمر بتحليل الآثار المحتملة للاستقالات، يندرج المدراء التنفيذيون عادة في واحدة من ثلاث فئات: أولئك الذين يركزون على التوقيت الأمثل لمغادرتهم (38 في المئة)، وأولئك الذين يركزون على العلاقات (31 في المئة)، وأولئك الذين يتخذون نهجاً غير منتظم وعشوائي، معتمدين على الارتجال عندما يغادرون (30 في المئة).
يعتقد أولئك الذين يركزون على التوقيت أنه يتوجب عليك فهم السياق الشامل الذي سيتم فيه الإعلان عن المغادرة: الإشارة التي ترسلها إلى السوق وتأثيرها على المشاريع أو العمليات (مثل وضع الميزانيات وصياغة الاستراتيجية وأنشطة الامتثال) التي يمكن أن تعطلها مغادرتك للشركة.
بينما يميل أولئك الذين يركزون على العلاقات إلى إمعان التفكير بالعديد من الأشخاص الذين سيتأثرون بهذه المغادرة. وغالباً ما تكون القائمة طويلة بشكل مدهش (الرؤساء، الأقران، التقارير المباشرة، المستفيدين ذوي الإمكانيات العالية، الزبائن، العملاء، المحللين، المراقبين الصناعيين، وغيرهم). كلتا المجموعتين على حق، إذ يجب أن تفكر ملياً في التوقيت وفي العلاقات.
أما أولئك الذين يتبعون النهج المتهور فهم يبحثون عن المتاعب. نجد أنهم لم يأخذوا بعين الاعتبار سوى عدداً قليلاً جداً من الآثار السلبية لمغادرة الشركة بطريقة متهورة. ففي حين أنّ 95 في المئة من المدراء التنفيذيين الذين ركزوا على التوقيت، و98 في المئة من الذين ركزوا على العلاقات حددوا الإضرار بالسمعة كأثر سلبي لمغادرة الشركة، لم يفعل ذلك سوى 65 في المئة فقط من أولئك الذين ركزوا على الارتجال. كما لم يُشر إلا القليل فقط من أولئك الذين ركزوا على الارتجال إلى أنهم غادروا وظيفتهم الأخيرة بكياسة (وكانوا أكثر احتمالاً ليشعروا بعدم الرضا عن وظيفتهم الحالية ويبحثوا بنشاط عن وظيفة جديدة). كما أنهم شكلوا العدد الأكبر من المدراء الذين أعربوا عن أسفهم إزاء عدم استعدادهم للسيناريو الأسوأ، ما يشير إلى الدور المحتمل لإهمالهم في الإسهام بهذه النتائج المؤسفة في الماضي.
لم يتم ارتكاب هذه الأخطاء التي ذكرناها من قبل موظفين مستجدين. بل في الواقع، من بين الذين تم استطلاع آرائهم في المسح الذي أجريناه كان كبار المدراء التنفيذيين الأكثر احتمالاً بأن يصرحوا أنهم لم يقضوا إلا القليل جداً من الوقت في التفكير ملياً في مسألة مغادرتهم شركاتهم. إذ عندما يرون أمامهم دوراً يمثل تحدياً وظيفياً في المستقبل، ترى أنه من بالغ السهولة حتى على المدراء التنفيذيين الأكثر حنكة أن يرموا بدورهم الحالي خلف ظهورهم ويُهملوا الفروق الدقيقة التي تصنعها مغادرة الشركة بطريقة ناجحة. أخيراً، إيّاك أن تفعل ذلك وإلا فقد تندم جداً في ما بعد.
اقرأ أيضاً: في حال ترك الموظف العمل