المخاطر التي ليس بوسعكم استشرافها

15 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ما الذي يمكن فعله في غياب القواعد الواضحة

تحضّر الشركات المدارة كما ينبغي نفسها لمواجهة المخاطر التي تهددها. ويمكن لهذه المخاطر أن تكون هائلة. ورغم أنها لا تُعالج على الدوام بطريقة ناجعة – مثل حالة تسرب النفط من الحفار “ديب هورايزون”، والمحتالين من المتداولين في الأوراق المالية، والانفجارات الحاصلة في المعامل الكيماوية – إلا أن وظيفة إدارة المخاطر في أي شركة تساعدها على وضع بروتوكولات وعمليات تهدف إلى توقّع المخاطر، وتقييمها مسبقاً، والتخفيف من وقعها.

ورغم ذلك، فحتى لو كان هناك نظام إدارة مخاطر يتمتع بسوية عالمية إلا أنه لا يستطيع تحضير شركة ما لمواجهة كل الاحتمالات. فبعض المخاطر بعيد للغاية إلى حد أن أي مدير أو مجموعة من المدراء قد لا يكون بمقدورهم تخيلها أبداً. وحتى عندما تكون الشركات قادرة على رؤية مخاطر ستقع في المستقبل البعيد، فإنها قد تبدو غير محتملة الوقوع إلى حد أنها تكون غير مستعدة للاستثمار في القدرات والموارد المطلوبة للتأقلم معها. ومن غير الممكن إدارة هذه التهديدات البعيدة، التي نطلق عليها اسم المخاطر المستجدة، باستعمال القواعد القياسية المعروفة.

سوف نستكشف في الصفحات التالية الخصائص المميزة لهذه المخاطر، ونشرح كيف يمكن اكتشاف ما إذا كانت قد تحققت، ومن ثم نصف كيف يمكن حشد الموارد والقدرات للتقليل من أثرها.

 ما الذي يجعل المخاطر مستجدة

خلافاً للمخاطر الروتينية الأكثر ألفة التي تواجه شركة معينة، فإن المخاطر المستجدة هي من النوع الذي يصعب تحديد احتمال حصوله أو أثره كمياً. وهي تنشأ في واحد من ثلاثة أوضاع:

يقع الحدث المسبب خارج نطاق مخيلة الشخص الذي يهدده الخطر، أو تجربته أو يحصل في مكان بعيد جداً. يطلق على هذه الأنواع من الأحداث أحياناً اسم “البجعات السوداء”، لكنها ليست من النوع الذي يُعتبر عدم إمكانية التنبؤ بحصوله أمراً متأصلاً بطبيعته. ولطالما وُصفت الأزمة المالية لعام 2008، مثلاً، على أنها بجعة سوداء لأن معظم البنوك التي تستثمر في الرهون العقارية المدعومة بالأوراق المالية، وتتداول فيها كانت لا تدرك المخاطر المتأصلة في محافظها الاستثمارية. وهي لم تكن ترتأي تراجعاً عاماً في أسعار العقارات. بيد أن قلة من المستثمرين والبنوك الضليعة بأسواق العقارات والأسواق المالية كانت تتوقع حصول انهيار في سوق الرهون العقارية وحققت أرباحاً هائلة من خلال بيع الرهون العقارية المدعومة بالأوراق المالية.

غالباً ما تنشأ المخاطر غير المنظورة عن أحداث بعيدة تحصل لدى أحد موردي الشركة. لنأخذ على سبيل المثال الحريق الصغير الذي اندلع في معمل لأنصاف النواقل تابع لشركة فيليبس في مدينة آلبوكيرك بولاية نيومكسيكو في مارس/آذار عام 2000. فقد تمكن فوج الإطفاء المحلي من إخماد الحريق الذي كان قد اندلع جرّاء صاعقة أصابت المعمل في غضون دقائق. وأدى مدير المعمل واجبه بإبلاغ زبائن المعمل بالحريق، مخبراً إياهم إن الحريق لم يتسبب إلا بأضرار بسيطة، وإن الإنتاج سيُستأنف خلال أسبوع. وتفقد مدير المشتريات في شركة إريكسون، وهي أحد الزبائن الأساسيين، المخزونات الموجودة لديه من أنصاف النواقل ليتبين له أنها تكفي لتلبية احتياجاته الإنتاجية على مدار الأسبوعين التاليين، وعليه لم يرفع القضية إلى رؤسائه.

لكن المؤسف في الأمر هو أن الدخان والهباب الناتجين عن الحريق ورش كميات كبيرة من المياه في المنشأة قد تسببت بتلوث في الغرف النظيفة التي كانت تُصنع فيها الرقاقات الإلكترونية شديدة الحساسية، ولم يُستأنف الإنتاج لعدة أشهر. وعندما كان مدير المشتريات في أريكسون قد عرف بالتأخير، كان جميع الموردين البدلاء لعدد من الرقاقات التي يصنعها المعمل قد التزموا بتوريد إنتاجهم إلى شركات أخرى. وكلّف النقص في هذا المكون أريكسون مبلغ 400 مليون دولار على شكل إيرادات خسرتها نتيجة تأخرها في إطلاق هاتفها من الجيل التالي، وأسهم في خروجها من هذه السوق في العام التالي.

أوضح إشارة على ظهور خطر مستجد هي وجود حالات شاذة – أي أشياء غير منطقية فحسب. يبدو ذلك واضحاً، لكن معظم الحالات الشاذة هي من النوع الذي يصعب على الناس التعرف عليه.

تتضافر عدة حالات إخفاق روتينية لتتسبب بفشل ذريع وكبير. يمكن للتكنولوجيات، والأنظمة، والمؤسسات الكبيرة والمتصلة أن تقود إلى وضع تتصادف فيه مجموعة من الأحداث، التي يمكن إدارة كل واحد منها بمعزل عن الآخر، لتتسبب بكارثة كبرى. لنأخذ على سبيل المثال تطوير شركة بوينغ لطائرتها من طراز “787 دريملاينر”. استعملت بوينغ في صنع هذه الطائرة بالتحديد مواد هيكلية جديدة – هي عبارة عن خلطات عوضاً عن الألمنيوم – بهدف جعل الهيكل الخارجي أخف وزناً؛ واشترطت على مورديها ذوي السوية الرفيعة تحمل مسؤولية غير مسبوقة عن التصميم والهندسة والتكامل في عمليات التجميع الفرعي؛ واستبدلت أجهزة التحكم الهيدروليكية المستعملة في الأجيال السابقة من الطائرة بأجهزة تحكم إلكترونية تطلبت بطاريات ليثيوم احتياطية ضخمة. وكان أحد مهندسي بوينغ قد ذكر في مقابلة مع صحيفة “سياتل تايمز” في 2011 إن الطائرة من طراز 787، وبالمقارنة مع النماذج السابقة، كانت “طائرة أعقد تتضمن أفكاراً جديدة، ومزايا جديدة، وأنظمة جديدة، وتكنولوجيات جديدة”.

تعرضت بوينغ إلى تأخير كبير وغير متوقع في تطوير الطائرات من طراز 787 في سبع مناسبات، حيث لم تنطلق الرحلات التجارية إلا بعد ثلاثة أعوام ونصف العام من التاريخ الأصلي المزمع. وزادت حالات التأخير هذه تكاليف التطوير بمقدار 10 مليارات دولار إضافية، وأجبرت بوينغ على شراء شركة موردة أساسية للحيلولة دون إعسارها. وبعد إطلاق الطائرة 787، اشتعلت بطاريات الليثيوم الموجودة على متنها خلال عدد من الرحلات، الأمر الذي دفع السلطات إلى إيقاف جميع الطائرات عن الطيران لعدة أشهر. وكانت الشركة قد صرحت لوكالة رويترز بما يلي: “أدخلنا عدداً كبيراً من التغييرات في الوقت ذاته – تكنولوجيا جديدة، وأدوات تصميم جديدة، وتغييراً جديداً في سلسلة التوريد – وتجاوزنا قدرتنا على إدارة الوضع بفاعلية”.

فكرة المقالة باختصار

المشكلة

حتى الشركات التي تمتلك نظاماً عالمي المستوى لإدارة المخاطر قد تواجه مخاطر مستجدة لم تكن قد خططت للتعامل معها.

لماذا تحصل؟

تُعتبر بعض المخاطر بعيدة للغاية إلى حد أن أي مدير لن يكون قادراً على تخيلها. وحتى لو كانت الشركة ترتئيها، فإنها قد لا تكون مستعدة للاستثمار في القدرات والموارد المطلوبة للتأقلم معها لأنها تبدو غير محتملة الحدوث.

الحل

تعرّف على المخاطر من خلال الانتباه إلى أي حالات شاذة قد تحصل، ومن خلال تفسير التقارير الواردة من الميدان، وتتبع الأحداث غير المعتادة التي تحصل خارج قطاعك. بعد انتهائك من تحديد الخطر المستجد، عيّن فريقاً محلياً للتعامل مع الحدث الحاصل أو امنح الصلاحيات المطلوبة إلى فريق يعمل على الخطوط الأمامية للتعامل معه بسرعة.

يتحول الخطر إلى واقع بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع جداً. تدرب المؤسسات الموظفين، وتصمم المعدات، وتحدد الموارد المطلوبة للتعامل مع المخاطر المنظورة لكنها تعتبر أن التحضير لأحداث تتجاوز حداً معيناً هو أمر غير عملي وغير مجدٍ اقتصادياً. لكن بعض الأحداث تكون من الضخامة بمكان بحيث أنها تجعل حتى أفضل تحليل للتكلفة والمنفعة متقادماً، وتحصل بسرعة كبيرة للغاية إلى حد أنها تطغى على الاستجابات المخطط لها. نطلق على هذه الفئة اسم “مخاطر تسونامي”، تيمناً بكارثة المحطة النووية في فوكوشيما في اليابان. وتمثل هذه الحادثة مثالاً كلاسيكياً على تلك الحالة.

فمحطة فوكوشيما، حالها حال محطات الكهرباء الأخرى في اليابان، كانت مصممة لتتحمل أحداثاً نادرة مثل الزلازل وأمواج المحيط التي يصل ارتفاعها حتى 5.7 متر. لكن زلزال توهوكو الذي وقع في مارس/ آذار 2011، قاد إلى تسونامي بارتفاع 14 متراً اكتسح الجدار البحري للمحطة غامراً أقبيتها، ومُوقفاً مولدات الكهرباء المخصصة لحالات الطوارئ في المحطة عن العمل، علماً أن المحطة كانت أصلاً قد عانت من ضرر كبير جرّاء الزلزال. كان الأثر جارفاً. فقد تعرضت المحطة إلى ثلاث حالات انصهار نووي، وثلاثة انفجارات هيدروجينية، ما تسبب بانبعاث مواد مشعة ملوثة في المنطقة المحلية، واضطر 100 ألف إنسان إلى إخلاء المنطقة. وخلال السنوات الثلاث التالية، دفعت شركة كهرباء طوكيو تعويضات تبلغ أكثر من 38 مليار دولار إلى الأفراد والشركات جرّاء التعطل.

تعتبر جائحة “كوفيد-19” مشابهة. فالعالم كان على دراية بكيفية التعامل مع تفشي الفيروسات التي تتسبب بأعراض تنفسية حادة، بما في ذلك وباء سارس في 2003، وأنفلونزا الطيور في الفترة بين عامي 2004 و2006، وانفلونزا الخنازير في 2009. أما فيروس كورونا المستجد، وعلى الرغم من أنه أحد سلالات فيروسات سارس، إلا أنه كان مستجداً لأن الناس المصابين به لم تكن تظهر عليهم أعراض وكانوا معديين لفترة مديدة، وينشرونه في أوساط أعداد أكبر من الناس وبوتيرة أسرع مما كانت معظم أنظمة الرعاية الصحية الوطنية قد خططت لها.

بوسع الشركات أحياناً تجنب التبعات الأسوأ للمخاطر المتجددة عبر استعمال تقنية تحليل السيناريوهات، وهي عبارة عن أداة روتينية لإدارة المخاطر تهدف إلى تحديدها ومن ثم اتخاذ الإجراءات الضرورية للتخفيف منها. ولكنها حتى لو طبقت هذه التقنية بكل متكرر، فإنها لن تغطي جميع الاحتمالات، وعاجلاً أم آجلاً، ستواجه الشركات مخاطر لم يسبق لها أن حضرّت نفسها لمواجهتها.

تحديد المخاطر المستجدة

أوضح إشارة على ظهور خطر مستجد هي وجود حالات شاذة – أي أشياء غير منطقية فحسب. يبدو ذلك واضحاً، لكن معظم الحالات الشاذة هي من النوع الذي يصعب على الناس التعرف عليه أو استيعابه.

لنأخذ حالتين من الحالات التي وصفناها أعلاه. فمدير مشتريات خبير متخصص بأنصاف النواقل يُفترض أنه قد أدرك أن الهباب والدخان والكميات الكبيرة من المياه التي تصاحب أي حريق، حتى لو كان صغيراً، يمكن أن تهدد سلامة الغرف النظيفة. ومدير أول للمخاطر في بوينغ، يُفترض به أن يكون مطلعاً على المشاريع الهندسية المعقدة، يجب أن يكون قد توقّع نشوء مخاطر مستجدة عن تطوير طائرة بواسطة موردين رفيعي المستوى يؤدون مهاماً أساسية لم يسبق لهم أن أنجزوها من قبل، بينما كانت الطائرة مصنوعة من مواد لم يسبق استعمالها بهذا الحجم في طائرة كبيرة، وكانت أجهزة التحكم الهيدروليكية التماثلية قد استبدلت بأجهزة تحكم إلكترونية جديدة بالكامل.

يعود الإخفاق في التقاط الإشارات إلى تحيزات موثقة توثيقاً جيداً، إذ تظهرُ عقود من الأبحاث السلوكية أن الناس ينتبهون إلى المعلومات التي تؤكد تحيزاتهم لكنهم يتجاهلونها عندما تتعارض مع هذه التحيزات. وهم غالباً ما يتجاهلون الانحرافات المتكررة أو حالات شبه الإخفاق معتبرين إياها حالات خاصة تحصل لمرة واحدة فقط. وتتعزز “عملية تطبيع الانحراف” هذه بواسطة سلوك القطيع الذي يجعل القادة يقمعون المخاوف وحالات الشذوذ التي يبلّغ عنها الموظفون الأدنى مرتبة ويتجاهلونها.

كما تتعزز التحيزات غالباً جرّاء استعمال الإجراءات المعيارية. ففي عام 1998، على سبيل المثال، خرج قطار سريع تابع لهيئة السكك الحديدية الألمانية عن مساره في ولاية ساكسونيا السفلى في ألمانيا متسبباً بمقتل أكثر من 100 شخص، وإصابة 88 آخرين بجراح خطرة. بيد أنه كان بالإمكان تجنب الحادث. فقد كان أحد الركاب قد رأى قطعة معدنية كبيرة (تبين لاحقاً أنها جزء من عجلة) تبرز من الأرضية وتقتحم العربة، لتُحشر بين مقعدين من مقاعد الركاب. ومع ذلك، فإنه لم يشغّل فرامل الطوارئ في القطار، بسبب تحذير واضح وبارز للركاب يشير إلى أنهم سيتعرضون للغرامة إذا ما شدوا الفرامل دون ترخيص – وهو إجراء يهدف إلى الحيلولة دون إيقاف القطار لأسباب غير ضرورية.

أدى المسافر واجبه وذهب للبحث عن الجابي (المحصّل) الذي كان يتمتع بسلطة شد الفرامل لكنه أخفق مع ذلك في إيقاف القطار. وعندما رفعت هيئة السكك الحديدية الألمانية دعوى قضائية ضد الجابي، نجح في الدفاع عن تصرفاته زاعماً أنه قد اتبع القاعدة السارية المفعول التي كانت تشترط عليه معاينة أي مشكلة (وهي في هذه الحالة كانت على بعد عدة قاطرات) قبل تفعيل أمر الإيقاف الطارئ للقطار. وبالتالي فإن تقيّده ببرتوكول التعامل مع خطر روتيني أخّر استجابته للحدث المستجد – ما أدى إلى عواقب كارثية.

خلاصة الكلام هي أن إدراك خطر مستجد يتطلب من الناس قمع غرائزهم، والتشكيك في افتراضاتهم، والتفكير في الحالة بعمق. لكن هذا النوع من التفكير، الذي يطلق عليه دانيل كانيمان، اسم “النظام الثاني” يستغرق وقتاً أطول للأسف، وهو أكثر صعوبة من مجرد إجراء تقويم سريع واتباع القواعد. وفي حالات مثل خروج قطار عن مساره، يزيد ضغط اللحظة من زيادة احتمال لجوء الناس إلى طريقة تفكيرهم الغريزية. ونظراً لهذه المشاكل، فإنه ليس بوسع الشركات الاتكال على مدراء ضليعين ببروتوكولات المخاطر لتحديد مخاطر مستجدة، وإنما يجب عليها عوضاً عن ذلك:

تمكين أحد كبار التنفيذيين من الاهتمام بالأمور التي قد تخرج عن نطاق المألوف وبالأخطاء التي قد تحصل. في “نوكيا”، وهي أيضاً زبون آخر كبير لمعمل فيليبس لصناعة أنصاف النواقل في مدينة آلبوكيرك، كانت المعلومات المتعلقة بأي حدث غير معتاد في سلسلة التوريد يجب أن تُبلّغ إلى نائب رئيس أول لشؤون العمليات والمسائل اللوجستية والتوريد. وكان هذا التنفيذي، الذي لم يكن مسؤولاً عن التعامل مع الكثير من الأنشطة التشغيلية اليومية، بمثابة كبير المسؤولين عن تحري المشاكل وإيجاد الحلول لها، أو “مدير إدارة المخاوف” كما يحلو لنا أن نسميه.

يختلف هذا المنصب عن منصب مدير إدارة المخاطر التقليدي الذي تتمثل أولوياته في تحسين إدارة المخاطر الروتينية المعروفة، وتحديد المخاطر الجديدة التي يمكن عندئذ تحويلها إلى مخاطر روتينية من الممكن إدارتها. أما مدير إدارة المخاوف، في المقابل، فهو مضطر إلى أن يدرك وبسرعة أي خطر مستجد لدى ظهوره، وأن يحشد الجهود لتطبيق عملية تهدف إلى معالجة هذا الخطر أثناء حصوله فوراً.

عندما تلقّى مدير المشتريات في “نوكيا” الاتصال بخصوص حريق المعمل، تفقّد مستويات المخزونات الحالية ليتأكد أنها كافية، وسجّل هذا الحدث على أنه حدث روتيني، تماماً كما فعل نظيره في أريكسون. لكنه اتبع البروتوكول، وأبلغ نائب الرئيس الأول بالأمر بوصفه حالة شاذة تمس سلسلة التوريد. أجرى نائب الرئيس استقصاءات إضافية، وعلم أن النقص في قطع الغيار من المعمل يمكن أن يتسبب بزعزعة لأكثر من 5% من إنتاج الشركة السنوي.

استعان نائب الرئيس بفريق مؤلف من 30 شخصاً يمثل الأقسام الوظيفية المختلفة بهدف التعامل مع التهديد المحتمل. وهكذا أعاد المهندسون تصميم بعض الرقاقات بحيث يمكن الحصول عليها من مصادر بديلة، وسرعان ما اشترى الفريق معظم الرقاقات المتبقية من موردين آخرين. لكن كان هناك نوعان من الرقاقات كانت فيليبس هي المورد الوحيد لهما. اتصل نائب الرئيس بالرئيس التنفيذي لنوكيا الذي كان مسافراً على متن طائرة الشركة وأحاطه علماً بالوضع، ودفعه إلى تغيير مسار الرحلة لتحط الطائرة في هولندا وليلتقي بالرئيس التنفيذي لفيليبس في مقرها الرئيس.

اتفقت الشركتان بعد الاجتماع على أن “تتعاون فيليبس ونوكيا كشركة واحدة بخصوص هذه المكونات”، وفقاً لمقابلة أجراها الشخص المعني بتحري المشاكل ومعالجتها مع صحيفة وول ستريت جورنال. في الحقيقة، بات بوسع “نوكيا” الآن استعمال فيليبس كمورد مقيّد لها لهذين النوعين النادرين من الرقاقات. وقد سمحت هذه العلاقة لنوكيا بالمحافظة على إنتاجها من الهواتف الحالية، وإطلاق الجيل التالي من هواتفها في الوقت المناسب، واستفادت من خروج أريكسون من سوق الهواتف المحمولة.

رقمنة الإبلاغ عن الحوادث. يمكن للتكنولوجيا الرقمية أن تكون أداة قوية في البحث عن الحالات الشاذة وتتبعها، كما تُظهر تجارب شركة الكهرباء السويسرية “سويس غريد” (Swissgrid)، إذ بوسع موظفي الشركة استعمال تطبيق هاتفي سهل يدعى “ريسك توك” (RiskTalk) للإبلاغ بسرعة عن أي انتهاكات لشروط السلامة، وعن مشاكل الصيانة، وأي أعطال وشيكة في المعدات. وثمة مجموعة رصد مؤلفة من مدراء المخاطر والسلامة والجودة يتناوبون على مراقبة رسائل التطبيق في غرفة تحكّم مركزية ويطبقون عمليات لتحليل البيانات من أجل الربط بين مختلف التقارير الصغيرة وغير المترابطة، وتحديد أي مخاطر مستجدة محتملة. يسمح التطبيق لمدير موجود في غرفة التحكم، ويعتقد أن خطراً مستجداً احتمال حصوله منخفض قد يتحول إلى واقع، بإجراء تحليل أعمق لتحديد ما إذا كان يجب استعمال استجابة روتينية أم لا. في واقع الأمر، أعضاء الفريق عملياً هم بمثابة “مدراء إدارة المخاوف” في الشركة، ويتمتعون بصلاحيات التفكير المعمق بالمخاطر المستجدة والتجاوب معها بسرعة.

إضافة إلى تشجيع الشركات للموظفين على الإبلاغ، بوسعها أيضاً النظر خارج نطاق مؤسساتها والبحث عن المعلومات المتعلقة بالمخاطر المستجدة. فقد ضمت “سويس غريد” جهودها إلى جهود الجيش السويسري، وقوات الشرطة السويسرية الوطنية، وعدد من الوكالات والشركات على المستوى الاتحادي، وعلى مستوى الكانتونات المكونة للاتحاد السويسري لتطوير منصة للإدارة الآنية للأزمات على المستوى الوطني يمكن لجميع الأطراف المعنية أن يصلوا إليها. ويستعمل كل طرف المنصة للإبلاغ عن أي مشكلة يكتشفها، مثل حريق مندلع في غابة، أو حادث يتسبب بازدحام مروري خانق، أو هطول غير معتاد للثلوج، أو انهيارات ثلجية في جبال الألب. وبوسع مدراء المخاطر في “سويس غريد”، المتصلين بالمنصة، الاطلاع في وقت مبكر على الأوضاع الخارجية التي قد تتسبب بحصول انقطاع في التيار الكهربائي الموثوق إلى العملاء.

تخيّل السيناريوهات المحتملة. بوسع الشركات أيضاً تحديد المخاطر المستجدة المحتملة بطريقة غير مباشرة – من خلال مراجعة ما حصل في قطاعات ودول أخرى، ومن ثم طرح السؤال التالي: “ماذا لو حصل ذلك هنا؟”.

في “سويس غريد”، يظل المسؤول الأول عن إدارة المخاطر في حالة مراقبة دائمة للتطورات المقلقة الحاصلة مثل إفلاس شركة الخطوط الجوية السويسرية والهجوم السيبراني العالي المستوى على عملاقة الشحن “ميرسك” (Maersk). وفي أعقاب أي حدث من هذا القبيل، يطلب المسؤول عقد ورشة عمل استثنائية للمخاطر يحضرها كبار المدراء ومسؤولو المخاطر من كل وحدة تجارية، فضلاً عن خبراء خارجيين متخصصين في المسائل المطروحة. وبعد المداولات، تضع المجموعة خطة عمل يمكن تطبيقها في حال حصول شيء مشابه في سلسلة توريد “سويس غريد”. تساعد هذه العملية الممنهجة الشركة في اكتشاف المخاطر المستجدة المحتملة وتحويلها إلى مخاطر قابلة للإدارة.

وكما ذكر الرئيس التنفيذي لشركة “سويس غريد” إيف تسومفالد: “شركتنا التي تنطوي على مخاطر فردية، وتضم روابط دقيقة ومعقدة تنتشر في جميع أرجاء وحداتنا، أعقد بكثير من أن يتخيلها شخص واحد. ومع ذلك ليس بوسعنا انتظار المشاكل حتى تظهر ومن ثم حلها كما لو كنا إطفائيين. والأنظمة التي وضعناها قيد التشغيل تمكننا من حل الكثير من المشاكل بأسلوب استباقي”. وهي تشمل الآن العديد من المخاطر التي ستعتبر مفاجئة تماماً لمعظم الشركات الأخرى.

يتطلب إدراك خطر مستجد من الناس قمع غرائزهم، والتشكيك في افتراضاتهم، والتفكير في الحالة بعمق.

الاستجابة للمخاطر المستجدة

رغم الجهود الكثيرة التي تبذلها أي شركة من الشركات لتوقّع مختلف السيناريوهات المحتملة، فإن المخاطر المستجدة ستظل تطل برأسها ولن يكون لدى الشركات دليل عمل أو خارطة طريق لإدارتها عند وقوع الواقعة أو بعد أن تكون الكارثة قد حلت. وليس لدى مدراء التشغيل والعمليات أو مدراء المخاطر أي شيء في خلفياتهم ليساعدهم على الاستجابة بسرعة وبأسلوب مناسب. وفي هذه الحالة، تحتاج الشركة إلى اتخاذ قرارات تتصف بما يلي: (أ) تُعتبرُ جيدة بما يكفي، و (ب) تُتخذ بالسرعة الكافية بحيث تكون قادرة على إحداث فرق، و (ج) تُبلغ بطريقة جيدة بما يكفي لكي تُفهم، و (د) تُنفذ بما يكفي من الجودة بحيث تكون فاعلة حتى تظهر خيارات أفضل. ولدى أي شركة خياران للاستجابة الفورية لأي حدث منذ لحظة وقوعه، ألا وهما:

تكليف فريق بإدارة حادثة مهمة. تنجح هذه المقاربة المعيارية في التعامل مع خطر مستجد – وهي تتمثل في تكوين فريق مركزي مهمته الإشراف على الاستجابة – عندما يكون للحدث أثر واسع النطاق، لكنه لا يكون بحاجة إلى حل كامل وفوري.

يجب أن يتألف الفريق من موظفين ينتمون إلى مختلف الأقسام والوظائف في الشركة، وأشخاص خارجيين يمتلكون الخبرات المطلوبة، وممثلين لمختلف الجهات والأطراف المعنية والشركاء. وبالنسبة لحدث مستجد مثل جائحة “كوفيد-19″، على سبيل المثال، سيكون الفريق المعني بالحوادث المهمة في شركة ما بحاجة إلى أشخاص يمتلكون الخبرات في المجال الطبي، والصحة العامة، والسياسات العامة، وهي خبرات قد لا تكون متوفرة داخل الشركة. وإذا ما أراد الفريق التعامل مع تبعات التأخر في تطوير منتج ضخم الحجم – مثل حالة طائرة جديدة – فإنه يجب أن يعمل عن كثب مع مورديه. ومع مرور الوقت، وبعد أن يتغير الوضع وتتضح معلومات جديدة، قد تتغير تركيبة الفريق.

تتمثل مهمة الفريق في تحليل الوضع، وتحديد المسائل الأهم، ووضع سلّم لأولويات الشركة بناء على اهتماماتها ونطاقات خدماتها المتعددة، وأحياناً المتنافسة. وبوسع الفريق إيكال مهمة الإجابة عن أسئلة محددة، مثل كيف يمكن الحصول على الأموال النقدية والمحافظة عليها وكيف بالإمكان إدارة المكونات الأساسية في سلسلة التوريد، إلى أفراد آخرين أو مجموعات فرعية أخرى، لكن الفريق يظل مسؤولاً عن تنسيق جميع جوانب الاستجابة.

يجتمع الفريق عادة يومياً وربما بوتيرة أعلى إذا كان الحدث يتطور بسرعة، وهو المسؤول عن إدارة عملية التواصل ضمن الشركة، ويقدم الإرشادات للرئيس التنفيذي بخصوص التواصل مع الجهات الخارجية. يجب أن يتصف التواصل بأشكاله المختلفة بالصراحة الشديدة بخصوص حقيقة الوضع، مع تسليط الضوء بوضوح على الأمور التي لا تعرفها المؤسسة حتى الآن، وتقديم أساس منطقي للأمل، والتعاطف مع جميع الجهات المعنية المتأثرة بالحدث.

يجب أن يتصف التواصل بأشكاله المختلفة بالصراحة الشديدة بخصوص حقيقة الوضع، مع تسليط الضوء بوضوح على الأمور التي لا تعرفها المؤسسة حتى الآن، وتقديم أساس منطقي للأمل.

تُعتبر ديناميكيات النقاش مهمة. فالفريق المعني بحادثة خطيرة يضم بين صفوفه أفراداً متنوعين ربما لم يسبق لهم أن اجتمعوا معاً من قبل، وربما يكونون مترددين في الحديث صراحة في وجود أناس لا يعرفونهم، ولاسيما من هم أرفع منصباً داخل المؤسسة ذاتها. ويتمثل الهدف في التشجيع على الاستقصاء وليس المناصرة، وهذا هو السبب الذي يجب أن يدفع باتجاه أن تكون الاجتماعات بمثابة تجمعات آمنة نفسياً يمكن فيها للجميع تقديم أفكار غير مختبرة من قبل والاعتراض. فما هو صائب أهم ممن هو على حق. وهذا جزئياً هو السبب الذي يجب أن يدفع شخصاً آخر غير قائد الفريق إلى تيسير الاجتماعات. فالقائد الذي يصغي عوضاً عن أن يتكلم يقلل من احتمال لجوء مرؤوسيه إلى اختيار ما يعتقدونه رأي صانع القرار الأساسي.

إدارة الأزمة على المستوى المحلي. لا تسمح بعض المخاطر المستجدة بترف تكوين فريق لإدارة الحادثة الخطيرة. فقد تكون هناك حاجة للتحرك بسرعة، وقد يكون من الصعب إبلاغ الإدارة الرئيسة للشركة بالتفاصيل المتعلقة بالوضع، وخاصة عندما تكون بعيدة عن الموقع الذي ظهر فيه الخطر. في مثل هذه الحالات، يجب إيكال مهمة الاستجابة إلى الموظفين الأقرب إلى الحدث.

لنأخذ، على سبيل المثال، حالة “وكالة المغامرات للسياحة والسفر” (وهذا ليس اسمها الحقيقي)، وهي عبارة عن شركة مقرها بوسطن تنظم رحلات سياحية إلى وجهات بعيدة ونائية للمسافرين المخضرمين. في بادئ الأمر، وظفت مرشدين سياحيين أميركيين يعرفون زبائنها المستهدفين حق المعرفة. لكن رئيسها التنفيذي سرعان ما علم بطريقة مؤلمة أن أي رحلة قد تشمل التعرض إلى حوادث أو أمراض أو تعطل بسبب ظروف الطقس القاسي، والكوارث الطبيعية، والاضطرابات السياسية، وإلغاء الحجوزات الفندقية، وتأخر رحلات الطيران، والإضرابات. لقد كانت المخاطر المستجدة جزءاً لا يتجزأ من طبيعة أنشطة الشركة.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”الأقل” height=”50″ link_color=”#66abe8″ link_style=”button” link_align=”right”]

حلقة الملاحظة والتوجيه واتخاذ القرار والتصرف

حلقة الملاحظة والتوجيه واتخاذ القرار والتصرف هي عبارة عن فكرة كان قد وضعها خلال الحرب الكورية طيار حربي هو العقيد جون بويد الذي كان يعتقد أن الطيارين الذين كانت لديهم حلقة الملاحظة والتوجيه واتخاذ القرار والتصرف أسرع بالمقارنة مع الحلقة الموجودة لدى أعدائهم، هم من يسيطرون على المعارك الجوية. وبعد وقوع حدث ينطوي على خطر مستجد، سيكون الفريق المعين للتعامل مع الحادث المهم ويمتلك حلقة أسرع من التغيرات الحاصلة في البيئة أقدر على التحكم بأثر الحدث على الشركة.

 في بادئ الأمر، يلجأ الفريق إلى الملاحظة للتعرف على كل ما يمكن التعرف عليه بخصوص الوضع المعني. ثم يوجه الفريق نفسه من خلال فهم الوضع وتحديد عناصره الأساسية. وبعد ذلك، يضع أعضاؤه الخيارات ويقيمون العواقب المحتملة لكل خيار، وينتقون الأفضل من بينها، ويتخذون الخطوات لتنفيذ الاستجابة المختارة – بحيث لا يتعاملون مع القرار بوصفه التزاماً دائماً بطريقة عمل محددة وإنما كجزء من تجربة مستمرة. يبدأ الفريق حلقة الملاحظة والتوجيه واتخاذ القرار والتصرف التالية من خلال مراقبة تطور الحدث – ولاسيما كيف أسهمت إجراءات الفريق ذاته في تعديل الوضع.

[/su_expand]

استبدلت الشركة مرشديها الأميركيين بمرشدين محللين في كل بلد. كانت عملية الاستبدال طويلة زمنياً ومكلفة مادياً. لكن هؤلاء المرشدين المحليين كانوا على دراية كبيرة بمناطقهم، وكان لديهم معارف محليون أقوياء جداً. وقد منحت الشركة مرشديها المحليين الجدد الصلاحيات التي تسمح لهم بحل المشكلات والتجاوب مع أي وضع مستجد ينشأ خلال رحلة ما. كانت الشركة تؤمن أن المرشدين يمتلكون أفضل المعلومات بخصوص التحديات التي قد تظهر؛ وأفضل المعارف والعلاقات والموارد للتوصل إلى استجابات خلاقة؛ وأفضل فهم للخيارات المفضلة لدى المجموعة بخصوص الاستجابات؛ والقدرة على وضع الخيار المنتقى موضع التطبيق بسرعة. وقد ساعدهم المقر الرئيس للشركة من خلال تولي المهام التي يُعتبر الموظفون المركزيون أفضل من ينجزها (مثل إعادة جدولة مواعيد الرحلات وتغيير مواعيد الحجوزات الفندقية).

تختلف المقاربة المركزية التي اتبعتها وكالة السياحة والسفر، والمتمثلة في تفويض الموظفين المعنيين بالعمليات والجوانب التشغيلية بأداء دور مدراء المخاطر، عن المعايير الراسخة في إدارة المخاطر. أما في حالة الحدث المرتبط بخطر مستجد ويتطلب استجابة فورية، لن يكون لدى مدراء المخاطر المركزيون إلا معلومات محدودة عن الحدث، ولن يكونوا على دراية بالمخاطر والخيارات المفضلة على المستوى المحلي، ولن يكونوا قادرين على تطبيق أي استجابة بسرعة أو ستكون قدرتهم على تطبيقها محدودة.

ستكون القرارات الأولية التي يتخذها فريق مركزي أو موظف محلي ضرباً من التخمين، نظراً لقلة المعلومات المتاحة في بيئة ديناميكية تتسم بعدم اليقين. ولا يمكن توقّع تقديم أداء مثالي كما هو مطلوب بالضبط. وأي استجابة قد تبدو أنها كانت غير مثالية عندما يُنظر إليها لاحقاً بعد وقوع الواقعة. لكن الشركة ليس لديها خيار سوى اتخاذ قرار سريع “ربما يكون صائباً تقريباً”، والتعلم منه، وطلب الحصول على معلومات جديدة، والتصرف مراراً وتكراراً، واستباق الأحداث. (للمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع الرجاء مراجعة الفقرة الجانبية بعنوان “حلقة الملاحظة والتوجيه واتخاذ القرار والتصرف”).

تتخذ المخاطر أشكالاً وأنماطاً عديدة، وبمقدور الشركات إدارة المخاطر التي تعرفها وتتوقعها. لكن المخاطر المستجدة – أي تلك التي تحصل فجأة ودون سابق إنذار – ستنشأ إما من خليط معقد من الأحداث التي قد تبدو أحداثاً روتينية أو من أحداث ضخمة غير متوقعة. وتحتاج الشركات إلى اكتشافها ومن ثم تفعيل استجابة تختلف عن المقاربات القياسية لإدارة المخاطر الروتينية. ويجب أن تكون تلك الاستجابة سريعة، وارتجالية، وتكرارية، ومتواضعة، بما أن كل إجراء متخذ قد لا ينجح كما ينبغي.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .