منافسة المنصات التي لا تلتزم بالقوانين النافذة

4 دقائق
منافسة المنصات والتزام القوانين
shutterstock.com/New Africa
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

من السهل على الزبائن محبة الجيل الأخير من منتجات الشركات التقنية الناشئة. تزوّدنا شركة “أوبر” الموثوق بها على سبيل المثال بخدمة توصيل مريحة وأرخص من غيرها. وشركة “إير بي إن بي” تقدم للسائحين عروضاً مغرية بتأجيرهم غرف للإقامة أوسع من معظم غرف الفنادق. وتُحدِّث في الوقت ذاته شركة “زينيفيتس” (Zenefits) أعمالها في مجال الموارد البشرية بابتكار برمجيات ذكية لتحل محل الدفاتر الورقية التقليدية. وتعِد الاختبارات الطبية المتطورة لشركة “ثيرانوس” (Theranos) بتقليل أعداد قوارير سحب الدم من المرضى باستخدام بضع قطرات من الدم عبر وخزة في الإبهام. فمن يستطيع مقاومة كل ذلك؟ وماذا عن منافسة المنصات التي لا تحترم القوانين؟

ثغرات أمان الموظفين في الشركات

علينا التوقف قليلاً لنمعن النظر في هذه التطورات بشكل أكثر دقة. على سبيل المثال وعدت شركة “أوبر” أن تكون الأكثر أماناً، لكنّ سائقيها المشاركين وسياراتهم ليسوا خاضعين لقواعد السلامة المفروضة على سيارات الأجرة. وكذلك الأمر في “إير بي إن بي”، نادراً ما يفعّل المستضيفون المحليون في بيوتهم عوامل السلامة المطلوبة، كما في الفنادق مثل (رشاشات الماء ومخارج الطوارئ والنجاة). قد تقدّم “إير بي إن بي” للزبون ميزة الإقامة في مكان ممتاز مقابل مبلغ معقول من المال، لكنه قد يقع في براثن الموت إن حدث طارئ ما كحريق مثلاً.

ويوجد إقبال واضح من قبل كثيرين على برامج الموارد البشرية التي تصنعها شركة “زينيفيتس”، لكن تم تنبيه مراقبي النظام في الولايات المتحدة الأميركية أن وكلاء المبيعات لهذه الشركة غير مرخص لهم بشكل رسمي وغير مؤهلين لبيع وثيقة التأمين الصحي الجماعي. واعترف بعض الوكلاء بالبحث في “جوجل” عن إجابات لأسئلة الزبائن، وليس باعتمادهم على التدريب والخبرة. واخترع أيضاً المدير التنفيذي السابق للشركة طريقة تمكّن الوكلاء من تخطي برامج التدريب المقررة من قبل الحكومة على الإنترنت.

وهناك أيضاً شركة “ثيرانوس” التي هي الآن في قلب هذه المعمعة. فمعروف مسبقاً عن اختباراتها أنها غير موثوقة، وعمل مراقبو النظام على التحري عن هذه الادعاءات. ويوجد الآن تحقيق يثبت أن اختبارات الشركة “ناقصة وغير مكتملة” وغير دقيقة، ومسببة “لخطر محدق فيما يتعلق بسلامة المريض وصحته” (كما أورد تقرير من المراكز الفيدرالية لمكتب خدمات الرعاية الطبية والمساعدة الطبية لأصحاب الدخل المحدود).

وللزبون الحاذق الحق في قلقه من تلك العروض التي تبدو في بداية الأمر مغرية للغاية ولا يمكن رفضها.

ماذا عن الشركات التي ترى نفسها ملزمة للدخول في المنافسة مع هذه المؤسسات؟

قد يظن البعض أن المنافسين الحاليين بدؤوا بحملة إعلامية لإخبار الزبائن عن المخالفات التي يرتكبها المنافسون الآخرون. والحديث عن أخطاء الشركات المنافسة يعرّض المتحدث لخطر الظهور كخاسر حاقد غير قادر على تقبل نجاح الخصم.

كما لا يستطيع المنافسون الموجودون في الميدان الاعتماد كلياً على مراقبي النظام بفرض المتطلبات القانونية. ففي العديد من القضايا القضائية على سبيل المثال يتلقى مراقبو النظام ضغوطاً إما من الزبائن أو من السياسيين ليسمحوا للمنافسين الجدد بتقديم خدمات يعتبرها الزبائن مثيرة وجذابة. أضف إلى ذلك أن مراقبي النظام يحتاجون إلى وقت ليس بالقليل ليحققوا في القضايا الجديدة، وقد تحد المستلزمات الإجرائية من قدرتهم على التصرف السريع. وإذا أردنا التحدث من وجهة نظر الشركات التي تراعي القوانين، فالاعتماد التام على مراقبي النظام يعد مجازفة كبيرة، وإن أمروهم بالتغيير في نهاية المطاف؛ ففي هذه المرحلة يكون قد فات الأوان وأصبحت الخدمة الجديدة راسخة ومن الصعب إيقافها.

وهناك شركات أخرى لجأت إلى القضاء مواجهة بشكل مباشر سياسات المنافسين الجدد، لكن لا يمكن التنبؤ بالنتائج، وقد رأينا العديد من قضايا المنافسين تُرفض من قبل الدوائر القضائية بذريعة شكل الدعاوى، بتجاهل الاستحقاقات. وإن قُبلت الدعوى فقد تكون مكلفة، وقد يستغرق التوصل إلى حل وقتاً طويلاً فتصبح الشركة راسخة ولا يمكن زعزعتها.

على الرغم من كل هذه الصعاب، فإننا لا نرى وضع الشركات الحالي عصي على الحل بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. قدّمنا فيما مضى في مجلة “هارفارد بزنس ريفيو” مجموعة من الخيارات للعاملين الحاليين المهتمين بهذه المسألة. بالإضافة إلى بعض الإجراءات، اقترحنا على الجهات العاملة حالياً تبنّي بعض أساليب عمل المنافسين الجدد بأن يصبحوا مرنين أكثر في الشروط، ويحدّثوا من الإجراءات التي يلاقيها الزبون، ويقللوا من التكاليف نوعاً ما. وعلى الجهات العاملة الآن الاعتماد على نقاط قوتها كالتأكيد على الراحة والأمان في خدماتها، والضمانات المقدمة بعملهم الموثوق.

كيف يكون رد فعل مدير أحد الفنادق عندما يرى نجم شركة “إير بي إن بي” لامعاً؟

تلبّي هذه الشركة بشكل عام معظم رغبات الزبائن الذين لا يطيقون الأسعار المرتفعة، لذلك قد يبدو أن فندقاً من المستوى المتوسط معوّل عليه في تحسين تجارته، بإضافة بعض التحسينات لجلب الزبائن الذين لا ترضيهم خدمات “إير بي إن بي”. وإذا دفعت هذه التحسينات إلى رفع الأسعار، فهناك احتمال أن يؤدي هذا التوجه إلى نتيجة عكسية لم تكن في الحسبان، وبهذا يقلل الفندق من قدرته على جذب الزبائن متوسطي الدخل الذين بالأساس أعدادهم في تناقص مستمر.

وقد يكون الحل الواعد بإضافة تحسينات لا تستطيع شركة “إير بي إن بي” مجاراتها بسهولة. على سبيل المثال، قد يقدّم الفندق ميزة الحجز في أي وقت، وهذا ما لا يجده الزبائن في معظم المنشآت التي تؤمنها “إير بي إن بي”. ومن الأفضل أن يضمن مدير الفندق للزبائن تلك الفائدة بتجهيز طاقم للحجز على مدار الساعة بتقديم منافذ حجز مؤتمتة للراغبين بخدمات إضافية. ويمكن لمدير الفندق هذا التأكيد أيضاً على تقديم ميزة فندق ذي علامة تجارية رائجة وثابتة، وهذا أمر لا يمكن أن تعِد به “إير بي إن بي”، إذ إن تجربة كل زبون هنا حتماً مختلفة عن غيره. من أجل ذلك، يجب أن تبقى عين المدير دائماً على نوعية الغرف، ويعيد النظر بكيفية استثماره للأمور ليكون على يقين أن كل الغرف والمرفقات ترقى إلى معايير العلامة التجارية الخاصة بالفندق.

وهناك بديل آخر جيد عن “إير بي إن بي” وهو فنادق ذات غرف صغيرة، وتقدم للزبائن هذه الغرف ذات الحجم الصغير ومستوى معياري من الأثاث. ويستعاض عن الغرف الصغيرة بمساحات واسعة مشتركة، حيث يجتمع المسافرون في مناخ اجتماعي، وهذا ما لا تستطيع تحقيقه منشآت “إير بي إن بي” المتوزعة. وبهذه الغرف الصغيرة مع التجهيزات الأساسية، فالتكاليف قد تصل إلى تكاليف المنافسين غير النظاميين وربما أقل من ذلك. تجرب مجموعة من الفنادق مثل “سيتيزن إم” و“بود هوتيل” و“يوتيل” هذا التوجه في مدينة نيويورك وعدة مدن في أوروبا، ويبدو أنها تلاقي استحساناً.

وفي نهاية الحديث عن منافسة المنصات التي لا تحترم القوانين، من السهل توجيه الاتهام إلى شركات معتمدة على منصات تكنولوجية بأنها تستخدم أساليب ملتوية، ولا مجال للشك في أن هذه الشركات موجودة لتحقق النجاح، لذلك المنافسون الأذكى يقاومون بالعودة إلى الاعتماد على مكامن قوتهم التي من الممكن تطوريها إن فكروا بالأمر بشكل جلي. نجحت شركتا “أوبر” و”إير بي إن بي” بجذب الزبائن الذين لا تغريهم عملياً الخدمات القادمة من خدمات التوصيل ومجموعة سلاسل الفنادق. فهل يعقل أن تتحول رغبات هؤلاء الزبائن بهذه السهولة إن كانت تجاربهم مع سائقي سيارات الأجرة تجري كما يتمنون، وكانت إقامتهم في الفنادق جميلة ويمكن الوثوق بها؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .