كيف يجب أن تُربط مكافآت المديرين التنفيذيين بالاستدامة؟

4 دقائق
كيفية ربط مكافآت المسؤولين التنفيذيين بالاستدامة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تبوأ التحدي المتمثل في إدارة مؤسسة مستدامة وكيفية ربط مكافآت المسؤولين التنفيذيين بالاستدامة مكانة محورية بين المساهمين. ففي العام 2017، مثلاً، تلقت الشركات المدرجة على مؤشر “راسل 3,000” 144 مقترحاً من المساهمين تطلب اتخاذ إجراءات في شأن قضايا اجتماعية وبيئية. وفي الوقت نفسه، في مسح أُجري لـ 89 مؤسسة مستثمرة أجرته مؤسسة كالان (Callan)، قال 43% من المستجيبين إنهم يدمجون عوامل الاستدامة في قراراتهم الاستثمارية – وذلك بزيادة 21 نقطة مئوية عن العام 2013.

كيفية ربط مكافآت المسؤولين التنفيذيين بالاستدامة

تتمثل المعضلة التي يواجهها المديرون في تحديد الجوانب المتعلقة بالاستدامة، أو الأداء البيئي والاجتماعي والحوكمي، التي ينبغي أن تكون لها الأولوية – وينبغي ربطها بحوافز الأجور. وقد حددت الأمم المتحدة، مثلاً، 17 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة العريضة للعام 2030. ويُقاس التقدم من خلال 169 غاية. وتشمل الأهداف القضاء على الفقر، وتقديم الطاقة النظيفة بأسعار معقولة، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وحماية النظم البيئية، وزيادة الاستهلاك والإنتاج المسؤولين، وأكثر من ذلك بكثير. وفي الوقت نفسه، أنشأ عدد من مؤسسات الأعمال إجراءات الاستدامة الخاصة بها، بما في ذلك مجلس معايير المحاسبة الاستدامة، و”سوستايناليتيكس”، و”بلومبرغ”، و”إم إس سي آي”. وفي العديد من الشركات، تُقاس جهود الاستدامة بأكثر من 10 مقاييس داخلية.

وغالباً ما تبدأ لجان التعويضات بربط المكافآت والحوافز البعيدة الأجل بالأهداف المرتبطة بالامتثال وإدارة المخاطر. ويسعد هذا النهج بعض الأطراف المعنية، لكنه قد يضع التركيز على قضايا بعيدة كل البعد عن المهمة الأساسية للشركة. مثلاً، لا تقيس إجراءات الغرامات التنظيمية إلا “النظافة” البيئية للشركة، وهو ما قد يقلل المخاطر لكنه لا تحفز المديرين التنفيذيين على زيادة الأثر البيئي الأوسع للشركة.

ما هو النهج الأفضل؟ أن تعتمد المكافآت اعتماداً كبيراً، أو كاملاً، على نجاح المديرين التنفيذيين في استغلال الفرص الاستراتيجية الكبيرة المتعلقة بالاستدامة. ومن خلال دفع فريق الإدارة العليا إلى المبادرة باتخاذ الإجراءات بطريقة استراتيجية، ينقل هذا التغيير أعمال تعزيز الاستدامة من أطراف الشركة إلى قلبها.

وعلى الرغم من أنه ليست كل الشركات اليوم في وضع يمكّنها من تنفيذ مبادرات استراتيجية كبيرة تعتمد على التفكير المستدام، إلا أن فرص متابعة المبادرات تتزايد بسرعة. ووفق مسح أجرته الأمم المتحدة ومؤسسة أكسنتشر، يعتقد 63% من المديرين التنفيذيين أن الاستدامة ستسبب تغييرات كبيرة في شركاتهم في السنوات الخمس المقبلة. وإذا انتهى ذلك التحول إلى تحديد الشركات التي ستزدهر في المستقبل، حينئذ فمن المرجح أن تنطبق أهداف التحفيز حتماً على الفرص الجريئة للشركات.

اقرأ أيضاً: حان الوقت لربط تعويضات المسؤولين التنفيذيين بالاستدامة

مثلاً، تملك إحدى الشركات الرئيسية في مجال تصنيع المعدات الثقيلة 14 هدفاً من أهداف الاستدامة. إلا أن هدفاً واحداً منها فقط يبرز كهدف كبير واستراتيجي، مع إمكانية تحقيق عوائد كبيرة: إعادة تصنيع المنتجات والمكونات، بما يوفر أموال العملاء، ويطيل دورات حياة المنتجات، ويعيد استخدام المواد. ومن المقاييس المنطقية لهذا الهدف – وهو مقياس يمكن ربط الحوافز به – نمو الإيرادات من إعادة التصنيع وإعادة البناء، أو نسبة الإيرادات أو الأرباح المستمدة من كليهما.

ومن خلال الحد من عدد أهداف الاستدامة في حوافزها، يمكن للشركات أن تمارس نفوذاً قوياً من أجل تغيير سلوك القادة. فقد تعتمد مكافأة مدير تنفيذي في شركة مصنعة للسيارات على تطوير السيارة الكهربائية الخاصة بالشركة، أو السيارة المتصلة بسيارات أخرى وذاتية القيادة، أو مجال المشاركة في الرحلات البرية. وقد يُكافأ المديرون التنفيذيون في شركة للخدمات المالية عن النسبة المئوية لرأس المال الميسر الذي يُخصَّص لمشاريع مستدامة جديرة بالاهتمام، مثل الطاقة المتجددة أو الزراعة المستدامة.

التفكير بالاستدامة جدياً في المؤسسات

ويجب على مجالس الإدارة أن تطلب من الإدارة أنواعاً جديدة تماماً من التفكير الاستراتيجي، ذلك النوع من التفكير الذي لا يجعل الشركة أكثر استدامة فحسب، بل يساعد أيضاً الموردين والعملاء على أن يصبحوا كذلك. هل يمكن لشركة للمواد الغذائية إنتاج منتجات صحية تعالج المعدلات المتزايدة للسمنة والسكري وأمراض القلب؟ وهل يمكن لشركة زراعية ابتكار سلالات أرز تنمو في مياه أقل وتنتج محاصيل أكبر للمزارعين؟ وهل يمكن لشركة للرعاية الصحية تحسين نوعية الرعاية للموظفين في الشركات التي تؤمِّن عليها؟

ومن أجل اتخاذ هذا النهج على محمل الجد، على مجالس الإدارة أن تطرح عدة أسئلة:

  • أين تمتلك الشركة فرصة فريدة للتميز؟

  • هل تمتلك الشركة الكفاءات الأساسية، أو هل يمكنها الحصول عليها، بهدف الاستفادة من الفرصة؟

  • هل هناك عائد مناسب على الاستثمار على المدى البعيد لتبرير المضي قدماً؟

وكدليل على أن العديد من المديرين التنفيذيين يفكرون انطلاقاً من هذه الخطوط العريضة، أظهر مسح أجرته مؤسسة ماكنزي مؤخراً لتجار التجزئة ومصنِّعي السلع الاستهلاكية أن ما يقرب من نصف الذين يقومون بمبادرات الاستدامة يتابعون فرصاً جديدة للأعمال أو فرصاً للنمو.

هذا لا يعني أن على الشركات التخلي عن الاستراتيجيات التقليدية المتمثلة في خفض التكاليف، والحد من المخاطر، والحفاظ على “ترخيص للعمل”. وعندما تكون هذه الاستراتيجيات جوهرية للأعمال، يجب أن تربط خطط الحوافز بين العلاوات والوفاء بهذه الاستراتيجيات. ففي شركة تحتاج إلى الماء لصنع المشروبات – مثلاً، كوكاكولا أو بيبسيكو – ستكون المكافأة على الحفاظ على مصادر المياه مكافأة استراتيجية. وفي شركة تحتاج إلى التنقيب عن مواد خام – مثلاً، “ريو تينتو” أو “تك ريسورسز” – ستكون المكافأة على الحماية البيئية العالية المستوى مكافأة منطقية. وفي شركة تحتاج إلى إظهار ممارسات ملائمة في شأن العمالة – مثلاً، ماكدونالدز، ودانكن، ونستله – قد تكون المكافأة المبنية على التخفيف من المخاطر مكافأة حاسمة (وكذلك التشديد على استعادة المكافآت إذا لم تُكتشَف المخاطر إلا بعد وقوع الضرر).

اقرأ أيضاً: 6 طرق يتحدث بها قادة الشركات عن الاستدامة

يجب على المديرين، بالطبع، متابعة العديد من الجوانب الأخرى للأداء البيئي والاجتماعي والحوكمي ورصدها. وفي الواقع، ينبغي أن يصروا على رؤية مقاييس الأداء البيئي والاجتماعي والحوكمي في بطاقات الأداء الخاصة بالشركات أو الأفراد؛ للتأكد من أن المديرين التنفيذيين يتصرفون بمسؤولية، ويخففون من المخاطر، ويلتزمون باللوائح. عندئذ يمكن للجنة التعويضات أن تستخدم تقديرها لتعديل الأجور وفق أداء الاستدامة في هذه المجالات. وبدلاً من ذلك، يمكن معالجة أداء الاستدامة في أهداف المديرين التنفيذيين الفرديين أو وحدات الأعمال، بدلاً من استخدامها في أهداف الشركة بالكامل.

اقرأ أيضاً: 5 خطوات لربط مكافآت المسؤولين التنفيذيين بالاستدامة

وكما هي الحال مع كل الغايات الخاصة بكيفية ربط مكافآت المسؤولين التنفيذيين بالاستدامة، يتعين على المديرين أن يختاروا غاياتهم بعناية لتجنب العواقب غير المقصودة. فهل تحفز الغايات الجديدة مقايضات غير مرغوب فيها؟ إذا حقق التنفيذيون غايات الاستدامة بتكلفة غير مقبولة، فستدعو الحاجة إلى ضمانات تربط المدفوعات بتلبية الجوانب المالية الأساسية. ومع ذلك، ينبغي أن يظل المديرون مركّزين على عزل عدد محدود من أهداف الاستدامة التي تحقق أعلى قيمة. وينبغي أن تكون هذه القيمة كبيرة بما يكفي لتحفز المديرين التنفيذيين على اتباعها، ما سيؤدي بدوره إلى تحقيق أكبر مكافأة للمساهمين والأطراف المعنية الأخرى والمجتمع.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لمدراء المسؤولية الاجتماعية إلهام قادة آخرين لتحقيق الاستدامة؟

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .