ارتكبت خطأ فادحاً في العمل، ماذا تفعل لاستعادة الثقة بنفسك؟

5 دقائق
استعادة الثقة
فريق عمل هارفارد بزنس ريفيو/غيتي إميدجيز/ييجينج ليو

ملخص: يرتكب الجميع الأخطاء. لكن ارتكاب خطأ في مجال العمل يجب ألا يعيق مسيرتك المهنية. قد تشعر بأنك ارتكبت خطأً فادحاً، ولكن يمكنك اتخاذ بعض الخطوات لاستعادة الثقة وتقليل الضرر وإصلاح الموقف.

  • كن استباقياً. بمجرد أن تدرك الخطأ الذي ارتكبته، حاول مواجهة الموقف قبل أن يتصاعد. عندما تكون استباقياً في معالجة أخطائك، ستظهر وعيك بالمشكلة وتخفف على الآخرين من وطأة لفت انتباهك إليها.
  • قدّم اعتذاراً. قدم اعتذاراً صادقاً ومتواضعاً، مع الاعتراف بخطئك والضرر الذي تسببت به لأي شخص أو فريق أو حتى للمؤسسة. لا تكن دفاعياً أو تصنع أعذاراً لنفسك.
  • تحلَّ بالتعاطف. قد يكون ارتكاب خطأ في العمل محرجاً لنا، وقد نبالغ في نقد أنفسنا، لكن لوم أنفسنا على شيءٍ حدث في الماضي لن يفيد بشيء.

 

في الواقع، يرتكب الجميع الأخطاء في العمل. قد تفقد أعصابك في أثناء العمل أو ربما تنسى إرسال تقريرٍ كان من المفترض أن ترسله في المساء، هناك دائماً أوقات نخطئ فيها أو نفشل. مع ذلك، فإن طبيعة الوظيفة تنطوي دائماً على هذه الأخطاء، ولكن يجب عليك التعامل معها بشكلٍ جيد، وإلا فإنك تقلل من جدارة ثقة رؤسائك في العمل بك وتضر بسمعتك.

مع بدء عودتنا إلى العمل من المكتب ومعرفة كيف سيكون الوضع الطبيعي الجديد، سيكون هناك احتمال كبير لسوء التواصل وارتكاب الأخطاء. نظراً لأننا نمر في مرحلة من التغيير المستمر على كافة الأصعدة، فمن المؤكد إلى حد كبير أن تعاني من عدم الاتساق أحياناً. (هل يمكنك، على سبيل المثال، تجاهل رسالة فورية والتركيز على عملك؟ هل يمكنك حضور اجتماع للفريق من مكتبك؟ أو هل يمكنك الذهاب في نزهة في منتصف اليوم؟).

بالنسبة للعاملين عن بعد الذين يعودون إلى العمل من المكتب أول مرة بعد فترة طويلة من الانقطاع، قد يكون هذا الانتقال مخيفاً جداً، إذ سيبدو تحولاً غير مسبوق مليئاً بالتوتر وعدم اليقين.  إذا أصبح هذا الوضع المتوتر ساحقاً جداً، فقد يؤدي ذلك إلى خفض أدائك في العمل، وبالتالي يضعف صناعة القرار ويفضي في النهاية إلى ظهور السلوكيات التفاعلية الآنية أو الاستبدادية.

لا تدع هذه الأخطاء تعيق تطورك المهني. في المرة التالية التي ترتكب فيها خطأ ما، يمكنك اتباع الاستراتيجيات الآتية لمساعدتك على استعادة الثقة وتقليل الضرر وإصلاح الموقف:

كن استباقياً

بمجرد أن تدرك الخطأ الذي ارتكبته، حاول مواجهة الموقف قبل أن يتصاعد. عندما تكون استباقياً في معالجة أخطائك، ستظهر وعيك بالمشكلة وتخفف على الآخرين من وطأة لفت انتباهك إليها.

على سبيل المثال، بدأت عميلتي السابقة والمديرة المالية التنفيذية سابينا، في سماع شائعاتٍ مفادها أن أفراد فريقها يعتقدون أنها متعالية وتفرط في التحكم بعملهم. لكنها، بدلاً من تجاهل هذه الشائعات وترك الموقف يتصاعد، عقدت على الفور اجتماعات فردية مع كل عضو في الفريق لالتماس آرائهم من أجل تقييم الموقف. ثم دعت إلى اجتماع لشكر أعضاء فريقها على ملاحظاتهم والتعبير عن أسفها ومشاركة خطتها لإصلاح الموقف.

من خلال التصرف بشكل استباقي، تمكنت سابينا من جمع ملاحظات نقدية مهمة ساعدتها على تحسين دورها كقائدة ومعالجة استياء فريقها المتزايد قبل أن يتفاقم أكثر. حتى لو لم تكن في منصب قيادي، يمكنك بذل جهد للتواصل مع المتضررين من أخطائك والاستماع إليهم ومشاركتهم خطة لتصحيح الموقف.

قدّم اعتذاراً

قدّم اعتذاراً صادقاً ومتواضعاً، مع الاعتراف بخطئك والضرر الذي تسببت به لأي شخص أو فريق أو حتى للشركة. لا تكن دفاعياً أو تصنع أعذاراً لنفسك، ما يهم الآخرون هو تأثيرك وليس نيتك.

لنفترض أن أحد زملائك مثلاً أخبرك أنه شعر بالإهانة بسبب تعليق أدليت به. لا ترد عليه قائلاً “حسناً، أنا لا أتقصد الإساءة إلى أي شخص” أو “أعتذر إذا شعرت بذلك”.

إن استخدامك لكلمة “إذا” في اعتذارك ينطوي على أن الشخص الآخر غير منطقي أو شديد الحساسية للموقف، ولا يُظهر أنك تشعر بالمسؤولية عن خطئك.  بدلاً من ذلك، تحمل مسؤولية خطئك بالكامل وقل له مثلاً “أقدر لك إخباري بذلك. يؤسفني أن ما قلته كان مسيئاً ومحرجاً لك. سأكون أكثر انتباهاً لكلماتي في المرة القادمة”.

عوّض المتضررين

على الرغم من أن الاعتراف بخطئك والاعتذار عنه برهان على النزاهة وقدرتك على تحمل المسؤولية، فإن الطريقة الوحيدة لاستعادة الثقة هي تصحيح سلوكك أو علاج المشكلة التي تسبب بها. تكلم عما تعلمته من هذه التجربة وكيف ستتعامل معها بشكلٍ مختلف وأظهر التزامك بتحسين أدائك. يمكنك القول مثلاً ” أنا آسف. اعتقدت أنه لا بأس من حضور الاجتماع من مكتبي، لم أدرك أنه يجب على الجميع الذهاب إلى غرفة الاجتماعات. سأكون حاضراً هناك في الاجتماع التالي بالتأكيد”.

يجب عليك بذل المزيد من الجهد لتغيير سلوكك وإصلاح الموقف. دون ذلك، لن يكون لاعتذارك أية قيمة، وسيتوجس الآخرون منك أكثر.

في مثالنا السابق، قامت سابينا بتحسين قيادة فريقها من خلال الممارسة الواعية لأساليب التواصل والتفويض الجديدة. حيث التزمت بطرح الأسئلة بدلاً من شرح الأمور بشكلٍ استباقي وتقديم حلول لها عند مساعدة أعضاء فريقها في حل المشكلات، وهما عادتان يعتقد مرؤوسوها المباشرون أنها تتسم بالتعالي.

إذا شعرت بأن مرؤوسيها لم يفهموا ما كانت تتحدث عنه، تسألهم “هل أنتم على دراية بذلك؟” قبل أن تتابع الشرح. وبدلاً من تقديم نصيحة غير مجدية، كانت تسأل “كيف يمكنني المساعدة؟”.  وبالإضافة إلى ذلك، قامت بمتابعة مرؤوسيها المباشرين شهرياً للحصول على مدخلاتهم المستمرة في هذه المجالات.

أظهر لمديرك أنك تحرز تقدماً في العمل

للأسف، تهيمن السلبيات على الإيجابيات في عقولنا، لذلك غالباً ما يركز الآخرون على أخطائك ويتجاهلون نقاط القوة والإيجابيات التي تمتلكها. لتجنب هذا التحيز السلبي، من الضروري التصرف ومتابعة تحسين أدائك بعد ارتكاب خطأ ما. عليك البحث عن طرق تظهر أمام الآخرين من خلالها قدرتك على حل المشكلة لاستعادة الثقة وتغيير التصور الذي نشأ عند الآخرين عنك.

على سبيل المثال، تبيّن لجاريد، وهو موظف في شركة تكنولوجيا أعمل معه، في تقييمه السنوي أنه لم يرتقِ بأداء مؤسسته بالطريقة التي توقعها مديره. لقد اعتبره المدير عديم الفائدة ومثيراً للمشاكل، بدلاً من تمكين فريقه من العمل بكفاءة أكبر.

لتحسين أدائه وتغيير هذا التصور، أعدّ جاريد خطة مفصلة تحتوي على الخطوات والمواعيد النهائية التي أراد الالتزام بها من أجل تحقيق أهدافه. والأهم من ذلك، كان يطلع مديره على سير خطته كل أسبوعين لإظهار تقدمه في العمل ومحاولة تجنب انحيازه التأكيدي المحتمل.

تحتاج إعادة بناء الثقة وتغيير التصورات عنك إلى بعض الوقت، لذلك كن صبوراً. استمر في المثابرة وبذل الجهد، ولا بد أنك ستنجح في النهاية. لقد قال لي أحد المدراء التنفيذيين ممن أجريت معهم مقابلة حول موضوع العلامة التجارية للقيادة: “أحب الأشخاص الذين تعرضوا لانتكاسة أو فشلوا وتعلموا من تجربتهم. لديهم القدرة على تحمل مسؤولية أخطائهم، وقد عزز ذلك من شخصيتهم”.

تحلَّ بالتعاطف

قد يكون ارتكاب خطأ في العمل محرجاً لنا، وقد نبالغ في نقد أنفسنا، لكن لوم أنفسنا على شيءٍ حدث في الماضي لن يفيد بشيء.  بدلاً من ذلك، يمكننا أن نتعلم الكثير من أخطائنا ونستفيد منها لتعزيز تطورنا شريطة ألا نركز طاقاتنا على انتقاد أنفسنا.

عندما تخطئ دون قصد، عامل نفسك كما تعامل صديقك إذا مرَّ في موقف مشابه. ستساعدك ممارسة التعاطف الذاتي، من بين فوائدها الأخرى التي أثبتت جدواها، على استعادة الوضوح والثقة وتجاوز انتكاستك بشكلٍ منتج. لضمان تحويل خطئك إلى تجربة تعليمية قيمة، يجب عليك أيضاً أن تسأل نفسك هذين السؤالين:

  • كيف يمكنني تجنب حدوث ذلك مرة أخرى في المستقبل؟
  • ما الدرس الذي يمكنني استخلاصه من هذه التجربة؟

وبالمثل، أظهر التعاطف مع الآخرين عند تعثرهم. فمن المرجح أنهم يشعرون بالحرج من خطئهم ويلومون أنفسهم بما يكفي، لذلك حاول ألا تزيد مشاعرهم السلبية تجاه أنفسهم سوءاً. ينطبق هذا الحال بشكلٍ خاص على الموظفين الذي يعملون عن بعد أيضاً ممن تأثرت عملية إعدادهم بالظروف.

الشيء الجيد هو أن التعاطف مع الذات والتعاطف مع الآخرين يرتبط أحدهما بالآخر. عندما تمارس أحدهما، فإنك تعزز الآخر بشكل طبيعي وتسهم في تنامي التعاطف في مكان العمل،

تذكر أن الأخطاء والنكسات أمر طبيعي، والفشل يمثل فرصة لنا للتعلم. إذا ارتكبت خطأ ما في العمل، فلا تتهرب من المسؤولية عنه أو تشعر بالخجل منه وتجلد نفسك بسببه. بدلاً من ذلك، حاول الاستفادة من الاستراتيجيات التي ذكرناها أعلاه لإصلاح الموقف واستعادة الثقة وتحسين سمعتك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .