بحث: كيف تصبح حليفاً موثوقاً لزميلك المهمّش في العمل؟

6 دقائق
الفئات المهمشة
فيورال/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يسعى كثير من الأشخاص إلى أن يكونوا حلفاء لزملائهم من الفئات المهمشة على مر التاريخ. ولكنهم في كثير من الأحيان، يخشون أن تؤدي جهودهم بصفتهم حلفاء إلى تعريض زملائهم في العمل لانتقادات، أو ألا تكون موضع ترحيب من الأشخاص الذين يسعون جاهدين إلى دعمهم، أو أن يقعوا في فخ “التمثيل”. بدلاً من أن يقفوا مكتوفي الأيدي نتيجة لهذه المخاوف، تشير البحوث إلى أنه من خلال تأصيل التحالف في فضائلهم، يمكن للحلفاء المحتملين أن يفهموا على نحو أفضل سبب سعيهم إلى دعم الآخرين مع الحفاظ على هذا الدعم على المدى الطويل. على وجه التحديد، ثمة 4 مراحل تنطوي على 9 فضائل رئيسية.

 

على مدى السنوات القليلة الماضية، سعى العديد من الأشخاص إلى فهم كيف يمكن أن يكونوا حلفاء لزملاء العمل من الفئات المهمشة على مر التاريخ. قدَّم العديد من الخبراء نصائح مفيدة حول تثقيف الذات وتقبُّل الملاحظات والانتباه لأنماط عدم المساواة في مكان العمل والاعتراف بامتيازات الفرد. ومع ذلك، يمكن أن تبدو النصائح “المجزأة” ساذجة ومحبِطة ومربِكة بمرور الوقت. على سبيل المثال، هل ينبغي للحلفاء أن يصمتوا ويستمعوا، أم أن يتجرؤوا على الحديث عن التحيز، أم كليهما؟ كيف تحدد الاقتراح الذي ينطبق على حالتك؟ وماذا لو تغيرت أحدث النصائح؟ الأهم من ذلك، كيف يمكنك تجاوز حدود النصائح التي تُقدَّم لمرة واحدة ووضع رؤية شاملة ذات مغزى لتصبح حليفاً؟

يُظهر بحثنا الذي أجريناه على آلاف من البالغين العاملين في الولايات المتحدة وكندا أن الأشخاص ذوي النوايا الحسنة غالباً ما يقلقون بشأن الاختيارات الخاطئة. فهم يخشون أن يؤدي قيامهم بدور الحليف إلى تعريض زملاء العمل المهمشين لانتقادات دون قصد، وألا تكون أفعالهم موضع ترحيب من الأشخاص الذين يسعون جاهدين إلى دعمهم، ويتساءلون عما إذا كانوا يقعون في فخ “التمثيل” (التحالف غير الصادقة بهدف تعزيز المكانة الاجتماعية) أو يقومون بدور “المنقذ ذي البشرة البيضاء” أو “الفارس المغوار ذي الدرع اللامع”.

في سياق مشحون مثل سياق التحالف، كيف يمكنك أن تتحول بشكل مستدام ومنهجي إلى حليف قوي وفعال؟

في دراسة حديثة نُشرت في مجلة أخلاقيات العمل (Journal of Business Ethics)، بحثنا عن إجابة لهذا السؤال. وقد قادنا عملنا إلى دراسة كيف أن بعض نقاط القوة والفضائل (التي نعرّفها على أنها “صفات إنسانية إيجابية”) يمكن أن ترسي الأسس لكي تصبح حليفاً فعالاً.

أردنا أيضاً التحدث إلى الأشخاص الذين اعتبرهم أقرانهم حلفاء فعالين، لفهم الفضائل التي تجعلهم ناجحين. ولتحديد هؤلاء الأشخاص، استخدمنا عملية ترشيح صارمة: أوصى لنا خبراء في العدالة الاجتماعية بهؤلاء الأشخاص الحلفاء بناءً على 10 معايير صارمة تشمل: تجسيد الحليف للمبادئ الأخلاقية في دعم الفئات المهمشة واستعداده للمخاطرة بمصالحه الشخصية في سبيل التمسُّك بهذه المبادئ. ثم أجرينا مقابلات متعمقة لمدة ساعة ونصف إلى ساعتين مع 25 نموذجاً لحلفاء يعملون في قطاعات من بينها قطاع التشييد والقطاع المسرحي وتكنولوجيا المعلومات والتعدين، وقد تكللت بجمع أكثر من ألف صفحة من البيانات.

من خلال بحثنا، أنشأنا نموذجاً لبناء الحليف الفعال، وهو يرسم مساراً يمكن للأشخاص استخدامه ليصبحوا حلفاء. يتكون هذا النموذج من 4 مراحل: تنشيط استثمارك النفسي من خلال الإقرار بأوجه عدم المساواة، والتفكير في كيفية حدوث عدم المساواة وتعلُّم استراتيجيات التحالف التي يمكن أن تكون فعالة في حالتك، وأخذ زمام المبادرة لدعم جهودك كحليف وتنظيمها، والالتزام والإخلاص على المدى الطويل في القيام بدورك كحليف. كل مرحلة من هذه المراحل تحفزها فضائل محددة، كما هو موضح أدناه.

المرحلة الأولى: تنشيط استثمارك النفسي

الفضيلتان الرئيسيتان: التعاطف والإنصاف

في المرحلة الأولى، يمكن للحلفاء استخدام التعاطف والإنصاف لتحديد المشكلات ذات الصلة بالظلم الاجتماعي، والإقرار بالمعاناة التي تسببها، والاستجابة السريعة التي يمكن أن تحد منها.

على سبيل المثال، أوضح المحامي جاستن كينغ، وهو رائد في مجال العلاقات بين الأعراق يعمل في أوكلاهوما سيتي، كيف تغيرت حياته بعد استماعه إلى ملازم شرطة أسمر البشرة وهو يتحدث عن عنف الشرطة تجاه أصحاب البشرة السمراء. إذ قال: “فكرة أنني أسمع ذلك من رجل في مثل سني حطمت قلبي حقاً. لقد مرّ بمثل هذه التجربة المختلفة في الحياة وبأحداث كثيرة لم أكن مضطراً إلى خوضها، والسبب فقط هو أن لون بشرتي أبيض. وهذا ما جعلني أسلك هذا الطريق”.

عندما يرتبط دورنا بصفتنا حلفاء بالتعاطف والإنصاف، فإننا نحد من فرص التأثر بدوافع “التمثيل” لأننا نظل مرتبطين بهاتين الفضيلتين. فالتعاطف والإنصاف لا يحفزان الحليف الطموح فحسب، بل يساعدان أيضاً في الحفاظ على طاقته لمواصلة القيام بدور الحليف خلال المراحل القادمة.

المرحلة الثانية: التفكير في أوجه عدم المساواة واستراتيجيات التحالف

الفضيلتان الرئيسيتان: التواضع وتقبُّل وجهات نظر الآخرين

تساعد هاتان الفضيلتان في تشجيع الأشخاص على معرفة المزيد عن تجارب الآخرين وتعلُّم استراتيجيات تحالف جديدة.

على سبيل المثال، كان مدير شركة سكانسكا الولايات المتحدة (Skanska USA) (التي تُعد من أكبر شركات التشييد في هذا البلد) ورئيسها التنفيذي، بول هيوينز، هو أيضاً الراعي التنفيذي لشبكتها النسائية. وقد ذكر كيف أنه كحليف جديد قصَّر في معرفة وجهات نظر زميلته والفريق التنفيذي.

أوضح قائلاً: “كانت لدينا مشكلة تتعلق بالسلامة”، وأراد تعزيز صورة المديرة الوطنية الجديدة للصحة والسلامة البيئية. لذلك أخبر فريقه التنفيذي أنه سيرتب معها مكالمة لشرح المشكلة وتقديم المساعدة. قال: “كانت مكالمة مرعبة؛ لم يتم الإعداد لها بشكل صحيح، ولم يكونوا مستعدين لها، وقد ارتبكتْ قليلاً. وفي نهاية اليوم، كان لها تأثير سيئ تماماً وجعلتها تفقد رغبتها في المخاطرة بعد الآن. فقد فَشِلَتْ وبدوتُ غبياً لأنني فعلت ذلك”.

رأى هيوينز أن عليه التحلي بالتواضع في هذا الموقف، فقد أدرك أن استراتيجية التحالف الأولية التي استخدمها لم تكن ناجحة وغيّر المسار. وعند صياغة استراتيجية جديدة، وضع وجهات نظر الآخرين قبل وجهة نظره. إذ قال: “الآن بعد أن فهمت، [أفكر في] كيف يمكننا صياغة رسالة حول [الموقف] تُظهر القيمة فيه. ثم أبدأ عرض [المشكلة]، وبذلك عندما تدخل الغرفة، لن ترتبك. أخاطر أمام المجموعة، ثم أدعوها إلى المشاركة عندما أهيئ لها الأجواء للنجاح”.

من الجدير بالذكر أنه على الرغم من أهمية هاتين الفضيلتين للمرحلة الثانية، فإنهما عادة ما تظلان نَشِطَتين طوال الرحلة التنموية. أشار بول غورسكي، أحد نماذج الحلفاء وهو معلّم ومستشار في مجال المساواة، إلى أن الحلفاء يصبحون غير نشطين إذا لم يتحلوا بالتواضع للتعلم باستمرار. ويُظهر بحثنا حول استراتيجيات التحالف أن ثمة الكثير من المهارات التي يمكن تطويرها وصقلها بمرور الوقت؛ من مهارات التعامل مع الآخرين التي تبني العلاقات إلى مهارات التحالف المرئية التي تدعم علناً الفئات المهمشة.

المرحلة الثالثة: أخذ زمام المبادرة لدعم جهودك وتنظيمها

الفضائل الرئيسية: الاحتراز والشجاعة الأخلاقية والصدق

الخطوة التالية هي أخذ زمام المبادرة لتحويل ما تعلمته إلى أفعال مع الاحتراز والتحلي بالشجاعة الأخلاقية والصدق.

ركز بيلي بينيت، الذي كان شريكاً مساعداً في شركة الاستشارات الإدارية ماكنزي آند كومباني (McKinsey & Company) في وقت إجراء البحث، على هذه الفضائل لتجنب القيام بدور “المنقذ ذي البشرة البيضاء” مع الاستمرار في إيجاد طرق لتطبيق التحالف في الفِرق التي يشرف عليها. وقد ذكر على وجه التحديد ما يدور في ذهنه عندما يميل إلى التحدث نيابة عن شخص ما عندما تُثار مشكلة تتعلق بالتحيز: “إلى أي درجة يحتاج هذا الشخص إلى دعم؟”. ثم يسأل نفسه سؤالاً آخر: “إلى أي درجة أريد أن أفعل هذا لأنه ما أؤمن به ولأنني أرغب في بناء هذه البيئة والثقافة في هذه المجموعة أو الفريق؟”.

وقد ذكر أن الإجابات عن هذه الأسئلة لا تكون متزامنة في كثير من الأحيان. وهذا يتطلب منه أن يكون صادقاً مع نفسه وأن يحل المشكلات، وأن يوازن بين الاحتراز والشجاعة الأخلاقية اعتماداً على الموقف. وتابع قائلاً: “إذا كان ثمة ما يشير إلى أنهم لا يريدون أن يقوم أحد بحمايتهم، ولكني بحاجة إلى القيام بذلك لأنني لا أستطيع الوقوف مكتوف اليدين، فإن السؤال هو ‘كيف يمكن القيام بذلك’. فهل يجب أن أقول شيئاً مختلفاً أمام المجموعة؟ أم يجب أن أقوله أمام شخص محدد بمعزل عن الآخرين؟ ما النبرة التي يجب أن أستخدمها؟ كل موقف مختلف عن الآخر، لكن يجب أن أفكر في هذه الأشياء قبل القيام بأي تصرف”.

المرحلة الرابعة: الالتزام والإخلاص على المدى الطويل

الفضيلتان الرئيسيتان: المثابرة والصبر

التحالف هي مهارة معقدة تتطلب ممارسة وجهداً والتماس الملاحظات لتطوير الخبرة تدريجياً بمرور الوقت. إنها بمثابة ماراثون لا سباق قصير وسريع، ويجب على الحلفاء التغلب على العقبات التي ستظهر حتماً، من خلال التحلي بالمثابرة والصبر.

على سبيل المثال، كان أحد الحلفاء الذين أجرينا مقابلات معهم يتحلى بالصبر خلال عملية التعلم والتغيير البطيء للمؤسسات ومع زملاء العمل الذين تصرفوا بشكل سيئ. فكما قال مدير في شركة لتعدين البوتاس وهو مجال يهيمن عليه الرجال إذ يمثل الرجال 98% من قوة العمل في مجال التعدين تحت الأرض، فيليب لوباج: “لا يمكنك أن تفقد صبرك بسبب مقاومة الأشخاص للتغيير. إذ إن نقلهم من هذا التحيز اللاإرادي إلى معرفة ما يرونه ويفعلونه فعلياً يستغرق وقتاً”. وهو يعتقد أن معظم الناس يريدون السير في هذا الاتجاه لكنهم غير متأكدين من كيفية القيام بذلك، “لذلك عليك أن تتحلى بالصبر للتغلب على العقبات التي ستظهر في الطريق. سترى أشياء ستغضبك وتزعجك، وعليك أن تأخذ خطوة إلى الوراء وتقول، ‘هذه ليست النهاية، لنواصل المضي قدماً بينما نقوم ببعض التغييرات الإيجابية'”.

في أماكن العمل التي يجب فيها على الحلفاء الحفاظ على علاقات طيبة بالزملاء والمؤسسة، قد يحتاجون إلى ضبط النفس بحكمة والتحلي بالصبر مع المثابرة لإحداث تغيير طويل الأجل ومستدام.

يوضح نموذج بناء الحليف الفعال كيف يمكن للحفاء الطموحين الاستفادة من الفضائل الرئيسية لتعزيز رفاهة زملاء العمل من الفئات المهمشة. فالقيام بذلك لا يجيب عن العديد من أسئلة “ماذا لو” الشائعة التي تعوق الحلفاء فحسب، وإنما تمنح الأشخاص أيضاً الدافع الداخلي الذي يحتاجون إليه في رحلتهم نحو العدالة الاجتماعية. لا يكون الطريق سهلاً على الدوام، وقد تُخطئ في بعض الأحيان. ولكن عن طريق تطبيق فضائلك مراراً وتكراراً خلال قيامك بالمناصرة، فمن المرجح أن تُحدث تأثيراً إيجابياً على المدى الطويل.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .