كيف تزيد نفوذك بين زملاء العمل؟

6 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في مؤسسات عصرنا هذا، يجب أن تتمكن من التأثير على الآخرين لكي تكون فعالاً. لن يكون مسماك الوظيفي كاف دائماً لتسيطر على الآخرين، حتى أنك لن تكون في موقع سلطة رسمية دوماً. لذلك، ما هي أفضل طريقة لتمارس دور القائد من دون منصب رسمي؟ كيف تستطيع تحفيز زملائك على دعم مبادراتك وتبنّي آرائك؟ كيف ستصبح ملجأ الآخرين لطلب التوجيهات والمشورة القائمة على الخبرة؟

ما يقوله الخبراء؟

تقول دوري كلارك مؤلفة كتاب “رائد الأعمال الذي داخلك” (Entrepreneurial You) أن: “امتلاك نفوذ في مكان العمل له قيمة واضحة لأنه يمكّنك من إنجاز المزيد، ويمكّنك من التقدم في المشاريع التي تهمك والتي تقع ضمن مسؤولياتك. وذلك ما يرجّح أن يصبح وجودك ملحوظاً أكثر وأن تنال ترقيات وعلاوات”. ولكن اكتساب النفوذ في أماكن العمل المعاصرة أمر صعب، وذلك بحسب نيك مورغان مؤلف كتاب “إشارات السلطة” الذي قال: “لقد أصبح التأثير على الآخرين أصعب من أي وقت مضى، لأنهم لم يكونوا مشتتين يوماً كما هم اليوم. فالحمل الزائد من المعلومات وتواتر حياتنا الرقمية أدّيا إلى نشوء فترات انتباه قصيرة. ومع ذلك، أصبح الحصول على النفوذ أكثر أهمية من ذي قبل بسبب الضغط المتزايد من أجل الحصول على نتائج”.

ويرجع الأمر كله إلى أسلوبك في اكتساب النفوذ. وإليك بعض النصائح.

حاول بناء بعض العلاقات الشخصية المهنية

ليس الأمر كمسابقة لكسب الشعبية في المدرسة الثانوية، وإنما كما تقول كلارك: “إنّ إعجاب الناس بك هو أحد الأسباب الأساسية التي تدفعهم للقيام ببعض الأمور لأجلك، كدعم رأيك أو الموافقة على ميزانيتك. ولا يعني ذلك أن تكون أروع شخص في المكان أو أن تحرص على إذهال الجميع بشخصيتك وحضورك. إنما تحتاج لبناء علاقات شخصية جيدة مع زملائك. وبالتأكيد، لن تتحول هذه العلاقات إلى نفوذ على الفور، ولكنها تزيد من قابلية استماع الآخرين إليك على الأقل. لذلك، اعمل على زيادة علاقاتك الشخصية مع زملائك واسمح لهم بالتعرف عليك. وبتلك الطريقة لن يشكّوا بوجود نوايا أو دوافع سلبية لديك”.

استمع إلى الآخرين قبل أن تحاول إقناعهم برأيك

إنّ أفضل طريقة للحصول على دعم زملائك لك ولبرنامجك هي أن تشعرهم بأنك تسمعهم. ابدأ بمنحهم اهتمامك في مواقف فردية. يقول مورغان: “تشغل قوائم طويلة من الواجبات تفكير معظمنا طوال الوقت، ويبدو ذلك علينا بوضوح. فنحن دائماً متململون ومنشغلو التفكير ومستعدون للإمساك بهواتفنا بأية لحظة. ولكن عليك أن تتدرب على ضبط التركيز. لذلك، عليك أن تتوجه بجسدك نحو الشخص الآخر وأن تستمع إليه وأنت ثابت في مكانك”. وتوافقه كلارك الرأي، حيث تقول: “تعود نسبة كبيرة من استياء الموظفين في أماكن العمل إلى شعورهم  بعدم الاحترام وأنّ أصواتهم ليست مسموعة”. لذلك، يتوجب عليك أن تطلب آراء زملائك ونصائحهم.

انتبه للغة جسدك ونبرة صوتك

يقوم الآخرون بتقييمك على الدوام لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم الوثوق بك أم لا. يقول مورغان: “إننا مبرمجون على طرح السؤال: هل هذا الشخص صديق أم عدو؟ هل يحاول أن ينتقص من مكانتي أم هو إلى جانبي؟”. إنّ لغة جسدك أساسية في إيصال الرسائل الصحيحة للآخرين. فالوقوف مستقيماً مع اعتدال كتفيك يساعدك على إبداء ثقتك وتحكمك، بينما ارتخاء الكتفين والنظر إلى الأسفل باتجاه القدمين يعطي الانطباع المعاكس. يقول مورغان: “عندما تقف بوضعية رخوة متأرجحة يصبح تفكيرك وكلامك من منظور التابع. وهذا يزيد من إمكانية أن يراك الآخرون ذا سلطة أقل”. مثلاً، لنفرض أنّ لديك اجتماعاً مع زميل لا تعرفه جيداً من قسم آخر. ينصح مورغان أن تجعله يفهم أنك صديق له بأن تبقي ذراعيك مسدلتين ويديك إلى جانبيك وأن تكون متوجهاً بجذعك المستقيم نحوه. كما ينصح أيضاً أن تتكلم بصوت أكثر انخفاضاً مما اعتدت عليه كي تعطيه انطباعاً بالقوة. ويقول أيضاً: “من المفيد التدرب على هذه الأمور لأنها تصدّ مفعول التوتر الذي يدفعك لرفع صوتك”.

طوّر خبراتك

تقول كلارك أنّ هناك طريقة أخرى لتزيد من نفوذك في العمل، وهي أن تجعل الآخرين ينظرون إليك على أنك خبير في مجالك أو مؤسستك. وهذا لن يتحقق بين ليلة وضحاها، إنما يمكنك أن تتخذ خطوات لتطوير معارف وخبرات هامة للعمل. كما تقترح أن تنغمس في مجال فكرتك وتنخرط فيه بأن تحضر مؤتمرات عنه بانتظام وتشارك في دورات أو برامج تمنح شهادات تخصصية، أو أن تستلم منصباً قيادياً في مؤسسة احترافية تعمل ضمنه. وتقول كلارك أنّ: “هذه إشارات مرئية وموجهة للعموم بأنك متابع لأحدث المستجدات وعلى علم بها. إلى جانب ذلك، لا تخفي معارفك، وهناك طريقة أخرى لإظهار معرفتك وهي الكتابة عن موضوعك على موقع لينكدإن أو في الرسائل الإخبارية لشركتك”.

ضع خطة استراتيجية

اتبع أسلوباً استراتيجياً عندما يحين الوقت للاستفادة من النفوذ الذي اكتسبته لنفسك من أجل تعزيز مبادرة أو فكرة محددة. تنصح كلارك بأن تضع “خطة قوة” لتوجّه حملتك. وتقول: “ضع رسماً بيانياً تنظيمياً بأسماء صانعي القرارات ذوي الصلة بموضوعك. ومن خلال مرورك بمستوياتهم المختلفة اسأل نفسك: هل أستطيع أن أؤثر بهذا الشخص مباشرة؟ إن لم يكن ذلك ممكناً، من الذي أستطيع التأثير به ممن يؤثرون به؟‘. ثم ابدأ بالتفكير بشأن كيف ومتى تتواصل مع هؤلاء الزملاء. اعتبر الأمر لعبة حرب، من هم الذين تهددهم خططك وكيف يمكنك جذبهم إلى جانبك؟”. أنت لا ترسم مكائد بهذه الطريقة، بل تفكر بطريقة استراتيجية.

اعط الآخرين ما يريدونه

يمكنك أن تزيد من نفوذك في موضوع معين بأن تضعه في إطار فائدة الأشخاص الذين ترغب بأن تكسبهم إلى جانبك. فكر بما يحتاجه كل مساهم ووجهة نظره. يقول مورغان: “حاول إجراء بحث لمعرفة ما يحتاجون سماعه وما سيجذب انتباههم. واحرص على إجابة السؤال (ما الذي سأحصل عليه)؟ الذي يطرحه كل شخص على حدة. تحدث عن كيفية جلب فكرتك الفائدة للمؤسسة ككل. واستخدم كلمة نحن كأن تقول ستعود علينا بالفائدة”. وتتفق كلارك معه وتقول: “إن كان عرضك مركزاً عليك شخصياً بصورة أساسية لن تجد من يقف إلى جانبك”.

مبادئ عليك تذكرها

ما يجب عليك فعله

  • ابن علاقات شخصية مع زملائك كي يروا حسن نواياك عند محاولتك التأثير عليهم.
  • وضّح لزملائك أنك تقدّر آراءهم.
  • اتبع خطوات لتطوير خبراتك عن طريق حضور مؤتمرات أو استلام منصب قيادي في مؤسسة احترافية.

ما يجب عليك عدم فعله

  • القلق من أن تكون مخادعاً في محاولاتك للتأثير على الآخرين. فأنت تفكر بطريقة استراتيجية.
  • الوقوف بوضعية رخوة أثناء تحدثك. فالوقوف بشكل مستقيم مع اعتدال كتفيك يساعدك على الظهور بمظهر واثق ومتحكم.
  • استخدام كلمة “أنا” بكثرة. بل يتوجب عليك في سعيك لاكتساب النفوذ أن تتحدث عن كيفية جلب أفكارك المنفعة للمؤسسة بأكملها وكيف أنها ستعود “علينا” بالفائدة.

دراسة الحالة رقم 1: ابق مطلعاً وابن علاقات مع زملائك كي تفهم ما يحفزهم

كانت مارسي شيندر رئيسة التسويق في شركة وورك ماركت في مدينة نيويورك، التي تساعد الشركات على إدارة المتعاقدين المستقلين والاستشاريين لديها، تعمل على اكتساب نفوذ لنفسها كعضو في الفريق قبل أن تبدأ العمل بوظيفتها.

قبل يومها الأول في العمل، رتبت لقاءات غير رسمية مع عدة زملاء لها لشرب القهوة أو تناول وجبة غداء. تقول مارسي عن هذه اللقاءات الفردية: “كانت ذات طابع شخصي أكثر وعفوية، وسمحت لنا بإنشاء علاقة شخصية. لقد اتبعت أسلوب الاستماع، فقد أردت أن أعلم ما هي أهدافهم، وما يهمهم وما الذي يجدي في الشركة وما الذي يريدون مني تحقيقه”.

حرصت مارسي على أن توصل لغة جسدها تركيزها التام على هذه الأحاديث، حيث جلست بوضعية مستقيمة ونظرت مباشرة إلى الآخر، وبدت منفتحة ومنسجمة. تقول: “إنّ لغة الجسد مهمة للغاية، ونحن ندرّب البائعين عليها، كما حاولت الإصغاء بتركيز”.

لقد ساعدتها هذه اللقاءات المسبقة في فهم آراء زملائها وشخصياتهم ودوافعهم. ما أثبت جدواه مؤخراً عندما أتتها فكرة تجديد موقع الشركة الإلكتروني واحتاجت دعمهم للسير بها قدماً.

وبفضل المحادثات الفردية المسبقة استطاعت أن تستخدم اللهجة المناسبة لكل شخص على حدا. مثلاً، عندما تحدثت مع الرئيس التنفيذي ستيفان ديويت تكلمت عن رؤية الشركة. ومع رئيس الشركة ورئيس التشغيل جيف والد، الذي هو مفكر تحليلي، فقد بدأت الحديث بالأرقام. أما مع رئيس قسم الزبائن، ركزت الحديث على الجانب المتعلق بالزبائن.

تقول مارسي: “إنه الحديث ذاته ولكن اختلف التركيز من شخص لآخر”. وقد أثمرت جهودها. وسيبدأ الموقع الجديد للشركة العمل في الربيع المقبل.

واتبعت مارسي طريقة أخرى لزيادة نفوذها، وهي أنها ثابرت على الاطلاع على آخر الصيحات والأخبار في ما يخص هذا المجال. وتقول: “لقد أمضيت 25 في المئة من وقتي في التحدث إلى الزبائن ورؤساء التسويق الآخرين وأشخاص في إدارات الشركات وزبائن محتملين بالإضافة إلى مرشدين شباب. وبذلك بقيت على اطلاع وبقيت مراقبة لما يجري خارج حدود هذه الشركة”.

دراسة الحالة رقم 2: حاول إنشاء رسالة ذات صدى وافتح الباب لينضم الآخرون إلى صفك

هذه الدراسة هي عن جورج غاليغوس، الرئيس التنفيذي لشركة تزويد برمجيات تكامل البيانات جيتربيت (Jitterbit) في أوكلاند، كاليفورنيا في الولايات المتحدة. إنّ جورج ليس قائداً متسلطاً، حيث يقول: “لا أتبع أسلوب فرض الرأي ورفض آراء الآخرين، بل أرغب أن يشعر الآخرون أنّ لديهم صوتاً مسموعاً وأنهم مشاركون في عملية صنع القرارات”.

عند بداية عمل غاليغوس في الشركة عام 2011، كان لدى الشركة 50 زبوناً. عرف جورج أنّ مستقبل الشركة يكمن في استخدام تقنية السحابة الافتراضية، يقول: “في ذاك الوقت، كان هذا المجال لا يزال حديثاً مما يشكل تحدياً. واحتاج إلى تحويل مسارات الموارد الهندسية وجعل المستثمرين يطمئنون لذلك. كما كان علينا أن نحرص على أن يتمكن التسويق من إيجاد طريقة كي نتمكن من تعديل وضعنا”.

بدأ جورج بالتفكير بأسلوب استراتيجي بشأن كيفية نيل الدعم من أجل التغيير. كانت أصعب مهمة بالنسبة له هو التعامل مع جف، كبير قادة التقنيات في الشركة، الذي كان مشككاً في نجاح السحابة الافتراضية.

فكر جورج بشخصية جف كي يتمكن من صياغة الرسالة التي ستقنعه. يقول: “كنت أعلم أنه شغوف بنجاح الزبائن، وأنه يكره الفشل مثلي تماماً. لذلك، عرفت أنّ عليّ جعله يرى التحدي الذي سنواجهه إن بقي الوضع على ما هو عليه”.

ولذلك، أحضر جورج جف إلى اجتماع لطرح أحد عروض المبيعات لزبون محتمل للشركة على مدى يومين. يقول جورج: “جعلته يخوض المعركة معي ليرى الواقع بعينه. أردته أن يشعر بألم الزبون”.

أطلقت شركة جيتربيت أول إصدار مبني على السحابة الافتراضية في العام 2012 وأصبح لديها اليوم 50,000 زبون.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .