هل تستحق قرارات العام الجديد أن تتكبد عناء وضعها هذا العام؟

5 دقائق
قرارات العام الجديد
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: اعتدنا أن نستقبل العام الجديد بقرارات جديدة تهدف إلى تحسين حياتنا، لكن هذه العادة تبدو عديمة الجدوى في أغلب الأوقات إذ نصل إلى الشهر الثاني من العام مع الشعور بالذنب بسبب عدم التزامنا بقراراتنا، وأدت الجائحة إلى جعل هذه العادة تبدو عديمة النفع بدرجة أكبر. فلماذا إذن تحاول وضع قرارات العام الجديد في وقت لا تملك فيه أي فكرة عما سيحدث في الأشهر المقبلة؟ تقول المؤلفة إن عقد العزم لفعل أمر لك فيه فائدة هو فكرة سديدة وتوضح السبب، وتقدم نصائح عملية حول الالتزام بقراراتك.

 

قد تشعر بازدواجية حول وضع قرارات العام الجديد حتى في أفضل الأوقات؛ فمن جهة تعتبر هذه القرارات بداية جديدة تستكشف فيها فرصاً جديدة على مدى 12 شهراً، ومن جهة أخرى قد تعلم من تجاربك السابقة أنك على الأرجح لن تلتزم بإجراء أي تغيير مهم. وبحلول شهر فبراير/شباط ربما تكون قد نسيت القرارات التي كنت في غاية الحماس بشأنها عند بداية العام أو صرفت النظر عنها تماماً.

بعد أن تجاوزت عامين من الغموض العالمي غير المسبوق قد يتطور الشعور بالازدواجية إلى شعور بالعجز؛ لِمَ تحاول وضع قرارات في وقت لا تملك فيه أي فكرة عما سيحدث في الأشهر المقبلة؟

أستطيع فهمك. نظراً لعملي كمدربة في مجال إدارة الوقت والمساعدة التي قدمتها لعملاء من جميع أنحاء العالم لتجاوز عامي 2020 و2021 بحلوهما ومرّهما، أفهم أن وضع قرارات العام الجديد والالتزام بها يواجه مجموعة واسعة من التحديات غير المتوقعة.

ولكني رأيت أيضاً أنه بإمكانك المضي قدماً فيما يهمّك حتى وإن كنت تعيش في حالة غموض. وفي الحقيقة، يمكن لوضع القرارات والالتزام بها أن يعزز إحساسك بكفاءتك الذاتية؛ أي إيمانك بقدرتك على القيام بما يعود بالفائدة عليك وعلى وضعك.

لذا، قبل أن تستسلم وتتخلى عن وضع القرارات فكر في النصائح التالية حول طريقة وضع قرارات تلتزم بها، واستعن بالتزامك تجاه نفسك وأهدافك لخلق زخم إيجابي في الشهر الأول من العام الجديد وبعده.

قيّم درجة استعدادك

الخطوة الأولى التي أرى أنها الأهم في عملية وضع القرارات هي تحديد درجة رغبتك باتخاذ خيارات مختلفة في مجال معين؛ إذا لم تكن راغباً فعلاً في قضاء وقت أقلّ في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي مثلاً فلا تضع هذا القرار أساساً.

اختر قرارات تهمك بحق وتقوم على أسباب قوية. مثلاً، قد تكون راغباً بحق في إنقاص وزنك لأنك تريد التمتع بطاقة أكبر أو بقدرة على مجاراة أبنائك أو تود أن تحضر حفل زفاف بمظهر رائع، يمكن أن يمنحك السبب المقنع القدرة على المثابرة اللازمة للالتزام بقرارك حين تشعر بالتعب أو الإحباط أو تشعر بأنك تود اتباع الطريق السهل فحسب.

اختر قراراً أو اثنين فقط

عموماً، يكون وضع قرارات العام الجديد أمراً لطيفاً على المدى القصير ولا يمكنك عادة ملاحظة التبعات الفورية لعدم الالتزام بها، ولكنها ستجعل حياتك أفضل على المدى الطويل كما هو الحال إذا أقلعت عن التدخين أو اقتصدت في إنفاقك مثلاً.

نظراً لعدم وجود آثار سلبية فورية، قد تعتبر أن هذه الأهداف “أعمال إضافية”، وبما أن معظمنا لا يملك الكثير من الوقت أو الطاقة لكثير من الأعمال الإضافية فستزيد احتمالات نجاحك إذا اخترت قراراً واحداً أو قرارين فقط. في دراسة بعنوان “أهداف خرجت عن السيطرة: الآثار الجانبية المنهجية للمبالغة في فرض وضع الأهداف” (Goals Gone Wild: The Systematic Side Effects of Over-Prescribing Goal Setting)، يشارك المؤلفون بحثاً يفيد بأنه حتى عندما تمتلك عدة أهداف فعلى الأرجح أنك لن تركز سوى على هدف واحد. إذن، لماذا لا تضع هدفاً واحداً فقط منذ البداية؟

يكون تذكر الهدف وتنفيذه أسهل عندما تركز على هدف واحد أو على مجال واحد على الأقل، كاستثمار الوقت في ممارسة التمارين الرياضية وتناول الطعام الصحي سعياً لتحقيق هدف خسارة الوزن.

التزم بإجراء محدد

في كتابي الأول بعنوان “الأسرار الثلاثة لاستثمار الوقت بفعالية” (The 3 Secrets to Effective Time Investment) تحدثت عن أهمية توضيح “الأولويات القائمة على الإجراءات”، وهذا يعني أن تترجم أولويتك النظرية وهي قرار العام الجديد في هذه الحالة إلى إجراء فعلي يمكنك إضافته إلى جدول أعمالك.

مثلاً، إذا كان قرارك هو قضاء وقت أطول مع الأصدقاء والعائلة، فيمكنك تخصيص مساء يومي جمعة في الشهر للقاء أصدقائك، أو حجز أوقاتك من بعد الساعة 5:30 مساء كي تعود إلى المنزل في الموعد وتتناول طعام العشاء مع عائلتك، أو الالتزام بالابتعاد عن جهاز الكمبيوتر في موعد محدد من كل مساء كي تمنح اهتمامك الكامل لزوجتك.

أو إذا كان قرارك أن تكتسب لياقة بدنية فبإمكانك تحديد موعد أسبوعي في جدول أعمالك للتسوق وشراء ما يلزم لإعداد طعام صحي في المنزل، وتحديد أيام ومواعيد محددة من الأسبوع لممارسة التمارين الرياضية.

سيصبح التزامك بقرارات العام الجديد أسهل إذا اخترت الإجراءات التي تتوافق معها وحددت مواعيد القيام بها على نحو سابق.

فليكن هدفك سهلاً

في كتاب “عادات ذرية” يركز المؤلف جيمس كلير بشدة على أهمية توضيح عاداتك وجعلها جذابة وسهلة ومرضية ويشجع القراء على بناء عادات جديدة بأقل الطرق مقاومة، وهذا يعني بالنسبة لقرارات العام الجديد ألا تسمح إلا للطعام الصحي بدخول منزلك وأن تدفع ثمن ما تشتريه نقداً وتستخدم برامج لمنعك من استخدام التطبيقات التي تشتت انتباهك.

فكر في طريقة لزيادة سهولة تحقيق ما تود تحقيقه في حياتك وزيادة صعوبة الخيارات التي تريد تجنبها.

احرص على مراقبة تقدمك

في دوامة الحياة يكون التخلي عن التزاماتك سهلاً إذا لم تراقب تقدمك، لذا أوصيك باختيار مكان محدد لتدوين الإجراءات المرتبطة بقراراتك وتسجيل ما تقوم به يومياً.

من الممكن أن تكتبها على مخطط ورقي أو تسجلها على جدول مواعيدك أو تستخدم تطبيقاً ذكياً لتتبع العادات أو أن تنشئ مستنداً مشتركاً مع شخص يشاركك في حمل المسؤولية.

مثلاً، من أجل متابعة قراراتي العامة المتعلقة بالصحة أنشأت مستنداً مشتركاً على الإنترنت مع شريك المسؤولية (سنتحدث عن أهمية الحصول على الدعم لاحقاً). في الأعلى سجلت حالتي وأهدافي الأولية، ثم وضعت نموذجاً يبين عاداتي اليومية التي أمارسها لمساعدتي على تنفيذ قراري. كل صباح وقبل أن أبدأ عملي أقوم بنسخ النموذج ولصقه وأعدل التاريخ أعلاه وأسجل عليه ما أفعله على مدى اليوم، وقبل الخلود إلى النوم أتفقد النموذج مرة أخيرة في محاولة لإنجاز أكبر قدر ممكن من الإجراءات قبل أن أذهب إلى الفراش، ويترك شريك المسؤولية تعليقات تشجيعية على مستندي وأقوم بالمثل على مستنده.

يساعدني أسلوب المساءلة المكتوب هذا على التركيز والمثابرة بدرجة أكبر مما لو أني أحاول إبقاء كل شيء في ذهني.

احصل على الدعم

من السهل أن تذوي عزيمتك على الالتزام بقراراتك على مدى 12 شهراً، وفي اللحظات التي تشعر فيها أنك لا تريد اتخاذ الخيارات الصحيحة ستساعدك معرفة أن هناك من يعرف أهدافك ويشاركك الاهتمام بها.

يمكن أن تستعين بصديق أو زميل أو مدير أو مدرب أو موجه أو أي شخص سيعمل باستمرار على متابعتك وتقديم التقييم المناسب ويحتفي بالتزامك بالإجراءات التي تتوافق مع قراراتك. يبين بحث أجري في جامعة “ولاية أوهايو” أن وجود شخص تتطلع إليه كمثال يحتذى به يساعدك في تحقيق النتائج المرجوة، كما يمكنك الانضمام إلى مجموعة دعم تركز بصورة خاصة على المجال الذي تود تحسين نفسك فيه تحديداً، وستكون معرفة أن أشخاصاً آخرين يسعون جاهدين لتنفيذ نفس الخيار حافزاً لك.

لا يمكنني ضمان أنك ستلتزم بتنفيذ قراراتك، فأنت وحدك من يملك القدرة على تحديد أولوياتك والخيارات التي تتخذها في الحياة. لكني أضمن أن التزامك بالعملية التي وصفتها أعلاه سيزيد احتمالات نجاحك بدرجة كبيرة. هناك أمل بإجراء تغيير إيجابي دوماً، ويمكنك في هذا العام اغتنام الفرصة للقيام بالأعمال التي تجعلك الشخص الذي ترغب في أن تكونه مرة بعد مرة، بغضّ النظر عما يجري في العالم من حولك.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .