كيف تتخلص من تأنيب الضمير عندما لا تنجز قائمة مهامك؟

9 دقائق
shutterstock.com/Nickolay Khoroshkov
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: هل يساورك الشعور بالذنب أو الإحباط في نهاية ساعات عملك اليومي لأنك لم تنجز كل المهام التي خططت لإنجازها؟ لن يجدي ذلك الشعور نفعاً كما أنه شعور غير صحي. إذاً كيف ستتعامل معه؟ عليك أن تتعاطف مع نفسك، عليك أن تدرك أن الاجترار السلبي للأفكار ما هو إلا قصة تؤلفها ومن ثم ترويها لنفسك. حاول أن تعطي نفسك فرصة لإعادة النظر في هذا الموقف لإعادة صياغته وإعادة تقييمه. وحينها قد تدرك أنك بذلت قصارى جهدك اليوم وترنو إلى إنجاز المزيد غداً؛ وغالباً سيتفهم زملاؤك ذلك لأن حالهم كحالك. كما ينبغي أن تكون عملياً عندما تضع لنفسك قائمة للمهام اليومية، وذلك بأن تتحلى بالواقعية عندما تقرر ما يمكنك تحقيقه من المهام في حدود ساعات العمل اليومي. حاول أن تتقبل فكرة أنك لن تستطيع إنجاز كل المهام التي ترغب في إنجازها، وأنه سيكون لديك دائماً مهام تتمنى لو أسعفك الوقت لإتمامها. وسوف يتلاشى ذلك الشعور بالذنب في حال استطعت تقبّل وجود حالة دائمة لا تنجز فيها كل المهام في قائمتك.

 

انتهت ساعات عملك اليوم ولم تنجز شيئاً يذكر من قائمة مهامك. وأنت تشعر بالذنب لعدم إنجاز الكثير من المهام. لكن ذلك الشعور لن يجدي نفعاً كما أنه شعور غير صحي. كيف ستتعامل مع هذا الشعور؟ كيف ستتعامل مع الشعور بأنك خذلت زملاءك في العمل وخذلت مديرك وخذلت عملاءك، وخذلت حتى نفسك؟ وما الطريقة لتتقبل حقيقة أنك قدمت أفضل ما لديك؟ وهل ثمة استراتيجيات لتحسن طريقتك بالتعامل مع قائمة المهام التي لا تنتهي؟

رأي الخبراء

ترى مديرة البحث والتطوير في برنامج أميركا ليرنينغ (Americas Learning) في مؤسسة إرنست آند يونغ (EY) ومؤلفة كتب عدة منها كتاب “ماذا تفعل إن لم يفهمك أحد” (No One Understands You and What to Do About It) هايدي غرانت، أنه غالباً ما يكون خجلك من نفسك لعدم إنجازك ما خططت له من مهام نتيجة لوضع أهداف غير واقعية. وتقول: “معظم البشر مفرطون في التفاؤل، فنحن نبدأ يومنا بوضع توقعات وخطط لإنجاز المهام جميعها”. وتكمن المشكلة في أننا “لا نضع أهدافنا استناداً إلى الواقع الخاص بعملنا”. لذلك عندما نصل إلى آخر ساعة من ساعات عملنا، نشعر دائماً بالقلق والذنب على حد وصف المدربة التنفيذية ومؤلفة كتاب “زعزع نفسك” (Disrupt Yourself) الذي صدر مؤخراً ويتني جونسون، “فنحن نركز على ما لم ننجزه، ثم ينتابنا ذلك الشعور العميق بأننا لسنا أكفاء”. وتضيف: “لكن علينا ألا نشعر بمرارة الفشل”. يتطلب منك التغلب على تأنيب الضمير في عملك أن تقلّص قائمة مهامك اليومية بحكمة، وأن تعرف كيف تصوغ توقعاتك وتوقعات الآخرين لما يمكنك إنجازه ضمن ساعات عملك اليومي بواقعية، وأن تعزز تعاطفك مع نفسك حين تخفق في تحقيق تلك التوقعات. وإليك الطريقة:

أعِد صياغة الموقف

عندما يؤنبك ضميرك بسبب خذلانك لزملائك في العمل وشعور مديرك بالإحباط بسبب عدم قدرتك على إنهاء مهامك، ترى غرانت أنه حريٌّ بك حينها النظر إلى ذلك الاجترار السلبي للأفكار على أنه “قصة تؤلفها أنت ومن ثم ترويها لنفسك”. وتضيف غرانت: “إذا نظرنا إلى الموقف نظرة موضوعية فيجب عليك ألا تشعر بالسوء لتلك الأسباب؛ لكنك تشعر بالسوء بسبب الطريقة التي تفسر بها الموقف”. “فأنت من يقرر أن الذنب ذنبك” وبدلاً من ذلك أعط نفسك فرصة لإعادة صياغة الموقف وإعادة تقييمه. “اسأل نفسك: هل أستطيع أن أرى الموقف بطريقة مختلفة؟” فقد تدرك حينها بأنك أديت الكثير من العمل في ذلك اليوم وبذلت قصارى جهدك، وأنك تتطلع إلى إنجاز المزيد غداً؛ وغالباً سيتفهم زملاؤك ذلك لأن حالهم كحالك.

كوّن منظوراً جديداً لإنتاجيتك

من المفيد أيضاً التفكير في العوامل التي تمنعك من إنجاز المهام في قائمتك، وتفهّم أن ثمة ظروف لا نقوى عليها. تقول جونسون: “عندما تفكر في سبب عدم إنجازك المهام، فعادة ما يكون السبب تلبيتك حاجة شخص آخر، مثل عميلك أو زميلك أو مديرك أو ربما أحد أفراد أسرتك وكان محتاجاً إلى مساعدتك ولم ترده خائباً”. وتنصح جونسون بأن نسأل أنفسنا ماذا قدمنا اليوم؟ بدلاً من ماذا أنجزنا اليوم؟ “وسنكتشف أننا أكثر إنتاجية مما نظن”.

اعرف حدود طاقتك

إذا تحدثنا عن العمل فثمة جانب من تأنيب الضمير ينبع من شعورك بالخجل من نفسك لأنك لم تقدر على توظيف كامل طاقاتك، فتقول لنفسك: “لو عملت بجد أكثر ولفترة أطول لأنجزت المزيد من المهام”، كما أشارت غرانت. ويرجع هذا القلق جزئياً إلى “الأفكار الخاطئة حول عقلية النمو“. إذ تُلقّن مؤسسات اليوم موظفيها أنه بإمكانهم التحسن دائماً بأي عمل ما داموا يبذلون الجهد الكافي في سبيله. صحيح أن “التحسن ممكن دائماً، إلا أنك بحاجة أيضاً إلى تحديد مستوى التحسن المنشود” بالإضافة إلى الوقت والطاقة والموارد اللازمة لتحقيقه. لذا، عندما تشعر بالذنب لأنك لم تنجح بالطريقة التي تخيلتها، حاول أن تفهم أن هذه المشاعر تنبع “من عدم رغبتك في معرفة حدود طاقتك”، كما تصف غرانت. وتضيف أنه عليك أن “تنأى بنفسك عن المهام المنخفضة الأهمية بالنسبة إليك، ولا تتخلَّ أبداً عن مهمة لظنك أنك غير قادر على تنفيذها؛ بل لأنك ترى أنها لا تستحق وقتك وجهدك”. وببساطة،”ركز جهدك على ما يستحق وتجاهل الباقي”.

كن واقعياً عندما تضع قائمة مهامك

بالإضافة إلى التعامل مع الآثار النفسية المترتبة على التقصير في قائمة مهامك، ثمة العديد من الطرق التي تمكّنك من تنظيم وقتك بشكل أفضل، ما يساعدك أيضاً على تخفيف الشعور بالذنب في نهاية يوم العمل. وتبدأ تلك الطرق بكبح جماح قائمتك.

  • أجرِ تحليلاً تفصيلياً يستند إلى أدلة. تنصح غرانت بإقامة التجربة التالية: اكتب قائمة مهامك الاعتيادية كل صباح، وفي نهاية اليوم سجل عدد المهام التي تمكنت من إنجازها. واستمر على هذا الحال لمدة أسبوع أو أسبوعين. “ثم حدد كم عدد المهام التي تنجزها وسطياً” والهدف من ذلك معرفة مقدار العمل الذي تستطيع إنجازه فعلياً في اليوم، وبذلك تتعلم كيف تضع توقعات واقعية.
  • قصّر قائمتك. عليك بعد ذلك أن “تحدد الحجم المناسب لقائمتك” على حد وصف جونسون. فمن المحبط أن تصل إلى نهاية يوم عملك وقد أنجزت مهمة أو اثنتين من أصل 20 مهمة في قائمة مهامك. ومن الطبيعي حينها أن تشعر بالذنب. ترى جونسون أن القوائم الطويلة ليست واقعية، لذا قلل عدد المهمات ولتكن ممكنة التحقيق على نحو يتسم بالمصداقية.
  • اختر المهام التي تستحق التركيز بعناية. تقول جونسون: “يعتمد عدم شعورك بالذنب في نهاية اليوم بشكل أساسي على كيفية تعاملك مع بداية اليوم، لذا حدد المهام التي تحتاج بشدة إلى إنجازها وركز عليها حين تضع قائمة مهامك”. كن حاسماً عند تحديد أولويات وقتك. تقول غرانت: “لا يوجد سوى عدد محدود من الساعات في اليوم، وعليك أن تختار أين ستركز”.
  • راقب إن كان عدد المهام يزداد في قائمتك. في حال لاحظت أن بعض المهام تميل إلى البقاء في قائمتك دون إنجاز، تقترح غرانت أن تسأل نفسك عن الفرق بين المهام التي تنفذها وتلك التي تبقى دون إنجاز. هل سبب ذلك أنني لا أعرف من أين أبدأ؟ هل تلك المهام بالغة التعقيد؟ هل أحتاج إلى تقسيمها لمهام أصغر؟ أم أنني أضيّع الفرص خلال اليوم لإنجاز هذه المهام؟ “قد يكون ذلك مؤشراً إلى أنك بحاجة إلى تخصيص وقت في مفكرتك لتنفيذها لأنك لن تستطيع أن تنفذها دون تخطيط مسبق”.
  • تقبّل حالة عدم إنجاز كامل المهام في قائمتك. تقول غرانت: “حاول أن تنمي في داخلك درجة من تقبل فكرة أنك لن تستطيع إنجاز كل المهام التي ترغب في إنجازها، وأنه سيكون لديك دائماً مهام تتمنى لو أسعفك الوقت لإتمامها، تصالح مع هذه الفكرة. فتلك طبيعة العمل في عصرنا الحديث“. وتضيف: “تقبّل حقيقة مفادها أن قائمة مهامك ستكون في “حالة عدم اكتمال دائمة”. وينطبق ذلك بالأخص عند وصولك إلى مستوى معين من السلم الوظيفي لمؤسستك. “وفي حال تمكنت من تقبّل هذه الحقيقة، سيخف عذاب الضمير”.

ضع حدوداً للتوقعات

وبعد إدراكك لحدود طاقاتك وإعادة تصميم قائمة مهامك استناداً إليها، عليك وضع حدود للتوقعات المنتظرة منك وتوضيحها للآخرين. تقول جونسون: “تجنب إرضاء الناس” و”كف عن إعطاء الوعود التي تتجاوز حدود طاقتك”. كما تضيف غرانت أن الصراحة والعقلانية حيال مدى قدرتك على الإنجاز “تحدان من تدفق الطلبات لأداء مهام تعجز عن إنجازها”. “ذلك سيؤدي إلى رسم حدود لمدى قدرتك على الإنجاز ويؤكدها”. أضف إلى ذلك أن الوضوح إزاء قدراتك يساعدك غالباً على إدراك أن زملاءك ومديرك أشخاص متفهمون ومنطقيون. تقول غرانت: “عادة ما نتخيل أن ردود أفعال الناس أسوأ بكثير مما هي عليه في الواقع، فعندما تخبر الناس عن حدود قدراتك يتقبلونها عادة، وتدرك أنه لا يوجد ما يدعو للقلق”.

تعاطف مع نفسك

يمكنك بالتأكيد أن تتحلى بالحكمة في إدارتك لوقتك، وأن تضع حدوداً أفضل للتوقعات منك، ولكن في النهاية “عليك أن تهتم برفاهك” كما تقول غرانت. عليك اكتشاف طريقة “للحفاظ على قدراتك الذهنية” و”التوقف عن الانشغال المفرط بقائمة مهامك”. فلا يمكنك أن تنجز “أكثر من مهمة في آن واحد، وتلك حقيقة ثابتة، وبدلاً من التركيز على ثلاث مهام لم تستطع إنجازها، هنئ نفسك على إنجاز 17 مهمة”. فحديث الذات المفعم بالإيجابية له فوائده في هذه الحالة. خاطب نفسك بطريقة جديدة. “أكد لنفسك أنك قد عملت بجد اليوم؛ وقدمت أفضل ما لديك؛ وأنجزت عملاً جيداً ويجب أن تفتخر بذلك”.

كن صبوراً

وفي الوقت نفسه لا تتوقع حلولاً سريعة وبسيطة للمشكلة. تقول غرانت: “لن تقرأ هذا المقال وتتخلص فوراً من الشعور بالذنب”. فمحاولة التغلب على الشعور بالذنب عملية مستمرة. تضيف غرانت: “توقع أن تشعر بالذنب وعليك معالجة الموقف مراراً وتكراراً”. توافق جونسون على ذلك قائلة: “ستتفاوت معاناتك مع الشعور بالذنب، لأن التخلص منه عملية مستمرة”. ولحسن الحظ، في حال نفذت تلك الخطوات وخصوصاً تقبّل درجة من عدم الإكمال، ” فستصبح العملية أسهل”.

مبادئ يجب عليك تذكرها

ما يجب عليك فعله:

  • أعِد تقييم الموقف. عندما تشعر بالذنب اسأل نفسك، ما الوضع الذي أتصوره ويولّد هذه المشاعر؟ هل يمكن أن أتصور هذا الوضع بطريقة مغايرة؟
  • انظر إلى المساعدة التي تقدمها للآخرين كركيزة أساسية في إنتاجيتك؛ حيث تساعد هذه الإسهامات مؤسستك على التقدم والازدهار.
  • تقبّل حالة عدم إنجاز كامل المهام في قائمتك. حاول أن تتقبل أن قائمة مهامك لن تنجز بالكامل أبداً، وسيكون لديك دائماً مهام تتمنى لو أسعفك الوقت لإتمامها.

ما يجب عليك تجنّبه:

  • التقيد بقوائم المهام الطويلة. قلل عدد المهام في قائمتك ولتكن ممكنة التحقيق على نحو يتسم بالمصداقية.
  • المبالغة في تقدير الوقت والطاقة والموارد. عليك التخلي عن بعض الأهداف التي لا تستحق جهدك ووقتك.
  • توقُع أن يختفي الشعور بالذنب فجأة. فمحاولة التغلب على الشعور بالذنب عملية مستمرة، ويجب أن تكون مستعداً دائماً للتعامل مع مشاعرك مراراً وتكراراً.

دراسة حالة رقم 1: عدِّل قائمة مهامك وتخلص من المهام غير المنجزة

في الحديث عن الشعور بالذنب اقتبس لنا الرئيس التنفيذي للتسويق في شركة دايسمارت سوفتوير (DaySmart Software) الواقعة في مدينة آن أربور في ميشيغان ستيف مارتن من مدربه الشخصي جملة حيث قال: “كان يردد دائماً: ابذل قصارى جهدك ولا تأبه بشيء!”.

يقر ستيف بأنها نصيحة رائعة، ولكن لم يكن من السهل دائماً اتباعها، حيث يقول: “كثيراً ما مررت بأوقات لم أشعر بها أنني أبذل قصارى جهدي، ولطالما بدأت يومي راغباً في أن أبذل قصارى جهدي، فأشرع في إنشاء قائمة طويلة مليئة بالمهام البالغة الأهمية. وغالباً ما كانت تشتتني المحادثات مع الزملاء، ومشكلات العملاء، والرد على رسائل البريد الإلكتروني التي لا تنتهي”.

وبحلول نهاية ساعات العمل عندما كنت أغلق جهاز الكمبيوتر وأحضّر نفسي للعودة إلى المنزل، كنت أشعر بالذنب حيال كل المهام التي أخفقت في إنجازها. لقد شعرت بذلك الشعور مراراً. هكذا عبّر ستيف عن مشكلته وهو الذي قضى معظم حياته المهنية في الشركات الناشئة. يتابع ستيف قائلاً: “لقد أطلقت على هذه الحالة اسم” عجز نهاية يومي”.

وكان يعلم أنه بحاجة إلى نهج مختلف في العمل لكي يتخلص من ذلك الضغط النفسي. جرّب ستيف في البداية “تحليل السبب الجذري” لكي يعرف أسباب حدوث المشكلة. يتذكر قائلاً: “كنت بحاجة إلى تحليل دقيق للمشكلة الحقيقية، ما الذي كان يمنعني من إنجاز ما عليّ إنجازه؟ هل كنت أضع توقعات بعيدة المنال؟ هل كنت أهيئ نفسي للفشل؟”

وبعد فترة من التفكير العميق، أدرك ستيف أن قائمة مهامه كانت طويلة جداً حيث قال: “لقد كانت تحوي مهام أكثر من اللازم، لن يستطيع أي بشري إنجاز أكثر مما أُنجز”.

لذا قرر ستيف إجراء بعض التعديلات، فبدلاً من اعتماده 20 مهمة في قائمته اقتصر على 6 أو7 لا غير. كما قرر أن يخصص ما لا يقل عن ساعة واحدة كل يوم للمهام ذات الأهمية القصوى.

ثم وضع آلية تأقلم لتساعده على تصميم قائمة مهامه التالية. يقول ستيف: “كانت خطوتي الأولى هي الاعتراف بحقيقة أنني كنت دائماً أضخّم الأمور على نحو يفوق حجمها الحقيقي. لذا عندما أشعر بالذنب تجاه عدم قدرتي على إنجاز مهامي اليومية بأكملها، عليّ تقبل أن أهمية تلك المهام، بغض النظر عن مستوى أهميتها، ستكون حتماً أقل أهمية بعد شهر أو سنة”.

وأخيراً أدرك ستيف أنه بحاجة إلى أن يهوّن على نفسه. أما الآن فلديه قائمة مهام مميزة. ويقول: “حتى قصارى جهدي لن يكون كافياً لا لأسباب تتعلق بعدم كفاءة تلك الجهود، بل لأن حجم العمل يفوق القدرات اللازمة لتحقيقه، فلن أستطيع إنجاز المهام كلها”.

“لقد كان مدربي على حق”.

دراسة حالة رقم 2: قدّر قيمتك عبر إسهامك في مساعدة الآخرين وليس عبر عدد المهام المنجزة

تقول كاتلين هولبروك إن الشعور بالذنب الناجم عن عدد المهام غير المنجزة في قائمة مهامها كان يتفاقم مع تقدمها في مسيرتها المهنية.

وتقول كاتلين التي تشغل منصب النائبة الأولى لرئيس شركة في تو كوميونيكيشنز (V2 Communications) للعلاقات العامة في بوسطن: “تصاعد مستوى الضغط عندما انتقلت من وظيفة عادية في الشركة إلى منصب قيادي مع قدر أكبر من تحمل المسؤولية، وازدادت التحديات حين أصبحت أماً”.

وتتذكر كاتلين الأم لثلاثة أطفال بوضوح مرارة ذلك الشعور حينما بقيت بعض المهام في قائمتها دون إتمام لفترة أطول من اللازم. “لم يكن بمقدوري تقديم مهمة على أخرى بهذه البساطة؛ فالمهام المُلحّة كانت تتوالى دون انقطاع، لذلك بقيت المهام غير المستعجلة في قائمتي دون إنجاز، وعند استفسار زملائي عنها كنت أخبرهم والقلق يأكلني بأنني لم أنجزها بعد أو أنها ما تزال قيد الإنجاز”.

وبمرور السنين غيرت كاتلين أسلوبها وقلَّ شعورها بالذنب. كبداية حرصت على إعلام زملائها بوضوح ما تستطيع فعله وما لا تستطع فعله. تقول كاتلين: “حررتني تلك الخطوة من قيود عدة، أوضحت جدول أعمالي لزملائي بهذه الطريقة: لا أستطيع حضور اجتماعات الفريق الداخلية عبر الإنترنت قبل التاسعة والنصف وبعد الرابعة والنصف. في الواقع أحببت تلك الطريقة لأنها تتيح لي المزيد من الوقت لأولويات قائمة مهامي اليومية. كما أوضحَتْ لهم أن الاجتماعات التي تتطلب حضورها شخصياً يجب أن تكون مجدولة ضمن ذلك الوقت، ويستثنى من ذلك اجتماعات العملاء التي تحضرها وفقاً لجدول أعمالهم.

كما أنها تخلت عن فكرة تحمل مسؤولية كل المهام وحدها. حيث قالت: “حدث تحسن كبير عندما أدركت أنني أتسبب في المزيد من المتاعب من خلال إبقاء زملائي في الانتظار ريثما أنهي تلك المهام بدلاً من طلب المساعدة من أحدهم ببساطة”. “كنت أخشى أن أثقل كاهلهم، ولكنني أدركت فيما بعد أنه في معظم الحالات لم تكن المهام إلا أعمالاً يتوق أعضاء الفريق المستجدين إلى توليها لأنها تسمح لهم باكتساب مهارات جديدة”.

في النهاية وضعت كاتلين في اعتبارها أن قوائم المهام التي ربما قضت في إعدادها عدة أيام لا تصمد حتى الساعة العاشرة صباحاً وغالباً لسبب وجيه، حيث تقول: “قد يكون السبب تولي مهمة جديدة أكثر إلحاحاً، قد تكون مشكلة طارئة مع عميل، أو طلب عاجل يحتاج إلى استجابة، أو زميل يسعى للحصول على المشورة، أو أي مهمة أخرى لا تتحمل التأخير”.

لا تقيس كاتلين قيمة عملها استناداً إلى عدد المهام المنجزة في قائمة مهامها، بل تنظر إلى الإسهامات التي تقدمها لمؤسستها وزملائها وعملائها، حيث تقول: “عندما أسهم في مهمة ليست موكلة إلي فإنني أضيف قيمة لعملي بطريقة أو بأخرى”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .