كيف تعيد دمج موظف غير سعيد في العمل؟

5 دقائق
دمج الموظفين
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أجرت كاتبة المقالة استقصاء شمل 5,600 عامل في مختلف القطاعات في الفترة بين يناير/كانون الثاني 2019 وديسمبر/كانون الأول 2021، ووجدت أن استياء العاملين لا يبدأ بسن الخامسة والعشرين فحسب، بل كان مستفحلاً أيضاً قبل ظهور جائحة فيروس كورونا. ويتسبب هذا في وقوع متاعب للشركات التي تأمل أن تتجاوز مشاكلها وتريد إعادة دمج الموظفين واستبقاء مدرائها (الذين يبلغ متوسط أعمارهم 44 عاماً) وتدريب مدراء المستقبل أيضاً. فما نصيحتها لاستبقاء المدراء في منتصف حياتهم المهنية وأولئك الذين يستعدون لشغل هذا المنصب؟ احرص على المواءمة بين العمل والحياة الشخصية، وليس تحقيق التوازن بينهما. اعرف ما يحفزهم كأفراد، وأعد صياغة مواصفات وظائفهم بالتعاون معهم. أشركهم في عملية التوظيف. واربط بين عملهم والاستراتيجية العامة للشركة.

 

يطرق أفضل موظف لديك باب مكتبك ويسلمك خطاب الاستقالة. ما الخطوة الأولى التي ستتخذها في هذا الموقف؟ يقول الفكر السائد إن دفع رواتب أكبر وتقديم امتيازات إضافية هما السبيل إلى قلب الموظف. لكنك تسمع بعد 6 أشهر طرق الباب مرة أخرى لتجد الموظف ذاته يريد الرحيل ملوحاً برسالة مماثلة.

فقد استقال العاملون من وظائفهم بأعداد كبيرة خلال عاميّ 2021 و2022، وأحياناً دون أن تكون لديهم وظيفة أخرى يلتحقون بها. وتزداد ضخامة هذا الرقم بشكل حاد بين الموظفين في منتصف حياتهم المهنية الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و45 عاماً، حيث كان متوسط معدلات الاستقالة أعلى بنسبة 20% عام 2021 مما كان عليه في عام 2020.

لكن المشكلة لا تقتصر على هذه الشريحة العمرية أو الاستياء الناجم عن تفشي الجائحة. فبعد إجراء استقصاء شمل أكثر من 5,600 مشارك في مختلف القطاعات بين يناير/كانون الثاني 2019 وديسمبر/كانون الأول 2021، وجدنا أن استياء العاملين بدأ بسن الخامسة والعشرين، والأهم من ذلك أنه كان مستفحلاً قبل أن تنقلب حياتنا رأساً على عقب.

وإذا أراد المدراء إعاة دمج الموظفين ومنعهم من المغادرة، فإن محاولة حل المشكلة بإغداق الأموال على الموظفين ما هو إلا حل مؤقت في أحسن الأحوال. فقد كشفت بياناتنا أن 38.2% فقط من العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والعشرين والخامسة والأربعين يعتبرون أن الأجر هو العامل الأكثر أهمية في رضاهم الوظيفي، على الرغم من أننا وجدنا أنها كانت الاستجابة الإدارية الأكثر شيوعاً لأخبار مغادرة الموظفين.

فقد أخبرنا الكثير من هؤلاء الموظفين بأنهم يتوقون إلى عمل يلهمهم ويخلق حالة من الانسجام بينهم كأشخاص وبين ما يفعلونه. وأشاروا إلى أن هذا يجعلهم أكثر تفاعلاً وإنتاجية وأكثر ولاءً. كما يريدون أن يشعروا بأنهم يعملون لتحقيق غاية كبرى، ويريدون أن يفهموا كيفية تحقيق ذلك في وظيفتهم اليومية، مع الحق في الاستقلال الذاتي لتشكيل دورهم في كل ذلك.

ويحرص القادة المهتمون بإعادة دمج الموظفين على منحهم المزيد مما يريدونه ويحتاجون إليه، كالتوافق والإلهام والقوة والبصيرة، وليس فقط المزيد من المال. وإليكم فيما يلي 4 طرق لتحقيق ذلك:

احرص على المواءمة بين العمل والحياة الشخصية، وليس تحقيق التوازن بينهما

تنطلق المسيرة المهنية للموظفين بأسرع معدلاتها في المرحلة العمرية بين الخامسة والعشرين والخامسة والأربعين، لكنهم يواجهون أيضاً ازدياد مسؤولياتهم الشخصية بمعدلات سريعة. ومن الصعب تحقيق حالة عابرة من التوازن بين العمل والحياة الشخصية عند الزواج وإنجاب الأطفال ورعاية الوالدين المسنين وحضور فعاليات بناء العلاقات ومؤتمرات التطوير المهني والانضمام إلى اللجان المجتمعية أو المنظمات غير الربحية أو اللجان المدرسية.

وبدلاً من البحث عن التوازن بين العمل والحياة الشخصية، يبحث هؤلاء العاملين عن المواءمة بينهما. ولا يقتصر الأمر على الوقت الذي يقضونه في العمل فحسب، بل يرتبط أيضاً بأثر هذا العمل على الوقت الذي يقضونه بعيداً عنه زيادةً أو نقصاناً.

على سبيل المثال، وجدنا أن 65% من المشاركين أرادوا أن تكون لديهم سيطرة أكبر على الفرق التي تم تكليفهم بالانضمام إليها والمشاريع التي عملوا بها وازدياد قدرتهم على التأثير في ساعات عملهم أو تحقيق الدخل من خلال عملهم الجانبي. وبينما يتوقع المرء أن يرى العاملين يكتسبون مزيداً من السيطرة مع تقدمهم في المناصب، فإن العكس صحيح بالنسبة للنساء على وجه الخصوص، ما دفعهن إلى ترك قوة العمل بأعداد أكبر من نظرائهن من الرجال.

اسأل موظفيك كيف يسهم العمل الذي يؤدونه كل يوم في مساعدتهم على تحقيق التقدم المهني الذي يسعون إليه أو رعاية الأُسر التي يعولونها أو إظهار قيمهم بصورة يومية حتى تتمكنوا جميعاً من العمل معاً لمعالجة المشكلات المستعصية التي يعانونها.

اعرف ما يحفزهم، وأعد صياغة مواصفات وظائفهم بالتعاون معهم

أظهر الاستقصاء الذي أجريناه أن أكبر خلل رأيناه كان في العلاقة بين الموظفين وقادتهم. فقد قال جميع العاملين تقريباً إنهم يريدون العمل تحت رئاسة قائد يلهمهم، لكن 36% منهم فقط قالوا إنهم يعملون تحت رئاسة قائد كهذا. ويُعد الاستثمار في علاقتك مع موظفيك إحدى الطرق لسد هذه الفجوة وإطلاق العنان لتحفيزهم.

ولفهم ما يحفّز موظفيك، اسألهم عن سبب حصولهم على هذه الوظيفة أو دفاعهم عن هذه القضية أو انضمامهم إلى هذا الفريق أو تلك المؤسسة أو حصولهم على هذا الراتب، وما إذا كان ذلك لا يزال يمثّل حافزاً لهم. كن منفتحاً على إجاباتهم. قد تسمع أشياء تفاجئك أو تثيرك أو تربكك، لكنها ستساعدك حتماً على فهم فريقك بشكل أفضل. وكلما عرفت المزيد، استطعت تكليفهم بمشاريع هادفة بالنسبة لهم وإعادة تشكيل أهدافهم اليومية والأسبوعية وربع السنوية وفقاً لذلك. ستعمل أيضاً على تعميق فهمك لما يلهمهم بحيث يمكنك في المقابل تكوين علاقة مباشرة بينهم وبين عمل الشركة واحتياجاتهم الشخصية في المستقبل.

أشركهم في عملية التوظيف

تبدو عملية التوظيف وكأنها شيء يتم إرغام الموظفين وفرق العمل عليه، وليست شيئاً يتم بالتعاون معهم، ما يجعلهم يشعرون بأنهم أقل قدرة على المشاركة وأقل تأثيراً وأقل أهمية. ولن توفر عملية التوظيف فرصة لجلب مواهب ورؤى جديدة فحسب، وإنما ستوفر أيضاً مساحة من أجل دمج الموظفين الرئيسيين الحاليين لديك لإعادة إثارة شعلة حماسهم.

على سبيل المثال، بدلاً من الاكتفاء بنشر الوصف الوظيفي القديم لوظيفة شاغرة الآن، يجب على المدراء قضاء بعض الوقت للتحدث مع موظفيهم حول ما إذا كان هذا الوصف الوظيفي لا يزال مناسباً أو لا. واطلب مساعدتهم على تحسينه.

هذه العملية لها فوائد خارجية وداخلية. إذ لا تتم قراءة أوصاف الوظيفة من قبل المرشحين للوظائف فحسب، ولكن غالباً ما تتم قراءتها سراً من قِبَل الموظفين الحاليين. ويربط الوصف الوظيفي الرائع مسؤوليات الوظيفة بغاية مؤسستك. ويجب أن تساعد قراءته موظفيك الحاليين على إعادة إحياء روح السعادة والإثارة التي شجعتهم على الانضمام إلى مؤسستك في المقام الأول، وتذكيرهم بكيفية المواءمة بين عملهم اليومي والصورة الكبرى.

اربط بين عملهم والصورة الكبرى

أظهر الاستقصاء الذي أجريناه أن نحو نصف العاملين الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والعشرين والخامسة والأربعين فقط أنهم يستطيعون ربط مهماتهم اليومية بمقتضيات استراتيجية أكبر. وأفاد جميع المشاركين تقريباً البالغ عددهم 5,600 مشارك (92.4%) أنهم يؤدون عملهم بصورة أفضل عندما يرون مدى أهمية جودة عملهم في تشكيل الصور الكبيرة.

فكّر في دورك في هذه العملية. وبدلاً من مجرد تمرير المتطلبات المؤسسية الأكبر، كيف يمكنك ربط الأمور بعضها ببعض لأعضاء الفريق الذين يتساءلون: “كيف يؤثر أي من هذا عليّ؟”. ساعدهم على رؤية العلاقات المباشرة بين عملهم اليومي أو الأسبوعي أو الشهري أو ربع السنوي وأهداف الشركة الشاملة بعيدة الأجل.

. . .

بدلاً من الوقوف مكتوف الأيدي بينما يفكر أفضل موظفيك في الاستقالة، قدم لهم مساراً بديلاً ومقنعاً لهم بصفة شخصية. ومن خلال إعادة دمج الموظفين وإعادة إلهامهم ومنحهم مزيداً من القوة، يمكنك إنشاء بيئات عمل تساعدهم على الشعور بأنهم يُخرجون أفضل ما فيهم. وعندما يحدث هذا، فسيعيدون استثمار أنفسهم في مؤسساتهم ويعززون سلوكياتهم في بناء الفريق.

وبدلاً من انتظار أن يطرق أحدهم بابك وتقديم استقالته، سيعمل بتفانٍ متجدد ويضخ استثمارات أكبر ويبذل جهوداً مكثفة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .