كن الزميل الذي يضع الآخرون ثقتهم فيه

4 دقائق
دعم الزملاء للإفصاح عن مشاعرهم
freepik.com/ @freestockcenter

ملخص: تظهر البحوث أنه عندما يشعر الموظفون بمستويات أعلى من المصداقية في العمل، يبلغون عن زيادة في الرضا الوظيفي والاندماج ومستويات أعلى من الأداء. لكن قد ينطوي رد فعلنا اللاإرادي على الأسئلة في العمل أحياناً على إخبار الناس أننا بخير، حتى عندما لا نكون كذلك. كيف يمكنك دعم الزملاء للإفصاح عن مشاعرهم في مكان العمل الذين لا يشعرون أنهم بخير أو أنهم قادرين على الإفصاح عن مشاعرهم في العمل؟ من المهم إدراك أن أخذ الوقت الكافي لسؤال زميلك عن حاله أكثر من مرة قد يُحدث فارقاً كبيراً، خاصة إذا كنت تعتقد أنه لا يشعر بخير كما يُصرّح. يمكنك أن تسأل سؤالاً بسيطاً مثل: “أعلم أنك قلت إنك بخير عندما سألتك عن أحوالك هذا الصباح، لكنني أشعر أن ثمة ما يؤرقك، لهذا السبب أود أن أسألك مرة أخرى. كيف حالك اليوم حقاً؟” ثم واصل حديثك معه لمعرفة مقدار ما يرغب في الإفصاح عنه.

 

غالباً ما يُطرح علينا السؤال الاعتيادي: “مرحباً، كيف حالك؟” كرد فعل عندما نلتقي أحد الزملاء في العمل. وتتمثّل الإجابة المألوفة في: “أنا بخير، ماذا عنك؟” نسأل ونجيب ثم نبدأ يوم عملنا. لكن التفاعل بتلك الطريقة يحرمنا فرصة خلق بيئة تُتيح لنا التعبير عن أنفسنا بصدق في مكان العمل، بما في ذلك مشاعرنا السيئة والمستاءة والحزينة.

ما هي أهمية أن يعبر الموظفون عما إذا كانوا بخير أو لا بصدق؟ تظهر البحوث أنه عندما يشعر الموظفون بمستويات أعلى من المصداقية في العمل، يبلغون عن زيادة في الرضا الوظيفي والاندماج ومستويات أعلى من الأداء.

قد تقول في قرارة نفسك: “ماذا لو لم يكن زميلي يشعر أنه بخير، ما الذي يجب علي فعله؟” ليس من الضروري أن تكون مدرباً محترفاً أو معالجاً لتكون زميلاً داعماً. ذكرت في كتابي المشترك مع صوفي ريغل “التغلب على الإفراط في التفكير: 36 طريقة لتهدئة القلق بشأن العمل والمدرسة والحياة” (Overcoming Overthinking: 36 Ways to Tame Anxiety for Work, School, and Life) “أننا قادرون على إبداء الدعم العاطفي من خلال الإصغاء بإمعان، وإظهار مدى فهمنا للمتحدث دون الحكم عليه… وتقديم المشورة عندما يطلبها الآخرون منا فقط”.

دعم الزملاء للإفصاح عن مشاعرهم

وبالإضافة إلى ذلك، يوجد 6 خطوات بسيطة لمساعدة شخص يواجه صعوبة في مشاركة مشاعره الحقيقية:

1. اسأل عن أحواله أكثر من مرة

أنت مشغول وأنا مشغول وجميعنا مشغولون، لكن أخذ الوقت الكافي لسؤال شخص ما عن حاله أكثر من مرة قد يُحدث فارقاً كبيراً، خاصة إذا كنت تعتقد أنه لا يشعر بخير كما يُصرّح. يمكنك أن تسأل سؤالاً بسيطاً مثل: “أعلم أنك قلت إنك بخير عندما سألتك عن أحوالك هذا الصباح، لكنني أشعر أن ثمة ما يؤرقك، لهذا السبب أود أن أسألك مرة أخرى. كيف حالك اليوم حقاً؟” ثم واصل حديثك معه لمعرفة مقدار ما يرغب في الإفصاح عنه.

2. اطرح أسئلة أخرى، ولا تجعل سؤالك مقتصراً على: “كيف حالك؟”

بعد أن يرد زميلك بـ “أنا بخير”، يمكنك طرح أسئلة إضافية مثل: “كيف قضيت عطلة نهاية الأسبوع؟” أو “ماذا فعلت الليلة الماضية؟” أو “هلّا أخبرتني عن الأمور التي تزعجك؟ يمكنك مشاركة همومك معي في أي وقت”. من المهم أن تخبر زميلك أن اهتمامك به لن يقتصر على سؤالك عن أحواله فقط. (يوجد فائدة إضافية أيضاً: إذ تظهر البحوث أن طرح أسئلة إضافية يجعل الزملاء يُبدون ثقتهم بنا أكثر).

3. تذكر تفاصيل حياة زميلك واستفسر عنها

عندما يرد شخص ما بـ “أنا بخير”، يمكنك التعقيب بـ: “سُعدت لسماع ذلك. أعتقد أيضاً أنك ذكرت أن والدك خضع لعملية جراحية. كيف حاله اليوم؟” ثم أصغ إلى رده بإمعان. تذكر أن هدفك ليس التطفّل على حياة زميلك، وإنما جعله يُدرك أن اهتمامك بتفاصيل حياته هو ما دفعك إلى سؤاله. إذا أراد زميلك التحدث، فسيشارك همومه معك؛ لكن إذا لم يكن يرغب في التحدث، فسيحجم عن مواصلة الحديث. وإذا لم تكن متأكداً من رغبته، فاسأله: “هل سبّب سؤالي لك الإزعاج؟” أو “هل ترغب في الحديث عن هذا الموضوع؟”

4. راقب لغة جسده واطرح استفساراتك بلطف

تنطوي كل عملية تواصل على 3 عناصر، العنصر اللفظي (الكلمات)، وعنصر الصوت (النبرة)، وعنصر البصر (لغة الجسد). عندما يقول أحدهم “أنا بخير”، انتبه لما هو أكثر من الكلمات. لاحظ تعابير وجهه ولغة جسده وأسلوب تواصله البصري، وما إلى ذلك. قد تحمل عبارة “أنا بخير” مع حاجبين مقطبين أو كتفين مسدلين في طياتها معنى آخر. يمكنك أن تقول: “أعلم أنك قلت إنك بخير، لكنني أرى علامات الحزن بادية على وجهك. هل تعرضت لمشكلة ما وتود مشاركتها معي؟” ومرة أخرى، أصغ إليه بإمعان دون أن تضغط عليه.

5. كن نموذجاً يُحتذى به من خلال مشاركة همومك مع الآخرين

إذا كنت تجيب دائماً بـ “أنا بخير”، حتى عندما لا تكون كذلك، فأنت تفوت فرصة أن تكون صادقاً وصريحاً وأن تحفز الآخرين على ممارسة الصدق والصراحة أيضاً. عندما يسألك شخص ما عن أحوالك، فكن على استعداد لقول الحقيقة. يمكنك الإجابة بعبارات لا تنطوي على أي مبالغة مثل: “لا بدّ لي أن أعترف أنني لست على ما يرام اليوم”، أو “أتمنى لو كنت بخير، لكن الأفكار تتزاحم في عقلي”. وسيمنحك اتباع ذلك النهج أيضاً فرصة معرفة كيفية استجابة الشخص الآخر. إذا قال: “يؤسفني سماع ذلك. ما رأيك باجتماع يوم أمس؟” فقد تفترض أنه ليس على استعداد للتحدث بوضوح معك أو أن أفكاراً أخرى تدور في عقله، أو أنه لم يكن يستمع إليك. لكن لا تحكم عليه أنه شخص غير مبال أو منعزل. إذ قد يساعد إظهار ضعفك الآخرين في تعلم مهارة جديدة، لكن تذكر أن تعلّم المهارات الجديدة قد يستغرق وقتاً طويلاً.

6. اخلق ظروفاً آمنة للآخرين للتحدث بوضوح

يوجد فرق بين أن تطلب من شخص ما أن يتحدث معك بصراحة، وبين أن تخلق الظروف التي تساعده في التحدث بصراحة. ما الذي يمكنك فعله لتعزز من فكرة أنك شخص يمكن للآخرين أن يأتمنونه على أسرارهم؟ أولاً، احترم السرية ولا تشارك ما يخبرك به زميلك مع الآخرين، حتى في المحادثات غير الرسمية. ثانياً، إذا كنت مهتماً حقاً برفاهة شخص ما، فتحدث معه مباشرةً. ثالثاً، لا تقدم النصيحة إلا إذا طُلب منك ذلك، إذ قد تقوّض النصيحة إحساس الآخرين بالحرية والاستقلالية، حتى عندما تكون مفيدة. رابعاً، ضع حدوداً حول المواقف التي تشعر فيها أنك غير قادر على تقديم أي مساعدة حيال المشكلة التي شاركها زميلك معك. يمكنك أن تقول عبارة مثل: “يؤسفني سماع أنك تتعامل مع ذلك الوضع. من هو الشخص الآخر الذي يمكنك التحدث إليه والذي قد يكون مصدر دعم جيد لك في هذا الموقف؟” أخيراً، يمكنك خلق ظروف آمنة من خلال احترام قرار زميلك بعدم رغبته في مشاركة همومه معك. يمكنك أن تقول: “أنا أحترم خصوصيتك، وأنا مستعد للإصغاء إليك متى أحببت، ولن أتطفل على حياتك ما لم تكن ترغب في الحديث”. واحترم بعد ذلك وعدك من خلال عدم التطفل على حياته (حتى لو رغبت في ذلك حقاً).

قد تكون عبارة “أنا بخير” كافية أحياناً، لكنها قد تكون في أحيان أخرى وسيلة إلى خلق بيئة أكثر صراحة وثقة للأشخاص (بمن فيهم أنت) تُتيح لهم مشاركة مشاعرهم الحقيقية دون الشعور بالخجل أو بالعار.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .