حان وقت التغيير.

ربما لأنك تشعر أن مكان عملك يُدار بطريقة سيئة أو أن راتبك لا يكفي نفقاتك أو لأنك تعاني الاحتراق الوظيفي. أو ربما لا تشعر بأيّ عواطف سلبية جداً تجاه وظيفتك الحالية، لكنك ترغب في العمل بمجال جديد والحصول على فرص أكثر للتطور أو التمتع بمرونة أكبر ومزايا أفضل من العمل.

فتعتقد في قرارة نفسك أن الوقت قد حان للعثور على عمل جديد. ولكن كيف ستفعل ذلك وأنت تشعر أن وقتك لا يكفيك لعملك الحالي وللعناية بمسؤولياتك الأسرية ولحظات الاسترخاء وتلبية حاجاتك الضرورية كالأكل والنوم؟ كما أنك لا تريد أن تتخلّف عن أداء مهامك في عملك الحالي، بينما تشغل التزاماتك الخارجية الكثير من أوقات فراغك.

وبصفتي مدربة في مجال إدارة الوقت، أساعد الكثير من الموظفين في مثل هذه المواقف ليعرفوا كيفية إنجاز أعباء العمل الحالي مع تخصيص وقت آخر لما هو قادم. كما أساعدهم على التخطيط بطريقة مدروسة لرسم الطريق وتحقيق التوازن بين كافة مسؤولياتهم بينما يحرزون التقدم في عملية البحث.

قبل أن تبدأ عملية البحث عن عمل، تريّث قليلاً وألقِ نظرة عامة على جدول مواعيدك لتقرّر متى يمكنك التفرغ لهذه العملية. وأنصحك أن تخصص ساعتين أو ثلاثاً على الأقل في الأسبوع للبحث عن فرصة جديدة. وإذا كنت متفرغاً نسبياً في العمل أو خارجه فقد يكون هذا هو الوقت المناسب للتحرك. لكن إذا كنت منشغلاً جداً في عملك أو تشرف على أخذ إجازة طويلة، أو تستعد لمتابعة مباريات بطولتك الرياضية المفضلة، أو حضور حفلات عائلية أو أيّ التزامات موسمية أخرى فلن يكون هذا الوقت مناسباً للبحث عن مسار مهني جديد. واختر بدلاً من ذلك فترة يقلّ فيها حجم عملك ومسؤولياتك الأسرية، ثم سجّل ملاحظة في جدول مواعيدك من أجل البدء بعد ذلك.

وما إن تحدد الوقت المناسب للبدء اتّبع هذه النصائح من أجل ملاءمة عملية البحث مع جدول مواعيدك، بتقسيمها على 4 مراحل:

مرحلة الاستكشاف

الخطوة الأولى في البحث عن العمل هي معرفة ما تريده في الوظيفة الجديدة. فغالباً ما أجد أشخاصاً يشعرون أنهم بحاجة إلى مهمة جديدة، لكنهم لا يعلمون حقيقة ما يفضلون عمله. وإذا وجدت نفسك في موقف مشابه فقد تحتاج إلى الجمع بين أبحاث الإنترنت والمقابلات الاستكشافية من أجل التعرف أكثر على الفرص المتوفرة.

ستتمتع باستقلالية كبيرة جداً في تحديد الوقت الذي ستخصصه للبحث على الإنترنت، إذ يمكنك تخصيص أمسية أحد الأيام بعد العودة من العمل تضمن فيها ساعة فراغ على الأقل تكرّسها لاستكشاف المستجدات والبحث عن المهارات المطلوبة وإلقاء نظرة سريعة على الوظائف الشاغرة. وللتأكد من التزامك بهذا الموعد سجّله في جدول مواعيدك باعتباره حدثاً أسبوعياً متكرراً. وإذا كنت تجد صعوبة في تحفيز نفسك على البحث وأنت في البيت، ففكّر في الذهاب إلى المكتبة أو المقهى من أجل منح نفسك دفعة إضافية بسيطة (استهلاك الكافيين يبقى اختيارياً).

وعند إجرائك للمقابلات الاستكشافية سيتعين عليك التكيف مع جدول مواعيد الأشخاص الذين ستلتقي بهم، مع التفكير دائماً في ملاءمتها لوقتك. وإذا كنت جادّاً في العثور على عمل جديد في الوقت الحالي، وتريد توسيع دائرة اتصالاتك، فخصص موعداً أسبوعياً للتفكير في الأشخاص الذين تريد التواصل معهم وطلب العون منهم. ويمكن أن يكون ذلك في صباح أحد أيام الأسبوع أو مسائه، أو حتّى في عطلة نهاية الأسبوع. وسجّل هذا الموعد في جدول مواعيدك حدثاً متكرراً أيضاً.

وبمجرد تلقيك رداً من هؤلاء الأشخاص الذين تحتاج إلى مساعدتهم في مرحلة الاستكشاف، حدد توقيت اللقاءات معهم على جدول مواعيدك على نحو استراتيجي؛ إذا كانت هذه اللقاءات مباشرة ففكر في جدولتها مبكراً مع قهوة الصباح قبل العمل أو بعد نهاية اليوم، وإذا كانت عن بُعد فيمكنك جدولتها في أي وقت كان، واعتبرها استراحة غداء. وإذا كنت تريد التحكم في جدولك الزمني فكن حذراً في عملية التواصل خلال فترة الغداء، لأنك إذا قررت التنقل بسيارتك للالتقاء بشخص ما فقد تقضي أكثر من ساعة الغداء المعتادة بعيداً عن مكتبك. قد يكون ذلك مقبولاً إذا كنت تتمتع بمرونة من أجل تعويض الوقت الضائع لاحقاً، لكنك إذا كنت تأخذ أكثر من استراحة غداء طويلة في الأسبوع فستتخلّف بسهولة عن أداء مهام عملك.

مرحلة الاستعداد

بمجرد اتخاذ القرار بخصوص توجهك العام ستحتاج إلى الاستعداد لتقديم طلب الوظيفة. ويشمل ذلك بالنسبة إلى معظم الناس تحديث سيرهم الذاتية وملفاتهم التعريفية على لينكد إن.

لاحظتُ دائماً أن مرحلة الاستعداد هي التي يعلق فيها الناس إما بسبب التسويف أو بسبب البحث عن الكمال أو كليهما معاً. فإذا وجدت نفسك تُماطل في الاستعداد فعليك أن تعيّن يوماً وتوقيتاً محددين تبدأ بهما تحديث ملفاتك، كأن تغتنم يوم “السبت بعد وجبة الفطور مباشرة” مثلاً، ثم كرّس نفسك لهذه المهمة ساعة أو ساعتين في الموعد المحدد. وما إن تستنفد هذه المدة الزمنية حدد موعداً جديداً لمواصلة العمل على هذه المهمة، فعادة ما يصعب إجراء كل التغييرات التي ترغب فيها في جلسة واحدة، لكنك إذا عملت عليها بانتظام فسوف تحرز تقدماً مهماً في نهاية المطاف.

وإذا احتجت إلى تشجيع إضافي بسيط، فقد يكون الضغط الإيجابي من أقرانك مفيداً. قد يكون هذا القرين صديقاً تبعث له ملف تعريفك على لينكد إن من أجل مراجعته، أو زميلاً تطلب منه تنقيح سيرتك الذاتية أو مدرباً مكلفاً بمساعدتك على السير قُدماً في العملية. وغالبا ما ستنتابك الكثير من مشاعر الوهن وأنت في هذا المسار، لذا من المفيد لك أن تحظى بدعم أشخاص من حولك، يستطيعون تقديم دفعة وتقييم وتشجيع لك.

وإذا أنهيت تنقيح سيرتك الذاتية وملف تعريفك على لينكد إن، لكنك وجدت نفسك تعود إليهما مراراً وتكراراً من أجل التصويب والتعديل، فقد تكون وقعت في فخ البحث عن الكمال. لذا لا تنسَ أن إنجاز المطلوب يصبح أهم من بلوغ الكمال في مرحلة معينة. وإذا طلبت من شخصين مراجعة ما أنجزته ووافقا عليه، فمن الأفضل أن تنتقل إلى المرحلة التالية في البحث عن الوظيفة: تقديم الطلب.

مرحلة التقديم

قد تكون مرحلة التقديم شبيهة بما رأيته في مرحلة الاستكشاف، من حيث الجمع بين بحوث الإنترنت والمقابلات الاستكشافية. ابحث أولاً عن وظيفة في المؤسسة التي تعمل بها وفي الشركات السابقة التي عملت لصالحها، زيادة على شركات جديدة لأن التوظيف الداخلي وظاهرة الموظفين العائدين أصبحا توجّهين سائدين.

وقد تحتاج إلى إجراء بحث يومي سريع عن وظائف جديدة بدلاً من جلسات بحث طويلة مرة أو مرتين في الأسبوع كما كنت تفعل في مرحلة الاستكشاف. فهذا يضمن لك ألّا يفوتك الاطلاع على أيّ عرض لوظائف مهمة، وأن تجد الوقت الكافي لاستكمال التقديم قبل نهاية أجله. وسجّل تذكيراً يومياً متكرراً على هاتفك أو جدول مواعيدك كل صباح أو مساء، كي تتذكر أن تتصفّح منصّات إعلانات العمل الرئيسية أو تطلع على الإشعارات التي تصلك على الأقل.

وإذا شرعت في عملية تقديم معينة فقد يتعين عليك تكريس المزيد من الوقت على مدى أيام من أجل إنهائها. وفي هذه الحالة ستحتاج إلى مخطط زمني أسبوعي لملاءمة ذلك مع جدول مواعيدك. يمكنك مثلاً أن تبدأ الإجابة عن أسئلة طلب التقديم في المساء، لكن خصص في الأيام التالية مواعيد في الصباح وعند الغداء أو في المساء أيضاً من أجل إكمالها. وانظر إلى ما يمكنك تغييره في جدول مواعيدك، أو مصادر المساعدة الممكنة عند الحاجة، من أجل توفير الوقت لإنهاء عملية التقديم. يمكنك على سبيل المثال تأجيل موعد الغداء المقرّر مع زميل لك أو أن تطلب من زوجتك التكفّل بنقل الأطفال إلى المدرسة وأخذهم منها لبضعة أيام. وحاول تقليل التزاماتك في جدول مواعيدك عموماً عندما تعرف أنك ستحتاج إلى قضاء الكثير من الوقت في عمليات التقديم. وضع في حسبانك تأجيل أي خطط سفر طويل أو أعمال تطوعية خلال فترة البحث الجاد عن العمل كي تتوفر لك المرونة الكافية من أجل التصرف عندما تظهر فرصة العمل الجديد.

مرحلة المقابلة

عندما تبحث عن عمل فقد تكون مرحلة المقابلة هي الأصعب من حيث الجدولة الزمنية حسب مدة المقابلات الشخصية وتوقيتها ومحلّ إجرائها.

فإذا كنت تعمل عن بُعد أو تجمع بين العمل ضمن المقر المكتبي والعمل عن بُعد وكانت المقابلات افتراضية فيمكن أن تخطط لاجتيازها في اليوم الذي تعمل فيه عن بُعد. وإذا كانت هذه المقابلات قصيرة فيمكنك احتساب فترة إجرائها استراحة غداء. أما إذا كانت مدتها الزمنية طويلة فقد تحتاج إلى أخذ إجازة أو العمل مبكراً أو حتى وقت متأخر أو في عطلة نهاية الأسبوع للتعويض. ومن الأفضل أن تسأل عن إمكانية إجراء المقابلات في بداية اليوم أو نهايته، أو خلال فترة الغداء للتقليل من إرباك عملك الحالي. وإذا كنت ستجري مقابلات مع عدة أشخاص من أجل الوظيفة نفسها، فمن الأفضل أن تطلب تعيينها كلها واحدة تلو أخرى في اليوم نفسه بدلاً من الاضطرار إلى جدولة كل واحدة منها في أيام وأسابيع مختلفة. وتأكد قبل تقديم هذا الاقتراح من قدرتك على الحفاظ على طاقتك خلال ساعات المقابلات المتتابعة.

وإذا كنت تعمل ضمن المقر المكتبي بدوام كامل وكانت المقابلات مباشرة فقد يتعين عليك أخذ إجازة من العمل من أجل توفير الوقت لها (وتذكّر أن توفر منذ الآن رصيدك من الإجازات المدفوعة الأجر!). واسأل المشرفين على المقابلة عن إمكانية أن تُجريها مع بداية اليوم أو مباشرة بعد الغداء كي تأخذ إجازة نصف يوم فقط بدلاً من يوم كامل. وتجنّب الالتزام بعدد كبير من الاجتماعات الرسمية في عملك الحالي في اليوم الذي ستجري فيه مقابلة شخصية، كي لا تتوتر إذا طالت مدة المقابلة بسبب شعورك بتفويت اجتماع مهم مع مديرك فتعجّل إنهاءها. وليس من الضروري الإفصاح لمديرك عن سبب أخذك إجازة نصف يوم، لكن يجب عليك الحضور إلى اجتماع الساعة الثانية ظهراً إذا كنت قد أخبرته أنك ستعمل بعد الظهر.

تمثل عملية البحث عن عمل جديد عملاً في حد ذاته، لكن عندما تخصص لها الوقت بإصرار واستمرار فقد تحرز التقدم وتضمن الحصول على الوظيفة الجديدة.