ترغيب العملاء من خلال تذكيرهم بالتجارب الإيجابية يدفع عجلة المبيعات

13 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

قــوة التقصي الإيجــــــابي

تستخدم أغلب المؤسسات استبيانات لقياس رضا العملاء وتحديد مواطن التحسين أو إتاحة الفرصة ببساطة للزبائن الدائمين المحبطين للتنفيس عن غضبهم. ويؤطِّر هذا التوجه عقلية تشاؤمية ينصب تركيزها على المشكلات وحسب. يقول ستيرلينغ بون أستاذ التسويق المُشارك في كلية هانتسمان للإدارة في جامعة ولاية يوتاه: “لقد اعتاد الزبائن على البحث عن مواطن الخلل”. وحقيقة الأمر أن الغالبية العظمى من الأبحاث التي أُجريت على خدمة العملاء تتعاطى مع “إعادة كسب الزبون”، أي كيفية التصرف في حالة تقدّم عميل بشكوى. فخلال دراسته الدينية منذ عقد مضى تقريباً، كان بون يتأمل في قوة الامتنان، وأخذ يتساءل عمّا يمكن أن يحدث إذا تمت إضافة هذا الشعور إلى استبيانات العملاء. ماذا يمكن أن يحدث إذا ما سألت الشركات العملاء عن الإيجابيات بدلاً من السلبيات؟

منذ ذلك الحين، أجرى بون وزملاؤه بحثاً لاستكشاف تلك الفكرة. ونشروا سبع دراسات تُشَكِّل كُلها الدليل على أن الشركات عليها النظر إلى عملية استقبال آراء العملاء لا كفرصة للإنصات وحسب، بل كذلك كفرصة للتأثير على مهل في تصوّر العملاء للخدمة. لقد اكتشفوا دوماً أن بدء طلبات ملاحظات العملاء بمطالبتهم بمجاملة (على غرار “ما الإيجابيات التي لمستها أثناء زيارتك؟”) زاد من مستويات الرضا المشهودة للعملاء وارتقى باحتمالات معاودة العملاء الشراء، وزاد من المبالغ التي ينفقونها على مشترياتهم وولائهم للشركة بمرور الوقت. إن بدءالاستبيان بما يُطلق عليه الباحثون “الأسئلة المفتوحة لالتماس الإيجابيات” يبدو وسيلة سهلة ومنخفضة التكلفة لزيادة رضا العملاء وإنفاقهم. يقول بون: “الناس يشعرون بسعادة أكبر عندما ينصبّ تركيزهم على الإيجابي، غير أن الشركات نادراً ما تمنحهم هذه الفرصة”.

في واحدة من الدراسات التي أُجريت في واحدة من السلاسل المحلية للبيع بالتجزئة، أتمّ العملاء الذين طُلب إليهم مجاملة المحلات في بداية استبيان رضا العملاء مُعاملات أكثر بنسبة 9% وأنفقوا 8% أكثر من أموالهم على منتجاتها على مدار العام التالي، مقارنةً بالعملاء الذين شاركوا في الاستبيان عينه دون أن يُطلب إليهم مُجاملة السلسلة. وكشفت دراسة في شركة للبرمجيات تقدم خدماتها للشركات أن مستخدمي البرمجيات التجريبية الذين طُلب إليهم بدء الاستبيان بتوصيف الميزات التي راقت لهم أكثر من غيرها، أنفقوا أكثر بمقدار 32% على منتجات الشركة على مدار العام التالي من المستخدمين المُجربين الذين لم يُطلب منهم الأمر عينه. وفي الدراستيْن، حقق العملاء الذين طُلب إليهم إسداء مُجاملة أيضاً درجات أعلى على مقاييس الرضا التقليدية. وعزّزت مُطالبة العملاء الإدلاء بملاحظات إيجابية من الإنفاق حتى بين العُملاء الذين صرّحوا بخوضهم تجارب سيئة. كتب مؤلفو الدراسة يقولون: “قد يساعد التماس الإيجابيات الموجّه في إعادة تأطير تجارب العملاء الأقل تميزاً”.

يطرح الباحثون العديد من التفسيرات المحتملة لتلك النتائج. يُدرك علماء النفس أن الذاكرة طيِّعة، وعليه فمطالبة العملاء برواية التجارب الإيجابية قد يجعل تلك الذكريات، أوضح وأيسر في الوصول إليها في المستقبل، مما يرتقي بتصورات العملاء الكلية للأحداث. وثمة أثر نفساني آخر قد يكون له دورٌ هنا: ألا وهو أن التنافر الإدراكي أو عدم الراحة الذي يشعر به البشر عندما يتبنّون معتقدات متضاربة، وهو ما يجعل العملاء أقل نزوعاً لظن السوء في علامة تجارية معينة بعد التعبير عن الإعجاب بجانب من جوانبها. تقول هيلاري هيندريكس الحاصلة على ماجستير إدارة الأعمال من جامعة بريغام يونغ والمشاركة في إعداد البحث: “إننا نمتدح ما يروق لنا، ويروق لنا ما نمتدحه”.

هل هذا التلاعب أخلاقي؟ يقرّ الباحثون بأن تلك المخاوف تستحق البحث والاستبيان، لكنها تطرح العديد من نقاط الطمأنينة. يقول الباحثون إن الأبحاث السابقة أثبتت أن العملاء نادراً ما يستشفون التلاعب. “وعليه، فمن الأرجح أن العملاء سيعتبرون أسئلة الإدارة حقيقية ونابعة من القلب”. ويضيف بون أن الأبحاث النفسانية حول الآثار الصحية للتعبير عن الامتنان توحي بأن مُطالبة العملاء الإعراب عن مُجاملتهم قد تزيد من شعورهم بالسعادة. ويرى الباحثون أيضاً بأنه على الشركات أن تنظر لهذا الأسلوب بقدر أقل على أنه وسيلة للتلاعب بالتصورات وبقدر أكبر كطريقة لبناء العلاقات.

أولاً، عليك أن تجعل نفسك محبوباً

ترأس بيرك باورز برنامج صوت العميل التابع لخطوط جيت بلو الجوية خلال الفترة بين عاميْ 2009 و2011 (ويدير الآن قسم تحليلات الأشخاص في شركة باي بال). وخلال تلك الفترة، استفاد من معلومات معمّقة من العلوم السلوكية للتأثير في سلوك العملاء. تحدث باورز إلى هارفارد بزنس ريفيو مؤخراً عن تلك التجربة. وفيما يلي اقتباسات من حديثه.

كيف اكتشفت خطوط جيب بلو الجوية أن الطريقة التي طلبت بها آراء العملاء غيَّرَت من تصوراتهم؟

عندما انضممت إلى خطوط جيب بلو الجوية، كان رئيسها التنفيذي قد استقال تواً. وانصبّ تركيزنا على إعادة بناء ثقة العملاء. وكانت فكرة “الترغيب” حديثة العهد ضمن الفكر السائد. وكنا متشوقين للتعرف على كيفية التأثير في تصورات العملاء وسلوكهم وكيفية استغلالنا لبرنامج “صوت العميل” لإنجاز هذه الغاية. في مرحلة الدراسات العليا، تعرّفت على أبحاث كريستن ديتين التي تناولت استبيانات العملاء وتصوراتهم. وبالتجربة والخطأ أدركنا أن دعوة العملاء لمشاركة تجاربهم الإيجابية لا شكاواهم وحدها جاءت بنتائج ممتازة.

هل كان هناك أي تخوف من أن يشعر العملاء بأنهم عرضة للتلاعب؟

لقد تعمّقنا في مناقشة هذه المسألة. هناك العديد من الحيل النفسانية التي يمكن للشركات ممارستها لتعديل تصورات العملاء، وإن لم تنفذها الشركات بشكل صحيح فستطيح بثقة العملاء. وكقاعدة عامة، علينا التفرقة ما بين الواقع والتصور. ويمكنك تغيير التصور مؤقتاً، لكنه سيرتد دوماً إلى الواقع. وهذه الحيل لن تُجدي نفعاً إذا كان لديك قسم خدمة عملاء عقيم دوماً. ولا يمكنك أن تفترض أنك إن غيرت صيغة استمارة الملاحظات سيحبك العملاء. عليك أولاً أن تجعل نفسك محبوباً.

إذا ركّزت انتباه عملائك على الشق الإيجابي، فكيف يمكنك تحديد مواطن الخلل وكيفية إصلاحها؟

في نسخة ناضجة من برنامج “صوت العميل”، لا ينبغي عليك التعويل على استمارات الملاحظات كي تعرف جوانب الخلل. إن الأفكار المتعمقة حيال ما يمكنك تحسينه ينبغي أن تنبع من مجموعة أخرى من المقاييس، بما في ذلك الاستبيانات الدقيقة علمياً وتحليلات البيانات والرصد الاجتماعي. وليست الغاية من طلبات الملاحظات وحسب حصد مشاعر العملاء، بل ينبغي أيضاً أن تجعل العملاء يشعرون بأن أحداً يصغي إليهم وأن تحثهم على ألا ينسوا الجوانب الإيجابية لتجاربهم.

يستشهد الباحثون بالعديد من الشركات التي تلتمس مجاملات عملائها بالفعل كجزء من برامج “صوت العميل”. فشركة صب واي تضع استمارات على مقربة من ماكينات الدفع عليها عبارة: “كيف كانت شطيرتك؟ مناسبة وحسب! مثالية! رائعة! أخبرنا – فنحن نود أن نعلم!”. وتفضي صفحة جهات اتصال خطوط جيت بلو الجوية إلى رابط يستطيع العملاء من خلاله “مشاركة مديحهم”. يقول لوني ماين، رئيس شركة “إن مومنت” InMoment — وهي شركة متخصصة في حصد آراء العملاء القَيِّمَة وتستند إلى حد كبير إلى هذا البحث — إن الذين يتبنون هذا التكتيك يجدون أنه يخلق دائرة نزيهة من التقدير المشترك بين العملاء والموظفين. يقول مين: “العملاء ليسوا الأعداء. ولكن إذا سألتهم النقد وحسب، فذلك ما سيسمعه العاملون لديك وسينقلونه إلى تعاملهم مع العميل التالي”.

ويحتج مين أيضاً بأن الشركات يمكن أن تستغل ردود الأفعال الإيجابية للارتقاء بالجودة بواسطة نقل الركيزة من “الألغام الأرضية” (الشكاوى الحتمية) إلى “مناجم الذهب” (المَوَاطِن التي تبلي فيها العلامة التجارية حسناً). ومع ذلك، تُحذر كريستن ديتين الأستاذ في كلية ماريوت لإدارة الأعمال في جامعة بريغام يونغ والمشاركة في تأليف عدد كبير من الدراسات السبع من أن الحاجة تقتضي المزيد من الأبحاث لمعرفة فيما إذا كانت مطالبة العملاء بُمجاملة الشركة بعد تجربة خدمة عملاء سيئة جداً (كخطأ طبي مثلاً) أو تجربة شديدة الحساسية أو نادراً ما تتسم بالإمتاع. من المرجح أن ترتد في وجه الشركة وتثير حفيظة العملاء. وأضافت ديتيين: “قد لا نود أن يسألنا أحد عن جوانب الجنازة التي راقت لنا”.

وتُحذر ديتيين أيضاً من أن ممارسة ضغوط مبالغ فيها التماساً لآراء العملاء الإيجابية قد يُعتبر مُجاوزاً للحدود. وتستشهد بفريق مقره أونتاريو لخطوط دلتا الجوية قام بتوزيع بطاقات على الركاب لتذكيرهم بأن الشركة “تسعى للحصول على تقييم خمس نجوم” — أي أنها تطالب بالحصول على 5/5 في استبيان رضا العملاء. وقد يكون تلقين ردود الأفعال مصدر قلق في سياقات الرعاية الصحية لأن تصورات المرضى عن الرعاية غالباً ما تُستخدم للمساعدة في تحديد مستويات التمويل الفيدرالي. تقول ديتيين إن أفضل الشركات تنصح العاملين لديها بأن الجهود الساعية إلى توجيه ردود أفعال العملاء سبب وجيه للطرد الفوري.

والواقع أن مؤلفي البحث يقولون أن أخطر مخاوفهم على الإطلاق بشأن بحثهم أن يستغله المديرون فُرادى لتضخيم درجات رضا عملائهم — وهو المقياس الذي غالباً ما يساعد على تحديد التعويضات. في دراساتهم، ارتقى سؤال العملاء المجاملة بصافي درجات المُسَوِّق (وهو مقياس شائع للولاء) بمقدار 15%، وعزّز من نوايا الشراء بنسبة 25% بحد أقصى. وإذا بادر بعض المديرين بإعادة تأطير الاستبيانات برمتها بحيث ينصب تركيزها على التجارب الإيجابية، فمن الممكن أن تُسيء الشركة تفسير ارتفاع أسعار أسهمها باعتباره تحسناً فعلياً في الخدمة التي تقدمها. ويوصي الباحثون بأن تواصل الشركات تقديم استبياناتها الأصلية لمجموعة مرجعية من العملاء بحيث لا تُطمس توجهات الخدمة الحقيقية.

وأخيراً، لاحظ الباحثون أنه لضمان التحسُّن المستدام، يجب المزج ما بين المنافع المُستخلصة من التماس المجاملات وأسس قوية للخدمة. تقول ديتيين: “لا نعتقد أن هذه الاستراتيجية ستؤتي ثمارها في الشركات ذات الإدارة العقيمة. وهذا وحده ليس كفيلاً بإنقاذ شركتك المتداعية”.

 نبذة عن البحث
“,إضافة’ للقياس المجرد: كيف يمكن أن يؤثر التماس الآراء الإيجابية المُوَجَّه في سلوك شراء العُملاء”. ستيرلنغ بون وآخرين. (مجلة أبحاث التسويق، 2016).

التأثير في القرار

توازن القوى الحقيقي

هل للمال القدرة على التأثير في صنع القرار في واشنطن؟ لا، وذلك وفقاً لدراسة جديدة أجرى فيها الباحثون استقصاءً على موظفي الكونغرس والسلطة التنفيذية والقطاع الخاص بشأن سمعة الشركات والصناعات لحساب “درجة مؤشر العلامة التجارية” لكل صناعة. ووُجِدَ أن المجموعات ذات النفقات المهولة كقطاع النفط والغاز جاءت درجاتها منخفضة على هذا المؤشر بينما تفوقت عليها شركات التقنية. فما الذي يفصل ما بين الأفضل وسواه؟ حدّد الباحثون خمسة عوامل: الشفافية المؤسسية والخبرة بموضوع البحث والمشاركة الخارجية وتمركز السياسة والمسؤولية المؤسسية المجتمعية.

ريادة الأعمال

كيف يدفع المهاجرون عجلة الشركات الناشئة

يشكو السّاسة الشعبويون من المهاجرين باعتبارهم تهديداً للاقتصاد الأمريكي، غير أن الأبحاث الأخيرة تثبت أن العاملين الأجانب المولد يُعتبرون إسهاماً عظيماً في نشأة شركات جديدة. ورغم أن المهاجرين يشكلون 15% فقط من القوة العاملة، غير أنهم يمثلون 27% من روّاد الأعمال، وهو الرقم الذي قفز بشدة منذ أواسط التسعينيات. ورغم أن الشركات الناشئة التي يديرها المهاجرون تبوء أعمالها بالفشل بمعدل أسرع من الشركات الوطنية التأسيس، غير أن النسبة التي تصمد منها تثبت أن الذين هاجروا أطفالاً يؤسسون شركات أكبر وأكثر نجاحاً من غيرهم من المهاجرين. لكن ما سر النجاح الباهر الذي يصيبه رواد الأعمال غير المواطنين؟ يقول الباحثون إن من العوامل المحتملة القدرة على خوض غمار المخاطرة بقدر عالٍ، إضافة إلى الأجواء الاقتصادية والجغرافية التي يدشن فيها رواد الأعمال المهاجرون أعمالهم، والمهارات والعلاقات الاجتماعية العرقية اللازمة للعيش في  هذه الأجواء.

العالم العربي لا ينقصه إلا الإدارة
“العالم العربي لديه الإمكانات المطلوبة كافة.. الإمكانات البشرية المؤهلة والمتعلمة والأموال.. يمتلك الأراضي الخصبة والموارد.. والإرادة ولا ينقصه إلا الإدارة.. إدارة الحكومات والاقتصاد والموارد البشرية والبنية التحتية.. فالإدارة هي أهم العناصر”
الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء في الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي

الخوارزميات

الناس يحبون وهم السيطرة

أمست الخوارزميات الحاسوبية بارعة في صنع القرار وتقديم التوقعات. وحقيقة الأمر أن تقييماتها كثيراً ما تكون أفضل من تقديرات البشر. ورغم الدليل القاطع على هذا التفوق، أثبتت الدراسات أن البشر غالباً ما يستقر رأيهم على الاعتماد على حكمهم على الأمور بدلاً من الخوارزميات الحاسوبية. وينطبق ذلك تحديداً على الذين سبق لهم تجربة الخوارزميات ووجدوها معيبة. يطلق الباحثون على هذه الظاهرة “كراهية الخوارزميات”. وثمة دراسة حديثة تستكشف طريقة وحيدة للحد من هذه الكراهية: دع الناس يحاولون إصلاح نتائج الآلة. اقترح الباحثون نظرية متعللين بأن القرار الحسابي المعيب ولو قليلاً، من الأرجح أن يكون أصح من توقعات البشر قائلين: “قد تفوق منافع إقناع الناس باستخدام الخوارزمية التكاليف المتوقعة من محاولة الحط من شأن أدائها”.

ولاختبار النظرية أجرى الباحثون سلسلة من التجارب تنبأ فيها المشاركون بحاصل درجات الطلاب في اختبارات قياسية. وفي واحد من تلك الاختبارات، طُلِب إلى المشاركين الاختيار ما بين توقعاتهم وتوقعات نموذج إحصائي، بينما أُعطي آخرون هذا الخيار ولكن مع السماح لهم بتعديل التوقعات الإحصائية بمقدار 10 نقاط بحد أقصى. قرر حوالي ثلاثة أرباع الذين سُمح لهم بتعديل النتائج الاعتماد على النموذج بالمقارنة بثُلث الذين لم يُسمح لهم بإدخال أية تعديلات. وفي تجربة أخرى، سُمح لبعض المشاركين تعديل توقعات الخوارزمية وحُدِّدوا بتعديلات نقطتيْن فقط؛ ومن المدهش أن ذلك لم يثبط استعدادهم للاعتماد على النموذج. وخلُص الباحثون إلى أن الناس يقيمون وزناً لقدرتهم على وضع بصمتهم على أية توقعات، حتى ولو كانت بصمة صغيرة.

وبعد استكمال توقعاتهم، أجاب المشاركون في التجربة عن الأسئلة. وأثبتت إجاباتهم أن الأشخاص الذين كان باستطاعتهم تعديل نتائج الخوارزمية كانوا أكثر رضا بعملية التوقع. وحسبوا أيضاً أن الخوارزمية جاء أداؤها أفضل من توقعاتهم الحدسية بلا مساعدة خارجية. وكتب الباحثون “هذا … يوحي بأن المرء يمكن أن يقلص من كراهية الخوازرمية بمنح الناس شيئاً من السيطرة على خوارزمية غير مثالية – حتى ولو كانت سيطرة محدودة”.

نبذة عن البحث
“التغلب على كراهية الخوارزميات: يُقْبِل الناس على استخدام خوارزميات معيبة إذا استطاعوا (ولو بقدر طفيف) تعديلها”، بقلم بيركلي ديتفورست، جوزيف سيمونز وكيد ماسي (مجلة علم الإدارة).

التسويق

سحر التوريد الجماعي

لطالما عرفت الشركات أن مجتمعات المستخدمين يمكنها اقتراح أفكار قَيِّمَة للمنتجات، غير أن الأبحاث الأخيرة كشفت عن ميزة أخرى لاستقصاء الآراء السديدة للجمهور: التوريد الجماعي يزيد المبيعات.
بالتعاون مع شركة السلع الاستهلاكية اليابانية “موجي”، أجرى الباحثون اختبارات ميدانية على منتجيْن تم تعهيدهما لمجموعة من المتطوعين: صافرة إنذار أمنية ووجبة بمذاق فول الصويا. في ظل مجموعة متنوعة من الظروف، وُجِدَ أن الملصقات التي توضح أن السلع “من وحي تصوّر المستهلكين” قفزت بالمبيعات بنسبة 20٪ بحد أقصى. وكشفت استقصاءات المتابعة عن تفسير لهذا التفضيل؛ ألا وهو أن التعهيد الجماعي علامة على الجودة. يستنتج الناس أن المنتجات المعهود بها لمجموعة من المتطوعين ستفيدهم بشكل أكبر لأن المُستخدمين لديهم أفكار متعمقة فريدة حول احتياجات الآخرين. كتب الباحثون: “قد لا يشكل التوريد الجماعي وحسب مساراً واعداً لتحسين المنتجات الجديدة، بل وسيساعد أيضاً المُسَوِّقين على تمييز منتجاتهم عن المنافسين. وربما نرى قريباً الملصق (من وحي تصوّر المستهلكين) مطبوعاً … إلى جوار غيره من العلامات الأخرى مثل (عضوي) أو (صناعة يدوية).

نبذة عن البحث
“,إضافة’ للقياس المجرد: كيف يمكن أن يؤثر التماس الآراء الإيجابية المُوَجَّه في سلوك شراء العُملاء”، ستيرلنغ بون وآخرين. (مجلة أبحاث التسويق، 2016).

التعويض المادي

الصعود السريع لمظلات الهبوط الذهبية

عادةً ما تتسبب تعويضات إنهاء الخدمة السخية للرؤساء التنفيذيين الذين يستقيلون من مناصبهم إثر فضيحة ما، باحتجاجات عامة عنيفة. لكن كثير من الناس يجهلون مصدر تلك التعويضات. رغم أن مظلات الهبوط الذهبية (تعويضات إنهاء الخدمة السخية) لم يكن لها وجود تقريباً قبل موجة عمليات الاستحواذ العنيفة التي وقعت في الثمانينيات، غير أنها انتشرت بقوة في نهاية ذاك العقد. ويبيّن لنا المخطط البياني أدناه عدد عقود تعويضات إنهاء الخدمة السخية التي أبرمتها شركات قائمة فورتشن 500 خلال تلك الفترة.

المبيعات

هو يبيع، هي تبيع

ملايين الناس في الولايات المتحدة يعملون في مجال المبيعات، وكما في أية جماعة ضخمة نجد أن الدوافع التي ساقت هؤلاء لامتهان المبيعات متنوعة جداً. لكن ثمة دراسة أُجريت على أكثر من 1,000 مسؤول مبيعات كشفت عن فارق شاسع بين الجنسيْن. فمن الأرجح أن تمتهن النساء تلك الوظيفة عبر حدث عرضيّ، بينما من الأرجح أن ينجذب الرجال مقارنةً بأقرانهم من النساء إلى هذا المجال نظراً لاستقلاليته وعائده المادي.

العولمة

ما السبب الحقيقي لنقل الشركات أقسام الأبحاث والتطوير إلى الخارج؟

تستثمر الشركات المتعددة الجنسيات بكثافة في مراكز الأبحاث والتطوير في الهند وغيرها من الدول النامية، وهي خطوة منطقية. فكثير من تلك الدول لديها خريجون مهرة من كليات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات مستعدون للعمل لقاء أجور أقل بكثير من العلماء الأميركيين. لكن الأبحاث الحديثة توحي بأن هذا ليس الدافع الأكبر — فالشركات تنساق أساساً لتبني هذا المنهج نظراً  للمزايا الضريبية التي تتمتع بها جراء نقل أرباح الإبداع إلى اختصاصات في بلاد أجنبية. وفحص الباحثون طلبات براءات الاختراعات والبيانات المالية لأكثر من 200 شركة خلال الفترة بين عاميْ 1993 و2006، واكتشفوا أن الشركات وفرَّت 20 ضِعفاً من نقل العبء الضريبي بالمقارنة بما وفرته من نقل العمالة. واكتشفوا أيضاً أن الشركات من الأرجح أن تنقل الدخل المتعلق بأكثر براءات اختراعها قيمة، وأن نقل العبء الضريبي أقل شيوعاً في الدول التي لا تحظى فيها الملكية الفكرية بحماية قوية — مما يُعزز من فكرة أن البحث والتطوير الأجنبييْن يرتبطان بالضرائب بقدر أكبر من ارتباطهما بالعمالة.

كتب الباحثون أن “هذه الدراسة تقدم معلومات ثمينة لصُنّاع السياسات والباحثين المعنيين بفهم الحصة الأجنبية المتزايدة للأرباح العالمية”، وخاصة في ظل تكثيف السلطات في العديد من الدول جهودها لأجل الحد من ظاهرة نقل الأرباح.

نبذة عن البحث
“الأبحاث والتطوير والربحية الأجنبية المتصاعدة للشركات الأمريكية المتعددة الجنسيات”، ليسا دون سيمون وجينغ هوانغ وليندا كرول (ورقة عمل).

رأس المال المخاطر

راهن على الفارس لا الجواد

عندما يعمد المستثمرون إلى تقييم الاستثمارات المحتملة في شركة ما، فإنهم عادةً ما يتخذون قراراً بشأن مؤسسي الشركة حيث يتفحصون خلفياتهم ويُقيّمون مشروعاتهم السابقة، ويتحققون من مراجعهم. لكن ثمة دراسة جديدة أُجريت على 885 من المستثمرين في 681 شركة، تكشف أن كثيرين يعتبرون فريق الإدارة (والذين هم عادة مؤسسو الشركة) العامل الأهم على الإطلاق، والذي يتفوق بأهميته على فكرة المشروع بحد ذاتها. ومن بين المستثمرين الذين خضعوا للدراسة، صرح 47٪ منهم بأن فريق العمل كان المتغير الأساسي، بينما أَولى 37٪ منهم فقط أهمية عظمى لعوامل ذات صلة بالأعمال كنموذج العمل والسوق والصناعة (رصدت أغلب الفئة المتبقية أولوية خاصة لـ “لياقة” الشركة ضمن محفظة المستثمر). وتباينت النتائج بحسب العمر ومجال عمل الشركة الجاري بحثها: وعُدَّ فريق الإدارة أهم بالنسبة للشركات الناشئة التي تعيش مراحلها الوليدة وكذلك لشركات تكنولوجيا المعلومات، بالمقارنة بالشركات التي تعيش مرحلة لاحقة من حياتها وشركات الرعاية الصحية. وعند تقييم فريق العمل، وضع المستثمرون في اعتبارهم أهلية الشركة وخبرتها بمجال العمل وشغفها والعمل الجماعي فيها وخبرتها في ريادة الأعمال بهذا الترتيب عينه. واختلفت هذه النتائج على نحو طفيف باختلاف النطاق الجغرافي. على سبيل المثال، رصد المستثمرون في كاليفورنيا نسبة أكبر للشغف ونسبة أقل للخبرة مُقارنة بالمستثمرين في مناطق أخرى. وصرّح المستثمرون بأنهم تحققوا من 10 جهات مرجعية في المتوسط.

لقد كانت أهمية فريق الإدارة، هي نتيجة واحدة فقط من نتائج تلك الدراسة المتشعبة التي تحققت أيضاً من كيفية تعهيد المستثمرين للصفقات وإدارتهم للمؤسسين وتوجيههم بعد الاستثمار. وأثبتت النتائج أن المستثمرين لا يركزون على المؤسسين وحدهم عندما يُقَيِّمون الصفقات المرتقبة. وإذ راجعوا أداء استثماراتهم، صنف المستثمرون جودة فريق الإدارة باعتباره المُتغير الأساسي. كتب الباحثون أن “دور الفريق أهم من دور العمل نفسه في النجاح أو الفشل النهائي”.

نبذة عن البحث
“كيف يصنع المستثمرون قراراتهم؟”، بول جومبرز وآخرين. (ورقة عمل للمكتب القومي للأبحاث الاقتصادية).

الرؤساء التنفيذيون

أثر القلق

من المنطقي أن يؤثر القلق الوظيفي على سلوك القادة. ولكن مؤخراً فقط استطاعت المؤسسات أن تُخمن آلية عمل هذا التأثير. يُقدم لنا بحث جديد النظرة النظامية الأولى على كيفية تأثير القلق على صناعة قرار كبار التنفيذيين.

للتمحيص في هذه العلاقة، تبنى الباحثون منهجاً شخصياً على غير العادة، حيث طلبوا إلى 84 تنفيذي أمريكي وأوروبي (وأكثرهم رؤساء تنفيذيون) في مجموعة كبيرة من الصناعات المختلفة توصيف اثنين من أصعب قراراتهم الاستراتيجية، كعمليات الاستحواذ وتدشين منتجات جديدة وعمليات إعادة الهيكلة، وحلّلوا لغتهم لتحديد ما إذا كان تركيزهم ينصبّ في المقام الأول على الأرباح أم الخسائر المحتملة. ولإجراء تقييم واسع لنزوع التنفيذيين إلى القلق، لجأ الباحثون إلى أطراف ثالثة كالأزواج والأُسر والأصدقاء والزملاء المقربين. وفحصوا أيضاً بيانات أرشيفية عن شركات التنفيذيين ومنافسيهم وصناعاتهم.

وليس من عجب أن الباحثين وجدوا أن القادة القلقين أقدموا على مخاطرات استراتيجية أقل من أقرانهم الأكثر رباطة جأش. فالقلق عامةً ما يقلص من جاذبية الرهانات الكبيرة رغم احتمالات أرباحها العظيمة. لكن السياق كان مُهماً: عندما نظر التنفيذيون إلى الشركة على أن أدائها متدهور، وُجِدَ أن القلقين منهم حتى أقدموا على المُخاطرة على أمل تحويل دفة الأمور. واكتشف الباحثون أيضاً أنه كلما ساء أداء الشركة، نزع التنفيذيون القلقون إلى أن يكون ضمن فرق عملهم داعمين مُقربين وموثوقين جداً — وهي الظاهرة التي يُطلق عليها علماء النفس “الدرء الاجتماعي”.

لهذه النتائج تداعيات عملية عديدة. وعلى مجالس إدارة الشركات ملاحظة أن أثر الدرء يمكن أن يجعل الإشراف أصعب لأن الموالين في فريق الإدارة العليا قد يحاولون توفير غطاء للرئيس التنفيذي الذي يصارع من أجل البقاء. وإذا شعرت مجالس الإدارة أن سياسة تجنب المخاطر المنساقة بقلق القائد تضر بالمؤسسة، فعليها ربما أن تزيد نسبة التعويض من خلال تملك أسهم في الشركة (وهي طريقة مشهورة بحثّها على الإقدام على المخاطرة). وبينما يتحتم عليهم الانتباه لأمارات القلق الوظيفي، يتعين عليهم أيضاً إدراك أن آثار ذاك القلق على المؤسسة ستتباين وفقاً للظروف المحيطة. كتب الباحثون أنه “من الممكن أن يكون القلق مفيداً في سياقات بعينها (كما في حالة القطاعات المستقرة حيث يحدث التغير ببطء) ومضرّاً في سياقات أخرى (كما في القطاعات المتقلبة على سبيل المثال حيث تقع التغيرات بسرعة).

نبذة عن البحث
“أصحاب المناصب العليا لا يغمض لهم جفن! كيف يؤثر القلق الوظيفي على صناعة قرار كبار التنفيذيين في سياقات المكاسب والخسائر”، مايكل مانور وآخرين. (مجلة الإدارة الاستراتيجية، 2016).

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .