لماذا عليك أن تحدد موعداً ثابتاً للنوم؟

5 دقائق
تحديد موعد ثابت للنوم
shutterstock.com/Pixel-Shot
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: في حين أن الكثيرين منا يشعرون بالإرهاق بشكل متكرر، فقد أظهرت دراسات موثوقة طُلب فيها من المشاركين تدوين يومياتهم أنه حتى الأشخاص المشغولون يحصلون على ما يكفي من النوم من منظور كمي. تكمن المشكلة في أن نوم العديد من الأشخاص غير منضبط؛ فهُم ينامون لفترة قصيرة في بعض الليالي ولفترة طويلة في ليالٍ أخرى على نحو غير متوقع (أو ربما لأنهم يكونون في حاجة ماسّة إلى ذلك). يُعد تحديد موعد ثابت للنوم هو السر لجعل الحياة تبدو أقل مشقة، وأفضل طريقة لتحقيق ذلك هي أن يحدد الكبار وقتاً للنوم بعد موعد نوم أطفالهم مباشرة.

 

يمكنني أن أستعيد من أقاصي ذاكرتي مشهداً من طفولتي: أنا وأخي الصغير في غرفة نومه، نلعب بمجسمات لشخصيات كرتونية. ووضعنا مجسمات شخصيات الأطفال في الفراش، تماماً كما يفعل والدانا معنا على الدوام. ولكن ماذا عن مجسمات شخصيات الكبار؟ كنا نعلن بشيء من البهجة أن الكبار سيظلون مستيقظين طوال الليل.

يا للسخرية! حياتي كشخص بالغ بعيدة كل البعد عن الرغبة في السهر طوال الليل فقط لأن بإمكاني ذلك. كأم لخمسة أطفال، أشعر أنني أهدر الكثير من طاقتي في بعض الأيام في محاولة إقناع جميع مَن في منزلي بالنوم حتى أتمكن أنا أيضاً من النوم. خلال ما أسميه “السنوات المزدحمة”؛ أي التي يبني فيها الأشخاص مستقبلهم المهني ويُكوِّنون أسرة، يمكن أن يبدو النوم كالصديق الذي لا يعرفك وقت الضيق.

ولكن اتضح أن ثمة مفارقة هنا. في حين أن الكثيرين منا يشعرون بالإرهاق بشكل متكرر (أفادت مؤسسة النوم الوطنية بأن البالغين يشعرون بالنعاس 3 أيام في الأسبوع في المتوسط)، فقد أظهرت دراسات موثوقة طُلب فيها من المشاركين تدوين يومياتهم أنه حتى الأشخاص المشغولون يحصلون على ما يكفي من النوم من منظور كمي. عندما أجريت دراسات تدوين اليوميات قبل بضع سنوات على 1,001 يوم من حياة النساء اللواتي يعملن في وظائف تصل رواتبها إلى مئات الآلاف ويرعين أطفالاً في المنزل، اتضح أنهن يحصلن على 7.7 ساعات من النوم يومياً في المتوسط. حتى الرؤساء التنفيذيون للشركات الكبيرة يحصلون على نحو 7 ساعات من النوم يومياً.

فلماذا إذاً نشعر بتعب شديد؟

المشكلة هي أن المتوسطات تخفي مشكلة كبيرة. يُعد نوم العديد من الأشخاص غير منضبط؛ فهُم ينامون لفترة قصيرة في بعض الليالي ولفترة طويلة في ليالٍ أخرى على نحو غير متوقع (أو ربما لأنهم يكونون في حاجة ماسّة إلى ذلك).

لهذا الأمر مبرر واضح في حالة الأشخاص الذين لديهم أطفال صغار، أو الذين يعملون في ورديات غير ثابتة، ولكنه منتشر على نطاق واسع. في دراستي للنساء اللواتي يعملن في وظائف تصل رواتبها إلى مئات الآلاف ولديهن أطفال، وجدت أن 22% منهن تزيد فترة نومهن أو تقل بمقدار 90 دقيقة على الأقل يوم الاثنين عما كانت عليه يوم الثلاثاء.

يمكن أن يؤدي النوم لفترة قصيرة للغاية أو طويلة للغاية إلى الشعور بالتعب والإرهاق في بعض الأيام وإلى فوضى في جداول مواعيد أيام أخرى، مع تأثيرات واسعة النطاق على الحالة المزاجية والإنتاجية.

يمكنك أن ترى كيف يمكن أن يحدث هذا في حياتك. تطيل النوم في صباح عطلة نهاية الأسبوع وتواجه صعوبة في النوم ليلاً. لكن عليك أن تستيقظ مبكراً يوم الأحد، وبذلك تبدأ الأسبوع وقد حصلت على قسط من النوم أقل مما يحتاج إليه جسمك. يوم الأحد مليء بالأحداث، وتسهر لوقت متأخر مرة أخرى ثم تستيقظ مبكراً يوم الاثنين. ويتراكم ما يُعرف بـ “دَين النوم”.

لكن لا يوجد إعفاء من هذا الدين، وسرعان ما سيجبرك جسمك على تسديده، فتنام على الأريكة في أثناء مشاهدة التلفزيون ليلة الاثنين، أو تغفو وأنت تضع طفلك في الفراش يوم الثلاثاء. وفي صباح الأربعاء، تضغط على زر الغفوة في المنبه أو لا تستيقظ على صوت المنبه. وفي صباح الجمعة تطيل النوم أو تأخذ قيلولة، وبعدها تسهر حتى وقت متأخر من الليل، ثم تنام حتى ساعة متأخرة من نهار السبت، وعندها تبدأ الدورة نفسها مرة أخرى.

الأمر أشبه بركوب لعبة الصاروخ المتساقط التي تدفع راكبيها صعوداً وهبوطاً بعنف في مدن الملاهي،

وهو قد يكون شيئاً ممتعاً في مدينة الملاهي، لكنه ليس كذلك فيما يتعلق بالنوم. من الأفضل بكثير أن تحصل على القسط الكافي من النوم الذي تحتاج إليه كل ليلة، وباستمرار. نظراً إلى أن معظم البالغين يحتاجون إلى الاستيقاظ في أوقات محددة للعمل أو لمسؤوليات الأسرة، فإن المتغير الوحيد الذي يمكن أن يتحرك هو الوقت الذي يخلد فيه الأشخاص للنوم في الليلة السابقة.

بعبارة أخرى، أنت بحاجة إلى تحديد موعد للنوم؛ أي الذهاب إلى الفراش في وقت محدد، إلا إذا كان لديك سبب وجيه حقاً لعدم قيامك بذلك. وعندما تحصل على القسط المثالي من النوم كل ليلة، بدلاً من النوم لفترة طويلة للغاية أو قصيرة للغاية، سيكون لديك المزيد من الطاقة لكل شيء آخر في يومك.

إذاً، كيف تختار موعد النوم؟ إنها مسألة حسابية بسيطة.

  1. حدد الوقت الذي تحتاج إلى الاستيقاظ فيه في معظم الأيام. على سبيل المثال، أحتاج إلى الاستيقاظ في السادسة والنصف صباحاً خلال الأسبوع لتوصيل ابني المراهق إلى المدرسة.
  2. احسب مقدار النوم الذي تحتاج إليه. أحتاج إلى نحو 7 ساعات ونصف، وهو عدد ساعات جيد كبداية إذا لم تكن متأكداً مما تحتاج إليه. هذا يعني أن موعد النوم سيكون في الحادية عشرة مساءً. والشخص الذي يحتاج إلى الاستيقاظ في الخامسة صباحاً ويحتاج إلى 7 ساعات من النوم سيكون موعد نومه هو العاشرة مساءً. ويمكن للشخص الذي يحتاج إلى 8 ساعات من النوم ولا يحتاج إلى الاستيقاظ حتى الساعة الثامنة صباحاً أن ينام في منتصف الليل.
  3. اضبط المنبه بحيث يرن قبل 30 دقيقة من موعد نومك. واستغل هذا الوقت في الاسترخاء.

يبدو الأمر بسيطاً، لكنه يُحدث تغييراً جذرياً.

كجزء من البحث الذي أجريته من أجل كتابي الأخير، طلبت من 150 شخصاً الالتزام بالنوم في موعد ثابت لمدة 9 أسابيع. وسألتهم عما إذا كانوا يحصلون على قسط كافٍ من النوم لدرجة الشعور بالراحة، قبل المشروع وفي نهايته. ازداد عدد المشاركين الذين ذكروا أنهم يحصلون على قسط كافٍ من النوم بنسبة 25% من بداية البرنامج حتى نهايته. وارتفعت النتائج بنسبة 13% فيما يتعلق بمسألة إذا ما كان لدى الأشخاص طاقة كافية للتعامل مع مسؤولياتهم. قال أحد المشاركين: “الحصول على قسط كافٍ من النوم ساعدني على أن أكون في أفضل حالاتي في العمل وفي حياتي بعد العمل. لقد كان لدي ما يكفي من الطاقة لإنجاز كل ما خططت له هذا الأسبوع، وهذا شيء أسعدني”.

من المؤكد أن هناك أحداثاً في الحياة ستنسف حتى أكثر مواعيد النوم انتظاماً. فرسائل البريد الإلكتروني المزعجة أو هلع الطفل لأنه لم ينجز واجباته المدرسية أو بكاء الرضيع، جميعها أشياء يمكن أن تؤدي إلى زعزعة أي نظام. وبصراحة، لن نتمكن أحياناً من الحفاظ على هذا النظام. فبعد الانتهاء من الأعمال المنزلية وعندما يصبح المنزل هادئاً، يمكننا أن نتلهى بأمور خفيفة. وقد قال أحد الأشخاص: “هذا هو وقت الفراغ الحقيقي الوحيد”.

أنا أيضاً أتمنى في كثير من الأحيان أن تمضي الدقائق التي تسبق الحادية عشرة مساءً بشكل أبطأ. ولكن إذا وجدت أنك تميل إلى السهر لوقت متأخر للحصول على المزيد من وقت الفراغ، يمكنك تذكير نفسك بأمرين.

أولاً، نحن راشدون. إذا كان هناك سبب وجيه للسهر حتى وقت متأخر، فافعل ذلك. يمكنك البقاء مستيقظاً طوال الليل مثل مجسمات الشخصيات الكرتونية التي تحدثت عنها سابقاً! فتحديد موعد ثابت للنوم لا يجعل عدم الحصول على القسط الكافي من النوم شيئاً يحدث بشكل عشوائي.

ثانياً، يمكننا تخصيص وقت لأنفسنا في أوقات أخرى أيضاً. أوصي بأخذ إجازة من مسؤوليات العمل والأسرة لليلة واحدة كل أسبوع، وتخصيص فترات للقراءة أو ممارسة هوايات أخرى.

وبذلك ستتمكن من النوم في موعد ثابت والاستمتاع بوقتك أيضاً. لكن هذا لا ينجح إلا إذا حددت موعداً للنوم. قد لا يبدو هذا ممتعاً، لكنني أدركت أن الذهاب إلى الفراش مبكراً هو ما يفعله الكبار للاسترخاء والراحة. إذا نظرت إلى الأمر بهذه الطريقة، فسيبدو موعد النوم كمكافأة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .