دراسة حالة: هل يجب عليك تحدي المدير أو الاستقالة؟

13 دقيقة
تحدي المدير أو الاستقالة
shutterstock.com/fran_kie
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعرض دراسات الحالة التي تصوغها “هارفارد بزنس ريفيو” على هيئة قصص مشكلات يواجهها القادة في شركات حقيقية وتقدم لها حلولاً من الخبراء. وتستند هذه الدراسة إلى دراسة حالة صاغتها كلية “هارفارد للأعمال” حول موضوع تحدي المدير أو الاستقالة تحت عنوان “توماس غرين: أزمة السلطة وسياسة الوصولية في العمل والوظائف”، من إعداد دبليو إيرل ساسر وهيذر بيكهام.

امتعض توماس غرين عندما كان يُعيد قراءة رسالة بريد إلكتروني من مديره الجديد، فرانك ديفيس، مدير التسويق لمجموعة السفر والضيافة في شركة “دي سيفن ديسبلايز” (D7 Displays)، التي ورد فيها: “سارت اجتماعات العملاء بشكل جيد هذا الأسبوع يا توم، لكن ربما كانت أفضل لو كنت على اطلاع ببيانات السوق. وأتوقع منك أن تكون أكثر استعداداً عندما تكون بمفردك، فذلك ضروري لتؤدي مسؤولياتك الجديدة في تطوير استراتيجيات السوق للمنطقة التي تُشرف عليها على أكمل وجه”.

رفع توم رأسه من مكتبه المزدحم بالورق ونظر بامتعاض مستكشفاً منظر المدينة من مكتبه الجديد في الطابق العشرين وسط مدينة أتلانتا. كان هو النجم الصاعد في الشركة قبل بضعة أشهر فقط، وكان يفكر بعد ترقيته في جلب أفكار جديدة إلى مشروع كبائن الخدمة الذاتية الذي طورته الشركة. حيث انتقل من منصب محاسب تنفيذي إلى منصب كبير اختصاصي التسويق، فتجاوز بذلك زملاءه وحصل على علاوة بنسبة 50%، ليتفاجأ بعد 6 أسابيع بتلقيه محاضرات حول كيفية تحقيق الفوز بصفقة ما. اعتقد توم أنه سيكون محظوظاً إذا تمكّن من مواصلة العمل إلى حين يوم الذكرى السنوية الأولى له شرط أن يعرف كيفية التعامل مع مديره الجديد.

ونقرة واحدة على الباب كانت كافية لإيقاظ توم من أحلامه. دخل فرانك ديفيس مباشرة قائلاً:

“هل تأخذ استراحة يا توم؟”.

أجاب توم ببرود: “لا يا فرانك. كنت أفكر في مشروع تطوير خدمات الكبائن؛ إذا لم نحصل على عروض جديدة قريباً، فلن نتمكن من المنافسة في هذا النشاط التجاري. أعلم أنك لست معجباً بالمشروع، لكن…”.

“هل قرأت رسالتي؟”.

“نعم قرأتها”.

“و…؟”.

“ونعم، سأكون على أتم الاستعداد”.

قال فرانك: “هذا جيد. وأريد منك يا توم أن توقف التفكير في مشاريعك الخاصة مؤقتاً. سيُعقد اجتماع استراتيجية السوق الأسبوع المقبل، ولم أتلق بعد خطتك التي كان من المقرر أن أتسلمها يوم أمس. تلك هي أولويتك الوحيدة الآن. هل هذا مفهوم؟”.

أجاب توم بضجر: “مفهوم”.

خطة التقدم السريع

استحوذت شركة “دي سيفن ديسبلايز” التي أُطلقت عام 1990 بصفتها مزوداً لأجهزة الصراف الآلي على مشروع كبائن الخدمة الذاتية. وطرحت الشركة 1,500 محطة تسجيل وصول ذاتية في 75 مطاراً، وسيطرت على 60% من سوق شركات النقل الجوي وأحرزت تقدماً في قطاع الفنادق ووكالات تأجير السيارات. كان توم قد انضم إلى الشركة قبل عام واحد فقط، وسِنُّه 28 عاماً، وبدأ في لفت الأنظار إليه على الفور. وأبرم في غضون أسابيع عقداً مع شركة طيران كبرى لتسريع عملية طرح الكبائن في 20 مطاراً وشراء تحديثات البرمجيات عبر مواقعها. وعمل أيضاً في القنوات الخلفية للفت انتباه مدير إدارة تطوير البرمجيات في قسمه وطرح أفكاره حول عروض الخدمات الجديدة، وهي خطوة غير تقليدية أزعجت بعض الموظفين من المستوى المتوسط لكنها لفتت انتباه الإدارة العليا إليه.

بدا من الواضح لتوم أن زيادة التغلغل في السوق لم تكن خطوة كافية لتتيح للكبائن التنافس مع خدمات تسجيل الوصول المستندة إلى الويب. كان يجب أن تقدم الكبائن مزايا فريدة لكل من الزبائن والعملاء، على سبيل المثال، عرض إعلانات رقمية على الشاشات عندما لا تكون الكبائن قيد الاستخدام، والاستفادة من فرص البيع المتقاطع، كوضع روابط لشركاء السفر الذين تتواءم خدماتهم مع الملف التعريفي للمسافر الذي يقوم بتسجيل الوصول.

تعرّف توم في جلسة تدريبية وسط المدينة على شانون ماكدونالد، نائبة رئيس القسم. كلاهما كانا خريجين في جامعة “جورجيا”، كما بذلت شانون جهداً للتعرف عليه أكثر بعد أن استشعرت إمكاناته. من جانبه، أدرك توم على الفور أن شانون تمثّل فرصته الوحيدة لتعجيل إحراز تقدم في مشروعه. وعندما أُعلن عن وجود شاغر لمنصب كبير اختصاصيي التسويق في منطقة شرق أميركا الشمالية، تقدّم بطلب على الفور. وأجرى خلال الشهر التالي زيارات متعددة إلى مقر عمل شانون الرئيسي موضحاً لها فرص العملاء التي افترضها واستراتيجياته لجذبهم. وعرضت عليه الوظيفة على العشاء.

ويتذكر توم ذلك المساء بوضوح. حيث بدا أنه يتفق مع شانون حول التحديات الوشيكة التي تحيط بالشركة. لكنه تذكر أيضاً عباراتها التحذيرية التي كانت تُنذر بالسوء مقارنة بالماضي.

بدأت شانون حديثها بشكل رسمي قائلة: “أنت شخص طموح ومبدع يا توم، وتحتاج هذه المجموعة إلى شخص يقدم وجهات نظر جديدة، وأنا أرغب في منحك هذه الفرصة. لكن يجب عليك التعلم بشكل سريع، فأنت لا تتمتع بأي خبرة إدارية، صحيح أنك أتقنت العمل في جميع مناصب المبيعات بالفعل، لكن هذا المنصب الجديد يتطلب منك التفكير بشكل استراتيجي وتكتيكي والعمل مع مختلف مستويات الإدارة. وأتوقع منك أن تطلب التوجيه من بعض مدرائنا المتمرسين”.

أكد توم لشانون أنه سيبذل قصارى جهده، وتفاجأ بردها.

“أنا متأكدة من أنك ستبذل قصارى جهدك بالفعل يا توم، لكنك قد تواجه موقفاً صعباً مع فرانك، ذلك لأنه وضع أهداف نمو قوية للغاية للعام المقبل، ربما أكثر مما تتوقعه بيانات السوق، ويجب عليك أخذ ذلك الأمر بالحسبان. فضلاً عن أنه كان يرغب في اختيار كبير اختصاصيي التسويق الجديد بنفسه ولا أعتقد أنه كان ليختارك”. توقفت قليلاً ثم قالت: “أتوقع منك أن يكون أداؤك أفضل من المعتاد”.

وساءت الأمور

بحلول الوقت الذي وجد فيه توم الغرفة التي سيُعقد فيها اجتماع التخطيط الاستراتيجي، كان بقية أعضاء فرق المبيعات والتسويق البالغ عددهم 12 شخصاً قد اجتمعوا بالفعل. التقط توم أنفاسه، وحشر نفسه على كرسي أمام طاولة بيضاوية طويلة، ووضع جهازه الـ “آيباد” أمامه.

بدأ فرانك قائلاً: “أهلاً بك يا توم”. وتابع حديثه بعد أن صمت قليلاً، قائلاً: “مرحباً بالجميع. سنراجع توقعات المبيعات للعام المقبل، وتوقعات الأداء لكبار اختصاصيي التسويق وفرقهم، وخطط الاستراتيجية العامة لتلبية تلك التوقعات. لقد حققنا معدل نمو سنوي مركب بنسبة 10% خلال السنوات الخمس الماضية، وتتوقع الشركة أن يبقى هذا القسم محركاً للنمو. اسمحوا لي أن أقدم لكم الملخص التنفيذي قبل أن أخوض في التحليل المفصّل”. عرض فرانك شريحة تظهر خريطة الولايات المتحدة مع كل منطقة من مناطق المبيعات الـخمس للشركة. “بالنظر إلى فرص السوق في المنطقة الشرقية، ستكون أهداف النمو لدى توم وفريقه هي الأكثر نشاطاً، بنسبة 15% لأسواق شركات الطيران والفنادق وتأجير السيارات مجتمعة. بعد ذلك، المنطقة الجنوبية الوسطى ــــ”

قاطعه توم قائلاً:  “فرانك؟ “من المستحيل أن نحقق نمواً بمعدل عشري هذا العام”.

أجابه فرانك متفاجئاً: “عذراً؟” خيّم الصمت على الغرفة.

“لا يمكننا تحقيق ذلك من خلال عروضنا الحالية. اجتمعت مع عملاء في نيويورك وبوسطن وأورلاندو الأسبوع الماضي. تمثّل كبائن شركات الطيران سوقاً ناضجة ومشبعة بالفعل. وتواجه شركات الطيران الكثير من الصعوبات في التنافس مع أنشطة تسجيل الوصول المستندة إلى الويب ولا تزال تتساءل عن جدوى شراء منتج عفاه الزمن، فضلاً عن أن تكلفة تركيبه وصيانته مرتفعة للغاية. في حين يمكن للزبائن الحصول على الميزات نفسها من الخدمات المستندة إلى الويب وبشكل أرخص”.

أخذ فرانك نفساً عميقاً وقال: تأتي معظم إيراداتنا من سوق الخطوط الجوية يا توم، في حين أن أسواق الفنادق ووكالات تأجير السيارات مفتوحة على مصراعيها، حيث نحصل على 15% من الإيرادات من سوق الفنادق و5% من الإيرادات من سوق وكالات تأجير السيارات، كما قلت من قبل”. ثم تابع فرانك مشدداً على كل كلمة قائلاً: “ستتوجه إلى تلك الأسواق، أي إلى حيث تكثر فرص النمو”.

أدار توم جهازه الـ “آيباد” حتى يتمكن الجميع من الرؤية. “قمت قبل الاجتماع بتسجيل الوصول لرحلتي إلى العاصمة بعد ظهر اليوم من خلال خدمة الويب؛ كانت عملية سهلة للغاية، لا تتطلب تثبيت أي جهاز أو صيانته أو إجراء تحديثات لبرمجياته الخاصة باهظة الثمن. وأعتقد أن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن تدخل فيها الكبائن المنافسة هي عبر تطوير خدمات قائمة على الكبائن تولد إيرادات للعملاء أو تقدم مزايا أخرى لا يمكن لخدمات الويب أن تقدمها، وإلا ستؤول الأمور للأسوأ”.

تدخّل فرانك قائلاً: “لا يبدو أنك تفهم فكرتي تماماً يا توم. لقد وضعت شركات الطيران استثمارات كبيرة في أجهزة الكبائن وبنيتها التحتية، ولن تدع تلك الاستثمارات تذهب أدراج الرياح ببساطة. إذا جعلت تطوير استراتيجية السوق أهم أولوياتك، فيمكنك وضع كبائن في كل فندق ووكالة تأجير سيارات في منطقتك”.

تردد توم قبل أن يتحدث، ولم يستطع احتواء مشاعر الإحباط التي انتابته. “في الواقع، تحدثت مع عملاء مرتقبين يا فرانك، والكثير منهم حتى. ليس لدى تلك القطاعات أي حافز للتعامل معنا كالحافز الذي شجّع شركات الطيران في السنوات الأولى. فهدف الفنادق هو تقديم خدمات تعزز فيها علاقاتها مع زبائنها، وبدورهم، يفضّل الزبائن التعامل مع بشر وليس مع كبائن. من جهة أخرى، لا تحتاج شركات تأجير السيارات إلا إلى عدد قليل من الكبائن، حتى المطارات الكبيرة الحجم. أنت تقارن أمرين مختلفين.

عمّ الصمت مجدداً. في النهاية تحدث فرانك قائلاً: “كما قلت، هدف النمو في المنطقة الشرقية للعام المقبل هو 15% يا توم. هل هناك من يعترض قبل أن أنتقل إلى المنطقة الجنوبية الوسطى؟ عظيم”.

وآلت الأمور للأسوأ

أدخل توم رأسه إلى مكتب فرانك. “هل طلبت رؤيتي؟”. كان يعلم ما ينتظره. لقد شعر منذ اليوم الأول أن فرانك يريد إلحاق الضرر به. صحيح أن توم كان يتصرف بتهور أحياناً، لكن هذا الأسلوب ساعده في التعرف على عملاء مهمين. وللأسف، ذلك هو ما أزعج فرانك.

لقد شعر منذ اليوم الأول أن فرانك يريد إلحاق الضرر به.

“اجلس يا توم”. جلس توم على كرسي منخفض مصنوع من الجلد مقابل مكتب فرانك. “أرسلت للتو رسالة بريد إلكتروني إلى شانون ماكدونالد وأرسلت نسخة من البريد إليك. كان أداؤك في اجتماع اليوم منافياً للحدود. إذا حاولت أن تتحداني علناً مرة أخرى، فسأفعل أكثر من مجرد إرسال بريد إلكتروني. المشكلة أكبر من مجرد سوء سلوك. تتطلب تلك الوظيفة جهداً أكثر من مبيعاتك الذكية. أنت تفكر كمحاسب تنفيذي مستقل في حين كل ما يجب أن تركز عليه هو تطوير الاستراتيجية الإقليمية والعمل الجماعي، والتواصل مع سلسلة القيادة في القمة والقاعدة. الأمر لا يتعلق بسلوكك فقط، وإنما بوجهة نظرك بالكامل”.

“كان أداؤك في اجتماع اليوم منافياً للحدود. إذا حاولت أن تتحداني علناً مرة أخرى، فسأفعل أكثر من مجرد إرسال بريد إلكتروني”.

أرسل فرانك لتوم نسخة من البريد الإلكتروني الذي أرسله إلى شانون. “تُفصِّل هذه المذكرة أوجه القصور لديك والتدابير التصحيحية لها”. لاحظ توم في أثناء القراءة السريعة عبارات مثل “سوء التقدير” و”السلوك المشكوك فيه”.

“سأراقبك من كثب يا توم. وأنتظر منك أن تبلغني بخططك التفصيلية وتطلعني على جدول مواعيدك على أساس يومي. اكتشفت من أحد المسؤولين التنفيذيين في قائمة عملائك أنك كنت في نيويورك، في حين اعتقدت أنك كنت في بوسطن – ”

قاطعه توم قائلاً: “وكنت على وشك إخبارك بذلك.  “أنهيت الاجتماعات مع عملائي في بوسطن باكراً، وهو ما أتاح لي الوقت الكافي للقاء نائب رئيس قسم البرمجيات بشركة “إنديزم” (IndiZm) في نيويورك لمناقشة مشروع خدمات الكبائن الجديدة، وهو جزء من مشروع تطوير البرمجيات”.

“حسناً، ولكن لا علاقة لك بذلك المشروع في الوقت الحالي. لقد كنت في بوسطن بحسب جدول مواعيد “آوتلوك”، وتم تحويل مكالمتي إلى بريدك الصوتي عندما اتصلت بك. يجب عليك تحديث جدول مواعيد “آوتلوك” يومياً من الآن فصاعداً والرد على الرسائل التي تصلك من المكتب فوراً. وأرغب في الاطلاع على استراتيجيات تواصلك مع العملاء قبل أن تجري مكالمات البيع، وأن أراجع جميع ضمانات المبيعات مسبقاً. وستتوقف عن إجراء مكالمات مع العملاء لمجرد أن تلتقي بأشخاص جدد فقط. ويجب عليك أن ترسل التقارير بحلول الموعد النهائي. وأخيراً، أتوقع منك أن تتبنى موقفاً أكثر إيجابية داخل الشركة وخارجها”.

اعترض توم قائلاً: “لكنني لا أبدي أي موقف سلبي، كل ما أحاول فعله هو تطوير عروضنا حتى لا تتفوق خدمات الويب علينا. قبل خمس سنوات، استخدم حوالي نصف الركاب المسافرين بغرض الترفيه في الولايات المتحدة خدمة تسجيل الوصول عبر الإنترنت. هل تعرف النسبة اليوم؟”.

أغمض فرانك عينيه قليلاً قائلاً: “نعم، أنا على دراية بمنافسة الويب يا توم. ومضى على عملي هذا 20 عاماً. كما قلت، لن تجعل شركات الطيران استثماراتها الكبيرة في الأجهزة تذهب أدراج الرياح، صدقني. يتمحور النمو في العام المقبل حول توسيع تغلغلنا في أسواق الفنادق وتأجير السيارات، وذلك هو كل ما ستركز عليه. ويمكننا التحدث عن مشروعك في البرمجيات بعد أن تحرز تقدماً هناك. انتهى”.

وبينما توجه توم إلى الردهة ليدخل مكتبه، تمتم بصوت خافت، “لا أعتقد ذلك”.

مفاجأة الـ “آوتلوك”

نأى توم بنفسه عن الآخرين بقية الأسبوع ليفكر في خياراته. منحته فترة هدوء العاصفة بعد انتقادات فرانك أملاً ضعيفاً في أن الأسوأ قد انتهى. وبينما كان يتفحص جدول مواعيده في “آوتلوك” ويفكر بشكل كئيب في تحديثه، اكتشف بريداً إلكترونياً جديداً مثيراً للقلق في صندوق بريده الوارد. كانت الرسالة من شانون ماكدونالد. نسخة إلى: فرانك ديفيس. العنوان: الأداء.

تقول الرسالة: “أوضح لي فرانك ديفيس وجهة نظره حول أدائك. أعتقد أن الجميع يرغب في تحسين الوضع الحالي المؤسف. لقد أوضح فرانك توقعاته بشأن تحسنك خلال الثلاثين يوماً المقبلة، وسأعيد وفرانك تقييم مدى ملاءمتك لهذا المنصب بعد ذلك. وأود خلال تلك المرحلة أن أحصل على أفكارك حول كيفية تحسين أدائك. أرجو منك أن ترسل لي بياناً كتابياً في غضون 48 ساعة حتى نتمكن من حل هذه المشكلة على الفور”.

وبينما كان توم يقود سيارته الكوبيه من طراز “إي 82” (E82) باتجاه الشمال في شارع “بيتش تري” نحو شقته الجديدة في “باكهيد”، بدا له أن التسرع في شراء السيارة والمنزل كان قراراً خاطئاً. لم يكن فرانك يتذمر من أسلوب توم فحسب؛ وإنما بدا أنه يحاول جمع حجج مقنعة لتسريحه من العمل.

تصور توم سيناريوهين فقط للبقاء في الشركة: (1) أن يفعل ما يؤمر، وأن يغير أسلوبه ليتوافق مع جدول أعمال فرانك، وأن ينفذ استراتيجية يعتقد أنها خاطئة؛ أو (2) أن يُفصح عن النطاق الكامل لتوقعات فرانك واستراتيجيته المشكوك فيها لشانون، راعيته الأصلية، على أمل أن تنقذه وتعيد توظيفه.

وبينما كان يشق طريقه إلى المنزل في زحمة السير خلال ساعة الذروة، لم يفكر إلا بشيء واحد، وهو أن الوقت غير ملائم ليبقى دون عمل.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”الأقل” height=”50″ link_color=”#66abe8″ link_style=”button” link_align=”right”]

نصائح من مجتمع منصة “هارفارد بزنس ريفيو”

كيف تتصرف في هذا الموقف؟

يجب أن يجد توم طريقة لتلبية توقعات المدير بشكل إبداعي ليزيد نمو السوق إلى 15%، إن لم يكن إلى 18%. وسيكسب بذلك احترام فرانك الذي بدوره سيتيح لتوم الاستقلالية في أداء وظيفته بالطريقة التي يرغب فيها مستقبلاً.

سينثيا باول، طالبة دراسات عليا، “جامعة فاندربيلت” (Vanderbilt University).

واجهتُ موقفاً مماثلاً للموقف الذي مرّ به توم، لكنني تعاملت معه بطريقة مختلفة. اختلفت في الرأي مع مديري تماماً، لكنني طلبت لقاءه وجهاً لوجه قبل عقد أي مناقشات أو اتخاذ إجراءات عامة. واعتبرني بذلك شخصاً مخلصاً وجريئاً بما يكفي لمواجهته.

جول ستوك، الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة “ويستمونت كوربوريشن” (Westmont Corporation)

توم محكوم عليه بالفشل ويجب أن يبدأ في البحث عن وظيفة أخرى على الفور. يقود أشخاص مثل فرانك الشركات الجيدة إلى الهاوية لأنهم يفشلون في التكيف مع التغيير. كما أن فرانك هو شخص منطوٍ على نفسه لدرجة أنه يخشى الاعتراف بأنه قد يكون مخطئاً.

ستيفاني شو، ربة منزل، ومشرفة نشر سابقة في شركة “روبرتسون ستيفنز” (Robertson Stephens)

إن الشخص الذي ارتكب الخطأ الفادح هنا هي شانون. كان عليها أن تطلب من فرانك إجراء مقابلة شخصية مع توم قبل تعيينه كي يتولى مسؤولية الإشراف عليه دون أن يضطر إلى تذكيره بسلطة منصبه.

آدم إبراهيم سالم، مدير إدارة الماليات في شركة “بي آند جي” (B&G) المتخصصة في أعمال الضيافة

لن يستطيع توم تغيير آراء مديره، بل يمكنه تغيير نفسه فقط. وإذا أراد النجاح في وظيفته الجديدة، فعليه أن يتجنب التفكير في مهمات الآخرين ومسؤولياتهم والتركيز على مهماته فقط.

دوروثي نسبيت، مديرة ومدربة في مجال القيادة بمركز “ليرنينغ فور لايف” (Learning for Life).

[/su_expand]

هل يجب أن يستجيب توم لمطالب فرانك؟

جيفري فيفر (جيف فيفر)، أستاذ كرسي توماس دي الثاني لمادة السلوك التنظيمي في كلية الدراسات العليا للأعمال بجامعة “ستانفورد”. وهو مؤلف كتاب “السلطة: لماذا يمتلكها بعض الناس ويفقدها آخرون” (Power: Why Some People Have It—and Others Don’t)، (صدر عن “هاربر بزنس” في عام 2010).

واجه توماس غرين مجموعة من المشكلات التي يمكن التنبؤ بها والتي فشل في منعها. ويجب أن يبدأ الآن في إصلاح الضرر الذي لحق بكل من علاقاته المهنية وتطلعاته المهنية بدلاً من تقويض علاقته بمديره والسعي إلى “فضحه”.

تمثّل خطأ توم الأول في إهماله فكرة أن مديره لم يكن ليختاره لمنصب كبير اختصاصيي التسويق. كان يجب عليه أن يدرك منذ البداية أهمية تلك الضربة الأولية ضده، وأن يعمل على كسب ثقة فرانك وجعلها أهم أولوياته. لكنه فعل العكس تماماً، حيث فشل في تقديم تقرير مهم في الوقت المحدد ولم يُطلع فرانك على تفاصيل عمله بشكل عام. والأهم من ذلك، هو أنه تحدى سلطة مديره علناً. قد يعتقد توم أن التراتبية لا تهم كثيراً في عالم الشركات اليوم، لكن لا يزال المدراء يحبون ذلك النوع من الاحترام الذي يعزز مكانتهم.

وكان خطأ توم الثاني هو افتراضه أن الإعراب عن آرائه بشأن التهديد التنافسي من العروض المستندة إلى الويب سيغير رأي مديره والآخرين في المؤسسة على الفور. لكن لم يقضِ توم أي وقت تقريباً في بناء العلاقات الاجتماعية الوثيقة مع الأشخاص الذين من شأنهم أن يمنحوه المصداقية التي ستتيح له إقناعهم بوجهة نظره. على سبيل المثال، لم يُطلع توم شانون على ما تعلّمه وأنجزه في منصبه الجديد بعد ترقيته. ولم يكن لديها أي علم عن المساهمات التي كان يقدمها، وبالتالي، لم يكن لديها أي سبب وجيه لمواصلة دعمه. كانت معلوماتها الوحيدة عن توم هي التقييمات السلبية التي حصلت عليها من فرانك.

لحسن الحظ، لم يفت الأوان على توم لإصلاح ذلك الضرر، على الرغم من ضرورة أن يتصرف بسرعة. يجب أن يبدأ بالاعتذار لفرانك عن تحديه علناً، ثم أداء ما يطلبه منه بالضبط وإبقائه على اطلاع دائم بجميع التطورات. وعلى توم أيضاً الاستفادة من قوة الإطراء التي لن تضر بغض النظر عن عدد العبارات المستخدمة. وعليه أيضاً أن يقر بسنوات خبرة فرانك الطويلة وأن يطلب مساعدته على التفكير في التحدي التنافسي الذي تفرضه خدمات الويب على شركة “دي سيفن ديسبلايز”، فطلب المساعدة سيعود عليه بالنفع، ويجعل الشخص الآخر الذي يلتمس رأيه يشعر بالتقدير.

أخيراً، يجب على توم أن يُعيد تواصله مع شانون بطريقة مدروسة بعناية، وأن يجتمع معها وجهاً لوجه بدلاً من أن يرد على رسالتها برسالة أخرى (التي يمكن إعادة توجيهها). ويجب على توم في ذلك الاجتماع الاعتذار عن مشكلاته مع فرانك وعن عدم إطلاع شانون على كامل مساعيه، بما في ذلك إدراكه للتحديات التنافسية التي تواجه الشركة وعزمه على بناء علاقات مع عملاء جدد. ويجب أن يطلب منها أن تكون موجهته، خاصة فيما يتعلق بالعمل بفاعلية مع فرانك. ومن المرجح أن يؤدي ذلك التواصل إلى إحياء دعم شانون لتوم.

ويجب على توم أن يقضي مزيداً من الوقت في تغيير نهجه إذا كان يرغب في تجنب تسريحه من الشركة.

باختصار، الشركات هي أنظمة اجتماعية قائمة على الأفراد، وبالتالي، لا بدّ من مراعاة تقدير هؤلاء الأفراد لذواتهم. بمعنى آخر، يجب على توم أن يقضي مزيداً من الوقت في تغيير نهجه إذا كان يرغب في تجنب تسريحه من شركة “دي سيفن ديسبلايز”.

بول فالكون، نائب رئيس إدارة الموارد البشرية في شركة “تايم وارنر كيبل” (Time Warner Cable). وهو مؤلف كتاب “101 محادثة صعبة يجب إجراؤها مع الموظفين” (101 Tough Conversations to Have with Employees)، (صدر عن “أماكون”، في عام 2009).

يجب على توم أن يحدد الافتراضات التي يعتقد أنها صحيحة ثم يتبع قلبه. ليس من المنطقي أن يكون مطيعاً بصورة عمياء إذا كان مقتنعاً بشدة بأن مديره، فرانك، يقوده ويقود الشركة في الاتجاه الخاطئ. لكن لا يعني ذلك أن بديله الوحيد هو الكشف عن انعدام كفاءة فرانك. لدى توم خيارات أكثر من الخيارين اللذين وضعهما لنفسه، ولا تقتصر المسألة على خيار واحد.

أولاً، دعونا نلقِ نظرة على ما هو ليس بخيار. لا أحد يرغب في توضيح سبب طرده لصاحب عمل مرتقب، لذلك، على توم بذل قصارى جهده لتجنب تسريحه. ويجب أن يجعل أهم أولوياته التخلي عن الفكرة الخاطئة المتمثلة في فضح فرانك أمام شانون. ويكشف البريد الإلكتروني الذي أرسلته إلى توم عن سبب اعتبار فكرته فكرة سيئة: لقد أوضح فرانك توقعاته بشأن تحسنك خلال الثلاثين يوماً المقبلة، وسأعيد وفرانك تقييم مدى ملاءمتك لهذا المنصب بعد ذلك. من الواضح أن سلطة شانون أعلى من سلطة فرانك في هذا الأمر، ومحاولة تحريض أحدهما ضد الآخر ستؤدي بالتأكيد إلى نتائج عكسية على توم، خاصة أن شانون حذّرته من قبل حول ضرورة أن يعزز علاقته مع فرانك.

وبالتالي، فإن محاولة تحريض شانون وفرانك أحدهما على الآخر ستسفر عن نتائج عكسية بالتأكيد.

يوجد الكثير من أمثال فرانك في العالم، وقد يصبحون أكثر صرامة في التعامل كلما ارتقى أمثال توم في السلم الوظيفي. صحيح أنه سيصادف مدراء آخرين لا يتفق معهم، لكن لا يزال بإمكانه تحديد طرق وأساليب للعمل معهم بفاعلية. إذا كان توم يرغب في مواصلة مساره المهني في الشركة، فعليه إبداء التواضع عندما يدافع عن وجهة نظره طالباً الدعم لها.

كما أن افتراض توم بأنه يتفوق على فرانك الذي يتمتع بـ 20 عاماً من الخبرة، أو أنه يتمتع بذكاء متفوق في السوق بسبب بعض المحادثات الأخيرة مع العملاء يُظهر نقصاً هائلاً في النضج التجاري لديه. إذا رغب توم في مواصلة العمل لدى شركة “دي سيفن ديسبلايز”، فعليه تطوير وعيه ومن ثم إبداء مدى ذلك الوعي والنضج من خلال الاعتذار إلى فرانك واتباع إرشاداته حرفياً.

قد يرغب توم في ترك وظيفته في شركة “دي سيفن ديسبلايز” قبل تسريحه بالفعل.

ومع ذلك، طبيعي ألا يتواءم الجميع مع الحياة المؤسسية، وعلى توم أن يتفحص بعناية مدى ملاءمته لمسار مهني يتطلب منه وضع احتياجات المدراء والمؤسسة وتفضيلاتهم فوق احتياجاته وتفضيلاته. فإذا كان يعتقد أنه لن يكون قادراً على إبداء التواضع والإيثار والصبر المطلوبين للعمل الجماعي في الشركة، فعليه ترك وظيفته في “دي سيفن ديسبلايز” قبل تسريحه. قد يختار إجراء دورة في مجال ريادة المشاريع تتيح له المجال لتنظيم خططه ومشاريعه الخاصة وتعلم كيفية مواجهة فكرة “تحدي المدير أو الاستقالة”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .