كيف يمكن للمدراء بناء مهنة جانبية في التدريس؟

4 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تثير فكرة التدريس اهتمام العديد من المدراء الذين يسعون لمواجهة تحديات ثقافية ويرغبون بتقديم الفائدة للآخرين. لقد قمت على مدى قرابة عقد من الزمن بتدريس المدراء في الجامعات حول العالم، منها كلية فوكوا للأعمال في جامعة ديوك وجامعة كولومبيا وكليات الأعمال الرائدة في البرازيل وروسيا وكازاخستان وفرنسا وإسبانيا وغيرها.

وكنتيجة لعملي هذا، طرح عليّ السؤال التالي بصورة متكررة: كيف حصلت على عمل في مهنة التدريس؟ سأدلك على ثلاث استراتيجيات يستطيع رجل الأعمال المحترف من خلالها الحصول على عمل كمدرس مساعد، سواء كان هدفه العمل ضمن مشروع جانبي بوقت جزئي أو البدء بمسيرة مهنية محتملة تمهيداً لمرحلة ما بعد التقاعد.

أولاً، حاول العثور على من يدعمك. كما هي الحال في أي وظيفة أخرى، ستزداد فرصك في لفت الانتباه إذا تلقيت دعم شخص من الداخل. سجل قائمة بأسماء معارفك الذين يعملون في الجامعات التي تسعى للعمل فيها، سواء كان عملهم بدوام كامل أو جزئي، (قد يكون موقع لينكد إن مفيداً). وحتى إن لم تجد أحداً، قد تستفيد من علاقتك ببعض الأشخاص وإن كانت سطحية.

لدي صديقة تلهفت لمساعدتي عندما ذكرت لها رغبتي بالتدريس. ونظراً لاستمرار تواصلها مع مدير القبول في كلية فوكوا للأعمال في جامعة ديوك، حيث حصلت على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، عرضت أن تعرفني عليه على الرغم من أنه ليس الشخص الذي يجب عليّ التحدث معه. وبسبب حاجتي للتواصل مع أي شخص كان من داخل الجامعة وافقت على عرضها. فقام مدير القبول بتحويلي إلى رئيس برنامج التعليم الإداري الذي قام بتعييني بعد ذلك.

إذا لم تكن لديك معارف من أي نوع، يمكنك اتباع طريقة مختلفة، وهي ما أسميها “النهج البارد“. منذ سنوات مضت، ساعدتني هذه الطريقة في الحصول على استضافة لإلقاء محاضرة في كلية ماكدونو للأعمال في جامعة جورج تاون. ويختلف الأشخاص المناسبين للتواصل معهم بهذه الطريقة بحسب الجامعة، وبذلك تكون المحاولة قابلة للنجاح أو الفشل، ولكن أفضل المحاولات تكون بالتواصل مع رؤساء الأقسام ورؤساء “المراكز” أو المبادرات (مركز إدارة الرعاية الصحية على سبيل المثال)، أو رؤساء البرامج (تعليم المدراء أو برنامج ماجستير إدارة الأعمال للمدراء، إلخ).

ثانياً، حضّر الرسالة. بمجرد عثورك على من ستتحدث إليه، يجب أن تكون لديك رسالة طلب قصيرة جاهزة. لا تثقلها بالمعلومات في هذه المرحلة، بل يجب ألا تزيد عن فقرتين تقريباً كي لا ترمى جانباً مع الرسائل التي “ستقرأ لاحقاً”.  

يجب أن تضمّ الفقرة الأولى سيرتك الذاتية المختصرة، مدعومة بالدليل الاجتماعي الذي يبرهن أنّ تعيينك للتدريس في برنامجهم سيكون خياراً جيداً. وخلافاً لما يظنه الكثير من الناس، لا يحتاج عملك كأستاذ مساعد إلى شهادة دكتوراه، على عكس من يسعى لإنشاء مسيرة مهنية دائمة في التدريس بدوام كامل في المؤسسات الأكاديمية. وأنا قمت بالتدريس لدى كليات أعمال رائدة في أربع قارات وأنا لا أحمل سوى إجازة ماجستير في علم اللاهوت.

إنّ المؤهلات الأكاديمية عظيمة، وإن كنت تملك أياً منها يجب عليك ذكره في رسالتك، ولكن ما يهم هنا هو خبرتك المهنية في المجال. على سبيل المثال، وكما وصفت في كتابي “تميَّز” (Stand Out)، قد تتضمن المقاييس الأساسية التي يجب عليك ذكرها: عملك لدى شركات معروفة وشغلك لمناصب عليا وقيام مجلات رائدة في المجال باقتباس أقوالك، ومشاركتك في مؤلفات ومنشورات مهمة واستلامك جوائز في قطاعك، إلخ.

كما أنه من الجيد ذكر أي خبرة سابقة في التدريس، سواء كانت في قيادة ورشات عمل داخلية في الشركة أو إلقاء كلمات أو محاضرات في المؤتمرات. صحيح أنّ الأكاديميين لن يطمئنوا تماماً إلا إذا كانت لديك خبرة سابقة في التدريس في جامعات أخرى، ولكن يمكن أن تفي قدرتك الجيدة على إلقاء الخطابات بالغرض وتنفي مخاوفهم بإثبات أنك لن ترتبك عندما تقف أمام الطلاب.

ويجب أن تتضمن الفقرة الثانية أفكاراً عن نوع المواد أو البرامج التي ستكون قادراً على تدريسها. خذ وقتك مسبقاً لتفحص قائمة مواد الجامعة وأيها سيكون متاحاً على الإنترنت، كي تكون ملماً بما يقدمونه حالياً. يمكنك اقتراح مجموعة من المواد الموجودة حالياً والتي تستطيع تدريسها (لعل أحد الأساتذة غادر في إجازة وكانت هناك حاجة لأستاذ بديل) ومواد جديدة يمكنك استحداثها. وهنا يمكنك تحديد الفجوات التي يمكنك جسرها ضمن مجموعة المواد. وإحدى الطرق للقيام بذلك هي المقارنة بين ما تقدمه الجامعات المختلفة. فعلى فرض أنّ مادة “إدارة التغيير” تقع ضمن مجال خبرتك، وهي موجودة لدى الجامعة (أ) وغير موجودة لدى الجامعة (ب)، عندئذ يمكنك اقتراح استحداث هذه المادة لدى الجامعة (ب) لأن الجامعات المماثلة الأخرى توليها أهمية واضحة.

ثالثاً، كن مستعداً لإنشاء ملف سيرتك الذاتية (CV) ومخطط المقرر الدراسي. إذا نال طلبك الموافقة، قد يقترح عليك الشخص الذي تتواصل معه إجراء لقاء شخصي أو اتصال فيديو، أو سيطلب منك إرسال ملفين. (تكاد تكون هاتان الخطوتان إلزاميتين ولكن قد يختلف الترتيب). سيكون أول ملف يطلب منك إرساله هو ملف سيرتك الذاتية بصيغة (CV) لأنّه أكثر شيوعاً في الأوساط الأكاديمية وأكثر تفصيلاً من ملفات السيرة الذاتية بصيغة (resume) المستخدمة في المجالات الأخرى. (من أجل الاطلاع على الفروقات بين الصيغتين، الرجاء الضغط هنا). خصص من وقتك ساعة أو اثنتين على الأقل لإعداد ملف سيرتك الذاتية وجعله مقبولاً.

أما الملف الثاني الذي سيطلب منك إرساله فهو مخطط المقرر الدراسي للمادة التي تعرض على الجامعة أن تقوم بتدريسها، إذا كنت تستحدثها من البداية بالطبع. وإذا رغبت الجامعة أن تقوم بتدريس مادة موجودة لديها مسبقاً، سترسل لك مخطط المقرر الدراسي الخاص بآخر مدرس للمادة لديها كبداية ويمكنك إجراء تعديلات عليه لاحقاً. ومن أجل إنشاء مخطط جديد للمقرر الدراسي سيتوجب عليك تحديد المواضيع التي تقترح أن يشملها المقرر والترتيب الذي ستقوم بتدريسها وفقه، وذلك ضمن أمور أخرى بالطبع. وقد نشرت دورية التعليم العالي (The Chronicle of Higher Education) دليلاً مفصلاً عن إنشاء مخطط المقرر الدراسي. وقد يتراوح الوقت الذي ستستغرقه العملية، التي هي عبارة عن استخلاص لمجمل مفهومك عن المادة، بين 5 ساعات (إن كنت تملك رؤية واضحة للمادة وقائمة الدروس) وعشرات الساعات بناء على كمية البحث الذي ستحتاج إليه.

إذا كانت مقابلتك ناجحة وحظي ملف سيرتك الذاتية ومخطط المقرر الدراسي الذي قدمته بالقبول، تكون قد دخلت في بداية مسيرتك في مهنة التدريس، وبذلك لن تبقى سوى مسألة التوقيت. ففي بعض الأحيان تسير الأمور بسرعة كبيرة. على سبيل المثال، عندما تواصلت لأول مرة مع جامعة ديوك كانوا يبحثون فعلاً عن مدرس لمادة مهارات التواصل والمواقع الاجتماعية، ولذلك انضممت إلى قائمة مدرسيهم خلال أقل من ثلاثة أشهر. وفي حالات أخرى كان يستغرق الأمر زمناً أطول، لأن إعداد البرامج يتم مسبقاً قبل وقت طويل (تواصلت معي كلية سكولكوفو الروسية الرائدة لإدارة الأعمال لأول مرة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، وأتممت أول تعاقد لي معها بعد 13 شهراً).

إنّ التدريس في الجامعات أو برامج التخرج أو برامج تعليم المدراء تجربة مثمرة. وللصراحة، لا يدر العمل كمدرس مساعد الكثير من المال، فمردوده زهيد جداً على المستوى الجامعي، ويزداد قليلاً على مستوى برامج تعليم الشركات والمدراء، ولكنه طريقة تمكن المهنيين من التغلب على تحديات جديدة ومشاركة معارفهم المكتسبة بالعرق والجهد واكتساب مؤهلات قيمة جديدة. إن كنت تتوق للعودة إلى غرفة الصف، يمكن لهذه الاستراتيجيات مساعدتك على الدخول إلى المجال وإضافة خبرة جديدة إلى مسيرتك المهنية.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .