ما المشكلة الأساسية في عملية إعادة بناء العلامة التجارية لـ “فيسبوك”؟

3 دقائق
بناء العلامة التجارية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: يُعد قرار “فيسبوك” بإعادة بناء العلامة التجارية الخاصة بها خطوة سيئة التوقيت، لكن ليس للسبب الذي قد تفكر فيه. تجادل المؤلفة بأن المشكلة الحقيقية هي أن “فيسبوك” تعيد بناء العلامة التجارية قبل تحويل رؤيتها إلى واقع. إذ لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي جوهر عمليات الشركة وإيراداتها. ومن خلال اختيار اسم للعلامة التجارية قائم على إمكانات مستقبلية محتملة ومنصة ومنتجات قد لا يتم تقديمها قبل عقد من الزمان، باعتراف زوكربيرغ، فإن الشركة ستربك المستخدمين في أحسن الأحوال، وستخيب آمالهم وستزيد من تدهور ثقتهم بالشركة في أسوأ الأحوال. فعملاء اليوم يطالبون العلامات التجارية التي يتعاملون معها بالمصداقية، ويتوقعون أن تكون الشركات من الداخل متوافقة مع ما تعلن عنه.

 

أعلن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة “فيسبوك” الأسبوع الماضي أن شركته ستغير اسمها إلى “ميتا” (Meta). وقد انتُقدت عملية إعادة بناء العلامة التجارية هذه لعدة أسباب؛ فهي محاولة حمقاء لصرف الأنظار عن الانتقادات التي تلقتها الشركة مؤخراً، ولأن مصطلح “ميتافيرس” (metaverse) الذي يشير إليه الاسم الجديد ليس مألوفاً أو مفهوماً لذا فهو مربك، ولأن “ميتا” هو اسم شركة سخيف، وما إلى ذلك. لكن أهم مشكلة في هذه العملية هي أنه تم تقديم العلامة التجارية الجديدة دون إجراء أي تغيير جوهري في الشركة.

شرح زوكربيرغ عملية إعادة بناء العلامة التجارية خلال خطابه في الحدث الافتراضي للشركة “فيسبوك كونكت” (Facebook Connect) قائلاً: “حان الوقت لاعتماد علامة تجارية جديدة للشركة لتشمل كل ما نقوم به”. لكن هذا ليس صحيحاً؛ فالرؤية الكامنة وراء “ميتا” لا تزال مجرد رؤية. إذ لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الحالي جوهر عمليات الشركة وإيراداتها. ومن خلال اختيار اسم للعلامة التجارية قائم على إمكانات مستقبلية محتملة ومنصة ومنتجات قد لا يتم تأسيسها قبل ما يقرب من عقد من الزمان، باعتراف زوكربيرغ، فإن الشركة ستربك المستخدمين في أحسن الأحوال، وستخيب آمالهم وستزيد من تدهور ثقتهم بالشركة في أسوأ الأحوال.

ليس من المستغرب أن تسلك “فيسبوك” هذا الطريق، كما تفعل شركات عديدة. عندما يرغب قادة الشركات في تغيير هوية شركاتهم أو إعادة تموضع أعمالهم، فإنهم غالباً ما يلجؤون إلى الرسائل والاتصالات الخارجية أولاً، من خلال اختيار اسم وشعار جديدين وإطلاق حملة إعلانية. وذلك لأن إجراء هذه الأنواع من التغييرات السطحية سهل نسبياً؛ إذ من الأصعب بكثير إجراء تغييرات حقيقية على الأعمال وثقافة الشركة.

ربما في وقت ما كان إجراء تغيير كامل في الشركة فعالاً في تغيير الرأي العام، ولكن عملاء اليوم أذكى بكثير. لذا، يجب أن تقدم لهم الشركات شيئاً مختلفاً للغاية أو أن يروا أدلة موثوقة على أن المشكلات قد تم حلها لكي يصدقوا أنها تغيرت بالفعل. فهم يطالبون العلامات التجارية التي يتعاملون معها بالمصداقية، ويتوقعون أن تكون الشركات من الداخل متوافقة مع ما تعلن عنه.

من خلال اعتماد اسم جديد، قد تحاول “فيسبوك” الادعاء بأنها تطور تكنولوجيات مبتكرة تجمع الناس معاً بطرق جديدة ومثيرة. لكنها في الواقع شركة تبني منتجات يُحتمل أن تكون خطرة وتروج لها، وتتمسك بثقافة قوة عمل مفككة، وتفقد ثقة عملائها. كان يجب أن تنتظر إلى أن تعالج هذه المشكلات، والأهم من ذلك، أن توطد مكانتها كموفر لمنتجات أو تطبيقات “الميتافيرس” قبل الإعلان عن علامة تجارية جديدة.

هذا ما فعلته “جوجل” عندما أُعيد بناء كيانها المؤسسي إلى “ألفابت” (Alphabet) في عام 2015. على مدار السنوات العديدة التي سبقت التغيير، توسعت أعمال “جوجل” على نحو كبير لتتجاوز نطاق منتج محرك البحث الخاص بها. وعندما اعتمدت الشركة اسمها الجديد، كانت قد أصبحت بالفعل شركة تقنية متعددة الأنشطة تضم مجموعة واسعة من الشركات والمنتجات بما في ذلك السيارات الذاتية القيادة والأجهزة الطبية والأجهزة المنزلية الذكية. نتيجة لذلك، لم يكن تغيير العلامة التجارية منطقياً فحسب، بل قلل أيضاً بفعالية من الارتباطات بين “جوجل” والشركات الشقيقة، ما أدى إلى حماية “جوجل” من مخاوف الجمهور التي أثيرت بشأن التكنولوجيات الناشئة (الطائرات “المخيفة” المسيّرة بدون طيار، والسيارات الخطرة الذاتية القيادة، وما إلى ذلك) وحماية الكيانات الأخرى من آمال “وول ستريت” المعقودة على “جوجل”.

على الرغم من اسم “فيسبوك” الجديد، فإنها لا يمكنها الفصل بين أعمالها التجارية الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي و”الميتافيرس” والتطورات الأخرى لأن هذه التطورات لا تزال في مراحلها الأولى.

بالطبع لا تعتمد جميع الشركات على التغييرات في الأسماء لإصلاح صورتها العامة. لنأخذ عملية تحول شركة “مايكروسوفت” مثالاً على ذلك. عندما بدأ الرئيس التنفيذي ساتيا ناديلا في إعادة تشكيل الشركة ومعالجة الانتقادات الموجهة إليها، اعتمدت الشركة استراتيجيات قائمة على الذكاء الاصطناعي والأجهزة المتنقلة والسحابة، وانفتحت على الشراكات (مع “لينكس” (Linux) على سبيل المثال)، وسعت بقوة إلى إجراء عمليات استحواذ (مثل استحواذها على “لينكد إن”)، ونفذت التحول الرقمي في جميع جوانب عملياتها. الأهم من ذلك، أن ناديلا حوّل ثقافة الشركة من ثقافة تتصف بالصراعات الداخلية والقصور الذاتي إلى ثقافة قوامها التعلم والتعاون وإيلاء الأولوية للعملاء. ومع ذلك، لم تشعر “مايكروسوفت” بالحاجة إلى تغيير اسمها أو إطلاق أي نوع من الحملات للترويج لهذه التغييرات. وبدلاً من ذلك، اعتمدت على التغييرات التشغيلية والثقافية لإحياء أعمالها وتغيير الرأي العام. وليس هناك ما يشير إلى حدوث أي شيء مشابه في “فيسبوك” حالياً.

يشير الكثيرون إلى العلامة التجارية على أنها وعد، ولكن العلامة التجارية يجب أن تكون وعداً سيتم الوفاء به. من خلال جهود “فيسبوك” الرامية إلى إعادة بناء علامتها التجارية، فهي تقدم وعوداً لا يبدو أنها قادرة على الوفاء بها في الوقت الحالي.  وإلى أن تُظهر “فيسبوك” أنها تجري تغييرات حقيقية، فلن تكون “ميتا” إلا “فيسبوك” القديمة نفسها ولكن تحت اسم آخر.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .