كيف تقيس قيمة الرعاية الصحية الافتراضية؟

5 دقائق
برامج الرعاية الصحية الافتراضية
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: أدت الجائحة إلى زيادة كبيرة في استخدام الرعاية الصحية الافتراضية، لكن مكانها في عالم ما بعد الجائحة لا يزال مجهولاً. لمساعدة واضعي السياسات، وجهات الدفع، ومقدمي الخدمات على تقييم الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها أن يكون لـ “برامج الرعاية الصحية الافتراضية تأثير إيجابي على المرضى والأطباء وجهات الدفع والمجتمع في المستقبل، وضعت “الجمعية الطبية الأميركية” (American Medical Association) وشركة “مانيت هيلث” (Manatt Health) إطار عمل. ويمكن لمقدمي الرعاية استخدام هذا الإطار لوضع نماذج رعاية جديدة ممكَّنة رقمياً وتقييمها، وبمقدور جهات الدفع استخدامه لاتخاذ قرارات مستنيرة بخصوص التغطية وسداد التكاليف، ويمكن أيضاً لواضعي السياسات استخدامه لسَنّ تشريعات.

أدت جائحة “كوفيد-19” إلى زيادة كبيرة في الرعاية الصحية الافتراضية في الولايات المتحدة. وسبب هذه الزيادة هو الحاجة إلى التباعد الاجتماعي، وما مكّنها هو تنفيذ المشرّعين الفيدراليين ومشرعي الولايات والجهات الرقابية وجهات الدفع مجموعة واسعة من السياسات المرنة. ولكن الكثير من هذه المساعدات مؤقت. مع انحسار الجائحة، يقرر واضعو السياسات وجهات الدفع ما إذا كانوا سيدفعون مقابل خدمات الرعاية الافتراضية في المستقبل ومقدار ما سيدفعونه، ما يجعل الأطباء غير متأكدين من قدرتهم على تحمل تكاليف مواصلة برامج الرعاية الافتراضية. لكن الأطراف المعنية غالباً ما تتخذ هذه القرارات بناءً على مقاييس نجاح قديمة أو محدودة لا تعكس بصورة شاملة كيفية خلق قيمة في الواقع.

لتلبية هذه الحاجة، وضعت “الجمعية الطبية الأميركية” (American Medical Association) وشركة “مانيت هيلث” (Manatt Health) القانونية والاستشارية، إطار عمل لتقييم قيمة الرعاية الممكّنة رقمياً. وهذا الإطار يراعي الطرق المختلفة التي قد تؤدي بها برامج الرعاية الصحية الافتراضية إلى زيادة “العائد على الصحة” الإجمالي من خلال تحقيق منافع للمرضى، والأطباء، وجهات الدفع، والمجتمع في المستقبل. ويمكن لمقدمي الرعاية استخدام هذا الإطار لوضع نماذج رعاية جديدة ممكَّنة رقمياً وتقييمها، وبمقدور جهات الدفع استخدامه لاتخاذ قرارات مستنيرة بخصوص التغطية وسداد التكاليف، ويمكن أيضاً لواضعي السياسات استخدامه لسَنّ تشريعات تسترشد بها الرعاية الافتراضية في مسارها المستقبلي.

قبل جائحة “كوفيد-19″، كان اعتماد الرعاية الافتراضية بطيئاً ويمثل أقل من 1% من إجمالي حجم الرعاية الصحية. وفي معظم الحالات، توجد الرعاية الافتراضية خارج نظام تقديم الرعاية الصحية التقليدي، وغالباً ما تكون غير منسقة مع الرعاية التي تُقدَّم وجهاً لوجه. فقد يصاب مريض بالحمى خلال عطلة نهاية الأسبوع ويعرض نفسه على مقدم رعاية عاجلة افتراضية، وفي معظم الحالات، لا يكون هو نفسه مَن قدَّم له الرعاية الصحية الأولية. نفّذت بعض الأنظمة الصحية المبتكرة أو شركات تقديم الرعاية الصحية التي تعتمد على التكنولوجيا، مثل “وان ميديكال” (One Medical) و“سيتي بلوك هيلث” (Cityblock Health) أدوات رعاية افتراضية متكاملة، ولكن في معظم الشركات، كان نظام الرعاية الافتراضية موجوداً بالتوازي مع نظام تقديم الرعاية الصحية وجهاً لوجه ومنفصلاً عنه.

لقد سرّعت الجائحة من دخولنا إلى حقبة سيتم فيها الدمج بسلاسة بين تقديم الرعاية وجهاً لوجه وتقديمها افتراضياً، وسيعتمد أسلوب تقديم الرعاية على الملاءمة السريرية (أي الحالات التي ينبغي، أو لا ينبغي، فيها تقديم الرعاية الصحية عن بُعد) وعوامل مثل الراحة والتكلفة. فعندما مُنح المرضى خيار تلقّي الرعاية الصحية عن بُعد في أثناء الجائحة، كانوا أكثر ميلاً إلى زيارة أطبائهم الحاليين لتلبية احتياجاتهم مقابل زيارة مقدم رعاية جديد. سيتم وضع نماذج رعاية مُمكَّنة رقمياً تشمل جميع أنواع حدة الأمراض وجميع الحالات السريرية. وسيتيح إدماج حلول جديدة للصحة الرقمية، مثل الزيارات الطبية عبر الفيديو، والمراقبة عن بُعد، وتقديم الرعاية الصحية عن بُعد بشكل غير متزامن، وأجهزة الاستشعار الدائمة والسلبية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في نماذج الرعاية الممكّنة رقمياً، إمكانية الحصول على رعاية صحية عالية الجودة مع توفير تجارب إيجابية للمريض والطبيب بتكلفة أقل.

وعلى الرغم من التقدم الكبير المحقق، فإن مجموعة الأدلة الحالية حول الرعاية الصحية عن بُعد تركز بشكل ضيق على المقاييس قصيرة الأجل للقيمة المالية للصحة الافتراضية. هناك الكثير من الفرص لجمع تفاصيل في الوقت الحالي حول الفوائد الأوسع نطاقاً، مثل التحسينات في إمكانية الحصول على الرعاية، والنتائج السريرية، والتأثير على تجربة المريض والطبيب، وإمكانية تحقيق الكفاءة التشغيليةـ والتأثير على العدالة الصحية. ستختلف هذه الفوائد أيضاً بناءً على مجموعة واسعة من العوامل التي تؤثر في القيمة والنتائج، مثل نماذج السداد أو طرق تقديم الرعاية الافتراضية (على سبيل المثال، الزيارات الطبية الصوتية أو المرئية غير المتزامنة) أو حالة الاستخدام السريري. لهذا السبب وضعنا إطار عمل شامل لمساعدة أصحاب المصلحة في تقييم الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها لبرامج الرعاية الافتراضية أن تخلق قيمة بناءً على متطلباتهم المحددة.

قياس قيمة الرعاية الصحية الافتراضية

للقيام بذلك، درسنا الأدبيات المتوفرة حول تأثير الرعاية الصحية عن بُعد وأجرينا مقابلات مع خبراء وطنيين حول تقديم الرعاية الافتراضية والتمويل والتكنولوجيا والبحث. واستشرنا أيضاً القادة الحاليين والسابقين لـ “نظام أوكسنر الصحي” (Ochsner Health System)، و”المركز الطبي التابع لجامعة فرجينيا كومنولث” (Virginia Commonwealth University Health)، وشركة “سيتي بلوك هيلث”، و”جمعية الإدارة المالية للرعاية الصحية” (Healthcare Financial Management Association)، وكلية “هارفارد للطب”، و”جمعية إدارة المجموعة الطبية” (Medical Group Management Association)، وعيادات خاصة، وغيرها.

يصف إطار العمل العديد من المتغيرات البيئية التي تؤثر في تدفقات القيمة المميزة التي تؤدي مجتمعة إلى الحصول على القيمة الإجمالية المستمدة من نموذج معين ممكّن رقمياً. وتشمل المتغيرات البيئية نوع العيادة، والترتيب المستخدم في الدفع، وعدد المرضى، وحالة الاستخدام السريري، وطريقة تقديم الرعاية الافتراضية. يتسم إطار العمل بالمرونة لأنه يقر بأن مختلف مؤسسات تقديم الخدمة سيكون لها دوافع سريرية أو تجارية مختلفة لاتباع نماذج مختلفة بناءً على سياقها البيئي والاستراتيجي. على سبيل المثال، العيادة الريفية الصغيرة التي تقدم رعاية أولية ويزورها عدد كبير من الفئات المستفيدة من برنامج الرعاية الطبية “ميديكير” (Medicare)، التي تدفع رسوماً مقابل الخدمة ستشعر بقيمة الرعاية الممكّنة رقمياً بشكل مختلف تماماً عن نظام صحي إقليمي كبير متكامل رأسياً.

يتضمن إطار العمل 6 تدفقات للقيمة: النتائج السريرية والجودة والسلامة، وإمكانية الحصول على الرعاية، وتجربة المريض والأسرة، وتجربة الطبيب، والأثر المالي والتشغيلي، والعدالة الصحية. ويجب قياس تأثير نموذج الرعاية المُمكّنة رقمياً على نطاق جميع تدفقات القيمة هذه؛ وهو نهج مماثل لبطاقة قياس الأداء المتوازن، إن صح التعبير، لقياس الإمكانات الكاملة للرعاية الافتراضية واستغلالها.

بدأت بعض الأنظمة الصحية الرائدة في قياس القيمة بشكل أكثر شمولية. أحدها هو “المركز الطبي التابع لجامعة فرجينيا كومنولث”؛ وهو نظام رعاية صحية في فرجينيا، وقد رفع عدد الزيارات الطبية الافتراضية من أقل من 1% من زيارات العيادات الخارجية للطب النفسي إلى ما يزيد على 90% في العام الماضي لمواجهة الجائحة. وبدأ بتقييم تأثير نموذجه الافتراضي الجديد على أساس تدفقات القيمة المتنوعة في إطار العمل وتوصَّل إلى بعض النتائج الجديدة.

على سبيل المثال، انخفض معدل عدم الحضور إلى الزيارات الطبية (أحد عناصر التأثير المالي والتشغيلي) من 11% قبل الجائحة إلى 6% في أثناء الجائحة، ويدرس “المركز الطبي التابع لجامعة فرجينيا كومنولث” الآن كيف يمكنه استخدام الرعاية الافتراضية لتقليل عدد الفترات الزمنية الضائعة لتحسين أدائه التشغيلي وتحسين فرص الحصول على الرعاية (تدفق قيمة آخر). ويقيس “المركز الطبي التابع لجامعة فرجينيا كومنولث” أيضاً تأثير الرعاية الافتراضية على العدالة الصحية بالنظر إلى المخاوف من أن كبار السن قد لا يكونون ماهرين رقمياً مثل الشباب، ووجد أنه لم تكن هناك اختلافات من حيث إمكانية الحصول على الرعاية حسب الشريحة العمرية عندما تحولت جميع الزيارات الطبية تقريباً من زيارات وجهاً لوجه إلى زيارات افتراضية. يتضمن هذا التقرير دراسات حالة إضافية من مؤسسات، مثل “نظام أوكسنر الصحي” و“ماساتشوستس جنرال هيلث” (Massachusetts General Health)، وموارد، مثل الجلسات القادمة والمناقشات الافتراضية المتعلقة بالقطاع لمشاركة التجارب.

ستظل برامج الرعاية الصحية الافتراضية مستمرة، ولذلك يعمل العديد من أصحاب المصلحة في القطاع على تحديد أفضل السبل للاستثمار في برامجهم وقياس نجاحهم. ويمكن لهذا الإطار القيّم مساعدتهم في ذلك.

يتقدم المؤلفون بالشكر لكل من جاكلين ماركس وميشيل سافوتو من شركة “مانيت هيلث” والعديد من الزملاء في “الجمعية الطبية الأميركية” على إسهاماتهم القيّمة في هذه المقالة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .