$User->is_logged_in:  bool(false)
$User->user_info:  NULL
$User->check_post:  object(stdClass)#7066 (18) {
  ["is_valid"]=>
  int(1)
  ["global_remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["remaining_posts_to_view"]=>
  int(0)
  ["number_all_post"]=>
  int(0)
  ["number_post_read"]=>
  int(0)
  ["is_from_gifts_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["all_gifts_articles_balance"]=>
  int(0)
  ["gifts_read_articles"]=>
  int(0)
  ["exceeded_daily_limit"]=>
  int(0)
  ["is_watched_before"]=>
  int(0)
  ["sso_id"]=>
  int(6724)
  ["user_agent"]=>
  string(9) "claudebot"
  ["user_ip"]=>
  string(12) "3.230.76.153"
  ["user_header"]=>
  object(stdClass)#7073 (45) {
    ["SERVER_SOFTWARE"]=>
    string(22) "Apache/2.4.57 (Debian)"
    ["REQUEST_URI"]=>
    string(75) "/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B8%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AC/"
    ["REDIRECT_HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["REDIRECT_STATUS"]=>
    string(3) "200"
    ["HTTP_AUTHORIZATION"]=>
    NULL
    ["HTTP_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_ACCEPT_ENCODING"]=>
    string(8) "gzip, br"
    ["HTTP_X_FORWARDED_FOR"]=>
    string(12) "3.230.76.153"
    ["HTTP_CF_RAY"]=>
    string(20) "86bb18a0ac5d3ad8-FRA"
    ["HTTP_X_FORWARDED_PROTO"]=>
    string(5) "https"
    ["HTTP_CF_VISITOR"]=>
    string(22) "{\"scheme\":\"https\"}"
    ["HTTP_ACCEPT"]=>
    string(3) "*/*"
    ["HTTP_USER_AGENT"]=>
    string(9) "claudebot"
    ["HTTP_REFERER"]=>
    string(95) "https://hbrarabic.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B8%D9%81-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AA%D8%AC"
    ["HTTP_CF_CONNECTING_IP"]=>
    string(12) "3.230.76.153"
    ["HTTP_CDN_LOOP"]=>
    string(10) "cloudflare"
    ["HTTP_CF_IPCOUNTRY"]=>
    string(2) "US"
    ["HTTP_X_FORWARDED_HOST"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_X_FORWARDED_SERVER"]=>
    string(13) "hbrarabic.com"
    ["HTTP_CONNECTION"]=>
    string(10) "Keep-Alive"
    ["PATH"]=>
    string(60) "/usr/local/sbin:/usr/local/bin:/usr/sbin:/usr/bin:/sbin:/bin"
    ["SERVER_SIGNATURE"]=>
    string(73) "
Apache/2.4.57 (Debian) Server at hbrarabic.com Port 80
" ["SERVER_NAME"]=> string(13) "hbrarabic.com" ["SERVER_ADDR"]=> string(10) "172.21.0.4" ["SERVER_PORT"]=> string(2) "80" ["REMOTE_ADDR"]=> string(13) "162.158.86.12" ["DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["REQUEST_SCHEME"]=> string(4) "http" ["CONTEXT_PREFIX"]=> NULL ["CONTEXT_DOCUMENT_ROOT"]=> string(13) "/var/www/html" ["SERVER_ADMIN"]=> string(19) "webmaster@localhost" ["SCRIPT_FILENAME"]=> string(23) "/var/www/html/index.php" ["REMOTE_PORT"]=> string(5) "45720" ["REDIRECT_URL"]=> string(27) "/الموظف-المنتج/" ["GATEWAY_INTERFACE"]=> string(7) "CGI/1.1" ["SERVER_PROTOCOL"]=> string(8) "HTTP/1.1" ["REQUEST_METHOD"]=> string(3) "GET" ["QUERY_STRING"]=> NULL ["SCRIPT_NAME"]=> string(10) "/index.php" ["PHP_SELF"]=> string(10) "/index.php" ["REQUEST_TIME_FLOAT"]=> float(1711665357.234114) ["REQUEST_TIME"]=> int(1711665357) ["argv"]=> array(0) { } ["argc"]=> int(0) ["HTTPS"]=> string(2) "on" } ["content_user_category"]=> string(16) "paid_subscribers" ["content_cookies"]=> object(stdClass)#7074 (3) { ["status"]=> int(0) ["sso"]=> object(stdClass)#7075 (2) { ["content_id"]=> int(6724) ["client_id"]=> string(36) "e2b36148-fa88-11eb-8499-0242ac120007" } ["count_read"]=> NULL } ["is_agent_bot"]=> int(1) }
$User->gift_id:  NULL

معضلة الموظف المنتج ذي الطباع السيئة

13 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio
الموظف غير اللبق يكبد الشركة خسائر سنوية تقدر بحوالي 12 ألف دولار.

عندما يجتمع الأصدقاء لاحتساء فنجان من القهوة وتجاذب أطراف الحديث، فلا بدّ أن ينتهي بهم المطاف بالحديث عن معاناتهم في وظائفهم. وفجأة ودون سابق إنذار، يبدؤون بالتذمّر والشكوى من زملائهم في العمل، ومن مدرائهم المتغطرسين الذين يخنقون الجميع، ثمّ يُعبِّرون عن مخاوفهم من انعدام الأمن الوظيفي الذي يعتبره الكثيرون سيفاً مسلطاً على رقابهم. ولكن قبل احتساء آخر شفّة في فنجان القهوة، يخلصون جميعاً إلى أن السبب الكامن وراء كل مآسيهم هو “الطباع الشخصيّة التي لا تُحتمل” و”الأمزجة السيئة” لزملائهم في العمل.

لكنّ المشكلة بالنسبة للتصرفات السيئة لدى زملاء العمل هي أنها خطيرة ومنتشرة، لكنها لاتحظى بالاهتمام الكافي. فقد أظهرت الدراسات الخاصّة بالسلوك غير الحضاري في أماكن العمل بأنّ هناك تزايداً في هذا النوع من السلوكيات، حيث أن 98% من الموظفين كانوا قد اشتكوا من تلقي معاملة غير حضارية في العمل.

فالسلوك غير الحضاري لا يجعل الناس يخسرون العلاقات في حياتهم الشخصية فحسب، وإنما هو يؤثر على حياتهم في العمل أيضاً. فبحسب دراسة شملت 800 مدير وموظف ينتمون إلى 17 قطاع مختلف من الأعمال،  فإنّ البيانات كشفت أن 78% من الموظفين الذين عوملوا بطريقة غير حضارية في مكان العمل قالوا بأن التزامهم تجاه المؤسسة التي يعملون فيها قد تأثر سلباً، حيث أوضح 66% بأنّ أداءهم قد تراجع نتيجة لذلك، في حين أن 48% كانوا قد خفّضوا جهودهم المبذولة في العمل عن عمد، كما عمل 38% على خفض جودة عملهم عمداً.

وتكمن الخطورة في تكريس ثقافة الطباع السيئة في العمل، وتحولها إلى أنماط ثابتة. وفيما يلي ثلاثة أبعاد يستخدمها مارتن سيليغمان لوصف ما أسماه بالتحيز من بعض الموظفين تجاه آخرين، ووصف ردود الفعل تجاهها بثلاثة أنماط: “العجز” و”اليأس” أو حتى “الإحباط”، وقد قامت مجموعة من الباحثين في الولايات المتحدة بدراستها على نحو 500 موظف فكانت النتائج محزنة فعلاً، مع أنها ليست مفاجئة:

نمط ثابت: 49% من الضحايا قالوا إن التحيز جزء متأصل من بيئة العمل ويحدث باستمرار وبشكل معتاد.

نمط شائع: 66% قالوا إنها تؤثر على كافة جوانب انخراطهم في العمل وعلى معنوياتهم واندفاعهم والتزامهم ورغبتهم في تحقيق التقدم ضمن الشركة.

نمط خارج عن السيطرة: 60% قالوا إنهم لا يشعرون بقدرتهم على التعامل مع مواقف التحيز لحظة وقوعها أو منع وقوعها في المستقبل.

وأكثر من ربع المشاركين في الاستبيان (27%) وصفوا تجربتهم مع التحيز بأنها اشتملت على الأنماط الثلاثة جميعاً: ثابتة وشائعة وخارجة عن السيطرة.

خارج العمل

لكنّ الأمر لا يقف عند هذا الحد، فتبعات ذلك هائلة وكبيرة لأنّ العلاقات السلبية في مكان العمل تمتد إلى خارج مكان العمل.

تخيّل معي السيناريو التالي: تدخل إلى غرفة الاجتماعات قبل الموعد المحدّد ببضع دقائق وتجد نفسك جالساً إلى جوار زميل لك نادراً ما تنسجم معه. فتشرع بحديث لطيف معه، وتناقشان مسائل لا قيمة لها، مثل الشكل المعتم للبنائين المتقابلين في الشارع أمامكما، حتى يدخل زميل عمل آخر ويجلس بجانب جارك. فجأة تلاحظ بأن جارك قد توقف عن الكلام وعوضاً عن ذلك ابتسم في وجهك وهزّ رأسه وأنت تتحدّث بشغف عن أنظمة إنارة المباني وكفاءة استعمال الطاقة. تشعر وكأنك قد تلقيت ضربة من جارك الذي يحثّك على التوقف عن الكلام. وحالما تصلك هذه الإشارة، تتوقف فجأة وبغرابة عن الكلام وأنت في وسط الجملة التي تنطق بها. وبعد أقل من لحظة، يسحب جارك كرسيّه ويديره باتجاه زميلكما في العمل. وأنت تحدّق بظهر زميلك مذهولاً لما حصل ثم تبدأ باتخاذ موقف بارد منه. وبين الفترة والأخرى تحاول النظر إليه من زاوية عينيك وتحاول اصطناع ابتسامة مزيفة متكلفة وأنت تحييه، مما يخلق بيئة عمل غير مريحة لكما أنتما الاثنان.

لكنك ستجيبني بأنّ: “هذه ليست طباعي”، طبعاً هي ليست كذلك. فرغم أن شخصيات الموظفين يمكن وإلى حدّ كبير أن تحدد مواقفهم تجاه الأوضاع المختلفة، غير أنّ هناك مجموعة واسعة من الأبحاث التي تُظهر بأن البيئة والثقافة السائدتين في مكان العمل يلعبان دوراً كبيراً في تحديد مواقف الموظفين. تقول سوزان ديفيد “Susan David”، مؤسسة معهد هارفارد/ ماكلين للإرشاد ومؤلفة كتاب الرشاقة العاطفية (Emotional Agility): “في مكان العمل، نحن نلتقط الإشارات الضمنية الغامضة من الناس الآخرين، وهذا الأمر يؤثر على سلوكياتنا وتصرفاتنا”. ويدعم البروفيسور آدم غرانت من كلية وارتون رأي ديفيد من خلال نظريته المسمّاة التأثير التموّجي (Ripple Effect Theory). فوفقاً لغرانت، أشارت دراسة علمية أجريت على مدار فترة زمنية طويلة إلى أن احتمال وفاة الموظفين هو أقل بضعفين ونصف الضعف تقريباً إذا كانوا يتلقون الدعم الاجتماعي من زملائهم في العمل. فإذا لم تكن شخصاً يتذمّر بحسب السيناريو السابق فأنت تسهم في إنقاذ حياة الناس.

وتشرح النظرية كيف أنّ بثّ الطاقة الإيجابية أو السلبية في مكان العمل يتجاوزه إلى خارج جدران المكتب. هل تتذكر عندما كنت طفلاً وكان أهلك يصلون إلى المنزل بعد أن قضوا يوماً سيئاً في العمل؟ ربما كانا وقتها أقلّ ابتساماً، أو كانا أكثر تذمّراً، ونشرا الطاقة السلبية دون أن يقصدا ذلك. وهذا الأمر يشبه أثر إلقاء حصاة على سطح مياه البحيرة حيث أن الطاقة السلبية انتقلت إليك وجعلت يومك سيئاً في المدرسة في اليوم التالي. والعكس أيضاً صحيح تماماً، فاليوم السعيد لأهلك في العمل كان يجعل يومك سعيداً أيضاً. لكنّ المؤسف في الأمر هو أنّ المدراء ربما لا يأخذون ذلك بالحسبان حتى، لأن بعض المدراء يتوقعون من موظفيهم بأن يكونوا قادرين على ترك حياتهم الشخصية على أعتاب باب المكتب كل يوم. وعليه فقد حان الوقت لكي يبدأ المدراء بمعاملة موظفيهم على ما هم عليه فعلياً أي كبشر. وقد وضعت الأستاذة الجامعية روزبيث موس كانتر (Rosabeth Moss Kanter) تعبيراً جديداً هو “خرافة العوالم المنفصلة” (The Myth of Separate Spheres) لتشرح عدم قدرة الموظفين على الفصل بين حياتهم الشخصية وحياتهم المهنية.

تتطوّر مواقف الموظف في مكان العمل كنتيجة للمشاعر العاطفية التي يشعر بها هذا الموظف. وقد تبدو هذه الخلاصة منطقية، لكنّ المشاعر العاطفية للموظف والتي تعزز الثقافة العاطفية داخل المؤسسة غالباً ما تحظى بالإهمال. يعرّف الأستاذ الجامعي سيغال بارسادي (Sigal Barsade) والأستاذة المساعدة أوليفيا أونيل (Olivia A. O’Neill) الثقافة العاطفية بوصفها “القيم، والمعايير، والنتاج البشري، والافتراضات “العاطفية” التي تحكم العواطف الموجودة لدى الناس والتي يعبّرون عنها في مكان العمل، وتلك التي يفضّلون قمعها وعدم إظهارها”.

وبما أنّ الناس يُعبِّرون عن الثقافة العاطفية بصورة رئيسية عبر إشارات غير لفظية، فقد وجد الأستاذ دون جيبسون (Don Gibson)، على سبيل المثال، بأنّ العديد من الموظفين في العديد من المؤسسات يشعرون بارتياح أكبر في التعبير عن تذمّرهم وغضبهم تجاه زملائهم. لا بل أنّهم أفادوا بأنهم قد عبّروا عن غضبهم بثلاثة أضعاف تعبيرهم عن فرحهم خلال وجودهم في العمل. فهل لك أن تتخيّل التأثيرات التموّجية التي يمكن أن يتركها ذلك على الموظفين؟

ثمّة أسباب عديدة لهذه المواقف السلبية لدى الموظفين في مكان العمل، وتماماً كما هو حال السحاب في السماء، فإنّ هذه المواقف لا يمكن رسم معالمها بوضوح ودقة. وبحسب مونيك فالكور (Monique Valcour)، وهي أستاذة جامعية في الإدارة، فإنّ الشخص يمكن أن يتمتّع إما بذهنية قائمة على الارتياب أو ذهنية منفتحة. وبالنسبة لأصحاب الذهنية الأولى، فإنهم ينظرون إلى الأوضاع من منظار المسايسة حيث يرون في الأوضاع السائدة في مكان العمل بوصفها تنافسية، الأمر الذي يزيد من حالة عدم الإنتاجية، والتوتر والإنهاك، في حين أنّ الشخص الذي يمتلك ذهنية منفتحة ينظر إلى الأمور من منظار تعليمي، ممّا يساعده على التعلّم وبث السلوكيات القائمة على الثقة.

سعادة الموظف

في بعض الأحيان، يمكن أن تكون المواقف السلبية لدى الموظفين ناجمة عن عدم حصولهم على التقدير الإيجابي. فالأبحاث المتعلقة بالتقدير، تشير إلى أنّ سعادة الموظفين ترتبط ارتباطاً قوياً بالتقدير الذي يحصلون عليه في مكان العمل. فالموظفون يحتاجون إلى التقدير والآراء الإيجابية ليتمكّنوا من التفوّق في عملهم، كما تُظهر الأبحاث بأنّ تسليط الضوء على نقاط قوّة الموظفين يساعد في تحفيزهم. فقد توصّل استطلاع لمعهد غالوب إلى أنّ 67% من الموظفين الذين يتلقون آراء إيجابية كانوا منخرطين تماماً في العمل، مقارنة مع 31% من الموظفين الذين تلقوا آراء سلبية.

أمّا في العمل الجماعي ضمن الفريق، من جهة أخرى، فقد تلاحظ بأنّ أعضاء الفريق الذين لا يحظون بوزنهم الحقيقي، يثقلون كاهل الأعضاء الآخرين من خلال تراخيهم في العمل وسلوكهم العديم المسؤولية. ووفقاً للدكتورة إيمّا سيبالا (Emma Seppala)، مؤلفة كتاب “مسار السعادة” (The Happiness Track)، ومؤسِّسة (Fulfillment Daily)، يجب عليك أن تخصّص الوقت الكافي لتعرف ما إذا كان الموظفون يحصلون على التحدّي الكافي في عملهم، وما إذا كانوا يفهمون مسؤولياتهم، وما إذا كانوا كان هناك دور أنسب لهم في الفريق. فالموظفون هم بشر في نهاية المطاف، وبالتالي، إذا فقدوا اهتمامهم في العمل، فإن ذلك سيجعلهم يفقدون شغفهم ودافعهم، مما يجعلهم يبدون أشخاصاً عديمي المسؤولية وكسالى في نظر البقية.

قامت ديلان ماينور، الأستاذة المساعدة الزائرة في كلية هارفارد للأعمال، ومعها مايكل هاوسمان، مسؤول دائرة التحليلات في شركة كورنر ستون أونديماند، بدراسة الأثر السلبي على الموظفين غير اللبقين، وذلك بالاعتماد على قاعدة من البيانات لقرابة 60 ألف موظف في 11 شركة في العديد من القطاعات، مثل قطاع الاتصالات وخدمة العملاء والخدمات المالية ومؤسسات الرعاية الصحية والتأمين والمبيعات.

كيف يمكن مقارنة تعيين موظف غير لبق في الشركة بتعيين شخصية ناجحة ومعروفة؟ مينور وهاوسمان وجدا أن موظفاً واحداً لا يتمتع باللباقة قادرٌ على تدمير ما يمكن لنجمين لامعين بناؤه. وبحسب دراسات الباحثين فإن الموظف النجم والذي يمثل 1% من العمال من ناحية الإنتاجية، يضيف قرابة 5,000 دولار  على أرباح الشركة في السنة، بينما تبلغ الخسائر  التي قد يتسبب بها الموظف غير اللبق بحوالي 12 ألف دولار سنوياً. وقد يكون الفرق الحقيقي أكبر لو أخذنا بالاعتبار  تكاليف أخرى محتملة، مثل انتشار عدوى هذا السلوك في المؤسسة، ومصاريف القضايا القانونية، والتأثير على الروح المعنوية لدى الموظفين، بالإضافة إلى التسبب بمضايقة العملاء.

ومن جهتنا سألنا الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط عمّا يفعلونه عندما تواجههم معضلة وجود موظف ذي أداء جيّد لكنّ موقفه من زملائه ومن الشركة سيء. وقد تباينت إجاباتهم، لكنّهم جميعاً اتّبعوا المبدأ ذاته: القيم تتقدّم على جودة العمل. وكان أكثر من أكّد على هذا الأمر هو نبيل حبايب، الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة جنرال إلكتريك في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وتركيا منذ 2004. يقول نبيل حبايب: “تُعتبر القيم بأهمية نتائج العمل تماماً. وبالنسبة للأشخاص الذين يحققون النتائج المطلوبة، ولكنهم يفتقرون إلى القيم المناسبة، فسوف يُحفظون في الذاكرة وتتم متابعة سلوكهم. فإذا لم يتحسّنوا، فلن يكون لهم مكان في المؤسسة”. أمّا نورة الكعبي، وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي في الإمارات العربية المتحدة ورئيسة مجلس إدارة هيئة المنطقة الإعلامية  twofour54 في أبوظبي، فقد ركّزت على أهمية خلق بيئة “الاحترام” ضمن المؤسسات. وعند مواجهة مثل هذه المعضلة -برأيها- “من المهم ضمان وجود بيئة عمل صحية للموظفين، مع الأخذ بعين الاعتبار أنه وفي حالات إنجاز مهام محددة ضمن فريق غير منسجم الطبائع، يجب علينا تجاوز  اختلافاتنا في سبيل نجاح المهمة،  وأن نضمن استمرار مبدأ الاحترام في صميم كل ما نفعله”.

وفي سياق تكريس مبدأ “الاحترام” كميثاق شرف للمهنة، نكتشف تجربة منضبطة مثل “بوسطن كونسلتينغ جروب” (The Boston Consulting Group) قد بدأت ببناء الجدران التي تحول دون تسرّب المواقف السيئة إلى داخل الشركة. تقول ليلى حطيط الشريك المؤسس والعضو المنتدب بأنها “لم تواجه هذه المعضلة خلال عملها في المجموعة لأن لديها ببساطة نظاماً لتقييم الأداء يشدّد بقوّة أولاً على القيم: هل الموظف هو نموذج يُحتذى في تجسيده لقيم المجموعة (هل يتجلّى ذلك في سلوكه مع الجميع: أعضاء الفريق، وموظفي الدعم، والزبائن، وغيرهم)؟  ويشدّد النظام ثانياً على تقديم الرأي من الأسفل إلى الأعلى بمعنى أن أعضاء الفريق يقيّمون أداء مدرائهم الذين يعملون معهم (دون ذكر اسم الموظف طبعاً)، ويكتبون تعليقاتهم بخصوص نقاط القوّة والمجالات التي يمكن إدخال تحسينات عليها، حيث يُسهم هذا التقييم إسهاماً كبيراً في تقييم أداء الفرد. وينطبق ذلك على جميع المستويات بما في ذلك الشركاء في الشركة. وقد تم رؤية أمثلة على أفراد كانوا نجوماً من حيث بيع منتجات جديدة، وبجودة رفيعة، لكنهم لم يكونوا يجيدون العمل ضمن فريق أو كانوا يفتقرون إلى احترام أعضاء الفريق. فإذا استمرّ هذا السلوك بعد الإنذار، فإننا لا نتردّد في تسريحهم بما أنّ الاحتفاظ بهؤلاء الأفراد سيشكّل مصدر خطر كبير على ثقافة الشركة”.

المفتاح الأساسي

وبالتالي، هل الإيجابية هي كل ما تحتاجه للحصول على مكان عمل صحّي؟ تشير الأبحاث إلى أنّ الإيجابية هي العنصر الأساسي لوجود فرق ذات إنتاجية عالية، وهي المفتاح الأساسي الوحيد لتحسين الأداء في مكان العمل دون تبديد المنافع مما يؤدّي إلى استنزاف الشركة. يفسرّ كيم كاميرون (Kim Cameron) من جامعة ميشيغان الأمر قائلاً: “عندما تفرض المؤسسات ممارسات إيجابية قائمة على الفضيلة، فإنّها تحقق مستويات أعلى بكثير من الفعالية المؤسسية، بما في ذلك في الأداء المالي، ورضى الزبائن، والإنتاجية. وكلما كان مستوى الفضيلة أرفع، كلمّا كان الأداء أفضل في مجال الربحية، والإنتاجية، ورضى الزبائن، والانخراط الإيجابي للموظفين”. ولكن هل الإيجابية وحدها هي الجواب فعلاً؟

كيف تتعامل مع النرجسيين

جرّب المعالجون النفسيون وسائل عديدة  من العلاج على الأفراد النرجسيين. وجميعها تستغرق وقتاً، فالسمات الشخصية لا تتغير بسرعة، هذا إن تغيرت. إذاً، ما الذي بإمكان المدراء فعله؟ بحسب مبادئ إدارة ورشات العمل القيادية، توصلت دراسات إلى بعض التقنيات التي توفر نتائج مشجعة. وهي على شكل نصائح كالآتي:

1 اخلق شعوراً قوياً من الترابط بين الفريق

إذ تجعل بيئة العمل التصرفات المعطلة للعمل أكثر وضوحاً وأكثر قابلية للسيطرة وأكثر قابلية للنقاش، وبالتالي أقل قبولاً عند الفريق. فضغط الزميل سوف يدفع النرجسي لتبني قيم المجموعة. وبذلك يكون الزملاء هم من يضطلعون بدور «المنفذين» لدفع النرجسي للاستماع وإظهار تفهم لمشاعر الآخرين.

2 استخدم هذا الفريق القوي لترويج آراء الزملاء

     التقويمية

حيث يشعر النرجسيون بتهديد أقل حيال التقييمات الصادرة عن زملائهم مقارنة بالتقييمات الصادرة من شخص بمفرده أو من قائد. ويعود السبب في ذلك إلى أن تجاهل رأي صادر عن مجموعة أصعب من تجاهل رأي صادر عن فرد. إن سُمح للقوى المحركة للمجموعة أن تعمل عملها بفعالية فإن نظرة النرجسيين تجاه أنفسهم سوف تبرز وتتجسد ويتم تحديها، ومن ثم تعديلها.

3 اجعل مكان العمل آمناً، ومرحاً بعض الشيء

يمكن لهذا النوع من البيئة أن يصبح مكاناً يتعلم فيه أصحاب الميول النرجسية تطوير الثقة واكتشاف حدود جديدة وتقبّل التقييمات وزيادة وعيهم الذاتي. في مثل هذه البيئة، سوف يكون زملاء النرجسي قادرين على مواجهته بشكل بنّاء بخصوص سلوكه المسبب للمشاكل مع توفير حد أدنى من التفهم له في نفس الوقت.

4 لا تواجه نرجسياً بشكل مباشر بل ادعم الفريق

     عوضاً عن ذلك

عندما كانت تصدر تصرفات غير لائقة في جلسات تطوير القيادة، كان المدرب يُظهر تفهماً لمشاعر الموظف النرجسي، فيتظاهر بأنه متفاجئ أو متأثر عندما يحكي له الآراء التقويمية التي وجهها زملاؤه له. وفي تلك الأثناء، يكون المدرب قد جهّز زملاءه لئلّا يقبلوا أساليبه للسيطرة على الحوارات، وفوّضهم بأن يقاطعوه عندما يمضي في تصرفه لوقت طويل، وبهذا جعلوه يدرك أنه ليس مضطراً دوماً لإظهار أنه الشخص الأذكى في المكان.

وفقاً للأستاذة الجامعية غابرييل أوتينغن (Gabriele Oettingen) من جامعة نيويورك (إن واي يو)، فإنّ التفكير الإيجابي لا يستحق الثناء الذي يحظى به من القادة الاستثنائيين والمدراء ذوي النظرة الثاقبة. وتُظهر أبحاثها بأنّ الأشخاص الذين يرسمون خيالات ذهنية دائماً لأهدافهم في العمل يميلون إلى إحراز ذات القدر من التقدّم أو أقل حتى بالمقارنة مع من لا يفكّرون بإيجابية على الإطلاق. وبالتالي، قد لا يكون الموقف السلبي بهذا السوء بالنسبة لتحقيق الأهداف في المؤسسة.

دعونا ننظر إلى الأمر من هذه الزاوية: عندما تحلم بتحقيق هدف معيّن فإنك تبدأ تلقائياً بالشعور بإحساس لطيف ودافئ في أعماقك. ثمّ تبدأ بالشعور بالرضى عن نفسك وتصبح خيالاتك كافية لجعل ذهنك يرتاح وتقلّل من التقدّم الذي تحرزه. وعليه فإنّ الشعار المرفوع “ما تفكّر به ستفعله” قد لا يكون كما يبدو ظاهرياً. بل هو وهم، سقط كثيرون ضحيّة له وهم غير قادرين على الخروج منه حتّى. كما أنّ هذا الموقف يستهلك كل الدافعية الموجودة لديك، ولا يحفّز لديك أيّ شيء سوى المشاعر الإيجابية بخصوص المستقبل. لكنّ أوتينغن لا تقول بأنّ عليك أن تقفز إلى الجانب الآخر من الطيف وأن لا تفكّر بشيء إلا التحدّيات الشاقة التي تنتظرك مستقبلاً، لأنّ ذلك ليس عرضاً صحيّاً في المقابل. بل لا بدّ من الاعتدال. وهذا هو السبب الذي دفعها هي وزملاءها إلى اقتراح أداة ذهنية للمقارنة تُعرف اختصاراً باسم (WOOP) (الرغبة، المحصلة، العائق، الخطة) وهي تساعد الأفراد في تبنّي موقف إيجابي تجاه إحراز التقدّم بطريقة واقعية، ممّا يضمن تحقيق النتائج المرغوبة.

غرس الإيجابية

تشير الأبحاث إلى أنّ الثقافة العاطفية تؤثّر على إبداع الموظف، وإنتاجيته، وجودة عمله، بل وحتى رضاه الوظيفي. لذلك فإنّها يجب أن تُدار بطريقة صحيحة لكي تُنتج مواقف وطبائع إيجابية واقعية لدى القوى العاملة، ممّا يضمن قدرة الموظفين في المؤسسة على تحقيق أهدافهم الكبرى. غير أنّ إرساء ثقافة من الإيجابية والسلوك الحسن ليس بالأمر اليسير. يقترح بارساد وأونيل غرس ثقافة عاطفية في المؤسسة من خلال القيام بما يلي:

– إدراج ذكر المشاعر والعواطف ضمن رسالة المؤسسة وعلى – –  البطاقات التعريفية التي يضعها الموظفون على صدورهم.

–  تفعيل دور العواطف في اللحظات الصغيرة ضمن الحياة اليومية المؤسسية من خلال السلوكيات اللطيفة العفوية.

–  ضمان استفادة الإدارة من تعابير الوجوه الإيجابية ولغة الجسد.

–  ضمان أن يكون فرش المكتب وأثاثه من النوع الذي يشير إلى – ثقافة من المتعة أو الخوف.

يقول بارساد وأونيل بأنّ هناك شركة استشارية هي سينسيو (Censeo) تعزّز الثقافة العاطفية الإيجابية بالتحديد من خلال ضمان تنامي ثقافة الحب والتعاطف بهدف كسب ثقة الزبائن. هذا يعني بأنها غالباً ما قد تضطر إلى رفض الأشخاص الأذكياء والموهوبين المفرطين في الجدية، وتعيين مرشحين مرحين يساعدونها في الحفاظ على تلك الثقافة الإيجابية.

ويبدو بأنّ تعيين الموظفين بناءً على طباعهم والاحتفاظ بهم على هذا الأساس هو أداة تتبنّاها مؤسسات عديدة كقيمة أساسية. فعندما سألنا باتريك شلهوب، الرئيس التنفيذي المشترك لمجموعة شلهوب، وهي شركة عائلية حاضرة على مستوى العالم، عن المعضلة المطروحة فأجاب قائلاً: “إذا حصل ذلك، ففي المرّة الأولى، يجب تذكير الموظف بضرورة احترام القيم، وفي المرة الثانية يحصل على إنذار، أما في المرة الثالثة، فيحصل على إنذار نهائي على مستوى رفيع ومن ثم يُطلب إليه أن يغادر”.

المقابلة لمعرفة مستوى اللباقة

وحتّى المؤسسات الدولية بدأت تولي اهتماماً لطبائع الموظفين أثناء عملية تعيينهم. فوفقاً لأحد الأبحاث، فإن شركتي ساوث ويست أيرلاينز وفنادق فورسيزونز بدأت تولي الطباع الراقية أهمية لدى تعيين الموظفين، بحيث تضمن أن يكون هذا النوع من الطباع جزءاً من الثقافة العاطفية وثقافة العمل ضمن المؤسسة منذ البداية. لكنّ الدراسات تشير إلى قلة اهتمام الشركات عملياً بهذا العامل الحيوي، إذ أشارت إلى أن 11 % فقط من المؤسسات تعيّن الموظفين بناءً على طبائعهم وحسن سلوكهم، ولا بدّ لهذا الأمر أن يتغيّر.

ولكن كيف بوسعك أن تضمن تعيين الموظفين بناءً على سلوكهم الحضاري وطباعهم الإيجابية؟ تجري رابسودي غروب (Rhapsody)، وهي عبارة عن شركة موسيقية على شبكة الإنترنت مقابلات جماعية يخضع المرشحون فيها للوظائف إلى تقويم من الموظفين الحاليين. وفي بعض الأحيان، ترفض الشركة بعض المرشحين الذين يمتلكون سيراً ذاتية مُبهرة لكونهم تسبّبوا بشيء من عدم الارتياح.

ويجب التنبه أثناء المقابلة إلى أي إشارات تدل على مستوى اللباقة لدى المرشح للوظيفة. فمن خلال سؤال الشخص عن الطريقة التي تعامل معها مع مواقف معينة في الماضي يمكن معرفة تفاصيل عنه أكثرَ مما توفّره الأسئلة عن مواقف افتراضية من قبيل “ماذا كنت ستفعل لو حصل معك كذا؟ أو “كيف ستتعامل مع هذا الموقف لو حصل معك؟”. ويلزم أثناء المقابلة طلب أمثلة من المرشح للوظيفة عن كيفية توافق أنماط سلوكهم في الماضي مع القيم التي تبحثُ أنت عنها (وهذا ما يجب أن توضّحه  في بداية المقابلة). ولا تكتفِ بإجابة واحدة منه، بل اسأله عن موقفين أو ثلاثة مواقف حصلت معه في الماضي.

ولعله من الأفضل استخدام المقابلات المنهجية، التي تتضمن طرح نفس الأسئلة على المرشحين للوظيفة بنفس الترتيب. إذ تُظهر الأبحاث أنّ هذه المقابلات تكون أقدر على تحديد أداء المرشح للعمل، حتى في الوظائف غير الهيكلية.

إنّ أفضل طريقة لإدارة بيئة عمل إيجابية وضمان بقاء الموظفين في حالة من الإيجابية الواقعية هي وجود قادة مؤسسيين يشكّلوا مثالاُ إيجابياً أعلى يُحتذى. ووفقاً لفالكور، فإن القادة يجب أن يبدؤوا بتقديم الدعم الاجتماعي العاطفي من خلال الترويج لحالة من التكامل بين العمل والحياة الشخصية. ويتحقق هذا الأمر من خلال اختلائك بالموظف، ومناقشة حياتك الشخصية معه. فتبنّيك لأسلوب صريح في الحديث عن حياتك الشخصية أمام موظفيك يمكن أن يجعلهم يشعرون بأنّ هناك من يساندهم، وهذا بدوره سيساعد في نشر التأثيرات التموّجية الإيجابية. ومن المحتمل أن يساعد ذلك في تحسين العلاقة مع الموظف، وفي تعزيز سلوكه الإيجابي، والتخفيف من سلوكه السلبي.

فعلى سبيل المثال، أنشأت شركة زابوس (Zappos)  برنامجاً للتقدير لمكافأة الطبائع والسلوكيات الإيجابية. حيث يمكن لأي موظف وعلى أي مستوى أن يكافئ أحد الزملاء إذا رآه يفعل شيئاً لطيفاً وخاصاً. وتشمل قائمة المكافآت العلاوات النقدية، ومواقف السيارات المسقوفة، بل وحتى القمصان ذات الألوان الزاهية.

ينطوي التعامل مع طبائع الناس على مفارقة، فهذا الأمر يجب أن يتم بجدّية وبرقّة في الوقت ذاته لمساعدة الموظفين على أن يتغيّروا نحو الأفضل. ولن يكون الإعلان عن الحاجة إلى “تعديل الطباع” كل يوم بواسطة مكبّر الصوت أمراً مجدياً، كما أنّ استرضاء أصحاب المواقف السيئة لن يكون مجدياً في تحقيق المطلوب هو الآخر. ولا يجب أن يشعر المدراء بالخشية من تجاوز السطح والولوج إلى عمق المشكلة لإصلاحها، ممّا يُرسي ثقافة من التغيير الإيجابي.

جمع وتحرير فريق هارفارد بزنس ريفيو العربية

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .

Content is protected !!