تذليل العقبات التي تحول دون الابتكار

18 دقيقة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

لقد استثمرت الشركات مليارات الدولارات في رأس المال المغامر (أو ما يعرف برأس المال الجريء) الداخلي وحاضنات الأعمال ومسرِّعات الأعمال والرحلات الميدانية إلى وادي السيليكون في إطار مساعيها الرامية إلى دفع عجلة الابتكار. ومع ذلك، فوفقاً لدراسة استقصائية أجرتها شركة ماكنزي (McKinsey)، يشعر 94% من التنفيذيين بحالة من عدم الرضا إزاء أداء شركاتهم على صعيد الابتكار. وقد توصلت دراسة تلو أخرى من الدراسات التي أجريت في قطاعات مختلفة إلى النتيجة نفسها: لا تحقق الأعمال التجارية الأثر الذي تسعى إلى تحقيقه، على الرغم من حجم ما تنفقه لهذا الغرض. فما هو السبب في ذلك؟ نعتقد أنّ ذلك يُعزى إلى فشلها في التعامل مع عقبة أساسية كبيرة تتمثل في الأعمال الروتينية والعادات التي تكبح الابتكار.

ولحسن الحظ، من الممكن حل هذه المشكلة. فقد قمنا استناداً إلى الأبحاث السابقة حول التغير السلوكي وتجاربنا مع عشرات الشركات العالمية، بما فيها مصرف “دي بي إس” (DBS)، وهو أكبر المصارف في جنوب شرق آسيا، بتصميم طريقة عملية للتخلص من العادات السيئة التي تكبح الابتكار، ولتطوير طرق أخرى جديدة تعزز الابتكار.

كأغلب الحلول، نهجنا ليس مكلفاً، مع أنه يتطلب وقتاً وجهداً. وينطوي هذا النهج على إعداد تدابير تدخلية نطلق عليها “بينز” (BEANS)، اختصاراً للكلمات الإنجليزية التي تعني العناصر الداعمة للسلوك (behavior enablers)، والأدوات (artifacts)، وعناصر الترغيب (nudges). العناصر الداعمة للسلوك هي أدوات أو عمليات تسهِّل على الناس مهمة القيام بأشياء مختلفة. والأدوات هي أشياء تستطيع أن تراها وأن تلمسها، وهي تدعم السلوك الجديد. أما عناصر الترغيب فهي بمثابة تكتيك مستمد من العلوم السلوكية، وتشجع التغيير من خلال اقتراح أو تعزيز غير مباشر. وعلى الرغم من أنّ الاختصار قد يبدو عفوياً إلى حد ما إلا أننا وجدنا أنه بسيط وسهل الحفظ بطريقة مفيدة للمؤسسات التي تحاول تطوير عادات أفضل.

في هذه المقالة سنتحدث عن مجموعة مختلفة من التدابير التدخلية التي استخدمتها الشركات لتطلق العنان للابتكار، والخصائص التي تجعلها فعالة، والطريقة التي يمكن لمؤسستك من خلالها تصميم التدابير التدخلية الخاصة بها وتنفيذها. لكننا في البداية سندرس بشكل وجيز السلوكيات التي تدفع عجلة الابتكار والعقبات التي تقف في طريقها.

سلوكيات الابتكار والعقبات التي تقف في طريقه

بالنسبة لنا، لا يعني الابتكار مجرد الإبداع. ونعرِّفه في عملنا على أنه “شيء مختلف يخلق قيمة”. فهو لا يعبِّر عن اختصاص المهندسين والعلماء فحسب، ولا يقتصر على تطوير منتجات جديدة. يمكن ابتكار العمليات، ويمكن ابتكار نُهج التسويق أيضاً. كما يمكن أن يشكل شيء مختلف نقلة نوعية كبيرة، لكنه قد يكون بمثابة تحسين يومي يجعل الأشياء المعقدة أكثر بساطة أو يجعل الأشياء المكلفة أيسر كلفة.

فكرة المقالة باختصار

التحدي

استثمارات الشركات في الابتكار تعرقلها الأعمال الروتينية والعادات اليومية التي تكبح التفكير الأصيل.

الحل

تحتاج القيادة إلى التعرف على العقبات التي تقف في وجه الابتكار وأن تقوم بتحييدها من خلال تدابير تدخلية تركز على العناصر الداعمة والأدوات وعوامل الترغيب.

النتيجة

استخدم مصرف “دي بي إس” هذا النهج لإطلاق العنان للابتكار في أحد مراكز التطوير التكنولوجي.

وقد وجدنا في عملنا وبحثنا أنّ المؤسسات الأكثر ابتكاراً تظهر خمسة سلوكيات رئيسة. تفترض المؤسسات دائماً وجود طريقة أفضل لفعل الأشياء. وتركز على الفهم العميق لاحتياجات زبائنها ورغباتهم المعلنة وغير المعلنة. كما تتميز بالتعاون فيما بين إداراتها وأقسامها ومع المؤسسات والأطر الأخرى، وتشهد تفاعلات متبادلة ومستمرة. وتدرك هذه المؤسسات أنّ النجاح يتطلب التجريب والتكرار السريع والفشل أحياناً. وأخيراً، فهي تمكِّن الموظفين من المجازفة المدروسة، والتعبير عن الآراء المعارضة، والبحث عن الموارد المطلوبة.

لا شيء من هذه السلوكيات يثير الدهشة. ويكمن الشيء المحير في مجرد أنها سلوكيات غير شائعة. ففي نهاية المطاف، عندما كنا صغاراً، كان معظمنا يتمتع بسمات الإبداع والفضول والتعاون والمجازفة. لكن بمجرد ذهابنا إلى المدرسة، ومن ثم العمل، انتهت هذه السلوكيات. يتعلم الطلاب والموظفون أنّ ثمة طريقة صحيحة لفعل الأشياء. كما يتعلمون أنّ طرح الأسئلة والتعبير عن المعارضة، حتى ولو بشكل لطيف، هي أمور خطيرة. وبينما يتعلم الموظفون هذه القواعد، تضمر عضلات الابتكار التي تدربت في فترة شبابهم. وقد يفسِّر ذلك لماذا يتفوق أطفال الورضة على الحاصلين على ماجستير إدارة الأعمال في إدارة الأعمال في “تحدي المارشميلو”، وهي منافسة محدودة الوقت تُستخدم فيها معكرونة السباغيتي مع شريط لاصق وخيط لبناء أطول هيكل يسند قطعة مارشميلو تُوضع في الأعلى.

اسأل التنفيذيين عمّا يقف في طريق الابتكار، وسيشيرون إلى عقبات حقيقية، من قبيل ضيق الوقت (لا يمتلك سوى القليل من التنفيذيين أو المؤسسات فائض طاقة لاستثمارها في أفكار جديدة)، ووجهة النظر المتمثلة في أنّ القيام بالأشياء بطريقة مختلفة لا يأتي بفوائد بل يكون مكلفاً (وربما يقود إلى العقاب)، والافتقار إلى مهارات الابتكار، وعدم توفر البنية التحتية التي تسمح بتطبيق الأفكار الموجودة. لكن إحدى العقبات الكبيرة تتمثل في الجمود التنظيمي. قال لنا أحد التنفيذيين ذات مرة إنّ الأعمال التجارية “منظّمة لتحقيق نتائج متوقعة وموثوقة، وهذه هي المشكلة بالضبط”. وإحدى المفارقات الرئيسة التي يواجهها المدراء هي أنّ الأنظمة التي تمكِّن النجاح بمعونة نموذج العمل المستخدم هذه الأيام تعزز سلوكيات لا تنسجم مع اكتشاف نموذج العمل المستقبلي.

إذا لم تقم بمعالجة الجمود، فلن تنجح الجهود الهادفة إلى الحد من العقبات الأخرى. أعطِ الناس وقتاً أكثر في بيئة يعيقها الجمود، وسيمتلكون وقتاً أكثر لفعل الأشياء بالطريقة القديمة، وأعطهم مهارات جديدة، وستذهب هذه المهارات هدراً إذا لم تنسجم مع الأعمال الروتينية الموجودة. ولحسن الحظ، يمكنك مكافحة كل من الجمود والعقبات الأخرى بواسطة التدابير التدخلية. والآن لنلقِ نظرة على مبادرة طبقت ذلك تماماً.

يتفوق أطفال الروضة على الحاصلين على ماجستير إدارة الأعمال في “”تحدي المارشميلو”” الذي تستخدم فيه” معكرونة السباغيتي مع شريط لاصق وخيط لبناء أطول هيكل يسند قطعة مارشميلو تُوضع في الأعلى.

تذليل العقبات التي تحول دون الابتكار في مصرف “دي بي إس”

عندما تولى بيوش غوبتا منصبه كرئيس تنفيذي في مصرف “دي بي إس” في عام 2009، بدأ جهداً متعدد المسارات لتحويله من مصرف منظّم ممِل إلى شركة تكنولوجية رشيقة، أو كما يعبر عنها بقوله “شركة ناشئة قوامها 27,000 موظف”. مصرف “دي بي إس” الذي كان ذات يوم محلّ سخرية ويوصف محلياً بأنه “بطيء كالسلحفاة” (نظراً للطوابير الطويلة البغيضة)، أصبح يعتبر الآن رائداً رقمياً عالمياً في الخدمات المالية، وأصبح في عام 2019 المصرف الأول ليحظى بألقاب “مصرف العام” (مجلة “ذا بانكر”) و”أفضل مصرف في العالم” (مجلة “غلوبال فاينانس”) و”المصرف الأفضل في العالم” (مجلة “يوروموني”) في الوقت نفسه.

في عام 2016، كان المصرف يواظب على تقدمه في رحلته. وعندما اجتمع كبار قادته في سنغافورة للحديث حول كيفية تقدم المصرف، اتفق الجميع على أنه على الرغم من التقدم الذي أحرزوه مازال هناك الكثير من العمل المطلوب. وتبين لهم خلال نقاشهم أنّ الاجتماعات غير الفعالة هي عقبة أساسية رسخت الجمود التنظيمي وأعاقت الابتكار. يمكن اعتبار معظم الاجتماعات في مصرف “دي بي إس” اجتماعات تفتقر إلى الكفاءة. فهي غالباً ما تبدأ وتنتهي متأخرة، وتستغرق وقتاً يمكن للقادة أن يقضوه في الابتكار. أحياناً اُتخذت قرارات، وأحياناً أخرى لم تُتخذ أي قرارات. يصل الموظفون كما يلزم إلى الاجتماعات دون فهم واضح لسبب وجودهم هناك. كان بعض المشاركين نشطين، وخيّمت على الكثيرين حالة من الصمت المطبق. وهذه النقطة الأخيرة هي الأبرز. توصلت القيادة إلى أنّ الاجتماعات كانت تقمع الأصوات المختلفة وتعزز الوضع الراهن.

ولتغيير ذلك، استحدث مصرف “دي بي إس” تدابير تدخلية أطلق عليها اسم “موجو” (MOJO). وارتكزت هذه التدابير على بحث أعدته شركة جوجل، وتبين فيه أنّ المساواة في الصوت والأمان النفسي بالغة الأهمية بالنسبة لفِرق المشاريع عالية الابتكار والأداء. تشجع “موجو” عقد اجتماعات تتسم بالكفاءة والفعالية والانفتاح والتعاون. يرمز الحرفان “مو” في كلمة “موجو” إلى الحرفين الأولين في كلمة MOJO أي “مدير الاجتماع” (meeting owner) الذي تقع على عاتقه مسؤولية ضمان وجود جدول أعمال واضح يبدأ وينتهي في الوقت المناسب، والتأكد من امتلاك جميع الحضور فرصاً متساوية في الحديث. ويرمز الحرفان “جو” إلى مراقب المتعة (joyful observer) الذي يكلَّف بالمساعدة في التأكد من سيرورة الاجتماع على النحو المطلوب وتشجيع المشاركة الواسعة فيه. مدير الاجتماع لديه، على سبيل المثال، صلاحية أن يطلب من كل الحضور وضع هواتفهم على شكل كومة على الطاولة. وربما الأهم من ذلك هو ما يحدث في نهاية الاجتماع، حيث يقوم مدير الاجتماع بمحاسبة مراقب المتعة وتقديم آراء تقييمية واضحة حول كيفية سير الأمور والطرق التي يمكن لمراقب المتعة استخدامها لتحسين الوضع. وحتى عندما يكون مراقب المتعة مبتدئاً، فإنه يمتلك إذناً صريحاً بمواجهة مدير الاجتماع. ويشكِّل وجود المراقب ومعرفة أنّ الآراء التقييمية قادمة تنبيهاً لمدير الاجتماع كي يراعي سلوك الاجتماع.

هذا النهج الذي تدعمه رسائل تذكير مادية في قاعات الاجتماعات (بطاقات صغيرة وجداريات ومكعبات ورقية ملونة يمكن رميها في الأرجاء) ومجموعة من أدوات القياس والمتابعة، كان له تأثير كبير. لم تعد الاجتماعات في مصرف “دي بي إس” تتأخر عن موعدها، ما وفر نحو 500,000 من ساعات عمل الموظفين حتى تاريخه. تضاعفت فعالية الاجتماعات، وفقاً لدراسات استقصائية مستمرة حول الموظفين، وشهدت نسبة الموظفين الذين يقولون إنّ لديهم مساواة في الصوت في الاجتماعات ارتفاعاً من 40% إلى 90%. ومع ذلك، فإنّ تحسين الكفاءة والفعالية لا يعني أنّ الاجتماعات قد أصبحت كئيبة. ولكي يكون اسماً على مسمى، فقد عُرف مراقبو المتعة بتقديم الآراء التقييمية في شكل أشعار ينظمونها (ما يعزز الجهود المبذولة على نطاق أوسع في مصرف “دي بي إس” من أجل “جعل الأعمال المصرفية ممتعة”). وقد انتشرت القصص حول ذلك. في أحد الاجتماعات قال المراقب بشجاعة لمسؤول تنفيذي كبير كان قد فقد أعصابه إنّ ثورة غضبه قد أغلقت باب النقاش. رحّب المسؤول التنفيذي برأيه ووعد أن يكون أداؤه أفضل في المرة القادمة. هذه قصة ما زالت تتناقلها الألسن، وتعزز التغيير السلوكي الذي سعى مصرف “دي بي إس” إلى تحقيقه من خلال تدابيره التدخلية “موجو”.

السبيل إلى تدابير تدخلية فعالة

درست الكثير من الأبحاث على مدار عقود سبب الصعوبة الكبيرة التي يواجهها الناس في التخلص من العادات السيئة. وفي الآونة الأخيرة، قدّمت كتب شهيرة تتحدث عن المشكلة لقرائها مجموعة من الأدوات العملية للمساعدة. ومن هذه الكتب: كتاب “التحول” (Switch) لمؤلفيه “شيب هيث” و”دان هيث”، وكتاب “الترغيب” (Nudge) لمؤلفيه “ريتشارد ثالر” و”كاس سانستين”، وكتاب “قوة العادات” (The Power of Habit) لمؤلفه “تشارلز دويغ”، وكتاب “التفكير السريع والبطيء” (Thinking, Fast and Slow) لمؤلفه “دانيال كانيمان”. وفي إطار تصميم حل التدابير التدخلية، استندنا إلى أفكار أولئك الأكاديميين والممارسين الذين توصلوا باستمرار إلى أنه من المهم إشراك الجانب المنطقي والعقلاني للأشخاص مع الجانب العاطفي والبديهي لديهم. وقد استلهمنا أفكاراً من برامج قائمة منذ فترة طويلة، مثل برنامج “مراقبو الوزن” (Weight Watchers) التي تستخدم مجموعة من الشعارات وعناصر الترغيب والتفاعلات الاجتماعية لتغيير أنماط الناس. كما استلهمنا بعض الأفكار من علم التحفيز، الذي يصف كيف يمكن لوضع الهدف والإنجاز والمقارنة الاجتماعية والتشجيع أن يعزز السلوكيات المرغوبة.

في بحثنا جمعنا نحو 130 نموذجاً لتدخلات عززت عادات ابتكار أفضل، وجدناها إما لدى عملاء عملنا معهم أو من خلال قراءة دراسات حالة من خدمة المعلومات بشركة “إنوفيشن ليدر” (Innovation Leader) ووثائق ثقافة الشركات التي جمّعتها تيترا (Tettra)، وهي شركة ناشئة مقرها في بوسطن. ثم قمنا بالتعاون مع فريق من شركة “إنوسايت” (Innosight) الاستشارية بتحليل هذه التدابير التدخلية واختبارها في مجموعة واسعة من المؤسسات. وأدركنا أنّ التدابير التدخلية الناجحة عادة ما تكون:

بسيطة: تلقى التدابير التي يسهل التكيف معها وتذكرها رواجاً بسرعة كبيرة.

ممتعة: عندما يكون نشاط ما اجتماعياً ويحث على المشاركة الفاعلة، فإنه يكون مفيداً في حد ذاته، ما يزيد من احتمال قيام الموظفين به، وهذا شيء سبقنا إليه علم التحفيز منذ وقت طويل.

قابلة للمتابعة: تشكل القدرة على مراقبة الأداء ومقارنته مع أداء الآخرين حافزاً قوياً. (وهذا هو السبب في أنّ شركات متابعة النشاط مثل “فيتبيت” (Fitbit) ساعدت الكثيرين في تطوير عادات أداء التمرينات بشكل أفضل). لذا من المهم جداً أن تشتمل التدابير التدخلية على آلية لقياس نتائجها.

عملية: أفضل التدابير التدخلية هي التي تندمج بشكل سلس في الاجتماعات والعمليات القائمة ولا تتطلب تغييرات كبيرة أو أعمالاً روتينية جديدة كلياً.

معزّزة: غالباً ما يحتاج الموظفون إلى رسائل تذكير مادية أو رقمية لمواصلة استخدام العادات الجديدة.

منسجمة تنظيمياً: إحدى أكثر الأوراق التي يستشهد بمحتواها من بين جميع الأبحاث السابقة عن التغيير هي المقالة الكلاسيكية التي كتبها “ستيفن كير” في عام 1995 بعنوان “عن حماقة المكافأة على أمر طمعاً بأمر آخر” (On the Folly of Rewarding A, While Hoping for B). التدابير التدخلية الفعالة لا تشجع الموظفين على القيام بأمر ما إذا أجبرتهم الشركة على ذلك السلوك أو مكافأتهم على فعل شيء غيره.

التدابير التدخلية فيما بين الأعمال

حددنا أكثر من مائة مثال على العناصر الداعمة للسلوك والأدوات وعناصر الترغيب في العمل داخل المؤسسات في مختلف القطاعات. وفي حين أنها مختلفة جداً إلا أنها تخدم غرض التخلص من العادات التنظيمية غير المرغوبة وتشجع على عادات أخرى جديدة. وإليك بعض التدابير التدخلية المفضلة لدينا.

تقديم “كيك بوكس”

المؤسسة أدوبي (Adobe)

الهدف تشجيع التجريب وتبسيط الابتكار

الوصف يقدم الموظفون طلباً للحصول على صندوق أحمر يسمى “كيك بوكس” يحتوي على تدريب على الابتكار تقوم به بنفسك، ويشمل تمارين يتعين عليك تنفيذها وقائمة فحص لتطوير فكرة منتج أو خدمة جديدة وعرضها على الإدارة. كما يحتوي الصندوق على بطاقة ائتمان مدفوعة مسبقاً بقيمة 1,000 دولار لاستخدامها لإثبات صحة المفهوم.

إقامة جدار للفشل

المؤسسة سبوتيفاي (Spotify)

الهدف الحد من الخوف من الفشل والتعلم من الأخطاء

الوصف “جدار الفشل” هو لوح أبيض مع ملصقات ترحب علناً بفشل المشاريع، ويعمل كنقطة انطلاق من لحظات انهيار الفريق الهندسي تعرض الدروس المستفادة وكيف يمكن تجنب فشل مشابه في المستقبل.

إجراء فحص ما قبل الانهيار

المؤسسة أتلاسيان (Atlassian)

الهدف التعرف على التهديدات التي تواجه المبادرات الجديدة وتطوير دفاع ضدها

الوصف قبل البدء في مشروع ما، تجتمع الفِرق لمناقشة الطرق التي تؤدي بها إلى الفشل، وتقوم بتمرين من سبع خطوات يتضمن استجواباً منظماً (تقوم فيه مجموعة تدافع عن حالة “النجاح” باستجواب مجموعة تدافع عن حالة “الفشل”، والعكس بالعكس)، والتصويت لقياس شدة الخطر، وتعيين “مسؤولين” عن الخطر، والتخطيط لكيفية تقليل التهديدات إلى الحد الأدنى.

لعب “لنش روليت”

المؤسسة بورينغر إنغلهايم (Boehringer Ingelheim)

الهدف تشجيع التعاون وتلاقح المعارف

الوصف “لنش روليت” هو موقع إلكتروني للشركات يقوم باختيار موظفين بشكل عشوائي لتناول وجبات طعام معاً. يختار المشاركون تاريخاً وموقعاً، ثم يضغطون زر إيجاد شخص مناسب، ويأتون إلى ذلك اللقاء بعقول منفتحة واستعداد للتعارف المهني.

التطبيق منذ اليوم الأول

المؤسسة إير بي إن بي (Airbnb)

الهدف تمكين الموظفين بإعطائهم إحساساً بالهدف والمسؤولية

الوصف خلال اليوم الأول من مخيم إعداد الموظفين الجدد في شركة “إير بي إن بي”، يشجّع المهندسون على وضع الشيفرة البرمجية في الموقع الإلكتروني مباشرة.

استخدام الألعاب لتطوير القادة

المؤسسة تيستي كيترينغ (Tasty Catering)

الهدف مساعدة الموظفين على التفكير والتصرف كمالكين

الوصف يلعب الزملاء، الذين يتمتعون بصلاحية الاطلاع بشكل كامل على البيانات المالية للمؤسسة، لعبة أسبوعية بحيث يقوم كل واحد منهم بالتنبؤ بسطر واحد في سجل الأرباح والخسائر. ثم تُقارن التنبؤات مع الأرقام الحقيقية. يُحتفى بالفائزين ويجري تحليل التباينات، ما يسهم في الجهود المبذولة لتحديد الأنماط وتوليد الأفكار التي من شأنها أن تعزز الأداء على نحو أكبر.

يمكنك أن ترى كيف اجتمعت هذه الخصائص معاً في “موجو”. وتعتبر منحة “غاندالف” (Gandalf) مثالاً آخر على تدابير تدخلية مصمّمة بعناية في مصرف “دي بي إس”. ففي حين أنّ “غاندالف” هو الساحر في سلسلة روايات “سيد الخواتم” لكاتبها “جون رونالد رويل تولكين”، إلا أنّ اسم المنحة يشير أيضاً إلى طموح مصرف “دي بي إس” ليُقارن مع كبرى شركات التكنولوجيا الرقمية مثل “جوجل” و”أبل” و”نتفليكس” و”لينكد إن” و”فيسبوك”. يستطيع كل موظف أن يقدِّم طلباً للحصول على نحو 740 دولاراً لإنفاقها على مشروع من اختياره، سواءً كانت دورة تعليمية أم كتباً أم مؤتمراً، بحيث يدعم هذا المشروع هدف المصرف الذي يتمثل في أن يصبح مؤسسة تعلُّم تطرح دائماً تساؤلات بشأن الوضع الراهن. والشرط الوحيد هو أن يلتزم الفائزون بتعليم زملائهم ما اكتشفوه. اعتباراً من خريف عام 2019، قدّم المصرف أكثر من 100 منحة في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي وحكاية القصص للمدراء، بمتوسط تعليم للمستلمين يصل إلى 300 شخص إضافي. وقد سجّل مصرف “دي بي إس” الكثير من هذه الأشياء التي أعيد تدريسها لديهم ونشرَها على قناة على الإنترنت مرفقة بمقالات ومعلومات أخرى، ما صنع أدوات افتراضية شوهدت لأكثر من 10,000 مرة. يقدِّر المصرف أنّ كل دولار ينفقه على المنح له أثر إيجابي يبلغ 30 ضعف عدد الموظفين مقارنة بأثر دولار واحد يُنفق على التدريب التقليدي.

ويأتي أحد الأمثلة الجيدة على التدابير التدخلية من مجموعة “تاتا غروب” (Tata Group)، وهي أكبر شركة متعددة الأنشطة في الهند. في كل عام تعقد الشركة احتفالاً يحتفي بالإنجازات على صعيد الابتكار في مجموعتها الكبيرة من وحدات العمل، والتي تتراوح بين الشاي إلى استشارات تكنولوجيا المعلومات والسيارات. إحدى الجوائز المرغوبة التي تُمنح في ذلك التجمع تدعى “هل تجرؤ على المحاولة؟”. وكما هو مفهوم من اسمها، تكون الجائزة من نصيب فريق فشل بطريقة ذكية. وحسب تعبير الشركة: “في محاولة لعرض الثقافة المتنامية للمجازفة والمثابرة في مختلف شركات تاتا.. تعترف “هل تجرؤ على المحاولة” وتكافئ الأفكار المبتكرة والجريئة والجدية التي لم تحقق النتائج المرغوبة”. “هل تجرؤ على المحاولة” هو برنامج كبير يجذب مئات الطلبات سنوياً. وتساعد الدعاية له على الدفع بسلوكيات مبتكرة مثل تقبل المخاطر والتسامح مع الفشل. جائزة الحدث بحد ذاتها، أي الكأس، والموجز العام له، والذي يكون محط أنظار الجميع، هي أدوات تعزز ثقافة الابتكار في مجموعة “تاتا” على نحو يتسم بالفعالية.

كيفية بناء تدابير تدخلية

برزت الكثير من التدابير التدخلية، مثل “موجو”، بشكل طبيعي، لكننا قمنا بتصميم عملية من ثلاث خطوات تستطيع الشركات استخدامها لبناء مثل هذه التدابير. واختبرنا هذه العملية وصقلناها من خلال تطبيقها بشكل متكرر في مصرف “دي بي إس” وغيره من المؤسسات في شريحة واسعة من القطاعات.

أجريت الكثير من الاختبارات في مدينة حيدر أباد الهندية في مركز تطوير تكنولوجي كان قد أعدّه مصرف “دي بي إس” ليكون جزءاً من عملية تحوله الرقمي. حلّ المركز الجديد بديلاً لعمليات كانت مسندة إلى جهات خارجية سابقاً، من قبيل تصميم تطبيقات المحمول التي تتفاعل مع الزبائن ودعمها، كما وفّر للشركة فرصاً لبناء ثقافة ريادية أكثر من لا شيء.

حاكى تصميم مكتب المركز ما يمكن أن تراه في أي مشروع تكنولوجي شبابي رائج، وتوفرت فيه مساحات مفتوحة وطاولات كرة قدم ومطاعم وجبات خفيفة وما شابهها. وصُمِّمت عملياته الخاصة بالتوظيف لجذب المواهب المميزة، وهي عمليات استندت إلى شركات ابتكارية مثل نتفليكس. لكن عندما بدأ هذا المركز بالعمل، اتضح بسرعة أنّ التجارب اليومية للموظفين هناك كان يسودها شيء من الأجواء التي تسيطر على الشركات الناشئة. التزم المهندسون بالأعمال الروتينية المعتادة، حيث عملوا بطريقة منظمة وتفادوا التجريب بوتيرة سريعة. وفي حين لا تعتبر نتائج مشاركة الموظفين فظيعة، إلا أنها لم تصل إلى ما كان مصرف “دي بي إس” يرنو إليه.

ولإحداث التغيير، قرّرت مجموعة من مستشاري شركة “إنوسايت” ووكلاء التغيير في قسم التكنولوجيا والعمليات في مصرف “دي بي إس” (سنطلق عليهم اسم الفريق الثقافي) تطوير تدابير تدخلية من شأنها أن تزعزع العادات غير المرغوبة وتعزز عادات أخرى جديدة وأفضل منها.

الخطوة الأولى: تحديد السمات المرغوبة. في البداية، قام الفريق بتحديد نوع السمات التنظيمية التي يرغب بها، من خلال وصف ثقافة رشيقة وموجّهة نحو التعلم وتهتم بالزبون وتستند إلى البيانات وقابلة للتجريب، ثم أدرج الفريق سلوكيات تحت كل منها. على سبيل المثال، تحت سمة “قابلة للتجريب” كانت ثمة عبارات طموحة مثل “نقوم باختبار الأفكار الجديدة باستمرار” و”نؤمن بالتجريب الرشيق” و”نفشل فشلاً ذريعاً، ونفشل بسرعة، ونتعلم بسرعة أكبر من ذلك”.

الخطوة الثانية: التعرف على العقبات. بعد ذلك بحث الفريق عن أشياء كانت تقف عقبة أمام سلوكيات الابتكار. ولإماطة اللثام عن هذه الأشياء، جلس أعضاء الفريق في اجتماعات الموظفين، وأجروا دراسات استقصائية تحليلية ومقابلات شخصية سرية مع موظفي المركز، وراجعوا يوميات “ليوم من العمر” احتفظ بها المطورون لمدة أسبوع.

ووجد الفريق من بين أشياء أخرى أنّ الكثير من الموظفين شعروا بعدم وضوح ظروف عملهم، أي كيف ينسجم مشروعهم مع الاستراتيجية الواسعة وما هو متوقع من كل شخص يعمل على المشروع أو يتأثر به بشكل عام. كما شعر بعض الموظفين أنّ إظهار المشاكل من المحرمات، لذا التزموا الصمت إزاء الشعور بخيبة الأمل. وشعر بعضهم ببساطة أنهم ينفذون أعمالهم اليومية بكامل طاقتهم، إلى درجة أنه لم يتوفر لديهم الوقت الكافي للتدقيق في التفاصيل.

لاحظ أنّ الفريق كان دقيقاً جداً في وصف السلوكيات التي يسعى إليها والعقبات التي تقف في طريق تطبيقها. هذا أمر بالغ الأهمية، وإذا لم تفعله أثناء تصميم التدابير التدخلية، فقد ينتهي المطاف بك مع عقبات بديلة أو قوائم طويلة من المهام التي يصعب التعامل معها. إحدى الطرق البسيطة لتحديد التغييرات المعينة التي ترغب بتحقيقها هي أن تجمع مجموعات من الموظفين وتطلب منهم إكمال عبارتين: “ألن يكون رائعاً لو…” (التي تظهر السلوكيات، انظر الشريط الجانبي المعنون “التمتع بالدقة فيما يتعلق بسلوكيات الابتكار”) و”لكننا لا نفعل بسبب…” (وهي عبارة تساعد في إبراز العقبات).

الخطوة الثالثة: تصميم التدابير التدخلية. في النهاية، قام الفريق الثقافي بتصميم طرق للحد من العقبات. وللبدء بالعملية، قام الفريق بتيسير ورشتي عمل على مدار يومين مع كبار القادة، عُقدت إحداهما في مدينة حيدر أباد والأخرى في سنغافورة. وبعد مناقشة السلوكيات المرغوبة ومعيقاتها، انقسم المشاركون إلى مجموعات صغيرة للقيام بعصف ذهني منظم. وأعطيت كل مجموعة نماذج من التدابير التدخلية من مؤسسات أخرى لاقتباس الأفكار منها (انظر الشريط الجانبي المعنون “التدابير التدخلية فيما بين الأعمال”). وبغرض تصميم نماذج جديدة، استخدمت المجموعات قالباً بسيطاً جعلها تحدد السلوكيات المرغوبة والعادات التي تعيقها، إلى جانب العناصر الداعمة والتنبيهات التي من شأنها مساعدة الموظفين على تجاوزها. ثم اجتمع كل المشاركين لمراجعة التدابير التدخلية البالغ عددها 15 تدبيراً مقترحاً، وللتصويت على القليل منها لتنفيذه.

وإليك ثلاثة تدابير تدخلية وُضعت للتعامل مع عدم وضوح ظروف العمل وعدم القدرة على التعبير وضيق الوقت، وهو الأهم:

عدم وضوح ظروف العمل: عززت هذه العقبة إحساس الموظفين أنّ نهج العمل كالمعتاد ليس جيداً بما فيه الكفاية. وكان التدبير التدخلي الذي استهدفها عبارة عن “مخطط ثقافي” مستوحى من مخطط “ألكسندر أوستر فالدر” و”إيف بينيور” الذي يحدد العناصر الرئيسة لنموذج العمل. والمخطط الثقافي هو كذلك قالب بحجم ملصق من صفحة واحدة بسيطة. عليها، تقوم فِرق العمل ببلورة أهداف أعمالها وتصنيف أدوار الفرق والمعايير الخاصة بها. ويساعدهم ملء المخطط في اكتساب فهم أفضل للتوقعات والظروف التنظيمية وطبيعة المسؤوليات التي تقع على عاتق كل شخص. يؤدي إبراز الأهداف بوضوح للفِرق وشرح كيفية دفع المجال قدماً إلى تمكين روحها الريادية. وتكون الأداة المادية الناتجة، التي تتضمن صور الأعضاء وتواقيعهم، بمثابة رسالة تذكير مرئية لالتزامات الفِرق.

عدم القدرة على التعبير: صمِّمت تدابير تدخلية تسمى “تهدئة الموظفين” لمنح الموظفين الحرية في التعبير عن آرائهم عند ملاحظة وجود مشاكل. يقيس التطبيق المعتمد على شبكة الويب، والذي يُستخدم في أول اجتماع في الأسبوع، مزاج فريق المشروع من خلال دعوة أعضاء الفريق إلى إدخال نتيجة بشكل سري من 1 (سلبية جداً) إلى 10 (إيجابية جداً) واختيار كلمة لوصف كيفية شعورهم. وهذا يكشف النقاب بسرعة عما إذا كان الفريق يعاني من مشكلة ما (تتابع ورود نتيجة 1 و2 تقول الكثير) ويشجع إجراء نقاش يقوده قائد الفريق حول مجريات الأمور وكيفية التعامل معها. ولأنّ التطبيق يراقب شعور الفريق مع مرور الوقت، فهو يقيس أيضاً ما إذا كانت التدابير التدخلية ناجحة.

ضيق الوقت: للتغلب على هذه العقبة، وضع الفريق الثقافي التدبير التدخلي “70:20:10”. هذا التدبير التدخلي المستوحى من ممارسات شركة جوجل يعطي مطوري البرمجيات إذناً صريحاً بقضاء 70% من وقتهم في الأعمال اليومية، و20% في أفكار لتطوير العمل، و10% في التجارب والمشاريع المفضلة لديهم. ويشجع “70:20:10” التفكير الابتكاري من خلال تخصيص أجزاء من الوقت بشكل رسمي لعمليات تجريب غير محددة. ولتعزيز هذا التدبير التدخلي، استحدث الفريق الثقافي طقساً تبادل فيه المطورون ما تعلموه من مشاريعهم التجريبية.

قامت الفرق التجريبية في حيدر أباد باختبار هذه التدابير التدخلية وغيرها من التدابير المختارة بشكل مبدئي. وقد قِيس تأثيرها بعناية، وأُجريت عليها تحسينات، وجرى تجاهل التدابير التدخلية غير الفعالة، ونُشرت التدابير الفعالة وجرت متابعتها على نحو واسع. ونتيجة للتدبير التدخلي “70:20:10″، على سبيل المثال، قامت الفِرق بتحويل العديد من العمليات اليدوية إلى عمليات أوتوماتيكية، حيث تخلصت من ساعات العمل التي يقوم بها عامل واحد في المهمات الرئيسة، كما طوّرت الفِرق ابتكارات أخرى. (أُنتجت النسخة المبدئية من تطبيق متابعة نتائج “موجو” وتحليلها من وقت التجريب الخاص بأحد المطورين). وفي هذه الأثناء، زاد القادة من مقدار الوقت الذي قضوه في السير في القاعات وعرض طرق جديدة للعمل.

وبعد مرور عام من بدء التدابير التدخلية، بينت الدراسات الاستقصائية التي أجريت على الموظفين أنّ نتائج مشاركة العاملين في حيدر أباد كانت تصل إلى 20% وأنّ التركيز على الزبائن زاد بشكل كبير. وفي عام 2018، اعتبرت شركة “لينكد إن” مركز التطوير أحد أفضل أماكن العمل الـ 25 في الهند، وفي عام 2019 حصل المركز على جائزة “زينوف” (Zinnov Award) المرموقة بوصفه “مكاناً رائعاً للابتكار”.

التمتع بالدقة في تحديد سلوكيات الابتكار المقصودة

يردِّد التنفيذيون أنهم يريدون تعزيز الابتكار، لكنهم ليسوا واضحين تماماً بشأن ما يعنيه ذلك. يجب على المؤسسات أن تكون دقيقة إزاء السلوكيات التي ترغب برؤيتها. ومن النُهج الجيدة في هذا الإطار توجيه الموظفين في مجموعات التركيز الخاصة بأطراف تزويد الابتكار إلى التساؤل “ألن يكون رائعاً لو…”. وفيما يلي أمثلة على اقتراحات نتجت من مثل جلسات العصف الذهني هذه:

طرح الأسئلة حول الوضع الراهن

كنا مهووسين دائماً بشأن المستقبل؟

حافظنا على انفتاح عقولنا، من خلال السؤال دائماً “ماذا لو؟”

تجنبنا سد الطريق في وجه الأفكار الجديدة بقول “هذه هي الطريقة التي نفعل بها الأشياء”؟

اعتمدنا عقلية حل المشاكل بدلاً من تصيّد الأخطاء؟

التركيز الشديد على الزبائن

أمضينا وقتاً أكبر مع الزبائن لفهم وظائفهم التي يتعين تنفيذها؟

قمنا بشكل دوري بإنشاء ملفات تعريف للزبائن وحددنا مراحل تطور علاقتهم معنا؟

حرصنا على أن تكون كل الحلول متجذرة في التعامل مع احتياجات الزبائن ومشاكلهم الأساسية؟

توفرت لدينا معرفة عميقة بكيفية اتخاذ الزبائن للقرارات من بين حلول مختلفة؟

التعاون على نحو أفضل

بنينا فرقاً متعددة الوظائف تتميز بخبرات ووجهات نظر من مختلف أقسام المؤسسة؟

أكّدنا على الأهداف الجماعية في مقابل الأهداف الفردية؟

تمتعنا بالشفافية والوضوح، إلى جانب التعامل باحترام؟

وفرنا وضوحاً وشفافية فيما يخص المبادرات؟

التجربة

خططنا لسيناريوهات مختلفة ومخرجات بديلة؟

سألنا أنفسناً دائماً “ما الذي لا نعرفه؟” و”كيف يمكننا تعلم المزيد؟”

صمّمنا تجارب لتعلم المزيد حول الافتراضات الأساسية؟

كافأنا الفِرق على الفشل الذكي؟

التمكين

وثقنا بموظفين أقل رتبة لتنفيذ مهام دون الحاجة إلى الحصول على موافقة؟

بحثنا عن طرق لتعزيز الأفكار أو التعبير عن الرأي عندما لا يسير شيء ما بالشكل الصحيح؟

امتلكنا نتائج قراراتنا دون التملّص من المسؤولية أو توجيه اللوم للآخرين؟

قمنا بتهيئة الفِرق للنجاح من خلال إزالة العقبات وتوفير الموارد والدعم لها؟

من “دعاية الابتكار” إلى تحقيق الأثر

بدأت حكاية مصرف “دي بي إس” بدعوة إلى العمل أطلقها الرئيس التنفيذي للمصرف، لكن العمل في حيدر أباد شغّل العديد من الدرجات المتدنية في المؤسسة. وفي واقع الأمر، من مميزات التدابير التدخلية أنها يمكن أن تكون فعالة على مستوى فريق أو إدارة أو وحدة عمل أو على مستوى الشركة بأكملها.

وفيما يلي بعض التنبيهات قبل أن نسدي لك نصيحتنا الأخيرة: غالباً ما تقوم الشركات التي تسعى إلى شحذ الابتكار بنسخ أدوات تراها في شركات ابتكارية أخرى. ربما تبني كافيتريا مجهّزة بألوان فاتحة أو توفر دراجات نارية صغيرة. لكن الأدوات السريعة والسهلة المعتمد عليها والتي لا تتصل بالسلوكيات اليومية لن تنجح.

لاحظ أحدنا، وهو سكوت، مثال ذلك عندما زار مشروعاً استثمارياً ذي طابع اجتماعي في كمبوديا. يوظف ذلك المشروع آلاف الحرفيين الفقراء الذين يصنعون الملابس والمنحوتات والتماثيل وغيرها. أعدّت إحدى مزارع دود القز المرتبطة بالمشروع صندوقاً أزرق اللون ودعت العمال لإيداع آراء تقييمية وأفكار فيه “لأجلك ولأجل زملائك ولأجل رفاهتك”. يبدو الأمر ملهماً، أليس كذلك؟

لكن كانت ثمة مشكلة واحدة. القفل الصدئ على الصندوق بين أنه لم يُفتح مؤخراً أو ربما بتاتاً. وتعتبر دعاية ابتكار من هذا القبيل بمثابة رسالة تذكير مؤلمة حول الأشياء التي لا تقوم بها القيادة. وبينما يمكن أن يعطي ذلك دفعة من الطاقة في البداية، إلا أنه سيؤدي بالتأكيد إلى السخرية على المدى البعيد.

حتى أفضل التدابير التدخلية تتحول إلى دعاية ابتكار مع عدم توفر الدعم المناسب، ودون وجود شخص ما يتولى قيادة الفكرة. عندما انطلق مصرف “دي بي إس” في رحلته، اعتقد أكثر الموظفين، وخصوصاً القادة، أنّ الإبداع كان حكراً على أنواع علمية وإبداعية. ولمجابهة ذلك، قام فريق من مصرف “دي بي إس” كان مكلفاً بتشجيع التغيير الثقافي بإطلاق برامج لتعليم الموظفين كيفية الابتكار. فمثلاً، تشارك الفريق مع قسم الموارد البشرية لإقامة فعاليات على مدار الأسبوع، حيث حصل التنفيذيون على ثلاثة أيام من التدريب على مفاهيم رقمية، ثم اشتركوا في “هاكاثون” لمدة 48 ساعة، انضموا فيه إلى أشخاص من شركات ناشئة حقيقية لتصميم نماذج لتطبيقات تحل مشاكل الأعمال الحقيقية. وبعد ظهر اليوم الختامي، عُرضت النماذج على الرئيس التنفيذي.

ساعدت تجربة التنفيذيين للعقلية والسلوكيات الجديدة التي أرادت الشركة تعزيزها، في جعل البرامج التي نفذتها الشركة عملية وأصيلة ومنسجمة على المستوى التنظيمي. والآن، عندما يدشن مصرف “دي بي إس” تدابير تدخلية جديدة، لا يقابلها الموظفون بالاستنكار (أو المعارضة المستمرة، وهي الأسوأ)، بل بحب استطلاع إزاء ما سيحدث. حظيت التدابير التدخلية بالقبول لدى ترسخها وإثبات قيمتها بطرق تعود على الموظفين والمؤسسة بفوائد مباشرة.

إذا قامت المزيد من الشركات بتفكيك العقبات التي تقف في وجه الابتكار على نحو منهجي، وتشجيع الموظفين على التجريب، فربما سنشهد أخيراً سدّ الفجوة بين الواقع وأهداف الابتكار لدى القادة. تذكر أنه عندما كان الموظفون في مؤسستك أطفالاً، كانوا مفعمين بحب الاستطلاع والإبداع. وظيفتك هي إعادة تلك الروح الشابة إلى الحياة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .