دليل الرد على التعليقات الوقحة والفظة في مكان العمل (مع أمثلة عملية)

12 دقيقة
الرد على التعليقات الوقحة
سوفولكا/غيتي إميدجيز
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

ملخص: من المؤكَّد أن الكثيرين قد تعرّضوا لسلوك فظ في العمل، بدايةً من تلقيهم التوبيخ على يد عميل وقح أو مدير جاف الطباع وصولاً إلى تلقيهم رسائل بريد إلكتروني مقتضبة على نحو مريب من زملاء تربطهم بهم علاقات ودية. وللتعامل والرد على التعليقات الوقحة في مثل هذه المواقف، تعرّف إلى مشاعرك أولاً واسأل نفسك عن سبب شعورك بالإهانة، ثم وازن بين إيجابيات توجيه النقد إلى الطرف المتهم بالوقاحة وسلبياته. وأخيراً، استخدم لغة لا تلقي باللائمة على الطرف الآخر وتركّز على تأثير السلوك عليك وتساعد على إرساء قواعد مشتركة.

 

لقد كنتَ تحاول مساعدة عميل على استرداد أمواله التي دفعها مقابل مُنتَج وجد أنه غير صالح للاستخدام. وعندما استغرق الأمر وقتاً أطول مما كان يتوقّع، فقد صبره وسألك عمّا إذا كان بإمكانه التحدث إلى شخص يتمتع بالكفاءة اللازمة للتعامل مع المشكلة“.

رد أحد أولياء أمور الطلاب على رسالتك الإلكترونية موضحاً أن طفله يحتاج إلى دعم إضافي لا يمكنك تقديمه، وتساءل مستنكراً: “أليس هذا تخصُّصك؟ أم أن مساعدة الطلاب أمرٌ يفوق قدراتك؟“.

قدّمت حلاً في أحد الاجتماعات، كنتَ تعتقد أنه يمكن أن يساعد قسمك على تعويض النقص في الميزانية خلال هذا الربع من العام. فردَّ عليك زميل في فريق آخر يتصف بالود عادة رداً مقتضباً يقول فيه: “لا أدري لماذا تعتقد أن هذه الفكرة ستنجح“.

سواء كنتَ تتلقى مثل هذه التعليقات عبر منصة سلاك أو البريد الإلكتروني أو تتلقاها مباشرة وجهاً لوجه، فلا شك أنها تعليقات لاذعة. لا يستحق أحد أن يكون في الطرف المتلقي لسلوك ينمُّ عن الوقاحة أو التقليل من شأنه أو الحط من قدره في العمل. حتى الإجراءات التي لا يُقصد منها أن تكون جارحة أو مريبة قد تؤدي إلى الشعور بالتوتر وإلحاق الأذى بالطرف المتلقي. ومع ذلك، وفقاً لبحث أجرته الأستاذة بجامعة جورجتاون، كريس بوراث، فقد أفاد 98% من الأفراد أنهم تعرّضوا للسلوك الفظ في العمل في مرحلة ما من حياتهم المهنية.

عندما يحدث ذلك، فإن معظمنا يتساءل: ماذا أفعل آنذاك؟

قد يؤدي الرد (وبخاصة في خضم الانفعالات) إلى تصعيد الموقف، هذا من ناحية؛ لكن السكوت على التعليقات الجارحة وتركها تمر دون حساب قد يؤدي من ناحية أخرى إلى الصفح عن السلوك الفظ، وهو ما سيكون بمثابة إشارة تعطي الطرف الآخر، أو غيره ممن شهدوا الحادث، الضوء الأخضر لإساءة معاملتك في المستقبل. وقد يؤدي التزام الصمت إلى إرسال رسالة مفادها أنه لا بأس في أن يحذو الآخرون حذوه ويتصرفوا مثله، ما يؤدي إلى خلق بيئة عمل سامة.

وعلى الرغم من أن تحديد ما إذا كان يجب الرد على الإساءة أو السكوت عنها قرار يرجع إليك وحدك، فمن المفيد أن تتعرّف إلى بعض الإرشادات حول اتخاذ القرار المناسب لك ولظروفك. وإليك فيما يلي نصيحتي بناءً على الأبحاث والمقابلات التي أجريتها مع الأكاديميين وعلماء الاجتماع وغيرهم من الخبراء الذين التقيتهم في أثناء تأليف كتابي الأخير التوافق: كيفية العمل مع أي شخص (وإن كان صعب المراس)” (Getting Along: How to Work with Anyone (Even Difficult People)).

ابدأ بنفسك

ابدأ بالأهم فالمهم. من الطبيعي أن تتخذ رد فعل عاطفياً عندما تتلقى تعليقاً يتصف بالوقاحة والفظاظة. قد تشعر بالألم النفسي أو خيبة الأمل أو الإهانة أو الانزعاج أو الغضب أو الإحباط أو التعب أو مزيج من هذه المشاعر وغيرها. ومن المهم أن تمعن التفكير في هذه المشاعر وتفحصها بدقة وتكوّن فكرة أكثر موضوعية عمّا حدث.

تقبّل استجابتك العاطفية. يتمثّل أحد أكثر الاستجابات شيوعاً للألم العاطفي، وبخاصة في العمل، في محاولة كبته عن طريق توبيخ نفسك بقول شيء على غرار: “لا بد أن هذا الشعور من صنع خيالي”. لكنه ليس كذلك، فالقول المأثور الذي ينص على ما يلي: “العصي والحجارة قد تكسر عظامي، لكن الكلمات لن تؤذيني أبداً” ليس صحيحاً بالمرة. لقد أزعجني بالتأكيد بعض التعليقات القاسية والبعيدة كل البعد عن حدود الأدب التي بدت لي كما لو أن أحدهم قد وجّه لكمة عنيفة إلى معدتي. وقد أثبت علم الأعصاب في واقع الأمر أن الدماغ يفسر في حالات معينة تأثير تعرُّض المرء للإهانة أو التجاهل أو الإذلال أو الصراخ أو الرفض أو التنمُّر بطرق مشابهة لما يحدث عند تعرُّضه لآلام جسدية.

ومن هنا كان عليك أن تمنح نفسك وقتاً للتفكير في استجابتك العاطفية بتمعُّن قبل أن تقرر ما يجب عليك فعله. وإذا كنت تتعامل مع عميل ولم يكن لديك وقتٌ للاختلاء بنفسك والتفكير بعمق، فحاول أن تلتقط أنفاسك مع تحديد ما تشعر به على وجه الدقة قبل أن تتفاعل مع الموقف وترد على مَنْ أساء إليك. كن لطيفاً أيضاً مع نفسك واعترف بمشاعرك؛ فقد أثبتت الأبحاث أن التعاطف الذاتي يحقق فوائد لا تُعد ولا تُحصى، وعلى رأسها زيادة الرغبة في النمو والتحسُّن وتعزيز مستوى الذكاء العاطفي وزيادة القدرة على التحمل، كما أنه يجعلك أكثر تعاطفاً مع الآخرين.

وتذكر أن “الوقاحة” نسبية (في معظم الحالات). وفي حين أننا قد نتفق جميعاً على أن المثالين الأولين المذكورين أعلاه يتسمان بالقسوة، فإن المثال الثالث أكثر غموضاً، مثل الكثير من التعليقات أو السلوكيات التي نتعرض لها في العمل. فقد لا نعرف ما يقصده الطرف الآخر. وقد تختلف الطريقة التي نفسر بها رسالة ذات أسلوب جاف أو ردوداً مقتضبة تحتوي على عبارة “لا بأس” فقط عن الطريقة التي يفسرها بها شخص آخر.

وقد تختلف تفسيرات الفظاظة أيضاً اختلافاً بيّناً من ثقافة لأخرى. فقد يُنظر في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، إلى طلب التحدُّث إلى المدير على أنه سلوك وقح، ولكن يمكن اعتباره سلوكاً مقبولاً في هولندا، حيث يُنظر إلى الخلافات المفتوحة من منظور أكثر إيجابية.

لذا عندما تقرر كيفية الرد، فكّر فيما إذا كانت الوقاحة غير مقصودة. هل من الممكن تفسير سلوكيات الطرف الآخر بطريقة تجعلك تشعر بعدم الإهانة؟ وأنا من أشد المؤمنين باستخدام المشاركة الوجدانية لرؤية سلوك أي شخص آخر من منظور أكثر إيجابية وفي ضوء أكثر سخاء. على سبيل المثال، قد يكون ولي أمر الطالب في المثال الثاني الوارد أعلاه قلقاً بشأن طفله ويحاول التعبير عن قلقه من خلال توجيه غضبه إليك. وقد يكون من المفيد التعبير عن المشاركة الوجدانية (للمزيد من المعلومات انظر أدناه).

قد يكون من المفيد أيضاً أن تفكّر في قيمك وتحدّد القيم التي ترى أنها قد تعرضت للانتهاك. ربما كانت إساءة عميلك سلوكاً يتنافى مع إحساسك بالإنصاف أو العدالة، أو ربما شعرت بأنها تشكّل اعتداء سافراً على كرامتك. وربما كان الأمر وما فيه أن إقدام العميل على رفع صوته لا يتوافق مع مفهومك للسلوكيات الطيبة. وبغض النظر عمّا إذا كان الطرف الآخر يتعمّد الوقاحة، فإن رد فعلك العاطفي مقبول ومبرّر. وسيساعدك فهم ما تشعر به وسبب شعورك به على تحديد ما إذا كنت ستستجيب وماذا ستقول إذا استجبت.

قيّم مخاطر الاستجابة

بمجرد فهم استجابتك العاطفية فهماً أدق والنظر إلى الأمور من منظور الطرف الآخر، يمكنك الموازنة بين إيجابيات الاستجابة وسلبياتها. اسأل نفسك:

ما مخاطر التعبير عن اعتراضك؟ قد تتنافى أساليب معالجة السلوك الوقح مع الوضع الراهن في مؤسستك (خاصة إذا كانت شركتك تتمسّك بمبدأ “العميل دائماً على حق”) وقد تؤثر على علاقاتك مع زملائك في العمل أو مدرائك وتزعزع مكانتك بينهم. ولقياس مدى خطورة التعبير عن اعتراضك، ضع تصوراً محدداً للخطر الذي تواجهه. فكر في الأسئلة التالية، وإذا سمح الوقت، فابحث الموقف مع شخص تثق به.

إذا كان الطرف الآخر عميلاً، فاسأل نفسك:

  • هل يمكنني المخاطرة بعملية البيع دون تلقي عقاب؟
  • ما السياسات المتبعة في شركتي بشأن الرد على السلوكيات الوقحة؟
  • هل سيساندني مديري أو غيره من المسؤولين الكبار إذا قررت أن أرد على الإساءة؟

وإذا كنت لا تعرف هذا الشخص جيداً أو لا تعرفه على الإطلاق:

  • هل لديك فكرة عمّا إذا كان سيحاول الوشاية بك عند مديرك أو القادة المؤثرين في المؤسسة؟
  • إلى أي مدى يمكن أن يتسبب في الإضرار بتطلعاتك المهنية أو سمعتك إذا أراد ذلك؟

وإذا كنت تعرف هذا الشخص:

  • كيف يستجيب عادة لمن يتحدونه ويتصدون له؟
  • هل يمتلك بشكل عام الوعي الذاتي أو يتمتع بالانفتاح على الآراء النقدية؟ هل سيرفض قبولها (كأن يقول شيئاً على غرار: “أنت تبالغ في رد فعلك؛ لم أقصد أي شيء به”) أم سيتخذ موقفاً دفاعياً (كأن يقول: “ماذا قلت؟ بماذا تتهمني؟”)؟
  • هل يمتلك صلاحيات تتيح له التأثير في القرارات المتعلقة بحوافزك أو ترقياتك أو مكافآتك؟
  • هل يمكنه حجب أفكارك أو تعطيل مشاريعك؟

ما مخاطر عدم التعبير عن اعتراضك على الإساءة؟ نركز في الغالب على مخاطر الإجراءات، وتفكّر عقولنا مباشرة في أسوأ السيناريوهات، بدلاً من التفكير في الجوانب السلبية لعدم اتخاذ إجراء من أي نوع. لذا خذ وقتك في التفكير في مخاطر عدم التعبير عن اعتراضك على الإساءة أيضاً. ربما يؤدي عدم التعامل مع السلوك الوقح إلى انتهاك قيمك الشخصية أو الأعراف الثقافية التي تتمسّك بها وتدافع عنها. قد تصفح دون قصد عن تعليق وقح، إذا آثرت السكوت عنه وتركته يمر دون حساب، أو إذا لم تنتهز الفرصة لمساعدة الطرف الآخر على فهم كيفية تأثير سلوكياته على الآخرين. تعامل مع هذه المخاوف على قدم المساواة في تقييمك.

وإذا كنت في موقع نفوذ، فإن مخاطر الصمت ستكون أشد فداحة؛ حيث يتحمل القادة المسؤولية النهائية (وهي مسؤولية قانونية في بعض الحالات) عن ضمان عدم شعور أي شخص، وبخاصة العاملين في الخطوط الأمامية، بالتهديد في العمل.

وقد يكون إيثار السكوت عن إساءة ما في بعض الأحيان خطوة ذكية؛ لكن هذا لا يعني أن عليك أن تبتلع الإهانة وتكبت مشاعرك. قد تحتاج إلى التنفيس عن انفعالاتك وتحكي لصديق عن الحادث أو قد تحتاج إلى إيجاد طرق للانسحاب عاطفياً من الموقف. على سبيل المثال، هل يمكنك إيجاد طرق لتحسين حالتك المزاجية بعد الحادث، من خلال الدردشة مع زملائك الذين تستمتع بالدردشة معهم أو الاستماع إلى أغنيتك المفضلة أو التأمل لمدة قصيرة أو تصفُّح صور عطلتك الأخيرة؟

هناك أيضاً إجراءات كثيرة ملموسة يمكنك اتخاذها بدلاً من الدخول في مواجهة مباشرةً مع الطرف الآخر. على سبيل المثال، يمكنك إبلاغ شخص مسؤول بالحادث، شريطة أن يكون هذا الشخص قادراً على اتخاذ إجراء أو على الأقل الاحتفاظ بسجل في حال تكرار السلوك مرة أخرى. وإذا كان الطرف المُسيء أحد العملاء، مثلاً، فلا بد من إطلاع مديرك على الموقف حتى يتمكن من اتخاذ قرار بوقف العمل معه في المستقبل. أم أن هناك شخصاً آخر في منصب رفيع لديه الاستعداد للمساعدة ويمتلك السلطة اللازمة التي تتيح له القدرة على التدخل والمساعدة؟

اعرف ماذا تقول، ومتى

إذا قررت مواجهة الطرف المُسيء، فإن كيفية مواجهته بفعلته على قدر كبير من الأهمية ويمكن أن تحدث فارقاً بين حل الموقف أو تعقيده. ضع الاستراتيجيات التالية في الاعتبار:

فكّر في التوقيت. قد تشعر بالارتياح مؤقتاً حينما ترد بقسوة على إساءة أحدهم، ولكن من المفيد في أغلب الأحيان أن تتمهّل قليلاً ريثما تهدأ وتحلّل ما سمعته قبل أن تتخذ رد فعل انفعالياً قد تندم عليه فيما بعد. ثمة قاعدة عامة وذكية هنا تنص على ضرورة إعطاء الأولوية لسلامتك ورفاهتك. فقد يؤدي الدخول في مواجهة مع الطرف الآخر إلى أضرار أشد فداحة، ولكن ضع في اعتبارك أن الشعور بعدم الراحة لا يعني الشعور بعدم الأمان في كل الأحوال. فقد يكون من المحرج أن تلفت انتباه العميل إلى أن رفع صوته لن يفيده في شيء، ولكن هذا لا يعني الخوف من أن يؤذيك جسدياً. استخدم عبارات تبدأ بضمير المتكلم أو الغائب. لا يدرك الكثيرون في أغلب الأحيان أنهم قد ارتكبوا خطأً في حق الآخرين؛ لذا عليك أن تحرص عندما تواجههم على أن توضح أنك تجد أن تعليقهم يفتقر إلى قواعد اللياقة إما من خلال شرح السبب أو تعريفهم بتأثيره عليك.

واستخدم عبارات تبدأ بضمير المتكلم التي توضح مشاعرك في هذه اللحظة وتدعو الطرف الآخر إلى التفكير في وجهة نظرك، أو استخدم عبارات تبدأ بضمير الغائب التي يمكن أن تضع حداً غير مسموح بتجاوزه بحال من الأحوال. ويتضمن بعض نماذج العبارات التي تبدأ بضمير المتكلم ما يلي: “لقد شعرتُ بالرفض من تعليقك؛ وأعرف أنك ربما لم تقصد هذا، لكن هذا ما شعرتُ به”، و”أدرك ما تشعر به، لكنني متألم مما قلتَه للتو”. وإليك بعض الأمثلة على الردود التي ترسي حدوداً غير مسموح بتجاوزها: “من غير اللائق أن تخبر الآخرين بأن أفكارهم سخيفة وغير جديرة بالاعتبار”، و”لن يفيد هذا التعليق أياً منا”.

وتجنب العبارات التي تبدأ بضمير المخاطب، مثل “أنت وقح”. فعندما يشعر المرء بالخزي أو بأنه عرضة للهجوم أو الإهانة الشخصية، فلن يسمعك أو يغير سلوكه على الأرجح.

اطرح أسئلة. إذا كان التعليق غامضاً، فقد يكون من الأفضل أن ترد بسؤال، مثل “ماذا تقصد بذلك؟”. ويمكنك أن تطلب من الطرف الآخر أن يكرر ببساطة ما قاله، ما قد يدفعه إلى التفكير فيما يقصده ووقع كلماته على الآخرين ومشاعرهم.

حاول طرح هذه الأسئلة بعقلية تنمُّ عن حب الاستطلاع الحقيقي، وابدأ بأداة الاستفهام “ماذا” بدلاً من “لماذا”، لأنها تبدو أقل استفزازاً للآخرين. فوقع السؤال الذي يقول: “ما الذي دفعك لقول ذلك؟” يبدو أسهل من وقع السؤال الذي يقول: “لماذا قلت ذلك؟” الذي قد يبدو كأنه اتهام. وإليك بعض الأسئلة الأخرى التي قد تستخدمها:

  • “ماذا كنت تقصد عندما قلت…؟”.
  • “ماذا تقصد بذلك تحديداً؟ لست متأكداً من المعنى المقصود”.
  • “هلا أوضحت ما تعنيه بكلامك بمزيد من التفصيل؟”.
  • “هل سمعتك بشكل صحيح؟ أعتقد أنك قلت…”.

جهّز ردوداً مسبقة تحسباً لأي موقف طارئ. من السهل أن تشعر في الوقت الحالي بعدم القدرة على الرد أو أن تجد الكثير من الأسباب التي تدعوك إلى السكوت على الإساءة: “لا أريد أن أحدث ضجة”، “إنها ليست مشكلة كبيرة”، “إنه شخص لطيف عادة”. ولمواجهة غريزة التزام الصمت (التي قد تندم عليها لاحقاً)، من المفيد أن تتذكر بعض العبارات التي يمكنك استخدامها عندما تواجه سلوكاً فظاً، ويُستحسَن أن تتدرب عليها مسبقاً. على سبيل المثال: “أعتقد أنك لم تكن تقصد هذا المعنى، ولكنه يؤلمني بشدة” أو “أعلم أننا جميعاً نهتم بقيم الإنصاف. والتصرف بهذه الطريقة يقوّض هذه المقاصد”.

ردود على الوقاحة

عيّنة لعبارات تبدأ بضمير المتكلم للتعبير عن وجهة نظرك:

  • لقد شعرتُ بالرفض من تعليقك؛ وأعرف أنك ربما لم تقصد هذا، لكن هذا ما شعرتُ به.
    • لقد تألمتُ مما قلتَه للتو.
    • أعتقد أنك لم تكن تقصد هذا المعنى، ولكنه آلمني بشدة.
    • لا أُحسِن الاستجابة لمَنْ يصرخ في وجهي.
    • أتفهم سبب شعورك بالإحباط.

عيّنة لعبارات تبدأ بضمير الغائب ترسي حدوداً غير مسموح بتجاوزها:

  • من غير اللائق أن تخبر الآخرين بأن أفكارهم سخيفة وغير جديرة بالاعتبار.
    • لن يفيد هذا التعليق أياً منا.
    • سيكون من السهل أن أساعدك إذا خفضنا حدة التوتر في هذه المحادثة.

عندما تواجه موقفاً لا تمتلك فيه ردوداً جاهزة، يمكنك تجربة أسلوب بسيط استقيته من المؤلِّفين، دبليو براد جونسون ديفيد سميث، وينصُّ على قول: “يا له من موقف!” بوضوح وقوة. سيوفر لك هذا بعض الوقت حتى تتمكن من التوصُّل إلى شيء آخر ينبغي قوله، ويرسل إشارة تفيد بأن تصرفات الطرف الآخر كان لها تأثير سلبي، ما يمنحه فرصة لإعادة النظر فيما قاله.

أظهِر المشاركة الوجدانية

ربما يكون هذا هو آخر شيء تريد فعله عندما تتلقى من أحدهم تعليقاً غير لائق، ولكن إظهار أنك تتفهم مخاوفه يسهم في كثير من الأحيان في تسهيل التفاعل المشوب بالتوتر. لكن هذا التردد في إظهار مشاركتك الوجدانية ليس مطلوباً، وبخاصة إذا كان من الممكن تصنيف التعليق على أنه إهانة بسيطة وغير متعمَّدة، ولكن في المواقف التي تتفاعل فيها مع عميل يشعر بالإحباط أو الغضب، فإن الاعتراف بأنك تتفهم وجهة نظره بعبارات بسيطة، مثل: “أتفهم موقفك” أو “أعي ما تشعر به”، يمكن أن يهدئه. وتذكر أن إدراك المشاعر الكامنة وراء تصرفاته ليست تأييداً ضمنياً لسلوكه. ويمكنك أن تسلّم بصحة فرضيته وتطلب منه أن يعاملك بشكل مختلف.

توقّع أن يتخذ موقفاً دفاعياً

لا شك في أن أفضل سيناريو أن يصغي إليك الطرف الآخر ويشكرك على ملاحظاتك، لكنني أستطيع أن أقول من واقع خبرتي إن الطرف الآخر يتخذ في الغالب موقفاً دفاعياً، على الأقل في البداية. فقد يرفض العميل ما تقوله أو يدعي أنك أسأت فهمه وأسأت فهم مقاصده. لكن إذا جرح مشاعرك، فلا قيمة لمقاصده وما إذا كان حسن النية أم لا.

وإذا اتهمك بأنك مفرط الحساسية أو دافع عن نفسه بقول إنه لم يكن يقصد أن يجرح مشاعرك، فأوضح له كيف أثّر كلامه عليك أو كيف أن أسئلته قد آلمتك نفسياً. على سبيل المثال، يمكنك أن تقول: “لقد جعلني تعليقك، أياً كان ما تقصده، أشعر بأنك لا تحترمني”.

واحرص على أن تضع خطة للخروج من الموقف بسلام. فإذا كنت تتعامل مع أحد العملاء، فقد يعني ذلك إتمام المعاملة معه بأسرع ما يمكن وبكفاءة. وإذا تسببت معالجة السلوك الفظ في تمسُّك الطرف الآخر بتعليقه أو حتى تماديه في سلوكه، فتأكد أن لديك بعض العبارات الجاهزة التي من شأنها أن تساعدك على الخروج من المحادثة بسلام. على سبيل المثال، قد تقول: “أريد التوقف عن الاستمرار في هذه المحادثة لبعض الوقت”، أو “دعنا نتوقف مؤقتاً في الوقت الحالي”، أو “سأنهي كلامي معك الآن ريثما نجد طريقة لمواصلة حديثنا بطريقة أفضل”.

شكّل ائتلافاً

إذا كانت الوقاحة جزءاً من نمط متكرر، فيمكنك طلب المساعدة من الآخرين لمعرفة كيفية الاستجابة لهذا السلوك. انضم إلى باقي أعضاء فريقك أو زملائك في شركتك واعقد معهم ميثاقاً صريحاً للرد على السلوكيات الفظة عند حدوثها. وعندما يتعامل عميل معك بوقاحة، فيمكنك غالباً أن تقلل من حدة التوتر من خلال تدخل زميل في العمل نيابة عنك أو حتى تولّيه إدارة عملية التفاعل مع هذا العميل. ويمكن أن يساعدك وجود تحالف على تحقيق الوضوح أيضاً: فعندما يحدث شيء مزعج، ولكنه غامض، سيكون لديك ولدى أي شخص آخر في المجموعة آلية لاختبار الأفكار تساعدك على تحديد ما إذا كان هذا السلوك يستدعي اتخاذ إجراء معين.

دعونا نعود إلى الأمثلة التي بدأنا بها المقالة.

عند التعامل مع العميل الوقح، يمكنك أن تطرح سؤالاً، مثل: “أعتقد أنك وصفتني للتو بأنني غير كفء، فهل فهمتك بشكل صحيح؟”. أو يمكنك الرد بعبارة واضحة، مثل: “سأتمكن من إكمال عملية رد الأموال خلال 10 دقائق فقط”. قد يتمادى هذا الشخص في سلوكه بطبيعة الحال دون أن يدرك تأثير كلامه على مشاعرك، لكنك على الأقل أوضحت أنك لن تتسامح مع تعليقاته الوقحة.

وعند التعامل مع ولي الأمر الغاضب، يمكنك إظهار المشاركة الوجدانية وتكرار مقصدك بقول: “يؤسفني شعورك بالإحباط. يمكنني أن أؤكد لك أنني أحاول مساعدة طفلك بأفضل طريقة ممكنة”، ثم اقترح عليه مقابلته شخصياً. تفلح هذه الطريقة في الغالب في تشجيع الطرف الآخر على مشاركتك وجدانياً معك؛ لأنه لن يستطيع حينها أن يتوارى خلف الشاشة ولوحة المفاتيح.

وعند التعامل مع زميلك الودود الذي انتقد فكرتك (وربما انتقد تقديرك للأمور)، يمكنك استخدام الأسلوب الذي تشرح من خلاله تأثير تعليقه على مشاعرك، وذلك بقول شيء على غرار: “لا أعتقد أنك كنت تقصد إيلامي نفسياً، لكنني شعرت بأنك ترفض كلامي، ولكي أكون صادقاً معك، فقد آلمني كلامك أشد الألم”، أو يمكنك ببساطة أن تقول: “يا له من موقف!”، ثم التزم الصمت لمنحه الوقت للتفكير فيما قاله أو توضيح ما كان يقصده.

أخيراً، وليس آخراً، عليك أن تقرر الخيار الأفضل والأنسب لظروفك. وعلى الرغم من أنك قد لا تملك السيطرة على الطريقة التي يعاملك بها الآخرون، فإنك تملك السيطرة على توقيت الرد على التعليقات الوقحة وكيفيته.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .