كيف تقرر ما إذا كان عليك تغيير مكان سكنك للحصول على منصب جديد؟

10 دقائق
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في بعض الأحيان لا يكون المنصب المثالي في الجوار القريب، بل على بعد آلاف الأميال – وربما في الجهة الأخرى من المحيط. وإذا ما عرض عليك منصب جديد في مكان آخر، كيف لك أن تعرف ما إذا كان ذلك المنصب يستحق عناء الانتقال للعيش في المكان الجديد؟ وكيف لك أن تفاضل بين الإيجابيات كالمال والفرص من ناحية، والسلبيات كأثر الانتقال على أسرتك وخسارة شبكة معارفك الحالية من جهة أخرى؟

ما الذي يقوله الخبراء؟

إنّ البت فيما إذا كان يتعين على الشخص الانتقال إلى مكان آخر للحصول على منصب جديد أم لا، هو قرار مصيري من الناحيتين المهنية والشخصية على حد سواء. تقول جينيفر بتريليري، الأستاذة المساعدة في “المعهد الأوروبي لإدارة الأعمال (إنسياد)” ومؤلفة مقالة “إدارة المواهب والأزواج والزوجات العاملون معاً” (Talent Management and the Two Career Couple): “هنالك عدد كبير من العوامل التي يجب أخذها بالحسبان. فما هي خصائص الفرصة المتاحة؟ وما هي مدة الحصول على المنصب الجديد؟”. وفي الواقع يزداد تعقيد المسألة إذا كنت متزوجاً وكان لك أولاد، حسبما يرى ماثيو بيدويل، الأستاذ المساعد في كلية وارتون، الذي تركز أبحاثه على أنماط العمل والتوظيف، فيقول: “ليس الأمر مقتصراً على ما يعنيه الانتقال بالنسبة لمسارك المهني، بل يتعداه إلى ما يعنيه بالنسبة لأسرتك. وفيما قد يشكل انتقالك للحصول على منصب جديد في مكان آخر فرصة عظيمة بالنسبة لتطورك الشخصي والمهني، فإنه ينطوي على مخاطر كبيرة ويمثل قفزة في المجهول”. فيما يلي بعض الأفكار التي من شأنها أن تساعدك في تقييم ما إذا كان الانتقال يصب في صالحك أم لا.   

فكر بشمولية

عندما تتصارع مع مسألة كبرى وقرار مهم، “فإنك تجد نفسك ميالاً إلى إعداد جدول بالإيجابيات والسلبيات في برنامج إكسل بهدف موازنتها مع بعضها البعض”، حسبما تقول بتريلييري. لكن برنامج إكسل لن يكون كافياً في هذه الحال، وحسبما ترى بتريلييري فإنك “عندما تفضل أحد خياري حياتك على الخيار الآخر، يغدو ذلك قراراً حاسماً يحدد هويتك: أي شخص أريد أن أكون؟ وما هو شكل أسرتنا المستقبلي؟”، ولا يتعدى المنصب الجديد كونه إحدى قطع الأحجية التركيبية. وما عليك فعله هو النظر إلى سعادتك ورضاك بشكل شمولي متكامل. فكر في نمط الحياة الذي سيوفره أو يحرمك منه المكان الجديد. هل يناسبك العيش في بلدة صغيرة؟ أم أنك تفضل حياة المدن الكبرى؟ وهل أنت مستعد لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في طريقك إلى أسرتك؟ أم أنك ترغب في أن تشعر بأنك متجذر في مجتمعك؟ وتتابع بتريلييري: “من شأن الإجابات عن مثل هذه الأسئلة أن يساعدك فيما قد يعنيه الانتقال بالنسبة لك ولزوجتك ولأولادك. وعندما يكون القرار صعباً، يعني ذلك أنّ أياً من الخيارين لا يحظى بأفضلية واضحة على الخيار الآخر”. يقترح بيدويل: “حاول أن تفكر أبعد من الخطوة الراهنة. واسأل: ما هو الخيار الأفضل بالنسبة لنا على المدى الطويل؟”.

ناقش مطولاً موضوع تغيير مكان سكنك مع شريك حياتك

إنّ أهم شخص في هذه المسألة هو زوجك، حسبما يقول بيدويل، مضيفاً: “الجانب الأهم في الموضوع هو ما يعنيه تغيير مكان السكن بالنسبة لمسيرة زوجتك المهنية. هل ستكون قادرة على إيجاد عمل مناسب في المكان الجديد؟”. وكما يؤكد بيدويل: “هنالك الكثير من الأبحاث التي تظهر أنّ الناس يعانون كثيراً عندما تُجمد مسيرتهم المهنية. وإذا كانت زوجتك غير راغبة في الحصول على وظيفة جديدة في مكان السكن الجديد، تبرز قضايا أخرى جديرة بالاهتمام بالنسبة لزوجتك وأولادك، إذ إنّ تغيير مكان السكن يعني بالنسبة لهم حرمانهم من شبكة علاقاتهم الداعمة لهم في تدبير شؤونهم”. ويشير بيدويل إلى نوع محدد من أنواع التعاسة يطلق عليه اسم “متلازمة الزوج التابع“، ويضيف: “لقد حصلت أنت على منصب جديد ومكتب جديد وستقابل أشخاصاً جدد من مشارب شتى؛ في حين تجد زوجتك نفسها وسط الفراغ وتشعر بالغربة لأنها لا تعرف أحداً”. وتشير بتريلييري إلى أنّ “الزوج التابع غالباً ما يتحمل الجزء الأكبر من الأعباء الناجمة عن تغيير المسكن. فالانتقال يضعك في وضع صعب للغاية ويدفعك للتخندق طيلة الأشهر الستة التي تليه” وسيتعين عليك دفع ثمناً باهظاً من الضغوط والإرهاق. وتضيف بتريلييري: “دائماً ما تشير الأبحاث التي أجريت حول الأسباب الرئيسة لفشل عملية الانتقال، إلى أنّ أولى تلك الأسباب هو التعاسة التي يشعر بها الزوج التابع”.

تحدث قليلاً مع أولادك حول الموضوع

تقول بتريلييري: “من الممكن الانتقال مع الأطفال في أي وقت، ولكن هنالك أعماراً محددة يكون فيها الانتقال أصعب من سواها”. فالكثيرون على سبيل المثال لا يرغبون في تغيير مكان سكنهم عندما يكون أولادهم في سن المراهقة تحديداً؛ ويرون أنه عندما يكون الأطفال في سن الثامنة فما دون يكون خطر اجتثاثهم من جذورهم أصغر بكثير مما هو عليه عندما يكونون في سن أكبر. لكن بتريلييري تحذر: “مع أنه يتوجب عليك التحدث إلى أطفالك حول الانتقال المحتمل، إلا أنّ المبالغة في التحدث حول الموضوع قد يسبب لهم الخوف والقلق من دون داع”. وتضيف: “يجد الأطفال صعوبة كبيرة في تخيل حياتهم المستقبلية في المكان الجديد. الأمر الذي يدفعهم إلى رفض الانتقال، ما يفاقم صعوبة الأمور”. أما بيدويل فيرى أنّ “الأطفال قد يتذمرون، لكنهم سيتأقلمون مع الظروف الجديدة. ركز انتباهك على مزايا الانتقال الذي قد يشكل تجربة ثرية ومحفزة “.

خذ بالحسبان تطورك المهني

يقول بيدويل: “إنّ الانتقال للحصول على منصب جديد في مدينة جديدة يمثل طريقة مضمونة لمساعدتك على إثراء مهاراتك وخبراتك. ستتعرف على أناس جدد يعملون في الفروع الأخرى للشركة، وعلى أفكار جديدة وستتمكن من توسيع شبكة معارفك. وفي حال كان منصبك الجديد فيما وراء البحار فإنك ستحظى بفرصة “التعرف على ثقافة جديدة”. وبالفعل تضع شركات كثيرة شرط “امتلاك خبرة عالمية” أمام من ترشحه لمناصبها العليا”. لكن من الضروري أن تعي أنّ أي فرصة للحصول على منصب جديد في مكان آخر تحتم عليك “تقديم التنازلات من أجل الفوز بالمزايا على المديين القصير والطويل”. وعلى سبيل المثال فإنّ “الثقافة الجديدة التي تتعرف عليها، تأتي على حساب خسارة شبكة معارفك في مكان سكنك القديم”. ولمنع ذلك من الحدوث يتعين عليك، حسبما يقول بيدويل، “الإبقاء على تواصلك المستمر مع شبكة معارفك القديمة وإجراء المحادثات مع جميع الأشخاص المهمين بانتظام”.

استكشف الفرص التالية

يتعين عليك أيضاً أن تفكر بالفرص المستقبلية التي يتيحها سياق حصولك على المنصب الجديد بالنسبة لمسارك المهني على المدى الطويل. تقول بتريلييري: “إنّ غالبية الشركات لا تعرض عليك الانتقال إلى مكان آخر إلا إذا كانت تخطط لمنحك منصباً كبيراً جداً في المستقبل”. لذلك يتعين عليك أن تطرح السؤال التالي: “ما هي الخطوة التالية لهذه الخطوة؟” فلو افترضنا على سبيل المثال أنك موظف أميركي وعُرض عليك الذهاب في مهمة إلى لندن أو باريس لمدة ثلاث سنوات، فإنّ من المتوقع أن تعود بعد انتهاء المهمة إلى الولايات المتحدة للحصول على منصب قيادي. ولكن لو افترضنا أنّ العرض هو أن تكون على رأس قسم العمليات في دينفر أو كليفلاند (مدن في الولايات المتحدة الأميركية)، فتكون الحسابات حينئذ أعقد وأصعب. لكن بيدويل يقول: “مع أنه من المهم التفكير في الخطوة التالية، إلا أنّ توقعاتك يجب أن تكون منطقية. وهنالك بعض الصعوبة والتعقيد في هذا الأمر؛ فمن ناحية ترغب في التحدث مع رؤسائك حول الخطوة التالية، لكنهم من ناحية أخرى لا يستطيعون إعطاءك جواباً واضحاً وحاسماً. وفضلاً عن ذلك فإنّ “المسارات المهنية لمعظمنا محفوفة بالمخاطر في جميع الأوقات والظروف”.

استكشف ما إذا كان هنالك مخرج للنجاة

لنفترض أسوأ السيناريوهات، ألا وهو أنّ المنصب الجديد وضعك وأسرتك في حالة مزرية. ماذا يحدث حينئذ؟ تقول بتريلييري: “لا بدّ لك من التفكير بمخرج للنجاة إذا لم يعجبك المنصب أو إذا لم تستطع أسرتك التأقلم مع الوضع الجديد“. يرتبط الأمر بالموقع الجديد بحد ذاته؛ فعندما يتم نقلك إلى مدينة كبيرة ولا ينجح الأمر، هنالك في الغالب فرص أخرى متاحة أمامك؛ لكن عندما يتم نقلك إلى مكان معزول أكثر، فإنّ الفرص المتاحة البديلة تكون أقل بكثير. فضلاً عن ذلك ترى بتريلييري “أنّ خصوصيات المنصب الجديد مهمة أيضاً في هذا الصدد. وعليك أن تضمن ألا يضر المنصب الجديد بمسيرتك المهنية وفرصك المستقبلية من خلال “قبولك بمنصب اختصاصي محدود”. وحسبما يرى بيدويل فإنّ “البقاء في نفس المنصب والمكان لفترة طويلة جداً والتأقلم مع الوضع الجديد بشكل دائم يشكل خطراً آخر”، ويقول: “عندما تبقى في المنصب الجديد لفترة طويلة تصبح متخصصاً بتلك المنطقة”. لذلك ينصح بالتحدث إلى زوجتك مسبقاً حول المدة التي ستقضيها في المنصب الجديد والاتفاق على خطة خروج متى لزم الأمر”.

التمس النصح والمشورة

كثيراً ما يكون من المفيد التماس النصح والمشورة من الآخرين – ولكن مع ضرورة توخي الحذر والحيطة. تقول بتريلييري: “تحدث مع الأشخاص الذين ليس لهم صلة مباشرة بالموضوع”. فرئيسك على سبيل المثال سيحاول إقناعك بالاستفادة من العرض المطروح عليك، إذ إنّ العرض لا بدّ أن يكون مفيداً للشركة في المقام الأول ولذلك تم طرحه عليك. كما أنّ لأفراد الأسرة والأصدقاء مصلحة مباشرة في دفعك لاتخاذ قرار محدد ولذلك لن تكون نصائحهم موضوعية، بل على العكس من ذلك قد تكون النقاشات معهم مشحونة ومتوترة. وتضيف: “إنّ الحل المثالي هو التحدث إلى زملاء موثوقين لهم ظروف عائلية مشابهة لظروفك ويتشاركون معك بنفس التطلعات المهنية”. فأولئك الأشخاص قد يشكلون مصدراً جيداً للنصائح والآراء الموضوعية وأداة فعالة لتقييم الخيارات المطروحة أمامك. ويوافق بيدويل على ذلك ويقترح التماس النصح والمشورة من زملاء قاموا بمهمة مشابهة للمهمة المطروحة عليك ومن آخرين يعملون في نفس قطاع عملك؛ ويقول: “أنت بحاجة لوجهات نظر موضوعية وغير منحازة حول ما يتعين عليك توقعه”.  

اطلب فترة تجريبية

إذا كنت غير واثق من قرارك، قد يكون من المفيد أن تطلب من إدارتك أن تكلفك بمهمة تجريبية إلى نفس المكان المقترح أو أن تجري عملية تبادل الوظائف مع شخص آخر في ذلك المكان لفترة محددة قبل قبول العرض بشكل نهائي، حسبما تقول بتريلييري وتضيف: “فعمليات نقل الموظفين مكلفة جداً، وتلك الفاشلة منها أكثر تكلفة بكثير”. لذلك نجد الشركات عموماً راغبة على نحو متزايد في السماح لموظفيها بإجراء عمليات الندب والنقل المؤقت والتبادل الوظيفي، وذلك لضمان فرص أكبر لإنجاح عمليات النقل المخطط لها على المدى الطويل. وبالمختصر فإنّ شركتك ستمنحك فرصة “التجريب قبل اتخاذ القرار”. وحتى عندما لا تعرض إدارتك هذه الفرصة من جانبها، بإمكانك دائماً أن تسأل وتستفسر، حسبما يقول بيدويل.

لا تبالغ في التحليل

سواء أكانت مسألة الانتقال قراراً مصيرياً أم لا، احذر من خطر المبالغة في تحليل الأمر والتفكير به بحيث تغدو غير قادر على اتخاذ القرار أو بحيث تتخذ القرار تلقائياً أو اعتباطياً. حاول أن تنظر إلى الموضوع من منظور واقعي. تقول بتريلييري: “مع تقدمك بالسن، تشعر أنّ غالبية خياراتك محفوفة بالمخاطر والغموض. غير أنّ مسارك المهني طويل، وبمقدورنا جميعاً الخوض في بعض التجارب المحفوفة بالمخاطر كما إننا نمتلك ما يكفي من الوقت للتجريب والاستكشاف”. ولكن لا تنطلق من أنّ هذه هي فرصتك الوحيدة لاختبار خيار جديد. وتذكر أنّ لا شيء يدوم إلى الأبد. وحسبما يقول بيدويل، “إذا لم يعجبك الأمر يمكنك دائماً تصحيح المسار”، ويضيف: “عليك أن تخوض غمار المخاطرة في مسارك المهني. وأحياناً يمكن ألا تنجح في مسعاك، وحينئذ بمقدورك التفكير فيما يمكنك فعله تالياً”.

بعض المبادئ التي يجب تذكرها

ما يتعين عليك فعله:

  • انظر إلى الموضوع بوصفه قراراً حاسماً يحدد هويتك. واسأل نفسك: “أي شخص أريد أن أكون؟ وما هو شكل أسرتنا المستقبلي؟”.
  • اجعل من سعادة زوجتك أولوية بالنسبة لك.
  • اقترح تكليفك بمهمة مؤقتة أو إشراكك بعملية تبادل وظيفي لاستكشاف وتجريب المكان الجديد.

ما يتعين عليك تجنبه:

  • لا تركز اهتمامك بالنتائج المباشرة للانتقال؛ بل فكر في تأثير ذلك عليك وعلى زوجتك وأولادك على المدى الطويل.
  • لا تتخذ قرارك لوحدك؛ بل التمس النصح والمشورة من أنداد موثوقين.
  • لا تبالغ في التفكير بالموضوع. إذا قررت قبول العرض ولم يعجبك الوضع الجديد، يمكنك العودة إلى وضعك السابق؛ وإذا قررت رفض العرض، كن على ثقة بأنك ستحصل على فرصة أخرى في المستقبل.

دراسة حالة رقم 1: فكر بالمرحلة التالية من مسارك المهني

أمضت “آن تشو” أول 15 سنة من مسيرتها المهنية في شركة “أيه تي آند تي” متسلقة السلم الوظيفي درجة تلو الأخرى في المقر الرئيسي للشركة في نيوجرسي. وتقول آن: “كان من السهل جداً التنقل في أرجاء الشركة من دون الحاجة إلى تبديل مكان سكن الأسرة”.

وفي العام 2005 بعد شراء “أيه تي آند تي” من قبل مصرف إس بي سي، عرض على آن الانتقال إلى تكساس مقر الشركة الجديدة. وفي ذلك الوقت كان أطفال آن صغاراً في السن ولذلك لم تكن ترغب في الانتقال بعيداً عن أهلها. كما كانت مترددة حول تكساس بحد ذاتها، إذ تقول: “أنا بنت نيوجرسي والشاطئ الشرقي ومتجذرة عميقاً في هذه المنطقة”.

رفضت الانتقال. لكن بحلول العام 2014 تغير منظورها، فمسارها المهني بحال جيد وأولادها قد كبروا – وباتوا في المدرسة الإعدادية والثانوية – وزوجها قد تقاعد. وتقول آن: “فكرت فيما كنت أرغب في القيام به لاحقاً وما هو شكل المرحلة التالية في مسيرتي المهنية”.

فكرَت بروية وقيمت الفرص المتاحة أمامها خارجياً ولكن بما أنها قد أمضت 24 سنة في شركة “أيه تي آند تي”، أرادت أن تضاعف رهانها على التزامها بشركتها”. ولذلك طرحت موضوع الانتقال مع أسرتها مجدداً. وتقول آن: “لقد دعمني زوجي ووافق أولادي على الانتقال، وهكذا أخبرت إدارتي باستعدادي للانتقال إلى تكساس”.

وبعد وقت قصير، عرض عليها الرئيس التنفيذي للشركة الحصول على منصب جديد في قيادة عمليات وحلول المبيعات. وعندما حان وقت الانتقال، “غير الأولاد رأيهم، وأخبرونا أنّ علينا الانتقال من دونهم” حسبما تقول آن.

لقد أجرت مع أسرتها حوارات طويلة، وكما تقول: “تحدثنا عن شكل أسرتنا المستقبلي الذي نرغب ببلوغه”، وتضيف: “كان لزوجي الصوت المرجح. لقد كنت قلقة عليه من ناحية أصدقائه وشبكة معارفه، حيث إنّ حياته هي التي سيصيبها التغيير الأكبر؛ ومن الأسهل على الأولاد أن يتأقلموا”.

وبعد مضي ثلاث سنوات في دالاس، تبوأت آن ثلاثة مناصب مختلفة، وباتت اليوم رئيسة أعمال الشركة داخل الولايات المتحدة.

وعلى الرغم من نجاح آن المهني، فإنها تقر بأنّ السنوات الأولى لأسرتها في دالاس كانت صعبة على زوجها وأولادها، وتقول: “لقد جعلتنا تلك المصاعب أسرة قوية، لكنني لست واثقة من أننا سنشعر يوماً بأن دالاس موطننا”.

دراسة حالة رقم 2: التمس النصح والمشورة من الآخرين

لم يكن قد مضى على أوليفر كوكي سنوات قليلة في منصبه بمدينة لندن في شركة “سيلبي جينينغز” (Selby Jennings) للتوظيف المالي، حينما طلب منه الانتقال إلى نيويورك.

يقول أوليفر: “كان مديري ينوي الانتقال إلى هناك ليدير أعمال الشركة في الولايات المتحدة، وقد طلب من العديد من أفراد فريقه أن يرافقوه إلى هناك. لقد كنت شغوفاً بالسفر وكنت أحلم دائماً بالعيش والعمل في الخارج”.

ومع ذلك كان الانتقال يمثل قراراً صعباً بالنسبة لأوليفر اللندني الأصيل. ولم يكن قد اختبر العيش في نيويورك سوى لأيام معدودة في حياته. ومع أنه كان في منتصف العشرينات حينئذ ولم يكن يومها متزوجاً، إلا أنّ الانتقال كان يعني بالنسبة له مغادرة الأسرة والأصدقاء.

طلب أوليفر نصيحة الآخرين حول مع يتعين عليه فعله. فتحدث إلى أصدقائه وزملائه الذين نفذوا مهمات مشابهة في الجانب الآخر من المحيط. ويقول: “لقد قمت بواجبي. أردت أن أكون فكرة وافية حول شكل هذا النوع من الانتقال وما هي الفرص المتاحة هناك”.

يقول أوليفر إنه لم يفكر بالضرورة حول الوجهة النهائية التي سيقوده إليها المنصب المقترح، لكنه كان على ثقة بأنّ الفرصة المتاحة كانت فرصة جيدة. ويضيف: “لقد كان الانتقال يمثل بالنسبة لي فرصة لمزاولة ريادة الأعمال وتأسيس أعمال جديدة”.

وكان يعلم أنّ بوسعه ترك المنصب إذا لم يواتيه، ويقول: “لقد كنت على قناعة بأن بمقدوري، في أسوأ الأحوال، أن أعود إلى لندن وأحصل على منصب هناك”.

وفي نهاية المطاف قرر قبول العرض، ويقول: “قررت أن أذهب إلى نيويورك لمدة سنة أو اثنتين وأعمل بجد وأرى كيف تسير الأمور. وفكرت في أن أقرر ما أفعله سنة بسنة”.

واليوم بعد مضي حوالي 6 سنوات، أصبح أوليفر مديراً تنفيذياً ورئيساً لأعمال الشركة في أميركا الشمالية. ويقول إنه قد تجذر هنا ولا يخطط للعودة إلى المملكة المتحدة على الإطلاق، ويرى أنّ الانتقال إلى نيويورك كان “أفضل قرار” اتخذه في حياته كلها.

ويقول أوليفر: “يتمثل عملي في بناء العلاقات والتشبيك مع الآخرين. وإني لأرى نفسي كشخص شق طريقه بنفسه وأوجد لنفسه مكاناً خاصاً في هذا الجزء من العالم. واليوم سيكون من الصعب عليّ العودة إلى لندن. لقد طاب لي العيش هنا في نيويورك”.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .