دراسة حالة: متى يجب عليك التخلي عن عميل لا يدر لك الربح؟

12 دقيقة
التخلي عن عميل
shutterstock.com/ Ketmut
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

تعرض دراسات الحالة التي تصوغها هارفارد بزنس ريفيو على هيئة قصص مشكلات يواجهها القادة في شركات حقيقية وتقدم لها حلولاً من الخبراء. وهذه القصة مبنية على دراسة حالة حول متى يجب عليك التخلي عن عميل، أجرتها كلية هارفارد للأعمال بعنوان “قسم منتجات إلكاي للسباكة” (Elkay Plumbing Products Division) تأليف روبرت كابلان.

بينما كان تومي بامفورد وجين أولدنبورغ يدخلان بسيارتهما إلى قسم الزوار من موقف سيارات شركة “ويستميد بيلدرز” (Westmid Builders)، أشارت جين إلى الرجل الذي أتيا لرؤيته؛ ستيف هوتون، مدير المشتريات في شركة “ويستميد”. وقف ستيف أمام مبنى المقر ملوحاً بيده، فردت جين التحية بيدها لزميلها الذي تعرفه منذ عقود، لكن تومي بقي عابساً، لم يكن يتطلع إلى هذه الزيارة. قالت جين وهي تنكزه بيدها: “أرجوك، انظر كم هو ودود”.

تومي هو مدير إدارة وجين هي مديرة المبيعات الإقليمية في منطقة ميدلاندز البريطانية لدى شركة “إيغان آند سونز” (Egan & Sons) لتوريد الأبواب والسلالم لشركة “ويستميد” منذ 63 عاماً. كان على المدراء التنفيذيين التوقف قليلاً قبل عبور الطريق المفروش بالحصى الذي يمر عبر أراضي شركة “ويستميد” بسبب استمرار مرور الشاحنات التي تتنقل بين مقر الشركة ومواقع البناء حول مدينة برمنغهام وعلى طول الطريق إلى مدينة لندن. كان تومي يدرك أنه على الرغم من ازدحام الحركة صباح ذلك اليوم فإن شركة “ويستميد” تعاني من أضرار الانكماش الاقتصادي في المملكة المتحدة، فالشركة تبني في هذا العام نصف عدد الوحدات السكنية التي بنتها في فترات الازدهار الأخيرة. مع التراجع الحاد لم تعد شركة “ويستميد” أكبر عملاء شركة “إيغان”، لكنها لا تزال تتمتع بنفوذ كبير، بل نفوذ كبير جداً.

قال ستيف: “يسعدني حضور هذا الوفد الموقر، هلا بدأنا بجولة؟” وافقت جين بسرور، لقد زارت هذه الشركة عدة مرات بالطبع لكن تومي لم يزرها كثيراً. أخذ ستيف يدردش معهما بينما كان يجول بهما في سيارة كهربائية صغيرة بين المستودعات والمباني الملحقة.

وعدت جين تومي بأن زيارتهما لشركة “ويستميد” ستغير رأيه حول الشركة، لكنه لم يستطع التخلص مما توصل إليه مؤخراً فيما يتعلق بحجم الأموال التي تخسرها شركة “إيغان” بتعاملها مع شركة “ويستميد”، فقد كانت نسبة الربح التشغيلي الناتج عن المبيعات تساوي ناقص 28%. كانت العلاقة بين الشركتين سلسة على مدى عقود من الزمن، لكن تومي لديه قناعة راسخة بأن الوقت قد حان لإنهائها.

استمر ستيف بالنظر إلى تومي في أثناء الجولة. قال له: “تبدو شاحباً، أرجو ألا تتسبب لك قيادتي بالغثيان”.

فقال تومي: “لا بأس، فأنا أتمتع بمعدة قوية”.

قوة عملية حساب تكاليف العميل

لم تكن شركة “إيغان آند سونز” التي أسست في مدينة برمنغهام في عام 1908 كسولة يوماً، فمع مصانعها الثلاثة الفعالة التي تضمّ 3,000 موظف، أعادت الشركة ابتكار نفسها لتصبح مصنعاً مبتكراً للسلالم المصنوعة من الفولاذ المعياري والأبواب المصنوعة من الألياف الزجاجية. لكن نظام المحاسبة فيها بقي بسيطاً وتقليدياً. لم تظهر مواطن ضعفها إلا في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة عندما بدأت الشركات الصينية بتقديم أسعار أدنى من الأسعار الدنيا التي تقدمها الشركة، ما أدى إلى تقويض أرباحها بشدة.

وبعد أن أجرى تومي دراسة دقيقة اكتشف أن نظام حساب التكاليف في الشركة أخفى عنها عملياتها: فقد وزعت النفقات العامة للمصانع على المنتجات كنسبة مئوية من الربح على تكاليف العمالة المباشرة، ووزعت النفقات العامة للشركة كنسبة مئوية من المبيعات. وبالتالي لم تتمكن الشركة من تحديد التكاليف بدقة فيما يتعلق بخدمة العملاء الأفراد أو تصميم جميع السلع الجديدة التي أدخلتها مؤخراً إلى السوق وإنتاجها. امتد الافتقار إلى إمكانية التتبع والشفافية إلى تكاليف المعدات المتخصصة التي تستخدم لمنتجات محددة أو عملاء معينين فقط.

أراد تومي، وهو قارئ نهم للمؤلفات المتعلقة بالأعمال، أن تتبنى شركة “إيغان” نهجاً قائماً على حساب التكاليف بناء على النشاط (ABC). وجنّد العديد من المدراء الماليين الأصغر عمراً، وأثبت حجته للمدير التنفيذي، ويلفريد هاموند الذي وافق على تعيين مستشار يتمتع بخبرة واسعة في حساب التكاليف بناء على النشاط. عمل تومي مع المستشار على تجميع فريق بدأ بتحديد التكاليف المرتبطة بجميع مراحل كل طلب من طلبات العملاء؛ وتقديم العطاءات وشراء المواد الخام والإنتاج والتسليم وإصدار الفواتير وتحصيلها.

كان على الفريق معالجة كمية كبيرة من بيانات 6,000 وحدة حفظ المخزون و2,500 عميل، لكن العملية الأساسية لحساب التكاليف بناء على النشاط كانت مباشرة: احسب التكلفة الساعية (للقدرة الإنتاجية) للموارد التي استخدمت في تنفيذ كل عملية بيع وإنتاج وإدارة ومخزون وتوزيع، والوقت الذي يستغرقه تنفيذ كل طلب في كل مرحلة. قبل مضي وقت طويل استطاع الفريق تحديد تكلفة كل عملية يتم إجراؤها لكل عميل وتتبع الخصم على الإيرادات وصولاً إلى العملاء الفرديين متمثلة بالتخفيضات والمساعدات والعروض الترويجية والإيرادات. كان هذا الخصم الذي بلغ 12% من المبيعات ينضوي سابقاً في بند من سطر واحد في بيان الربح والخسارة لكل عميل.

لقد استمرت بالعمل معنا في حين تحول الكثير من العملاء الآخرين إلى الصين. لا يمكننا إنهاء علاقاتنا بها ببساطة“.

في مرحلة ما استجوب هاموند تومي بقسوة حول سبب استغراق المشروع وقتاً طويلاً وتكلفته الكبيرة، فكان جواب تومي هو أن الوقت والعناية كانا حاسمين في إنتاج أرقام صحيحة مثبتة يمكن الاعتماد عليها لبدء مناقشات صريحة مع العملاء الذين لا يدرّون أرباحاً كبيرة. كان تومي يأمل أيضاً أن يحدد العملاء الذين يدرّون أكبر الأرباح لشركة “إيغان” كي يتمكن مدراء المبيعات من توسيع العلاقات معهم وتعميقها.

فن الترشيد وعلومه

استغرق ظهور النتائج الأولية لمشروع حساب التكاليف بناء على النشاط 4 أشهر، وكانت صادمة؛ فنسبة 1% فقط من وحدات حفظ مخزون شركة “إيغان” كانت مسؤولة عن توليد 100% من أرباحها التشغيلية. ولّدت نسبة 20% من وحدات العمل ذات الربحية الأعلى أكثر من ضعف هذه الأرباح ولكن منتجات الشركة غير المربحة ألغت المكاسب الإضافية وأدت إلى خسائر تعادل 120% من الأرباح. وكانت قصة العملاء مماثلة؛ فقد ولّدت نسبة 1% من الحسابات ذات الربحية الأعلى 100% من الأرباح، وحققت أفضل الحسابات التي تبلغ نسبتها 10% قرابة ضعف هذه الأرباح تقريباً؛ أما نسبة 90% المتبقية من العملاء فقد خرجت بلا ربح أو خسارة أو شكلت عبئاً مالياً على صافي المبيعات.

لذلك شكّل هاموند فريقاً إدارياً للتصرف حيال العدد الكبير من المنتجات والعملاء الذين لا يحققون الأرباح. في “اجتماع ترشيد وحدات حفظ المخزون”، صنف الفريق وحدات حفظ المخزون التي تخسر الأموال إلى أربع فئات من الإجراءات؛ الإنهاء أو إعادة التسعير أو إعادة التصميم أو عدم اتخاذ أي إجراء (للمنتجات التي طلبها عملاء مهمون أو كانت غير مربحة بسبب قصور في العملية الداخلية فقط). سرعان ما توصلت الشركة إلى خطة إنهاء أو تعديل لقرابة نصف وحدات حفظ المخزون البالغ عددها 6,000 وحدة.

ترأس تومي لاحقاً “اجتماع ترشيد العملاء” الذي كان يأمل أن يسفر عن إجماع مماثل على ضرورة أن تقطع شركة “إيغان” علاقاتها مع عملائها الذين يتسببون لها بالخسارة، لاسيما نسبة 1% التي تحقق أقلّ الأرباح ومنها “ويستميد” التي كلفت خسائرها المتراكمة شركة إيغان” نسبة 40% من أرباحها.

كان هاموند مسافراً ولم يتمكن من حضور الاجتماع، لذلك تحدثت جين نيابة عن الفريق: “العملاء ليسوا مثل وحدات حفظ المخزون، بل هم علاقات، بعضهم جديد يكسبنا مزايا كبيرة، فهل نرغب بإنهاء علاقاتنا معهم حقاً؟ وبالنسبة لشركة “ويستميد”، فقد كان التعامل معها صعباً في الأعوام القليلة الماضية بالتأكيد لكن الأمور بدأت تتحسن. وانظروا إلى تاريخنا معها؛ إنه يمتد على مدى 63 عاماً! لقد ولّدت لنا أرباحاً كبيرة جداً في أوقاتها الجيدة، واستمرت بالعمل معنا في حين انتقل الكثير من عملائنا الآخرين إلى الشركات الصينية. لا يمكننا قطع علاقاتنا معها ببساطة بناء على تقرير حساب التكاليف”.

حاول تومي إثبات حجته، ولكن في مواجهة موقف جين الحماسي لم تستطع اللجنة الاتفاق على ما يجب فعله حيال العملاء غير المربحين.

وفي نفس اليوم لاحقاً، حضرت جين إلى مكتب تومي، وقالت: “أنا جادة بشأن شركة ’ويستميد‘، فمقرها يقع هنا في برمنغهام، وأمرّ بساحتها في طريقي إلى العمل، ولطالما كانت شريكة رائعة لنا، التخلي عنها مستحيل”.

كان لجين دور أساسي في إنشاء هذه الشراكة بتشجيعها على تلبية طلبات شركة “ويستميد” للمنتجات والخدمات المخصصة والمساعدات الخاصة والتخفيضات. وكانت مبيعات شركة “إيغان” لشركة “ويستميد” هي الأكبر، وكانت عمولة جين الشهرية منها هي الأكبر، ناهيك بالعلاوات الإضافية السنوية ورحلات المكافآت لمندوبي المبيعات الذين يتعاملون مع أكبر الحسابات.

أجاب تومي: “يجب ألا يكون هدفنا بيع أكبر عدد ممكن من المنتجات لأي شخص يرغب في الشراء، بل كسب جميع الأسواق التي نختارها. وأنا أيضاً أكِنّ مودة خاصة لشركة ويستميد، لكن أداء هذا الحساب ضعيف”.

وأخبر جين أنه أرسل رسالة إلكترونية إلى هاموند بشأن فشل اللجنة في التوصل إلى إجماع وأن الرئيس التنفيذي طلب صراحة توصية هاموند فيما يتعلق بالعملاء الأسوأ أداءً مثل شركة “ويستميد”. قال تومي: “يجب أن أحصل على جوابه عندما يعود الأسبوع القادم”.

فقالت جين: “تعال معي إلى اجتماعي في ’ويستميد‘ إذاً. لا يمكنك تحليل كل الأمور وأنت جالس إلى المكتب، فالفحص النافي للجهالة يجري في الميدان أيضاً”.

وافق تومي على مضض.

الأمور غير الملموسة

قال تومي: “لا ضرورة لاحتساء الشاي” ملوحاً بيده لإبعاد الصينية. لم يعجبه سلوك ستيف الودود للغاية، ولم يحن الوقت بعد ليعرف العملاء بشأن مبادرة الترشيد.

جلس ستيف وهو يرسم على وجهه نظرة صادقة، وقال: “نحن بكل صدق نثمن علاقتنا مع إيغان عالياً”.

فقال تومي: “أعلم ذلك”. في الحقيقة، كان يشعر بالأسف تجاه ستيف، فلم يكن ذنبه أن شركة “إيغان” طورت عادة سيئة تتمثل في تقديم عروض لمرة واحدة وأعمال مخصصة لشركة “ويستميد” بسعر يساوي جزءاً بسيطاً من التكلفة الحقيقية، والاستعجال بتسليم المنتجات في شاحنات نصف فارغة حرصاً على تلبية مواعيد شركة “ويستميد” النهائية.

دخلت جين إلى النقاش وقالت: “ونحن نثمن علاقتنا مع ويستميد عالياً أيضاً”. بادرها تومي بنظرة سريعة لكنها تابعت بقولها:

“ستيف، أخبر تومي عن مشروع ساندرلاند”.

قال ستيف: “أجل، هذا صحيح” وكأنه يحاول تذكر ما يجب أن يقوله من نص مكتوب. قال: “نحن في وسط مفاوضات لبناء مشروع منازل متصلة بالقرب من الطريق السريع (أيه 19)”.

قالت جين بسرعة: “وماذا عن مؤتمر القطاع الذي عقد الشهر الماضي؟”.

قال ستيف: “أجل، المؤتمر، كان في لندن. حسن، يكثر الحديث عن شركات التوريد الصينية هناك، وهي مجموعة مثيرة للإعجاب حقيقة وتثير ضجة كبيرة، لكن رئيسنا التنفيذي ألقى الخطاب الرئيس وركز فيه على فوائد علاقاتنا مع الموردين المحليين. فهو شغوف بدعم الشركات في المملكة المتحدة، وقد ضجت الصحافة بذلك”.

قالت جين: “غالباً ما نغفل عن الأمور غير الملموسة التي يقدمها لنا عملاؤنا المخلصون. ولدينا صالات العرض أيضاً”. ورفعت كتيباً لامعاً عن مكتب ستيف وناولته لتومي، فأخذ يقلبه ويلقي نطرة سريعة على صور سلسلة صالات العرض الجديدة لمواد الديكور الداخلي التي أنشأتها شركة “ويستميد” في مواقع راقية في جميع أنحاء لندن. فأشارت جين إلى إحدى الصور وقالت: “هذه أبوابنا“.

تابعت: “هذا جزء صغير من أعمال شركة ويستميد الحالية، ولا بد أنه سينمو ما أن ينتعش الاقتصاد. ويجب أن تكون منتجاتنا حاضرة في صالات العرض هذه. أليس كذلك؟” هذه المرة امتنع ستيف عن الكلام لأن السؤال كان موجهاً بوضوح إلى تومي.

كان الصوت الوحيد في مكتب تومي هو صوت تقليب الصفحات. أظهر الكتيب صوراً كثيرة لأبواب شركة “إيغان”، وهي منتجات جميلة وراقية وعازلة للحرارة مع نوافذ علوية وميزات أخرى باهظة الثمن. نظر تومي إلى جين وقد فهم ما تقصده جيداً؛ فصالات عرض شركة “ويستميد” تمثل فعلاً أحد الأصول بالنسبة لشركة “إيغان” ولم يفكر فيه تومي من قبل.

ملاحظة المحرر: تم تعديل دراسة الحالة الخيالية هذه لإزالة اللغة المتحيزة ضد النوع الاجتماعي.

[su_expand more_text=”المزيد” less_text=”الأقل” height=”50″ link_color=”#66abe8″ link_style=”button” link_align=”right”]

نصائح من مجتمع منصة هارفارد بزنس ريفيو

كيف ستتصرف أنت؟

ليس من صالح شركة “إيغان آند سونز” الاستمرار بالعمل مع “ويستميد”، ففي ظل ظروف التنافس الشديد هذه يكون الربح أهمّ من الاحتفاظ بالعميل أو زيادة حصة شركة”إيغان” في السوق، علماً أنها كبيرة بالفعل.
زيشان أنصاري مدرّس لمادة دراسات الأعمال في كلية ساوثشور لدراسات المستوى المتقدم في كاراتشي، الباكستان

يمكن أن يؤدي قطع العلاقة مع العميل إلى زيادة تكلفة المورد لكل من تبقى من العملاء والإضرار بسمعته لديهم، لذلك يجب على شركة “إيغان” البحث عن حلول إبداعية قبل إنهاء علاقتها مع شركة “ويستميد”. ربما كان بإمكانها خفض التكاليف عن طريق إنشاء عقود فرعية للمنتجات الأقلّ ربحية في محفظتها الاستثمارية.

هاري ناياك (Hari Nayak) شريك مساعد في شركة “إكسبيشنت” (Expicient).

يجب ألا تعتمد تحليلات ربحية العميل على أحدث فترة محاسبية بقدر اعتمادها على قيمة بقاء العميل. كما أن التركيز على ربحية العميل المتراكمة السلبية فقط لا يكفي، فحتى العملاء أصحاب الربحية الكبيرة يشترون كثيراً من وحدات المخزون التي تؤدي إلى الخسارة.

هانز غيرلاك وودبوير (Hans-Gerlach Woudboer).

تحقق جين حالياً أرقاماً قياسية وتتقاضى مكافآت إضافية وتحظى بتقدير الإدارة والزملاء. إذا أرادت شركة “إيغان” استخدام بيانات حساب التكاليف بناء على النشاط في زيادة الربحية فعليها أن تعوض مندوبي المبيعات بما يتماشى مع أهداف أعمالها.

باتريك غيري ديلويزن (Patrick Giry-Deloison) نائب رئيس قسم طرح المنتج في الأسواق وحلول العملاء في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في شركة “ألكاتيل-لوسنت”.

[/su_expand]

هل يجدر بتومي التوصية بأن تقطع شركة “إيغان” تعاملها مع عميلها شركة “ويستميد”؟

تيموثي يانكه هو الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة “إلكاي” للتصنيع، وكان سابقاً رئيس قسم المنتجات المنزلية والعائلية في “نيويل رابرميد” (Newell Rubbermaid).

ليس مستغرباً أن يكون النظام الجديد لحساب التكاليف بناء على النشاط قد أدخل شركة “إيغان آند سونز” في حالة ارتباك. فمعرفة التكلفة الحقيقية لكل عميل وكل وحدة حفظ مخزون قادرة على تحويل الشركة، لكن نادراً ما تفعل الشركات ذلك.

يكاد يكون مؤكداً أن تكون أنظمة حساب التكاليف القياسية خاطئة إذ تحدد تكاليف المنتجات والعملاء على نحو اعتباطي. قد يقول المسؤولون التنفيذيون إنهم يعرفون جيداً مقدار الأموال التي يتم إنفاقها ومكانها، ولكنهم يقولون ذلك فقط لأنهم إذا اعترفوا لأنفسهم بعدم معرفة ذلك حقاً فسيصابون بالجنون. ونتيجة لذلك يستمر معظمهم باتخاذ قرارات سيئة بشأن كلّ شيء، بدءاً من التسعير مروراً بطرح المنتجات الجديدة وصولاً إلى التوقف عن إنتاجها.

ما أن تبدأ باستخدام حساب التكاليف بناء على النشاط ستتمكن من تطبيق بيان الربح والخسارة على أي شيء في شركتك وذلك يشمل أفضل العملاء وأسوأهم. ولكن حتى مع وجود هذه النتائج في متناول اليد فإن الحل ليس بسيطاً كالتملق لأفضل العملاء والتخلي عن أسوئهم. يجب أن يدرك تومي أن لديه مجالاً كبيراً للمناورة بين الحفاظ على العلاقة مع شركة “ويستميد” وقطعها بالكامل، ويجب أن يركز عليه.

أنصح تومي أولاً بأن يجري حواراً مباشراً مع ستيف، مدير المشتريات في شركة “ويستميد”. يجب أن يسأله صراحة: “هل ستقوم بالأعمال التجارية مع عميل صاحب أداء ضعيف في بيان الربح والخسارة؟” سيفهم ستيف رسالة تومي بلا أدنى شك. يفضل معظم العملاء تجنب الاضطراب الناجم عن تغيير المورد، لذلك من المحتمل أن يسأله ستيف: “كيف يمكننا تغيير أدائنا في بيان الربح والخسارة لمنع شركة “إيغان” من إنهاء علاقتها معنا؟”

ابدأ بطلب سعر أعلى من شركة ويستميدلبعض المواد، لكن لا تتوقف هنا.

ما الحلّ بالنسبة لشركة “إيغان”؟ ابدأ بطلب سعر أعلى من شركة “ويستميد” لبعض المواد، لكن لا تتوقف هنا. عندما واجهت شركتي “إلكاي” شركة عميلة تمرّ بنفس الظروف لاحظنا أنها كانت تطلب منتجات نقوم بتصنيعها في مكان بعيد عن مقرها الرئيسي، لذلك ساعدناها في الانتقال إلى شراء منتجات مماثلة نصنعها في أحد معاملنا القريبة منها، وأقنعناها بتغيير مزيج منتجاتها، أي أن تحول تركيزها عن المواد منخفضة التكلفة إلى مواد أكثر جاذبية وذات هامش ربح أعلى وأسعار أغلى، وبالتالي توليد إيرادات أكبر لنا ولها على حد سواء. وكانت النتيجة المذهلة هي أن الشركة العميلة لم تعد ذات ربحية منخفضة بالنسبة لنا.

في هذا الصدد فإن جين مديرة مبيعات شركة “إيغان” محقة؛ فمن المنطقي أن تستمر بالعمل مع أحد العملاء حتى وإن كان ذا ربحية منخفضة حالياً. في شركة “إلكاي” نفعل ذلك حين نحاول الدخول إلى منطقة معينة من البلاد أو إذا كنا نعتقد أننا سنستفيد من دفع العميل لحمل منتجاتنا أو علامتنا التجارية، أو إذا توقعنا تحسناً في وضع العميل في المستقبل. عندما تعلّم عميلك بصبر طريقة تحسين علاقته معك فسيرد لك المعروف على شكل ولاء في المستقبل. هل يمكن القول أحياناً إن وجهة النظر هذه ساذجة؟ ربما، لكن هكذا نختار طرق عملنا.

فنحن نتمتع برفاهية اختيار هذه الأمور لأنها خيارات قائمة على العلم؛ نحن نفهم تماماً بيانات الربح والخسارة لكل واحد من عملائنا وكل وحدة من وحدات حفظ المخزون. يبدو هذا الأمر أساسياً جداً، لكن فهم التكاليف بحق هو إنجاز حقيقي بالنسبة لكثير من الشركات.

جاكلين توماس هي أستاذة مشاركة في كلية كوكس للأعمال بجامعة ساذرن ميثوديست.

يجب أن تكون علاقة العمل مفيدة لجميع أطرافها، فالعميل ذو الربحية الضعيفة يضر بصافي مبيعات المورّد، إلى جانب احتمال توليد آثار متموجة؛ قد يبدأ البائعون الآخرون بالمطالبة بأسعار مخصصة وسياسات توزيع متميزة وخدمات إضافية لهم أيضاً.

أتذكر أول مرة قلت لمجموعة من المسؤولين التنفيذيين إنه ليس من الضروري الحفاظ على العملاء جميعهم، فاعترضوا بقولهم: “نحن بحاجة إليهم جميعهم مهما بلغت ربحية كل منهم لأننا نريد توزيع تكاليفنا الثابتة عليهم”. وتدريجياً، أصبح من المقبول إنهاء العلاقة مع الحسابات التي تولد الخسارة، لكن شركات كثيرة تستمر في المقاومة.

لا تسئ فهمي؛ يجب ألا تقطع العلاقات مع العميل من دون التفكير في الخسارة المحتملة للفوائد الاستراتيجية مثل سمعة العلامة التجارية وبناء الحصص وقيمة الإحالة. وكما نوهت جين، ستتعزز علامة شركة “إيغان” التجارية بدرجة كبيرة بين المصممين المرموقين على وجه الخصوص ما أن تظهر منتجاتها في صالات العرض الجديدة التي أنشأتها شركة “ويستميد”، زد على ذلك أن الاحتفاظ بشركة “ويستميد” سيساعد شركة “إيغان” على حماية حصتها السوقية وصدّ المنافسين الصينيين وغيرهم، كما يمكن أن تدعم الإحالات التي تأتي عن طريق شركة “ويستميد” شركة “إيغان” في الأسواق الجديدة ومع العملاء الجدد بأنواعهم. غالباً ما يغفل الموردون عن هذه العوامل الاستراتيجية ويحصرون تركيزهم في العوامل المالية.

يجب على شركة “إيغان” أيضاً استكشاف الامتيازات الإضافية التي تهمّ شركة “ويستميد” فعلاً. ربما كانت خدمة التوصيل في الوقت المناسب مثلاً أساسية بالنسبة لها في حين تعتبر الخصومات كسب غير مشروع، عندئذ يمكن أن تعمل شركة “إيغان” على زيادة التوصيل في الوقت المناسب والحدّ من الخصومات. كما يمكنها محاولة إيقاف وحدات حفظ المخزون غير المربحة التي تشتريها شركة “ويستميد” وبيع وحدات حفظ مخزون بديلة بشروط مربحة أكثر.

كما يمكن لترتيب التراخيص الحصرية تحسين ربحية الشركة. مثلاً، هل توافق شركة “ويستميد” على التعامل مع شركة “إيغان” على أنها مورّد لنسبة مئوية محددة من أي نوع جديد من الأعمال في شريحة قوية جداً مثل المنازل الفاخرة؟

يتعين على شركة إيغان آند سونزبذل كل ما بوسعها لتسهيل انتقال شركة ويستميدإلى شركة توريدات جديدة.

لكن في بعض الأحيان لا يمكن جعل العميل مربحاً، وإذا استمرت شركة “ويستميد” بالمطالبة بالامتيازات التي تسبب الخسارة فيجب على تومي التحدث صراحة مع ستيف هوتون من دون أن يقول له “أنت مطرود” (على الأغلب لن تصل الأمور إلى ذلك). بل يمكن أن يعلن المورّد عن تغيير كبير في شروط التعامل مع العميل، مثل رفع الأسعار بدرجة كبيرة. لقد كنت في الطرف المتلقي لهذا الأسلوب يوماً؛ عندما أدرك خبراء تنسيق الحدائق أنهم لا يجنون أرباحاً مني قالوا إنهم سيستمرون بالتعامل معي فقط إذا دفعت لهم سعراً أعلى بكثير، ولذلك فسخت عقدي معهم. ومع ذلك يمكن أن يؤدي رفع الأسعار ببساطة إلى خلق عداء بلا نهاية.

بالطبع سيعبر العميل المستاء عن استياءه بالكلام، سواء كان على الإنترنت أو في أي مكان آخر. وبأخذ هذه الخطورة بعين الاعتبار يجب أن تساعد شركة “إيغان” شركة “ويستميد” على فهم المشكلة في علاقتهما بوضوح وتفعل ما بوسعها لتسهيل انتقال شركة “ويستميد” إلى شركة توريدات جديدة. وبالنسبة للمنتجات الفنية بدرجة كبيرة قد يعني ذلك إنشاء فريق انتقال للحدّ من خسارة العميل السابق للإنتاج أو الفاعلية.

بعد الانفصال ستكون جين ممتعضة وستتراجع الإيرادات، لكن في نهاية المطاف سيشعر تومي بالراحة لأن شركة “إيغان” تمكنت من التخلي عن عميل ومن تجاوز الموقف، وستزداد فاعلية الشركة وسيتمكن مندوبو المبيعات من تخصيص مزيد من الوقت والمال لجذب شركات جديدة مربحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .