3 طرق يمكن لقادة قطاع الرعاية الصحية من خلالها التشجيع على التجريب

5 دقائق
تشجيع التجريب في الصحة
استمع الى المقالة الآن هذه الخدمة تجريبية
Play Audio Pause Audio

في كل أسبوع، تقدم لنا المجلات الطبية أخباراً عن اكتشافات علمية مذهلة متعلقة تشجيع التجريب في الصحة: تحرير جين “كريسبر” (CRISPR) أو علاج المستقبلات المستضدات الخيمرية للخلايا التائية (CAR-T) للسرطان. لكن كثيراً ما نسمع “لماذا لا يمكن أن يصبح قطاع الرعاية الصحية أكثر ابتكاراً؟”. يكمن حل هذه المفارقة في الاعتراف أنه عندما يعرب الناس عن أسفهم إزاء قلة الابتكار في قطاع الرعاية الصحية، فإنهم يشيرون إلى طريقة تقديم الخدمات للمرضى. ذلك التمييز يجعل المفارقة أكثر وضوحاً: “أتقول لي إنك تستطيع إعادة برمجة الخلايا التائية لإيجاد خلايا السرطان وتدميرها، لكن يتطلب الأمر أربعة أشهر لتحديد موعد لأمي مع طبيب الأعصاب، وقد أمضت ساعتين في قاعة الانتظار، ثم تلقت فاتورة باهظة كُتب عليها إنها ليست فاتورة؟”.

لا يتعين أن يكون تحسين مواعيد المرضى أو جودة الخدمة أو السداد بنفس صعوبة الاستفادة من التكرارات العنقودية المتناظرة القصيرة منتظمة التباعد، أو “كريسبر”، من أجل تعديل تسلسل النيوكليوتيدات. لكنه يبدو كذلك. ما السبب، وماذا يمكننا أن نفعل حيال ذلك؟

طرق تشجيع التجريب في الصحة

أحد الاختلافات الكبيرة بين الابتكار في العلوم الجزيئية وفي تقديم الرعاية يكمن في أنّ الجزيئات لا تقاوم. قد تبادل البكتيريا البلازميدات، لكنها لا تمارس الخداع. ولا ترتاح في فعل الأشياء بالطريقة التي اعتادت على القيام بها سابقاً. تشكل مقاومة التغيير في قطاع الرعاية الصحية في بعض الأحيان عناداً بسيطاً، لكنها في الغالب نتيجة ثانوية طبيعية لمحاولة مهنيين مهرة تجنب أخطاء في بيئة مكلفة ومنظمة وعالية الخطورة. ومع ذلك، يتبع الابتكار الناجح في الرعاية الصحية نمط العلوم الناجحة، حيث يتطلب مختبرات يُشجّع فيها على التجريب، وتجري التجارب على نحو آمن حتى يبدو التغيير منقوصاً. وقد وجدنا أنّ النُهج التالية يمكنها المساعدة في دعم هذا النوع الأساسي مع التجارب.

اقرأ أيضاً: بناء ثقافة الشفافية في الرعاية الصحية

تأخير التوافق:

يمتلك الرئيس التنفيذي لإحدى شركات النفط سلطة تنظيمية أكبر من الرئيس التنفيذي لنظام صحي نظراً لأنّ الأخير لا يستطيع إخبار جرّاح الأورطي بكيفية إجراء عملية تماماً كما لا يستطيع جرّاح الأورطي إخبار اختصاصي الإرواء بكفية إدارة آلة القلب والرئة. الخبرة التخصصية العالية المطلوبة والتراخيص والشهادات المحددة تجعل مؤسسات الرعاية الصحية أشبه بالمصفوفة المعقدة إلى درجة يبدو فيها أنّ بإمكان الجميع الرفض ولا يستطيع أحد الموافقة.

كنا نختبر برنامجاً يقوم فيه المصابون بمرض الانسداد الرئوي في مراحله الأخيرة بتنبيهنا إلى تفاقم حالتهم قبل التوجه إلى غرفة الطوارئ. نستخدم خدمات النقل التشاركي المتوفرة ونستعين بحقائب الإمدادات الطبية المجهزة لفريق الصدمات في طائرتنا المروحية، لنقوم على وجه السرعة بإرسال ممرضين مدرّبين للتعامل مع حالات الطوارئ الطبية يحملون معهم أنابيب وريدية و”كورتيكوسترويدات” وموسعات الشعب الهوائية ومدرّات البول. منع قائد الطائرة ما تبدو أنها حالات إدخال حتمية إلى المشفى بتكلفة منخفضة. عندما نصف برامج مثل هذا في الاجتماعات، غالباً ما نسمع إجابات من قبيل “لو اقترحت هذا في مؤسستي، سيخرج عشرة أشخاص ليرفضوا ذلك”.

اقرأ أيضاً: إصلاح نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة يتطلب من السياسيين تغيير مواقفهم

جرت العادة على أن يصر قادة الأنظمة الصحية الذين يُعرض عليهم هذا الأمر على أن نتعاون أولاً في مجموعة من الخدمات السريرية والإدارية (الطب والتمريض والصيدلة والمال والأمن)، ما يعتبر بالتأكيد تأخيراً أو وضع نهاية للمشروع منذ بدايته. وفي المقابل، عندما يكون أول عرض للنموذج الجديد على القيادة في شكل وعد بتحقيق نتائج من الاختبارات الأولية، تركز المحادثات بدلاً من ذلك على كيفية العمل على مكامن الخلل، وجعل ذلك جزءاً من أسلوب عمل منتظم، وتوسيع نطاقه.

ربما لم ينجح البرنامج، لكن يسهل التعامل مع هذه المخاطر على المستويات التنظيمية المتدنية حيث لا يتحول الحصول على معطيات مفيدة لتوجيهنا إلى مطالبة بالتوافق، الذي يكون في أحوال كثيرة غير موجّه. يتطلب الابتكار في قطاع الرعاية الصحية السماح للفرق بتبني نماذج حديثة للبدء دون كل الأذونات التي سيحتاجونها في نهاية المطاف لتوسعة ما يكون ناجعاً. لا يمثل هذا تجاوزاً متهوراً للطرق المعتادة، إنما هو اعتراف أنّ التجارب الصغيرة تقدم تدابير حماية خاصة بها عندما تكون متدرجة وخاضعة للقياس.

السماح بالاستثناءات:

تقترح المبادئ التوجيهية عقد زيارات في المراحل الأولى بعد الولادة لإدارة ارتفاع ضغط الدم لدى النساء ما قبل تسمّم الحمل. لكن معدلات الحضور إلى مواعيد العيادات داخل نظامنا الصحي بقيت منخفضة على الرغم من الجهود المبذولة لإشراك هذه الشريحة، ما يجعل ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيس لإعادة إدخال الأمهات إلى المستشفيات. حدّدت قواعدنا التواصل مع المرضى بأربع قنوات فقط: وجهاً لوجه أو عبر الهاتف أو عبر البريد أو عبر البريد الإلكتروني المنقول من خلال بوابة خاصة بالمرضى تتطلب منهم تسجيل الدخول. وكل هذه القنوات غريبة على النساء في هذا العمر. لم يبد أنّ أياً منها سينجح، ولم تنجح منها واحدة.

اقرأ أيضاً: تصحيح التفاوت بين الجنسين في مجال قيادة الرعاية الصحية

إن القول بضرورة تجربة نظام متابعة مستند إلى النصوص مع هؤلاء النساء، في هذه المرحلة الزمنية، قد واجه مخاوف تتعلق بعدم أمان المراسلات النصية وتنبيهات بأنها غير مسموح بها. تغيير الطلب من “هل يمكننا مراسلة المرضى؟” إلى “هل يمكننا تجربة ذلك لفترة محدودة من الوقت على شريحة محدودة من السكان؟” جعل ذلك أكثر أمناً من خلال ربطه في تجربة بمدة تنتهي تلقائياً. في قطاع الرعاية الصحية، حتى ما تبدو استثناءات صغيرة للبروتوكول تخلق هواجس كبيرة بشأن إرساء سوابق جديدة. تكمن المناورة هنا في أنّ هذه الهواجس يمكن التغلب عليها في أحوال كثيرة مع التوقف الصريح الذي توفره التجارب السريرية. وقد أضفى نجاح هذا المشروع (حيث ضاعف معدل قياس ضغط الدم بعد الولادة) أهمية على الاستمرار في المراسلات النصية. التنبؤات حول السوابق الجديدة أصبحت واقعاً، حيث زادت حالات استخدام المراسلة بناء على تفضيلات المرضى والنتائج، وجرت معالجة الهواجس التي أحاطت بهذه التنبؤات.

تحرير البيانات:

تنشأ الفرص لأنّ بيانات الرعاية الصحية التي تتحوّل بصورة متزايدة إلى بيانات رقمية تقترن بتذمر من أنّ هذه الفرص ما زالت بعيدة المنال. وتهدف العمليات التي وضعها مورّدو خدمات السجلات الصحية الإلكترونية وسياسات تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالمستشفيات، إلى تحقيق التوسع والموثوقية وتوحيد المقاييس وتحقيق الأمن. ويكمن التهديد الذي يواجهه الابتكار في أنّ هذه العمليات تعمل عادة على غلب غلق الأنظمة، ما يحد من التجارب الهادفة إلى استكشاف طرق جديدة للاستفادة من البيانات.

تختار الأنظمة الصحية الرائدة أطباء سريريين وطواقم يمكنها الارتقاء بالرعاية الصحية. ومن خلال قيام هؤلاء بالعمل في الخط الأمامي، وسعيهم إلى تحسين تلك الرعاية، سيتقدمون دائماً على مورّدي خدمات السجلات الصحية الإلكترونية، وتواجههم عقبة أنظمة المعلومات الموحدة التي يفيد تحديثها ما احتاجه الناس سابقاً وليس ما تحتاجه المؤسسات الرائدة الآن. وبينما يتعين أن تحدد الاستخدامات والاحتياجات السريرية التصميم ووتيرة التقدم، إلا أنّ التجربة التي نلمسها في المستشفيات غالباً ما تكون عكس ذلك تماماً.

بالنسبة لنا، تطلب النجاح إنشاء منصات وامتدادات في مكان بين السجلات الصحية الإلكترونية والأطباء السريريين، تسمح بالتعديل على البيانات وعرضها في واجهات جديدة خارج الأنظمة المغلقة. ويترتب على ذلك امتلاك فريق تطوير خاص خارج مؤسسة تكنولوجيا المعلومات ومحمي من الأولويات الحالية للعمل من أجل التركيز على الفرص المستقبلية. يدعم كبار موظفي المعلومات في قطاع الرعاية الصحية بنية تحتية تجعل البيانات متاحة للتجريب.

كنا نتعرف على نسبة صغيرة من المرضى الداخليين الذين يحتاجون إلى دعم الصحة السلوكية، ثم نجدهم متأخرين جداً، ما يتسبب في استخدام عالٍ للحجر الصحي، والحاجة إلى ملازمة شخصية من الطاقم الطبي، وإقامة لأيام أطول في المستشفى، ورعاية غير مكتملة أو مؤجلة. وللتعامل مع هذا التحدي، كانت اللغة المستخدمة في الملاحظات السريرية تنقل خارجاً إلى السجلات الصحية الإلكترونية لتصميم الخوارزميات واختبارها على وجه السرعة بغرض التعرف على المرضى في المراحل الأولى من إصابتهم بالأمراض، مع مراسلات تلقائية لفرق الصحة السلوكية متعددة التخصصات. ومع أشهر قليلة من التكرار والاختبار كنا قادرين على تحديد ثمانية أضعاف عدد المرضى ذوي الاحتياجات، وتقديم استشارات في الصحة السلوكية في اليوم الأول من إقامتهم بدلاً من اليوم الخامس، وتقليص عدد ساعات وجودهم في الحجر الصحي بنحو 30%، وخفض معدلات الملازمة الشخصية وحوادث السلامة، وتقليل مغادرة المرضى للمستشفى عكس ما تمليه المشورة الطبية، وتقليص يوم من معدل مدة المكوث في المستشفى. هذه النتائج التجريبية أسست دعماً تنظيمياً لإجراء صقل واختبارات أكثر. واستند هذا التقدم إلى تكرار تجريبي سريع لم يكن ممكناً لو أُجري هذا العمل داخل البنية التحتية القائمة لتكنولوجيا المعلومات في الأعمال.

اقرأ أيضاً: إنفاق الأطباء الأميركيين المرتفع من أموال الرعاية الصحية لا يحسن نتائج المرضى

يتطلب الابتكار الناجح تجريباً، يتبع الكثير من المسارات نفسها التي اتبعتها العلوم الناجحة التي تمخضت عن علاج المستقبلات المستضدات الخيمرية للخلايا التائية وجين “كريسبر”. ويتطلب التغير في الرعاية الصحية أن نقوم بإصلاح نظام الرعاية الصحية الذي نعتمد عليه، ما يؤثر على الموارد المهمة التي تحظى بحماية يمكن تفهمها من المؤسسات. إننا بحاجة إلى إيجاد طرق للالتفاف على القواعد التنظيمية على نحو آمن من أجل دعم الأشخاص العازمين على إحداث التغيير بسرعة من أجل تشجيع التجريب في الصحة.

تنويه: يمكنكم مشاركة أي مقال من هارفارد بزنس ريفيو من خلال نشر رابط المقال أو الفيديو على أي من شبكات التواصل أو إعادة نشر تغريداتنا، لكن لا يمكن نسخ نص المقال نفسه ونشر النص في مكان آخر نظراً لأنه محمي بحقوق الملكية الدولية. إن نسخ نص المقال بدون إذن مسبق يعرض صاحبه للملاحقة القانونية دولياً.

جميع الحقوق محفوظة لشركة هارفارد بزنس ببليشنغ، بوسطن، الولايات المتحدة الأميركية 2024 .